فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



«يعذب ناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا فيها حممًا ثم تدركهم الرحمة فيخرجون ويطرحون على أبواب الجنة فيرش عليهم أهل الجنة الماء فينبتون كما تنبت الغثاء في حمالة السيل ثم يدخلون الجنة».
ولما كان السياق للمتقين، فكان ربما ظن أن هذا الذي فعل بهم حق لهم لابد ولا محيد عنه، بين أن الأمر على غير ذلك، وأنه سبحانه لو واخذهم ولم يعاملهم بفضله وعفوه لهلكوا، فقال: {فضلًا} أي فعل بهم ذلك لأجل الفضل، ولذلك عدل عن مظهر العظمة فقال تعالى: {من ربك} أي المحسن إليك بكمال إحسانه إلى اتباعك إحسانًا يليق بك، قال الرازي في اللوامع: أصل الإيمان رؤية الفضل في جميع الأحوال.
ولما عظمه تعالى بإظهار هذه الصفة مضافة إليه صلى الله عليه وسلم، زاد في تعظيمه بالإشارة بأداة البعد فقال: {ذلك} أي الفضل العظيم الواسع {هو} أي خاصة {الفوز} أي الظفر بجميع المطالب {العظيم} الذي لم يدع جهة الشرف إلا ملأها.
ولما قدم سبحانه في هذه السورة ما للقرآن من البركة بما اشتمل عليه من البشارة والندارة والجمع والفرق، وذكرهم بما يقرون به من أنه مبدع هذا الكون مما يستلزم إقرارهم بتوحيده المستلزم لأنه يفعل ما يشاء من إرسال وإنزال وتنبيه وبعث وغير ذلك، وهددهم بما لا يقدر عليه غيره من الدخان والبطشة، وفعل بعض ذلك، وذكرهم بما يعرفون من أخبار من مضى من قروم القرون وأنهم مع ذلك كله أنكروا البعث، ثم ذكر ما يقتضي التحذير والتبشير- كل ذلك في أساليب فأتت كل المدى، فأعجزت جميع القوى، مع ما لها من المعاني الباهرة، والبدائع الزاهرة القاهرة، سبب عن قوله فذلكة للسورة: {فإنما يسرناه} أي جعلنا له يسرًا عظيمًا وسهو لة كبيرة.
ولما كان الإنسان كلما زادت فصاحته وعظمت بلاغته، كان كلامه أبين وقوله أعذب وأرصن وأرشق وأمتن، وكان- صلى الله عليه وسلم- أفصح الناس وأبعدهم لذلك من التكلف، أضافه إليه فقط فقال: {بلسانك} أي هذا العربي المبين وهم عرب تعجبهم الفصاحة {لعلهم يتذكرون} أي ليكونوا عند من يراهم وهو عارف بلسانهم ممن شأنه كشأنهم على رجاء من أن يتذكروا أن هذا القرآن شاهد بإعجازه بصحة ما فيه من التوحيد والرسالة وغيرهما مما سبق إليك وجلى عليك وإلا لقدروا هم وهم أفصح الناس على معارضة شيء منه فيتذكروا ما غفلوا عنه من أنه عزيز بإهلاكه الجبابرة، وأنه حكيم بنصبه الآيات لأنبيائه وتأييدهم بالمعجزات، ومن أن الكبير منهم لا يرضى أن يطعن أحد في كبريائه ولا أن يترك من له عليه حكم وهو تحت قهره أن يبغي بعضهم على بعض ثم لا ينصر المظلوم منهم على ظالمه ويأخذ بيده حتى لا يستوي المحسن بالمسيء، فإذا تذكروا ذلك مع ما يعرفون من قدرة الملك وكبريائه وحكمته علموا قطعًا أنه لابد من البعث للتمييز بين أهل الصلاح والفساد، والفصل بين جميع العباد، فتسبب عن ذلك قوله: {فارتقب} أي ما رجيتك به من تذكرهم المستلزم لهدايتهم.
ولما كانوا يظهرون تجلدًا ولددًا أنهم لا يعبؤون بشيء من القرآن ولا غيره مما يأتي به ولا يعدون شيئًا منه آية، أخبر عما يبطنون من خوفهم وانتظارهم لجميع ما يهددهم به مؤكدًا لأجل ظن من حمل تجلدهم على أنه جلد فقال: {إنهم} وزاد الأمر بالإخبار بالاسم الدال على الثبات والدوام فقال: {مرتقبون} أي تكليفهم أنفسهم المراقبة وإجهادهم أفكارهم في ذلك دائم لا يزايلهم بل قد قطع قلوبهم وملأ صدورهم، فقد انطبق آخر السورة على أولها، بل وعلى المراد من مجملها ومفصلها، بذكر الكتاب والأرتقاب لأنواع العذاب- والله الهادي إلى الصواب، إنه الكريم الوهاب. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ (51)}.
اعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد في الآيات المتقدمة ذكر الوعد في هذه الآيات فقال: {إِنَّ المتقين} قال أصحابنا كل من اتقى الشرك فقد صدق عليه اسم المتقي فوجب أن يدخل الفاسق في هذا الوعد.
واعلم أنه تعالى ذكر من أسباب تنعمهم أربعة أشيئاء أولها: مساكنهم فقال: {فِي مَقَامٍ أَمِينٍ}.
واعلم أن المسكين إنما يطيب بشرطين أحدهما: أن يكون امنًا عن جميع ما يخاف ويحذر وهو المراد من قوله: {فِي مَقَامٍ أَمِينٍ} قرأ الجمهور {في مقام} بفتح الميم، وقرأ نافع وابن عامر بضم الميم، قال صاحب (الكشاف) المقام بفتح الميم هو موضع القيام، والمراد المكان وهو من الخاص الذي جعل مستعملًا في المعنى العام وبالضم هو موضع الإقامة، والأمين من قولك أمن الرجل أمانة فهو أمين وهو ضد الخائن، فوصف به المكان استعارة لأن المكان المخيف كأنه يخون صاحبه والشرط الثاني: لطيب المكان أن يكون قد حصل فيه أسباب النزهة وهي الجنات والعيون، فلما ذكر تعالى هذين الشرطين في مساكن أهل الجنة فقد وصفها بما لا يقبل الزيادة.
والقسم الثاني: من تنعماتهم الملبوسات فقال: {يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ} قيل السندس ما رقّ من الديباج، والإستبرق ما غلظ منه، وهو تعريب استبرك، فإن قالوا كيف جاز ورود الأعجمي في القرآن؟ قلنا لما عرب فقد صار عربيًّا.
والقسم الثالث: فهو جلوسهم على صفة التقابل والغرض منه استئناس البعض بالبعض، فإن قالوا الجلوس على هذا الوجه موحش لأنه يكون كل واحد منهم مطلعًا على ما يفعله الآخر، وأيضًا فالذي يقل ثوابه إذا اطلع على حال من يكثر ثوابه يتنغص عيشه، قلنا أحوال الآخرة بخلاف أحوال الدنيا.
والقسم الرابع: أزواجهم فقال: {كَذَلِكَ وزوجناهم بِحُورٍ عِينٍ} الكاف فيه وجهان أن تكون مرفوعة والتقدير الأمر كذلك أو منصوبة والتقدير آتيناهم مثل ذلك، قال أبو عبيدة: جعلناهم أزواجًا كما يزوج البعل بالبعل أي جلعناهم اثنين اثنين، واختلفوا في أن هذا اللفظ هل يدل على حصو ل عقد التزويج أم لا؟، قال يونس قوله: {وزوجناهم بِحُورٍ عِينٍ} أي قرناهم بهن فليس من عقد التزويج، والعرب لا تقول تزوجت بها وإنما تقول تزوجتها، قال الواحدي رحمه لله والتنزيل يدل على ما قال يونس وذلك قوله: {فَلَمَّا قضى زَيْدٌ مّنْهَا وَطَرًا زوجناكها} [الأحزاب: 37] ولوكان المراد تزوجت بها زوجناك بها وأيضًا فقول القائل زوجته به معناه أنه كان فردًا فزوجته باخر كما يقال شفعته باخر، وأما الحور، فقال الواحدي أصل الحور البياض والتحوير التبييض، وقد ذكرنا ذلك في تفسير الحواريين، وعين حوراء إذا اشتد بياض بياضها واشتد سواد سوادها، ولا تسمى المرأة حوراء حتى يكون حور عينيها بياضًا في لون الجسد، والدليل على أن المراد بالحور في هذه الآية البيض قراءة ابن مسعود بعيس عين والعيس البيض، وأما العين فجمع عيناء وهي التي تكون عظيمة العينين من النساء، فقال الجبائي رجل أعين إذا كان ضخم العين واسعها والأنثى عيناء والجمع عين، ثم اختلفوا في هؤلاء الحور العين، فقال الحسن هن عجائزكم الدرد ينشئهن الله خلقًا آخر، وقال أبو هريرة إنهن ليسوا من نساء الدنيا.
والنوع الخامس: من تنعمات أهل الجنة المأكو ل فقال: {يَدْعُونَ فِيهَا بِكلّ فاكهة ءآمنين} قالوا إنهم يأكلون جميع أنواع الفاكهة لأجل أنهم امنون من التخم والأمراض.
ولما وصف الله تعالى أنواع ما هم فيه من الخيرات والراحات، بين أن حياتهم دائمة، فقال: {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى} وفيه سؤالأن:
السؤال الأول: أنهم ما ذاقوا الموتة الأولى في الجنة فكيف حسن هذا الاستثناء؟ وأجيب عنه من وجوه الأول: قال صاحب (الكشاف) أريد أن يقال: لا يذوقون فيها الموت ألبتة فوضع قوله: {إِلاَّ الموتة الأولى} موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال في المستقبل، فهو من باب التعليق بالمحال، كأنه قيل إن كانت الموتة الأولى يمكن ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها الثاني: أن إلا بمعنى لكن والتقدير لا يذوقون فيها الموت لكن الموتة الأولى قد ذاقوها والثالث: أن الجنة حقيقتها ابتهاج النفس وفرحها بمعرفة الله تعالى وبطاعته ومحبته، وإذا كان الأمر كذلك فإن الإنسان الذي فاز بهذه السعادة فهو في الدنيا في الجنة وفي الآخرة أيضًا في الجنة، وإذا كان الأمر كذلك فقد وقعت الموتة الأولى حين كان الإنسان في الجنة الحقيقية التي هي جنة المعرفة بالله والمحبة، فذكر هذا الاستثناء كالتنبيه على قولنا إن الجنة الحقيقية هي حصو ل هذه الحالة لا الدار التي هي دار الأكل والشرب، ولهذا السبب قال عليه السلام: «أنبياء الله لا يموتون ولكن ينقلون من دار إلى دار» والرابع: أن من جرب شيئًا ووقف عليه صح أن يقال إنه ذاقه، وإذا صح أن يسمى العلم بالذوق صح أن يسمى تذكره أيضًا بالذوق فقوله: {لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الموت إِلاَّ الموتة الأولى} يعني إلا الذوق الحاصل بسبب تذكر الموتة الأولى.
السؤال الثاني: أليس أن أهل النار أيضًا لا يموتون فلم بشر أهل الجنة بهذا مع أهل النار يشاركونهم فيه؟ والجواب: أن البشارة ما وقعت بدوام الحياة مع سابقة حصو ل تلك الخيرات والسعادات فظهر الفرق.
ثم قال تعالى: {ووقاهم عَذَابَ الجحيم} قرئ {ووقاهم} بالتشديد، فإن قالوا مقتضى الدليل أن يكون ذكر الوقاية عن عذاب الجحيم متقدمًا على ذكر الفوز بالجنة لأن الذي وقى عن عذاب الجحيم قد يفوز وقد لا يفوز، فإذا ذكر بعده أنه فاز بالجنة حصلت الفائدة، أما الذي فاز بخيرات الجنة فقد تخلص عن عقاب الله لا محالة فلم يكن ذكر الفوز عن عذاب جهنم بعد الفوز بثواب الجنة مفيدًا، قلنا التقدير كأنه تعالى قال: ووقاهم في أول الأمر عن عذاب الجحيم.
ثم قال: {فَضْلًا مّن رَّبّكَ} يعني كل ما وصل إليه المتقون من الخلاص عن النار والفوز بالجنة فإنما يحصل بتفضل الله، واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن الثواب يحصل تفضلًا من الله تعالى لا بطريق الاستحقاق لأنه تعالى لما عدد أقسام ثواب المتقين بين أنها بأسرها إنما حصلت على سبيل الفضل والإحسان من الله تعالى، قال القاضي أكثر هذه الأشيئاء وإن كانوا قد استحقوه بعملهم فهو بفضل الله لأنه تعالى تفضل بالتكليف، وغرضه منه أن يصيرهم إلى هذه المنزلة فهو كمن أعطى غيره مالًا ليصل به إلى ملك ضيعة، فإنه يقال في تلك الضيعة إنها من فضله، قلنا مذهبك أن هذا الثواب حق لازم على الله، وإنه تعالى لوأخل به لصار سفيهًا ولخرج به عن الإلهية فكيف يمكن وصف مثل هذا الشيء بأنه فضل من الله تعالى؟
ثم قال تعالى: {ذلك هو الفوز العظيم} واحتج أصحابنا بهذه الآية على أن التفضيل أعلى درجة من الثواب المستحق، فإنه تعالى وصفه بكونه فضلًا من الله ثم وصف الفضل من الله بكونه فوزًا عظيمًا، ويدل عليه أيضًا أن الملك العظيم إذا أعطى الأجير أجرته ثم خلع على إنسان آخر فإن تلك الخلعة أعلى حالًا من إعطاء تلك الأجرة، ولما بين الله تعالى الدلائل وشرح الوعد والوعيد قال: {فَإِنَّمَا يسرناه بِلَسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} والمعنى أنه تعالى وصف القرآن في أول هذه السورة بكونه كتابًا مبينًا أي كثير البيان والفائدة وذكر في خاتمتها ما يؤكد ذلك فقال: إن ذلك الكتاب المبين، الكثير الفائدة إنما يسرناه بلسانك، أي إنما أنزلنا عربيًّا بلغتك، لعلّهم يتذكرون، قال القاضي وهذا يدل على أنه أراد من الكل الإيمان والمعرفة وأنه ما أراد من أحد الكفر وأجاب أصحابنا أن الضمير في قوله: {لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} عائد إلى أقوام مخصوصين فنحن نحمل ذلك على المؤمنين.
ثم قال: {فارتقب} أي فانتظر ما يحل بهم {إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ} ما يحل بك، متربصون بك الدوائر، والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: تم تفسير هذه السورة ليلة الثلاثاء في نصف الليل الثاني عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وستمائة، يا دائم المعروف، يا قديم الإحسان، شهد لك إشراق العرش، وضوء الكرسي، ومعارج السموات، وأنوار الثوابت والسيارات، على منابرها، المتوغلة في العلوالأعلى، ومعارجها المقدسة عن غبار عالم الكون والفساد، بأن الأول الحق الأزلي، لا يناسبه شيء من علائق العقول، وشوائب الخواطر، ومناسبات المحدثات، فالقمر بسبب محوه مقر النقصان، والشمس بشهادة المعارج بتغيراتها، معترفة بالحاجة إلى تدبير الرحمن، والطبائع مقهورة تحت القدرة القاهرة، فالله في غيبيات المعارج العالية، والمتغيرات شاهدة بعدم تغيره، والمتعاقبات ناطقة بدوام سرمديته، وكل ما نوجه عليه أنه مضى وسيأتي فهو خالقه وأعلى منه، فبجوده الوجود وإيجاد، وبإعدامه الفناء والفساد، وكل ما سواه فهو تائه في جبروته، نائر عند طلوع نور ملكوته، وليس عند عقول الخلق إلا أنه بخلاف كل الخلق، له العز والجلال، والقدرة والكمال، والجود والإفضال، ربنا ورب مبادينا إياك نروم، ولك نصلي ونصوم، وعليك المعو ل، وأنت المبدأ الأول، سبحانك سبحانك. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {إِنَّ المتقين فِي مَقَامٍ أَمِينٍ}.
لما ذكر مستقر الكافرين وعذابَهم ذكر نُزل المؤمنين ونعيمهم.
وقرأ نافع وابن عامر {فِي مُقَامٍ} بضم الميم.
الباقون بالفتح.
قال الكسائي: المُقام المكان، والمُقام الإقامة، كما قال:
عَفَتِ الديارُ مَحَلُّها فَمُقَامُها

قال الجوهريّ: وأما المَقام والمُقام فقد يكون كل واحد منهما بمعنى الإقامة، وقد يكون بمعنى موضع القيام؛ لأنك إذا جعلته من قام يقوم فمفتوح، وإن جعلته من أقام يقيم فمضموم، لأن الفعل إذا جاوز الثلاثة فالموضع مضموم الميم، لأنه مشبه ببنات الأربعة، نحو دحرج وهذا مُدَحْرَجُنا.
وقيل: المقام (بالفتح) المشهد والمجلس، و(بالضم) يمكن أن يراد به المكان، ويمكن أن يكون مصدرًا ويقدّر فيه المضاف، أي في موضع إقامة.
{أَمِينٍ} يؤمن فيه من الافات {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} بدل {مِنْ مَقَامٍ أَمِينٍ}.
{يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ} لا يرى بعضهم قفا بعض، متواجهين يدور بهم مجلسهم حيث داروا.
والسُّنْدُس: ما رَقّ من الديباج.
والإستبرق: ما غلظ منه.
وقد مضى في (الكهف).
قوله تعالى: {كَذَلِكَ} أي الأمر كذلك الذي ذكرناه. فيوقف على {كَذَلِكَ}.
وقيل: أي كما أدخلناهم الجنة وفعلنا بهم ما تقدّم ذكره، كذلك أكرمناهم بأن زوّجناهم حُورًا عِينًا.
وقد مضى الكلام في العِين في (والصَّافَّاتِ).
والحور: البِيض؛ في قول قتادة والعامة، جمع حوراء.
والحَوْراء: البيضاء التي يرى ساقها من وراء ثيابها، ويرى الناظر وجهه في كعبها؛ كالمراة من دقة الجلد وبضاضة البشرة وصفاء اللون.
ودليل هذا التأويل أنها في حرف ابن مسعود (بِعيس عِين).
وذكر أبوبكر الأنباريّ أخبرنا أحمد بن الحسين قال حدّثنا حسين قال حدّثنا عمار بن محمد قال: صلّيت خلف منصور بن المعتمر فقرأ في {حم} الدخان {بعِيس عِين لا يذوقون طعم الموتِ إلا الموتة الأولى}.
والعِيس: البيض؛ ومنه قيل للإبل البيض: عيس، واحدها بعير أَعْيَس وناقة عَيْساء.
قال امرؤ القيس:
يَرُعْنَ إلى صوتي إذا ما سمعنه ** كما تَرْعَوِي عِيطٌ إلى صوت أَعْيَسَا