فصل: التفسير الإشاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قوله: {والذين لاَ يُؤْمِنُونَ} فيه ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها: أَنْ يكونَ مبتدًا، و{في آذانِهم} خبرُه و{وَقْرٌ} فاعلٌ، أو {في آذانهم} خبرٌ مقدم و{وقرٌ} مبتدأٌ مؤخر، والجملةُ خبرُ الأول.
الثاني: أنَّ وَقْرًا خبرُ مبتدأ مضمرٍ. والجملةُ خبرُ الأولِ والتقديرُ: والذين لا يُؤْمنون هو وَقْرٌ في آذانهم لَمَّا أَخْبر عنه بأنه هدىً لأولئك، أخبر عنه أنه وَقْرٌ في آذان هؤلاءِ وَعَمَىً عليهم. قال معناه الزمخشري. ولا حاجةَ إلى الإِضمار مع تمام الكلامِ بدونه.
الثالث: أن يكونَ {الذين لاَ يُؤْمِنُونَ} عطفًا على {الذين آمنوا}، و{وَقْرٌ} عطفٌ على {هدىً} وهذا من بابِ العطفِ على معمولَيْ عامِلَيْنِ. وفيه مذاهبُ تقدَّم تحريرُها.
قوله: {عَمَىً} العامَّةُ على فتحِ الميم المنونةِ وهو مصدرٌ ل عَمِي يَعْمَى نحو: صَدِي يَصْدَى صَدَىً، وهَوِي يَهْوَى هَوَىً.
وقرأ ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وجماعة {عَمٍ} بكسرِها منونةً اسمًا منقوصًا وُصِفَ بذلك مجازًا. وقرأ عمرو بن دينار ورُوِيت عن ابن عباس {عَمِيَ} بكسر الميم وفتح الياء فعلًا ماضيًا. وفي الضمير وجهان أظهرُهما: أنه للقرآن. والثاني: أنه للوَقْر والمعنى يأباه، و{في آذانهم}- إنْ لم تجعَلْه خبرًا- متعلقٌ بمحذوفٍ على أنه حالٌ منه؛ لأنه صفةٌ في الأصلِ ولا يتعلَّق به، لأنَّه مصدرٌ، فلا يتقدَّم معمولُه عليه وقوله: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى} كذلك في قراءة العامَّةِ، وأمَّا في القراءتين المتقدمتين فتتعلَّق {على} بما بعده؛ إذ ليس بمصدرٍ.
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)}.
قوله: {فَلِنَفْسِهِ}: يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ بفعلٍ مقدر أي: فلنفسِه عملُه، وأَنْ يكونَ خبرَ مبتدأ مضمرٍ أي: فالعملُ الصالحُ لنفسِه.
وقوله: {فعليها} مثلُه.
{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ (47)}.
قوله: {وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ}: {ما} هذه يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً وهو الظاهرُ، وأَنْ تكونَ موصولةً، جَوَّز ذلك أبو البقاء، ولم يُبَيِّنْ وجهَه. وبيانُه أنها تكونُ مجرورةَ المحلِّ عطفًا على الساعة أي: عِلْمُ الساعةِ وعِلْمُ التي تخرج، و{مِنْ ثمرات} على هذا حالٌ، أو تكون {مِنْ} للبيان. و{مِنْ} الثانية لابتداء الغاية. وأما {ما} الثانيةُ فنافيةٌ فقط. قال أبو البقاء: لأنَّه عَطَفَ عليها {ولا تَضَعُ}، ثم نقض النفيَ ب {إلاَّ}، ولو كانَتْ بمعنى الذي معطوفةً على {الساعة} لم يَجُز ذلك.
وقرأ نافع وابن عامر {ثمرات} ويُقَوِّيه أنها رُسِمَتْ بالتاءِ الممطوطة. والباقون {ثمرة} بالإِفرادِ والمرادُ بها الجنسُ. فإنْ كانَتْ {ما} نافيةً كانَتْ {مِنْ} مزيدةً في الفاعلِ، وإنْ كانَتْ موصولةً كانت للبيانِ كما تقدَّم.
والأَكْمام: جمع كِمّ بكسرِ الكاف، كذا ضبطه الزمخشري، وهو ما يُغَطِّي الثمرةَ كجُفِّ الطَّلْعِ. وقال الراغب: الكمُّ ما يُغَطِّي اليدَ من القميصِ، وما يغطي الثمرة، وجمعُه أكْمام فهذا يدلُّ على أنه مضموم الكاف، إذ جعله مشتركًا بين كُمِّ القيمصِ وكمِّ الثمرةِ. ولا خلافَ في كُمِّ القميصِ أنه بالضم، فيجوزُ أَنْ يكونَ في وعاءِ الثمرةِ لغتان، دون كُمِّ القميصِ، جمعًا بين قولَيْهما. وأمَّا أَكِمَّة فواحدُه كِمام كأَزِمَّة وزِمام. وفتح ابن كثير ياءَ {شُركائيَ}.
قوله: {مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} هذه الجملةُ المنفيةُ معلِّقَةٌ ل {آذنَّاك} لأنها بمعنى أَعْلَمْناك قال:
آذَنَتْنا ببَيْنِها أسماءُ ** رُبَّ ثاوٍ يَمَلُّ منه الثَّواءُ

وتقدَّم لنا خلافٌ في تعليقِ أعلم...، والصحيحُ وقوعُه سماعًا من العربِ. وجَوَّز أبو حاتمٍ أَنْ يوقف على {آذنَّاك} وعلى {ظنُّوا} ويُبتدأَ بالنفي بعدَهما على سبيلِ الاستئناف. و{مِنَّا} خبرٌ مقدمٌ. و{مِنْ شهيد} مبتدأٌ. ويجوزُ أَنْ يكونَ {مِنْ شهيد} فاعلًا بالجارِّ قبلَه لاعتمادِه على النفي.
{وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (48)}.
قوله: {مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ}: كقوله: {مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ} من غيرِ فرقٍ.
{لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)}.
قوله: {مِن دُعَاءِ الخير}: مصدرٌ مضافٌ لمفعولِه، وفاعلُه محذوفٌ أي هو. وقرأ عبد الله {مِن دُعَاءِ بالخير}.
{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (50)}.
قوله: {لَيَقُولَنَّ هذا لِي}: جوابُ القسمِ لسَبْقِهِ الشرطَ، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ، كما عُرِف تقريرُه. وقال أبو البقاء: {ليقولَنَّ} جوابُ الشرطِ، والفاءُ محذوفةٌ. قلت: وهذا لا يجوزُ إلاَّ في شعرٍ كقولِه:
مَنْ يَفْعلِ الحسناتِ اللَّهُ يَشْكُرُها

حتى إنَّ المبردَ يمنعُه في الشعر. ويَرْوي البيت: فالرحمن يشكرُه.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52)}.
قوله: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ}: قد تقدَّم الكلامُ عليها مرارًا. ومفعولُها الأولُ هنا محذوفٌ تقديرُه: أرأيتم أنفسَكم، والثاني: هو الجملةُ الاستفهامية.
والآفاق جمع أُفُق وهو الناحيةُ. قال الشاعر:
لو نالَ حيٌّ مِن الدنيا بمنزلةٍ ** أفْقَ السماءِ لنالَتْ كفُّه الأُفُقا

وهو كأَعْناق في عُنُق، أُبْدِلَتْ همزتُه ألفًا. ونقل الراغب أنه يقال: أَفَق بفتحِ الهمزةِ والفاءِ، فيكون ك جَبَل وأَجْبال. وآفَقَ فلانٌ أي: ذهب في الآفاقِ. والآفِقُ: الذي بلغ نهايةَ الكرم تشبيهًا في ذلك بالذاهبِ في الآفاقِ. والنسَبُ إلى الأُفُقِ أَفَقيٌّ بفتحهما قلت: ويُحتمل أنه نسبه إلى المفتوح واسْتَغنوا بذلك عن النسبة إلى المضمومِ. وله نظائر.
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)}.
قوله: {أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ} فيه وجهان، أحدهما: أن الباءَ مزيدةٌ في الفاعلِ، وهذا هو الراجحُ. والمفعولُ محذوفٌ أي: أو لم يَكْفِكَ ربُّكَ. وفي قوله: {أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} وجهان، أحدهما: أنه بدلٌ مِنْ {بربك} فيكون مرفوعَ المحلِّ مجرورَ اللفظِ كمتبوعِه. والثاني: أنَّ الأصلَ بأنَّه، ثم حَذَفَ الجارَّ فجرى الخلافُ. الثاني من الوجهين الأولين: أَنْ يكون {بربك} هو المفعولَ، وأنه وما بعده هو الفاعلُ أي: أو لم يكْفِ ربُّك شهادتَه. وقُرئ {أَنَّهُ على كُلِّ} بالكسر، وهو على إضمارِ القولِ، أو على الاستئناف.
{أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)} وقرأ أبو عبد الرحمن والحسن {في مُرْيَة} بضم الميم، وقد تقدم أنَّها لغةٌ في المكسورةِ الميم. والله أعلم. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال الألوسي:
ومن كلمات القوم في الآيات: {إِنَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [فصلت: 8] فيه إشارة إلى أن أجر المؤمن الغير العامل ممنون أي منقوص بالنسبة إلى أجر المؤمن العامل وأجر هذا العامل على الأعمال البدنية كالصلاة والحج الجنة، وعلى الأعمال القلبية كالرضا والتوكل الشوق والمحبة وصدق الطلب، وعلى الأعمال الروحانية كالتوجه إلى الله تعالى كشف الأسرار وشهود المعاني والاستئناس بالله تعالى والاستيحاش من الخلق والكرامات، وعلى أعمال الإسرار كالإعراض عن السوي بالكلية دوام التجلي {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بالذى خَلَقَ الأرض} أي أرض البشرية {فِى يَوْمَيْنِ} يومي الهوى والطبيعة {وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا} [فصلت: 9] من الهوى والطبيعة {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ} العقول الإنسانية {وبارك فِيهَا} بالحواس الخمس {وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها} [فصلت: 10] أقواتها من القوى البشرية {ثُمَّ استوى إِلَى السماء} سماء القلب {وَهِىَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] هيولى إلهية {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سموات} هي الأطوار السبعة للقلب فالأول: محل الوسوسة والثاني: مظهر الهواجس والثالث: معدن الرؤية ويسمى الفؤاد والرابع: منبع الحكمة ويسمى القلب والخامس: مرآة الغيب ويسمى السويداء والسادس: مثوى المحبة ويسمى الشغاف والسابع: مورد التجلي ومركز الإسرار ومهبط الأنوار ويسمى الحبة {فِى يَوْمَيْنِ} يومي الروح الإنساني والإلهام {وَزَيَّنَّا السماء الدنيا بمصابيح} [فصلت: 12] وهي أنوار الإذكار والطاعات {إِنَّ الذين قَالُواْ رَبُّنَا الله} يوم خوطبوا بألست بربكم؟ {ثُمَّ استقاموا} على إقرارهم لما خرجوا إلى عالم الصور ولم ينحرفوا عن ذلك كالمنافقين والكافرين، وذكر أن الاستقامة متفاوتة فاستقامة العوام في الظاهر بالأوامر والنواهي وفي الباطن بالإيمان واستقامة الخواص في الظاهر بالرغبة عن الدنيا وفي الباطن بالرغبة عن الجنان شوقًا إلى الرحمن واستقامة خواص الخواص في الظاهر برعاية حقوق المبايعة بتسليم النفس والمال وفي الباطن بالفناء والبقاء {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة} تنزلًا متفاوتًا حسب تفاوت مراتبهم، وعن بعض أئمة أهل البيت أن الملائكة لتزاحمنا بالركب أو ما هذا معناه {وَأَبْشِرُواْ بالجنة التي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت: 30] هي أيضًا متفاوتة فمنهم من يبشر بالجنة المعروفة ومنهم من يبشر بجنة الوصال ورؤية الملك المتعال {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مّمَّن دَعَا إِلَى الله} بترك ما سواه {وَعَمِلَ صالحا} لئلا يخالف حاله قاله {وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ المسلمين} [فصلت: 33] المنقادين لحكمه تعالى الراضين بقضائه وقدره، وفيه إشارة إلى صفات الشيخ المرشد وما ينبغي أن يكون عليه ويحق أن يقال في كثير من المتصدين للإرشاد في هذا الزمان المتلاطمة أمواجه بالفساد:
خلت الرقاع من الرخاخ ** وتفرزنت فيها البيادق

وتصاهلت عرج الحمير ** وذاك من عدم السوابق

{وَلاَ تَسْتَوِى الحسنة} وهي التوجه إلى الله تعالى بصدق الطلب وخلوص المحبة {وَلاَ السيئة} وهي طلب السوى والرضا بالدون {ادفع بالتى هي أَحْسَنُ} وهي طلب الله تعالى طلب ما سواه سبحانه {فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ} وهو النفس الأمارة بالسوء {كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34] لتزكي النفس عن صفاتها الذميمة وانفطامها عن المخالفات القبيحة {وَإِمَّا يَنَزَغَنَّكَ مِنَ الشيطان نَزْغٌ} لتميل إلى ما يهوى {فاستعذ بالله} [فصلت: 36] وارجع إليه سبحانه لئلا يؤثر فيك نزغه، وفيه إشارة إلى أنه لا ينبغي الأمن من المكر والغفلة عن الله عز وجل: {إِنَّ الذين يُلْحِدُونَ في ءاياتنا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} [فصلت: 40] فيه إشارة إلى سوء المنكرين على الأولياء فإنهم من آيات الله تعالى والإنكار من الإلحاد نسأل الله تعالى العفو والعافية {قُلْ هُوَ} أي القرآن {لِلَّذِينَ ءامَنُواْ هُدًى وَشِفَاء} [فصلت: 44] على حسب مراتبهم فمنهم من يهديه إلى شهود الملك العلام فعن الصادق على آبائه وعليه السلام لقد تجلى الله تعالى في كتابه لعباده ولكن لا يبصرون {سَنُرِيهِمْ ءاياتنا في الافاق وَفِى أَنفُسِهِمْ} فيه إشارة إلى أن الخلق لا يرون الآيات إلا بإراءته عز وجل وهي كشف الحجب ليظهر أن الأعيان ما شمت رائحة الوجود ولا تشمه أبدًا وأنه عز وجل هو الأول والآخر والظاهر والباطن كان الله ولا شيء معه وهو سبحانه الآن على ما عليه كان وإليه الإشارة عندهم بقوله تعالى: {حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق} [فصلت: 53] ومن هنا قال الشيخ الأكبر قدس سره:
ما آدم في الكون ما إبليس ** ما ملك سليمان وما بلقيس

الكل إشارة وأنت المعنى ** يا من هو للقلوب مغناطيس

وأكثر كلامه قدس سره من هذا القبيل بل هو أم وحدة الوجود وأبوها وابنها وأخوها، وإياك أن تقول كما قال ذلك الأجل حتى تصل بتوفيق الله تعالى إلى ما إليه وصل والله عز وجل الهادي إلى سواء السبيل، تم الكلام على السورة والحمد لله على جزيل نعمائه والصلاة والسلام على رسوله محمد مظهر أسمائه وعلى آله وأصحابه وسائر أتباعه وأحبائه وصلاة وسلامًا باقيين إلى يوم لقائه. اهـ.