فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



المسألة الثالثة:
قرأ نافع وحده: {آأشهدوا} بهمزة ومدة بعدها خفيفة لينة وضمة، أي (أ) أحضروا خلقهم، وعن نافع غير ممدود على ما لم يسم فاعله، والباقون: أشهدوا، بفتح الألف، من (أ) شهدوا، أي أحضروا.
المسألة الرابعة:
احتج من قال بتفضيل الملائكة على البشر بهذه الآية، فقال أما قراءة (عند) بالنون، فهذه العندية لا شك أنها عندية الفضل والقرب من الله تعالى بسبب الطاعة، ولفظة {هُمْ} توجب الحصر، والمعنى أنهم هم الموصوفون بهذه العندية لا غيرهم، فوجب كونهم أفضل من غيرهم رعاية للفظ الدال على الحصر، وأما من قرأ (عباد) جمع العبد، فقد ذكرنا أن لفظ العباد مخصوص في القرآن بالمؤمنين فقوله: {هُمْ عِبَادُ الرحمن} يفيد حصر العبودية فيهم، فإذا كان اللفظ الدال على العبودية دالًا على الفضل والشرف، كان اللفظ الدال على حصر العبودية دالًا على حصر الفضل والمنقبة والشرف فيهم وذلك يوجب كونهم أفضل من غيرهم، والله أعلم.
{وَقالوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (20)}.
اعلم أنه تعالى حكى نوعًا آخر من كفرهم وشبهاتهم، وهو أنهم قالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم، وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
قالت المعتزلة هذه الآية تدل على فساد قول المجبرة في أن كفر الكافر يقع بإرادة الله من وجهين الأول: أنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا {لَوْ شَاء الرحمن مَا عبدناهم} وهذا صريح قول المجبرة، ثم إنه تعالى أبطله بقوله: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} فثبت أنه حكى مذهب المجبرة، ثم أردفه بالإبطال والإفساد، فثبت أن هذا المذهب باطل، ونظيره قوله تعالى في سورة الأنعام: {سَيَقول الذين أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء الله مَا أَشْرَكْنَا} إلى قوله: {قُلْ هَلْ عِندَكُم مّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ} [الأنعام: 148] والوجه الثاني: أنه تعالى حكى عنهم قبل هذه الآية أنواع كفرهم فأولها: قوله: {وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} [الزخرف: 15]، وثانيها: قوله: {وَجَعَلُواْ الملئكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إناثا} [الزخرف: 19]، وثالثها: قوله تعالى: {وَقالواْ لَوْ شَاء الرحمن مَا عبدناهم} فلما حكى هذه الأقاويل الثلاثة بعضها على إثر بعض، وثبت أن القولين الأولين كفر محض فكذلك هذا القول الثالث يجب أن يكون كفرًا، واعلم أن الواحدي أجاب في (البسيط) عنه من وجهين الأول: ما ذكره الزجاج: وهو أن قوله تعالى: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} عائد إلى قولهم الملائكة إناث وإلى قولهم الملائكة بنات الله والثاني: أنهم أرادوا بقولهم {لَوْ شَاءَ الرحمن مَا عبدناهم} أنه أمرنا بذلك، وأنه رضي بذلك، وأقرنا عليه، فأنكر ذلك عليهم، فهذا ما ذكره الواحدي في الجواب، وعندي هذان الوجهان ضعيفان أما الأول: فلأنه تعالى حكى عن القوم قولين باطلين، وبين وجه بطلانهما، ثم حكى بعده مذهبًا ثالثًا في مسألة أجنبية عن المسألتين الأوليين، ثم حكم بالبطلان والوعيد فصرف هذا الإبطال عن هذا الذي ذكره عقيبه إلى كلام متقدم أجنبي عنه في غاية البعد.
وأما الوجه الثاني: فهو أيضًا ضعيف، لأن قوله: {لَوْ شَاءَ الرحمن مَا عبدناهم} ليس فيه بيان متعلق بتلك المشيئة، والإجمال خلاف الدليل، فوجب أن يكون التقدير لو شاء الله ألا نعبدهم ما عبدناهم، وكلمة لو تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، فهذا يدل على أنه لم توجد مشيئة الله لعدم عبادتهم، وهذا عين مذهب المجبرة، فالإبطال والإفساد يرجع إلى هذا المعنى، ومن الناس من أجاب عن هذا الاستدلال بأن قال إنهم إنما ذكروا ذلك الكلام على سبيل الاستهزاء والسخرية، فلهذا السبب استوجبوا الطعن والذم، وأجاب صاحب (الكشاف) عنه من وجهين الأول: أنه ليس في اللفظ ما يدل على أنهم قالوا مستهزئين، وادعاء ما لا دليل عليه باطل الثاني: أنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أشياء وهي: أنهم جعلوا له من عباده جزءًا وأنهم جعلوا الملائكة إناثًا، وأنهم قالوا {لَوْ شَاءَ الرحمن مَا عبدناهم} فلو قلنا بأنه إنما جاء الذم على القول الثالث لأنهم ذكروه على طريق الجد، وجب أن يكون الحال في حكاية القولين الأولين كذلك، فلزم أنهم لو نطقوا بتلك الأشياء على سبيل الجد أن يكونوا محقين، ومعلوم أنه كفر، وأما القول بأن الطعن في القولين الأولين إنما توجه على نفس ذلك القول، وفي القول الثالث لا على نفسه بل على سبيل الاستهزاء، فهذايوجب تشويش النظم، وأنه لا يجوز في كلام الله.
واعلم أن الجواب الحق عندي عن هذا الكلام ما ذكرناه في سورة الأنعام، وهو أن القوم إنما ذكروا هذا الكلام لأنهم استدلوا بمشيئة الله تعالى للكفر على أنه لا يجوز ورود الأمر بالإيمان فاعتقدوا أن الأمر والإرادة يجب كونهما متطابقين، وعندنا أن هذا باطل فالقوم لم يستحقوا الذم بمجرد قولهم إن الله يريد الكفر من الكافر بل لأجل أنهم قالوا لما أراد الكفر من الكافر وجب أن يقبح منه أمر الكافر بالإيمان، وإذا صرفنا الذم والطعن إلى هذا المقام سقط استدلال المعتزلة بهذه الآية، وتمام التقرير مذكور في سورة الأنعام، والله أعلم.
المسألة الثانية:
أنه تعالى لما حكى عنهم ذلك المذهب الباطل قال: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} وتقريره كأنه قيل إن القوم يقولون لما أراد الله الكفر من الكافر وخلق فيه ما أوجب ذلك الكفر وجب أن يقبح منه أن يأمره بالإيمان لأن مثل هذا التكليف قبيح في الشاهد فيكون قبيحًا في الغائب فقال تعالى: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} أي ما لهم بصحة هذا القياس من علم، وذلك لأن أفعال الواحد منا وأحكامه مبنية على رعاية المصالح والمفاسد لأجل أن كل ما سوى الله فإنه ينتفع بحصول المصالح ويستضر بحصول المفاسد، فلا جرم أن صريح طبعه وعقله يحمله على بناء أحكامه وأفعاله على رعاية المصالح، أما الله سبحانه وتعالى فإنه لا ينفعه شيء ولا يضره شيء فكيف يمكن القطع بأنه تعالى يبني أحكامه وأفعاله على رعاية المصالح مع ظهور هذا الفارق العظيم فقوله تعالى: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} أي ما لهم بصحة قياس الغائب على الشاهد في هذا الباب علم.
ثم قال: {إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} أي كما لم يثبت لهم صحة ذلك القياس فقد ثبت بالبرهان القاطع كونهم كذابين خراصين في ذلك القياس لأن قياس المنزّه عن النفع والضر من كل الوجوه على المحتاج المنتفع المتضرر قياس باطل في بديهة العقل.
ثم قال: {أَمْ ءاتيناهم كتابا مّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ} يعني أن القول الباطل الذي حكاه الله تعالى عنهم عرفوا صحته بالعقل أو بالنقل، أما إثباته بالعقل فهو باطل لقوله: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} وأما إثباته بالنقل فهو أيضًا باطل لقوله: {أَمْ ءاتيناهم كتابا مّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ} والضمير في قوله: {مِن قَبْلِهِ} للقرآن أو للرسول، والمعنى أنهم (هل) وجدوا ذلك الباطل في كتاب منزّل قبل القرآن حتى جاز لهم أن يعولوا عليه، وأن يتمسكوا به، والمقصود منه ذكره في معرض الإنكار، ولما ثبت أنه لم يدل عليه لا دليل عقلي ولا دليل نقلي وجب أن يكون القول به باطلًا.
ثم قال تعالى: {بَلْ قالواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءَابَاءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على ءاثارهم مُّهْتَدُونَ} والمقصود أنه تعالى لما بيّن أن تمسك الجهال بطريقة التقليد أمر كان حاصلًا من قديم الدهر فقال: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ في قَرْيَةٍ مّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قال مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثارهم مقتدون} وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قال صاحب (الكشاف): قرئ {على إِمَّةٍ} بالكسر وكلتاهما من الأم وهو القصد، فالأمة الطريقة التي تؤم أي تقصد كالرحلة للمرحول إليه، والإمة الحالة التي يكون عليها الآم وهو القاصد.
المسألة الثانية:
لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآيات لكفت في إبطال القول بالتقليد وذلك لأنه تعالى بيّن أن هؤلاء الكفار لم يتمسكوا في إثبات ما ذهبوا إليه لا بطريق عقلي ولا بدليل نقلي، ثم بيّن أنهم إنما ذهبوا إليه بمجرد تقليد الآباء والأسلاف، وإنما ذكر تعالى هذه المعاني في معرض الذم والتهجين، وذلك يدل على أن القول بالتقليد باطل، ومما يدل عليه أيضًا من حيث العقل أن التقليد أمر مشترك فيه بين المبطل وبين المحق وذلك لأنه كم حصل لهذه الطائفة قوم من المقلدة فكذلك حصل لأضدادهم أقوام من المقلدة فلو كان التقليد طريقًا إلى الحق لوجب كون الشيء ونقيضه حقًا ومعلوم أن ذلك باطل.
المسألة الثالثة:
أنه تعالى بيّن أن الداعي إلى القول بالتقليد والحامل عليه، إنما هو حب التنعم في طيبات الدنيا وحب الكسل والبطالة وبغض تحمل مشاق النظر والاستدلال لقوله: {إلاَّ قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة} والمترفون هم الذين أترفتهم النعمة أي أبطرتهم فلا يحبون إلا الشهوات والملاهي ويبغضون تحمل المشاق في طلب الحق، وإذاعرفت هذا علمت أن رأس جميع الآفات حب الدينا واللذات الجسمانية ورأس جميع الخيرات هو حب الله والدار الآخرة، فلهذا قال عليه السلام: «حب الدنيا رأس كل خطيئة».
ثم قال تعالى لرسوله: {قُلَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بأهدى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ ءَابَاءَكُمْ} أي بدين أهدى من دين آبائكم فعند هذا حكى الله عنهم أنهم قالوا إنا ثابتون على دين آبائنا لا ننفك عنه وإن جئتنا بما هو أهدى {إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافرون} وإن كان أهدى مما كنا عليه، فعند هذا لم يبق لهم عذر ولا علة، فلهذا قال تعالى: {فانتقمنا مِنْهُمْ فانظر كَيْفَ كَانَ عاقبة المكذبين} والمراد منه تهديد الكفار، والله أعلم. اهـ.

.قال القرطبي:

{وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إِنَاثًا}.
قرأ الكوفيون {عِبَادُ} بالجمع.
واختاره أبو عبيد؛ لأن الإسناد فيها أعلى، ولأن الله تعالى إنما كذبهم في قولهم إنهم بنات الله، فأخبرهم أنهم عبيد وأنهم ليسوا ببناته.
وعن ابن عباس أنه قرأ {عُبَّادُ الرَّحْمَنِ}، فقال سعيد بن جبير: إن في مصحفي {عبد الرحمن} فقال: امحها واكتبها {عِبَادُ الرَّحْمَنِ}.
وتصديق هذه القراءة قوله تعالى: {بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26].
وقوله تعالى: {أَفَحَسِبَ الذين كفروا أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دوني أَوْلِيَاءَ} [الكهف: 102].
وقوله تعالى: {إِنَّ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194].
وقرأ الباقون {عند الرحمن} بنون ساكنة واختاره أبو حاتم.
وتصديق هذه القراءة قوله تعالى: {إِنَّ الذين عِندَ رَبِّكَ} [الأعراف: 206] وقوله: {وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض وَمَنْ عِنْدَهُ} [الأنبياء: 19].
والمقصود إيضاح كذبهم وبيان جهلهم في نسبة الأولاد إلى الله سبحانه، ثم في تحكمهم بأن الملائكة إناث وهم بنات الله.
وذِكر العباد مدح لهم؛ أي كيف عبدوا من هو في نهاية العبادة، ثم كيف حكموا بأنهم إناث من غير دليل.
والجعل هنا بمعنى القول والحُكْم؛ تقول: جعلت زيدًا أعلم الناس؛ أي حكمت له بذلك.
{أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ} أي أحضروا حالة خلقهم حتى حكموا بأنهم إناث.
وقيل: إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «فما يدريكم أنهم إناث»؟ فقالوا: سمعنا بذلك من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا في أنهم إناث، فقال الله تعالى: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} أي يسألون عنها في الآخرة.
وقرأ نافع {أُوشْهِدوا} بهمزة استفهام داخلة على همزة مضمومة مسهّلة، ولا يمدّ سوى ما روى المسيّبِي عنه أنه يمدّ.
وروى المفضل عن عاصم مثل ذلك وتحقّق الهمزتين.
والباقون {أَشَهِدُوا} بهمزة واحدة للاستفهام.
وروي عن الزهري {أُشْهِدُوا خَلْقَهُمْ} على الخبر، {سَتُكْتَبُ} قراءة العامة بضم التاء على الفعل المجهول {شَهَادَتُهُمْ} رفعًا.
وقرأ السُّلمِي وابن السمَيْقَع وهُبيرة عن حفص {سَنَكْتُبُ} بنون، {شَهَادَتَهُمْ} نصبًا بتسمية الفاعل.
وعن أبي رجاء {سَتُكْتَبُ شَهَادَاتُهُمْ} بالجمع.
قوله تعالى: {وَقالواْ لَوْ شَاءَ الرحمن} يعني قال المشركون على طريق الاستهزاء والسخرية: لو شاء الرحمن على زعمكم ما عبدنا هذه الملائكة.
وهذا منهم كلمة حق أريد بها باطل.
وكل شيء بإرادة الله، وإرادتُه تجب وكذا علمه فلا يمكن الاحتجاج بها؛ وخلاف المعلوم والمراد مقدور وإن لم يقع.
ولو عبدوا الله بدل الأصنام لعلمنا أن الله أراد منهم ما حصل منهم.
وقد مضى هذا المعنى في الأنعام عند قوله: {سَيَقول الذين أَشْرَكُواْ لَوْ شَاءَ الله مَآ أَشْرَكْنَا} [الأنعام: 148] وفي (يس): {أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَاءُ الله أَطْعَمَهُ} [ياس: 47].
وقوله: {مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ} مردود إلى قوله: {وَجَعَلُواْ الملائكة الذين هُمْ عِبَادُ الرحمن إِنَاثًا} أي ما لهم بقولهم: الملائكة بنات الله من علم؛ قاله قتادة ومقاتل والكلبي.
وقال مجاهد وابن جريج: يعني الأوثان؛ أي ما لهم بعبادة الأوثان من علم.
(من) صلة.
{إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} أي يَحْدِسون ويكذبون؛ فلا عذر لهم في عبادة غير الله عز وجل.
وكان في ضمن كلامهم أن الله أمرنا بهذا أو رضي ذلك منا، ولهذا لم ينهنا ولم يعاجلنا بالعقوبة.
{أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21)}.
هذا معادل لقوله: {أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ}.
والمعنى: أحضروا خلقهم أم آتيناهم كتابًا من قبله؛ أي من قبل القرآن بما ادعوه؛ فهم به متمسكون يعملون بما فيه.
{بَلْ قالوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22)}.
فيه مسألتان:
الأولى قوله تعالى: {على أُمَّةٍ} أي على طريقة ومذهب؛ قاله عمر بن عبد العزيز.
وكان يقرأ هو ومجاهد وقتادة {عَلى إمّةٍ} بكسر الألف.
والأمّة الطريقة.
وقال الجوهري: والإمة (بالكسر): النعمة.
والإمّة أيضًا لغة في الأُمّة، وهي الطريقة والدّين؛ عن أبي عبيدة.
قال عَدِيّ بن زيد في النعمة:
ثم بعد الفَلاَح والمُلْكِ والأ ** مّة وارتْهُمُ هناك القبور

عن غير الجوهري.