فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وجوز جعله عامًا فيكون استقم أمرًا بالاستقامة في جميع أموره عليه الصلاة والسلام، والاستقامة أن يكون على خط مستقيم، وفسرها الراغب بلزوم المنهج المستقيم فلا حاجة إلى التأويل بالدوام على الاستقامة أي دم على الاستقامة {الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ} أي شيئًا من أهوائهم الباطلة على أن الإضافة للجنس {وَقُلْ ءامَنتُ بِمَا أنزل الله مِن كتاب} أي بجميع الكتب المنزلة لأن ما من أدوات العموم، وتنكير {كِتَابٌ} المبين مؤيد لذلك، وفي هذا القول تحقيق لحق وبيان لاتفاق الكتب في الأصول وتأليف القلوب لأهل الكتابين وتعريض بهم حيث لم يؤمنوا بجميعها {وَأُمِرْتُ لاِعْدِلَ بَيْنَكُمُ} أي أمرني الله تعالى بما أمرني به لأعدل بينكم في تبليغ الشرائع والأحكام فلا أخص بشيء منها شخصًا دون شخص وقيل: لأعدل بينكم في الحكم إذا تخاصمتم، وقيل: بتبليغ الشرائع وفصل الخصومة واختاره غير واحد، وقيل: لا سوى بيني وبينكم ولا آمركم بما لا أعلمه ولا أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه ولا أفرق بين أصاغركم وأكابركم في إجراء حكم الله عز وجل، فاللام للتعليل والمأمور به محذوف، وقيل: اللام مزيدة أي أمرت أن أعدل ويحتاج لتقدير الباء أي بأن أعدل، ولا يخلو عن بعد {الله رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} أي خالق الكل ومتولي أمره فليس المراد خصوص المتكلم والمخاطب {لَنَا أعمالنا} لا يتخطانا جزاؤها ثوابًا كان أو عقابًا {وَلَكُمْ أعمالكم} لا يجاوزكم آثارها لننتفع بحسناتكم ونتضرر بسيئاتكم {لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ} أي لا احتجاج ولا خصومة لأن الحق قد ظهر فلم يبق للاحتجاج حاجة ولا للمالفة محمل سوى المكابرة والعناد، وجاءت الحجة هنا على أصله فإنها في الأصل مصدر بمعنى الاحتجاج كما ذكره الراغب وشاعت بمعنى الدليل وليس بمراد {الله يَجْمَعُ بَيْنَنَا} يوم القيامة {وَإليه المصير} فيفصل سبحانه بيننا وبينكم، وليس في الآية ما يدل على متاركة الكفار رأسًا حتى تكون منسوخة بآية السيف، وادعى أبو حيان أن ما يظهر منها الموادعة المنسوخة بتلك الآية.
{والذين يُحَاجُّونَ في الله} أي يخاصمون في دينه، قال ابن عباس ومجاهد نزلت في طائفة من بني إسرائيل همت برد الناس عن الإسلام وإضلالهم فقالوا: كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم فديننا أفضل من دينكم، وفي رواية بدل فديننا الخ فنحن أولى بالله تعالى منكم، وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: لما نزلت {إِذَا جَاء نَصْرُ الله والفتح} [النصر: 1] قال المشركون بمكة لمن بين أظهرهم من المؤمنين: قد دخل الناس في دين الله أفواجًا فاخرجوا من بين أظهرنا أو اتركوا الإسلام، والمحجة فيه غير ظاهرة ولعلهم مع هذا يذكرون ما فيه ذلك {مِن بَعْدِ مَا استجيب لَهُ} أي من بعدما استجاب الناس لله عز وجل أو لدينه ودخلوا فيه وأذعنوا له لظهور الحجة ووضح المحجة، والتعبير عن ذلك بالاستجابة باعتبار دعوتهم إليه {حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبّهِمْ} زائلة باطلة لا تقبل عنده عز وجل بل لا حجة لهم أصلًا، وإنما عبر عن أباطيلهم بالحجة وهي الدليل هاهنا مجاراة معهم على زعمهم الباطل.
وجوز كون ضمير {لَهُ} للرسول عليه الصلاة والسلام لكونه في حكم المذكور والمستجيب أهل الكتب واستجابتهم له صلى الله عليه وسلم إقرارهم بنعوته واستفتاحهم به قبل مبعثه عليه الصلاة والسلام فإذا كانوا هم المحاجين كان الكلام في قوة والذين يحاجون في دين الله من بعدما استجابوا لرسوله وأقروا بنعوته حجتهم في تكذيبه باطلة لما فيها من نفي ما أقروا به قبل وصدقه العيان، وقيل: المستجيب هو الله عز وجل وضمير {لَهُ} لرسوله عليه الصلاة والسلام، واستجابته تعالى له صلى الله عليه وسلم بإظهار المعجزات الدالة على صدقه، وإلى نحوه ذهب الجبائي حيث قال: أي من بعدما استجاب الله تعالى دعاءه في كفار بدر حتى قتلهم بأيدي المؤمنين ودعاءه على أهل مكة حتى قحطوا ودعاءه لمستضعفين حتى خلصهم الله تعالى من أيدي قريش وغير ذلك مما يطول تعداده، وبطلان حجتهم لظهور خلاف ما تقتضيه بزعمهم بذلك، وهذا ظاهر في أن هذه الآية مدنية لأن وقعة بدر بعد الهجرة وحمل {استجيب} على الوعد خلاف الظاهر جدًّا، وكذا ما روى عن عكرمة، وقيل: إن حمل الاستجابة على استجابة أهل الكتاب يقتضي ذلك أيضًا إذ لم يكن بمكة أحد منهم، وقيل: لا يقتضيه لأن خبر استجابتهم وإقرارهم بنعوته صلى الله عليه وسلم وهو عليه الصلاة والسلام بمكة بلغ أهل مكة والمجادلون محمول عليهم فلا مانع من كونها مكية {وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ} عظيم لمكابرتهم الحق بعد ظهوره {وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} لا يقادر قدره. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}.
عطف على جملة {ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: 13] وما بينهما اعتراض كما علمت، وفي الكلام حذف يدل عليه قوله: {وما تفرقوا} تقديره: فتفرقوا.
وضمير {تفرقوا} عائد إلى ما عاد إليه ضمير {أن أقيموا الدّين ولا تتفرقوا} [الشورى: 13] وهم أمم الرّسل المذكورين، أي أوصيناهم بواسطة رسلهم بأن يقيموا الدّين.
دلّ على تقديره ما في فعل {وصَّى} [الشورى: 13] من معنى التبليغ كما تقدم.
والعلم: إدراك العقل جزمًا أو ظنًّا.
ومجيء العِلم إليهم يؤذن بأن رسلهم بيّنوا لهم مضارّ التفرق من عهد نوح كما حكى الله عنه في قوله: {ثم إنّي دعوتُهم جِهارًا ثم إنِيَ أعلنتُ لهم وأسررت لهم إسرارًا} إلى قوله: {سُبُلًا فِجَاجًا} في سورة نوح (8 20).
وإنما تلقَّى ذلك العِلمَ علماؤهم.
ويجوز أن يكون المراد بالعلم سببَ العلم، أي إلاّ من بعد مجيء النبي بصفاته الموافقة لما في كِتابهم فتفرقوا في اختلاق المطاعن والمعاذير الباطلة لينفوا مطابقة الصفات، فيكون كقوله تعالى: {وما تَفرّق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البيَّنة} [البينة: 4] على أحد تفسيرين.
والمعنى: وما تفرقت أممهم في أديانهم إلا من بعد ما جاءهم العلم على لسان رسلهم من النهي عن التفرق في الدّين مع بيانهم لهم مفاسد التفرق وأضراره، أي أنهم تفرقوا عالمين بمفاسد التفرق غير معذورين بالجهل.
وهذا كقوله تعالى: {وما تفرّق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البيّنة} [البينة: 4] على التفسير الآخر.
وذُكر سبب تفرقهم بقوله: {بغيًا بينهم} أي تفرّقوا لأجل العداوة بينهم، أي بين المتفرقين، أي لم يحافظوا على وصَايَا الرّسل.
وهذا تعريض بالمشركين في إعراضهم عن دعوة الإسلام لعداوتهم للمؤمنين وقوله: {ولولا كلمة سبقت من ربك} الخ تحذير للمؤمنين من مثل ذلك الاختلاف.
وتنكير {كلمة} للتنويع لأن لكل فريق من المتفرقين في الدّين كلمة من الله في تأجيلهم فهو على حدّ قوله تعالى: {وعلى أبصارهم غشاوة} [البقرة: 7].
وتنكير {أجل} أيضًا للتنويع لأن لكل أمة من المتفرقين أجلًا مسمى، فهي آجال متفاوتة في الطّول والقصر ومختلفة بالأزمنة والأمكنة.
والمراد بالكلمة ما أراده الله من إمهالهم وتأخير مؤاخذتهم إلى أجل لهم اقتضته حكمتُه في نظام هذا العالم، فربّما أخرهم ثم عذّبهم في الدنيا، وربّما أخرهم إلى عذاب الآخرة، وكل ذلك يدخل في الأجل المسمّى، ولكل ذلك كلمته.
فالكلمة هنا مستعارة للإرادة والتقدير.
وسبقها تقدمها من قَبل وقت تفرقهم وذلك سبْق علم الله بها وإرادته إيّاها على وقف علمه وقدره، وقد تقدم نظير هذه الكلمة في سورة هود وفي سورة طه.
{بِيْنَهُمْ وَإِنَّ الذين أُورِثُواْ الكتاب مِن بَعْدِهِمْ لَفِى شَكٍّ مِّنْهُ}.
عطف على جملة {وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم} إلى قوله: {لقضي بينهم}.
وهذه الجملة هي المقصود من جملة {شَرع لكم من الدّين ما وصَّى به نوحًا} إلى قوله: {ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: 13]، لأن المقصود أهل الكتاب الموجودون في زمن نزول الآية.
وإذ قد كانت من الأمم التي أوحى الله إلى رسلهم أمتان موجودتان في حين نزول هذه الآية وهما اليهود والنصارى، وكانتا قد تفرقتا فيما جاءهم به العلم، وكان الله قد أخّر القضاء بين المختلفين منهم إلى أجل مسمّى، وكانوا لمَّا بلغتهم رسالة محمّد صلى الله عليه وسلم شَكُّوا في انطباق الأوصاف التي وردت في الكتاب بوصف النبي الموعود به.
فالمعنى: أنه كما تفرق أسلافهم في الدّين قبل بعثة النبي الموعود به تفرق خلَفُهم مثلهم وزادوا تفرقًا في تطبيق صفات النبي الموعود به تفرقًا ناشئا عن التردد والشك، أي دونَ بذل الجهد في تحصيل اليقين، فلم يزل الشك دأبهم.
فالمخبر عنهم بأنهم في شك: هم الذين أُورثوا الكتاب من بعدِ سلفهم.
وقد جاء نظم الآية على أسلوب إيجاز يتحمل هذه المعاني الكثيرةَ وما يتفرع عنها، فجيء بضمير {منه} بعد تقدُّم ألفاظ صالحة لأن تكون معادَ ذلك الضمير، وهي لفظ {الدِّين في قوله من الدّين} [الشورى: 13]، ولفظ {الذي} في قوله: {والذي أوحينا إليك} [الشورى: 13]، وما الموصولةُ في قوله: {ما تدعوهم إليه} [الشورى: 13]، وهذه الثلاثة مدلولها الإسلام.
وهنالك لفظ {ما وصيّنا} [الشورى: 13] المتعدّي إلى موسى وعيسى، ولفظ {الكتاب} في قوله: {وإن الذين أُورثوا الكتاب}.
وهذان مدلولهما كتابَا أهل الكتاب.
وهؤلاء الذين أوتوا الكتاب هم الموجودون في وقت نزول الآية.
والإخبار عنهم بأنهم في شك ناشئ من تلك المعادات للضمير معناه: أن مبلغ كفرهم وعنادهم لا يتجاوز حالة الشك في صدق الرّسالة المحمدية، أي ليسوا مع ذلك بموقنين بأن الإسلام باطل، ولكنهم تردّدوا ثم أقدموا على التكذيب به حسدًا وعنادًا.
فمنهم من بقي حالهم في الشك.
ومنهم من أيقن بأن الإسلام حق، كما قال تعالى: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقًا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون} [البقرة: 146].
ويحتمل أن المعنى لفي شك بصدق القرآن أو في شك مما في كتابهم من الأمور التي تفرقوا فيها، أو ما في كتابهم من الدّلالة على مجيء النبي الموعود به وصفاته.
فهذه معان كثيرة تتحملها الآية وكلها منطبقة على أهل الكتابَيْن وبذلك يظهر أنه لا داعي إلى صرف كلمة {شك} عن حقيقتها.
ومعنى {أورثوا الكتاب} صار إليهم علم الكتاب الذي اختلف فيه سلفُهم فاستعير الإرث للخَلفِيّة في علم الكتاب.
والتعريف في {الكتاب} للجنس ليشمل كتاب اليهود وكتاب النصارى.
فضمير {من بعدهم} عائِد إلى ما عاد إليه ضمير {تفرقوا} وهم الذين خوطبوا بقوله: {ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: 13].
وظرفية قوله: {في شك} ظرفية مجازية وهي استعارة تبعية، شُبه تمكن الشك من نفوسهم بإحاطة الظرف بالمظروف.
و(من) في قوله: {لفي شك منه} ابتدائية وهو ابتداء مجازي معناه المصاحبة والملابسة، أي شك متعلق به أو في شك بسببه.
ففي حرف (من) استعارة تبعية، وقع حرف (مِن) موقع باء المصاحبة أو السببية.
وتأكيد الخبر ب {إنَّ} للاهتمام ومجرد تحقيقه للنبيء صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، وهذا الاهتمام كناية عن التحريض للحذر من مكرهم وعدم الركون إليهم لظهور عداوتهم لئلا يركنوا إليهم، ولعل اليهود قد أخذوا يومئذٍ في تشكيك المسلمين واختلطوا بهم في مكّة ليتطلعوا حال الدعوة المحمدية.
هذا هو الوجه في تفسير هذه الآية وهو الذي يلتئم مع ما قبله ومع قوله بعده {ولا تتبع أهواءهم وقُل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأُمرتُ لأعدل بينكم الله رَبّنا وربّكم} [الشورى: 15] الآية.
والمريب: الموجب الريب وهو الاتهام.
فالمعنى: لفي شك يفضي إلى الظنة والتهمة، أي شك مشوب بتكذيب، ف {مريب} اسم فاعل من أراب الذي همزته للتعدية، أي جاعل الريب، وليست همزةَ أراب التي هي للجعل في قولهم: أرابني بمعنى أوهمني منه ريبة وهو ليس بذي ريب، كما في قول بشار:
أخوك الذي إن رِبْتَه قال إنّما ** أرَبْتَ وإن عاتبته لأن جانبه

على رواية فتح التاء من أربتَ، وتقدم قوله: {وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب} في سورة هود (62).
{فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}.
الفاء للتفريع على قوله: {شرع لكم من الدين ما وصى به نوحًا} [الشورى: 13] إلى آخره، المفسر بقوله: {أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه} [الشورى: 13] المخلل بعضه بجمل معترضة من قوله: {كبر على المشركين إلى من ينيب} [الشورى: 13].
واللام يجوز أن تكون للتعليل وتكونَ الإشارة بذلك إلى المذكور، أي جميع ما تقدم من الأمر بإقامة الدّين والنهي عن التفرق فيه وتلقي المشركين للدعوة بالتجهم وتلقي المؤمنين لها بالقبول والإنابة، وتلقي أهل الكتاب لها بالشك، أي فلأجل جميع ما ذكر فادعُ واستقِم، أي لأجل جميع ما تقدم من حصول الاهتداء لمن هداهم الله ومن تبرم المشركين ومن شك أهل الكتاب فادْع.
ولم يذكر مفعول (ادْع) لدلالة ما تقدم عليه، أي ادع المشركين والذين أوتوا الكتاب والذين اهتدوا وأنابوا.
وتقديم (لذلك) على متعلقه وهو فعل (ادع) للاهتمام بما احتوى عليه اسم الإشارة إذ هو مجموع أسباب للأمر بالدوام على الدعوة.
ويجوز أن تكون اللام في قوله: {فلذلك} لامَ التقوية وتكون مع مجرورها مفعول (ادعُ).
والإشارة إلى {الدّين} من قوله: {شرع لكم من الدين} [الشورى: 13] أي فادع لذلك الدّين.
وتقديم المجرور على متعلَّقه للاهتمام بالدّين.
وفعل الأمر في قوله: {فادع} مستعمل في الدّوام على الدّعوة كقوله: {يا أيها الذّين آمنوا آمنوا بالله ورسوله} [النساء: 136]، بقرينة قوله: {كما أُمرت}، وفي هذا إبطال لشبهتهم في الجهة الثالثة المتقدمة عند قوله تعالى: {كَبُر على المشركين ما تدعوهم إليه} [الشورى: 13].
والفاء في قوله: {فادع} يجوز أن تكون مؤكدة لفاء التفريع التي قبلها، ويجوز أن تكون مضمنة معنى الجزاء لما في تقديم المجرور من مشابهة معنى الشرط كما في قوله تعالى: {فبذلك فليفرحوا} [يونس: 58].
والاستقامة: الاعتدال، والسين والتاء فيها للمبالغة مثل: أجاب واستجاب.
والمراد هنا الاعتدال المجازي وهو اعتدال الأمور النفسانية من التقوى ومكارم الأخلاق، وإنّما أُمر بالاستقامة، أي الدوام عليها، للإشارة إلى أن كمال الدعوة إلى الحق لا يحصل إلا إذا كان الداعي مستقيمًا في نفسه.