فصل: قال أبو حيان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والمعنى: قال فرعون لقومه بل أنا خير {مِّنْ هذا الذي هُوَ مَهِينٌ} أي لا عِزّ له فهو يمتهن نفسه في حاجاته لحقارته وضعفه {وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ} يعني ما كان في لسانه من العقدة؛ على ما تقدّم في طه.
وقال الفراء: في (أم) وجهان: إن شئت جعلتها من الاستفهام الذي جعل بأم لاتصاله بكلام قبله، وإن شئت جعلتها نَسَقًا على قوله: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ}.
وقيل: هي زائدة.
وروى أبو زيد عن العرب أنهم يجعلون (أم) زائدة؛ والمعنى أنا خير من هذا الذي هو مهين.
وقال الأخفش: في الكلام حذف، والمعنى: أفلا تبصرون أم تبصرون؛ كما قال:
أيا ظَبْيَةَ الوَعْساء بين جُلاجِلٍ ** وبين النَّقا آأنتِ أمْ أمُّ سالمِ

أي أنت أحسن أم أمّ سالم.
ثم ابتدأ فقال: {أَنَا خَيْرٌ}.
وقال الخليل وسيبويه: المعنى {أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}، أم أنتم بصراء، فعطف بـ: (أم) على {أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} لأن معنى {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} أم أي تبصرون؛ وذلك أنهم إذا قالوا له أنت خير منه كانوا عنده بصراء.
وروي عن عيسى الثَّقفِيّ ويعقوب الحضرميّ أنهما وقفا على (أم) على أن يكون التقدير أفلا تبصرون أم تبصرون؛ فحذف تبصرون الثاني.
وقيل من وقف على (أم) جعلها زائدة، وكأنه وقف على {تُبْصِرُونَ} من قوله: {أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}.
ولا يتم الكلام على {تُبْصِرُونَ} عند الخليل وسيبويه؛ لأن (أم) تقتضي الاتصال بما قبلها.
وقال قوم: الوقف على قوله: {أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} ثم ابتدأ {أَمْ أَنَا خَيْرٌ} بمعنى بل أنا؛ وأنشد الفرّاء:
بدت مثل قَرْن الشمس في رَوْنَقِ الضحى ** وصورتِها أم أنتِ في العين أمْلَحُ

فمعناه: بل أنتِ أملح.
وذكر الفرّاء أن بعض القراء قرأ {أَمَا أَنَا خَيْرٌ}؛ ومعنى هذا ألست خيرًا.
وروي عن مجاهد أنه وقف على (أم) ثم يبتدىء {أَنَا خَيْرٌ} وقد ذُكر.
{فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53)}.
قوله تعالى: {فَلَوْلاَ} أي هلا {أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ} إنما قال ذلك لأنه كان عادة الوقت وزِيّ أهل الشرف.
وقرأ حفص {أَسْوِرَةٌ} جمع سِوار، كخمار وأخمرة.
وقرأ أُبَيّ {أَسَاوِرَ} جمع إسوار.
وابن مسعود {أَسَاوِير}.
الباقون {أَسَاوِرَة} جمع الأسورة فهو جمع الجمع.
ويجوز أن يكون {أَسَاوِرة} جمع {إسْوَار} وألحقت الهاء في الجمع عوضًا من الياء؛ فهو مثل زناديق وزنادقة، وبطاريق وبطارقة، وشبهه.
وقال أبو عمرو بن العَلاَء: واحد الأساورة والأساور والأساوير إسوار، وهي لغة في سُوار.
قال مجاهد: كانوا إذا سوّروا رجلًا سوّروه بسوارين وطوّقوه بطوق ذهب علامة لسيادته، فقال فرعون: هلا ألقى ربّ موسى عليه أساورة من ذهب إن كان صادقا {أَوْ جَاءَ مَعَهُ الملائكة مُقْتَرِنِينَ} يعني متتابعين؛ في قول قتادة.
مجاهد: يمشون معًا.
ابن عباس: يعاونونه على من خالفه؛ والمعنى: هلاّ ضم إليه الملائكة التي يزعم أنها عند ربه حتى يتكثّر بهم ويصرفهم على أمره ونهيه؛ فيكون ذلك أهْيَبَ في القلوب.
فأوهم قومه أن رسل الله ينبغي أن يكونوا كرسل الملوك في الشاهد، ولم يعلم أن رسل الله إنما أيِّدوا بالجنود السماوية؛ وكل عاقل يعلم أن حفظ الله موسى مع تفرّده ووحدته من فرعون مع كثرة أتباعه، وإمداد موسى بالعصا واليد البيضاء كان أبلغ من أن يكون له أسورة أو ملائكة يكونون معه أعوانًا في قول مقاتل أو دليلًا على صدقه في قول الكلبي وليس يلزم هذا لأن الإعجاز كاف، وقد كان في الجائز أن يُكَذَّب مع مجيء الملائكة كما كُذِّب مع ظهور الآيات.
وذكر فرعون الملائكة حكاية عن لفظ موسى؛ لأنه لا يؤمن بالملائكة من لا يعرف خالقهم.
قوله تعالى: {فاستخف قَوْمَهُ} قال ابن الأعرابي: المعنى فاستجهل قومه {فَأَطَاعُوهُ} لخفة أحلامهم وقلّة عقولهم؛ يقال: استخفه الفرح أي أزعجه، واستخفه أي حمله على الجهل؛ ومنه: {وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الذين لاَ يُوقِنُونَ} [الروم: 60].
وقيل: استفزّهم بالقول فأطاعوه على التكذيب.
وقيل: استخف قومه أي وجدهم خفاف العقول.
وهذا لا يدل على أنه يجب أن يطيعوه، فلا بدّ من إضمارٍ بعيد تقديره وجدهم خفاف العقول فدعاهم إلى الغواية فأطاعوه.
وقيل: استخف قومه وقهرهم حتى اتبعوه؛ يقال: استخفه خلاف استثقله، واستخف به أهانه.
{إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمًا فَاسِقِينَ} أي خارجين عن طاعة الله.
قوله تعالى: {فَلَمَّآ آسَفُونَا انتقمنا مِنْهُمْ} روى الضحاك عن ابن عباس: أي غاظونا وأغضبونا.
وروى عنه عليّ بن أبي طلحة: أي أسخطونا.
قال الماوردِيّ: ومعناهما مختلف، والفرق بينهما أن السخط إظهار الكراهة، والغضب إرادة الانتقام.
القشيريّ: والأسف هاهنا بمعنى الغضب؛ والغضب من الله إما إرادة العقوبة فيكون من صفات الذات، وإما عين العقوبة فيكون من صفات الفعل؛ وهو معنى قول الماوردي.
وقال عمر بن ذَرّ: يأهل معاصي الله، لا تغترّوا بطول حلم الله عنكم، واحذروا أسفه؛ فإنه قال: {فَلَمَّا آسَفُونَا انتقمنا مِنْهُمْ}.
وقيل: {آسَفُونَا} أي أغضبوا رسلنا وأولياءنا المؤمنين؛ نحو السحرة وبني إسرائيل.
وهو كقوله تعالى: {يُؤْذُونَ الله} [الأحزاب: 57] و{يُحَارِبُونَ الله} [المائدة: 33] أي أولياءه ورسله.
قوله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا} أي جعلنا قوم فرعون سَلَفًا.
قال أبو مِجْلَز: {سَلَفًا} لمن عمل عملهم، {وَمَثَلًا} لمن يعمل عملهم.
وقال مجاهد: {سَلَفًا} إخبارًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، {وَمَثَلًا} أي عبرة لهم.
وعنه أيضًا {سَلَفًا} لكفار قومك يتقدّمونهم إلى النار.
قتادة: {سَلَفًا} إلى النار، {وَمَثَلًا} عِظةً لمن يأتي بعدهم.
والسلف المتقدّم؛ يقال: سَلَفَ يَسْلُف سَلَفًا؛ مثل طلب طلبًا؛ أي تقدّم ومضى.
وسلف له عمل صالح أي تقدّم.
والقوم السُّلاّف المتقدّمون.
وسَلَفُ الرجُلِ: آباؤه المتقدّمون؛ والجمع أسلاف وسُلاَّف.
وقراءة العامة {سَلَفًا} (بفتح السين واللام) جمع سالف؛ كخادم وخَدَم، وراصد ورَصَد، وحارس وحَرَس.
وقرأ حمزة والكسائي {سُلُفًا} (بضم السين واللام).
قال الفراء: هو جمع سليف، نحو سرير وسُرُر.
وقال أبو حاتم: هو جمع سَلَف؛ نحو خَشَب وخُشُب، وثَمَر وثُمُر؛ ومعناهما واحد.
وقرأ عليّ وابن مسعود وعلقمة وأبو وائل والنَّخَعي وحُميد بن قيس {سُلَفًا} (بضم السين وفتح اللام) جمع سُلْفة، أي فِرقة متقدّمة.
قال الْمُؤَرِّج والنَّضْر بن شُمَيل: {سُلَفًا} جمع سُلْفة، نحو غُرْفَة وغُرَف، وطُرْفة وطرَف، وظُلْمة وظُلَم. اهـ.

.قال أبو حيان:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَقال إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (46)}.
مناسبة هذه الآية لما قبلها من وجهين: أحدهما: أنه لما تقدم طعن قريش على الرسول، واختيارهم أن ينزل القرآن على رجل من القريتين عظيم، أي في الجاه والمال؛ وذكر أن مثل ذلك سبقهم إليه فرعون في قوله: {أليس لي ملك مصر}؟ إلى آخر الآية، أتبعه بالملك والمال، ففرعون قدوتهم في ذلك، ومع ذلك، فصار فرعون مقهورًا مع موسى منتقمًا منه، فكذلك قريش.
والوجه الثاني: أنه لما قال: {واسأل من أرسلنا} الآية، ذكر وقته موسى وعيسى، وهما أكبر إتباعًا ممن سبقهم من الأنبياء، وكل جاء بالدعاء إلى الله وإفراده بالعبادة، فلم يكن فيما جاء أبدًا إباحة اتخاذ آلهة من دون الله، كما اتخذت قريش، فناسب ذكر قصتهما للآية التي قبلها.
وآيات موسى هي المعجزات التي أتى بها.
وخص الملائكة بالذكر، وهم الأشراف لأن غيرهم من الناس تبع لهم.
{فلما جاءهم بآياتنا}، قبله كلام محذوف تقديره: فطالبوه بما يدل على صحة دعواه الرسالة من الله.
{فلما جاءهم بآياتنا}، وهي انقلاب العصا ثعبانًا وعودها عصًا، وإخراج اليد البيضاء نيرة، وعودها إلى لونها الأول، {إذا هم منها يضحكون}، أي فاجأهم الضحك بحيث لم يفكروا ولم يتأملوا، بل بنفس ما رأوا ذلك ضحكوا سخرية واستهزاء، كما كانت قريش تضحك.
قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاز أن يجاب لما بإذا المفاجأة؟ قلت: لأن فعل المفاجأة معها مقدر، وهو عامل النصب في محلها، كأنه قيل: فلما جاءهم بآياتنا فاجؤا وقت ضحكهم. انتهى.
ولا نعلم نحويًا ذهب إلى ما ذهب إليه هذا الرجل، من أن إذا الفجائية تكون منصوبة بفعل مقدر تقديره فاجأ، بل المذاهب فيها ثلاثة: مذهب أنها حرف، فلا تحتاج إلى عامل، ومذهب أنها ظرف مكان، فإن صرح بعد الاسم بعدها بخبر له كان ذلك الخبر عاملًا فيها نحو: خرجت فإذا زيد قائم، فقائم ناصب لإذا، كأن التقدير: خرجت ففي المكان الذي خرجت فيه زيد قائم؛ ومذهب أنها ظرف زمان، والعامل فيه الخبر أيضًا، كأنه قال: ففي الزمان الذي خرجت فيه زيد قائم، وإن لم يذكر بعد الاسم خبر، أو ذكر اسم منصوب على الحال، كانت إذا خبرًا للمبتدأ.
فإن كان المبتدأ جثة، وقلنا إذا ظرف مكان، كان الأمر واضحًا؛ وإن قلنا ظرف زمان، كان الكلام على حذف، أي ففي الزمان حضور زيد.
وما ادعاه الزمخشري من إضمار فعل المفاجأة، لم ينطق به ولا في موضع واحد.
ثم المفاجأة التي ادعاها لا يدل المعنى على أنها تكون من الكلام السابق، بل المعنى يدل على أن المفاجأة تكون من الكلام الذي فيه إذا.
تقول: خرجت فإذا الأسد، والمعنى: ففاجأني الأسد، وليس المعنى: ففاجأت الأسد.
{وما نريهم من آية إلا هي أكر من أختها}، قال الزمخشري: فإن قلت: إذا جاءتهم آية واحدة من جملة التسع، فما أختها التي فضلت عليها في الكبر من بقية الآيات؟ قلت: أختها التي هي آية مثلها، وهذه صفة كل واحدة منهما، فكان المعنى على أنها أكبر من بقية الآيات.
قلت: أختها التي هي آية مثلها على سبيل التفضيل والاستقراء، واحدة بعد واحدة، كما تقول: هو أفضل رجل رأيته، تريد تفضيله على أمة الرجال الذين رأيتهم إذا قدرتهم رجلًا.
فإن قلت: فهو كلام متناقض، لأن معناه: ما من آية من التسع إلا وهي أكبر من كل واحدة منها، فتكون كل واحدة منها فاضلة ومفضولة في حالة واحدة، قلت: الغرض بهذا الكلام أنهن موصوفات بالكبر، لا يكدن يتفاوتن فيه، وكذلك العادة في الأشياء التي تتلاقى في الفضل وتتقارب منازلهم فيه التقارب اليسير، إن تختلف آراء الناس في تفضيلها فيفضل بعضهم هذا وبعضهم ذاك، فعلى هذا بنى الناس كلامهم فقالوا: رأيت رجالًا بعضهم أفضل من بعض، وربما اختلفت آراء الرجال الواحد فيها، فتارة يفضل هذا، وتارة يفضل ذاك، ومنه بيت الحماسة:
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم ** مثل النجوم التي يسري بها الساري

وقد فاضلت الأنمارية بين الكملة من بنيها ثم قالت: لما أبصرت مراتبهم متدانية قليلة التفاوت، ثكلتهم إن كنت أعلم أيهم أفضل، هم كالحلقة المفرغة، لا يدري أين طرفاها.
انتهى، وهو كلام طويل، ملخصه: أن الوصف بالأكبرية مجاز، وأن ذلك بالنسبة إلى الناظرين فيها.
وقال ابن عطية: عبارة عن شدة موقعها في نفوسهم بحدة أمرها وحدوثه، وذلك أن آية عرضها موسى، هي العصا واليد، وكانت أكبر آياته، ثم كل آية بعد ذلك كانت تقع فيعظم عندها مجيئها وتكبر، لأنهم كانوا نسوا التي قبلها، فهذا كما قال الشاعر:
على أنها تعفو الكلوم وإنما ** يوكل بالأدنى وإن جل ما يمضي

وذهب الطبري إلى أن الآيات هنا الحجج والبينات. انتهى.
وقيل: كانت من كبار الآيات، وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها؛ فعلى هذا يكون ثم صفة محذوفة، أي من أختها السابقة عليها، ولا يبقى في الكلام تعارض، ولا يكون ذلك الحكم في الآية الأولى، لأنه لم يسبقها شيء، فتكون أكبر منه.
وقيل: الأولى تقتضي علمًا، والثانية تقتضي علمًا منضمًا إلى علم الأولى، فيزداد الرجوح.
وكنى بأختها: مناسبتها، تقول: هذه الذرة أخت هذه، أي مناسبتها.
{وأخذناهم بالعذاب}: {بالسنين ونقص من الثمرات} و{الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم} وذلك عقاب لهم، وآيات لموسى {لعلهم يرجعون} عن كفرهم.
قال الزمخشري: لعلهم يرجعون، أراد أن يرجعوا عن الكفر إلى الإيمان.
فإن قلت: لو أراد رجوعهم لكان.
قلت: إرادته فعل غيره، ليس إلا أن يأمره به ويطلب منه إيجاده، فإن كان ذلك على سبيل القسر وجد، والإداريين أن يوجد وبين أن لا يوجد على اختيار المكلف، وإنما لم يكن الرجوع، لأن الإرادة لم تكن قسرًا ولم يختاروه.
انتهى، وهو على طريق الاعتزال.
وقال ابن عطية: لعلهم، ترجّ بحسب معتقد البشر وظنهم.
{وقالوا يا أيه الساحر ادع لنا ربك}: أي في كشف العذاب.
قال الجمهور: هو خطاب تعظيم، لأن السحر كان علم زمانهم، أو لأنهم استصحبوا له ما كانوا يدعون به أولًا، ويكون قولهم: {بما عهد عندك إننا لمهتدون}: إخبار مطابق مقصود، وقيل: بل خطاب استهزاء وانتقاص، ويكون قولهم: {بما عهد عندك}، أي على زعمك، وقوله: و{إننا لمهتدون}: إخبار مطابق على شرط دعائه، وكشف العذاب وعهد معزوم على نكثه.
ألا ترى: {فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثرون}؟ وعلى القول الأول يكون قوله: {فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثرون} جاريًا على أكثر عادة الناس، إذا مسه الضر تضرع ودعا، وإذا كشف عنه رجع إلى عادته الأولى، كقوله: {فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون} ثم إذا كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه.
وقوله: {بما عهد عندك}، محتمل أن يكون من أن دعوتك مستجابة، وفي الكلام حذف، أي فدعا موسى، فكشف {فلما كشفنا}.