فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



المسألة السادسة:
روي أن عطية الحروري سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله: {إِنَّا أنزلناه فِي لَيْلَةِ القدر} [القدر: 1] وقوله: {إِنَّا أنزلناه فِي لَيْلَةٍ مباركة} كيف يصح ذلك مع أن الله تعالى أنزل القرآن في جميع الشهور؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما: يا ابن الأسود لوهلكت أنا ووقع هذا في نفسك ولم تجد جوابه هلكت، نزل القرآن جملة من اللوح المحفوظ إلى البيت المعمور، وهو في السماء الدنيا، ثم نزل بعد ذلك في أنواع الوقائع حالًا فحالا، والله أعلم.
المسألة السابعة:
في بيان نظم هذه الآيات، اعلم أن المقصود منها تعظيم القرآن من ثلاثة أوجه أحدها: بيان تعظيم القرآن بحسب ذاته الثاني: بيان تعظيمه بسبب شرف الوقت الذي نزل فيه الثالث: بيان تعظيمه بحسب شرف منزلته، أما بيان تعظيمه بحسب ذاته فمن ثلاثة أوجه أحدها: أنه تعالى أقسم به وذلك يدل على شرفه وثانيها: أنه تعالى أقسم به على كونه نازلًا في ليلة مباركة، وقد ذكرنا أن القسم بالشيء على حالة من أحوال نفسه يدل على كونه في غاية الشرف وثالثها: أنه تعالى وصفه بكونه مبينًا وذلك يدل أيضًا على شرفه في ذاته.
وأما النوع الثاني: وهو بيان شرفه لأجل شرف الوقت الذي أنزل فيه فهو قوله: {إِنَّا أنزلناه في لَيْلَةٍ مباركة} وهذا تنبيه على أن نزوله في ليلة مباركة يقتضي شرفه وجلالته، ثم نقول إن قوله: {إِنَّا أنزلناه في لَيْلَةٍ مباركة} يقتضي أمرين: أحدها: أنه تعالى أنزله والثاني: كون تلك الليلة مباركة فذكر تعالى عقيب هذه الكلمة ما يجرى مجرى البيان لكل واحد منهما، أما بيان أنه تعالى لم أنزله فهو قوله: {إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ} يعني الحكمة في إنزال هذه السورة أن إنذار الخلق لا يتم إلا به، وأما بيان أن هذه الليلة ليلة مباركة فهو أمران: أحدهما: أنه تعالى يفرق فيها كل أمر حكيم، والثاني: أن ذلك الأمر الحكيم مخصوصًا بشرف أنه إنما يظهر من عنده، وإليه الإشارة بقوله: {أَمْرًا مّنْ عِنْدِنَا}.
وأما النوع الثالث: فهو بيان شرف القرآن لشرف منزله وذلك هو قوله: {إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} فبيّن أن ذلك الأنذار والإرسال إنما حصل من الله تعالى، ثم بيّن أن ذلك الإرسال إنما كان لأجل تكميل الرحمة وهو قوله: {رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} وكان الواجب أن يقال رحمة منا إلا أنه وضع الظاهر موضع المضمر إيذانًا بأن الربوبية تقتضي الرحمة على المربوبين، ثم بيّن أن تلك الرحمة وقعت على وفق حاجات المحتاجين لأنه تعالى يسمع تضرعاتهم، ويعلم أنواع حاجاتهم، فلهذا قال: {إِنَّهُ هو السميع العليم} فهذا ما خطر بالبال في كيفية تعلق بعض هذه الآيات ببعض.
المسألة الثامنة:
في تفسير مفردات هذه الألفاظ، أما قوله تعالى: {إِنَّا أنزلناه فِي لَيْلَةٍ مباركة} فقد قيل فيه إنه تعالى أنزل كلية القرآن من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في هذه الليلة، ثم أنزل في كل وقت ما يحتاج إليه المكلف، وقيل يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويقع الفراغ في ليلة القدر فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل، ونسخة الحروب إلى جبرائيل وكذلك الزلازل والصواعق والخسف، ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو ملك عظيم، ونسخة المصائب إلى ملك الموت.
أما قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ} أي في تلك الليلة المباركة يفرق أي يفصل ويبين من قوله فرقت الشيء أفرقه فرقًا وفرقانًا، قال صاحب (الكشاف) وقرئ {يفرق} بالتشديد ويفرق على إسناد الفعل إلى الفاعل ونصب كل والفارق هو الله عز وجل، وقرأ زيد ابن علي {نفرق} بالنون.
أما قوله: {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} فالحكيم معناه ذوالحكمة، وذلك لأن تخصيص الله تعالى كل أحد بحالة معينة من العمر والرزق والأجل والسعادة والشقاوة يدل على حكمة بالغة لله تعالى، فلما كانت تلك الأفعال والأقضية دالة على حكمة فاعلها وصفت بكونها حكيمة، وهذا من الإسناد بالمجازي، لأن الحكيم صفة صاحب الأمر على الحقيقة ووصف الأمر به مجاز، ثم قال: {أَمْرًا مّنْ عِنْدِنَا} وفي انتصاب قوله: {أمْرًا} وجهان: الأول: أنه نصب على الاختصاص، وذلك لأنه تعالى بيّن شرف تلك الأقضية والأحكام بسبب أن وصفها بكونها حكيمة، ثم زاد في بيان شرفها بأن قال أعني بهذا الأمر أمرًا حاصلًا من عندنا كائنًا من لدنا، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا والثاني: أنه نصب على الحال وفيه ثلاثة أوجه: الأول: أن يكون حال من أحد الضميرين في {أنزلناه}، إما من ضمير الفاعل أي: إنا أنزلناه امرين أمرًا أو من ضمير المفعول أي: إنا أنزلناه في حال كونه أمرًا من عندنا بما يجب أن يفعل والثالث: ما حكاه أبو علي الفارسي عن أبي الحسن رحمهما الله أنه حمل قوله: {أمْرًا} على الحال وذوالحال قوله: {كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} وهو نكرًا.
ثم قال: {إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} يعني أنا إنما فعلنا ذلك الأنذار لأجل إنا كنا مرسلين يعني الأنبياء.
ثم قال: {رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} أي للرحمة فهي نصب على أن يكون مفعولا له.
ثم قال: {إِنَّهُ هو السميع العليم} يعني أن تلك الرحمة كانت رحمة في الحقيقة لأن المحتاجين، إما أن يذكروا بألسنتهم حاجاتهم، وإما أن لا يذكروها فإن ذكروها فهو تعالى يسمع كلامهم فيعرف حاجاتهم، وإن لم يذكروها فهو تعالى عالم بها فثبت أن كونه سميعًا عليمًا يقتضي أن ينزل رحمته عليهم.
ثم قال: {رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ} وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ عاصم وحمزة والكسائي بكسر الباء من رب عطفًا على قوله: {رَحْمَةً مّن رَّبّكَ} والباقون بالرفع عطفًا على قوله: {هو السميع العليم}.
المسألة الثانية:
المقصود من هذه الآية أن المنزل إذا كان موصوفًا بهذه الجلالة والكبرياء كان المنزل الذي هو القرآن في غاية الشرف والرفعة.
المسألة الثالثة:
الفائدة في قوله: {إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ} من وجوه الأول: قال أبو مسلم معناه إن كنتم تطلبون اليقين وتريدونه، فاعرفوا أن الأمر كما قلنا، كقولهم فلان منجد متهم أي يريد نجدًّا وتهامة والثاني: قال صاحب (الكشاف) كانوا يقرون بأن للسموات والأرض ربًا وخالقًا فقيل لهم إن إرسال الرسل وإنزال الكتب رحمة من الرب سبحانه وتعالى، ثم قيل إن هذا هو السميع العليم الذي أنتم مقرون به ومعترفون بأنه رب السموات والأرض وما بينهما إن كان إقراركم عن علم ويقين، كما تقول هذا إنعام زيد الذي تسامع الناس بكرمه إن بلغك حديثه وسمعت قصته. اهـ.

.قال القرطبي:

{حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3)}.
إن جعلت {حم} جواب القسم تمّ الكلام عند قوله: {المبين} ثم تبتدئ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}.
وإن جعلت {إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} جواب القسم الذي هو {الْكِتَابِ} وقفت على {مُنْذِرِينَ} وابتدأت {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}.
وقيل: الجواب {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}، وأنكره بعض النحويين من حيث كان صفة للمُقْسَم به، ولا تكون صفة المقسم به جوابًا للقَسَم، والهاء في {أَنْزَلْنَاهُ} للقرآن.
ومن قال: أقسم بسائر الكتب فقوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} كنى به عن غير القرآن، على ما تقدّم بيانه في أول (الزخرف).
والليلة المباركة ليلة القدر.
ويقال: ليلة النصف من شعبان، ولها أربعة أسماء: الليلة المباركة، وليلة البراءة، وليلة الصَّك، وليلة القدر.
ووصفها بالبركة لما ينزل الله فيها على عباده من البركات والخيرات والثواب.
وروى قتادة عن واثلة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «أنزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لسِتّ مضَيْن من رمضان وأنزلت الزبور لاثنتي عشرة من رمضان وأنزل الأنجيل لثمان عشرة خلت من رمضان وأنزل القرآن لأربع وعشرين مضت من رمضان» ثم قيل: أنزل القرآن كله إلى السماء الدنيا في هذه الليلة.
ثم أنزل نَجْمًا نَجْمًا في سائر الأيام على حسب اتفاق الأسباب.
وقيل: كان ينزل في كل ليلة القدر ما ينزل في سائر السنة.
وقيل: كان ابتداء الأنزال في هذه الليلة.
وقال عكرمة: الليلة المباركة هاهنا ليلة النصف من شعبان.
والأول أصح لقوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ القدر} [القدر: 1].
قال قتادة وابن زيد: أنزل الله القرآن كله في ليلة القدر من أم الكتاب إلى بيت العِزّة في سماء الدنيا، ثم أنزله الله على نبيه صلى الله عليه وسلم في الليالي والأيام في ثلاث وعشرين سنة.
وهذا المعنى قد مضى في (البقرة) عند قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن} [البقرة: 185]، ويأتي آنفًا إن شاء الله تعالى.
{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)}.
قال ابن عباس: يُحْكم اللّهُ أمرَ الدنيا إلى قابل في ليلة القدر ما كان من حياة أو موت أو رزق.
وقاله قتادة ومجاهد والحسن وغيرهم.
وقيل: إلا الشقاء والسعادة فإنهما لا يتغيّران، قاله ابن عمر.
قال المهدوي: ومعنى هذا القول أمر الله عز وجل الملائكة بما يكون في ذلك العام ولم يزل ذلك في علمه عز وجل.
وقال عكرمة: هي ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السنة ويُنسخ الأحياء من الأموات، ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد.
وروى عثمان بن المغيرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويو لد له وقد خرج اسمه في الموتى» وعن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا نهارها فإن الله ينزل لغروب الشمس إلى سماء الدنيا يقول ألا مستغفر فأغفر له ألا مبتلًى فأعافيه ألا مسترزق فأرزقه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر» ذكره الثعلبي.
وخرج الترمذي بمعناه عن عائشة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كَلْب» وفي الباب عن أبي بكر الصديق قال أبو عيسى: حديث عائشة لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث الحجاج بن أرْطاة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة، وسمعت محمدًا يضعف هذا الحديث، وقال: يحيى بن أبي كثير لم يَسمع من عروة، والحجاج بن أرطاة لم يَسمع من يحيى بن أبي كثير.
قلت: وقد ذكر حديث عائشة مطو لا صاحب كتاب العروس، واختار أن الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم ليلة النصف من شعبان، وأنها تسمى ليلة البراءة.
وقد ذكرنا قوله والرد عليه في غير هذا الموضع، وأن الصحيح إنما هي ليلة القدر على ما بيّناه.
روى حماد بن سلمة قال أخبرنا ربيعة بن كُلْثوم قال: سأل رجل الحسن وأنا عنده فقال: يا أبا سعيد، أرأيت ليلة القدر أفي كل رمضان هي؟ قال: أيْ والله الذي لا إله إلا هو، إنها في كل رمضان، إنها الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم، فيها يقضي الله كلّ خلق وأجل ورزق وعمل إلى مثلها.
وقال ابن عباس: يكتب من أم الكتاب في ليلة القدر ما يكون في السنة من موت وحياة ورزق ومطر حتى الحج؛ يقال: يحج فلان ويحج فلان.
وقال في هذه الآية: إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في الموتى.
وهذه الإبانة لإحكام السنة إنما هي للملائكة الموكلين بأسباب الخلق.
وقد ذكرنا هذا المعنى آنفًا.
وقال القاضي أبوبكر بن العربي: وجمهور العلماء على أنها ليلة القدر.
ومنهم من قال: إنها ليلة النصف من شعبان؛ وهو باطل لأن الله تعالى قال في كتابه الصادق القاطع: {شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أُنْزِلَ فِيهِ القرآن} [البقرة: 185] فنصّ على أن ميقات نزوله رمضان، ثم عيّن من زمانه الليل هاهنا بقوله: {فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ}؛ فمن زعم أنه في غيره فقد أعظم الفِرْية على الله، وليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها فلا تلتفتوا إليها.
الزمخشِريّ: وقيل يبدأ في استنساخ ذلك من اللوح المحفوظ في ليلة البراءة ويقع الفراغ في ليلة القدر؛ فتدفع نسخة الأرزاق إلى ميكائيل، ونسخة الحروب إلى جبريل، وكذلك الزلازل والصواعق والخسف؛ ونسخة الأعمال إلى إسماعيل صاحب سماء الدنيا وهو مَلَك عظيم؛ ونسخة المصائب إلى ملك الموت.
وعن بعضهم: يعطي كل عامل بركات أعماله؛ فيلقي على ألسنة الخلق مدحه، وعلى قلوبهم هيبته.
وقرىء {نفرق} بالتشديد، و{يَفْرق} كلٌّ على بنائه للفاعل ونصب {كل}، والفارق الله عز وجل.
وقرأ زيد بن عليّ رضي الله عنه {نفرق} بالنون.
{كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} كل شأن ذي حكمة؛ أي مفعول على ما تقتضيه الحكمة.
قوله تعالى: {أَمْرًا مِّنْ عِنْدِنَا} قال النقاش: الأمر هو القرآن أنزله الله من عنده.
وقال ابن عيسى: هو ما قضاه الله في الليلة المباركة من أحوال عباده.
وهو مصدر في موضع الحال.
وكذلك {رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ} وهما عند الأخفش حالأن؛ تقديرهما: أنزلناه امرين به وراحمين.
المبرد: {أمرًا} في موضع المصدر، والتقدير: أنزلناه إنزالًا.
الفراء والزجاج: {أمرًا} نصب بـ: {يُفْرَق}، مثل قولك {يفرق فرقًا} فأمر بمعنى فرق فهو مصدر، مثل قولك: يضرب ضربًا.
وقيل: {يفرق} يدلّ على يؤمر، فهو مصدر عمل فيه ما قبله.
{إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} قال الفراء: {رَحْمَةً} مفعول بـ: {مرسِلِين}.
والرحمة النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وقال الزجاج: {رَحْمَةً} مفعول من أجله؛ أي أرسلناه للرحمة.
وقيل: هي بدل من قوله: {أَمْرًا} وقيل: هي مصدر.
الزمخشريّ: {أَمْرًا} نصب على الاختصاص، جعل كلّ أمر جزلًا فَخْمًا بأن وصفه بالحكيم، ثم زاده جزالة وكسبه فخامة بأن قال: أعني بهذا الأمر أمرًا حاصلًا من عندنا، كائنًا من لَدُنَّا، وكما اقتضاه علمنا وتدبيرنا.
وفي قراءة زيد بن عليّ {أَمْرٌ مِنْ عِنْدِنَا} على هو أمر، وهي تنصر انتصابه على الاْختصاص.
وقرأ الحسن {رحمة} على تلك هي رَحْمَةٌ، وهي تنصر انتصابها بأنه مفعول له.
قوله تعالى: {رَبِّ السماوات والأرض} قرأ الكوفيون {رَبِّ} بالجر.
الباقون بالرفع؛ رَدًّا على قوله: {إِنَّهُ هو السميع العليم}.