فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ جعلناك على شَرِيعَةٍ مّنَ الأمر} يقول: على هدًى من أمر دينه.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله: {سَوَاء محياهم ومماتهم} قال: المؤمن في الدنيا والآخرة مؤمن. والكافر في الدنيا والآخرة كافر.
وأخرج ابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هواه} قال: ذاك الكافر اتخذ دينه بغير هدًى من الله. ولا برهان {وَأَضَلَّهُ الله على عِلْمٍ} يقول: أضله في سابق علمه.
وأخرج النسائي. وابن جرير. وابن المنذر. والحاكم وصححه. وابن مردويه عنه قال: كان الرّجل من العرب يعبد الحجر. فإذا وجد أحسن منه أخذه وألقى الآخر. فأنزل الله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتخذ إلهه هواه}.
وأخرج ابن جرير. وابن أبي حاتم. وابن مردويه عن أبي هريرة قال: كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار. فقال الله في كتابه: {وَقالواْ مَا هي إِلاَّ حَيَاتُنَا الدنيا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدهر} قال الله: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر. وأنا الدهر. بيدي الأمر أقلب الليل والنهار.
وأخرج البخاري. ومسلم. وغيرهما من حديث أبي هريرة سمعت رسول الله يقول: «قال الله عزّ وجلّ: يؤذيني ابن آدم يسبّ الدهر. وأنا الدهر. بيدي الأمر أقلب الليل والنهار». اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{ولقد آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}.
أخرج عبد بن حميد. وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم} قال: اللب.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {ثم جعلناك على شريعة} قال: على طريقة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما {ثم جعلناك على شريعة من الأمر} يقول: على هدى من الأمر وبينة.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه {ثم جعلناك على شريعة من الأمر} قال: الشريعة الفرائض والحدود والأمر والنهي.
وأخرج ابن المبارك. وسعيد بن منصور. وابن سعد. وابن أبي شيبة. وعبدالله بن أحمد في زوائد الزهد. والطبراني عن أبي الضحى رضي الله عنه قال: قرأ تميم الداري رضي الله عنه سورة الجاثية. فلما أتى على هذه الآية {أم حسب الذين اجترحوا السيئات} الآية. فلم يزل يكررها ويبكي حتى أصبح وهو عند المقام.
وأخرج ابن أبي شيبة عن بشير مولى الربيع بن خيثم رضي الله عنه قال: قام تميم الداري يصلي فمر بهذه الآية {أم حسب الذين اجترحوا السيئات} فلم يزل يرددها حتى أصبح.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {سواء محياهم ومماتهم} قال: المؤمن في الدنيا والآخرة مؤمن. والكافر في الدنيا والآخرة كافر.
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هواه وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)}.
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} قال: ذاك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان {وأضله الله على علم} يقول: أضله الله في سابق علمه.
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه} قال: لا يهوى شيئًا إلا ركبه. لا يخاف الله عز وجل.
وأخرج النسائي. وابن جرير. وابن المنذر. وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان الرجل من العرب يعبد الحجر. فإذا رأى أحسن منه أخذه وألقى الآخر. فأنزل الله {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه}.
{وَقالوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24)}.
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار. فقال الله في كتابه {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر} وقال الله: «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار».
وأخرج أبو عبيد. وابن المنذر. وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا}.
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبوداود والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار».
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وما يهلكنا إلا الدهر} قال: الزمان.
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله تبارك وتعالى: لا يقل ابن آدم يسب الدهر بأخيبة الدهر فإني أنا الدهر أرسل الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما».
وأخرج ابن جرير والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى: استقرضت عبدي فلم يعطني وسبني عبدي يقول وادهراه وأنا الدهر». اهـ.

.تفسير الآيات (27- 32):

قوله تعالى: {وللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (27) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) فَأَمَّا الَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هو الفَوْزُ الْمُبِينُ (30) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ (31) وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما دل على قدرته على الإعادة بهذا الدليل الخاص الذي تقديره: فالله الذي ابتدأ خلقكم من الأرض على هذا الوجه قادر على إعادتكم. عطف عليه دليلًا آخر جامعًا فقال تعالى: {ولله} أي الملك الأعظم وحده {ملك السماوات} كلها {والأرض} التي ابتدأكم منها. ومن تصرف في ملكه بشيء من الأشيئاء. كان قادرًا على مثله ما دام ملكًا.
ولما كان التقدير: له ملك ذلك أبدًا. فهو يفعل فيه اليوم ما تشاهدون مع رفع هذا وخفض هذا. فلوأن الناس سلموا لقضائه لوصلوا إلى جميع ما وصلوا إليه بالبغي والعدوان. فإنه لا يخرج شيء عن أمره ولكن أكثر الناس اليوم في ريبهم يترددون. بنى عليه قوله تعالى: {ويوم تقوم الساعة} أي توجد وتتحقق تحقق القائم الذي هو على كمال تمكنه وتمامه أمره الناهض بأعباء ما يريد. وكرر سبحانه للتهويل والتأكيد قوله: {يومئذ} أي إذا تقول يخسرون- هكذا كان الأصل. ولكنه قال للتعميم والتعليق بالوصف: {يخسر المبطلون} أي الداخلون في الباطل العريقون في الاتصاف به. الذين كانوا لا يرضون بقضائي فيستعجلون فيتوصلون إلى مراداتهم بما لم امر به. ولا يزالون يبغون إلى أن يأتي الوقت الذي قدرت وصلوهم إليها فيه. فيصلون ويظنون أنهم وصلوا بسعيهم. وأنهم لوتركوا لما كان لهم ذلك فيخسرون لأجل سعيهم بما جعلت لهم من الاختيار بمرادي فيهم على خلاف أمري. خسارة مستمرة التجدد لا انفكاك لهم عنها ويفوز المحقون.
ولما كان ذلك من شأن اليوم مهو لا. عم في الهو ل بقوله مصورًا لحاله: {وترى} أي في ذلك اليوم {كل أمة} من الأمم الخاسرة فيها والفائزة {جاثية} أي مجتمعة لا يخلطها غيرها. وهي مع ذلك باركة على الركب رعبًا واستيفازًا لما لعلها تؤمر به. جلسة المخاصم بين يدي الحاكم. ينتظروا القضاء الحاتم. والأمر الجازم اللازم. لشدة ما يظهر لها من هول ذلك اليوم.
ولما كان كأن قيل: هم مستوفزون. قال: {كل أمة} أي من الجاثين {تدعى إلى كتابها} أي الذي أنزل إليها وتعبدها الله به والذي نسخته الحفظة من أعمالها ليطبق أحدهما بالآخر. فمن وافق كتابه ما أمر به من كتاب ربه نجا. ومن خاله هلك. ويقال لهم حال الدعاء: {اليوم تجزون} على وفق الحكمة بأيسر أمر {ما} أي عين الذي {كنتم} بما هو لكم كالجبلات {تعملون} أي مصرين عليه غير راجعين عنه من خير أوشر.
ولما أخبر بالجزاء. بين كيفية ما به يطبق بين كتاب الأنزال وكتاب الأعمال. فما حكم به كتاب الأنزال أنفذه الكبير المتعال. فقال مشيرًا إلى كتاب الأنزال بأداة القريب لقربه وسهو لة فهمه: {هذا كتابنا} أي الذي أنزلناه على ألسنة رسلنا {ينطق} أي يشهد شهادة هي في بيانها كالنطق {عليكم بالحق} أي الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع من أعمالكم. ذلك بأن يقول: من عمل كذا فهو كافر. ومن عمل كذا فهو عاص. ومن عمل كذا فهو مطيع. فيطبق ذلك على ما عملتموه فإذا الذي أخبر به الكتاب مطابق لأعمالكم لا زيادة فيه ولا نقص. كل كلي ينطبق على جزئيه سواء بسواء كما نعطيكم علم ذلك في ذلك اليوم. فينكشف أمر جبلاتكم وما وقع منكم من جزئيات الأفعال لا يشذ عنه منه ذرة. وتعلمون أن هذا الواقع منكم مطابق لما أخبر به الكتاب الذي أنزلناه. فهو حق لأن الواقع طابقه. هذا نطقه عليكم. وأما نطقه لكم فالفضل: الحسنة بعشر أمثالها إلى ما فوق ذلك.
ولما كانت العادة جارية في الدنيا بإقامة الحقوق بكتابة الوثائق. وكانوا كأنهم يقولون: من يحفظ أعمالنا على كثرتها مع طو ل المدة وبعد الزمان. وكانوا ينكرون أمر الحفظة وغيره مما أتت به الرسل. أكد قوله مجيبًا بما يقرب إلى عقل من يسأل عن ذلك: {إنا} على ما لنا من القدرة والعظمة الغنية عن الكتابة {كنا} على الدوام {نستنسخ} أي نأمر ملائكتنا بنسخ أي نقل {ما كنتم} طبعًا لكم وخلقًا {تعملون} قولا وفعلًا ونية. فإن كان المراد بالنسخ مطلق النقل فهو واضح. وإن كان النقل من أصل فهو إشارة إلى لوح الجبلات المشار إليه بكنتم أو من اللوح المحفوظ ليطابق به ما يفعله العامل. ومن المشهور بين الناس أن كل أحد يسطر في جبينه ما يلقاه من خير أوشر.
ولما صرح بالمبطلين حسب ما اقتضاه الحال كما تقدم. وأشار إلى المحقين. صرح بما لوح إيه من أمر المحقين وعطف عليهم أضدادهم. فقال بادئًا بهم على طريق النشر المشوش مفصلًا: {فأما الذين آمنوا} أي من الأمم الجاثية {وعملوا} تصديقًا لدعواهم الإيمان {الصالحات فيدخلهم} أي في ذلك اليوم الذي ذكرنا عظمته وشدة هو له {ربهم} الذي أحسن إليهم بالتوفيق بالأعمال الصالحة المرضية الموصلة {في رحمته} أي تقريبه وإكرامه بجليل الثواب وحسن الماب. وتقول لهم الملائكة تشريفًا: سلام عليكم أيها المؤمنون. ودل على عظيم الرحمة بقوله: {ذلك} أي الإحسان العالي المنزلة {هو} أي لا غيره {الفوز}.
ولما كان السياق لغباوتهم وخفاء الأشيئاء عليهم قال تعالى: {المبين} الذي لا يخفى على أحد شيء من أمره. لأنه لا يشوبه كدر أصلًا ولا نقص. بخلاف ما كان من أسبابه في الدنيا. فإنها- مع كونها كانت فوزًا- كانت خفية جدًّا على غير الموقنين {وأما الذين كفروا} أي ستروا ما جلته لهم مرائي عقولهم وفطرهم الأولى من الحق الذي أمر الله به ولوعملوا جميع الصالحات غير الإيمان. فيدخلهم الملك الأعظم في لعنته.
ولما كان هذا الستر سببًا واضحًا في تبكيتهم قال: {أفلم} أي فيقال لهم: ألم يأتكم رسلي. وأخلق لكم عقولا تدلكم على الصواب من التفكر في الآيات المرئية من المعجزات التي أتوكم بها وأنزل عليكم بواسطتهم آيات مسموعة فلم {تكن آياتي} على ما لها من عظمة الإضافة إليّ وعظمة الإتيان إليكم على ألسنة رسلي الذين هم أشرف خلقي.
ولما كانت هذه الآيات توجب الإيمان لما لها من العظمة بمجرد تلاوتها. بني للمفعول قوله: {تتلى} أي تواصل قرأءتها من أيّ تال كان. فكيف إذا كانت بواسطة الرسل. تلاوة مستعلية {عليكم} لا تقدرون على رفع شيء منها بشيء يرضاه منصف {فاستكبرتم} أي فتسبب عن تلاوتها التي من شأنها إيراث الخشوع والإخبات والخضوع أن طلبتم الكبر لأنفسكم وأوجدتموه على رسلي واياتي {وكنتم} خلقًا لازمًا {قومًا} أي ذوي قيام وقدرة على ما تحاولونه {مجرمين} أي عريقين في قطع ما يستحق الوصل. وذلك هو الخسران المبين. والآية من الاحتباك: ذكر الإدخال في الرحمة أولا دليلًا على الإدخال في اللعنة ثانيًا. وذكر التبكيت ثانيًا دليلًا على التشريف أولا. وسره أن ما ذكره أدل على شرف الولي وحقارة العدو {وإذا} أي وكنتم إذا {قيل} من أيّ قائل كان ولوعلى سبيل التأكيد: {إن وعد الله} الذي كل أحد يعلم أنه محيط بصفات الكمال {حق} أي ثابت لا محيد عنه يطابقه الواقع من البعث وغيره لأن أقل الملوك لا يرضى بأن يخلف وعده فكيف به سبحانه وتعالى فكيف إذا كان الإخلاف فيه مناقضًا للحكمة {والساعة} التي هي مما وعد به وهي محط الحكمة فهي أعظم ما تعلق به الوعد {لا ريب فيها} بوجه من الوجوه لأنها محل إظهار الملك لما له من الجلال والجمال أتم إظهار {قلتم} راضين لأنفسكم بحضيض الجهل: {ما ندري} أي الأن دراية علم ولوبذلنا جهدنا في محاو لة الوصو ل إليه {ما الساعة} أي نعرف حقيقتها فضلًا عما تخبروننا به من أحوالها.
ولما كان أمرها مركوزًا في الفطر لا يحتاج إلى كبير نظر. بما يعلم كل أحد من تمام قدرة الله تعالى. فمتى نبه عليها نوع تنبيه سبق إلى القلب علمها. سموا ذلك ظنًا عنادًا واستكبارًا. فقالوا مستأنفين في جواب من كأنه يقول: أفلم تفدكم تلاوة هذه الآيات البينات علمًا بها: {إن} أي ما {نظن} أي نعتقد ما تخبروننا به عنها {إلا ظنًا} وأما وصو له إلى درجة العلم فلا.
ولما كان المحصور لابد وأن يكون أخص من المحصور فيه كان الظن الأول بمعنى الاعتقاد. ولعله عبر عنه بلفظ الظن تأكيدًا لمعنى الحصر. ولذلك عطفوا عليه- تصريحًا بالمراد لأن الظن قد يطلق على العلم- قولهم: {وما نحن} وأكدوا النفي فقالوا: {بمستيقنين} أي بموجود عندنا اليقين في أمرها ولا بطالبين له- هذا مع ما تشاهدونه من الآيات في الافاق وفي أنفسكم وما يبث من دابة وما ينبهكم على ذلك من الآيات المسموعة. وهذا لا ينافي آية {إن هي إلا حياتنا الدنيا} لأن آخِرها مثبت للظن. فكأنهم كانوا تارة يقوى عندهم ما في جبلاتهم وفطرهم الأولى من أمرها فيظنونها. وتارة تقوى عليهم الحظوظ مع ما يقترن بها من الشبهة المبنية على الجهل فيظنون عدمها فيقطعون به لما للنفس إليه من الميل. أوكانوا فرقتين- والله أعلم. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.