فصل: قال الشريف الرضي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



سورة عسق:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{حم عسق} (42) مجازها مجاز ابتداء أوائل السور..
{يَتَفَطَّرْنَ} (5) يتشققن ويقال للزجاجة إذا انصدعت: قد انفطرت وكذلك الحجر..
{يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} (11) يخلقكم..
{وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ} (14) نصبها على مجاز نصب المصادر..
{وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قريبٌ} (17) لم يجئ مجازها على صفة التأنيث فيقول إن الساعة قريبة والعرب إذا وصفوها بعينها كذاك يصنعون وإذا أرادوا ظرفا لها أو أرادوا بها الظرف جعلوها بغير الهاء وجعلوا لفظها لفظا واحدا في الواحد والاثنين والجميع من الذكر والأنثى تقول هما قريب وهى قريب..
{شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ} (21) ابتدعوا.
{ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ} (23) معناها يبشّر قال خفاف:
وقد غدوت إلى الحانوت أبشره

[822] أي أبشّره.
{وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا} (26) أي يجيب الذين آمنوا..
{وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ} (32) أي الجبال..
{إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ} (33) المعنى للجوارى..
{رَواكِدَ} (33) سواكن..
{أَوْ يُوبِقْهُنَّ} (34) يهلكهن.
{وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ} (38) أجابوا..
{إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (43) ما عزمت عليه قال الخثعمىّ:
عزمت على إقامة ذى صباح ** لشىء ما يسوّد من يسود

{مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} (45) لا يفتح عينه إنما ينظر ببعضها..
{يَهَبُ لِمَنْ يَشاء إِناثًا} (49) أي أنثى {وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاء الذُّكُورَ} (49) أي ذكرا..
{أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرانًا وَإِناثًا} (50) أنثى وأنثى وذكرا وذكرا أو ذكرا وأنثى.. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن حم عسق، وهى السورة التي يذكر فيها الشورى:

.[سورة الشورى: آية 13].

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إليه اللَّهُ يَجْتَبِي إليه مَنْ يَشاء وَيَهْدِي إليه مَنْ يُنِيبُ (13)}.
قوله تعالى: {أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [13] وهذه استعارة. والمراد بإقامة الدين إعلان شعاره، وإعلاء مناره، والدوام على اعتقاده، والثبات على العمل بواجباته.
وقد مضى الكلام على نظائر هذه الاستعارة فيما تقدم.

.[سورة الشورى: آية 16].

{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن ْ بَعْدِ ما اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (16)}.
وقوله سبحانه: {حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [16] وهذه استعارة. والدحض:
الزّلق. فكأنه تعالى قال: حجتهم ضعيفة غير ثابتة، وزالّة غير متماسكة، كالواطىء الذي تضعف قدمه فيزلق عن مستوى الأرض، ولا يستمر على الوطء.
وداحضة هاهنا بمعنى مدحوضة. وإذا نسب الفعل إليها في الدحوض كان أبلغ في ضعف سنادها، ووهاء عمادها. فكأنها هي المبطلة لنفسها من غير مبطل أبطلها، لظهور أعلام الكذب فيها، وقيام شواهد التهافت عليها. وأطلق تعالى اسم الحجة عليها وهى شبهة، لاعتقاد المدلى بها أنها حجة، وتسميته لها بذلك في حال النزاع والمناقلة.
وأيضا فإن المتكلم بها لما أوردها مورد الحجة، وأسلكها طريقها، وأقامها مقامها، جاز أن يطلق عليها اسمها.

.[سورة الشورى: آية 20].

{مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}.
وقوله سبحانه: {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [20] وهذه استعارة.
والمراد بحرث الآخرة والدنيا كدح الكادح لثواب الآجلة وحطام العاجلة، فهذا من التشبيه العجيب، والتمثيل المصيب. لأن الحارث المزدرع إنما يتوقع عاقبة حرثه، فيجنى ثمرة غراسه، ويفوز بعوائد ازدراعه.
وقيل معنى: {نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ} أي نعطيه بالحسنة عشرا إلى ما شيءنا من الزيادة على ذلك. ومن عمل للدنيا دون الآخرة أعطيناه نصيبا من الدّنيا دون الآخرة.

.[سورة الشورى: آية 28].

{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}.
وقوله سبحانه: {وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ} [28] وهذه استعارة. وليس المراد أن هناك رحمة كانت مطويّة فنشرت، وخفيّة فأظهرت.
وإنما معنى الرحمة هاهنا الغيث المنزّل لإحياء الأرض، وإخراج النّبت. ونشره عبارة عن إظهار النفع به، وتعريف الخلق عواقب المصالح بموقعه.

.[سورة الشورى: آية 45].

{وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقال الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (45)}.
وقوله تعالى: {وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} [45] وهذه استعارة. وقد أشرنا إليها فيما تقدم لمعنى جرّ ذكرها.
والمراد بذلك أن نظرهم نظر الخائف الذليل، والمرتاب الظّنين. فهو لا ينظر إلا مسترقا، ولا يغضى إلا مشفقا. وهذا معنى قولهم: فلان لا يملأ عينيه من فلان. إذا وصفوه بعظم الهيبة له، وشدّة المخافة منه. فكأنهم لا ينظرون بمتّسعات عيونهم، وإنما ينظرون بشفافاتها. من ذلّهم ومخافتهم.
وقد يجوز أن يكون الطرف هاهنا بمعنى العين نفسها. فكأنه تعالى وصفهم بالنظر من عين ضعيفة، على المعنى الذي أشرنا إليه، أو يكون الطرف مصدر قولك: طرفت، أطرف، طرفا. إذا لحظت. فيكون المعنى أن لحظهم خفيّ، لأن نظرهم استراق- كما قلنا أولا- من عظيم الخيفة، وتوقّع العقوبة. اهـ.

.فصل في التفسير الموضوعي للسورة كاملة:

قال محمد الغزالي:
سورة الشورى:
بعد خمسة من حروف الهجاء في أول سورة الشورى، قال الله لنبيه: {كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم}.
إن الأنبياء يبعثون بلغات أممهم، والكلمات تتكون بداهة من هذه الحروف المأنوسة، وقد نزل القرآن على محمد بلسان عربى مبين، ثم بلغه النبى صلى الله عليه وسلم كما أنزل إليه، وفسره خلقا وسلوكا في سيرته المشرقة. وكذلك فعل أصحابه وتلامذته من بعده، فهل محوا الشر من الأرض، وهل صوبوا كل خطأ؟ لقد بذلوا الجهد، ولكن الأرض مذ دب عليها البشر نسيت الوحي أو تناسته، وكانت كوكبا متمردا في ملكوت يسبح بحمد خالقه {تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم}. وقد ذكر الوحي وحملته أول السورة وآخرها، وذكر خلالها ما كلفت به الأمة العربية من واجبات بعد ما اصطفاها الله لختام الوحي، وشرحت علاقتها بأهل الكتاب الأولين.
{وكذلك أوحينا إليك قرأنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير}. ومعروف أن الإسلام دين عام خالد، وأنه للقارات الخمس إلى آخر الدهر، ولكن لابد من نقطة ارتكاز يبدأ منها انطلاقه، فكانت نقطة البداية {أم القرى ومن حولها}. أما ميدان البلاغ فهو العالم كله شرقه وغربه، وقد أدى محمد وصحابته واجبهم، وما مضى نصف قرن على البعثة حتى كان الإسلام قد بلغ المشارق والمغارب، وأسقط أعلام الأمم المستكبرة التى استعمرت آسيا وإفريقية! فما خبر حملة الوحي الأول؟ أما اليهود فقد انقطعت صلتهم بالدعوة إلى الله، وجعلوا الدين ميراثا قوميا يتأكلون به ويفخرون، وأما النصارى فقد غلبتهم على حقائق الوحي فلسفات التعدد والفداء، والحديث الطويل عن ابن الله!! وقد جاء الإسلام فأعلن صلته الوثقى بموسى وعيسى، وقرر أنه يؤكد ويجدد الوحي الذي أرسلا به {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب}. والواقع أن دين الله واحد من بدء الخليقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. رب تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وعباد خلقهم بقدرته ورباهم بنعمته ليس بينهم من يفارقه وصف العبودية، وأقربهم إليه منزلة أكثرهم له سجودا، وأشدهم له رغبة ورهبة. وهذا المعنى شائع في القرآن طولا وعرضا، وهو لب دين محمد.. وقد عرفنا صدق محمد بعدما عرفنا الله بعقولنا، وبعدما رأينا الوحي المحمدي طابق العقل!ا نسب لله من حمد ومجد، ولم يقصر أنملة في تقديسه وتوحيده! إن العقل أفضل مواهب البشر وما جرى على لسان محمد صورة طبق الأصل لما ينبغي لله من عظمة وخشوع وفق أدق مقاييس العقل البشرى. فلنترك الحاقدين على محمد يكذبونه، فإن إساءتهم له نابعة من إساءتهم لمولاه!! {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه مريب}.
فما العمل من هؤلاء الكتابيين الجائرين؟ لا تنشغل بأحقادهم ولا تتجاوب معهم وامض في طريقك هاديا ومقسطا {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير}.
وقد مضى الإسلام في طريق الدعوة الحسنة والتفكير الواعي، واستجابت له جماهير أهل الكتاب في آسيا الوسطى وشمال إفريقية، كما ثاب الوثنيون إلى رشدهم في إيران وآذربيجان والهند والصين.
لقد انزاحت السدود أمام الفيضان، فانطلق.
ومع ذلك فقد بقى الآن في أوربا وأمريكا من يكابرون الحق ويحاربون التوحيد ويضيقون بمحمد، ليكن، فلن يضيروا الله شيئا {والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد}. وعاد الوحي مرة أخرى يحكى أقاويل خصوم الإسلام وخصوم محمد {أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور}. أي لو كان محمد كاذبا ما تركه الله يفترى عليه وينسب إليه هذا الدين الخطير، بل لسلبه العقل، ومحا ما ادعاه! وهذا مثل قوله تعالى في سورة أخرى: {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين}. ولكن الإسلام استبحر وشق طريقه حتى بلغ ما بلغ الليل والنهار. ولا يزال الأذان في كل قطر يشهد لله بالوحدة ولمحمد بالصدق، كأنه ساعة تحصى الزمان لا يتوقف لها دق. ولقد كذب على الله بعض الناس وزوروا عليه وحيا مضحكا، فماذا كان مصيرهم؟ لقد امَّحى أثرهم وانقضى زيفهم، وبقى الخلود للحق وحده.. يصنع الإسلام من أفراد الأمة ربانيين يجعلون الله غايتهم ورضوانه أملهم والاستعداد للقائه شغلهم! هل معنى ذلك أنه يصنع أمة دراويش؟ كلا إنه يصنع أمة كدح وجهاد تخدم الدنيا والآخرة معا. والمهم أنها عندما تباشر شيءون الحياة تدرك أن الله رقيب عليها، وأنها مسئولة عن إحسان كل ما يخرج من بين أصابعها، ولها على ذلك خير الدنيا والآخرة {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله}. والفرق واسع بين مجتمع يعبد التراب وآخر يرمق رب الأرباب! ولذلك فإن السورة هنا ذكرت المؤمنين بعظمة بديع السماوات والأرض، وساقت من الآيات ما يربط الألباب والقلوب بعظمته {وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته}، {ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة}. {ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام}.
والآيات المذكورة تشير إلى القوانين الطبيعية التى تحكم البحار، وما يطفو في عبابها من سفن، كما أنها تشير إلى قوانين الجاذبية التى تحكم الأجرام السماوية كلها. ونحن نعلم أن السماوات ملأى بالملائكة المسبحة بحمد الله أبدا، فهل هناك كائنات أخرى؟ هناك الجن وهو عالم آخر مكلف مثلنا. وربما كانت هناك مخلوقات أخرى سوف نجتمع بها يوما، لا ننفى ولا نثبت، المهم أن نحسن العيش على الأرض التى مهدها الله لنا، واختبرنا فوق ثراها. والغريب أن الحضارة الحديثة- مع تفوقها على الحضارات السابقة- عصفت بها الأهواء التى عصفت بالأمم البائدة، فلم تنجح في مضمار الفضيلة والعدالة. وتحذيرا من ذلك تذكر السورة تسع خصال لابد منها كى ينجو الناس من الغضب الإلهى {فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين}. وربما ضحكت الدنيا للطغاة والمجرمين، فعاشوا وافرين مراحين، فما قيمة ذلك؟ {قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين}.
من حق الناس أن يروا بينهم أمة تصون الوحي، وترعى أمره ونهيه وتقيم موازينه في كل مكان، والأمة العربية التى شرفت بالوحي الخاتم جديرة أن تتبوأ هذا المنصب! وقد قامت أول أمرها بحقوقه، ولكنها على مر الأيام نسيت، بل جهلت!! وفى عصرنا هذا رأينا عجبا، رأينا العرب يبتعدون عن الإسلام ويعتزون بقوميتهم.. وتفرست في هذه القومية المزعومة، ووضعت يدى في جرابها، فوجدت زهدا في الإسلام وفى لغته الفصحى على حد سواء! وباسم القومية العربية، ازدهرت الإنجليزية والفرنسية والعامية، وذيلت لغة القرآن وتقهقرت، واخترعت آداب خالية من القيم المحترمة، وفرض على الأمة الكبيرة أن تعيش بلا روح ولا تاريخ ولا شعائر ولا شرائع. لقد نجح الإلحاد في طى صفحتها المشرقة، وهو مصر على سياسته، وهيهات فلن نقبل ذلك.