فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والثاني أحد أقسام الكلام الذي يقابله النهي.
وكلاهما يصح أن يكون مرادًا هاهنا؛ وتقديره: ثم جعلناك على طريقة من الدين وهي ملّة الإسلام؛ كما قال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المشركين} [النحل: 123].
ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح. وإنما خالف بينهما في الفروع حسبما علمه سبحانه.
الثانية قال ابن العربي: ظن بعض من يتكلم في العلم أن هذه الآية دليل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا؛ لأن الله تعالى أفرد النبيّ صلى الله عليه وسلم وأمته في هذه الآية بشريعة. ولا ننكر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأمته منفردان بشريعة. وإنما الخلاف فيما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا.
قوله تعالى: {ولاَ تَتَّبِعْ أَهواءَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ} يعني المشركين.
وقال ابن عباس: قُريظة والنَّضِير.
وعنه: نزلت لما دعته قريش إلى دين آبائه.
قوله تعالى: {إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ الله شَيْئًا} أي إن اتبعت أهواءهم لا يدفعون عنك من عذاب الله شيئًا.
{وَإِنَّ الظالمين بَعْضُهُمْ أوليَاءُ بَعْضٍ} أي أصدقاء وأنصار وأحباب.
قال ابن عباس: يريد أن المنافقين أولياء اليهود.
{والله وليُّ المتقين} أي ناصرهم ومعينهم.
والمتقون هنا: الذين اتقوا الشرك والمعاصي.
قوله تعالى: {هذا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ} ابتداء وخبر؛ أي هذا الذي أنزلت عليك براهين ودلائل ومعالم للناس في الحدود والأحكام.
وقرئ {هَذِهِ بَصَائِرُ} أي هذه الآيات.
{وَهُدًى} أي رشد وطريق يؤدّي إلى الجنة لمن أخذ به.
{وَرَحْمَةً} في الآخرة {لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}. اهـ.

.قال الألوسي:

{ولقد ءآتَيْنَا بَنِى إسرائيل الكتاب}.
وهوالتوراة على أن التعريف للعهد وجوز جعله للجنس ليشمل الزبور والأنجيل ولا يضر في ذلك كون الزبور أدعية ومناجاة والأنجيل أحكامه قليلة جدًّا ومعظم أحكام عيسى عليه السلام من التوراة لأن إيتاء الكاتب مطلقًا منة {والحكم} القضاء وفصل الأمور بين الناس لأن الملك كان فيهم واختاره أبو حيان. أو الفقه في الدين ويقال: لم يتسع فقه الأحكام على نبي ما اتسع على لسان موسى عليه السلام. أو الحكم النظرية الأصلية والعملية الفرعية {والنبوة} حيث كثر فيهم الأنبياء عليهم السلام ما لم يكثر في غيرهم {وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطيبات} المستلذات الحلال وبذلك تتم النعمة وذلك كالمن والسلوى {وفضلناهم عَلَى العالمين} حيث آتيناهم ما لم نؤت غيرهم من فلق البحر واظلال الغمام ونظائرهما فالمراد تفضيلهم على العالمين مطلقًا من بعض الوجوع لا من كلها ولا من جهة المرتبة والثواب فلا ينافي ذلك تفضيل أمة محمد صلى الله عليه وسلم عليهم من وجه آخر ومن جهة المرتبة والثواب. وقيل: المراد بالعالمين عالمو زمانهم.
{وءآتيناهم بينات مّنَ الأمر} دلائل ظاهرة في أمر الدين فمن بمعنى في والبينات الدلائل ويندرج فيها معجزات موسى عليه السلام وبعضهم فسرها بها. وعن ابن عباس آيات من أمر النبي صلى الله عليه وسلم وعلامات مبينة لصدقه عليه الصلاة والسلام ككونه يهاجر من مكة إلى يثرب ويكون أنصاره أهلها إلى غير ذلك مما ذكر في كتبهم {فَمَا اختلفوا} في ذلك الأمر {إِلاَّ مِن بَعْدِ حتى جَاءهُمُ العلم} بحقيقة الحال فجعلوا ما ويجب زوال الخلاف موجبًا لرسوخه {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} عداوة وحسدًا لا شكا فيه {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيمة} بالمؤاخذة والجزاء {فِيمَا كَانُواْ يَخْتَلِفُونَ} من أمر الدين.
{ثُمَّ جعلناك على شَرِيعَةٍ} أي سنة وطريقة من شرعه إذا سنه ليسلك. وفي البحر الشريعة في كلام العرب الموضع الذي يرد منه الناس في الأنهار ونحوها فشريعة الدين من ذلك من حيث يرد الناس منها أمر الله تعالى ورحمته والقرب منه عز وجل. وقال الراغب: الشرع مصدر ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له شرع وشرعة وشريعة واستعير ذلك للطريقة الإلهية من الدين ثم قال: قال بعضهم سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث أن من شرع فيها على الحقيقة والصدق روي وتطهر. وأعني بالري ما قال بعض الحكماء: كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت الله تعالى رويت بلا شرب. وبالتطهر ما قال عز وجل: {إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرجس أَهْلَ البيت وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] والظاهر هنا المعنى اللغوي. والتنوين للتعظيم أي شريعة عظيمة الشأن {مِنَ الأمر} أي أمر الدين. وجوز أبو حيان كونه مصدر أمر. والمراد من الأمر والنهي وهو كما ترى {فاتبعها ولا تَتَّبِعْ أَهواء الذين لاَ يَعْلَمُونَ} أي اراء الجهال التابعة للشهوات. والمراد بهم ما يعم كل ضال. وقيل: هم جهال قريظة والنضير وقيل: رؤساء قريش كانوا يقولون له صلى الله عليه وسلم: ارجع إلى دين ابائك.
{إِنَّهُمْ لَن يُغْنُواْ عَنكَ مِنَ الله شَيْئًا} من الأشيئاء أوشيئًا من الأغناء ان اتبعتهم والجملة مستأنفة مبينة لعلة النهي {وَإِنَّ الظالمين بَعْضُهُمْ أوليَاء بَعْضٍ} لا يواليهم ولا يتبع أهواءهم إلا من كان ظالمًا مثلهم.
{والله وليُّ المتقين} الذين أنت قدوتهم فدم على ما أنت عليه من تو ليه سبحانه خاصة والاعراض عما سواه عز وجل بالكلية.
{هذا} أي القرآن {بَصَائِرَ لِلنَّاسِ} فإن ما فيه من معالم الدين وشعائر الشرائع بمنزلة البصائر في القلوب. وقيل: الإشارة إلى اتباع الشريعة والكلام من باب التشبيه البليغ. وجمع الخبر على الوجهين باعتبار تعدد ما تضمنه المبتدأ واتباع مصدر مضاف فيعم ويخبر عنه بمتعدد أيضًا. وقرئ {هذه} أي الآيات {وهدى} جليل من ورطة الضلالة {وَرَحْمَةً} عظيمة {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} من شأنهم الإيقان بالأمور. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{ولقد آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ}.
الوجه أن يكون سَوق خبر بني إسرائيل هنا توطئةً وتمهيدًا لقوله بعده {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها} [الجاثية: 18] أثار ذلك ما تقدم من قوله: {ويل لكلّ أفّاك أثيم يسمع آيات الله تُتْلَى عليه} إلى قوله: {اتخذها هزؤا} [الجاثية: 7 9] ثم قوله: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} [الجاثية: 14] فكان المقصدُ قوله: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر} [الجاثية: 18] ولذلك عطفت الجملة بحرف {ثمَّ} الدال على التراخي الرتبي. أي على أهمية ما عطف بها.
ومقتضى ظاهر النظم أن يقع قوله: {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب} الآيتين بعد قوله: {جعلناك على شريعة من الأمر} [الجاثية: 18] فيكونَ دليلًا وحجة له فأخرج النظم على خلاف مقتضى الظاهر فجعلت الحجة تمهيدًا قصدًا للتشويق لما بعده. وليقع ما بعده معطوفًا بـ {ثم} الدالةِ على أهمية ما بعدها.
وقد عرف من تورك المشركين على النبي في شأن القرآن ما حكاه الله عنهم في قوله: {فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا أوتي مثلَ ما أوتي موسى} [القصص: 48] وقولهم: {لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة} [الفرقان: 32]. فمن أجل ذلك وقع هذا بعد قوله: {ويل لكل أفّاك أثيم} إلى قوله: {وإذا عَلم من آياتنا شيئًا اتخذها هزؤا} [الجاثية: 7 9] وقوله: {قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله} [الجاثية: 14]. فالجملة معطوفة على تلك الجمل.
وأدمج في خلالها ما اختلف فيه بنو إسرائيل على ما دعتهم إليه شريعتهم. لما فيه من تسلية النبي صلى الله عليه وسلم على مخالفة قومه دعوته تنظيرًا في أصل الاختلاف دون أسبابه وعوارضه.
ولما كان في الكلام ما القصد منه التسلية والاعتبار بأحوال الأمم حَسن تأكيد الخبر بلام القسم وحرففِ التحقيق. فمصب هذا التحقيق هو التفريع الذي في قوله: {فما اختلفوا حتى جاءهم العلم} [يونس: 93] تأكيدًا للمؤمنين بأن الله يقضي بينهم وبين المشركين كشأنه فيما حدث بين بني إسرائيل.
وقد بُسِط في ذكر النظير في بني إسرائيل من وصف حالهم حينما حدث الاختلاف بينهم. ومن التصريح بالداعي للاختلاف بينهم ما طُوي من مِثللِ بعضِه من حال المشركين حين جاءهم الإسلام فاختلفوا مع أهله إيجازًا في الكلام للاعتماد على ما يفهمه السامعون بطريق المقايسة على أن أكثره قد وقع تفصيله في الآيات السابقة مثل قوله: {تِلك آيات الله نتلوها عليك بالحق} [الجاثية: 6] وقوله هذا هدى [الجاثية: 11] فإن ذلك يقابل قوله هنا {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحُكم والنبوءة} ومثل قوله: {وسخَّر لكم ما في السموات وما في الأرض} [الجاثية: 13] فإنه يقابل قوله هنا {ورَزقناهم من الطيبات}. ومثل قوله: {يسمع آيات الله تُتْلَى عليه ثم يُصرّ مستكبرًا} إلى قوله: {لهم عذاب مهين} [الجاثية: 8. 9] فإنه يقابل قوله هنا {وآتيناهم بينات من الأمر فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيًا بينهم}. ومثل قوله: {ليجزي قومًا بما كانوا يكسبون} [الجاثية: 14] فإنه مقابل قوله هنا {إن ربك يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون}.
و{الكتاب}: التوراة.
و{الحكم} يصح أن يكون بمعنى الحِكمة. أي الفهم في الدّين وعلم محاسن الأخلاق كقوله تعالى: {وآتيناه الحُكم صبيًّا} [مريم: 12]. يعني يحيى. ويصح أن يكون بمعنى السيادة. أي أنهم يحكمون أنفسهم بأنفسهم ولا تحكمهم أمة أخرى كقوله تعالى: و{جَعلَكم ملوكًا} [المائدة: 20]. و{النبوءة} أن يقوم فيهم أنبياء.
ومعنى إيتائهم هذه الأمور الثلاثة: إيجادها في الأمة وإيجاد القائمين بها لأن نفع ذلك عائد على الأمة جمعاء فكان كل فرد من الأمة كمن أوتي تلك الأمور.
وأما رزقهم من الطيبات فبأن يسّر لهم امتلاك بلاد الشام التي تفيض لبنًا وعسلًا كما في التوراة في وعد إبراهيم والتي تجبى إليها ثمرات الأرضين المجأو رة لها وتَرد عليها سلع الأمم المقابلة لها على سواحل البحر فتزخر مراسيها بمختلف الطعام واللباس والفواكه والثمار والزخارف. وذلك بحُسن موقِععِ البلاد من بين المشرق برًا والمغرب بحرًا.
و{الطيبات}: هي التي تطيب عند الناس وتحسن طعْمًا ومنظرًا ونفعًا وزينة.
وأما تفضيلهم على العالمين فبأن جمع الله لهم بين استقامة الدّين والخَلق. وبين حكم أنفسهم بأنفسهم. وبث أصو ل العدل فيهم. وبين حسن العيش والأمن والرخاء. فإن أممًا أخرى كانوا في بحبوحة من العيش ولكن ينقص بعضَها استقامةُ الدّين والخلق. وبعضها عزة حكم النفس وبعضَها الأمن بسبب كثرة الفتن.
والمراد بـ {العالمين}: أمم زمانهم وكل ذلك إخبار عما مضى من شأن بني إسرائيل في عنفوان أمرهم لا عَمَّا ال إليه أمرهم بعد أن اختلفوا واضمحل ملكهم ونسخت شريعتهم.
و{بيّنات} صفة نزلت منزلة الجامد. فالبينة: الحجة الظاهرة. أي آتيناهم حججًا. أي علمناهم بواسطة كتبهم وبواسطة علمائهم حجج الحق والهدى التي من شأنها أن لا تترك للشك والخلطأ إلى نفوسهم سبلًا إلا سدتها.
و{الأمر}: الشأن كما في قوله: {وما أمر فرعون برشيدٍ} [هود: 97] والتعريف في {الأمر} للتعظيم. أي من شؤون عظيمة. أي شأن الأمة وما به قوام نظامها إذْ لم يترك موسى والأنبياء من بعده شيئًا مُهمًا من مصالحهم إلا وقد وضحوه وبينوه وحذروا من الالتباس فيه.
و{مِن} في قوله: {من الأمر} بمعنى (في) الظرفيّة فيحصل من هذا أن معنى {وءآتيناهم بينات من الأمر}: علمناهم حججًا وعلومًا في أمر دينهم ونظامهم بحيث يكونون على بصيرة في تدبير مجتمعهم وعلى سلامة من مخاطر الخطأ والخطل.
وفُرع على ذلك قوله: {فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم} تفريعَ إدماج لمناسبته للحالة التي أريد تنظيرها.
وتقدير الكلام: فاختلفوا وما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم. فحذف المفرَّع لدلالة ما بعده عليه على طريقة الإيجاز إذ المقصود هو التعجيب من حالهم كيف اختلفوا حينَ لا مظنة للاختلاف إذ كان الاختلاف بينهم بعدما جاءهم العلم المعهود بالذكر آنفًا من الكتاب والحُكم والنبوءة والبينات من الأمر. ولواختلفوا قبل ذلك لكان لهم عذر في الاختلاف وهذا كقوله تعالى: {وأضلّه الله على علم} [الجاثية: 23].
وهذا الكلام كناية عن عدم التعجيب من اختلاف المشركين مع المؤمنين حيث أن المشركين ليسوا على علم ولا هدى ليعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ملطوف به في رسالته.
والبغي: الظلم.
والمراد: أن اختلافهم عن عمد ومكابرة بعضهم لبعض وليس عن غفلة أوتأويل. وهذا الظلم هو ظلم الحسد فإن الحسد من أعظم الظلم. أي فكذلك حال نظرائهم من المشركين ما اختلفوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا بغيًا منهم عليه مع علمهم بصدقه بدلالة إعجاز القرآن لفظًا ومعاني.
وانتصب {بغيًا} إمّا على المفعول لأجله. وإمّا على الحال بتأويل المصدر باسم الفاعل. وعلى كلا الوجهين فالعامل فيه فعل {اختلفوا}. وإن كان منفيًا في اللفظ لأن الاستثناء أبطل النفي إذ ما أريد إلا نفي أن يكون الاختلاف في وقت قبل أن يحثهم العلم فلما استفيد ذلك بالاستثناء صار الاختلاف ثابتًا وما عدا ذلك غير منفي.
وجملة {إن ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} مستأنفة استئنافًا بيانيًا لأن خبرَهم العجيب يثير سؤالًا في نفس سامعه عن جزاء الله إياهم على فعلهم. وهذا جواب فيه إجمال لتهويل ما سيُقضَى به بينهم في الخير والشر لأن الخلاف يقتضي محقًّا ومبطلًا.
ونظير هذه الآية قوله تعالى: {ولقد بوَّأنا بني إسرائيل مُبَوّأ صدق ورزقناهم من الطيبات فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربّك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} في سورة يونس (93).
{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا ولا تَتَّبِعْ أَهواءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)}.
{ثم} للتراخي الرتبي كما هو شأنها في عطف الجمل. ولولا إرادة التراخي الرتبي لكانت الجملة معطوفة بالواو.
وهذا التراخي يفيد أن مضمون الجملة المعطوفة بحرف {ثم} أهم من مضمون الجملة المعطوففِ عليها أهمية الغرض على المقدمة والنتيجةِ على الدليل.
وفي هذا التراخي تنويه بهذا الجعل وإشارة إلى أنه أفضل من إيتاء بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوءة والبّيناتتِ من الأمر. فنبوءة محمد صلى الله عليه وسلم وكتابُه وحُكمه وبَيناته أفضل وأهدى مما أوتيه بنو إسرائيل من مثل ذلك.
و{على} للاستعلاء المجازي. أي التمكن والثبات على حد قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربّهم} [البقرة: 5].