فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واستشكلت الآية بأن ظاهرها يستدعي عدم الاتصاف بالإيمان قبل الوحي ولا يصح ذلك لأن الأنبياء عليهم السلام جميعًا قبل البعثة مؤمنون لعصمتهم عن الكفر بإجماع من يعتد به، وأجيب بعدة أجوبة، الأول: أن الإيمان هنا ليس المراد به التصديق المجرد بل مجموع التصديق والإقرار والإعمال فإنه كما يطلق على ذلك يطلق على هذا شرعًا، ومنه قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الله لِيُضِيعَ إيمانكم} [البقرة: 143] والأعمال لا سبيل إلى درايتها من غير سمع فهو مركب والمركب ينتفي بانتفاء بعض أجزائه فلا يلزم من انتفاء الإيمان المركب بانتفاء الأعمال انتفاء الإيمان بالمعنى الآخر أعني التصديق وهو الذي أجمع العلماء على اتصاف الأنبياء عليهم السلام به قبل البعثة، ولذا عبر بتدري دون أن يقال: لم تكن مؤمنًا وهو جواب حسن ولا يلزمه نفي الإيمان عمن لا يعمل الطاعات ليكون القول به اعتزالًا كما لا يخفى.
الثاني: أن الإيمان إنما يعني به التصديق بالله تعالى وبرسوله عليه الصلاة والسلام دون التصديق بالله عز وجل ودون ما يدخل فيه الأعمال والنبي صلى الله عليه وسلم مخاطب بالإيمان برسالة نفسه كما أن أمته صلى الله عليه وسلم مخاطبون بذلك، ولا شك أنه قبل الوحي لم يكن عليه الصلاة والسلام يعلم أنه رسول الله وما علم ذلك إلا بالوحي فإذا كان الإيمان هو التصديق بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولم يكن هذا المجموع ثابتًا قبل الوحي بل كان الثابت هو التصديق بالله تعالى خاصة المجمع على اتصاف الأنبياء عليهم السلام به قبل البعثة استقام نفي الإيمان قبل الوحي وإلى هذا ذهب ابن المنير.
الثالث: أن المراد شرائع الإيمان ومعالمه مما لا طريق إليه إلا السمع وإليه ذهب محي السنة البغوي وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل الوحي على دين إبراهيم عليه السلام ولم تتبين له عليه الصلاة والسلام شرائع دينه، ولا يخفى أنه إذا لم يعتبر كون الكلام على حذف مضاف يلزمه إطلاق الإيمان على الأعمال وحدها وهو خلاف المعروف.
الرابع: أن الكلام على تقدير مضاف فقيل التقدير دعوة الإيمان أي ما كنت تدري كيف تدعو الخلق إلى الإيمان وإليه يشير كلام أبي العالية.
وقال الحسين بن الفضل: أي أهل الإيمان أي لا تدري من الذي يؤمن، وأنت تدري أنه لا يرتضي هذا إلا من لا يدري.
الخامس: المراد نفي دراية المجموع أي ما كنت تدري قبل الوحي مجموع الكتاب والإيمان فلا ينافي كونه صلى الله عليه وسلم كان يدري الإيمان وحده ويأباه إعادة {لا} السادس: أن المراد ما كنت تدري ذلك إذ كنت في المهد وإليه ذهب علي بن عيسى وهو خلاف الظاهر، والظاهر أن المراد استمرار النفي إلى زمن الوحي، وظاهر كلام الكشف يميل إلى اعتبار نحو ذلك القيد قال: لعل الأشبه أن الإيمان على ظاهره والآية واردة في معرض الامتنان والإيحاء يشمل الإلقاء في الروع وإرسال الرسول فالإيمان عرفه بالأول والكتاب بالثاني على أن الآية تدل على أنه صلى الله عليه وسلم عرفهما بعد أن لم يكن عارفًا وهو كذلك أما أنه عليه الصلاة والسلام عرفهما بعد الوحي فلا فجاز أن يعرفهما به وجاز أن يعرف واحدًا منهما معينًا به.
وقد دل الدليل على أن المعرف به هو الكتاب والإيمان بعد العقل وقبل الوحي، والتمسك به على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدًا بشرع من قبله ضعيف لأن عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد بل يلزمه سقوط الإثم إن لم يكن تقصيرًا انتهى.
وأنت تعلم أن المتبادر أنه عليه الصلاة والسلام عرفهما بعد الوحي، وأما قوله قدس سره في تضعيف التمسك بذلك على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدًا بشرع من قبله أن عدم الدراية لا يلزمه عدم التعبد فقد قيل عليه: إنه ساقط لأنه عليه الصلاة والسلام إذا لم يدر شرعًا فكيف يتعبد به، وقد يجاب بأن مراد المدقق أن الدراية المنفية الدراية بمعنى العلم الجازم الثابت المطابق للواقع وعدمها لا يلزمه عدم التعبد إذ يكفي في التعبد بشرع من قبله عليه الصلاة والسلام الظن الراجح ثبوته فلعله كان حاصلًا له صلى الله عليه وسلم.
ومثل هذا الظن يكفي للمتعبدين اليوم بشرع نبينًا عليه الصلاة والسلام فإن أكثر الفروع ظنية، ومن يتتبع الأخبار يعلم أن العرب لم يزالوا على بقايا من دين إبراهيم عليه السلام من الحج والختان وإيقاع الطلاق والغسل من الجنابة وتحريم ذوات المحارم بالقرابة والصهر وغير ذلك وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحرص الناس على اتباع دين إبراهيم عليه السلام.
وفي (الصحيح) أنه صلى الله عليه وسلم كان أي قبل البعثة يتحنث بغار حراء، وفسر التحنث بالتحنف أي اتباع الحنيفية وهي دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والفاء تبدل ثاء في كثير من كلامهم وفي رواية ابن هشام في السير يتحنف بالفاء بدل الثاء، نعم فسر أيضًا بالتعبد كما في (صحيح البخاري) وباتقاء الحنث أي الإثم كالتحرج والتأثم وكل ذلك مما ذكره الحافظ القسطلاني في شرح الصحيح.
ثم إن الظاهر أن من قال: إنه صلى الله عليه وسلم كان متعبدًا بشرع من قبله ليس مراده أنه عليه الصلاة والسلام كان متعبدًا بجميع شرع من قبله بل بما ترجح عنده صلى الله عليه وسلم ثبوته.
والذي ينبغي أن يرجح كون ذلك من شرع إبراهيم عليه السلام لأنه من ذريته عليهما الصلاة والسلام وقد كلفت العرب بدينه.
وقال بعضهم: إن عبادته صلى الله عليه وسلم التفكر والاعتبار، ولعله أيضًا مما ترجح عنده عليه الصلاة والسلام كونه من شريعته عليه السلام وربما يقال: بما علمه صلى الله عليه وسلم لا على ذلك الوجه من شرع من قبله أنه صلى الله عليه وسلم لم يزل موحى إليه وأنه عليه الصلاة والسلام متعبد بما يوحي إليه إلا أن الوحي السابق على البعثة كان إلقاء ونفثًا في الروع وما عمل بما كان من شرائع أبيه إبراهيم عليهما الصلاة والسلام إلا بواسطة ذلك الإلقاء وإذا كان بعض إخوانه من الأنبياء عليهم السلام قد أوتي الحكم صبيًا ابن سنتين أو ثلاث فهو عليه الصلاة والسلام أولى بأن يوحى إليه ذلك النوع من الإيحاء صبيًا أيضًا.
ومن علم مقامه صلى الله عليه وسلم وصدق بأنه الحبيب الذي كان نبيًّا وآدم بين الماء والطين لم يستبعد ذلك فتأمل.
{ولكن جعلناه} أي الروح الذي أوحيناه إليك، وقال ابن عطية: الضمير للكتاب، وقيل: للإيمان ورجح بالقرب، وقيل: للكتاب والإيمان ووحد لأن مقصدهما واحد فهو نظير {والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ} [التوبة: 62].
{نُورًا} عظيمًا {نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَاء} هدايته {مّنْ عِبَادِنَا} وهو الذي يصرف اختياره نحو الاهتداء به والجملة إما مستأنفة أو صفة {نُورًا} وقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِى} تقرير لهدايته، وبيان لكيفيتها، ومفعول {لَتَهْدِى} محذوف ثقة بغاية الظهور أي وإنك لتهدي بذلك النور من تشاء هدايته {إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ} وهو الإسلام وسائر الشرائع والأحكام؛ وقرأ ابن السميقع {لَتَهْدِى} بضم التاء وكسر الدال من أهدى، وقرأ حوشب {لَتَهْدِى} مبنيًا للمفعول أي ليهديك الله وقرئ {لتدعو}.
{صراط الله} بدل من الأول وإضافته إلى الاسم الجليل ثم وصفه بقوله تعالى: {الذي لَهُ مَا في السماوات وَمَا فِي الأرض} لتفخيم شأنه وتقرير استقامته وتأكيد وجوب سلوكه فإن كون جميع ما فيهما من الموجودات له تعالى خلفًا وملكًا وتصرفًا مما يوجب ذلك أتم إيجاب.
{أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الامور} أي أمور من فيهما قاطبة لا إلى غيره تعالى وذلك بارتفاع الوسائط يوم القيامة ففيه من الوعد للمهتدين إلى الصراط المستقيم والوعيد للضالين عنه ما لا يخفى، وصيغة المضارع على ما قررنا على ظاهرها من الاستقبال، وقال في (البحر): المراد بها الاستمرار كما في زيد يعطي أي من شأنه ذلك، والأول أظهر والله تعالى أعلم. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}.
عطف على جملة {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا حَكِيمٌ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الكتاب وَلاَ الإيمان ولكن جعلناه نُورًا نَّهْدِى بِهِ مَن نَشَاء مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 51] الآية، وهذا دليل عليهم أن القرآن أُنزل من عند الله أعقب به إبطال شبهتهم التي تقدم لإبطالها قوله: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيًا} الآية، أي كان وحينا إليك مثلَ كلامنا الذي كلّمنا به من قبلك على ما صُرح به في قوله تعالى: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيئين من بعده} [النساء: 163].
والمقصود من هذا هو قوله: {ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان}.
والإشارة إلى سابق في الكلام وهو المذكور آنفًا في قوله: {وما كان لبشرٍ أن يكلمه الله إلا وحيًا} [الشورى: 51] الآية، أي ومثل الذي ذكر من تكليم الله وَحْيُنا إليك رُوحًا من أمرنا، فيكون على حد قول الحارث بن حلزة:
مِثْلَها تَخْرُج النصيحةُ للقوم ** فَلاَةً من دونها أفْلاَء

أي مثل نصيحتنا التي نصحناها للملك عمرو بن هند تكون نصيحة الأقوام بعضهم لبعض لأنها نصيحة قرابة ذوي أرحام.
ويجوز أن تكون الإشارة إلى ما يأتي من بعدُ وهو الإيحاء المأخوذُ من {أوحينا إليك}، أي مثل إيحائنا إليك أوحينا إليك، أي لو أريد تشبيه إيحائنا إليك في رفعة القدر والهُدَى ما وجد له شَبيه إلا نفسُه على طريقة قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمةً وسَطًا} كما تقدم في سورة البقرة (143).
والمعنى: إنّ ما أوحينا إليك هو أعزّ وأشرف وحي بحيث لا يماثله غيره.
وكلا المعنيين صالح هنا فينبغي أن يكون كلاهما مَحْمَلًا للآية على نحو ما ابتكرناه في المقدمة التاسعة من هذا التفسير.
ويؤخذ من هذه الآية أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قد أعطي أنواع الوحي الثلاثة، وهو أيضًا مقتضى الغرض من مساق هذه الآيات.
والروح: ما به حياة الإنسان، وقد تقدم عند قوله تعالى: {ويسألونك عن الرّوح} في سورة الإسراء (85).
وأطلق الروح هنا مجازًا على الشريعة التي بها اهتداء النفوس إلى ما يعود عليهم بالخير في حياتهم الأولى وحياتهم الثانية، شبهت هداية عقولهم بعد الضلالة بحلول الروح في الجسد فيصير حَيًّا بعد أن كان جُثّة.
ومعنى {من أمرنا} مما استأثرنا بخلقه وحجبناه عن النّاس فالأمر المضاف إلى الله بمعنى الشأن العظيم، كقولهم: أمِرَ أمْر فلان، أي شأنه، وقوله تعالى: {بإذن ربّهم من كل أمر} [القدر: 4].
والمراد بالروح من أمر الله: ما أوحي به إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الإرشاد والهداية سواء كان بتلقين كلام معين مأمور بإبلاغه إلى النّاس بلفظه دون تغيّر وهو الوحي القرآني المقصود منه أمران: الهداية والإعجاز، أم كان غير مقيد بذلك بل الرّسول مأمور بتبليغ المعنى دون اللّفظ وهو ما يكون بكلام غير مقصود به الإعجاز، أو بإلقاء المعنى إلى الرّسول بمشافهة المَلككِ، وللرّسول في هذا أن يتصرف من ألفاظ ما أُوحي إليه بما يريد التعبير به أو برؤيا المنام أو بالإلقاء في النّفس كما تقدم.
واختتام هذه السورة بهذه الآية مع افتتاحها بقوله: {كذلك أوحينا إليك} [الشورى: 7] الآية فيه محسن ردّ العجز على الصدر.
وجملة {ما كنت تدري ما الكتاب} في موضع الحال من ضمير {أوحينا} أي أوحينا إليك في حال انتفاء علمك بالكتاب والإيمان، أي أفضنا عليك موهبة الوحي في حال خلوّك عن علم الكتاب وعِلم الإيمان.
وهذا تحدَ للمعاندين ليتأملوا في حال الرّسول صلى الله عليه وسلم فيعلموا أن ما أوتيه من الشريعة والآداب الخُلقية هو من مواهب الله تعالى التي لم تسبق له مزاولتها، ويَتضمن امتنانًا عليه وعلى أمته المسلمين.
ومعنى عدم دراية الكتاب: عدم تعلق علمه بقراءة كتاب أو فهمه.
ومعنى انتفاء دراية الإيمان: عدم تعلق علمه بما تحتوي عليه حقيقة الإيمان الشرعي من صفات الله وأصول الدين وقد يطلق الإيمان على ما يرادف الإسلام كقوله تعالى: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} [البقرة: 143] وهو الإيمان الذي يزيد وينقص كما في قوله تعالى: {ويزداد الذين آمنوا إيمانًا} [المدثر: 31].
فيزاد في معنى عدم دراية الإيمان انتفاء تعلق علم الرّسول صلى الله عليه وسلم بشرائع الإسلام.
فانتفاء درايته بالإيمان مثل انتفاء درايته بالكتاب، أي انتفاء العلم بحقائقه ولذلك قال: {ما كنت تدري} ولم يقل: ما كنت مؤمنًا.
وكلا الاحتمالين لا يقتضي أن الرّسول صلى الله عليه وسلم لم يكن مؤمنًا بوجود الله ووحدانية إلهيته قبل نزول الوحي عليه إذ الأنبياء والرّسل معصومون من الشرك قبل النبوءة فهم مُوحّدُون لله ونابذون لعبادة الأصنام، ولكنهم لا يعلمون تفاصيل الإيمان، وكان نبيئنا صلى الله عليه وسلم في عهد جاهلية قومه يعلم بطلان عبادة الأصنام، وإذ قد كان قومه يشركون مع الله غيره في الإلهية فبطلان إلهية الأصنام عنده تمحِّضه لإفراد الله بالإلهية لا محالة.
وقد أخبر بذلك عن نفسه فيما رواه أبو نعيم في (دلائل النبوءة) عن شداد بن أوس وذكره عياض في (الشفاء) غير معزو: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمّا نَشَأت أي عقلت بُغِّضَتَ إليَّ الأوْثانُ وبُغض إليَّ الشعرُ، ولم أهِمَّ بشيء مما كانت الجاهلية تفعله إلا مرتين فعصمني الله منهما ثم لم أَعُدْ».
وعلى شدة منازعة قريش إياه في أمر التوحيد فإنهم لم يحاجُّوه بأنه كان يعبد الأصنام معهم.
وفي هذه الآية حجة للقائلين بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدًا قبل نبوءته بشرع.
وإدْخال {لا} النافية في قوله: {ولا الإيمان} تأكيد لنفي درايته إيّاه، أي ما كنت تدري الكتاب ولا الإيمان، للتنصيص على أن المنفي دراية كل واحدٍ منهما.
وقوله: {ولكن جعلناه نورًا} عطف على جملة {ما كنت تدري ما الكتاب}.
وضمير {جعلناه} عائد إلى الكتاب في قوله: {ما كنت تدري ما الكتاب}.
والتقدير: وجعلنا الكتاب نورًا.
وأقحم في الجملة المعطوفة حرف الاستدراك للتنبيه على أن مضمون هذه الجملة عكس مضمون جملة {ما كنت تدري ما الكتاب}.
والاستدراك ناشىء على ما تضمنته جملة {ما كنت تدري ما الكتاب} لأن ظاهر نفي دراية الكتاب أن انتفاءها مستمر فاستدرك بأن الله هداه بالكتاب وهدى به أمته، فالاستدراك واقع في المحزّ.
والتقدير: ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ثم هديناك بالكتاب ابتداء وعرفناك به الإيمان وهَدَيت به النّاس ثانيًا فاهتدى به من شئنا هدايته، أي وبقي على الضلال من لم نشأ له الاهتداء، كقوله تعالى: {يضلّ به كثيرًا ويهدي به كثيرًا} [البقرة: 26].