فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ثم قال تعالى: {وَهُوَ على جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} قال صاحب (الكشاف): إذا تدخل على المضارع كما تدخل على الماضي، قال تعالى: {واليل إِذَا يغشى} [الليل: 1] ومنه {إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} والمقصود أنه تعالى خلقها متفرقة، لا لعجز ولكن لمصلحة، فلهذا قال: {وَهُوَ على جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} يعني الجمع للحشر والمحاسبة، وإنما قال: {على جَمْعِهِمْ} ولم يقل على جمعها، لأجل أن المقصود من هذا الجمع المحاسبة، فكأنه تعالى قال: وهو على جمع العقلاء إذا يشاء قدير، واحتج الجبائي بقوله: {إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} على أن مشيئته تعالى محدثة بأن قال: إن كلمة {إِذَا} تفيد ظرف الزمان، وكلمة {يَشَاء} صيغة المستقبل، فلو كانت مشيئته تعالى قديمة لم يكن لتخصيصها بذلك الوقت المعين من المستقبل فائدة، ولما دل قوله: {إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} على هذا التخصيص علمنا أن مشيئته تعالى محدثة والجواب: أن هاتين الكلمتين كما دخلتا على المشيئة، أي مشيئة الله، فقد دخلتا أيضًا على لفظ القدير فلزم على هذا أن يكون كونه قادرًا صفة محدثة، ولما كان هذا باطلًا، فكذا القول فيما ذكره، والله أعلم.
ثم قال تعالى: {وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ نافع وابن عامر {بِما كَسَبَتْ} بغير فاء، وكذلك هي في مصاحف الشام والمدينة، والباقون بالفاء وكذلك هي في مصاحفهم، وتقدير الأول أن ما مبتدأ بمعنى الذي، وبما كسبت خبره، والمعنى والذي أصابكم وقع بما كسبت أيديكم، وتقدير الثاني تضمين كلمة: ما معنى الشرطية.
المسألة الثانية:
المراد بهذه الصمائب الأحوال المكروهة نحو الآلام والأسقام القحط والغرق والصواعق وأشباهها، واختلفوا في نحو الآلام أنها هل هي عقوبات على ذنوب سلفت أم لا؟ منهم من أنكر ذلك لوجوه الأول: قوله تعالى: {اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ} [غافر: 17] بيّن تعالى أن الجزاء إنما يحصل في يوم القيامة، وقال تعالى في سورة الفاتحة {مالك يَوْمِ الدين} [الفاتحة: 4] أي يوم الجزاء، وأطبقوا على أن المراد منه يوم القيامة والثاني: أن مصائب الدنيا يشترك فيها الزنديق والصديق، وما يكون كذلك امتنع جعله من باب العقوبة على الذنوب، بل الاستقرأء يدل على أن حصول هذه المصائب للصالحين والمتقين أكثر منه للمذنبين، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «خص البلاء بالأنبياء، ثم الأولياء، ثم الأمثل فالأمثل».
الثالث: أن الدنيا دار التكليف، فلو جعل الجزاء فيها لكانت الدينا دار التكليف ودار الجزاء معًا، وهو محال، وأما القائلون بأن هذه المصائب قد تكون أجزية على الذنوب المتقدمة، فقد تمسكوا أيضًا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: «لا يصيب ابن آدم خدش عود ولا غيره إلا بذنب أو لفظ» هذا معناه وتمسكوا أيضًا بهذه الآية، وتمسكوا أيضًا بقوله تعالى: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات} [النساء: 160] وتمسكوا أيضًا بقوله تعالى بعد هذه الآية {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا} [الشورى: 34] وذلك تصريح بأن ذلك الإهلاك كان بسبب كسبهم، وأجاب الأولون عن التمسك بهذه الآية، فقالوا إن حصول هذه المصائب يكون من باب الامتحان في التكليف، لا من باب العقوبة كما في حق الأنبياء والأولياء، ويحمل قوله: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} على أن الأصلح عند إتيانكم بذلك الكسب إنزال هذه المصائب عليكم، وكذا الجواب عن بقية الدلائل، والله أعلم.
المسألة الثالثة:
احتج أهل التناسخ بهذه الآية، وكذلك الذين يقولون إن الأطفال البهائم لا تتألم، فقالوا دلّت الآية على أن حصول المصائب لا يكون إلا لسابقة الجرم، ثم إن أهل التناسخ قالوا: لكن هذه المصائب حاصلة للأطفال والبهائم، فوجب أن يكون قد حصل لها ذنوب في الزمان السابق، وأما القائلون بأن الأطفال والبهائم ليس لها ألم قالوا قد ثبت أن هذه الأطفال والبهائم ما كانت موجودة في بدن آخر لفساد القول بالتناسخ فوجب القطع بأنها لا تتألم إذ الألم مصيبة والجواب: أن قوله تعالى: {وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} خطاب مع من يفهم ويعقل، فلا يدخل فيه البهائم والأطفال، ولم يقل تعالى: إن جميع ما يصيب الحيوان من المكاره فإنه بسبب ذنب سابق، والله أعلم.
المسألة الرابعة:
قوله: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} يقتضي إضافة الكسب إلى اليد، قال والكسب لا يكون باليد، بل بالقدرة القائمة باليد، وإذا كان المراد من لفظ اليد هاهنا القدرة، وكان هذا المجاز مشهورًا مستعملًا كان لفظ اليد الوارد في حق الله تعالى يجب حمله على القدرة تنزيهًا لله تعالى عن الأعضاء والأجزاء، والله أعلم.
ثم قال تعالى: {وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} ومعناه أنه تعالى قد يترك الكثير من هذه التشديدات بفضله ورحمته، وعن الحسن قال: دخلنا على عمران بن حصين في الوجع الشديد، فقيل له: إنا لنغتم لك من بعض ما نرى، فقال لا تفعلوا فوالله إن أحبه إلى الله أحبه إلي، وقرأ {وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} فهذا بما كسبت يداي، وسيئاتيني عفو ربي، وقد روى أبو سخلة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية وقال: «ما عفى الله عنه فهو أعز وأكرم من أن يعود إليه في الآخرة، وما عاقب عليه في الدنيا فالله أكرم من أن يعيد العذاب عليه في الآخرة» رواه الواحدي في (البسيط)، وقال إذا كان كذلك فهذه أرجى آية في كتاب الله لأن الله تعالى جعل ذنوب المؤمنين صنفين: صنف كفره عنهم بالمصائب في الدنيا، وصنف عفا عنه في الدنيا، وهو كريم لا يرجع في عفوه، وهذه سنّة الله مع المؤمنين، وأما الكافر فلأنه لا يعجل عليه عقوبة ذنبه حتى يوافي ربه يوم القيامة.
ثم قال تعالى: {وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرض} يقول ما أنتم معشر المشركين بمعجزين في الأرض، أي لا تعجزونني حيثما كنتم، فلا تسبقونني بسبب هربكم في الأرض {وَمَا لَكُم مّن دُونِ الله مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ} والمراد بهم من يعبد الأصنام، بين أنه لا فائدة فيها ألبتة، والنصير هو الله تعالى، فلا جرم هو الذي تحسن عبادته. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ} فيه مسألتان:
الأولى في نزولها؛ قيل: إنها نزلت في قوم من أهل الصُّفَّة تمنَّوْا سَعة الرزق.
وقال خَبَّاب بن الأرَتّ: فينا نزلت؛ نظرنا إلى أموال بني النَّضير وقُريظة وبني قَيْنُقَاع فتمنيناها فنزلت.
{وَلَوْ بَسَطَ} معناه وسّع وبسط الشيء نشره وبالصاد أيضًا.
{لَبَغَوْاْ فِي الأرض} طغَوْا وعصَوْا.
وقال ابن عباس: بغيُهم طلبهم منزلة بعد منزلة ودابة بعد دابة ومركبًا بعد مركب وملبسًا بعد ملبس.
وقيل: أراد لو أعطاهم الكثير لطلبوا ما هو أكثر منه، لقوله: «لو كان لاْبن آدم واديان من ذهب لاْبتغى إليهما ثالثًا» وهذا هو الْبَغْيُ، وهو معنى قول ابن عباس.
وقيل: لو جعلناهم سواء في المال لما انقاد بعضهم لبعض، ولتعطلت الصنائع.
وقيل: أراد بالرزق المطر الذي هو سبب الرزق؛ أي لو أدام المطر لتشاغلوا به عن الدعاء، فيقبِض تارة ليتضرّعوا ويبسُط أخرى ليشكروا.
وقيل: كانوا إذا أخصبوا أغار بعضهم على بعض؛ فلا يبعد حمل البغي على هذا.
الزّمخشِريّ: {لَبَغَوْا} من البغي وهو الظلم؛ أي لبغى هذا على ذاك وذاك على هذا؛ لأن الغِنَى مَبْطَرة مأشرة، وكفى بقارون عبرة.
ومنه قوله عليه السلام: «أخوفَ ما أخاف على أمتي زهرة الدنيا وكثرتها» ولبعض العرب:
وقد جعل الوسْمِيّ يُنبت بيننا ** وبين بني دُودَان نَبْعًا وشَوْحَطَا

يعني أنهم أحيُوا فحدّثوا أنفسهم بالبغي والتغابن.
أو من البَغْي وهو البَذَخ والكبر؛ أي لتكبّروا في الأرض وفعلوا ما يتبع الكبر من العلوّ فيها والفساد.
{ولكن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاء} أي ينزل أرزاقهم بقدر ما يشاء لكفايتهم.
وقال مقاتل: {يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاء} يجعل من يشاء غنيًّا ومن يشاء فقيرًا.
الثانية قال علماؤنا: أفعال الربّ سبحانه لا تخلو عن مصالح وإن لم يجب على الله الاستصلاح؛ فقد يعلم من حال عبدٍ أنه لو بسط عليه قاده ذلك إلى الفساد فيزْوِي عنه الدنيا؛ مصلحة له.
فليس ضيق الرزق هوانًا ولا سعة الرزق فضيلة؛ وقد أعطى أقوامًا مع علمه أنهم يستعملونه في الفساد، ولو فعل بهم خلاف ما فعل لكانوا أقرب إلى الصلاح.
والأمر على الجملة مفوّض إلى مشيئته، ولا يمكن التزام مذهب الاستصلاح في كل فعل من أفعال الله تعالى.
وروى أنس عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى قال: «من أهان لي وليًّا فقد بارزني بالمحاربة وإني لأسرع شيء إلى نصرة أوليائي وإني لأغضب لهم كما يغضب الليث الحَرِد وما تردّدت في شيء أنا فاعله تردّدي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره إساءته ولا بدّ له منه وما تقرّب إليّ عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه وما يزال عبدي المؤمن يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبّه فإذا أحببته كنت له سمعًا وبصرًا ولسانًا ويدًا ومؤيّدًا فإن سألني أعطيته وإن دعاني أجبته وإن من عبادي المؤمنين من يسألني الباب من العبادة وإني عليم أن لو أعطيته إياه لدخله العُجْب فأفسده. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده الفقر. وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده الغنى. وإني لأدبر عبادي لعلمي بقلوبهم فإني عليم خبير»، ثم قال أنس: اللهم إني من عبادك المؤمنين الذين لا يصلحهم إلا الغنى فلا تفقرني برحمتك.
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28)}.
قرأ ابن كثير وابن مُحيْصِن وحُميد ومجاهد وأبو عمرو ويعقوب وابن وَثّاب والأعمش وغيرهما والكسائي {يُنزل} مخففًا.
الباقون بالتشديد.
وقرأ ابن وَثّاب أيضًا والأعمش وغيرهما {قنِطوا} بكسر النون؛ وقد تقدّم جميع هذا.
والغيث المطر؛ وسمي الغيث غيثًا لأنه يغيث الخلق وقد غاث الغيث الأرض أي أصابها. وغاث الله البلاد يَغيثها غَيْثًا وغِيثت الأرضُ تُغاث غَيْثًا فهي أرض مَغيثة ومَغْيُوثة.
وعن الأصمعيّ قال: مررت ببعض قبائل العرب وقد مطروا فسألت عجوزًا منهم: أتاكم المطر؟ فقالت: غِثنا ما شئنا غَيْثًا؛ أي مُطِرنا.
وقال ذو الرمّة: قاتل الله أَمةَ بني فلان ما أفصحها قلت لها كيف كان المطر عندكم؟ فقالت: غِثْنا ما شئنا.
ذكر الأوّل الثعلبي والثاني الجوهري.
وربما سمى السحاب والنبات غَيثًا.
والقنوط الإياس؛ قاله قتادة وغيره.
قال قتادة: ذُكِر أنّ رجلًا قال لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين، قَحَط المطرُ وَقَلّ الغيث وقَنَط الناس؟ فقال: مطرتم إن شاء الله؛ ثم قرأ: {وَهُوَ الذي يُنَزِّلُ الغيث مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ}.
والغيث ما كان نافعًا في وقته، والمطر قد يكون نافعًا وضارًّا في وقته وغير وقته؛ قاله الماورِديّ.
{وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} قيل المطر؛ وهو قول السّدي.
وقيل ظهور الشمس بعد المطر؛ ذكره المهدَوِي.
وقال مقاتل: نزلت في حبس المطر عن أهل مكة سبع سنين حتى قنطوا، ثم أنزل الله المطر.
وقيل: نزلت في الأعرابي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المطر يوم الجمعة في خبر الاستسقاء؛ ذكره القشيري، والله أعلم.
{وَهُوَ الولي الحميد} {الْوَلِيُّ} الذي ينصر أولياءه.
{الْحَمِيدُ} المحمود بكل لسان.
قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات والأرض} أي علاماته الدّالة على قدرته.
{وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ} قال مجاهد: يدخل في هذا الملائكة والناس، وقد قال تعالى: {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 8].
وقال الفرّاء أراد ما بث في الأرض دون السماء؛ كقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وإنما يخرج من الملح دون العَذْب.
وقال أبو عليّ: تقديره وما بث في أحدهما؛ فحذف المضاف.
وقوله: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا} أي من أحدهما.
{وَهُوَ على جَمْعِهِمْ} أي يوم القيامة {إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ}.
قوله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} قرأ نافع وابن عامر {بمَا كَسَبَتْ} بغير فاء.
الباقون {فَبِمَا} بالفاء، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم للزيادة في الحرف والأجر.
قال المهدَوِيّ: إن قدرت أن {ما} الموصولة جاز حذف الفاء وإثباتها، والإثبات أحسن.
وإن قدرتها التي للشرط لم يجز الحذف عند سيبويه، وأجازه الأخفش واحتج بقوله تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121].
والمصيبة هنا الحدود على المعاصي؛ قاله الحسن.
وقال الضحاك: ما تعلّم رجل القرآن ثم نسيه إلا بذنب؛ قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ثم قال: وأيّ مصيبة أعظم من نسيان القرآن؛ ذكره ابن المبارك عن عبد العزيز بن أبي روّاد.
قال أبو عبيد: إنما هذا على الترك، فأما الذي هو دائب في تلاوته حريص على حفظه إلا أن النسيان يغلبه فليس من ذلك في شيء.
ومما يحقق ذلك أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان ينسى الشيء من القرآن حتى يذكره؛ من ذلك حديث عائشة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: سمع قراءة رجل في المسجد فقال: «ما له رحمه الله! لقد أذكرني آيات كنت أنسيتها من سورة كذا وكذا» وقيل: {ما} بمعنى الذي، والمعنى الذي أصابكم فيما مضى بما كسبت أيديكم.