فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وشبه الكتاب بالنّور لمناسبة الهَدي به لأن الإيمان والهُدى والعلم تشبَّه بالنور، والضلال والجهل والكفر تشبه بالظلمة، قال تعالى: {يخرجهم من الظلمات إلى النّور} [البقرة: 257].
وإذا كان السائر في الطريق في ظلمة ضل عن الطريق فإذا استنار له اهتدى إلى الطريق، فالنّور وسيلة الاهتداء ولكن إنما يَهتدي به من لا يكون له حائل دون الاهتداء وإلا لم تنفعه وسيلة الاهتداء ولذلك قال تعالى: {نهدي به من نشاء من عبادنا}، أي نَخلُق بسببه الهداية في نفوس الذين أعددناهم للهُدى من عبادنا.
فالهداية هنا هداية خاصة وهي خلق الإيمان في القلب.
{عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لتهدى إلى صراط} {مُّسْتَقِيمٍ صراط الله الذي لَهُ مَا في السماوات وَمَا في الأرض أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ الامور}.
أي نهدي به من نشاء بدعوتك وواسطتك فلما أثبت الهديَ إلى الله وجعل الكتاب سببًا لتحصيل الهداية عطف عليه وساطةَ الرّسول في إيصال ذلك الهدي تنويهًا بشأن الرّسول صلى الله عليه وسلم فجملة {وإنك لتهدي} عطف على جملة {نهدي به من نشاء من عبادنا}.
وفي الكلام تعريض بالمشركين إذ لم يهتدوا به وإذ كبر عليهم ما يدعوهم إليه مع أنه يهديهم إلى صراط مستقيم.
والهداية في قوله: {وإنك لتهدي} هداية عامة.
وهي: إرشاد النّاس إلى طريق الخير فهي تخالف الهداية في قوله: {نهدي به من نشاء}.
وحذف مفعول {لتهدي} للعموم، أي لتهدي جميع النّاس، أي ترشدهم إلى صراط مستقيم، وهذا كقوله: {وهديناه النجدين فلا اقتحم العقبة} [البلد: 10، 11].
وتأكيد الخبر بـ (إنَّ) للاهتمام به لأن الخبر مستعمل في تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة له بهذا المقام العظيم فالخبر مستعمل في لازم معناه، على أنه مستعمل أيضًا للتعريض بالمنكرين لِهَدْيِهِ فيكون في التأكيد ملاحظة تحقيقه وإبطال إنكارهم.
فكما أن الخبر مستعمل في لازمين من لوازم معناه فكذلك التأكيدُ بـ (إنَّ) مستعمل في غرضين من أغراضه، وكلا الأمرين مما ألحق باستعمال المشترك في معنييه.
وتنكير {صراط} للتعظيم مثل تنكير (عظمٍ) في قول أبي خراش:
فلا وأبي الطير المُرِبَّة في الضحى ** على خالد لقد وقعن على عَظْم

ولأن التنكير أنسب بمقام التعريض بالذين لم يأبهوا بهدايته.
وعُدل عن إضافة {صراط} إلى اسم الجلالة ابتداء لقصد الإجمال الذي يعقبه التفصيل بأن يُبْدل منه بعد ذلك {صراط الله} ليتمكن بهذا الأسلوب المعنى المقصود فَضْلَ تمكُّن على نحو قوله: {اهدنا الصراط المستقيم صراطَ الذين أنعمت عليهم} [الفاتحة: 6، 7].
وإجراء وصف اسم الجلالة باسم الموصول وصلته للإيماء إلى أن سبب استقامة الصراط الذي يهدي إليه النبي بأنه صراط الذي يملك ما في السماوات وما في الأرض فلا يعْزب عنه شيء مما يليق بعباده، فلما أرسَل إليهم رسولًا بكتاب لا يُرتاب في أن ما أرسل لهم فيه صلاحُهم.
{الأرض أَلاَ إِلَى الله تَصِيرُ}.
تذييل وتنهية للسورة بختام ما احتوت عليه من المجادلة والاحتجاج بكلام قاطع جامع منذر بوعيد للمعرضين فاجع ومبشر بالوعد لكل خاشع.
وافتتحت الجملة بحرف التنبيه لاسترعاء أسماع النّاس.
وتقديم المجرور لإفادة الاختصاص، أي إلى الله لا إلى غيره.
و{المصير}: الرّجوع والانتهاء، واستعير هنا لظهور الحقائق كما هي يومَ القيامة فيَذهَب تلبيس الملبسين، ويَهِن جبروت المتجبرين، ويقرّ بالحق من كان فيه من المعاندين، وهذا كقوله تعالى: {وإلى الله عاقبة الأمور} [لقمان: 22] وقوله: {وإليه يرجع الأمر كله} [هود: 123].
والأمور: الشؤون والأحوال والحقائق وكل موجود من الذوات والمعاني.
وقد أخذَ هذا المعنى الكميت في قوله:
فالآن صِرتُ إلى أميـ ** ـية والأمورُ إلى مَصائر

وفي تنهية السورة بهذه الآية محسن حُسن الختام. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ}.
يعني: لو وسع الله تعالى عليهم المال {لَبَغَوْاْ} أي: لطغوا {فِى الأرض} وعصوا {ولكن يُنَزّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاء} يعني: يوسع على كل إنسان، بمقدار صلاحه في ذلك، قال أبو الليث رحمه الله: حدّثنا أبو القاسم، حمزة بن محمد قال: حدّثنا أبو القاسم، أحمد بن حمزة، قال: حدّثنا نصر بن يحيى، قال: سمعت شقيق بن إبراهيم الزاهد يقول: {وَلَوْ بَسَطَ الله الرزق لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ في الأرض} قال: لو أن الله تعالى رزق العباد من غير كسب، لتفرغوا وتفاسدوا في الأرض، ولكن شغلهم بالكسب، حتى لا يتفرغوا للفساد.
ثم قال: {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرُ بَصِيرٌ} يعني: بالبر، والفاجر، والمؤمن، والكافر.
ويقال: يعني: عالم بصلاح كل واحد منهم.
قوله تعالى: {وَهُوَ الذي يُنَزّلُ الغيث} يعني: المطر {مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ} أي: حبس عنهم {وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ} يعني: المطر {وَهُوَ الولى الحميد} يعني: الولي للمطر يرسله مرة بعد مرة {الحميد} يعني: أهل أن يحمد على صنعه.
قوله عز وجل: {وَمِنْ ءاياته} يعني: من علامات وحدانيته {خُلِقَ السماوات والأرض} يعني: خلقين عظيمين، لا يقدر عليهما بنو آدم، ولا غيرهم {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ} يعني: ما خلق في السماوات والأرض من خلق أو بشر فيهما {وَهُوَ على جَمْعِهِمْ} يعني: على إحيائهم للبعث {إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ} يعني: قادر على ذلك.
ويقال: {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ} يعني: في الأرض خاصة كما قال: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ وَالمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] يعني: من أحدهما ثم قال: {وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ} يعني: ما تصابون من مصيبة في أنفسكم، وأموالكم {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} يعني: يصيبكم بأعمالكم، ومعاصيكم {وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} يعني: ما عفى الله عنه، فهو أكثر.
وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ألا أخبركم بأرجى آية في كتاب الله، أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم؟ قالوا بلى. فقرأ عليهم: {وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} قال: فالمصائب في الدنيا بكسب الأيدي، وما عفى الله تعالى عنه في الدنيا، ولم يعاقب، فهو أجود وأمجد، وأكرم من أن يعذب فيه يوم القيامة.
وعن الضحاك قال: ما تعلم رجل القرآن، ثم نسيه، إلا بذنب.
ثم قرأ: {وَمَا أصابكم مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن.
قرأ نافع وابن عامر {بما كسبت أيديكم} بحذف الفاء.
ويكون ما بمعنى الذي، ومعناه الذي أصابكم وقع بما كسبت أيديكم.
وقرأ الباقون: {فَبِمَا كَسَبَتْ} بالفاء، وتكون الفاء جواب الشرط، ومعناه: ما يصيبكم من مصيبة، فبما كسبت أيديكم، ثم قال: {وَمَا أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ في الأرض} يعني: بفائتين من عذاب الله، حتى يجزيكم به {وَمَا لَكُم مّن دُونِ الله} يعني: من عذاب الله {مِن وَلِىّ} يعني: من حافظ {وَلاَ نَصِيرٍ} يعني: مانع يمنعكم من عذاب الله تعالى.
قوله تعالى: {وَمِنْ ءاياته الجوار} قرأ ابن كثير {الجَوَارِي} بالياء في الوقف، والوصل.
وقرأ نافع، وأبو عمر بالياء في الوصل، وبغير الياء في الوقف، والباقون بغير ياء في الوقف، والوصل.
فمن قرأ بالياء فهو الأصل في اللغة، وهي جماعة السفن تجرين في الماء، واحدتها جارية.
كقوله: {إِنَّا لَمَّا طَغَا الماء حملناكم في الجارية} [الحاقة: 11] يعني: السفينة.
ومن قرأ بغير ياء، فلأن الكسر يدل عليه {فِى البحر كالأعلام} يعني: تسير في البحر كالجبال {إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الريح فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ على ظَهْرِهِ} يعني: يبقين سواكن على ظهر الماء {إِنَّ في ذَلِكَ لاَيَاتٍ} يعني: لعلامات لوحدانيتي {لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} يعني: الذي يصبر على طاعة الله (شَكُورٍ) لنعم الله.
قوله تعالى: {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا} يعني: إن يشأ يهلك السفن، بما عملوا من الشرك وعبادة الأوثان {وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ} ولا يجازيهم {وَيَعْلَمَ الذين يجادلون في آياتنا} قرأ ابن عامر ونافع بضم الميم، والباقون بالنصب.
فمن قرأ بالضم، فلأنه عطف على قوله: {ويعف} وموضعه الرفع وأصله: (ويعفو) فاكتفى بضم الفاء، والذين كان معطوفًا عليه، رفع أيضًا.
ومن قرأ بالنصب، صار نصبًا للصرف، يعني: صرف الكلام عن الإعراب الأول، ومعناه: ولكي {يَعْلَمُ الذين يجادلون في آياتنا} يعني: في القرآن بالتكذيب {مَا لَهُمْ مّن مَّحِيصٍ} يعني: من مفر من الله.
{فَمَا أُوتِيتُمْ مّن شيء} يعني: ما أعطيتم من الدنيا {فمتاع الحياة الدنيا} أي: منفعة الحياة الدنيا {وَمَا عِندَ الله خَيْرٌ وأبقى} أي: ما عند الله في الآخرة من الثواب والكرامة، خير وأبقى.
يعني: أدوم.
ثم بين لمن يكون ذلك الثواب فقال: {لِلَّذِينَ ءامَنُواْ وعلى رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي: يثقون به تعالى، ويفوضون الأمر إليه.
قوله تعالى: {والذين يَجْتَنِبُونَ كبائر الإثم والفواحش} وهذا نعت المؤمنين أيضًا، الذين يجتنبون كبائر الإثم، والفواحش.
قرأ حمزة والكسائي {كَبِير الإثْمِ} بغير ألف، بلفظ الواحد، لأن الواحد يدل على الجمع، والباقون {كبائر} وهو جمع كبيرة، والكبيرة: ما أوجب الله تعالى الحد عليها في الدنيا، أو العذاب في الآخرة.
ثم قال: {وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ} يعني: إذا غضبوا على أحد يتجاوزون، ويكظمون الغيظ.
ثم قال: {والذين استجابوا لِرَبّهِمْ} يعني: أجابوا وأطاعوا ربهم فيما يدعوهم إليه، ويأمرهم به.
{والذين يُمَسّكُونَ} يعني: أتموا الصلوات الخمس، في مواقيتها {وَأَمْرُهُمْ شورى بَيْنَهُمْ} يعني: إذا أرادوا حاجة، تشاوروا فيما بينهم.
وروي عن الحسن أنه قال: هم الذين إذا حزبهم أمر، استشاروا أولي الرأي منهم {وَمِمَّا رزقناهم يُنفِقُونَ} يعني: يتصدقون في طاعة الله.
ثم قال: {والذين إِذَا أَصَابَهُمُ البغى} يعني: الظلم {هُمْ يَنتَصِرُونَ} أي: ينتقمون ويقتصون.
روى سفيان، عن منصور، عن إبراهيم أنه قال: كانوا يكرهون أن يستذلوا، ويحبون العفو إذا قدروا.
قوله تعالى: {وَجَزاء سَيّئَةٍ مِثْلِهَا} يعني: يعاقب مثل عقوبته لغيره {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} يعني: عفا عن مظلمته، وأصلح بالعفو {فَأَجْرُهُ عَلَى الله} يعني: ثوابه على الله {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الظالمين} يعني: لمن يبدأ بالظلم.
روي عن زيد بن أسلم، أنه قال: كانوا ثلاث فرق، فرقة بالمدينة، وفرقتان بمكة، إحداهم تصبر على الأذى، والثانية تنتصر، والثالثة تكظم، فنزلت الآية: {والذين استجابوا لِرَبّهِمْ} نزلت في الذين بالمدينة {والذين إِذَا أَصَابَهُمُ البغى هُمْ يَنتَصِرُونَ} نزلت في الذين ينتصرون وقوله: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} نزلت في الذين يصبرون.
فأثنى الله تعالى عليهم جميعًا.
قوله عز وجل: {وَلَمَنِ انتصر بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ} ثم نزل في الظالمين {إِنَّمَا السبيل عَلَى الذين يَظْلِمُونَ الناس} وذكر أن أبا بكر رضي الله عنه، كان عند النبي صلى الله عليه وسلم ورجل من المنافقين يسبه، وأبو بكر رضي الله عنه لم يجبه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت يبتسم، فأجابه أبو بكر، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وذهب، فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله ما دام يسبني كنت جالسًا، فلما أجبته قمت فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الملك كان يجيبه عنك، فلما أجبته ذهب الملك، وجاء الشيطان وأنا لا أجلس في مجلس يكون فيه الشيطان». فنزل {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله}.
وروى محمد بن المنكدر قال: ينادي المنادي يوم القيامة، من كان له عند الله حق، فليقم.
قال: فيقوم من عفا وأصلح.
قوله عز وجل: {وَلَمَنِ انتصر بَعْدَ ظُلْمِهِ} يعني: انتصف بعد ظلمه، واقتص منه {فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مّن سَبِيلٍ} يعني: من مأثم.
وقال قتادة: هذا، فيما يكون بين الناس من القصاص، فأما لو ظلمك، لا يحل لك أن تظلمه، يعني: فيما لا يحتمل القصاص.
وقال الحسن: يعني: إذا قال: لعنك الله، أن تقول له: يلعنك الله، وإذا سبك، فلك أن تسبه ما لم يكن فيه حد، أو كلمة لا تصلح.
ثم قال تعالى: {إِنَّمَا السبيل} يعني: الإثم والحرج {عَلَى الذين يَظْلِمُونَ الناس} يعني: يبدؤون بالظلم {وَيَبْغُونَ في الأرض بِغَيْرِ الحق} يعني: ويظلمون في الأرض، ويعملون المعاصي {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} يعني: وجيع.
قوله عز وجل: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ} يعني: صبر عن مظلمته، فلم يقتص من صاحبه وغفر يعني: تجاوز عنه {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الامور} يعني: الصبر والتجاوز من أفضل الأمور، وأصوب الأمور.
قال بعضهم: هذه الآيات مدنيات.
وقال بعضهم: مكيات.
قوله تعالى: {وَمَن يُضْلِلِ الله} يعني: يخذله الله عن الهدى ويقال من يخذله ويتركه على ما هو فيه من ظلم الناس {فَمَا لَهُ مِن وَلِىّ مّن بَعْدِهِ} يعني: ليس له قريب يهديه، ويرشده إلى دينه من بعده، يعني: من بعد خذلان الله تعالى إياه.
قوله: {وَتَرَى الظالمين} يعني: المشركين والعاصين {لَمَّا رَأَوُاْ العذاب} في الآخرة {يَقولونَ هَلْ إلى مَرَدّ مّن سَبِيلٍ} يعني: هل من رجعة إلى الدنيا من حيلة، فنؤمن بك يتمنون الرجوع إلى الدنيا.
قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} يعني: يساقون إلى النار {خاشعين مِنَ الذل} أي: خاضعين من الحزن، ويقال ساكتين ذليلين، مقهورين من الحياء {يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِىّ} قال الكلبي: يعني: ينظرون بقلوبهم، ولا يرونها بأعينهم، لأنهم يسحبون على وجوههم.
وقال مقاتل: يعني: يستخفون بالنظر إليها، يعني: إلى النار قال القتبي: يعني: غضوا أبصارهم من الذل، وقال بعضهم: مرة ينظرون إلى العرش بأطراف أعينهم ماذا يأمر الله تعالى بهم، ومرة ينظرون إلى النار.