فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا} [التغابن: 8] {قد جاءكم برهان من ربكم} {وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا} [النساء: 74] وإذا ثبت أن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم أقوى من نور الشمس وجب أن تكون نفسه القدسية أعظم في النورانية من الشمس كما أن الشمس في عالم الأجسام تفيد النور لغيرها ولا تستفيد من غيرها فكذا نفس النبي صلى الله عليه وسلم تفيد الأنوار العقلية لسائر النفوس البشرية ولا تستفيد النور العقلي من شيء من النفوس البشرية، فلذلك وصف الله الشمس بأنها سراج، ووصف محمدًا صلى الله عليه وسلم بأنه سراج، ثم قال: ولمراتب الأنوار في عالم الأرواح مثال، وهو أن ضوء الشمس إذا وصل إلى القمر ثم دخل في كوة بيت ووقع على مرآة منصوبة على حائط ثم انعكس منه إلى طشت مملوء ماء موضوع على الأرض ثم انعكس منه إلى سقف البيت فالنور الأعظم في الشمس التي هي المعدن، وثانيها في القمر، وثالثها في المرآة، ورابعها في الماء، وخامسها في السقف، وكل ما كان أقرب إلى المعدن كان أقوى فكذا الأنوار السماوية لما كانت مترتبة لا جرم كان النور المفيد أشد إشراقًا، ثم تلك الأنوار لا تزال مترتبة حتى تنتهي إلى النور الأعظم والروح الذي هو أعظم الأرواح منزلة عند الله الذي هو المراد بقوله: {يوم يقوم الروح والملائكة صفًا} [النبأ: 38] ثم نقول: إن هذه الأنوار الحسية سفلية كانت كأنوار النيران أو علوية كأنوار فإنها ممكنة لذواتها والممكن لذاته لا يستحق الوجود لذاته بل وجوده من غيره، والعدم هو الظلمة والوجود هو النور، فكل ما سوى الله مظلم لذاته مستنير بإنارة الله تعالى، وكذا جميع معارفها وجودها حاصل من وجود الله تعالى فإن الحق سبحانه هو الذي أظهرها بالوجود بعد أن كانت في ظلمات العدم، وأفاض عليها أنوار المعارف بعد أن كانت في ظلمات الجهالة، فلا ظهور لشيء من الأشياء إلا بإظهاره، وخاصة النور إعطاء الإظهار والتجلي والانكشاف، وعند هذا يظهر أن النور المطلق هو الله سبحانه وإن إطلاق النور على غيره مجاز، وكل ما سوى الله من حيث هو هو ظلمة محضة لأنه من حيث أنه ممكن عدم محض بل الأنوار إذا نظر إليها من حيث هي هي فهي ظلمات لأنها من حيث هي هي ممكنات، والممكن من حيث هو هو معدوم، والمعدوم مظلم، فالنور إذا نظر من حيث هو ممكن مظلم، فأما إذا التفت إليها من حيث أن الحق سبحانه أفاض عليها نور الوجود بهذا الاعتبار صارت أنوارًا فثبت أنه سبحانه هو النور وأن كل ما سواه ليس بنور، وأضاف النور إلى الخافقين في قوله: {نور السماوات والأرض} لأنهما مشحونتان بالأنوار العقلية والأنوار الحسية، أما الحسية فما نشاهده في السماوات من الكواكب وغيرها، وفي الأرض من الأشعة المنبسطة على سطوح الأجسام حتى ظهرت بها الألوان المختلفة، ولولاها لما كان للألوان ظهور بل وجود، وأما الأنوار العقلية فالعالم الأعلى مشحون بها وهي جواهر الملائكة، والعالم الأدنى مشحون بها وهي القوى النباتية والحيوانية والإنسانية، وبالنور الإنساني السفلي ظهر نظام العالم الأسفل كما أنه بالنور الملكي ظهر نظام العالم العلوي وإذا عرفت هذا عرفت أن العالم بأسره مشحون بالأنوار البصرية الظاهرة والعقلية الباطنة، ثم عرفت أن السفلية فائضة بعضها من بعض فيضان النور من السراج والسراج هو الروح النبوي ثم إن الأنوار القدسية مقتبسة من الأنوار العلوية اقتباس السراج من النور وإن العلويات مقتبسة بعضها من بعض وإن بينها ترتيبًا في الغايات، ثم ترتقي جملتها إلى نور الأنوار ومعدنها ومنبعها الأول، وذلك هو الله وحده لا شريك له، فإذا الكل نوره، ثم قال: قال الإمام الغزالي: قد تبين أن القوى المدركة أنوار.
ومراتب القوة المدركة الإنسانية خمسة، أحدهما القوة الحساسة وهي التي تتلقى ما تورده الحواس الخمس، وكأنها أصل الروح الحيواني إذ بها يصير الحيوان حيوانًا، وهي موجودة للصبي والرضيع وثانيها القوة الخيالية وهي التي تسبب ما أوردته الحواس وتحفظه مخزونًا عندها لتعرضه عن القوة العقلية عند الحاجة إليه، وثالثها القوة العقلية المدركة للحقائق الكلية، ورابعها القوة الفكرية وهي التي تأخذ المعارف العقلية فتؤلفها تأليفًا تستنتج منه علمًا بالمجهول، وخامسها القوة القدسية التي يختص بها الأنبياء وبعض الأولياء، وتنجلي فيها لوائح الغيب وأسرار الملكوت، وإليه إشار قوله: {وكذلك أوحينا إليك روحًا من أمرنا} الآية، وإذا عرفت هذه القوى فهي بجملتها أنوار إذ بها تظهر أصناف الموجودات، وهذه المراتب الخمس يمكن تشبيهها بالأمور الخمسة التي ذكرها الله في المشكاة والزجاجة والمصباح والشجرة والزيت، أما الروح الحساس فإذا نظرت إلى خاصته وجدت أنواره خارجة من ثقب كالعينين والأذنين والمنخرين، فأرفق مثال له من عالم الأجسام المشكاة، وأما الثاني وهو الروح الخيالي فله خواص ثلاثة: الأول أنه من طينة العالم السفلي الكثيف لأن الشيء المتخيل ذو شكل وحيز، ومن شأن العلائق الجسمانية أن تحجب عن الأنوار العقلية المحضة، والثاني أن هذا الخيال الكثيف إذا صفا ورق صار موازنًا للمعارف العقلية ومؤديًا لأنوارها، ولذلك يستدل المعبر بالصور الخيالية على المعاني العقلية كما يستدل بالشمس على الملك، وبالقمر على الوزير، وبختم فروج الناس وأفواهم على الأذان قبل الصبح، والثالث أن الخيال في البداية محتاج إليه لتضبط به المعارف العقلية ولا تضطرب، وأنت لا تجد شيئًا في الأجسام يشبه الخيال في هذه الصفات إلا الزجاجة فإنها في الأصل من جوهر كثيف ولكن صفا ورق حتى صار لا يحجب نور المصباح بل يؤديه على وجهه ثم يحفظه من الانطفاء بالزجاج.
وأما الثالث وهو القوة العقلية القوية على إدراك الماهيات الكلية والمعارف الإلهية فلا يخفى عليك وجه تمثيله بالمصباح، وأما الرابع وهو القوة الفكرية فمن خاصيتها أنها تأخذ ماهية واحدة ثم تقسمها إلى قسمين كقولنا: الموجود إما واجب وإما ممكن، ثم تجعل كل قسم قسمين، وهكذا إلى أن تنتهي إلى ما لا يقبل القسمة، ثم تنتهي بالآخرة إلى نتائج هي ثمرتها، فبالحري أن يكون مثاله من هذا العالم الشجرة وإذا كانت ثمارها مادة لتزايد أنوار المعارف وبيانها فبالحري أن لا تمثل بشجرة السفرجل والتفاح بل بشجرة الزيتون خاصة لأن لب ثمرتها هو الزيت الذي هو مادة المصابيح وله من بين سائر الأدهان خاصة زيادة الإشراق وقلة الدخان، وإذا كانت الماشية التب يكثر درها ونسلها والشجرة التي تكثر ثمرتها تسمى مباركة فالتي لا نهاية لمنفعتها وثمرتها أولى أن تسمى شجرة مباركة، وإذا كانت شعب الأفكار العقلية المحضة مجردة عن لواحق الأجسام، فبالحري أن لا تكون شرقية ولا غربية، وأما الخامس وهو القوة القدسية النبوية فهي في نهاية الشرف والصفاء، فإن القوة الفكرية تنقسم إلى ما تحتاج إلى تعليم وإلى ما لا يحتاج إليه، ولا بد من وجود هذا القسم دفعًا للتسلسل فبالحري أن يعبر عن هذا القسم لكماله وصفاته بأنه يكاد زيته يضيء ولو لم تمسه نار، فهذا المثال موافق لهذه الأقسام، وهذه الأنوار مرتبة بعضها على بعض، فالحس هو الأول وهو كالمقدمة للخيال، والخيال كالمقدمة للعقل- انتهى كلام الغزالي رحمه الله تعالى عن نقل الأصفهاني في تفسيره عنه- والله أعلم.
ولما كان المعنى بناء على ما تقدم من صفة الروح الإلهي: فهديناك به، عطف عليه قوله تعالى: {وإنك لتهدي} أي تبين وترشد، وأكده لإنكارهم ذلك {إلى صراط} أي طريق واضح جدًّا، وإن عانيت في البيان مشقة بنفسك وبالوسائط بما أفادته التعدية بـ: (إلى) فيفهم من ذلك أنه يهدي للصراط بدون ذلك من العناية لمن يسر الله أمره ويهدي الصراط لمن هو أعظم توفيقًا من ذلك {مستقيم} أي شديد التقوم لأنه كأنه يريد أن يقوم نفسه فهو بعد وجود تقومه حافظ لها من أدنى خلل، وهو كل ما دعا إليه من خصال هذا الدين الحنيف الذي هو ملة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، ثم أبدل منه تعظيمًا لشأنه قوله بدل كل من كل معرفة من نكرة لافتًا القول من مظهر العظمة إلى أعظم منه إشارة إلى جلالة هذا الصراط بما فيه من مجامع الرحمة والنقمة ترغيبًا وترهيبًا: {صراط الله} أي الملك الأعظم الجامع لصفات الكمال، ثم وصفه بأنه مالك لما افتتح هذا الكلام بأن له ملكه فقال: {الذي له} ملك {ما في السماوات} أي هو جميع السماوات التي هي في عرشه والأرض لأنها في السماوات وما في ذلك من المعاني والأعيان {وما في الأرض}.
ولما أخبر سبحانه أنه المخترع لجميع الأشياء والمالك لعالمي الغيب والشهادة والخلق والأمر وأنه المتفرد بالعظمة كلها، وكان مركوزًا في العقول مغروزًا في الفطر أن من ابتدأ شيئًا وليس له كفوء قادر على إعادته وأن يكون مرجع أمره كله إليه، فلذلك كانت نتيجة جميع ما مضى على سبيل المناداة على المنكرين لذلك وعدًا ووعيدًا لأهل الطاعة والمعصية بناء على ما تقديره: كيف يكون له ما ذكر على سبيل الدوام ونحن نرى لغيره أشياء كثيرة تضاف إليه ويوقف تصريفها والتصرف فيها عليه: {ألا إلى الله} أي المحيط بجميع صفات الكمال الذي تعالى عن مثل أو مدان وهو الكبير المتعالى، لا إلى أحد غيره {تصير} أي على الدوام وإن كانت في الظاهر في ملك غيره بحيث يظن الجاهل أن ملكها مستقر له، قال أبو حيان: أخبر بالمضارع والمراد به الديمومة كقوله: زيد يعطي ويمنع أي من شأنه ذلك ولا يراد به حقيقة المستقبل: {الأمور} أي كلها من الخلق والأمر معنىً وحسًا خفيًا في الدنيا بما نصب من الحكام وجعل بين الناس من الأسباب، وجليًا فيما وراءها حيث قطع ذلك جميعه وحده العزيز الحكيم العلي العظيم، فقد رجع آخر السورة على أولها، وانعطف مفصلها على موصلها، واتصل من حيث كونه في الوحي الهادي في أول الزخرف على أتم عادة لهذا الكتاب المنير من اتصال الخواتم فيه بالبوادي والروائح بالغوادي- والله أعلم بالصواب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

ولما بيّن الله تعالى كيفية أقسام الوحي إلى الأنبياء عليهم السلام، قال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مّنْ أَمْرِنَا} والمراد به القرآن وسماه روحًا، لأنه يفيد الحياة من موت الجهل أو الكفر.
ثم قال تعالى: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان} واختلف العلماء في هذه الآية مع الإجماع على أنه لا يجوز أن يقال الرسل كانوا قبل الوحي على الكفر، وذكروا في الجواب وجوهًا الأول: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب} أي القرآن {وَلاَ الإيمان} أي الصلاة، لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إيمانكم} [البقرة: 143] أي صلاتكم الثاني: أن يحمل هذا على حذف المضاف، أي ما كنت تدري ما الكتاب ومن أهل الإيمان، يعني من الذي يؤمن، ومن الذي لا يؤمن الثالث: ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان حين كنت طفلًا في المهد الرابع: الإيمان عبارة عن الإقرار بجميع ما كلف الله تعالى به، وإنه قبل النبوّة ما كان عارفًا بجميع تكاليف الله تعالى، بل إنه كان عارفًا بالله تعالى، وذلك لا ينافي ما ذكرناه الخامس: صفات الله تعالى على قسمين: منها ما يمكن معرفته بمحض دلائل العقل، ومنها ما لا يمكن معرفته إلا بالدلائل السمعية.
فهذا القسم الثاني لم تكن معرفته حاصلة قبل النبوّة.
ثم قال تعالى: {ولكن جعلناه نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا} واختلفوا في الضمير في قوله: {ولكن جعلناه} منهم من قال إنه راجع إلى القرآن دون الإيمان لأنه هو الذي يعرف به الأحكام، فلا جرم شبه بالنور الذي يهتدي به، ومنهم من قال إنه راجع إليهما معًا، وحسن ذلك لأن معناهما واحد كقوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْاْ تجارة أَوْ لَهْوًا انفضوا إليها} [الجمعة: 11].
ثم قال: {نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا} وهذا يدل على أنه تعالى بعد أن جعل القرآن نفسه في نفسه هدىً كما قال: {هُدًى لّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] فإنه قد يهدي به البعض دون البعض وهذه الهداية ليست إلا عبارة عن الدعوة وإيضاح الأدلة لأنه تعالى قال في صفة محمد صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} وهو يفيد العموم بالنسبة إلى الكل وقوله: {نَّهْدِي بِهِ مَن نَشَاء مِنْ عِبَادِنَا} يفيد الخصوص فثبت أن الهداية بمعنى الدعوة عامة والهداية في قوله: {نَّهْدِي بِهِ مَن نَشَاء مِنْ عِبَادِنَا} خاصة والهداية الخاصة غير الهداية العامة فوجب أن يكون المراد من قوله: {نَّهْدِى بِهِ مَن نَشَاء مِنْ عِبَادِنَا} أمرًا مغايرًا لإظهار الدلائل ولإزالة الأعذار، ولا يجوز أيضًا أن يكون عبارة عن الهداية إلى طريق الجنّة لأنه تعالى قال: {ولكن جعلناه نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَشَاء مِنْ عِبَادِنَا} أي جعلنا القرآن نورًا نهدي به من نشاء، وهذا لا يليق إلا بالهداية التي تحصل في الدنيا، وأيضًا فالهداية إلى الجنّة عندكم في حق البعض واجب، وفي حق الآخرين محظور، وعلى التقديرين فلا يبقى لقوله: {مَن نَشَاء مِنْ عِبَادِنَا} فائدة، فثبت أن المراد أنه تعالى يهدي من يشاء ويضل من يشاء ولا اعتراض عليه فيه.
ثم قال تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} فبيّن تعالى أنه كما أن القرآن يهدي فكذلك الرسول يهدي، وبيّن أنه يهدي إلى صراط مستقيم وبيّن أن ذلك الصراط هو {صراط الله الذي لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} نبّه بذلك على أن الذي تجوز عبادته هو الذي يملك السماوات والأرض، والغرض منه إبطال قول من يعبد غير الله.
ثم قال: {أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الأمور} وذلك كالوعيد والزجر، فبيّن أن أمر من لا يقبل هذه التكاليف يرجع إلى الله تعالى، أي إلى حيث لا حاكم سواه فيجازي كلًا منهم بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
قال رضي الله عنه: تمّ تفسير هذه السورة آخر يوم الجمعة الثامن من شهر ذي الحجة سنة ثلاث وستمائة، يا مدبر الأمور، ويا مدهر الدهور ويا معطي كل خير وسرور، ويا دافع البلايا والشرور، أوصلنا إلى منازل النور، في ظلمات القبور، بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}.
فيه أربع مسائل:
الأولى قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} أي وكالذي أوحينا إلى الأنبياء من قبلك أوحينا إليك {رُوحًا} أي نبوة؛ قاله ابن عباس.
الحسن وقتادة: رحمة من عندنا.
السُّدّي: وحْيًا.
الكلبي: كتابًا.
الربيع: هو جبريل.
الضحاك: هو القرآن.
وهو قول مالك بن دينار.
وسماه روحًا لأن فيه حياةً من موت الجهل.
وجعله من أمره بمعنى أنزله كما شاء على من يشاء من النظم المعجز والتأليف المعجب.
ويمكن أن يحمل قوله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الروح} [الإسراء: 85] على القرآن أيضًا {قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85] أي يسألونك من أين لك هذا القرآن، قل إنه من أمر الله أنزله عليّ معجزًا؛ ذكره القُشَيْري.
وكان مالك بن دينار يقول: يا أهل القرآن، ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع القلوب كما أن الغيث ربيع الأرض.
الثانية قوله تعالى: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الكتاب وَلاَ الإيمان} أي لم تكن تعرف الطريق إلى الإيمان.
وظاهر هذا يدل على أنه ما كان قبل الإيحاء متصفًا بالإيمان.
قال القُشَيري: وهو من مجوّزات العقول، والذي صار إليه المعظم أن الله ما بعث نبيًّا إلا كان مؤمنًا به قبل البعثة.