فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن المنذر عن الحسن قال: ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم ثم تلا {وَأَمْرُهُمْ شورى بَيْنَهُمْ}، وقد كانت الشورى بين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فيما يتعلق بمصالح الحروب، وكذا بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم بعده عليه الصلاة والسلام، وكانت بينهم أيضًا في الأحكام كقتال أهل الردة وميراث الجد وعدد حد الخمر وغير ذلك، والمراد بالأحكام ما لم يكن لهم فيه نص شرعي وإلا فالشورى لا معنى لها وكيف يليق بالمسلم العدول عن حكم الله عز وجل إلى آراء الرجال والله سبحانه هو الحكيم الخبير، ويؤيد ما قلنا ما أخرجه الخطيب عن علي كرم الله تعالى وجهه قال: قلت يا رسول الله الأمر ينزل بنا بعدك لم ينزل فيه قرأن ولم يسمع منك فيه شيء قال: اجمعوا له العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد، وينبغي أن يكون المستشار عاقلًا كما ينبغي أن يكون عابدًا، فقد أخرج الخطيب أيضًا عن أبي هريرة مرفوعًا «استرشدوا العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا» والشورى على الوجه الذي ذكرناه من جملة أسباب صلاح الأرض ففي الحديث «إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم أسخياءكم وأمركم شورى بينكم فظهر الأرض خير لكم من بطنها وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأمركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها» وإذا لم تكن على ذلك الوجه كان إفسادها للدين والدنيا أكثر من اصلاحها {وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ} أي في سبيل الخير لأنه مسوق للمدح ولا مدح بمجرد الإنفاق، ولعل فصله عن قرينة بذكر المشاورة لأن الاستجابة لله تعالى وأقام الصلاة كانا من آثارها، وقيل: لوقوعها عند اجتماعهم للصلوات.
{والذين إِذَا أَصَابَهُمُ البغى هُمْ يَنتَصِرُونَ} أي ينتقمون ممن بغى عليهم على ما جعله الله تعالى لهم ولا يعتدون، ومعنى الاختصاص انهم الاخصاء بالانتصار وغيرهم يعدو ويتجاوز، ولا يراد أنهم ينتصرون ولا يغفرون ليتناقض هو والسابق، فكأنه وصفهم سبحانه بأنهم الأخصاء بالغفران لا يغول الغضب أحلامهم كما يغول في غيرهم وأنهم الأخصاء بالانتصار على ما جوز لهم إن كافؤا ولا يعتدون كغيرهم فهم محمودون في الحالتين بين حسن وأحسن مخصوصون بذلك من بين الناس، وقال غير واحد: إن كلًا من الوصفين في محل وهو فيه محمود فالعفو عن العاجز المعترف بجرمه محمود ولفظ المغفرة مشعر به والانتصار من المخاصم المصر محمود، ولفظ الانتصار مشعر به ولو أوقعا على عكس ذلك كانا مذمومين وعلى هذا جاء قوله:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ** وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

فوضع الندى في موضع السيف بالعلا ** مضر كوضع السيف في موضع الندى

زقد يحمد كل ويذم باعتبارات أخر فلا تناقض أيضًا سواء اتحد الموصوفان في الجملتين أولا، وقال بعض المحققين: الأوجه أن لا يحمل الكلام على التخصيص بل على التقوى أي يفعلون المغفرة تارة والانتصار أخرى لا دائمًا للتناقض وليس بذاك، وعن النخفي أنه كان إذا قرأ هذه الآية قال: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترئ عليهم الفساق، وفيه إيماء إلى أن الانتصار من المخاصم المصر وإلا فلا إذلال للنفس بالعفو عن العاجز المعترف، ثم إن جملة {هُمْ يَنتَصِرُونَ} من المبتدأ والخبر صلة الموصول و{إذا} ظرف {يَنتَصِرُونَ} وجوز كونها شرطية والجملة جواب الشرط وجملة الجواب والشرط هي الصلة.
وتعقبه أبو حيان بما مر آنفًا، وجوز أيضًا كون {هُمْ} فاعلا لمحذوف وهو كما سمعت في {وَإِذَا مَا غَضِبُواْ} [الشورى: 37] الخ، وقال الحوفي: يجوز جعل {هُمْ} توكيدًا لضمير {أَصَابَهُمُ} وفيه الفصل بين المؤكد والمؤكد بالفاعل ولعله لا يمتنع، ومع هذا فالوجه في الاعراب ما أشرنا إليه أولًا. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْء فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.
تفريع على جملة {ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا} [الشورى: 27] إلى آخرها، فإنها اقتضت وجود منعَم عليه ومحْروم، فذُكِّروا بأن ما أوتوه من رزق هو عَرَض زائل، وأن الخير في الثواب الذي ادخره الله للمؤمنين، مع المناسبة لما سبقه من قوله: {ويَعْفُ عن كثير} [الشورى: 34] من سلامة الناس من كثير من أهوال الأسفار البحرية فإن تلك السلامة نعمة من نعم الدنيا، ففرعت عليه الذكرى بأن تلك النعمة الدنيوية نعمة قصيرة الزمان صائرة إلى الزوال فلا يَجعلها الموفَّقُ غاية سعيه وليسعَ لعمل الآخرة الذي يأتي بالنعيم العظيم الدائم وهو النعيم الذي ادّخره الله عنده لعباده المؤمنين الصالحين.
والخطاب في قوله: {أوتيتم} للمشركين جريًا على نسق الخطاب السابق في قوله: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30] وقوله: {وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير} [الشورى: 31]، وينسحب الحكم على المؤمنين بلحن الخطاب، ويجوز أن يكون الخطاب لِجميع الأمة، فالفاء الأولى للتفريع، و{مَا} موصولة ضمنت معنى الشرط والفاء الثانية في قوله: {فمتاع الحياة الدنيا} داخلة على خبر {ما} الموصولة لتضمنها معنى الشرط وإنما لم نَجعل {ما} شرطية لأن المعنى على الإخبار لا على التعليق، وإنما تضمن معنى الشرط وهو مجرد ملازمة الخبر لمدلول اسم الموصول كما تقدم نظيره آنفًا في قوله: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} [الشورى: 30] في قراءة غير نافع وابننِ عامر.
ويتعلق قوله: {خَيْرٌ وأبقى للذين آمنوا} على وجه التنازع، واتبعت صلة (الذين آمنوا) بما يدل على عملهم بإيمانهم في اعتقادهم فعطف على الصلة أنهم يتوكلون على ربّهم دون غيره.
وهذا التوكل إفراد لله بالتوجُّه إليه في كل ما تعجز عنه قدرة العبد، فإن التوجه إلى غيره في ذلك ينافي التوحيد لأن المشركين يتوكلون على آلهتهم أكثر من توكلهم على الله، ولكون هذا متمّمًا لمعنى (الذين آمنوا) عطف على الصلة ولم يُؤت معه باسم موصول بخلاف ما ورد بعده.
{وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)}.
أُتبع الموصول السابق بموصولات معطوففٍ بعضُها على بعض كما تعطف الصفات للموصوف الواحد، فكذلك عطف هذه الصلات وموصولاتها أصحابها متحدون وهم الذين آمنوا بالله وحده وقد تقدم نظيره عند قوله تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب} [البقرة: 3] ثم قوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} الآية في سورة البقرة (4).
والمقصود من ذلك: هو الاهتمام بالصلات فيكرر الاسم الموصول لتكون صلتُه معتنى بها حتى كأنَّ صاحبها المتّحد منزَّلٌ منزلة ذوات.
فالمقصود: ما عند الله خير وأبقى للمؤمنين الذين هذه صفاتهم، أي أتْبَعوا إيمانهم بها.
وهذه صفات للمؤمنين باختلاف الأحوال العارضة لهم فهي صفات متداخلة قد تجتمع في المؤمن الواحد إذا وُجدت أسبابها وقد لا تجتمع إذا لم توجد بعض أسبابها مثل {وأمرُهم شورى بينهم} (38).
وقرأ الجمهور {كبائر} بصيغة الجمع.
وقرأه حمزة والكسائي وخلَف {كَبِير} بالإفراد، فكبائر الإثم: الفعلات الكبيرة من جنس الإثم وهي الآثام العظيمة التي نهى الشرع عنها نهيًا جازمًا، وتوعد فاعلَها بعقاب الآخرة مثل القذف والاعتداء والبغي.
وعلى قراءة {كبيرة الإثم} مراد به معنى كبائر الإثم لأن المفرد لما أضيف إلى معرَّف بلام الجنس من إضافة الصفةِ إلى الموصوف كان له حكم ما أضيف هو إليه.
و {الفواحش}: جمع فاحشة، وهي: الفعلة الموصوفة بالشناعة والتي شدد الدِّين في النهي عنها وتوعّد عليها بالعذاب أو وضعَ لها عقوبات في الدنيا للذي يُظهر عليه من فاعليها.
وهذه مثل قتل النفس، والزنا، والسرقة، والحرابة.
وتقدّم عند قوله: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا} في سورة الأعراف (28).
وكبائر الإثم والفواحش قد تدعو إليها القوة الشاهية.
ولما كان كثير من كبائر الإثم والفواحش متسببًا على القوة الغضبية مثل القتل والجراح والشتم والضرب أعقب الثناء على الذين يجتنبونها، فذكر أن من شيمتهم المغفرة عند الغضب، أي إمساك أنفسهم عن الاندفاع مع داعية الغضب فلا يغول الغضب أحلامهم.
وجيء بكلمة {إذَا} المضمنة معنى الشرط والدالّة على تحقق الشرط، لأن الغضب طبيعة نفسية لا تكاد تخلو عنه نفس أحد على تفاوت.
وجملة {وإذا ما غضبوا هم يغفرون} عطف على جملة الصلة.
وقدم المسند إليه على الخبر الفعلي في جملة {هم يغفرون} لإفادة التقوّي.
وتقييد المسند ب {إذا} المفيدة معنى الشرط للدّلالة على تكرر الغفران كلما غضبوا.
والمقصود من هذا معاملة المسلمين بعضِهم مع بعض فلا يعارضه قوله الآتي {والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون} [الشورى: 39] لأن ذلك في معاملتهم مع أعداء دينهم.
{وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}.
هذا موصول آخر وصلة أخرى.
ومدلولهما من أعمال الذين آمنوا التي يدعوهم إليها إيمانهم، والمقصود منها ابتداء هُم الأنصار، كما روي عن عبد الرحمن بن زيد.
ومعنى ذلك أنهم من المؤمنين الذين تأصل فيهم خُلق الشورى.
وأما الاستجابة لله فهي ثابتة لجميع من آمن بالله لأن الاستجابة لله هي الاستجابة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه دعاهم إلى الإسلام مبلِّغًا عن الله فكأنَّ الله دعاهم إليه فاستجابوا لدعوته.
والسين والتاء في {استجابوا} للمبالغة في الإجابة، أي هي إجابة لا يخالطها كراهية ولا تردد.
ولام له للتقوية يقال: استجاب له كما يقال: استجابه، فالظاهر أنه أريد منه استجابة خاصة، وهي إجابة المبادرة مثل أبي بكر وخديجة وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبي وقاص ونقباء الأنصار أصحاب ليلة العقبة.
وجُعلت {وأمرهم شورى بينهم} عطفًا على الصلة.
وقد عرف الأنصار بذلك إذ كان التشاور في الأمور عادتهم فإذا نزل بهم مهمٌّ اجتمعوا وتشاوروا وكان من تشاورهم الذي أثنى الله عليهم به هو تشاورهم حين ورد إليهم نقباؤُهم وأخبروهم بدعوة محمد صلى الله عليه وسلم بعد أن آمنوا هم به ليلة العقبة، فلما أبلغوهم ذلك اجتمعوا في دار أبي أيوب الأنصاري فأجمع رأيهم على الإيمان به والنصر له.
وإذ قد كانت الشورى مفضية إلى الرشد والصواب وكان من أفضل آثارها أن اهتدى بسببها الأنصار إلى الإسلام أثنى الله بها على الإطلاق دون تقييد بالشورى الخاصَّة التي تشاور بها الأنصار في الإيمان وأيُّ أمر أعظم من أمر الإيمان.
والأمر: اسم من أسماء الأجناس العامة مثل: شيء وحادثٍ.
وإضافة اسم الجنس قد تفيد العموم بمعونة المقام، أي جميع أمورهم متشاور فيها بينهم.
والإخبار عن الأمر بأنه شورى من قبيل الإخبار بالمصدر للمبالغة.
والإسناد مجاز عقلي لأن الشورى تسند للمتشاورين، وأما الأمر فهو ظرف مجازي للشورى، ألا ترى أنه يقال: تشاورا في كذا، قال تعالى: {وشاورهم في الأمر} فاجتمع في قوله: {وأمرهم شورى} مجاز عقلي واستعارة تبعية ومبالغة.
والشُورى مصدر كالبُشرى والفُتيا هي أن قاصد عمل يطلب ممن يَظُنّ فيه صوابَ الرأي والتدبير أن يشير عليه بما يراه في حصول الفائدة المرجوّة من عمله، وتقدم الكلام عليها عند قوله تعالى: {وشاورهم في الأمر} في سورة آل عمران (159).
وقوله: {بينهم} ظرف مستقر هو صفة ل {شورى}.
والتشاور لا يكون إلا بين المتشاورين فالوجه أن يكون هذا الظرف إيمَاء إلى أن الشورى لا ينبغي أن تتجاوز من يهمهم الأمر من أهل الرأي فلا يُدخل فيها من لا يهمه الأمر، وإلى أنها سرّ بين المتشاورين قال بشار:
ولا تُشْهد الشورى أمرًا غيرَ كَاتم

وقد كان شيخ الإسلام محمود ابن الخوجة أشار في حديث جرى بيني وبينه إلى اعتبار هذا الإيماء إشارة بيده حين تلا هذه الآية، ولا أدري أذلك استظهار منه أم شيء تلقاه من بعض الكتب أو بعض أساتذته وكلا الأمرين ليس ببعيد عن مثله.
وأثنى الله عليهم بإقامة الصلاة، فيجوز أن يكون ذلك تنويهًا بمكانة الصلاة بأعمال الإيمان، ويجوز أن يكون المراد إقامة خاصة، فإذا كانت الآية نازلة في الأنصار أو كان الأنصار المقصود الأول منها فلعل المراد مبادرة الأنصار بعد إسلامهم بإقامة الجماعة إذ سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يرسل إليهم من يُقرئهم القرآن ويَؤُمهم في الصلاة فأرسل إليهم مُصعب بن عُمَير وذلك قبل الهجرة.
وأثنى عليهم بأنهم ينفقون مِما رزقهم الله، وللأنصار الحظ الأوفر من هذا الثناء، وهو كقوله فيهم {ويؤثرون على أنفسهم ولو كانَ بهم خصاصة} [الحشر: 9].
وذلك أن الأنصار كانوا أصحاب أموال وعمل فلما آمنوا كانوا أول جماعة من المؤمنين لهم أموال يعينون بها ضعفاء المؤمنين منهم ومن المهاجرين الأولين قبل هجرة النبي.
فأما المؤمنون من أهل مكة فقد صادر المشركون أموالهم لأجل إيمانهم، قال النبي «وهل ترك لَنا عَقِيل من دار».
وقوله: {ومما رزقناهم ينفقون} إدماج للامتنان في خلال المدح وإلا فليس الإنفاق من غير ما يرزقه المنفق.
{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39)}.
هذا موصول رابع وصلته خلق أراده الله للمسلمين، والحظ الأول منه للمؤمنين الذين كانوا بمكة قبل أن يهاجرون فإنهم أصابهم بغي المشركين بأصناف الأذى من شتم وتحقير ومصادرة الأموال وتعذيب الذوات فصبروا عليه.
و{البغي}: الاعتداء على الحق، فمعنى إصابتِه إياهم أنه سُلّط عليهم، أي بغي غيرهم عليهم وهذه الآية مقدَّمة لقوله في سورة الحج (39، 40) {أُذِن للذين يقاتَلون بأنهم ظُلموا وإنَّ الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق} فإن سورة الحج نزلت بالمدينة.
وإنما أثنى الله عليهم بأنهم ينتصرون لأنفسهم تنبيهًا على أن ذلك الانتصار ناشىء على ما أصابهم من البغي فكان كل من السبب والمسبب موجِب الثناء لأن الانتصار محمدة دينية إذ هو لدفع البغي اللاحق بهم لأجل أنهم مؤمنون، فالانتصار لأنفسهم رادع للباغين عن التوغل في البغي على أمثالهم، وذلك الردع عون على انتشار الإسلام، إذ يقطع ما شأنه أن يخالج نفوس الراغبين في الإسلام من هَوَاجِس خوفهم من أن يُبغى عليهم.