فصل: قال سيد قطب في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل غير ذلك، والأولى حمل الآية على العموم.
{وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الذين صَبَرُواْ} قال الزجاج: ما يلقى هذه الفعلة، وهذه الحالة، وهي: دفع السيئة بالحسنة إلاّ الذين صبروا على كظم الغيظ، واحتمال المكروه {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظّ عَظِيمٍ} في الثواب والخير.
وقال قتادة: الحظ العظيم: الجنة، أي: ما يلقاها إلاّ من وجبت له الجنة.
وقيل: الضمير في يلقاها عائد إلى الجنة.
وقيل: راجع إلى كلمة التوحيد.
قرأ الجمهور: {يلقاها} من التلقية، وقرأ طلحة بن مصرف، وابن كثير في رواية عنه: {يلاقاها} من الملاقاة، ثم أمره سبحانه بالاستعاذة من الشيطان، فقال: {وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله} النزغ شبيه النخس شبه به الوسوسة، لأنها تبعث على الشرّ؛ والمعنى: وإن صرفك الشيطان عن شيء مما شرعه الله لك، أو عن الدفع بالتي هي أحسن، فاستعذ بالله من شرّه، وجعل النزغ نازغًا على المجاز العقلي كقولهم: جدّ جدّه، وجملة: {إِنَّهُ هُوَ السميع العليم} تعليل لما قبلها، أي: السميع لكلّ ما يسمع، والعليم بكلّ ما يعلم، ومن كان كذلك، فهو يعيذ من استعاذ به.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته، فكان المشركون يطردون الناس عنه، ويقولون: {لاَ تَسْمَعُواْ لهذا القرءان والغوا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} وكان إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحبّ أن يسمع القرآن، فأنزل الله: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء: 110].
وأخرج عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وابن عساكر عن عليّ بن أبي طالب: أنه سئل عن قوله: {رَبَّنَا أَرِنَا اللذين أضلانا مِنَ الجن والإنس} قال: هو: ابن آدم الذي قتل أخاه، وإبليس.
وأخرج الترمذي، والنسائي، والبزار، وأبو يعلى، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن عديّ، وابن مردويه عن أنس قال: قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {إِنَّ الذين قَالُواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا} قال: «قد قالها ناس من الناس، ثم كفر أكثرهم، فمن قالها حين يموت، فهو ممن استقام عليها».
وأخرج ابن المبارك، وعبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، ومسدد، وابن سعد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن عمران، عن أبي بكر الصديق في قوله: {إِنَّ الذين قَالُواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا} قال: الاستقامة أن لا يشركوا بالله شيئًا.
وأخرج ابن راهويه، وعبد بن حميد، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية من طريق الأسود بن هلال عن أبي بكر الصديق أنه قال: ما تقولون في هاتين الآيتين: {إِنَّ الذين قَالُواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا}، و{الذين ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]؟ قالوا: الذين قالوا: ربنا الله، ثم عملوا بها، واستقاموا على أمره، فلم يذنبوا، ولم يلبسوا إيمانهم بظلم لم يذنبوا، قال: لقد حملتموهما على أمر شديد {الذين ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ} يقول: بشرك، والذين قالوا: ربنا الله، ثم استقاموا، فلم يرجعوا إلى عبادة الأوثان.
وأخرج ابن مردويه عن بعض الصحابة: ثم استقاموا على فرائض الله.
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس: {ثُمَّ استقاموا} قال: على شهادة أن لا إله إلاّ الله.
وأخرج ابن المبارك، وسعيد بن منصور، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، والحكيم الترمذي، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب: {إِنَّ الذين قَالُواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا} قال: استقاموا بطاعة الله، ولم يروغوا روغان الثعلب.
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد، والدارمي، والبخاري في تاريخه، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، عن سفيان الثقفي، أن رجلًا قال: يا رسول الله مرني بأمر في الإسلام لا أسأل عنه أحدًا بعدك، قال: قل آمنت بالله، ثم استقم، قلت: فما أتقي؟ فآوى إلى لسانه.
قال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه عن عائشة في قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مّمَّن دَعَا إِلَى الله} قالت: المؤذن {وَعَمِلَ صالحا} قالت: ركعتان فيما بين الأذان، والإقامة.
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، وابن المنذر، وابن مردويه من وجه آخر عنها قالت: ما أرى هذه الآية نزلت إلاّ في المؤذنين.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله: {وَلاَ تَسْتَوِى الحسنة وَلاَ السيئة ادفع بالتى هي أَحْسَنُ} قال: أمر المسلمين بالصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة، فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله من الشيطان، وخضع لهم عدوّهم {كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ}.
وأخرج ابن مردويه عنه {ادفع بالتى هي أَحْسَنُ} قال: القه بالسلام، فإذا الذي بينك، وبينه عداوة كأنه وليّ حميم.
وأخرج ابن المنذر عن أنس في قوله: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الذين صَبَرُواْ} قال: الرجل يشتمه أخوه، فيقول: إن كنت صادقًا، فغفر الله لي، وإن كنت كاذبًا، فغفر الله لك.
وأخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما عن سليمان بن صرد قال: استبّ رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتدّ غضب أحدهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فقال الرجل: أمجنون تراني؟، فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ فاستعذ بالله مِنَ الشيطان الرجيم}. اهـ.

.قال سيد قطب في الآيات السابقة:

{حم (1) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2)} سبق الحديث عن الافتتاح بالأحرف المقطعة في سور شتى. وتكرار هذا الافتتاح: {حا ميم}. يتمشى مع طريقة القرآن في تكرار الإشارة إلى الحقائق التي يلمس بها القلب البشري، لأن فطرة هذا القلب تحتاج إلى تكرار التنبيه؛ فهو ينسى إذا طال عليه الأمد؛ وهو يحتاج ابتداء إلى التكرار بطرق شتى لتثبيت أية حقيقة شعورية فيه. والقرآن يأخذ هذا القلب بما أودع في فطرته من خصائص واستعدادات، وفق ما يعلم خالق هذا القلب ومصرفه بما يشاء.
{تنزيل من الرحمن الرحيم}. وكأن {حا ميم} اسم للسورة. أو لجنس القرآن. إذ أنها من جنس الأحرف التي صيغ منها لفظ هذا القرآن. وهي تقع مبتدأ.. و{تنزيل من الرحمن الرحيم} خبر المبتدأ.
وذكر الرحمن الرحيم عند ذكر تنزيل الكتاب؛ يشير إلى الصفة الغالبة في هذا التنزيل. صفة الرحمة. وما من شك أن تنزيل هذا الكتاب جاء رحمة للعالمين. رحمة لمن آمنوا به واتبعوه ورحمة كذلك لغيرهم. لا من الناس وحدهم، ولكن للأحياء جميعًا. فقد سن منهجًا ورسم خطة تقوم على الخير للجميع. وأثر في حياة البشرية، وتصوراتها، ومدركاتها، وخط سيرها؛ ولم يقتصر في هذا على المؤمنين به إنما كان تأثيره عالميًا ومطردًا منذ أن جاء إلى العالمين. والذين يتتبعون التاريخ البشري بإنصاف ودقة؛ ويتتبعونه في معناه الإنساني العام، الشامل لجميع أوجه النشاط الإنساني، يدركون هذه الحقيقة، ويطمئنون إليها. وكثير منهم قد سجلوا هذا واعترفوا به في وضوح.
{كتاب فصلت آياته قرآنًا عربيًا لقوم يعلمون}.
والتفصيل المحكم، وفق الأغراض والأهداف، ووفق أنواع الطبائع والعقول، ووفق البيئات والعصور، ووفق الحالات النفسية وحاجاتها المتنوعة.. التفصيل المحكم وفق هذه الاعتبارات سمة واضحة في هذا الكتاب. وقد فصلت هذه الآيات وفق تلك الاعتبارات. فصلت قرآنًا عربيًا {لقوم يعلمون}. لديهم الاستعداد للعلم والمعرفة والتمييز.
وقام هذا القرآن يؤدي وظيفته: {بشيرًا ونذيرًا}.
يبشر المؤمنين العاملين، وينذر المكذبين المسيئين، ويبين أسباب البشرى وأسباب الإنذار، بأسلوبه العربي المبين. لقوم لغتهم العربية. ولكن أكثرهم مع هذا لم يقبل ويستجب: {فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون} وقد كانوا يعرضون فلا يسمعون فعلًا، ويتحامون أن يعرضوا قلوبهم لتأثير هذا القرآن القاهر. وكانوا يحضون الجماهير على عدم السماع كما سيجيء قولهم: {لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون}.
وأحيانًا كانوا يسمعون، وكأنهم لا يسمعون، لأنهم يقاومون أثر هذا القرآن في نفوسهم؛ فكأنهم صم لا يسمعون!
{وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون}.
قالوا هذا إمعانًا في العناد، وتيئيسًا للرسول صلى الله عليه وسلم ليكف عن دعوتهم، لما كانوا يجدونه في قلوبهم من وقع كلماته، على حين يريدون عامدين ألا يكونوا مؤمنين!
قالوا: قلوبنا في أغطية فلا تصل إليها كلماتك. وفي أذاننا صمم فلا تسمع دعوتك. ومن بيننا وبينك حجاب، فلا اتصال بيننا وبينك. فدعنا واعمل لنفسك فإننا عاملون لأنفسنا. أو أنهم قالوا غير مبالين: نحن لا نبالي قولك وفعلك، وإنذارك ووعيدك. فإذا شئت فامض في طريقك فإنا ماضون في طريقنا. لا نسمع لك وافعل ما أنت فاعل. وهات وعيدك الذي تهددنا به فإننا غير مبالين.
هذا نموذج مما كان يلقاه صاحب الدعوة الأول صلى الله عليه وسلم ثم يمضي في طريقه يدعو ويدعو، لا يكف عن الدعوة، ولا ييأس من التيئيس، ولا يستبطئ وعد الله له ولا وعيده للمكذبين. كان يمضي مأمورًا أن يعلن لهم أن تحقق وعيد الله ليس بيده؛ فما هو بشر يتلقى الوحي، فيبلغ به، ويدعو الناس إلى الله الواحد. وإلى الاستقامة على الطريق، وينذر المشركين كما أمر أن يفعل. والأمر بعد ذلك لله لا يملك منه شيئًا، فهو ليس إلا بشرًا مأمورًا: {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين}.
يا لعظمة الصبر والاحتمال والإيمان والتسليم! إنه لا يدرك ما في الصبر على هذه الحال، والتبرؤ من كل حول وقوة في مثل هذا الموقف، واحتمال الإعراض والتكذيب في تبجح واستهتار، دون استعجال الآية التي تردع المعرضين المكذبين المستهترين.. إنه لا يدرك ما في الصبر على هذا الحال من مشقة، ومن عظمة في احتمال هذه المشقة، إلا من يكابد طرفًا من هذا الموقف في واقع الحياة. ثم يمضي في الطريق!
ومن أجل هذا الموقف وأمثاله كان التوجيه إلى الصبر كثير الورود للأنبياء والرسل. فطريق الدعوة هو طريق الصبر. الصبر الطويل. وأول ما يستوجب الصبر تلك الرغبة الملحة في انتظار الدعوة، ثم إبطاء النصر. بل إبطاء أماراته. ثم ضرورة التسليم لهذا والرضى به والقبول!
إن أقصى ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤمر به في مقابلة التبجح والاستهتار أن يقول: {وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون}.
وتخصيص الزكاة في هذا الموضع لابد كانت له مناسبة حاضرة، لم نقف عليها، فهذه الآية مكية. والزكاة لم تفرض إلا في السنة الثانية من الهجرة في المدينة.
وإن كان أصل الزكاة كان معروفًا في مكة. والذي جد في المدينة هو بيان أنصبتها في المال، وتحصيلها كفريضة معينة. أما في مكة فقد كانت أمرًا عامًا يتطوع به المتطوعون، غير محدود، وأداؤه موكول إلى الضمير.. أما الكفر بالآخرة فهو عين الكفر الذي يستحق الويل والثبور.
وقد ذكر بعضهم أن المقصود بالزكاة هنا الإيمان والطهارة من الشرك. وهو محتمل كذلك في مثل هذه الظروف.
ثم يمضي الداعية يكشف لهم عن شناعة الجرم الذي يرتكبونه بالشرك والكفر. يمضي بهم في المجال الكوني العريض. مجال السماوات والأرض، والكون الذي هم بالقياس إليه شيء ضئيل هزيل. يمضي بهم في هذا المجال ليكشف لهم عن سلطان الله الذي يكفرون به في فطرة هذا الكون الذي هم جزء منه. ثم ليخرجهم من الزاوية الضيقة الصغيرة التي ينظرون منها إلى هذه الدعوة، حيث يرون أنفسهم وذواتهم كبيرة كبيرة؛ ويشغلهم النظر إليها وإلى اختيار محمد صلى الله عليه وسلم من دونهم. والحرص على مكانتهم ومصالحهم.. إلى آخر هذه الاعتبارات الصغيرة.. يشغلهم هذا عن النظر إلى الحقيقة الضخمة التي جاءهم بها محمد، وفصلها هذا القرآن. الحقيقة التي تتصل بالسماوات والأرض؛ وتتصل بالبشرية كلها في جميع أعصارها؛ وتتصل بالحق الكبير الذي يتجاوز زمانهم ومكانهم وشخوصهم؛ وتتصل بالكون كله في الصميم: {قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادًا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظًا ذلك تقدير العزيز العليم}.
قل لهم: إنكم إذ تكفرون. إذ تلقون بهذه الكلمة الكبيرة في استهتار. إنما تأتون أمرًا عظيمًا، مستنكرًا قبيحًا، إنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض وجعل فيها رواسي من فوقها. وبارك فيها. وقدر فيها أقواتها.
والذي خلق السماوات ونظم أمرها. وزين السماء الدنيا بمصابيح وحفظًا. والذي أسلمت له السماء والأرض قيادهما طائعتين مستسلمتين.. وأنتم.. أنتم بعض سكان هذه الأرض تتأبون وتستكبرون!
ولكن النسق القرآني يعرض هذه الحقائق بطريقة القرآن التي تبلغ أعماق القلوب وتهزها هزًا. فلنحاول أن نسير مع هذا النسق بالترتيب والتفصيل: {قل أإنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادًا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين}.
إنه يذكر حقيقة خلق الأرض في يومين. ثم يعقب عليها قبل عرض بقية قصة الأرض. يعقب على الحلقة الأولى من قصة الأرض.
{ذلك رب العالمين}.
وأنتم تكفرون به وتجعلون له أندادًا. وهو خلق هذه الأرض التي أنتم عليها. فأي تبجح وأي استهتار وأي فعل قبيح؟!
وما هذه الأيام: الاثنان اللذان خلق فيهما الأرض. والاثنان اللذان جعل فيهما الرواسي وقدر فيهما الأقوات، وأحل فيهما البركة. فتمت بهما الأيام الأربعة؟
إنها بلا شك أيام من أيام الله التي يعلم هو مداها. وليست من أيام هذه الأرض. فأيام هذه الأرض إنما هي مقياس زمني مستحدث بعد ميلاد الأرض. وكما للأرض أيام، هي مواعيد دورتها حول نفسها أمام الشمس، فللكواكب الأخرى أيام، وللنجوم أيام. وهي غير أيام الأرض. بعضها أقصر من أيام الأرض وبعضها أطول.