فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



المسألة الثالثة:
اختلفوا في أن هذه الهيئة لم حصلت؟ وفيه قولان الأول: أنه تعالى لما بيّن أن الموحي لهذا الكتاب هو الله العزيز الحكيم، بيّن وصف جلاله وكبريائه، فقال: {تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ} أي من هيبته وجلالته والقول الثاني: أن السبب في إثباتهم الولد لله لقوله: {تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} [مريم: 90]، وههنا السبب فيه إثباتهم الشركاء لله، لقوله بعد هذه الآية {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء} والصحيح هو الأول، ثم قال: {والملائكة يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض}.
واعلم أن مخلوقات الله تعالى نوعان: عالم الجسمانيات وأعظمها السماوات، وعالم الروحانيات وأعظمها الملائكة، والله تعالى يقرر كمال عظمته لأجل نفاذ قدرته وهيبته في الجسمانيات، ثم يردفه بنفاذ قدرته واستيلاء هيبته على الروحانيات، والدليل عليه أنه تعالى قال في سورة {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ} [النبأ: 1] لما أراد تقرير العظمة والكبرياء بدأ بذكر الجسمانيات، فقال: {رَبّ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا الرحمن لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} [النبأ: 37] ثم انتقل إلى ذكر عالم الروحانيات، فقال: {يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفًّا لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَقال صَوَابًا} [النبأ: 38] فكذلك القول في هذه الآية بين كمال عظمته باستيلاء هيبته على الجسمانيات، فقال: {تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ} ثم انتقل إلى ذكر الروحانيات، فقال: {والملائكة يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ} فهذا ترتيب شريف وبيان باهر.
واعلم أن الموجودات على ثلاثة أقسام: مؤثر لا يقبل الأثر، وهو الله سبحانه وتعالى وهو أشرف الأقسام، ومتأثر لا يؤثر، وهو القابل وهو الجسم وهو أخس الأقسام، وموجود يقبل الأثر من القسم الأول، ويؤثر في القسم الثاني وهو الجواهر الروحانيات المقدسة، وهو المرتبة المتوسطة، إذا عرفت هذا فنقول الجواهر الروحانية لها تعلقان: تعلق بعالم الجلال والكبرياء، وهو تعلق القبول، فإن الجلايا القدسية والأضواء الصمدية إذا أشرقت على الجواهر الروحانية استضاءت جواهرها وأشرقت ماهياتها، ثم إن الجواهر الروحانية إذا استفادت تلك القوى الروحانية، قويت بها على الاستيلاء على عوالم الجسمانيات، وإذا كان كذلك فلها وجهان: وجه إلى جانب الكبرياء وحضرة الجلال، ووجه إلى عالم الأجسام والوجه الأول أشرف من الثاني.
إذا عرفت هذا فنقول:
قوله تعالى: {يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ} إشارة إلى الوجه الذي لهم إلى عالم الجلال والكبرياء، وقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض} إشارة إلى الوجه الذي لهم إلى عالم الأجسام، فما أحسن هذه اللطائف وما أشرفها وما أشد تأثيرها في جذب الأرواح من حضيض الخلق إلى أوج معرفة الحق، إذا عرفت هذا فنقول: أما الجهة الأولى وهي الجهة العلوية المقدسة، فقد اشتملت على أمرين: أحدهما: التسبيح، وثانيهما: التحميد، لأن قوله: {يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ} يفيد هذين الأمرين، والتسبيح مقدم على التحميد، لأن التسبيح عبارة عن تنزيه الله تعالى عما لا ينبغي، والتحميد عبارة عن وصفه بكونه مفيضًا لكل الخيرات وكونه منزّهًا في ذاته عما لا ينبغي، مقدم بالرتبة على كونه فياضًا للخيرات والسعادات، لأن وجود الشيء مقدم على إيجاد غيره، وحصوله في نفسه مقدم على تأثيره في حصول غيره، فلهذا السبب كان التسبيح مقدمًا على التحميد، ولهذا قال: {يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ}.
وأما الجهة الثانية: وهي الجهة التي لتلك الأرواح إلى عالم الجسمانيات، فالإشارة إليها بقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض} والمراد منه تأثيراتها في نظم أحوال هذا العالم وحصول الطريق الأصوب الأصلح فيها، فهذه ملامح من المباحث العالية الإلهية مدرجة في هذه الآيات المقدسة، ولنرجع إلى ما يليق بعلم التفسير، فإن قيل كيف يصح أن يستغفروا لمن في الأرض وفيهم الكفار، وقد قال تعالى: {أولئك عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله والملائكة} فكيف يكونون لاعنين ومستغفرين لهم؟، قلنا الجواب: عنه من وجوه:
الأول: أن قوله: {لِمَن فِي الأرض} لا يفيد العموم، لأنه يصح أن يقال إنهم استغفروا لكل من في الأرض وأن يقال إنهم استغفروا لبعض من في الأرض دون البعض، ولو كان قوله: {لِمَن فِي الأرض} صريحًا في العموم لما صح ذلك التقسيم الثاني: هب أن هذا النص يفيد العموم إلا أنه تعالى حكى عن الملائكة في سورة حام المؤمن فقال: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءامَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شيء رَّحْمَةً وَعِلْمًا فاغفر لِلَّذِينَ تَابُواْ واتبعوا سَبِيلَكَ} [غافر: 7] الثالث: يجوز أن يكون المراد من الاستغفار أن لا يعاجلهم بالعقاب كما في قوله تعالى: {إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ} إلى أن قال: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41] الرابع: يجوز أن يقال إنهم يستغفرون لكل من في الأرض، أما في حق الكفار فبواسطة طلب الإيمان لهم، وأما في حق المؤمنين فبالتجاوز عن سيئاتهم، فإنا نقول اللّهم اهد الكافرين وزين قلوبهم بنور الإيمان وأزل عن خواطرهم وحشة الكفر، وهذا في الحقيقة استغفار.
واعلم أن قوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض} يدل على أنهم لا يستغفرون لأنفسهم، ولو كانوا مصرين على المعصية لكان استغفارهم لأنفسهم قبل استغفارهم لمن في الأرض، وحيث لم يذكر الله عنهم استغفارهم لأنفسهم علمنا أنهم مبرءون عن كل الذنوب والأنبياء عليهم السلام لهم ذنوب والذي لا ذنب له ألبتة أفضل ممن له ذنب وأيضًا فقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض} يدل على أنهم يستغفرون للأنبياء لأن الأنبياء في جملة من في الأرض، وإذا كانوا مستغفرين للأنبياء عليهم السلام كان الظاهر أنهم أفضل منهم.
ولما حكى الله تعالى عن الملائكة التسبيح والتحميد والاستغفار قال: {أَلاَ إِنَّ الله هُوَ الغفور الرحيم} والمقصود التنبيه على أن الملائكة وإن كانوا يستغفرون للبشر إلا أن المغفرة المطلقة والرحمة المطلقة للحق سبحانه وتعالى وبيانه ممن وجوه الأول: أن إقدام الملائكة على طلب المغفرة للبشر من الله تعالى إنما كان لأن الله تعالى خلق في قلوبهم داعية لطلب تلك المغفرة، ولولا أن الله تعالى خلق في قلوبهم تلك الدواعي وإلا لما أقدموا على ذلك الطلب وإذا كان كذلك كان الغفور المطلق والرحيم المطلق هو الله سبحانه وتعالى الثاني: أن الملائكة قالوا في أول الأمر: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدماء وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ} [البقرة: 30] ثم في آخر الأمر صاروا يستغفرون لمن في الأرض، وأما رحمة الحق وإحسانه فقد كان موجودًا في الأولى والآخر فثبت أن الغفور المطلق والرحيم المطلق هو الله تعالى الثالث: أنه تعالى حكى عنهم أنهم يستغفرون لمن في الأرض ولم يحك عنهم أنهم يطلبون الرحمة لمن في الأرض فقال: {أَلاَ إِنَّ الله هُوَ الغفور الرحيم} يعني أنه يعطي المغفرة التي طلبوها ويضم إليها الرحمة الكاملة التامة.
ثم قال تعالى: {والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء} أي جعلوا له شركاء وأندادًا {الله حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ} أي رقيب على أحوالهم وأعمالهم، لا يفوته منها شيء وهو محاسبهم عليها لا رقيب عليهم إلا هو وحده وما أنت يا محمد بمفوض إليك أمرهم ولا قسرهم على الإيمان، إنما أنت منذر فحسب. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {حم عسق}.
قال عبد المؤمن: سألت الحسين بن الفضل: لم قطع (حام) من (عاساقا) ولم تقطع {كهيعص} و(المارا) و(الماصا)؟ فقال: لأن {حم عسق} بين سُوَرٍ أوّلها (حام) فجرت مجرى نظائرها قبلها وبعدها؛ فكأن (حام) مبتدأ و(عاساقا) خبره.
ولأنها عدّت آيتين، وعدّت أخواتها اللواتي كتبت جملة آية واحدة.
وقيل: إن الحروف المعجمة كلها في المعنى واحد، من حيث إنها أس البيان وقاعدة الكلام؛ ذكره الجُرْجَانِي.
وكتبت {حام عساقا} منفصلًا و{كهيعص} متصلًا لأنه قيل: حام؛ أي حمّ ما هو كائن، ففصلوا بين ما يقدّر فيه فعل وبين ما لا يقدّر.
ثم لو فُصل هذا ووُصِل ذا لجاز؛ حكاه القُشيري.
وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس {حام سق} قال ابن عباس: وكان عليّ رضي الله عنه يعرف الفتن بها.
وقال أرطاة بن المنذر، قال رجل لابن عباس وعنده حذيفة بن اليمان: أخبرني عن تفسير قوله تعالى: (حام. عساقا)؟ فأعرض عنه حتى أعاد عليه ثلاثًا فأعرض عنه. فقال حذيفة بن اليمان: أنا أنبئك بها، قد عرفت لِم تركها؛ نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد الإله أو عبد الله؛ ينزل على نهر من أنهار المشرق، يبني عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقًا، فإذا أراد الله زوال ملكهم وانقطاع دولتهم، بعث على إحداهما نارًا ليلًا فتصبح سوداء مظلمة، فتحترق كلها كأنها لم تكن مكانها؛ فتصبح صاحبتها متعجبة، كيف قُلبت! فما هو إلا بياض يومها حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد، ثم يخسف الله بها وبهم جميعًا؛ فذلك قوله: {حام عاساقا} أي عزمة من عزمات الله، وفتنة وقضاء حُمّ: حام.
(ع): عدلًا منه، (س): سيكون، (ق): واقع في هاتين المدينتين.
ونظير هذا التفسير ما روى جرير بن عبد الله البَجَليّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تُبنى مدينة بين دجْلة ودُجيل وقُطْرَبُلّ والصَّراة، يجتمع فيها جبابرة الأرض تجبى إليها الخزائن يخسف بها وفي رواية بأهلها فَلهِيَ أسرع ذهابًا في الأرض من الوَتِد الجيّد في الأرض الرَّخوة».
وقرأ ابن عباس {حام ساقا} بغير عين.
وكذلك هو في مصحف عبد الله بن مسعود؛ حكاه الطبري.
وروى نافع عن ابن عباس: (الحاء) حلمه، و(الميم) مجده، و(العين) علمه، و(السين) سَنَاه، و(القاف) قدرته؛ أقسم الله بها.
وعن محمد بن كعب: أقسم الله بحلمه ومجده وعلوّه وسَنَاه وقدرته ألا يُعذِّب من عاذ بلا إله إلا الله مخلصًا من قلبه.
وقال جعفر بن محمد وسعيد بن جبير: (الحاء) من الرحمن، و(الميم) من المجيد، و(العين) من العليم، و(السين) من القدّوس، و(القاف) من القاهر.
وقال مجاهد: فواتح السور.
وقال عبد الله بن بُريدة: إنه اسم الجبل المحيط بالدنيا.
وذكر القشيريّ، واللفظ للثعلبيّ: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية عُرفت الكآبة في وجهه؛ فقيل له: يا رسول الله، ما أحزنك؟ قال: «أخبِرت ببلايا تنزل بأمتي من خَسْف وقذف ونارٍ تحشرهم وريح تقذفهم في البحر وآياتٍ متتابعات متّصلات بنزول عيسى وخروج الدجال». والله أعلم.
وقيل: هذا في شأن النبيّ صلى الله عليه وسلم؛ ف (الحاء) حوضه المورود، و(الميم) ملكه الممدود، و(العين) عزه الموجود، و(السين) سناه المشهود، و(القاف) قيامه في المقام المحمود، وقربه في الكرامة من الملِك المعبود.
وقال ابن عباس: ليس من نبيّ صاحب كتاب إلا وقد أوحي إليه: {حام عاساقا}؛ فلذلك قال: {يوحي إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ}.
المهدويّ: وقد جاء في الخبر أن {حام عاساقا} معناه أوْحيت إلى الأنبياء المتقدّمين.
وقرأ ابن مُحَيْصِن وابن كثير ومجاهد {يُوحَى} (بفتح الحاء) على ما لم يُسَمَّ فاعله؛ وروي عن ابن عمر.
فيكون الجار والمجرور في موضع رفع لقيامه مقام الفاعل، ويجوز أن يكون اسم ما لم يسمّ فاعله مضمرًا؛ أي يوحى إليك القرآن الذي تضمنته هذه السورة، ويكون اسم الله مرفوعًا بإضمار فعل، التقدير: يوحيه الله إليك؛ كقراءة ابن عامر وأبي بكر: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بالغدو والآصال رِجَالٌ} [النور: 36- 37] أي يسبحه رجال.
وأنشد سيبويه:
لِيُبْكَ يزيدُ ضارعٌ بخصومة ** وأشعثُ ممن طوّحته الطوائح

فقال: لِيُبْكَ يزيد، ثم بيّن من ينبغي أن يبكيه، فالمعنى يبكيه ضارع.
ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف؛ كأنه قال: الله يوحيه.
أو على تقدير إضمار مبتدأ أي الموحي الله.
أو يكون المبتدأ والخبر {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
وقرأ الباقون {يُوحِي إِلَيْكَ} بكسر الحاء، ورفع الاسم على أنه الفاعل: {لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض وَهُوَ العلي العظيم} تقدّم في غير موضع.
قوله تعالى: {تَكَادُ السماوات} قراءة العامة بالتاء.
وقرأ نافع وابن وَثّاب والكسائيّ بالياء.
{يَتَفَطَّرْنَ} قرأ نافع وغيره بالياء والتاء والتشديد في الطاء، وهي قراءة العامة.
وقرأ أبو عمرو وأبو بكر والمفضّل وأبو عبيد {يَنْفَطِرْنَ} من الانفطار؛ كقوله تعالى: {إِذَا السماء انفطرت} [الانفطار: 1] وقد مضى في سورة (مريم) بيان هذا.
وقال ابن عباس: {تَكَادُ السماوات يَتَفَطَّرْنَ} أي تكاد كل واحدة منها تنفطر فوق التي تليها؛ من قول المشركين: {اتخذ الله وَلَدًا} [الكهف: 4].
وقال الضحاك والسدي: {يَتَفَطَّرْنَ} أي يتشققن من عظمة الله وجلاله فوقهن.
وقيل: {فوقهن}: فوق الأرضين من خشية الله لو كنّ مما يعقل.
قوله تعالى: {والملائكة يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أي ينزهونه عما لا يجوز في وصفه، وما لا يليق بجلاله.
وقيل يتعجبون من جرأة المشركين؛ فيُذكر التسبيح في موضع التعجّب.
وعن عليّ رضي الله عنه: أن تسبيحهم تعجّب مما يرون من تعرّضهم لسخط الله.
وقال ابن عباس: تسبيحهم خضوع لما يرون من عظمة الله.
ومعنى {بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}: بأمر ربهم؛ قاله السُّدِّي.
{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الأرض} قال الضحاك: لمن في الأرض من المؤمنين؛ وقاله السدي.
بيانه في سورة المؤمن: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}.
وعلى هذا تكون الملائكة هنا حملة العرش.
وقيل: جميع ملائكة السماء؛ وهو الظاهر من قول الكلبيّ.
وقال وهب بن منبّه: هو منسوخ بقوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ}.
قال المهدوِيّ: والصحيح أنه ليس بمنسوخ؛ لأنه خبر، وهو خاص للمؤمنين.
وقال أبو الحسن الماوَرْدِيّ عن الكلبيّ: إن الملائكة لما رأت الملكين اللَّذَين اخْتُبِرا وبُعِثا إلى الأرض ليحكما بينهم، فافتتنا بالزُّهَرَة وهربا إلى إدريس وهو جَدّ أبي نوح عليهما السلام وسألاه أن يدعُوَ لهما، سبَّحت الملائكة بحمد ربهم واستغفرت لبني آدم.