فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي رواية أنه قال للحبرين حين قالا له ما قالا: وأنتما ما يمنعكما من ذلك؟ فقالا: أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم عليه السلام وإنه لكما أخبرناك ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حو له وبالدماء التي يريقونها عنده وهم نجس أهل شرك فعرف صدقهما ونصحهما فطاف بالبيت ونحر وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام فيما يذكرون ينحر للناس ويطعم أهلها ويسقيهم العسل، وقيل: إنه أراد تخريب البيت فرمى بداء عظيم فكف عنه وكساه.
وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحاق أن تبعًا أرى في منامه أن يكسوالبيت فكساه الخصف ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافر ثم أرى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الوصائل وصائل اليمن فكان فيما ذكر لي أول من كساه وأوصى بها ولاته من جرهم وأمر بتطهيره وجعل له بابًا ومفتاحًا.
وفي رواية أنه قال أيضًا: ولا تقربوه دمًا ولا ميتًا ولا تقربه حائض، وفي نهاية ابن الأثير في الحديث أن تبعًا كسى البيت المسوح فانتفض البيت منه ومزقه عن نفسه ثم كساه الخصف فلم يقبله ثم كساه الأنطاع، وفي موضع آخر منها إن أول من كسى الكعبة كسوة كاملة تبع كساها الأنطاع ثم كساها الوصائل والخصف فعل بمعنى مفعول من الخصف وهو ضم الشيء إلى الشيء والمراد شيء منسوج من الخوص على ما هو الظاهر، وقيل: أريد به هاهنا الثياب الغلاظ جدًّا تشبيهًا بالخصف المذكور، والمعافر برود من اليمن منسوبة إلى معافر قبيلة بها، والميم زائدة، والوصائل ثياب حمر مخططة يمانية، والمسوح جمع مسح بكسر الميم وسكون المهملة أثواب من شعر غليظة، والأنطاع جمع نطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك بسط من أديم.
وأخرج ابن سعد. وابن عساكر عن أبي بن كعب قال: لما قدم تبع المدينة ونزل بفنائها بعث إلى أحبار يهود فقال: إني مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى دين العرب فقال له: شامو ل اليهودي وهو يومئذ أعلمهم: أيها الملك إن هذا بلد يكون إليه مهاجر نبي من بني إسماعيل مو لده بمكة اسمه أحمد وهذه دار هجرته إلى أن قال: قال وما صفته؟ قال: رجل ليس بالقصير ولا بالطويل في عينيه حمرة يركب البعير ويلبس الشملة سيفه على عاتقه لا يبالي من لاقى حتى يظهر أمره فقال تبع: ما إلى هذا البلد من سبيل وما كان ليكون خرابها على يدي.
وذكر أبو حاتم الرياشي أنه امن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة، وقيل بينه وبين مو لده عليه الصلاة والسلام ألف سنة، والقولان يدلأن على أنه قبل مبعث عيسى عليه السلام.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: لا تقولوا في تبع إلا خيرًا فإنه قد حج البيت وامن بما جاء به عيسى ابن مريم، وهو يدل على أنه بعد مبعث عيسى عليه السلام، والأول أشهر.
ومن حديث عباد بن زياد المري أنه لما أخبره اليهود أنه سيخرج نبي بمكة يكون قراره بهذا البلد يعني المدينة اسمه أحمد وأخبروه أنه لا يدركه قال للأوس والخزرج: أقيموا بهذا البلد فإن خرج فيكم فوازروه وإن لم يخرج فأوصوا بذلك أولادكم، وقال في شعره:
حدثت أن رسول المليـ ** ـك يخرج حقًا بأرض الحرم

ولومد دهري إلى دهره ** لكنت وزيرًا له وابن عم

وفي (البحر) بدل البيت الأول:
شهدت على أحمد أنه ** رسول من الله باري النسم

وفيه أيضًا رواية عن ابن إسحاق وغيره أنه كتب أيضًا كتابًا وكان فيه أما بعد فإني آمنت بك وبكتابك الذي أنزل عليك وأنا على دينك وسنتك وآمنت بربك ورب كل شيء وآمنت بكل ما جاء من ربك من شرائع الإسلام فإن أدركتك فبها ونعمت وإن لم أدركك فاشفع لي ولا تنسني يوم القيامة فإني من أمتك الأولين وتابعيك قبل مجيئك وأنا على ملتك وملة أبيك إبراهيم عليه السلام، ثم ختم الكتاب ونقش عليه لله الأمر من قبل ومن بعد، وكتب عنوانه إلى محمد بن عبد الله نبي الله ورسوله خاتم النبيين ورسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم من تبع الأول ودفعه إلى عظيم من الأوس والخزرج وأمره أن يدفعه للنبي عليه الصلاة والسلام إن أدركه.
ويقال: إنه بنى له دارًا في المدينة يسكنها إذا أدركه صلى الله عليه وسلم وقدم إليها وأن تلك الدار دار أبي أيوب خالد بن زيد وأن الشعر والكتاب وصلا إليه وأنه من ولد ذلك الرجل الذي دفعا إليه أولا، ولما ظهر النبي عليه الصلاة والسلام دفعوا الكتاب إليه فلما قرئ عليه قال: «مرحبًا بتبع الأخ الصالح» ثلاث مرات.
وجاء أنه صلى الله عليه وسلم عليه صلاة الجنازة وكذا على البراء بن معروف بعد وفاته بشهر يوم قدومه عليه الصلاة والسلام المدينة كما قال النجم الغيطي وكانت صلاة الجنازة قد فرضت تلك السنة، وكون هذا هو تبع الأول ويقال له الأكبر هو المذكور في غير ما كتاب، وذكر عبد الملك بن عبد الله بن بدرون في شرحه لقصيدة ابن عبدون أن أسعد هذا هو تبع الأوسط وذكر أيضًا أن ملكه ثلثمائة وعشرين سنة وملك بعده عمروأربعًا وستين سنة، وقال ابن قتيبة: حسان وهو الذي قتل زرقاء اليمامة وأباد جديسا وكان ملكه خمسًا وعشرين سنة؛ والتواريخ ناطقة بتقدم تبابعة عليه فإن تبعا يقال لمن ملك اليمن مطلقًا كما يقال لملك الترك خاقان، والروم قيصر، والفرس كسرى أولا يسمى به إلا إذا كانت له حمير وحضرموت كما في (القاموس) أو الا إذا كانت له حمير وسبأ وحضرموت كما ذكره الطيبي، والمتصف بذلك غير واحد كما لا يخفى على من أحاط خبرًا بالتواريخ.
وما تقدم من حكاية أنه هدم سمرقند ذكر عبد الملك خلافه ونسب هدمها إلى شمر بن افريقيس ابن أبرهة أحد التبابعة أيضًا كان قبل تبع المذكور بكثير قال: إن شمر خرج نحوالعراق ثم توجه يريد الصين ودخل مدينة الصغد فهدمها وسميت شمر كند أي شمر خربها وعربت بعد فقيل سمرقند. اهـ.
وحكاية البناء يمكن نسبتها إلى شمر هذا فإن كند في لغة أهل أذربيجان ونواحيها على ما قيل بمعنى القرية فسمرقند بمعنى قرية شمر وهو أوفق بالبناء، وذكر علامة عصره الملأ أمين أفندي العمري الموصلي تغمده الله تعالى برحمته في كتابه شرح ذات الشفاء أن تبعًا الذي ذكر سابقًا هو ابن حسان وأنه ملك الدنيا كلها وأنه يقال له الرائش لأنه راش الناس بالعطاء، ولعل ما قاله قول لبعضهم وإلا فقد قال ابن قتيبة: إنه ابن كليكرب.
وفي شرح قصيدة ابن عبدون أن الرائش لقب الحرث بن بدر أحد التبابعة، وهو قبل أسعد المتقدم ذكره بزمان طويل جدًّا، وهو أيضًا ممن ذكر نبينا صلى الله عليه وسلم في شعره فقال:
ويملك بعدهم رجل عظيم ** نبي لا يرخص في الحرام

يسمى أحمدًا يا ليت أني ** أعمر بعد مخرجه بعام

ثم إن ملكه الدنيا كلها غير مسلم، وبالجملة الأخبار مضطربة في أمر التبابعة وأحوالهم وترتيب ملوكهم بل قال صاحب تواريخ الأمم: ليس في التواريخ أسقم من تاريخ ملوك حمير لما يذكر من كثرة عدد سنينهم مع قلة عدد ملوكهم فإن ملوكهم ستة وعشرون ومدتهم ألفان وعشرون سنة.
وقال بعض: إن مدتهم ثلاثة الاف واثنان وثمانون سنة ثم ملك من بعدهم اليمن الحبشة والله تعالى أعلم بحقيقة الحال، والقدر المعو ل عليه هاهنا أن تبعا المذكور هو أسعد أبوكرب وأنه كان مؤمنًا بنبينا صلى الله عليه وسلم وكان على دين إبراهيم عليه السلام ولم يكن نبيًا، وحكاية نبوته عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا تصح، وإخباره بمبعثه صلى الله عليه وسلم لا يقتضيها لأنه علم ذلك من أحبار اليهود وهم عرفوه من الكتب السم أو ية.«ما أدري أكان تبع نبيًا أو غير نبي لم يثبت» نعم روى أبوداود والحاكم أنه عليه الصلاة والسلام قال: «ما أدري أذوالقرنين هو أم لا» وليس فيه ما يدل على التردد في نبوته وعدمها فإن ذا القرنين ليس بنبي على الصحيح، ثم إن الظاهر أنه عليه الصلاة والسلام درى بعد أنه ليس ذا القرنين.
وقال قوم: ليس المراد بتبع هاهنا رجلًا واحدًا إنما المراد ملوك اليمن، وهو خلاف الظاهر والأخبار تكذبه، ومعنى تبع متبوع فهو فعل بمعنى مفعول وقد يجىء هذا اللفظ بمعنى فاعل كما قيل للظل تبع لأنه يتبع الشمس، ويقال لملوك اليمن أقيال من يقيل فلان أباه إذا اقتدى به لأنهم يقتدى بهم، وقيل: سمى ملكهم قيلًا لنفوذ أقواله وهو مخفف قيل كميت.
{والذين مِن قَبْلِهِمْ} أي قبل قوم تبع كعاد وثمود أوقبل قريش فهو تعميم بعد تخصيص {أهلكناهم} استئناف لبيان عاقبة أمرهم هدد به كفار قريش أو حال بإضمار قد أوبدونه من الضمير المستتر في الصلة أو خبر عن الموصول إن جعل مبتدأ ولم يعطف على ما قبله {إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} تعليل لأهلاكهم أي أهلكناهم بسبب كونهم مجرمين فليحذر كفار قريش الأهلاك لإجرامهم.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (38)}.
{وَمَا خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا} أي ما بين الجنسين وهو شامل لما بين الطبقات.
وقرأ عبيد بن عمير {وَمَا بَيْنَهُنَّ} فالضمير لمجموع السموات والأرض {لاَعِبِينَ} أي عابثين وهو دليل على وقوع الحشر كما مر في الأنبياء (16) وغيرها.
{مَا خلقناهما} أي وما بينهما {إِلاَّ بالحق} استثناء مفرغ من أعم الأحوال أي ما خلقناهما ملتبسين بشيء من الأشيئاء إلا ملتبسين بالحق فالجار والمجرور في موضع الحال من الفاعل، وجوز أن يكون في موضع الحال من المفعول، والباء للملابسة فيهما، وجوز أن تكون للسببية، والاستثناء مفرغ من أعم الأسباب أي ما خلقناهما بسبب من الأسباب إلا بسبب الحق الذي هو الإيمان والطاعة والبعث والجزاء والملابسة أظهر {و لكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} تذييل وتجهيل فخيم لمنكري الحشر وتوكيد لأن إنكارهم يؤدي إلى إبطال الكائنات بأسرها {وَتَحْسَبُونَهُ هَيّنًا وهو عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ} ولهذا قال المؤمنون: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا باطلا سبحانك فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [ال عمران: 191]. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{ولقد نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30)}.
معطوف على الكلام المحذوف الذي دلّ عليه قوله: {إنهم جندٌ مغرقون} [الدخان: 24] الذي تقديره: {فأغرقناهم ونجّينا بني إسرائيل} كما قال في سورة الشعراء (64-66) {وأزلفنا ثَمَّ الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجْمَعين ثم أغرقنا الآخرين}.
والمعنى: ونجينا بني إسرائيل من عذاب فرعون وقساوته، أي فكانت آية البَحر هلاكًا لقوم وإِنجاء لآخرين.
والمقصود من ذكر هذا الإشارةُ إلى أن الله تعالى ينجي الذين امنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم من عذاب أهل الشرك بمكة، كما نجّى الذين اتبعوا موسى من عذاب فرعون.
وجُعل طغيان فرعون وإسرافه في الشر مثلًا لطغيان أبي جهل وملئه ولاجل هذه الإشارة أُكد الخبر باللام.
وقد يفيد تحقيق إنجاء المؤمنين من العذاب المقدَّر للمشركين إجابة لدعوة {ربَّنَا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} [الدخان: 12].
و {العذاب المهين}: هو ما كان يعاملهم به فرعون وقومه من الاستعباد والإشقاق عليهم في السخرة، وكان يكلفهم أن يصنعوا له اللَّبِن كل يوم لبناء مدينتي فيثوم ورعمسيس وكان اللبن يصنع من الطوب والتبْن فكان يكلفهم استحضار التبْن اللازم لصنع اللبن ويلتقطون متناثره ويذلونهم ولا يتركون لهم راحة، فذلك العذاب المهين لأنه عذاب فيه إذلال.
وقوله: {من فرعون} الأظهر أن يكون بدلًا مطابقًا للعذاب المهين فتكون {مِن} مؤكدة لـ: {من} الأولى المعدية لـ: {نجينا} لأن الحرف الداخل على المبدل منه يجوز أن يدخل على البدل للتأكيد.
ويحسن ذلك في نكت يقتضيها المقام وحسنّه هنا، فأظهرت {مِن} لخفاء كون اسم فرعون بدلًا من العذاب تنبيهًا على قصد التهويل لأمر فرعون في جَعل اسمه نفس العذاب المَهِين، أي في حال كونه صادرًا من فرعون.
وجملة {إنه كان عاليًا} مستأنفة استئنافًا بيانيًا لبيان التهويل الذي أفاده جعل اسم فرعون بدلًا من العذاب المهين.
والعالي: المتكبر العظيم في الناس، قال تعالى: {إن فرعون علا في الأرض} [القصص: 4].
و {من المسرفين} خبر ثان عن فرعون، والإسراف: الإفراط والإكثار.
والمراد هنا الإكثار في التعالى، يراد الإكثار في أعمال الشر بقرينة مقام الذم.
و {من المسرفين} أشد مبالغة في اتصافه بالإسراف من أن يقال: مسرفًا، كما تقدم في قوله تعالى: {قال أعوذ بالله أنْ أكونَ من الجاهلين} في سورة البقرة (67).
{ولقد اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (32)}.
إشارة إلى أن الله تعالى قد اختار الذين امنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم على أمم عصرهم كما اختار الذين امنوا بموسى عليه السلام على أمم عصرهم وأنه عالم بأن أمثالهم أهل لأن يختارهم الله.
والمقصود: التنويه بالمؤمنين بالرسل وأن ذلك يقتضي أن ينصرهم الله على أعدائهم ولاجل هذه الإشارة أكد الخبر باللام و(قد)، كما أكد في قوله آنفًا {ولقد نجينا بني إسرائيل} [الدخان: 30]، و{على} في قوله: {على علم} بمعنى (مع)، كقول الأحوص:
إني على ما قد علمتتِ محسَّد ** أنمي على البغضاء والشنان

وموضع المجرور بها موضع الحال.
والمراد ب {العالمين} الأمم المعاصرة لهم.
ثم بدلوا بعد ذلك فضربت عليهم الذلة، وقد اختار الله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم على الأمم فقال: {كنتم خير أمة أخرجت للناس} [ال عمران: 110] أي أخرجها الله للناس.
واختار المسلمين بعدهم اختيارًا نسبيًا على حسب استقامتهم واستقامة غيرهم من الأمم على أن التوحيد لا يعدله شيء.
{وَآتيناهم مِنَ الآيات مَا فِيهِ بَلَاءٌ مُبِينٌ (33)}.
إيتاء الآيات من اثار الاختيار لأنه من عناية الله بالأمة لأنه يزيدهم يقينًا بإيمانهم.
والمراد بالآيات المعجزات التي ظهرت على يد موسى عليه السلام أيد الله به بني إسرائيل في مواقع حروبهم بنصر الفئة القليلة منهم على الجيوش الكثيرة من عدوّهم.
وهذا تعريض بالأنذار للمشركين بأن المسلمين سيغلبون جمعهم مع قِلتِهم في بدر وغيرها.
والبلاء: الاختبار يكون بالخير والشر.
فالأول اختبار لمقابلة النعمة بالشكر أو غيره، والثاني اختبار لمقدار الصبر، قال تعالى: {ونبْلوكم بالشر والخير فتنةً} [الأنبياء: 35] أي ما فيه اختبار لهم في نظر الناس ليعلم بعضهم أنهم قابلوا نعمة إيتاء الآيات بالشكر، ويحذروا قومهم من مقابلة النعمة بالكفران.
{إِنَّ هَؤُلَاءِ لَيَقولونَ (34) إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الأولى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35)}.
اعتراض بين جملة {يوم نبطش البطشة الكبرى إنّا منتقمون} [الدخان: 16] وجملة {أهم خيرٌ أم قوم تُبّع} [الدخان: 37] فإنه لما هددهم بعذاب الدخان ثم بالبطشة الكبرى وضرب لهم المثل بقوم فرعون أعقب ذلك بالإشارة إلى أن إنكار البعث هو الذي صرفهم عن توقع جزاء السوء على إعراضهم.