فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن ابن عباس {ومن يعش عن ذكر الرحمن} قال: يعمى قال ابن جرير هذا على قراءة فتح الشين.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة {ومن يعش} قال: يعرض {وإنهم ليصدونهم عن السبيل} قال: عن الدين {حتى إذا جاءنا} جميعًا هو وقرينه.
وأخرج عبد بن حميد، عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {حتى إذا جاءنا} على معنى اثنين هو وقرينه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ومن يعش} الآية. قال: من جانب الحق، وأنكره وهو يعلم أن الحلال حلال وأن الحرام حرام، فترك العلم بالحلال والحق لهوى نفسه، وقضى حاجته، ثم أراد من الحرام، قيض له شيطان.
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر، عن سعيد الجزري في قوله: {نقيض له شيطانًا} قال: بلغنا أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره شفع بيده شيطان، ولم يفارقه حتى يصيرهما الله إلى النار، فذلك حين يقول: {يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين} قال: وأما المؤمن، فيوكل به ملك حتى يقضى بين الناس، أو يصير إلى الجنة.
وأخرج ابن حبان والبغوي وابن قانع والطبراني وابن مردويه، عن شريك بن طارق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منكم أحد إلا ومعه شيطان قالوا: ومعك يا رسول الله؟ قال: ومعي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم».
وأخرج مسلم وابن مردويه، عن عائشة رضي الله عنها «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلًا قالت: فغرت عليه فجاء، فرأى ما أصنع، فقال ما لك يا عائشة أَغِرْت؟ فقلت: وما لي لا يغار مثلي على مثلك، فقال: أقد جاء شيطانك؟ قلت: يا رسول الله، أمعي شيطان؟ قال: نعم، ومع كل إنسان. قلت: ومعك؟ قال: نعم، ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم».
وأخرج مسلم وابن مردويه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن. قالوا: وإياك يا رسول الله، قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني الا بخير».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن. قالوا: وإياك يا رسول الله، قال: وإياي، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم».
وأخرج أحمد في الزهد، عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: ليس من الآدميين أحد إلا ومعه شيطان موكل به، أما الكافر، فيأكل معه من طعامه ويشرب معه من شرابه وينام معه على فراشه، وأما المؤمن، فهو يجانب له، ينتظره حتى يصيب منه غفلة، أو غرة، فيثب عليه، وأحب الآدميين إلى الشيطان، الأكول النؤوم.
{فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (41)}.
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} قال: قال أنس رضي الله عنه: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقيت النقمة، فلم يُرِ الله نبيه في أمته شيئًا يكرهه حتى قُبِضَ، ولم يكن نبي قط إلا وقد رأى العقوبة في أمته، الا نبيكم صلى الله عليه وسلم رأى ما يصيب أمته بعده، فما رؤي ضاحكًا منبسطًا حتى قبض.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق حميد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله: {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} الآية. قال: أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يريه في أمته ما يكره، فرفعه إليه وبقيت النقمة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي قال: قرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه هذه الآية {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} قال: ذهب نبيه صلى الله عليه وسلم وبقيت نقمته في عدوه.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله: {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} قال: لقد كانت نقمة شديدة، أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يريه في أمته ما كان من النقمة بعده.
وأخرج ابن مردويه من طريق محمد بن مروان، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن جابر بن عبد الله: «عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون} نزلت في علي بن أبي طالب، أنه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي».
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أو نرينك الذي وعدناهم} الآية قال: يوم بدر.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنك على صراط مستقيم} قال: على الإِسلام.
{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)}.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طرق، عن ابن عباس رضي الله عنهما {وإنه لذكر لك ولقومك} قال: القرآن شرف لك ولقومك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، عن قتادة رضي الله عنه {وإنه لذكر لك} يعني القرآن، ولقومك، يعني من اتبعك من أمتك.
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، عن مجاهد في قوله: {وإنه لذكر لك ولقومك} قال: يقال ممن هذا الرجل؟ فيقال: من العرب، فيقال: من أي العرب؟ فيقال: من قريش، فيقال: من أي قريش؟ فيقال: من بني هاشم.
وأخرج ابن عدي وابن مردويه، عن علي وابن عباس قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل بمكة، ويعدهم الظهور، فإذا قالوا لمن الملك بعدك؟ أمسك، فلم يجبهم بشيء، لأنه لم يؤمر في ذلك بشيء حتى نزلت {وإنه لذكر لك ولقومك} فكان بعد إذا سئل قال: لقريش، فلا يجيبونه حتى قبلته الأنصار على ذلك.
وأخرج الطبراني وابن مردويه، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال: كنت قاعدًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «الا إن الله علم ما في قلبي من حبي لقومي، فشرفني فيهم فقال: {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون} فجعل الذكر والشرف لقومي في كتابه، ثم قال: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء: 214] {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} [الشعراء: 215] يعني قومي، فالحمد لله الذي جعل الصديق من قومي، والشهيد من قومي، ان الله قلب العباد ظهرًا وبطنًا، فكان خير العرب قريش، وهي الشجرة المباركة التي قال الله في كتابه {ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة} [إبراهيم: 24] يعني بها قريشًا (أصلها ثابت) يقول: أصلها كَرَمٌ، {وفرعها في السماء}، يقول: الشرف الذي شرفهم الله بالإِسلام الذي هداهم له وجعلهم أهله. ثم أنزل فيهم سورة من كتاب الله بمكة {لإِيلاف قريش} [قريش، الآية: 1- 4] إلى آخرها» قال عدي بن حاتم: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده قريش بخير قط، إلا سره حتى يتبين ذلك السرور للناس كلهم في وجهه، وكان كثيرًا ما يتلوا هذه الآية {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون}.
{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (45)}.
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن سعيد بن جبير في قوله: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} قال: ليلة اسري به لقي الرسل.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن جريج في قوله: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} قال: بلغنا أنه ليلة أسري به أري الأنبياء، فأري آدم، فسلم عليه وأري مالكًا خازن النار، وأري الكذاب الدجال.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر، عن قتادة {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون} قال: سل أهل التوراة والإِنجيل هل جاءت الرسل إلا بالتوحيد؟ وقال: في بعض القراءة {واسأل من أرسلنا إليهم رسلنا قبلك}.
وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس {واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا} قال: سل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن مجاهد قال: كان عبد الله يقرأ {واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا} قال: في قراءة ابن مسعود {واسأل الذين يقرأون الكتاب من قبل} مؤمني أهل الكتاب.
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد في قوله: {واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا} قال: جمعوا له ليلة أسري به ببيت المقدس. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قوله: {والكتاب}: إنْ جَعَلْتَ {حم} قَسَمًا كانت الواوُ عاطفةً وإنْ لم، كانت الواو للقسم، وقد تقدَّم تحريرُ هذا.
{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قرآنا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3)}.
قوله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ}: جوابُ القَسَم، وهذا عندهم من البلاغةِ: وهو كونُ القَسَمِ والمُقْسَمِ عليه مِنْ وادٍ واحد. كقول أبي تمام:
وثناياك إنها إغريضُ

إنْ أُرِيد بالكتابِ القرآن، وإنْ أُريد به جنسُ الكتبِ المنزَّلةِ غيرِ القرآن لم يكنْ مِنْ ذلك. والضميرُ في {جَعَلْناه} على الأولِ يعودُ على الكتاب. وعلى الثاني للقرآن، وإنْ لم يُصَرَّحْ بذِكْرِه. والجَعْلُ هنا تصييرٌ. ولا يُلْتَفَتُ لخطأ الزمخشريِّ في تجويزه أَنْ يكونَ بمعنى: خَلَقْناه.
{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)}.
قوله: {في أُمِّ الكتاب لَدَيْنَا}: يتعلَّقان بما بعدهما. ولا تَمْنَعُ اللامُ من ذلك. ويجوز أَنْ يكونا حالَيْنِ ممَّا بعدهما لأنَّهما كانا وصفَيْن له في الأصل فيتعلَّقان بمحذوفٍ. ويجوزُ أَنْ يكون {لدينا} متعلِّقًا بما تعلَّق به الجارُّ قبله إذا جَعَلْناه حالًا مِنْ {لَعَلِيٌّ}، وأَنْ يكونَ حالًا من الضميرِ المستترِ فيه، وكذا يجوزُ في الجارِّ أَنْ يتعلَّقَ بما تَعَلَّق به الظرفُ، وأَنْ يكونَ حالًا مِنْ ضميرِه عند مَنْ يُجَوِّزُ تقديمَها على العاملِ المعنويِّ. ويجوزُ أَنْ يكونَ الظرفُ بدلًا من الجارِّ قبلَه، وأَنْ يكونا حالَيْنِ من {الكتاب} أو من (أم)، ذَكَرَ هذه الأوجهَ الثلاثةَ أبو البقاء. وقال: ولا يجوزُ أَنْ يكونَ واحدٌ من الظرفين خبرًا؛ لأنَّ الخبرَ لَزِمَ أَنْ يكونَ (عَليٌّ) من أجلِ اللامِ. قلت: وهذا يَمْنَعُ أَنْ تقول: إن زيدًا كاتبٌ لَشاعرٌ؛ لأنه مَنَع أَنْ يكونَ غيرُ المقترنِ بها خبرًا.
{أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ (5)}.
قوله: {صَفْحًا}: فيه خمسةُ أوجهٍ، أحدها: أنَّه مصدرٌ في معنى يَضْرِب؛ لأنه يُقال: ضَرَبَ عن كذا وأَضْرَبَ عنه، بمعنى أعرض عنه، وصَرَف وجهَه عنه. قال:
اضْرِبَ عنكَ الهمومَ طارِقَها ** ضَرْبَك بالسيفِ قَوْنَسَ الفرسِ

والتقديرُ: أَفَنَصْفَحُ عنكم الذِّكْرَ أي: أفَنُزِيْلُ القرآن عنكم إزالةً، يُنْكِرُ عليهم ذلك. الثاني: أنَّه منصوبٌ على الحالِ من الفاعل أي: صافِحين. الثالث: أَنْ ينتصِبَ على المصدرِ المؤكِّدِ لمضمونِ الجملةِ، فيكونَ عاملُه محذوفًا، نحو: {صُنْعَ الله} [النمل: 88] قاله ابنُ عطية. الرابع: أن يكونَ مفعولًا من أجله. الخامس: أَنْ يكونَ منصوبًا على الظرف. قال الزمخشري: وصَفْحًا على وجهَيْن: إمَّا مصدرٍ مِنْ صَفَح عنه إذا أَعْرَضَ عنه، منتصبٍ على أنَّه مفعولٌ له على معنى: أَفَنَعْزِلُ عنكم إنْزالَ القرآن وإلزامَ الحجةِ به إعراضًا عنكم. وإمَّا بمعنى الجانبِ مِنْ قولهم: نَظَرَ إليه بصَفْحِ وَجْهِه. وصَفْحُ وَجْهِه بمعنى: أفَنُنَحِّيه عنكم جانبًا، فينتصبُ على الظرف نحو: ضَعْه جانبًا وامْشِ جانبًا. وتَعْضُدُه قراءة {صُفْحًا} بالضم. قلت: يشيرُ إلى قراءة حسان ابن عبد الرحمن الضبعي وسميط بن عمير وشبيل بن عزرة قَرؤوا {صُفْحًا} بضم الصاد. وفيها احتمالان، أحدهما: ما ذكره مِنْ كونِه لغةً في المفتوحِ ويكونُ ظرفًا. وظاهرُ عبارةِ أبي البقاء أنَّه يجوزُ فيه جميعُ ما جاز في المفتوح؛ لأنه جَعَله لغةً فيه كالسُّد والسَّد. والثاني: أنه جمعُ صَفُوح نحو: صَبور وصُبُر. فينتصبُ حالًا مِنْ فاعل نَضْرِب. وقَدَّر الزمخشري على عادته فِعْلًا بين الهمزةِ والفاءِ أي: أنُهمِلُكم فَنَضْرِب. وقد عَرَفْتَ ما فيه غيرَ مرةٍ.
قوله: {أنْ كُنتم} قرأ نافعٌ والأخَوان بالكسر على أنها شرطيةٌ، وإسرافُهم كان متحققًا، و(إن) إنما تدخلُ على غير المتحقِّق، أو المتحقِّقِ المبهم الزمانِ. وأجاب الزمخشريُّ: أنَّه من الشرط الذي يَصْدُر عن المُدِلِّ بصحةِ الأمرِ والتحقيق لثبوتِه، كقول الأجير: (إنْ كنتُ عَمِلْتُ لك عملًا فَوَفِّني حقي) وهو عالمٌ بذلك، ولكنه يُخَيَّلُ في كلامِه أَنَّ تفريطَك في إيصالِ حقي فِعْلُ مَنْ له شكٌّ في استحقاقِه إياه تجهيلًا له. وقيل: المعنى على المجازاةِ والمعنى: أفنضرِبُ عنكم الذِّكر صَفْحًا متى أَسْرَفتم أي: إنكم غيرُ متروكين من الإِنذار متى كنتم قومًا مُسْرفين. وهذا أراد أبو البقاء بقوله: وقرئ {إنْ} بكسرِها على الشرط، وما تقدَّم يدلُّ على الجواب. والباقون بالفتحِ على العلَّة أي: لأَنْ كنتم، كقول الشاعر:
أتَجْزَعُ أنْ بانَ الخليطُ المُوَدَّعُ

ومثله:
أتَجْزَعُ أنْ أُذْنا قتيبةَ حُزَّتا

يُرْوَى بالكسر والفتح، وقد تقدَّم نحوٌ من هذا أول المائدة، وقرأ زيد بن علي (إذ) بذالٍ عوضَ النونِ، وفيها معنى العلَّة.
{وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ (6)}.
قوله: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا}: {كم} خبريةٌ مفعولٌ مقدم. و{من نبيّ} تمييزٌ. و{في الأوَّلين} يتعلَّقُ بالإِرسالِ أو بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لـ: نبي.
{فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ (8)}.
قوله: {بَطْشًا}: فيه وجهان، أحدهما: أنه تمييزٌ لـ: {أشدَّ}. والثاني: أنه حالٌ مِن الفاعل أي: أهلكناهم باطِشين.
{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقولنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (9)}.
قوله: {خَلَقَهُنَّ العزيز}: كرَّرَ الفعلَ للتوكيد؛ إذ لو جاء {العزيزُ} بغير {خَلَقَهُنَّ} لكان كافيًا، كقولك مَنْ قام؟ فيقال: زيد. وفيها دليلٌ على أنَّ الجلالةَ الكريمةَ مِنْ قوله: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقولنَّ الله} [الزخرف: 87] مرفوعةٌ بالفاعلية لا بالابتداء للتصريح بالفعل في نظيرتِها. وهذا الجوابُ مطابقٌ للسؤالِ من حيث المعنى، إذ لو جاء على اللفظِ لجيْءَ فيه بجملةٍ ابتدائيةٍ كالسؤال.
{وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11)}.
قوله: {بَلْدَةً مَّيْتًا}: قرأه العامَّةُ مخفَّفًا. وعيسى وأبو جعفر مثقلًا. وقد تقدَّم الكلامُ فيه في آل عمران. وتقدَّم في الأعراف الخلافُ في تُخْرَجُون وتَخْرُجُون.
{وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12)}.
قوله: {مَا تَرْكَبُونَ}: (ما) موصولةٌ. وعائدُها محذوفٌ أي: ما تَرْكَبونه. و(ركب) بالنسبة إلى الفُلْك يتعدَّى بحرف الجر {فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك} [العنكبوت: 65] وفي غيرِه بنفسه قال: {لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8] فغلَّبَ هنا المتعديَ بنفسه على المتعدي بواسِطة فلذلك حَذَفَ العائدَ.