فصل: قال أبو حيان في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فعوّدوهم باستحسان ذلك كله لما فيه من موافقة الشهوات والرغبات العارضة القصيرة المدى، وصرفوهم عن النظر فيما يحيط بأفعالهم تلك من المفاسد الذاتية الدائمة.
والمراد ب {ما خلفهم} الأمور المغيبة عن الحس من صفات الله، وأمور الآخرة من البعث والجزاء مثل الشرك بالله ونسبة الولد إليه، وظنهم أنه يخفى عليه مستور أعمالهم، وإحالتهم بعثة الرسل، وإحالتهم البعث والجزاء.
ومعنى تزيينهم هذا لهم تلقينهم تلك العقائد بالأدلة السفسطائية مثل قياس الغائب على الشاهد، ونفي الحقائق التي لا تدخل تحت المدركات الحسية كقولهم: {أإذا متنا وكنا ترابًا وعظامًا أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون} [الصافات: 16، 17].
و{حق عليهم} أي تحقق فيهم القول وهو وعيد الله إياهم بالنار على الكفر، فالتعريف في {القَوْل} للعهد.
وفي هذا العهد إجمال لأنه وإن كان قد ورد في القرآن ما يُعهد منه هذا القول مثل قوله: {أفمن حق عليه كلمة العذاب} [الزمر: 19] وقوله: {فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون} [الصافات: 31]، فإنه يمكن أن لا تكون الآيات المذكورة قد سبقت هذه الآية.
وقوله: {فِي أُمَمٍ} حال من ضمير {عَلَيْهِم}، أي حق عليهم حالة كونهم في أمم أمثالهم قد سبقوهم.
والظرفية هنا مجازية، وهي بمعنى التبعيض، أي هم من أمم قد خلت من قبلهم حق عليهم القول.
ومثل هذا الاستعمال قول عمرو بن أُذينة:
إن تَك عَن أَحسن الصنيعة مأفو ** كًا ففي آخرينَ قد أُفِكوا

أي فأنت من جملة آخرين قد صُرفوا عن أحسن الصنيعة.
و{مِن} في قوله: {مِنَ الجِنِّ والإنْسِ} بيانية، فيجوز أن يكون بيانًا ل {أُمَمٍ}، أي من أمم من البشر ومن الشياطين فيكون مثل قوله تعالى: {قال فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين} [ص: 84، 85]، وقوله: {قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار} [الأعراف: 38] ويجوز أن يكون بيانًا ل {قُرَنَاءَ} أي ملازمين لهم ملازمة خفية وهي ملازمة الشياطين لهم بالوسوسة وملازمة أئمة الكفر لهم بالتشريع لهم ما لم يأذن به الله.
وجملة {إنَّهُم كَانُوا خاسرين} يجوز أن تكون بيانًا للقول مثل نظيرتها {فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون} في سورة الصافات (31)، ويجوز أن تكون مستأنفة استئنافًا بيانيًا ناشئًا عن جملة {وحَقَّ عَلَيهِم القَوْلُ في أُمَمٍ} والمعنيان متقاربان.
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26)} عطف على جملة {وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه} [فصلت: 5] عطفَ القصة على القصة، ومناسبة التخلص إليه أن هذا القول مما ينشأ عن تزيين قرنائهم من الإِنس، أو هو عطف على جملة {فَزَيَّنُوا لَهُم} [فصلت: 25].
وهذا حكاية لحال أخرى من أحوال إعراضهم عن الدعوة المحمدية بعد أن وصف إعراضهم في أنفسهم انتقل إلى وصف تلقينهم الناس أَساليب الإِعراض، فالذين كفروا هنا هم أئمة الكفر يقولون لعامتهم: لا تسمعوا لهذا القرآن، فإنهم علموا أن القرآن كلام هو أكمل الكلام شريفَ معانٍ وبلاغةَ تراكيبَ وفصاحةَ أَلفاظٍ، وأيقنوا أن كل من يسمعه وتُداخل نفسَه جزالةُ ألفاظه وسُمُوُّ أغراضه قضى له فهمُه أنه حق إتباعُه، وقد أدركوا ذلك بأنفسهم ولكنهم غالبتهم محبة الدوام على سيادة قومهم فتمالؤوا ودبروا تدبيرًا لمنع الناس من استماعه، وذلك خشية من أن تَرقَّ قلوبهم عند سماع القرآن فصرفوهم عن سماعه.
وهذا من شأن دعاة الضلال والباطل أن يكُمُّوا أفواه الناطقين بالحق والحجة، بما يستطيعون من تخويف وتسويل، وترهيب وترغيب ولا يَدعوا الناس يتجادلون بالحجة ويتراجعون بالأدلة لأنهم يوقنون أن حجة خصومهم أنهَضُ، فهم يسترونها ويدافعونها لا بمثلها ولكن بأساليب من البهتان والتضليل، فإذا أعيتهم الحِيَل ورأوا بوارق الحق تخفق خَشُوا أن يعُمَّ نورُها الناسَ الذين فيهم بقية من خير ورشد عدلوا إلى لغو الكلام ونفخوا في أبواق اللغو والجعجعة لعلهم يغلبون بذلك على حجج الحق ويغمرون الكلام القول الصالح باللغو، وكذلك شأن هؤلاء.
فقولهم: {لاَ تَسْمَعُوا لهذا القُرْءَانِ} تحذيرًا واستهزاء بالقرآن، فاسم الإِشارة مستعمل في التحقير كما فيما حُكي عنهم {أهذا الذي يذكر آلهتكم} [الأنبياء: 36].
وتسميتهم إياه بالقرآن حكاية لما يجري على ألسنة المسلمين من تسميته بذلك.
وتعدية فعل {تَسْمَعُوا} باللام لتضمينه معنى: تَطمئنوا أو تركنوا.
واللغو: القول الذي لا فائدة فيه، ويسمى الكلام الذي لا جدوى له لغوًا، وهو واوي اللام، فأصل {وَالغَواْ}: والغَوُوا استثقلت الضمة على الواو فحذفت والتقى ساكنان فحذف أولهما وسكنت الواو الثانية سكونًا حيًّا، والواو علامة الجمع.
وهذا الجاري على ظاهر كلام الصحاح والقاموس في الكشاف أنه يقال: لَغِي يلغَى، كما يقال: لغَا يلغُو فهو إذن واويٌ ويائيٌ.
فمعنى {وَالغَوْاْ فِيهِ} قُولوا أقوالًا لا معنى لها أو تكلموا كلامًا غير مراد منه إفادة أو المقصود إحداث أصوات تغمر صوت النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن.
ولما كان المقصود بتخلُّل أصواتهم صوتَ القارىء حتى لا يفقهه السامعون عُدّي اللغو بحرف في الظرفية لإِفادة إيقاع لغوهم في خلال صوت القارىء وُقوع المظروف في الظرف على وجه المجاز.
وأدخل حرف الظرفية على اسم القرآن دون اسم شيء من أحواله مثل صوتتِ أو كلاممِ ليشمل كل ما يُخفي ألفاظ القرآن أو يشكك في معانيها أو نحو ذلك.
وهذا نظَم له مكانة من البلاغة.
قال ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان أبو جهل وغيره يطردون الناس عنه ويقولون لهم: لا تسمعوا له والغَواْ فيه، فكانوا يأتُون بالمُكاء والصفير والصياح وإنشاد الشعر والأراجيز وما يحضرهم من الأقوال التي يصخبون بها.
وقد ورد في الصحيح: أنهم قالوا لمّا استمعوا إلى قراءة أبي بكر وكان رقيق القراءة: إنا نخاف أن يفتن أبناءنا ونساءنا.
ومعنى {لَعَلَّكُم تَغْلِبُونَ} رجاءَ أن تغلبوا محمدًا بصرف من يُتوقع أن يتبعه إذا سمع قراءته.
وهذا مشعر بأنهم كانوا يجدون القرآن غالبَهم إذ كان الذين يسمعونه يُداخل قلوبهم فيؤمنون، أي فإن لم تفعلوا فهو غالبكم.
{فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27)} دلت الفاء على أن ما بعدها مفرع عما قبلها: فإمّا أن يكون تفريعًا على آخِر ما تقدم وهو قوله: {وقَالَ الذينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لهذا القُرآن} [فصلت: 26] الآية، وإمّا أن يكون مفرعًا على جميع ما تقدم ابتداء من قوله: {وقالوا قلوبنا في أكِنَّة مما تَدْعُونا إليه} [فصلت: 5] الآية وقوله: {فَإِنْ أَعْرضُوا} [فصلت: 13] الآية وقوله: {ويَوْمَ نَحْشر أعداء الله إلى النَّار} [فصلت: 19] الآية وقوله: {وَقَيَّضْنَا لهم قُرَنَاءَ} [فصلت: 25] الآية وقوله: {وقال الذين كفروا لا تسمعوا} [فصلت: 26] الخ.
وعلى كلا الوجهين يتعين أن يكون المراد ب {الَّذِينَ كَفَرُوا} هنا: المشركين الذين الكلام عنهم.
ف {الَّذِينَ كَفَرُوا} إظهار في مقام الإِضمار لقصد ما في الموصول من الإِيماء إلى علة إذاقة العذاب، أي لكفرهم المحكي بعضه فيما تقدم.
وإذاقة العذاب: تعذيبُهم، استعير له الإِذاقة على طريق المكنية والتخييلة.
والعذاب الشديد عن ابن عباس: أنه عذاب يوم بدر فهو عذاب الدنيا.
وعطف {ولنَجْزِيَنَّهُم أسوَأَ الذي كانُوا يعمَلُونَ} عن ابن عباس: لنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون في الآخرة.
و{أسوَأَ الذي كانُوا يعمَلُونَ} منصوب على نزع الخافض.
والتقدير: على أسوأ ما كانوا يعملون، ولك أن تجعله منصوبًا على النيابة عن المفعول المطلق تقديره: جزاء مماثلًا أسوأَ الذي كانوا يعملون.
وأسوأ: اسم تفضيل مسلوب المفاضلة، وإنما أريد به السّيىء، فصيغ بصيغة التفضيل للمبالغة في سوئه.
وإضافتُه إلى {الذي كانُوا يعمَلُونَ} من إضافة البعض إلى الكل وليس من إضافة اسم التفضيل إلى المفضل عليه.
والإِشارة ب {ذلك جَزَاءُ أعْدَاءِ الله} إلى ما تقدم وهو الجزاء والعذاب الشديد على أسوأ أعمالهم.
وأعداءُ الله: هم المشركون الذين تقدم ذكرهم بقوله تعالى: {ويَوْمَ نَحْشُر أعْدَاءَ الله} [فصلت: 19].
والنار عطف بيان من {جَزَاءُ أعْدَاءِ الله}.
و{دَارُ الخُلْدِ}: النار.
فقوله: {لَهُمْ فِيهَا دَارُ الخُلْدِ} جَاء بالظرفية بتنزيل النار منزلة ظرف لدار الخلد وما دار الخلد إلاّ عين النار.
وهذا من أسلوب التجريد ليفيد مبالغة معنى الخلد في النار.
وهو معدود من المحسنات البديعية، ومنه قوله تعالى: {لقد كان لكم في رسول اللَّه أسوة حسنة} [الأحزاب: 21] وقول أبي حامد العتَّابي:
وفي الرحمان للضعفاء كافي

أي والرحمان كاف للضعفاء.
و{الخلد}: طول البقاء، وأطلق في اصطلاح القرآن على البقاء المؤبد الذي لا نهاية له.
وانتصب {جَزَاءُ} على الحال من {دَارُ الخُلْدِ}.
والباء للسببية.
وما مصدرية، أي جزاء بسبب كونهم يجحدون بآياتنا.
وصيغة المضارع في {يَجْحَدُونَ} دالّة على تجدد الجحود حينًا فحينًا وتكرره.
وعدي فعل {يَجْحَدُونَ} بالباء لتضمينه معنى: يُكذِّبون.
وتقديم {بآياتِنَا} للاهتمام وللرعاية على الفاصلة.
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا اللَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)} عطف على جملة {لهم فيها دارُ الخُلدِ} [فصلت: 28]، أي ويقولون في جهنم، فعدل عن صيغة الاستقبال إلى صيغة المضيّ للدلالة على تحقيق وقوع هذا القول وهو في معنى قوله تعالى: {حتى إذا اداركوا فيها جميعًا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فئآتهم عذابًا ضعفًا من النار} [الأعراف: 38]، فالقائلون {رَبَّنَا أَرِنَا اللذين أضلانا}: هم عامّةُ المشركين، كما يدل عليه قوله: {اللذَيْننِ أَضَلاَّنَا}.
ومعنى {أَرِنَا} عيّن لنا، وهو كناية عن إرادة انتقامهم منهم ولذلك جُزم {نَجْعَلْهُمَا} في جواب الطلب على تقدير: إن ترناهما نجعلهما تحت أقدامنا.
والجعل تحت الأقدام: الوطء بالأقدام والرفسُ، أي نجعل آحادهم تحت أقدام آحاد جماعتنا، فإن الدهماء أكثر من القادة فلا يعوزهم الانتقام منهم.
وكان الوطء بالأرجل من كيفيات الانتقام والامتهان، قال ابن وَعْلَة الجَرمي:
ووَطِئْنَا وَطًْا على حَنَق ** وَطْأَ المُقَيَّد نابتَ الهَرْم

وإنما طلبوا أن يُرَوْهُما لأن المضلين كانوا في دركات من النار أسفل من دركات أتباعهم فلذلك لم يعرفوا أين هم.
والتعليل {لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ} توطئة لاستجابة الله تعالى لهم أن يريَهُمُوهُما لأنهم علموا من غضب الله عليهم أنه أشد غضبًا على الفريقين المضلين فتوسلوا بعزمهم على الانتقام منهم إلى تيسير تمكينهم من الانتقام منهم.
والأسفلون: الذين هم أشد حَقارة من حقارة هؤلاء الذين كفروا، أي ليكونوا أحقر منا جزاء لهم، فالسفالة مستعارة للإِهانة والحقارة.
وقرأ الجمهور {أَرِنَا} بكسر الراء.
وقرأه ابن كثير وابن عامر والسوسي عن أبي عمرو وأبو بكر عن عاصم ويعقوبُ بسكون الراء للتخفيف من ثقل الكسرة، كما قالوا: فَخْذ في فَخِذ.
وعن الخليل إذا قلت: أرِني ثوبك بكسر الراء، فالمعنى: بصِّرْنيه، وإذا قلته بسكون الراء فهو استعطاء، معناه: أعطنيه.
وعلى هذا يَكون معنى قراءة ابن كثير وابن عامر ومَن وافقهما: مَكِّنا من الذين أضلاَّنا كي نجعلهما تحت أقدامنا، أي ائذَن لنا بإهانتهما وخزيهما.
وقرأ ابن كثير {اللَّذينِّ} بتشديد النون من اسم الموصول وهي لغة، وتقدم في قوله تعالى: {واللذانِّ يأتيانها منكم} في سورة النساء (16). اهـ.

.قال أبو حيان في الآيات السابقة:

{وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19)} لما بين تعالى كيفية عقوبة أولئك الكفار في الدنيا، أردفه بكيفية عقوبة الكفار أولئك وغيرهم.
وانتصب يوم باذكر.
وقرأ الجمهور: {يحشر} مبنيًّا للمفعول، {وأعداء} رفعًا، وزيد بن عليّ، ونافع، والأعرج، وأهل المدينة: بالنون أعداء نصبًا، وكسر الشين الأعرج؛ وتقدم معنى {يوزعون} في النمل، و{حتى}: غاية ليحشروا، {أعداء الله}: هم الكفار من الأولين والآخرين، وما بعد إذا زائدة للتأكيد.
وقال الزمخشري: ومعنى التأكيد فيها أن وقت مجيئهم النار لا محالة أن يكون وقت الشهادة عليهم، ولا وجه لأن يخلو منها ومثله قوله: {أثم إذا ما وقع آمنتم به} أي لابد لوقت وقوعه من أن يكون وقت إيمانهم به. انتهى.
ولا أدري أن معنى زيادة ما بعد إذ التوكيد فيها، ولو كان التركيب بغير ما، كان بلا شك حصول الشرط من غير تأخر، لأن أداة الشرط ظرف، فالشهادة واقعة فيه لا محالة، وفي الكلام حذف، التقدير: {حتى إذا ما جاءوها}، أي النار، وسئلوا عما أجرموا فأنكروا، {شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم} بما اكتسبوا من الجرائم، وكانوا حسبوا أن لا شاهد عليهم.
ففي الحديث: «أن أول ما ينطق من الإنسان فخذه اليسرى، ثم تنطق الجوارح فيقول: تبًا لك، وعنك كنت أدافع» ولما كانت الحواس خمسة: السمع والبصر والشم والذوق واللمس، وكان الذوق مندرجًا في اللمس، إذ بمماسة جلدة اللسان والحنك للمذوق يحصل إدراك المذوق، وكان حسن الشم ليس فيه تكليف ولا أمر ولا نهي، وهو ضعيف، اقتصر من الحواس على السمع والبصر واللمس، إذ هذه هي التي جاء فيها التكليف، ولم يذكر حاسة الشم لأنه لا تكليف فيه، فهذه والله أعلم حكمة الاقتصار على هذه الثلاثة.