فصل: قال الخطيب الشربيني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الدخان الشر والفتنة. وعن ابن مسعود: خمس قد مضت الروم والدخان والقمر والبطشة واللزام. وذلك أن قريشًا لما استصعبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فقال: «اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني ويوسف». فأصابهم اللزام وهو القحط حتى أكلوا الجيف، وكان الرجل يرى بين السماء والأرض الدخان فيسمع كلام صاحبه ولا يراه من الدخان. فمشى إليه صلى الله عليه وسلم أَبُو سُفْيَان ونفر معه وناشدوه الله والرحم، وواعدوه إن دعا لهم وكشف عنهم أن يؤمنوا.
فلما كشف عنهم من الدخان رجعوا إلى شركهم وذلك قوله: {هذا عذاب} أي قائلين هذا إلى آخِره.
ثم استبعد منهم الاتعاظ بقوله: {أنى لهم الذكرى وقد جاءهم} ما هو أعظم من كشف الدخان وهو القرآن المعجز وغيره فلم يتذكروا {وتولوا عنه} واتهموه صلى الله عليه وسلم بأنه إنما يعلمهن بشر ونسبوه إلى الجنون. ومعنى {ثم} تبعيد الحالتين. ثم بين أنهم يعودون إلى الكفر عقيب كشف العذاب عنهم زمانًا قليلًا. واعلم أن ارتدادهم إلى الكفر أمر ممكن سواء يجعل الدخان من أمارات القيامة أو يقال إنه قد مضى. والبطشة الكبرى القيامة أو يوم بدر على التفسيرين. و{يوم} ظرف لما دل عليه منتقمون فإن ما بعد (أن) لا يعمل فيما قبله. وقيل: بدل من {يوم تأتي السماء} ثم سلى رسوله صلى الله عليه وسلم بقصة موسى. ومعنى {فتنا} امتحنا وقد وصفه بالكرم لأنه كان حبيبًا في قومه أوبكرم خلقه، أو المراد أنه لم يخاشنهم في التبليغ كما قال: {فقولا له قولا لينًا} [طه: 44] (وأن) مفسرة لأن مجيء الرسول يتضمن القول، أو مخففة من الثقيلة، أو مصدرية والياء محذوف. و{عباد الله} مفعول به لقوله: {أرسل معنا بني إسرائيل} [طه: 47] أو منادى والمعنى أدوا إليَّ يا عباد الله ما هو واجب عليكم من الإيمان والطاعة. والقصة مذكورة في (الشعراء) وغيرها و{وأن ترجمون} أن تقتلون أوتشتمون بالنسبة إلى الكذب والسحر {وإن لم تؤمنوا لي} أي لم تصدقوني فقارقوني وكونوا بمعزل عني لا عليّ ولا لي {فدعا ربه} شاكيًا {أن هؤلاء قوم مجرمون} مصرون على الكفر {فأسر} أي فأجبنا دعاءه وقلنا له أسر وكان من دعائه اللهم عجل لهم ما يستحقونه بإجرامهم. ويحتمل أن يكون الدعاء وهو ما في (يونس) {ربنا اطمس على أموالهم} [الآية: 88] وفي {رهوا} وجهان: أحدهما ساكنًا أي لا تضربه. ثانيًا واتركه على هيئته من انتصاب الماء وكون الطريق يبسًا. وذلك أن موسى أراد أن يضربه ثانيًا حتى ينطبق ويزو ل الأنفلاق خوفًا من أن يدركهم قوم فرعون، والله تعالى أراد أن يدخل القبط البحر ثم يطبقه عليهم، وثانيهما أن الرهو الفجوة الواسعة أي اتركه مفتوحًا منفرجًا على حاله. والنعمة بفتح النون التنعم والباقي مذكور في (الشعراء).
وقوله: {فما بكت} كان إذا مات الرجل الخطير قالوا في تعظيم مصيبته بكت عليه السماء والأرض وأظلمت الدنيا، ومنه الحديث «وما من مؤمن مات في غربة غابت فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء» وفيه تمثيل وتخييل وتهكم بهم أنهم كانوا يستعظمون أنفسهم ويعتقدون أنهم لوماتوا لقال الناس فيهم ذلك، فأخبر ما كانوا في هذا الحد بل كانوا أنهم دون ذلك.
وجوز كثير من المفسرين أن يكون البكاء حقيقة وجعلوا الخسوف والكسوف والحمرة التي تحدث في السماء وهبوب الرياح العاصفة من ذلك. قال الواحدى في البسيط: روي أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من عبد إلا له في السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل فيه عمله، فإذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية» ثم إن هؤلاء الكفار لم يكن لهم عمل صالح يصعد إلى السماء فلا جرم لم تبك عليهم. وعن الحسن: أراد أهل السماء والأرض أي ما بكت عليهم الملائكة والمؤمنون بل كانوا بهلاكهم مسرورين {وما كانوا إذا منظرين} أي لما جاء وقت هلاكهم لم يمهلوا إلى الآخرة بل عجل لهم في الدنيا. قوله: {من فرعون} بدل من العذاب بل جعل في نفسه عذابًا مهينًا لشدة شكيمته وفرط عتوه. وقيل: المضاف محذوف أي من عذابه. وقيل: تقديره المهين الصادر من فرعون، وفي قراءة ابن عباس {من فرعون} على الاستفهام أي ما ظنكم بعذاب من تعرفونه أنه عال قاهر عات مجاوز حد الاعتدال. ثم ثنى على بني إسرائيل بقوله: {ولقد اخترناهم} بإيتاء الملك والنبوة {على علم} منا باستحقاقهم ذلك وقيامهم بالشكر عليه على عالمي زمانهم. ولا ريب أن هذا قبل التحريف. وقيل: أي على علم منا بأنه يبدومنهم بوادر وتفريطات والبلاء النعمة أو المحنة، والآيات هي التسع وغيرها.
ثم عاد إلى ما انجر الكلام فيه وهو قوله: {بل هم في شك يلعبون} فقال: {إن هؤلاء} يعني كفار قريش {ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى} قال المفسرون: يؤل إلى ما حكى عنهم في موضع آخر {إن هي إلا حياتنا الدنيا} [المؤمنون: 37] وذلك أن النزاع إنما وقع في موتة تعقبها حياة فأنكروا أن تكون موتة بهذا الوصف إلا الموتة الأولى وهو حال كونهم نطفًا. ويحتمل أن يراد إن هي أي الصفة أو النهاية أو الحالة أو العاقبة إلا الموتة الأولى، وليست إثباتًا لموتة ثانية إنما هو كقولك: حج فلان الحجة الأولى، ومات {وما نحن بمنشرين} أنشر الله الموتى أحياهم {فأتوا} أيها النبي والذين امنوا معه {بآبائنا إن كنتم صادقين} يروى أنهم طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله لهم إحياء الموتى فينشر كبيرهم قصي بن كلاب ليشأو روه في صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصحة البعث، فلم يجبهم الله تعالى إلى ذلك ولكنه أو عدهم بقوله: {أهم خير أم قوم تبع} أي ليسوا بخير منهم في العدد والعز والمنعة. ابن عباس: تبع نبي. أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «لا أدري تبع نبيًا كان أم غير نبي».
روى الثعلبي عن عائشة كان رجلًا صالحًا ذم الله قومه ولم يذمه. وإنما خصهم بالذكر لقربهم من العرب زمانًا ومكانًا. وعن سعيد بن جبير كسا البيت. وقال قتادة: كان من حمير سار فبنى الحيرة وسمرقند. وقال أبو عبيدة: هم ملوك اليمن يسمى كل واحد منهم تبعًا لكثرة تبعه، أولأنه يتبع صاحبه وهو بمنزلة الخليفة للمسلمين، وكسرى للفرس، وقيصر للروم، وجمعه تبابعة، وكان يكتب إذا كتب بسم الذي ملك برًا وبحرًا. ثم برهن على صحة البعث بقوله: {وما خلقنا} إلى آخِره، وقد مر في (الأنبياء) وفي (ص) نظيره. وإنما جمع السموات هاهنا لموافقة قوله في أول السورة {رب السموات} وسمى يوم القيامة يوم الفصل لأنه يفصل بين عباده في الحكم والقضاء، أو يفصل بين أهل الجنة وأهل النار، أو يفصل بين المؤمنين وبين ما يكرهون وللكافرين بينهم وبين وما يشتهونه فيفصل بين الوالد وو لده والرجل وزوجته والمرء وخليله. والمولى في الآية يحتمل الولي والناصر والمعين وابن العم، والمراد أن أحدًا منهم بأي معنى فرض لا يتوقع منه النصرة. والضمير في {لا ينصرون} للمولى الثاني لأنه جمع في المعنى لعمومه وشيئاعه.
وقوله: {إلا من رحم الله} في محل الرفع على البدل أو في محل النصب على الاستثناء {إنه هو العزيز} الغالب على من عصى {الرحيم} لمن أطاع. ثم أراد أن يختم السورة بوعيد الفجار ووعد الأبرار فقال: {إن شجرت الزقوم} وقد مر تفسيرها في الصافات. و{الأثيم} مبالغة الاثم ولهذا يمكن أن يقال: إنه مخصوص بالكافر. والمهمل دردي الزيت وقد مر في (الكهف). ولعل وجه التشبيه هو بشاعة الطعم كما أن الوجه في قوله: {طلعها كأنه رءوس الشيئاطين} [الصافات: 65] هو كراهة المنظر ثم وصفه بشدة الحرارة قائلًا {يغلي} إلى آخِره. ثم أخبر أنه سبحانه يقول للزبانية {خذوه} أي خذوا الأثيم {فاعتلوه} جروه بعنف وغلظة كأن يؤخذ بتلبيبه فيجر إلى وسط النار. ومنه العتل للجافي الغليظ.
وقوله: {من عذاب الحميم} دون أن يقول: {من الحميم} تهويل سلوك لطريق الاستعارة لأنه إذا صب عليه الحميم فقد صب عليه عذابه وشدته. يروي أن أبا جهل قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين جبليها أعز ولا أمنع مني فوالله ما تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي (شيئًا) فنزلت الآية. أي يقال له ذق لأنك أنت العزيز الكريم عند نفسك وفيه من التهكم ما فيه {إن هذا} العذاب {ما كنتم به تمترون} تشكون. ثم شرع في وعد الأبرار والمقام الأمين ذوالأمن، أوأصله من الأمانة لأن المكان المخيف كأنما يخوف صاحبه بما يلقى فيه من المكاره.
وقوله: {وزوجناهم} اختلفوا في أن هذا اللفظ هل يدل على حصو ل عقد التزوج أم لا. والأكثرون على نفيه، وأن المراد قرناهم بهن. وقيل: زوجته امرأة وزوجته بامرأة لغتان. وهكذا اختلفوا في الحور. فعن الحسن: هن عجائزكم ينشئهن الله خلقًا آخر.
وقال أبو هريرة: لسن من نساء الدنيا.
{يدعون} أي يحكمون ويأمرون في الجنة بإحضار ما يشتهون من الفواكه في أي وقت ومكان {آمنين} من التخم والتبعات، ثم أخبر عن خلودهم بقوله: {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} قال جار الله: هو من باب التعليق بالمحال كأنه قيل: إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها. وقيل: الاستثناء منقطع أي لكن الموتة الأولى قد ذاقوها. وقال أهل التحقيق: إن الجنة حقيقتها ابتهاج النفس وفرحها بمعرفة الله وبمحبته. فالإنسان الكامل هو في الدنيا في الجنة. وفي الآخرة أيضًا في الجنة فقد صح أنه لم يذق في الجنة إلا الموتة الأولى. ثم ختم الكلام بفذلكته والمعنى ذكرناهم بالكتاب المبين فأسهلناه حيث أنزلناه بلغتك إرادة تذكرهم فانتظر ما يحل فإنهم يتربصون بك الدوائر. اهـ.

.قال الخطيب الشربيني:

سورة الدخان مكية وقيل: إلا قوله تعالى: {إنا كاشفوا العذاب قليلًا} الآيةوهي ست أوسبع أوتسع وخمسون آية وثلاثمئة وست وأربعون كلمة وألف وأربعمائة وواحد وثلاثون حرفًا.
{بِسْمِ الله} الملك الجبار الواحد القهار.
{الرحمن} الذي عم بنعمته سائر مخلوقاته {الرحيم} بأهل وداده وقوله تعالى: {حم} قرأه ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بإمالة الحاء محضة، وقرأه ورش وأبو عمرو بالإمالة بين بين والباقون بالفتح وتقدمت الإشارة إلى شيء من أسرار أخواتها وقوله تعالى: {والكتاب المبين} فيه احتمالأن؛ الأول: أن يكون التقدير هذه حم والكتاب المبين كقولك: هذا زيد والله، الثاني: أن يكون التقدير حم والكتاب المبين.
{إنا أنزلناه} فيكون في ذلك تقدير قسمين على شيء واحد ويجوز أن يكون {إنا أنزلناه} جواب القسم وأن يكون اعتراضًا والجواب قوله تعالى: {إنا كنا منذرين} واختاره ابن عطية، وقيل: {إنا كنا} مستأنف و{فيها يفرق} يجوز أن يكون مستأنفًا وأن يكون صفة ليلة وما بينهما اعتراض.
تنبيه:
يجوز أن يكون المراد بالكتاب هنا الكتب المتقدمة المنزلة على الأنبياء عليهم السلام كما قال تعالى: {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب} (الحديد).
ويجوز أن يكون المراد به اللوح المحفوظ قال الله تعالى: {يمحوالله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} (الرعد).
وقال تعالى: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم} (الزخرف).
ويجوز أن يكون المراد به القرآن واقتصر على ذلك البيضاوي وتبعه الجلال المحلي، وعلى هذا فقد أقسم بالقرآن أنه أنزل القرآن في ليلة مباركة، وهذا النوع من الكلام يدل على غاية تعظيم القرآن فقد يقول الرجل إذا أراد تعظيم الرجل له إليه حاجة: أتشفع بك إليك وأقسم بحقك عليك وجاء في الحديث: «أعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقوبتك، وبك منك لا أحصي ثناء عليك». والمبين: هو المشتمل على بيان ما بالناس من حاجة إليه في دينهم ودنياهم فوصفه بكونه مبينًا وإن كانت حقيقة الإبانة لله تعالى لأن الإبانة حصلت به كقوله تعالى: {أم أنزلنا عليهم سلطانًا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون} (الروم).
فوصفه بالتكلم إذ كان غاية في الإبانة فكأنه ذو لسان ينطق مبالغة في وصفه.
واختلف في قوله سبحانه وتعالى: {في ليلة مباركة} فقال قتادة وابن زيد وأكثر المفسرين: هي ليلة القدر: وقال عكرمة وطائفة: إنها ليلة البراءة وهي ليلة النصف من شعبان، واحتج الأولون بوجوه؛ الأول: قوله تعالى: {إنا أنزلنا في ليلة القدر} (القدر).
فقوله تعالى: {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} يجب أن تكون هي تلك الليلة المسماة بليلة القدر لئلا يلزم التناقض، ثانيها: قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} (البقرة).
فقوله تعالى هاهنا {إنا أنزلناه في ليلة مباركة} يجب أن تكون هذه الليلة المباركة في رمضان فثبت أنها ليلة القدر، ثالثها: قوله تعالى في صفة ليلة القدر: {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر} (القدر).
وقال تعالى ههنا.
{فيها يفرق كل أمر حكيم} وقال هاهنا {رحمة من ربك} وقال تعالى في ليلة القدر {سلام هي} (القدر).
وإذا تقاربت الأوصاف وجب القول بأن إحدى الليلتين هي الآخرى، رابعها: نقل محمد بن جرير الطبري في تفسيره عن قتادة أنه قال: نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان، والتوراة لست ليال منه، والزبور لثنتي عشرة ليلة مضت منه، والقرآن لأربع وعشرين مضت من رمضان، والليلة المباركة هي: ليلة القدر، خامسها: أن ليلة القدر إنما سميت بهذا الاسم لأن قدرها وشرفها عند الله عظيم، ومعلوم أن قدرها وشرفها ليس بسبب نفس الزمان لأن الزمان شيء واحد في الذات والصفات فيمتنع كون بعضه أشرف من بعض لذاته فثبت أن شرفه وقدره بسبب أنه حصل فيه أمور شريفة لها قدر عظيم، ومن المعلوم أن منصب الدين أعظم من مناصب الدنيا، وأعظم الأشيئاء وأشرفها شعبًا في الدين هو القرآن لأنه ثبت به نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبه ظهر الفرق بين الحق والباطل كما قال تعالى في صفته: {ومهيمنًا عليه} (المائدة).
وبه ظهرت درجات أرباب السعادات ودركات أرباب الشقاوات فعلى هذا لا شيء إلا والقرآن أعظم قدرًا وأعلى ذكرًا وأعظم منصبًا، وحيث أطبقوا على أن ليلة القدر هي التي وقعت في رمضان علمنا أن القرآن إنما أنزل في تلك الليلة وهذه أدلة ظاهرة واضحة، واحتج الآخرون على أنها ليلة النصف من شعبان بوجوه؛ أولها: أن لها أربعة أسماء الليلة المباركة وليلة البراءة وليلة الصك وليلة الرحمة، وقيل: بينها وبين ليلة القدر أربعون ليلة.
وقيل في تسميتها: ليلة البراءة والصك أن البندار إذا استوفى الخراج من أهله كتب لهم البراءة وكذلك الله تعالى يكتب لعباده المؤمنين البراءة في هذه الليلة، ثانيها: أنها مختصة بخمس خصال الأولى: قال تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم} والثانية: فضيلة العبادة فيها، روى الزمخشري أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى في هذه الليلة مائة ركعة أرسل الله تعالى إليه مائة ملك: ثلاثون يبشرونه بالجنة، وثلاثون يؤمنونه من عذاب النار، وثلاثون يدفعون عنه آفات الدنيا، وعشرة يدفعون عنه مكايد الشيطان». ثالثها: نزول الرحمة قال صلى الله عليه وسلم «إن الله يرحم أمتي في هذه الليلة بعدد شعر أغنام بني كلب». رابعها: حصو ل المغفرة فيها قال صلى الله عليه وسلم «إن الله يغفر لجميع المسلمين في تلك الليلة إلا الكاهن والساحر ومدمن الخمر وعاق والديه والمصر على الزنا». خامسها: أنه تعالى أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الليلة تمام الشفاعة في أمته، قال الزمخشري: وذلك أنه سأل ليلة الثالث عشر من شعبان في أمته فأعطي الثلث منها ثم سأل ليلة الرابع عشر فأعطي الثلثين ثم سأل ليلة الخامس عشر فأعطي الجميع إلا من شرد عن الله شرود البعير.