فصل: قال سيد قطب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفيه نظر؛ لأنه جمود على الظاهر البحت هنا، والغفلة عن نظائره. من نحو قول إبراهيم عليه السلام لأبيه: {سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي} [مريم: 47]، وآية: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 55]، على أن الأكثر على أن الخبر هنا محذوف، أي: عليكم والمقدر كالمذكور، والمحذوف لعلة كالثابت، فالصواب أن السلام للمتاركة. والله أعلم: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أي: حقية ما أرست به، بسموّ الحق، وزهوق الباطل.
تنبيه:
قرئ: {وقيلَه} بالنصب عطفًا على، {سرّهم ونجواهم}. وضعّف بوقوع الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، بما لا يحسن اعتراضًا، أو على محل الساعة؛ لأنه في محل نصب؛ لأنه مصدر مضاف لمفعوله، أو بإضمار فعله؛ أي: وقال قيله.
وقرئ بالجر عطفًا على {الساعة}، أو الواو للقسم، والجواب محذوف؛ أي: لأفعلن بهم ما أريد، أو مذكور وهو قوله: {إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ}.
وقرئ بالرفع عطفًا على {علم الساعة}، بتقدير مضاف؛ أي: وعندهم علم قيله، أو مرفوع بالابتداء، وجملة يا رب إلخ هو الخبر. أو الخبر محذوف؛ أي: وقيله كيت وكيت، مسموع أو متقبل. وفي (الحواشي) مجازيات جدلية، فازدد بمراجعتها علمًا. اهـ.

.قال سيد قطب:

{وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (57)}.
في هذا الدرس الأخير من السورة يستطرد السياق إلى حكاية أساطيرهم حول عبادة الملائكة؛ ويحكي حادثًا من حوادث الجدل الذي كانوا يزاولونه، وهم يدافعون عن عقائدهم الواهية، لا بقصد الوصول إلى الحق، ولكن مراء ومحالًا!
فلما قيل لهم: إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم. وكان القصد هو أصنامهم التي جعلوها تماثيل للملائكة ثم عبدوها بذاتها. وقيل لهم: إن كل عابد وما يعبد من دون الله في النار. لما قيل لهم هذا ضرب بعضهم المثل بعيسى ابن مريم وقد عبده المنحرفون من قومه أهو في النار؟ وكان هذا مجرد جدل ومجرد مراء. ثم قالوا: إذا كان أهل الكتاب يعبدون عيسى وهو بشر فنحن أهدى إذ نعبد الملائكة وهم بنات الله! وكان هذا باطلًا يقوم على باطل.
وبهذه المناسبة يذكر السياق طرفًا من قصة عيسى ابن مريم، يكشف عن حقيقته وحقيقة دعوته، واختلاف قومه من قبله ومن بعده.
ثم يهدد المنحرفين عن سواء العقيدة جميعًا بمجيء الساعة بغتة. وهنا يعرض مشهدًا مطولًا من مشاهد القيامة، يتضمن صفحة من النعيم للمتقين، وصفحة من العذاب الأليم للمجرمين.
وينفي أساطيرهم عن الملائكة، وينزه الله سبحانه عما يصفون، ويعرفه لعباده ببعض صفاته؛ وملكيته المطلقة للسماء والأرض والدنيا والآخرة وإليه يرجعون.
ويختم السورة بتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصفح عنهم والإعراض ويدعهم ليعملوا ما سيعملون! وهو تهديد ملفوف يليق بالمجادلين المرائين بعد هذا الإيضاح والتبيين.
{ولما ضرب ابن مريم مثلًا إذا قومك منه يصدون وقالوا أآلهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلًا بل هم قوم خصمون إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلًا لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم}.
ذكر ابن إسحاق في السيرة قال: «جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم، وفي المجلس غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض له النضر بن الحارث، فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أفحمه. ثم تلا عليه وعليهم: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون}.. الآيات.. ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عبد الله بن الزبعري التميمي حتى جلس. فقال الوليد بن المغيرة له: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد! وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال عبد الله بن الزبعري: أما والله لو وجدته لخصمته. سلوا محمدًا أكل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرًا، والنصارى تعبد المسيح ابن مريم. فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعري ورأوا أنه قد احتج وخاصم. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده. فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته» فأنزل الله عز وجل: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.. أي عيسى وعزير ومن عبد معهما من الأحبار والرهبان الذين مضوا على طاعة الله عز وجل، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلالة أربابًا من دون الله، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه الصلاة والسلام، وأنه يعبد من دون الله، وعجب الوليد ومن حضر من حجته وخصومته: {ولما ضرب ابن مريم مثلًا إذا قومك منه يصدون}.. أي يصدون عن أمرك بذلك.
وذكر صاحب الكشاف في تفسيره: لما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على قريش: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} امتعضوا من ذلك امتعاضًا شديدًا. فقال عبد الله بن الزبعري: يا محمد. أخاصة لنا ولآلهتنا أم لجيمع الأمم؟ فقال عليه السلام: «هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم» فقال: خصمتك ورب الكعبة! ألست تزعم أن عيسى ابن مريم نبي، وتثني عليه خيرًا وعلى أمه؟ وقد علمت أن النصارى يعبدونهما؟ وعزير يعبد؟ والملائكة يعبدون؟ فإن كل هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم! ففرحوا وضحكوا. وسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى} ونزلت هذه الآية. والمعنى: ولما ضرب عبد الله بن الزبعري عيسى ابن مريم مثلًا، وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادة النصارى إياه {إذا قومك} قريش من هذا المثل {يصدون} ترتفع لهم جلبة وضجيج، فرحًا وجذلًا وضحكًا بما سمعوا من إسكات رسول الله- صلى الله عليه وسلم بجدله، كما يرتفع لغط القوم ولجبهم إذا تعبوا بحجة ثم فتحت عليهم. وأما من قرأ {يصدون} بالضم فمن الصدود. أي من أجل هذا المثل يصدون عن الحق ويعرضون عنه.
وقيل: من الصديد وهو الجبة. وأنهما لغتان نحو يعكُف ويعكِف ونظائر لهما.
{وقالوا أآلهتنا خير أم هو} يعنون أن آلهتنا عندك ليست بخير من عيسى؛ وإذا كان عيسى من حصب النار كان أمر آلهتنا هينًا!.
ولم يذكر صاحب الكشاف من أين استقى روايته هذه. وهي تتفق في عمومها مع رواية ابن إسحاق.
ومن كليهما يتضح الالتواء في الجدل، والمراء في المناقشة. ويتضح ما يقرره القرآن عن طبيعة القوم وهو يقول: {بل هم قوم خصمون}.. ذوو لدد في الخصومة ومهارة. فهم يدركون من أول الأمر ما يقصد إليه القرآن الكريم وما يقصد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فيلوونه عن استقامته، ويتلمسون شبهة في عموم اللفظ فيدخلون منها بهذه المماحكات الجدلية، التي يغرم بمثلها كل من عدم الإخلاص، وفقد الاستقامة؛ يكابر في الحق، ويعمد إلى شبهة في لفظ أو عبارة أو منفذ خلفي للحقيقة! ومن ثم كان نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشديده عن المراء، الذي لا يقصد به وجه الحق، إنما يراد به الغلبة من أي طريق.
قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، عن عبادة بن عبادة، عن جعفر، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يتنازعون في القرآن. فغضب غضبًا شديدًا، حتى كأنما صب على وجهه الخل. ثم قال: صلى الله عليه وسلم: «لا تضربوا كتاب الله بعضه ببعض. فإنه ما ضل قوم قط إلا أوتوا الجدل». ثم تلا صلى الله عليه وسلم: {ما ضربوه لك إلا جدلًا بل هم قوم خصمون}.
وهناك احتمال في تفسير قوله تعالى: {وقالوا أآلهتنا خير أم هو} يرشح له سياق الآيات في صدد أسطورتهم عن الملائكة. وهم أنهم عنوا أن عبادتهم للملائكة خير من عبادة النصارى لعيسى ابن مريم. بما أن الملائكة أقرب في طبيعتهم وأقرب نسبًا حسب اسطورتهم من الله سبحانه وتعالى عما يصفون. ويكون التعقيب بقوله تعالى: {ما ضربوه لك إلا جدلًا بل هم قوم خصمون}.. يعني الرد على ابن الزبعري كما سبق. كما يعني أن ضربهم المثل بعبادة النصارى للمسيح باطل. فعمل النصارى ليس حجة لأنه انحراف عن التوحيد. كانحرافهم هم. فلا مجال للمفاضلة بين انحراف وانحراف. فكله ضلال. وقد أشار إلى هذا الوجه بعض المفسرين أيضًا. وهو قريب.
ومن ثم جاء التعقيب بعد هذا:
{إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلًا لبني إسرائيل}.
فليس إلهًا يعبد كما انحرف فريق من النصارى فعبدوه.
إنما هو عبد أنعم الله عليه. ولا جريرة له في عبادتهم إياه. فإنما أنعم الله عليه ليكون مثلًا لبني إسرائيل ينظرون إليه ويتأسون به. فنسوا المثل، وضلوا السبيل!
واستطرد إلى أسطورتهم حول الملائكة، يبين لهم أن الملائكة خلق من خلق الله مثلهم. ولو شاء الله لجعل الملائكة يخلفونهم في هذه الأرض، أو لحول بعض الناس إلى ملائكة يخلفونهم في الأرض:
{ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون}.
فمرد الأمر إلى مشيئة الله في الخلق. وما يشاؤه من الخلق يكون. وليس أحد من خلقه يمت إليه بنسب، ولا يتصل به سبحانه إلا صلة المخلوق بالخالق، والعبد بالرب، والعابد بالمعبود.
ثم يعود إلى تقرير شىء عن عيسى عليه السلام. يذكرهم بأمر الساعة التي يكذبون بها أو يشكون فيها:
{وإنه لعلم الساعة فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين}.
وقد وردت أحاديث شتى عن نزول عيسى عليه السلام إلى الأرض قبيل الساعة وهو ما تشير إليه الآية: {وإنه لعلم للساعة} بمعنى أنه يُعلم بقرب مجيئها، والقراءة الثانية {وإنه لَعَلَم للساعة} بمعنى أمارة وعلامة. وكلاهما قريب من قريب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها».
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. فينزل عيسى ابن مريم، فيقول أميرهم: تعال: صل لنا. فيقول: لا. إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله تعالى لهذه الأمة».
وهو غيب من الغيب الذي حدثنا عنه الصادق الأمين وأشار إليه القرآن الكريم، ولا قول فيه لبشر إلا ما جاء من هذين المصدرين الثابتين إلى يوم الدين.
{فلا تمترن بها واتبعون هذا صراط مستقيم}.
وكانوا يشكون في الساعة، فالقرآن يدعوهم إلى اليقين. وكانوا يشردون عن الهدى، والقرآن يدعوهم على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اتباعه فإنه يسير بهم في الطريق المستقيم، القاصد الواصل الذي لا يضل سالكوه.
ويبين لهم أن انحرافهم وشردوهم أثر من اتباع الشيطان. والرسول أولى أن يتبعوه:
{ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين}.
والقرآن لا يفتأ يذكر البشر بالمعركة الخالدة بينهم وبين الشيطان منذ أبيهم آدم، ومنذ المعركة الأولى في الجنة. وأغفل الغافلين من يعلم أن له عدوًا يقف له بالمرصاد، عن عمد وقصد، وسابق إنذار وإصرار؛ ثم لا يأخذ حذره؛ ثم يزيد فيصبح تابعًا لهذا العدو الصريح!
وقد أقام الإسلام الإنسان في هذه المعركة الدائمة بينه وبين الشيطان طوال حياته على هذه الأرض؛ ورصد له من الغنيمة إذا هو انتصر ما لا يخطر على قلب بشر، ورصد له من الخسران إذا هو اندحر ما لا يخطر كذلك على قلب بشر.
وبذلك حول طاقة القتال فيه إلى هذه المعركة الدائبة؛ التي تجعل من الإنسان إنسانًا، وتجعل له طابعه الخاص بين أنواع الخلائق المتنوعة الطبائع والطباع! والتي تجعل أكبر هدف للإنسان على الأرض أن ينتصر على عدوه الشيطان؛ فينتصر على الشر والخبث والرجس؛ ويثبت في الأرض قوائم الخير والنصح والطهر.
وبعد هذه اللفتة يعود إلى بيان حقيقة عيسى عليه السلام وحقيقة ما جاء به؛ وكيف اختلف قومه من قبله ثم اختلفوا كذلك من بعده:
{ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم}.
فعيسى جاء قومه بالبينات الواضحات سواء من الخوارق التي أجراها الله على يديه، أو من الكلمات والتوجيهات إلى الطريق القويم. وقال لقومه: {قد جئتكم بالحكمة}. ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا، وأمن الزلل والشطط أمنه للتفريط والتقصير؛ واطمأن إلى خطواته في الطريق على اتزان وعلى نور. وجاء ليبين لهم بعض الذي يختلفون فيه. وقد اختلفوا في كثير من شريعة موسى عليه السلام وانقسموا فرقًا وشيعًا. ودعاهم إلى تقوى الله وإلى طاعته فيما جاءهم به من عند الله. وجهر بكلمة التوحيد خالصة لا مواربة فيها ولا لبس ولا غموض: {إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه}.. ولم يقل: إنه إله، ولم يقل: إنه ابن الله. ولم يشر من قريب أو بعيد إلى صلة له بربه غير صلة العبودية من جانبه والربوبية من جانب الله رب الجميع. وقال لهم: إن هذا صراط مستقيم لا التواء فيه ولا اعوجاج، ولا زلل فيه ولا ضلال. ولكن الذين جاءوا من بعده اختلفوا أحزابًا كما كان الذين من قبله مختلفين أحزابًا. اختلفوا ظالمين لا حجة لهم ولا شبهة: {فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم}.
لقد كانت رسالة عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل؛ وكانوا ينتظرونه ليخلصهم مما كانوا فيه من الذل تحت حكم الرومان؛ وقد طال انتظارهم له، فلما جاءهم نكروه وشاقوه، وهموا أن يصلبوه!
ولقد جاء المسيح فوجدهم شيعًا ونحلا كثيرة، أهمها أربع فرق أو طوائف.
طائفة الصدوقيين نسبة إلى (صدوق) وإليه وإلى أسرته ولاية الكهانة من عهد داود وسليمان.
وحسب الشريعة لابد أن يرجع نسبه إلى هارون أخي موسى. فقد كانت ذريته هي القائمة على الهيكل. وكانوا بحكم وظيفتهم واحترافهم متشددين في شكليات العبادة وطقوسها، ينكرون (البدع) في الوقت الذي يترخصون في حياتهم الشخصية ويستمتعون بملاذ الحياة؛ ولا يعترفون بأن هناك قيامة!
وطائفة الفريسيين، وكانوا على شقاق مع الصدوقيين. ينكرون عليهم تشددهم في الطقوس والشكليات، وجحدهم للبعث والحساب. والسمة الغالبة على الفريسيين هي الزهد والتصوف وإن كان في بعضهم اعتزاز وتعال بالعلم والمعرفة. وكان المسيح عليه السلام ينكر عليهم هذه الخيلاء وشقشقة اللسان!