فصل: قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويعقب على هذه الحقيقة الماثلة بالأصل الكلي الذي ترجع إليه:
{ولله ملك السماوات والأرض}.
فهو المهيمن على كل ما في الملك. وهو صانع كل شيء فيه. وهو القادر على الأنشاء والإعادة لكل ما فيه وكل من فيه.
ثم يعرض عليهم مشهدًا من هذا اليوم الذي يشكون فيه:
{ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}.
إنه يعجل لهم في الآية الأولى عاقبة المبطلين. فهم الخاسرون في هذا اليوم الذي يشكون فيه. ثم ننظر من خلال الكلمات فإذا ساحة العرض الهائلة. وقد تجمعت فيها الأجيال الحاشدة التي عمرت هذا الكوكب في عمره الطويل القصير! وقد جثوا على الركب متميزين أمة أمة. في ارتقاب الحساب المرهوب.. وهو مشهد مرهوب بزحامه الهائل يوم تتجمع الأجيال كلها في صعيد واحد. ومرهوب بهيئته والكل جاثون على الركب. ومرهوب بما وراءه من حساب. ومرهوب قبل كل شيء بالوقفة أمام الجبار القاهر. والمنعم المتفضل. الذي لم تشكر أنعمه ولم تعرف أفضاله من أكثر هؤلاء الواقفين!
ثم يقال للجموع الجاثية المتطلعة إلى كل لحظة بريق جاف ونفس مخنوق. يقال لها:
{اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون}.. فيعلمون أن لا شيء سينسى أو يضيع! وكيف وكل شيء مكتوب. وعلم الله لا يند عنه شيء ولا يغيب؟!
ثم تنقسم الحشود الحاشدة والأمم المختلفة. على مدى الأجيال واختلاف الأجناس فريقين اثنين. فريقين اثنين يجمعان كل هذه الحشود:الذين آمنوا. والذين كفروا. فهاتان هما الرآيتان الوحيدتان عند الله وهذان هما الحزبان:حزب الله. وحزب الشيطان. وما عدا هذا من الملل والنحل والأجناس والأمم فإليهما يعود:
{فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين}.
وقد استراحوا من طو ل الارتقاب. ومن القلق والاضطراب.. والنص ينهي أمرهم في سرعة وفي بساطة. ليلقي هذا الظل المستطاب.
ثم نلقي بأبصارنا- من خلال الكلمات- إلى الفريق الآخر. فماذا نحن واجدون؟ إنه التأنيب الطويل. والتشهير المخجل. والتذكير بشر الأقوال والأعمال:
{وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قومًا مجرمين وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين}!
فالأن كيف ترون الحال؟! وكيف تذوقون اليقين؟!
{وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (33)}.
ويتركهم السياق لحظة ليعلن على الملأ شيئًا مما يقع لهؤلاء المنكوبين:
وبدا لهم سيئات ما عملوا. وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون.
ثم يعود إليهم بالترذيل والتأنيب وإعلأن الإهمال والتحقير؛ والمصير الأليم.
{وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوًا وغرتكم الحياة الدنيا}.
ثم يسدل الستار عليهم بإعلأن مصيرهم الأخير. وهم متروكون في جهنم لا يخرجون ولا يطلب إليهم اعتذار ولا عتاب:
{فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون}.
وكأننا نسمع مع إيقاع هذه الكلمات صرير الأبواب وهي توصد إيصادها الأخير! وقد انتهى المشهد. فلم يعد فيه بعد ذلك تغيير ولا تحوير!
الدرس الثالث:36- 37 حمد الله وتسبيحه وملكيته للكون:
هنا ينطلق صوت التحميد لله والتمجيد الأنطلاقة الأخيرة في السورة بعد هذا المشهد المؤثر العميق:
{فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض رب العالمين وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم}.
ينطلق صوت التحميد. يعلن وحدة الربوبية في هذا الوجود. سمائه وأرضه. وإنسه وجنه. وطيره ووحشه. وسائر ما فيه ومن فيه. فكلهم في رعاية رب واحد يدبرهم ويرعاهم وله الحمد على الرعاية والتدبير.
وينطلق صوت التمجيد. يعلن الكبرياء المطلقة لله في هذا الوجود. حيث يتصاغر كل كبير. وينحني كل جبار. ويستسلم كل متمرد. للكبرياء المطلقة في هذا الوجود.
ومع الكبرياء والربوبية العزة القادرة والحكمة المدبرة.
{وهوالعزيز الحكيم}. والحمد لله رب العالمين. اهـ.

.قال الشنقيطي في الآيات السابقة:

{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {وَهوالذي سَخَّرَ البحر لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} [النحل: 14] الآية. وفى سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: {والذي خَلَقَ الأزواج كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الفلك والأنعام مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَو واْ على ظُهورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُواْ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا استويتم عَلَيْهِ وَتَقولواْ سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 12- 13].
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)}.
قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأنفُسِكُمْ} [الإسراء: 7] الآية. وفي غير ذلك من المواضع.
قوله تعالى: {ولقد آتَيْنَا بني إِسْرَائِيلَ الكتاب والحكم والنبوة وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطيبات وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى العالمين}.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه فضل بني إسرائيل على العالمين.
وذكر هذا المعنى في موضع آخر من كتابه كقوله تعالى في سورة البقرة: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذكروا نِعْمَتِي التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العالمين} [البقرة: 47] في الموضعين.
وقوله في الدخان: {ولقد خْتَرْنَاهُمْ على عِلْمٍ عَلَى العالمين} [الدخان: 32]. وقوله في الأعراف: {قال أَغَيْرَ الله أَبْغِيكُمْ إلها وهو فَضَّلَكُمْ عَلَى العالمين} [الأعراف: 140].
ولكن الله جل وعلا بين أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم. خير من بنى إسرائيل وأكرم على الله. كما صرح بذلك في قوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بالمعروف} [ال عمران: 110] الآية. فخير صيغة تفضيل والآية نص صريح في أنهم خير من جميع الأمم. بني إسرائيل وغيرهم.
ومما يزيد ذلك إيضاحًا حديث معاوية بن حيدة القشيري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أمته: «أنتم توفون سبعين أمة أنتم خيرها أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله» وقد رواه عنه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم هو حديث مشهور.
وقال ابن كثير: حسنه الترمذي. ويروى من حديث معاذ بن جبل وأبي سعيد نحوه.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ولا شك في صحة معنى حديث معاوية بن حيدة المذكور رضي الله عنه.
لأنه يشهد له النص المعصوم المتواتر في قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [ال عمران: 110]. وقد قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى الناس} [البقرة: 143].
وقوله: {وسطا} أي خيارًا عدو لا.
واعلم أن ما ذكرنا من كون أمة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من بني إسرائيل كما دلت عليه الآية والحديث المذكوران وغيرهما من الأدلة لا يعارض الآيات المذكورات آنفًا في تفضيل بني إسرائيل.
لأن ذلك التفضيل الوارد في بني إسرائيل ذكر فيهم حال عدم وجود أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
والمعدوم في حال عدمه ليس بشئ حتى يفضل أو يفضل عليه.
ولكنه تعالى بعد وجود أمة محمد صلى الله عليه وسلم صرح بأنها هي خير الأمم.
وهذا واضح لأن كل ما جاء في القرآن من تفضيل بني إسرائيل. إنما يراد به ذكر أحوال سابقة.
لأنهم في وقت نزول القرآن كفروا به وكذبوا كما قال تعالى: {ولما جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ الله مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين} [البقرة: 89].
ومعلوم أن الله لم يذكر لهم في القرآن فضلًا إلا ما يراد به أنه كان في زمنهم السابق لا في وقت نزول القرآن.
ومعلوم أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم تكن موجودة في ذلك الزمن السابق الذي هو ظرف تفضيل بني إسرائيل. وأنها بعد وجودها. صرح الله بأنها هي خير الأمم. كما أوضحنا. والعلم عند الله تعالى.
قوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ على شَرِيعَةٍ مِّنَ الأمر فاتبعها}.
وقد قدمنا الآيات الموضحِة في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: {فاستمسك بالذي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الزخرف: 43].
قوله تعالى: {ولاَ تَتَّبِعْ أَهواءَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ}.
نهى الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم. في هذه الآية الكريمة عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون.
وقد قدمنا في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {لاَّ تَجْعَل مَعَ الله إلها آخر فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُو لا} [الإسراء: 22] أنه جل وعلا يأمر نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم وينهاه. ليشرع بذلك الأمر والنهي. لأمته كقوله هنا: {ولاَ تَتَّبِعْ أَهواءَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ}.
ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لا يتبع أهواء الذين لا يعلمون. ولكن النهي المذكور. فيه التشريع لأمته كقوله تعالى: {ولاَ تُطِعْ مِنْهُمْ اثِمًا أَوكَفُورًا} [الإنسان: 24].
وقوله تعالى: {فَلاَ تُطِعِ المكذبين} [القلم: 8].
وقوله: {ولاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ} [القلم: 10].
وقوله: {ولاَ تَجْعَلْ مَعَ الله إلها آخر} [الإسراء: 39].
وقوله: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وقد بينا الأدلة القرآنية على أنه صلى الله عليه وسلم يخاطب. التشريع لأمته. في آية بني إسرائيل المذكورة.
وما تضمنته آية الجاثية هذه. من النهي عن اتباع أهوائهم جاء موضحًا في آيات كثيرة كقوله تعالى في الشورى: {ولاَ تَتَّبِعْ أَهواءَهُمْ وَقُلْ آمنت بمَا أَنزَلَ الله مِن كِتَابٍ} [الشورى: 15] وقوله تعالى في الأنعام: {فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ ولا تَتَّبِعْ أَهواءَ الذين كَذَّبُواْ بآياتنا والذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 150].
وقوله تعالى في القصص {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فاعلم أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتبع هواه بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ الله إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} [القصص: 50]. والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة.
وقد بين تعالى في قد أفلح المؤمنون أن الحق لواتبع أهواءهم لفسد العالم وذلك في قوله تعالى: {ولواتبع الحق أَهواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السماوات والأرض وَمَن فِيهِنَّ} [المؤمنون: 71].
والأهواء: جمع هو ى بفتحتين وأصله مصدر. والهمزة فيه مبدلة من ياء كما هو معلوم.
قوله تعالى: {وَإِنَّ الظالمين بَعْضُهُمْ أوليَاءُ بَعْضٍ}.
قد قدمنا في هذا الكتاب المبارك مرارًا ان الظلم في لغة العرب أصله وضع الشئ في غير موضعه.
وأن أعظم أنواعه الشرك بالله لأن وضع العبادة في غير من خلق ورزق هو أشنع أنواع وضع الشئ في غير موضعه.
ولذا كثر في القرآن العظيم. إطلاق الظلم بمعنى الشرك. كقوله تعالى: {والكافرون هُمُ الظالمون} [البقرة: 254].
وقوله تعالى: {ولاَ تَدْعُ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُكَ ولا يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظالمين} [يونس: 106] وقوله تعالى: {يابني لاَ تُشْرِكْ بالله إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم فسر قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82]. (بأن معناه ولم يلبسوا إيمانهم بشرك).
وما تضمنته آية الجاثية هذه من أن الظالمين بعضهم أولياء بعض جاء مذكورًا في غير هذا الموضع كقوله تعالى في آخر الأنفال: {والذين كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أوليَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرض وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73].
وقوله تعالى: {وكذلك نُو لي بَعْضَ الظالمين بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129].
وقوله تعالى: {والذين كفروا أوليَاؤُهُمُ الطاغوت يُخْرِجُونَهُمْ مِّنَ النور إِلَى الظلمات} [البقرة: 257].
وقوله تعالى: {إِنَّهُمُ اتخذوا الشيئاطين أوليَاءَ مِن دُونِ الله} [الأعراف: 30] الآية.
وقوله تعالى: {فقاتلوا أوليَاءَ الشيطان} [النساء: 76] الآية.
وقوله تعالى: {إِنَّمَا ذلكم الشيطان} [ال عمران: 175]. وقوله: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ على الذين يَتَولونَهُ} [النحل: 100] الآية. إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: {وَاللَّهُ وليُّ الْمُتَّقِينَ}.
ذكر جل وعلافى هذه الآية الكريمة. أنه ولي المتقين. وهم الذين يمتثلون أمره ويجتنبون نهيه.
وذكر في موضع آخر أن المتقين أولياؤه فهو وليهم وهم أولياؤه لأنهم يوالونه بالطاعة والإيمان. وهو يواليهم بالرحمة والجزاء. وذلك في قوله تعالى: {ألا إِنَّ أوليَاءَ الله لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: 62].
ثم بين المراد بأوليائه في قوله: {الذين آمنوا وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} [يونس: 63]. فقوله: {وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} كقوله في آية الداثية هذه {وَاللَّهُ وليُّ الْمُتَّقِينَ}.
وقد بين تعالى في آيات من كتابه أنه ولي المؤمنين. وأنهم أولياؤه كقوله تعالى: {إِنَّمَا وليُّكُمُ الله ورسولهُ} [المائدة: 55] الآية.
وقوله تعالى: {الله وليُّ الذين آمنوا يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور} [البقرة: 257].
وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ الله مولى الذين آمنوا} [محمد: 11] الآية.
وقوله تعالى: {إِنَّ وليِّيَ الله الذي نَزَّلَ الكتاب وهو يَتَولى الصالحين} [الأعراف: 196] وقوله تعالى في الملائكة {قالواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وليُّنَا مِن دُونِهِمْ} [سبأ: 41] الآية. إلى غير ذلك من الآيات كما تقدم ايضاحه بأبسط من هذا.