فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما بطلت الشبهة على تقدير ببرهان، وعلى آخر بشبهة أقوى منها، وظهر الأمر واتضح الحق في أنه سبحانه يشاء لشخص فعل شيء ولآخر عدم فعل ذلك الشيء وفعل ضده أو نقيضه، ومن المعلوم قطعًا أنه لا يكون فعل النقيضين ولا الضدين في آن واحد حقًا من وجه واحد، فعرف بذلك أن العبرة في الحلال والحرام بأمره ونهيه لا بإرادته، وأنه لولا ذلك لما علم أنه فاعل بالاختيار يخص من يشاء من عباده بما يشاء بعد أن عمهم بما شاء، كان موضع التنزيه عما نسبوه إليه من الباطل، فقال منزهًا على وجه مظهر أنه لا يصح أن ينسب إليه ولد أصلًا: {سبحان رب} أي مبدع ومالك {السماوات} ولما كان المقام للتنزيه وجهة العلوية أجدر، لأنه أبعد عن النقص والنقيض، ولم يقتض الحال إعادة لفظ الرب بخلاف ما يأتي آخر الجاثية، فإنه لإثبات الكمال ونظره إلى جميع الأشياء على حد سواء فقال: {والأرض} أي اللتين كل ما فيهما ومن فيهما مقهور مربوب محتاج لا يصح أن يكون له منه سبحانه نسبة بغير العبودية بالإيجاد والتربية.
ولما كانت خاصة الملك أن يكون له ما لا يصل إليه غيره بوجه أصلًا، قال محققًا لملكه لجميع ما سواه ومن سواه وملكه له، ولم يعد العاطف لأن العرش من السماوات: {رب العرش} أي المختص به لكونه خاصة الملك الذي وسع كرسيه السماوات والأرض {عما يصفون} من أنه له ولد أو شريك.
ولما حصحص الحق لمعت في الموجود كله أعلام الصدق بعد بطلان شبهتهم وبيان أغلوطتهم، عرف أنهم فاعلون بوضع الأشيء في غير مواضعها فعل الخائض اللاعب، فقال مسببًا عن ذلك: {فذرهم} أي اتركهم على أسوأ أحوالهم {يخوضوا} أي يفعلوا فعل الخائض في الماء في وضع رجله التي هي عماده فيما لا يعرفه، وقد لا يرضاه لكونه لا علم له به {ويلعبوا} أي يفعلوا فعل اللاعب في انهماكه في فعل ما ينقصه ولا يزيده {حتى يلاقوا} أي يفعلوا بتصريم أعمارهم في فعل ما لا ينفعهم فعل المجتهدين في أن يلقوا {يومهم الذي يوعدون} بوعد لا خلف فيه فيظهر فيه وعيدهم ويحق تهديدهم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (81)} فيه مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ حمزة والكسائي {وَلَدَ} بضم الواو وإسكان اللام والباقون بفتحهما {فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} قرأ نافع {فَأَنا} بفتحة طويلة على النون والباقون بلا تطويل.
المسألة الثانية:
اعلم أن الناس ظنوا أن قوله: {قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} لو أجريناه على ظاهره فإنه يقتضي وقوع الشك في إثبات ولد لله تعالى، وذلك محال فلا جرم افتقروا إلى تأويل الآية، وعندي أنه ليس الأمر كذلك وليس في ظاهر اللفظ ما يوجب العدول عن الظاهر، وتقريره أن قوله: {إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} قضية شرطية والقضية الشرطية مركبة من قضيتين خبريتين أدخل على إحداهما حرف الشرط وعلى الأخرى حرف الجزاء فحصل بمجموعها قضية واحدة، ومثاله هذه الآية فإن قوله: {إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} قضية مركبة من قضيتين: إحداهما: قوله: {قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ}، والثانية: قوله: {فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} ثم أدخل حرف الشرط وهو لفظة إن على لقضية الأولى وحرف الجزاء وهو الفاء على القضية الثانية فحصل من مجموعهما قضية الأولى واحدة، وهو القضية الشرطية، إذ عرفت هذا فنقول القضية الشرطية لا تفيد إلا كون الشرط مستلزمًا للجزاء، وليس فيه إشعار بكون الشرط حقًا أو باطلًا أو بكون الجزاء حقًا أو باطلًا، بل نقول القضية الشرطية الحقة قد تكون مركبة من قضيتين حقيتين أو من قضيتين باطلتين أو من شرط باطل وجزاء حق أو من شرط حق وجزاء باطل، فأما القسم الرابع وهو أن تكون القضية الشرطية الحقة مركبة من شرط حق وجزاء باطل فهذا محال.
ولنبين أمثال هذه الأقسام الأربعة، فإذا قلنا إن كان الإنسان حيوانًا فالإنسان جسم فهذه شرطية حقة وهي مركبة من قضيتين حقيتين، إحداهما قولنا الإنسان حيوان، والثانية قولنا الإنسان جسم، وإذا قلنا إن كانت الخمسة زوجًا كانت منقسمة بمتساويين فهذه شرطية حقة لكنها مركبة من قولنا الخمسة زوج، ومن قولنا الخمسة منقسمة بمتساويين وهما باطلان، وكونهما باطلين لا يمنع من أن يكون استلزام أحدهما للآخر حقًا، وقد ذكرنا أن القضية الشرطية لا تفيد إلا مجرد الاستلزام وإذا قلنا إن كان الإنسان حجرًا فهو جسم، فهذا جسم، فهذا أيضًا حق لكنها مركبة من شرط باطل وهو قولنا الإنسان حجر، ومن جزء حق وهو قولنا الإنسان جسم، وإنما جاز هذا لأن الباطل قد يكون بحيث يلزم من فرض وقوعه وقوع حق، فإنا فرضنا كون الإنسان حجرًا وجب كونه جسمًا فهذا شرط باطل يستلزم جزءًا حقًا.
وأما القسم الرابع: وهو تركيب قضية شرطية حقة من شرط حق وجزاء باطل، فهذا محال، لأن هذا التركيب يلزم منه كون الحق مستلزمًا للباطل وذلك محال بخلاف القسم الثالث فإنه يلزم منه كون الباطل مستلزمًا للحق وذلك ليس بمحال، إذا عرفت هذا الأصل فلنرجع إلى الآية فنقول قوله: {إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} قضية شرطية حقة من شرط باطل ومن جزاء باطل لأن قولنا كان للرحمن ولد باطل، وقولنا أنا أول العابدين لذلك الولد باطل أيضًا إلا أنا بينا أن كون كل واحد منهما باطلًا لا يمنع من أن يكون استلزام أحدهما للآخر حقًا كما ضربنا من المثال في قولنا إن كانت الخمسة زوجًا كانت منقسمة بمتساويين، فثبت أن هذا الكلام لا امتناع في إجرائه على ظاهره، ويكون المراد منه أنه إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين لذلك الولد، فإن السلطان إذا كان له ولد فكما يجب على عبده أن يخدمه فكذلك يجب عليه أن يخدم ولده، وقد بينا أن هذا التركيب لا يدل على الاعتراف بإثبات ولد أم لا.
ومما يقرب من هذا الباب قوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22] فهذا الكلام قضية شرطية والشرط هو قولنا {فِيهِمَا آلِهَةٌ} والجزاء هو قولنا {فسدتا} فالشرط في نفسه باطل والجزاء أيضًا باطل لأن الحق أنه ليس فيهما آلهة، وكلمة لو تفيد الشيء بانتفاء غيره لأنهما ما فسدتا ثم مع كون الشرط باطلًا وكون الجزاء باطلًا كان استلزام ذلك الشرط لهذا الجزاء حقًا فكذا ههنا، فإن قالوا الفرق أن ههنا ذكر الله تعالى هذه الشرطية بصيغة لو فقال: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ} وكلمة لو تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، وأما في الآية التي نحن في تفسيرها إنما ذكر الله تعالى كلمة إن وهذه الكلمة لا تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره، بل هذه الكلمة تفيد الشك في أنه هل حصل الشرط أم لا، وحصول هذا الشك للرسول غير ممكن، قلنا الفرق الذي ذكرتم صحيح إلا أن مقصودنا بيان أنه لا يلزم من كون الشرطية صادقة كون جزءيها صادقتين أو كاذبتين على ما قررناه أما قوله إن لفظة إن تفيد حصول الشرط هل حصل أم لا، قلنا هذا ممنوع فإن حرف إن حرف الشرط وحرف الشرط لا يفيد إلا كون الشرط مستلزمًا للجزار، وأما بيان أن ذلك الشرط معلوم الوقوع أو مشكوك الوقوع، فاللفظ لا دلالة فيه عليه ألبتة، فظهر من المباحث التي لخصناها أن الكلام ههنا ممكن الإجراء على ظاهره من جميع الوجوه وأنه لا حاجة فيه ألبتة إلى التأويل، والمعنى أنه تعالى قال: {قُلْ} يا محمد {إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} لذلك الولد وأنا أول الخادمين له، والمقصود من هذا الكلام بيان أنى لا أنكر ولده لأجل العناد والمنازعة فإن بتقدير أن يقوم الدليل على ثبوت هذا الولد كنت مقرأ به معترفًا بوجوب خدمته إلا أنه لم يوجد هذا الولد ولم يقم الدليل على ثبوته ألبتة، فكيف أقول به؟ بل الدليل القاطع قائم على عدمه فكيف أقول به وكيف أعترف بوجوده؟ وهذا الكلام ظاهر كامل لا حاجة به ألبتة إلى التأويل والعدول عن الظاهر، فهذا ما عندي في هذا الموضع ونقل عن السدي من المفسرين أنه كان يقول حمل هذه الآية على ظاهرها ممكن ولا حاجة إلى التأويل، والتقرير الذي ذكرناه يدل على أن الذي قاله هو الحق، أما القائلون بأنه لابد من التأويل فقد ذكروا وجوهًا الأول: قال الواحدي كثرت الوجوه في تفسير هذه الآية، والأقوى أن يقال المعنى {إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ} في زعمكم {فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} أي الموحدين لله المكذبين لقولكم بإضافة الولد إليه، ولقائل أن يقول إما أن يكون تقدير الكلام: إن يثبت للرحمن ولد في نفس الأمر فأنا أول المنكرين له أو يكون التقدير إن يثبت لكم ادعاء أن للرحمن ولدًا فأنا أول المنكرين له، والأول: باطل لأن ثبوت الشيء في نفسه لا يقتضي كون الرسول منكرًا له، لأن قوله إن كان الشيء ثابتًا في نفسه فأنا أول المنكرين يقتضي إصراره على الكذب والجهل وذلك لا يليق بالرسول، والثاني: أيضًا باطل لأنهم سواء أثبتوا لله ولدًا أو لم يثبتوه له فالرسول منكر لذلك الولد، فلم يكن لزعمهم تأثير في كون الرسول منكرًا لذلك الولد فلم يصلح جعل زعمهم إثبات الولد مؤثرًا في كون الرسول منكرًا للولد.
الوجه الثاني: قالوا معناه: إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين الآنفين من أن يكون له ولد من عبد يعبد إذا اشتدت أنفته فهو عبد وعابد، وقرأ بعضهم {عبدين}.
واعلم أن السؤال المذكور قائم ههنا لأنه إن كان المراد: إن كان للرحمن ولد في نفس الأمر فأنا أول الآنفين من الإقرار به، فهذا يقتضي الإصرار على الجهل والكذب، وإن كان المراد إن كان للرحمن ولد في زعمكم واعتقادكم فأنا أول الآنفين، فهذا التعليق فاسد لأن هذه الأنفة حاصلة سواء حصل ذلك الزعم والاعتقاد أو لم يحصل، وإذا كان الأمر كذلك لم يكن هذا التعليق جائزًا.
والوجه الثالث: قال بعضهم إن كلمة إن ههنا هي النافية والتقدير ما كان للرحمن ولد فأنا أول الموحدين من أهل مكة أن لا ولد له.
واعلم أن التزام هذه الوجوه البعيدة إنما يكون للضرورة، وقد بينا أنه لا ضرورة ألبتة فلم يجز المصير إليها، والله أعلم.
ثم قال سبحانه وتعالى: {سبحان رَبِّ السموات والأرض رَبِّ العرش عَمَّا يَصِفُونَ} والمعنى أن إله العالم يجب أن يكون واجب الوجود لذاته، وكل ما كان كذلك فهو فرد مطلق لا يقبل التجزأ بوجه من الوجوه، والولد عبارة عن أن ينفصل عن الشيء جزء من أجزائه فيتولد عن ذلك الجزء شخص مثله، وهذا إنما يعقل فيما تكون ذاته قابلة للتجزىء والتبعيض، وإذا كان ذلك محالًا في حق إله العالم امتنع إثبات الولد له، ولما ذكر هذا البرهان القاطع قال: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حتى يلاقوا يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ} والمقصود منه التهديد، يعني قد ذكرت الحجة القاطعة على فساد ما ذكروا وهم لم يلتفتوا إليها لأجل كونهم مستغرقين في طلب المال والجاه والرياسة فاتركهم في ذلك الباطل واللعب حتى يصلوا إلى ذلك اليوم الذي وعدوا فيه بما وعدوا، والمقصود منه التهديد. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ للرحمن وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين}.
اختلف في معناه؛ فقال ابن عباس والحسن والسُّدّي: المعنى ما كان للرحمن ولد، فـ: (إن) بمعنى ما، ويكون الكلام على هذا تامًا، ثم تبتدىء: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أي الموحدين من أهل مكة على أنه لا ولد له.
والوقف على {الْعَابِدِينَ} تام.
وقيل: المعنى قل يا محمد إن ثبت للّه ولد فأنا أوّل من يعبد ولَده، ولكن يستحيل أن يكون له ولد؛ وهو كما تقول لمن تناظره: إن ثبت ما قلت بالدليل فأنا أوّل من يعتقده؛ وهذا مبالغة في الاستبعاد؛ أي لا سبيل إلى اعتقاده.
وهذا ترقيق في الكلام؛ كقوله: {وَإِنَّآ أَوْ إِيَّاكُمْ لعلى هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} [سبأ: 24].
والمعنى على هذا: فأنا أوّل العابدين لذلك الولد، لأن تعظيم الولد تعظيم للوالد.
وقال مجاهد: المعنى إن كان للرحمن ولد فأنا أوّل من عبده وحده، على أنه لا ولد له.
وقال السُّدّي أيضًا: المعنى لو كان له ولد كنت أوّل من عبده على أن له ولدًا؛ ولكن لا ينبغي ذلك.
قال المهدويّ: فـ: (إن) على هذه الأقوال للشرط، وهو الأجود، وهو اختيار الطبري، لأن كونها بمعنى ما يتوهم معه أن المعنى لم يكن له فيما مضى.
وقيل: إن معنى {الْعَابِدِينَ} الآنفين.
وقال بعض العلماء: لو كان كذلك لكان العَبِدِينَ.
وكذلك قرأ أبو عبد الرحمن واليماني {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَبِدِينَ} بغير ألف، يقال: عَبِدَ يَعْبَدَ عَبَدًا (بالتحريك) إذا أنِف وغضِب فهو عَبِد، والاسم العَبَدة مثل الأنفة، عن أبي زيد.
قال الفرزدق:
أولئك أجلاسي فجئني بمثلهم ** وأَعْبُدُ أن أهْجُو كُلَيْبًا بدارِمِ

وينشد أيضًا:
أولئك ناس إن هَجَوْنِي هجوتهم ** وأَعْبُدُ أن يُهجي كُلَيْبٌ بدارمِ

قال الجوهري: وقال أبو عمرو وقوله تعالى: {فَأَنَاْ أَوَّلُ العابدين} من الأَنَف والغضب، وقاله الكسائي والقُتَبي، حكاه الماوردي عنهما.
وقال الهَرَوِي: وقوله تعالى: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} قيل هو من عَبِد يَعْبَد؛ أي من الآنفين.
وقال ابن عرفة: إنما يقال عَبِد يَعبَدُ فهو عَبِد؛ وقلّما يقال عابد، والقرآن لا يأتي بالقليل من اللغة ولا الشاذ، ولكن المعنى فأنا أوّل من يعبد الله عز وجلّ على أنه واحد لا ولد له.
وروي أن امرأة دخلت على زوجها فولدت منه لستة أشهر، فذُكر ذلك لعثمان رضي الله عنه فأمر برجمها؛ فقال له عليّ: قال الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وقال في آية أخرى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] فوالله ما عَبِد عثمانُ أن بعث إليها تُرَدّ.
قال عبد الله بن وهب: يعني ما استنكف ولا أنِف.
وقال ابن الأعرابي: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أي الغضاب الآنفين.
وقيل: {فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} أي أنا أوّل من يعبده على الوحدانية مخالفًا لكم.
أبو عبيدة: معناه الجاحدين؛ وحكي: عَبَدَني حَقّي أي جحدني.
وقرأ أهل الكوفة إلا عاصمًا {وُلْد} بضم الواو وإسكان اللام.
الباقون وعاصم {ولد} وقد تقدّم.
{سُبْحَانَ رَبِّ السماوات والأرض} أي تنزيهًا له وتقديسًا.
نَزَّه نفسه عن كل ما يقتضي الحدوث، وأمرَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بالتنزيه.
{عَمَّا يَصِفُونَ} أي عما يقولون من الكذب.
قوله تعالى: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ} يعني كفار مكة حين كذبوا بعذاب الآخرة.
أي اتركهم يخوضوا في باطلهم ويلعبوا في دنياهم {حتى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الذي يُوعَدُونَ} إمّا العذاب في الدنيا أو في الآخرة.
وقيل: إن هذا منسوخ بآية السيف.
وقيل: هو مُحْكم، وإنما أخرج مخرج التهديد.
وقرأ ابن مُحيْصِن ومجاهد وحُميد وابن القَعْقَاع وابن السَّمَيْقَع {حَتَّى يَلْقَوا} بفتح الياء وإسكان اللام من غير ألف؛ وفتح القاف هنا وفي (الطور) و(المعارج).
الباقون {يُلاَقُوا}. اهـ.

.قال الألوسي: