فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال أبو عبد الرحمن السلمي والحسن ومجاهد وقتادة نحوا من هذا إلا أن مجاهد قال إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيران قال أبو جعفر فهذا قول والمعنى عليه أنه تؤمر ليلة القدر الملائكة بما يكون من القطر والرزق والحياة والموت إلى قابل ومعنى {يفرق} و(يؤمر) واحد كأنه قال يؤمر كل أمر حكيم أمرا من عندنا والقول الآخر: أنها ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السنة وينسخ الأحياء من الأموات ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد.
وقال غيره {يفرق} يقضي ويفصل في تلك الليلة إلى مثلها من السنة الآخرى و{حكيم} بمعنى محكم وقيل إن معنى {يفرق} يفصل اي يفصل بين المؤمن والكافر والمنافق فيقال للملائكة هذا ويعرفونه.
3- وقوله جل وعز: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} (آية 10) روى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي بن أبى طالب عليه السلام قال آية الدخان لم تمض بعد وستكون ياتي دخان يصيب المؤمنين الزكام وينقد الكافر وروى الأعمش عن أبى الضحى عن مسروق قال جلس رجل فقال إن الدخان لم يكن وإنما يكون يوم القيامة يأخذ المؤمنين منه مثل الزكام ويشتد على الكافرين والمنافقين فدخلنا على عبد الله بن مسعود وهو متكئ فحكينا له ما قال فقام فجلس مغضبا وقال إذا سئل أحدكم عما لا يعلم فليقل لا علم لي به فإن الله جل وعز يقول لنبيه: {قل لا اسالكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} وسأخبركم عن الدخان إن قريشا استعصت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفرت فدعا الله جل وعز عليها ان يجوعها فأصابها جوع شديد حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخانا من الجوع والحر فقالت قريش {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} فكشفه الله عنهم فعادوا ثم بطش بهم البطشة الكبرى يوم بدر ولوكان الدخان يوم القيامة ما كشف عنهم.
4- وقوله جل وعز: {إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون} (آية 15) يجوز أن يكون المعنى إنكم عائدون في المعاصي ويجوز أن يكون بمعنى ميتين.
5- وقوله جل وعز: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} (آية 16) قال أبي بن كعب وابن مسعود في {البطشة الكبرى} إنها يوم بدر وروى عوف وقتادة عن الحسن {يوم نبطش البطشة الكبرى} قال يوم القيامة.
6- وقوله جل وعز: {ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم} (آية 17) روى سعيد عن قتادة قال ابتليناهم قال: {وجاءهم رسول كريم} يعني موسى صلى الله عليه وسلم قال: {وأن لا تعلوا علي} أن لا تعتوا قال وقوله: {إني آتيكم بسلطان مبين} اي بعذر مبين.
7- ثم قال جل وعز: {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} (آية 20) قال قتادة بالحجارة قال الفراء الرجم هاهنا القتل وروى إسماعيل بن أبى خالد عن أبى صالح في {وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون} قال ان يقولوا ساحر أوكاهن أوشاعر.
8- ثم قال جل وعز: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} (آية 21) أي دعوني كفافا لا لي ولا علي.
9- وقوله جل وعز: {واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون} (آية 24) روى عكرمة عن ابن عباس قال: {رهوا} طريقا.
وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال سهلا وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {واترك البحر رهوا}: أي ساكنا لا تأمره أن يرجع إلى ما كان عليه حتى يحصل فيه آخِرهم وروي عن مجاهد أنه قال: {رهوا} اي يابسا قال أبو جعفر هذه الأقوال متقاربة ويقال للساكن رهوكما قال الشاعر:
والخيل تمرغ رهوا في أعنتها ** كالطير ينجومن الشؤبوب ذي البرد

ويقال جاء القوم رهوا على نطم واحد.
10- وقوله جل وعز: {كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم} (آية 25، 26) قال الفراء يقال المنازل الحسنة ويقال المنابر.
11- ثم قال جل وعز: {فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين} (آية 29) روى المسيب بن رافع عن علي عليه السلام أنه قال يبكي على المؤمن الباب الذي يصعد منه عمله ومصلاه من الأرض وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال للمؤمن باب يصعد منه عمله وينزل منه رزقه فإذا مات بكى عليه وبكى عليه الموضع الذي كان يصلي عليه ولم يكن في ال فرعون خير ولا كان لهم عمل صالح يصعد قال الله تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض}.
وقيل المعنى فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض كما قال تعالى: {واسأل القرية} قال أبو جعفر العرب إذا عظمت هلاك الإنسان قالت بكت عليه السماء وأظلمت له الشمس على التمثيل كما قال:
والشمس طالعة ليست بكاسفة ** تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

ثم قال تعالى: {وما كانوا منظرين} أي مؤخرين.
12- وقوله جل وعز: {ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليا من المسرفين} (آية 31) قال قتادة كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم.
13- ثم قال جل وعز: {ولقد اخترناهم على علم على العالمين} (آية 32) قال قتادة على عالمي أهل زمانهم.
14- ثم قال جل وعز: {وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين} (آية 33) قال قتادة أنجاهم من عدوهم وأقطعهم البحر وأنزل عليهم المن والسلوى قال أبو جعفر فالبلاء هاهنا النعمة على هذا القول كما قال الشاعر:
فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو

وقد يكون البلاء هاهنا العذاب ضد النعمة أي لحقهم البلاء لما كفروا بايات الله.
15- ثم قال جل وعز: {إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين} (آية 35) إن {هؤلاء} يعني قريشا {إن هي} بمعنى ما هي والمنشرون ثم المبعوثون أنشر الله الموتى فنشروا كما قال الشاعر:
يا ال بكر أنشروا لي كليبا ** يا ال بكر أين أين الفرار

16- ثم قال جل وعز: {فأتوني بآبائنا إن كنتم صادقين} (آية 36) الفراء يذهب إلى أن قوله فائتوا مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم وحده على ما تستعمله العرب في مخاطبة الجليل.
17- ثم قال جل وعز: {أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم} (آية 37) قالت عائشة كان تبع رجلا صالحا فذم الله قومه ولم يذممه وقال سعيد بن جبير سال ابن عباس كعبا كيف ذكر الله جل وعز قوم تبع ولم يذكر تبعا فقال كان تبع ملكا من الملوك وكان قومه كهانا وكان معهم قوم من أهل الكتاب فكان قومه يكذبون على أهل الكتاب عنده فقال لهم جميعا قربوا قربانا فقربوا فتقبل قربان اهل الكتاب ولم يتقبل قربان قومه فاسلم فلذلك ذكر الله قومه ولم يذكره.
18- وقوله جل وعز: {ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون} (آية 39) {إلا بالحق} أي إلا لإقامة الحق.
19- وقوله جل وعز: {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون} (آية 41) المولى الولي والناصر كما قال الشاعر:
فغدت كلا الفرجين تحسب انه ** مولى المخافة خلفها وأمامها

وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من كنت مو لاه فعلي مو لاه» في معناه ثلاثة أقوال:
أحدها أن يكون المعنى من كنت أتو لاه فعلي يتو لاه.
والقول الثاني من كان يتو لأني تو لاه.
والقول الثالث أنه يروى أن أسامة بن زيد قال لعلي عليه السلام لست مو لاي إنما مو لاي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام «من كنت مو لاه فعلي مو لاه».
20- وقوله جل وعز: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} (آية 44) قال شعبة سمعت سليمن عن مجاهد قال كان ابن عباس جالسا وفي يده محجن والناس يطوفون بالبيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يا أيها الناس اتقوا الله ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون فلوأن قطرة من الزقوم قطرت على أهل الدنيا لأمرت عليهم عيشهم فكيف بمن طعامه الزقوم» قال أبو الدرداء {طعام الأثيم} طعام الفاجر.
21- ثم قال جل وعز: {كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم} (آية 45) روى سعيد بن جبير وابوظبيان عن ابن عباس قال المهل دردي الزيت ثم قال: {تغلي في البطون} يعني الشجرة ومن قال: {يغلي} جعله للطعام والزقوم وقال الفراء وأبو حاتم من قال: {يغلي} جاز أن يجعله للمهل.
قال أبو جعفر وهذا غلط لأن المهل ليس هو الذي يغلي في البطون وإنما شبه به ما يغلي والحميم الماء الحار كما قال:
فيها كباء معد وحميم

الكباء البخور يقال كببت العود اي بخرته والكبا مقصور الكناسة.
22- ثم قال جل وعز: {خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم} (آية 47) أي يقول للملائكة خذوه فاعتلوه قال مجاهد أي فادفعوه قال أبو جعفر يقال عتله يعتله ويعتله إذا جره بعنف وشدة قال قتادة {إلى سواء الجحيم} إلى وسط الجحيم.
23- وقوله جل وعز: {ذق إنك انت العزيز الكريم} (آية 49) وقرأ الحسن بن علي عليهما السلام {ذق انك} بفتح الهمزة وهي قراءة الكسائي والمعنى عليها ذق لأنك كنت تقول هذا والمعنى على قولك قال قتادة أنزل الله عز وجل في أبي جهل الآية {أولى لك فأولى ثم او لى لك فأولى} فقال أيوعدني محمد وما بين جبليها أعز مني ولا أكرم فأنزل الله {ذق إنك أنت العزيز الكريم} وأنزل فيه {كلا لا تطعه واسجد واقترب}.
24- وقوله جل وعز: {إن المتقين في مقام أمين} (آية 51) قال الكسائي المقام لمكان والمقام الإقامة كما قال:
عفت الديار محلها فمقامها

ومعنى {أمين} أي من العلل والأحزان قال قتادة أمين من الشيطان والأنصاب والأحزان.
25- وقوله جل وعز: {يلبسون من سندس واستبرق متقابلين} (آية 53) قال عكرمة الاستبرق غليظ الديباج قال أبوإسحاق الاستبرق مأخوذ من البريق وهو الذي يجعل على الكعبة والسندس الرقيق منه.
26- ثم قال جل وعز: {كذلك وزوجناهم بحور عين} (آية 54) قال مجاهد أي أنكحناهم قال قتادة وفي قراءة عبد الله {كذلك وزوجناهم بعيس عين} ومعناه البيض يقال جمل اعيس ولا إذا كان أبيض يضرب إلى الشقرة.
27- ثم قال جل وعز: {يدعون فيها بكل فاكهة آمنين} (آية 55) قال قتادة آمنين من الموت والوصب والشيطان وقال غيره آمنين من انقطاع ذلك ومن غائلة أذاه ومكروهة وليس كفاكهة الدنيا التي لها غائلة وتنفد.
28- ثم قال جل وعز: {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم} (آية 56) المعنى لا يذوقون فيها الموت البتة ثم قال: {إلا الموتة الأولى} استثناء ليس من الأول وأنشد سيبويه:
من كان أسرع في تفرق فالج ** فلبونه جربت معا وأغدت

ثم استثنى ما ليس من الأول فقال:
إلا كناشرة التي ضيعتم ** كالغصن في غلوائه المتنبت

29- وقوله جل وعز: {فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم} (آية 57) قال الفراء اي فعل ذلك تفضلا.
30- وقوله جل وعز: {فارتقب إنهم مرتقبون} (آية 59) أي منتظرون انتهت سورة الدخان. اهـ.

.قال الفراء:

سورة الدخان:
{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هو السميع الْعَلِيمُ}.
قوله عز وجل: {يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}.
{أَمْرًا} هو منصوب بقوله: {يفرق}، على معنى يفرق كل أمر فرقاَ وأمرا وكذلك.
قوله: {رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ}، يفرق ذلك رحمة من ربك، ويجوز أن تنصب الرحمة بوقوع مرسلين عليها، تجعل الرحمة هي النبي صلى الله عليه وسلم.
{رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ}.
وقوله: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}.
خفضها الأعمش وأصحابه، ورفعها أهل المدينة، وقد خفضها الحسن أيضا على أن تكون تابعة لـ: {ربك رب السماوات}.
ومن رفع جعله تابعا لقوله: {إنهُ هو السميع العَلِيمُ}، ورفع أيضا آخر على الاستئناف كما قال: {وما بينهُما الرحمنُ}.
{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَاذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وقوله: {تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَاذَا عَذَابٌ}.
كان النبى صلى الله عليه دعا عليهم، فقال: «اللهم اشدد وطأتك على مُضر، اللهم كَسِنىِ يوسف. فأصابهم جوعٌ، حتّى أكلوا العظام والميتة، فكانوا يرون فيما بينهم وبين السماء دخانا».
وقوله: {يَغْشَى النَّاسَ هَاذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
يراد به ذلك عذاب، ويقال: إن الناس كانوا يقولون: هذا الدخان عذاب.
{إِنَّا كَاشِفُوالْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}.
وقوله: {إِنَّا كَاشِفُوالْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}.
يقال: عائدون إلى شرككم، ويقال: عائدون إلى عذاب الآخرة.
{يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ}.
وقوله: {يَوْمَ نَبْطِشُ}.
يعنى: يوم بدر، وهى البطشة الكبرى.
{ولقد فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رسول كَرِيمٌ}.
وقوله: {رسول كَرِيمٌ}.
أى على ربه كريم، ويكون كريم من قومه؛ لأنه قال: ما بعث نبى إِلا وهو في شرف قومه.
{أَنْ أَدُّواْ إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رسول أَمِينٌ}.
وقوله: {أَنْ أَدُّواْ إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ}.
يقول: ادفعوهم إلىّ، أرسلوهم معى، وهو قوله: {أَرْسِلْ مَعِىَ بَنىِ إِسْرَائيلَ}.
ويقال: أن أدّوا إلىّ يا عباد الله، والمسألة الأولى نصب فيها العباد بأدوا.
{وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ}.
وقوله: {أَن تَرْجُمُونِ}. الرجم ههنا: القتل.
{وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَاعْتَزِلُونِ}.