فصل: فصل في تفسير آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وَرَوَاهُ أَبُونعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة عمر بن الْخطاب من حَدِيث عَفَّان ثَنَا جرير بن حَازِم.
ثَنَا الْحسن أَن عمر قال وَالله لَو شِئْت إِلَى آخِره.
1190- الحَدِيث الرَّابِع:
عَن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنه دخل عَلَى أهل الصّفة وهم يُرَقِّعُونَ ثِيَابهمْ بِالْأدمِ مَا يَجدونَ لَهَا رِقَاعًا فَقال «أَنْتُم الْيَوْم خير أم يَغْدُوأحدكُم فِي حلَّة وَيروح فِي حلَّة أُخْرَى وَيُغدى عَلَيْهِ بِجَفْنَة وَيرَاح بِأُخْرَى وَيسْتر بَيته كَمَا تستر الْكَعْبَة» قالوا نَحن يَوْمئِذٍ خير قال «بل أَنْتُم الْيَوْم خير».
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره ثَنَا بشر بن معَاذ ثَنَا يزِيد بن هَارُون ثَنَا سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة قال ذكر لنا أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يَوْمًا عَلَى أَصْحَاب الصّفة وهم يُرَقِّعُونَ ثِيَابهمْ بِالْأدمِ مَا يَجدونَ لَهَا رِقَاعًا إِلَى آخِره سَوَاء.
وَمن طَرِيق الطَّبَرِيّ رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ وَهَذَا مُرْسل.
وَرَوَى أَبُونعيم فِي الْحِلْية فِي تَرْجَمَة أَصْحَاب الصّفة حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد أَنا أبو يحيى الرَّازِيّ ثَنَا هناد بن السّري ثَنَا يُونُس بكير ثَنَا سِنَان ابْن سِنْبِسٍ الْحَنَفِيّ ثني الْحسن قال بنيت صفة لِضُعَفَاء الْمُسلمين فَجعل الْمُسلمُونَ يوغلون إِلَيْهَا مَا اسْتَطَاعُوا من خير فَكَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَامُ يَأْتِيهم فَيَقول «السَّلَام عَلَيْكُم يأهل الصّفة» فَيَقولونَ وَعَلَيْك السَّلَام يَا رسول الله فَيَقول «كَيفَ أَصْبَحْتُم» فَيَقولونَ بِخَير يَا رسول الله فَيَقول «أَنْتُم الْيَوْم خير أم يَوْم يُغدى عَلَى أحدكُم بِجَفْنَة وَيرَاح بِأُخْرَى وَيَغْدُوفِي حلَّة وَيروح فِي أُخْرَى وَتَسْتُرُونَ بُيُوتكُمْ كَمَا تستر الْكَعْبَة» فَقالوا نَحن يَوْمئِذٍ خير يُعْطِينَا الله فنشكر فَقال عَلَيْهِ السَّلَام «بل أَنْتُم الْيَوْم خير» انْتَهَى وَالآخر مُرْسل.
وَرَوَى التِّرْمِذِيّ فِي الْبر والصلة من حَدِيث مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ قال حَدثنِي من سمع عَلّي بن أبي طَالب يَقول إِنَّا لجُلُوس مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي الْمجْلس.
إِذْ طلع علينا مُصعب بن عُمَيْر مَا عَلَيْهِ إِلَّا بردة لَهُ مَرْقُوعَة بِفَرْوفَلَمَّا رَاهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَكَى للَّذي كَانَ فِيهِ من النِّعْمَة وَالَّذِي هو فِيهِ الْيَوْم ثمَّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كَيفَ بكم إِذا غَدا أحدكُم فِي حلَّة وَرَاح فِي أُخْرَى ووضعت بَين يَدَيْهِ صَحْفَة وَرفعت أُخْرَى وَيسْتر بَيته كَمَا تستر الْكَعْبَة قالوا يَا رسول الله نَحن يَوْمئِذٍ خير نكفي الْمُؤْنَة ونفرغ لِلْعِبَادَةِ فَقال عَلَيْهِ السَّلَام: أَنْتُم يَوْم خير» انْتَهَى وَقال حَدِيث حسن غَرِيب.
1191- الحَدِيث الْخَامِس:
عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه كَانَ إِذا رَأَى الرّيح فزع وَقال: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خَيرهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا أرْسلت بِهِ» وَإِذا رَأَى مخيلة قال وَقعد وَجَاء وَذهب وَتغَير لَونه فَنَقول لَهُ يَا رسول الله مَا تخَاف فَيَقول «إِنِّي أَخَاف أَن أكون مثل قوم عَاد وَثَمُود حَيْثُ قالوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا».
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بتغيير يسير فِي بَاب صَلَاة الاسْتِسْقَاء من حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن عَائِشَة قالت «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا رَأَى الرّيح قال اللَّهُمَّ إِنِّي أَسَالَك من خَيرهَا وَخير مَا فِيهَا وَخير مَا أرْسلت بِهِ وَأَعُوذ بك من شَرها وَشر مَا فِيهَا وَشر مَا أرْسلت بِهِ. وَإِذا تَخَيَّلت السَّمَاء تغير لَونه وَخرج وَدخل وَأَقْبل وَأدبر فَسَأَلته عَائِشَة فَقال: أخْشَى أَن يكون كَمَا قال قوم عَاد هَذَا عَارض مُمْطِرنَا». انتهى.
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي التَّفْسِير وَالنَّسَائِيّ فِي الصَّلَاة وَابْن ماجة فِي الدُّعَاء بالسند الْمَذْكُور قالت «كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا رَأَى مخيلة أقبل وَأدبر فَإِذا مطرَت سرى عَنهُ قالت فَقلت لَهُ فَقال: وَمَا أَدْرِي لَعَلَّه كَمَا قال فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارَضنَا مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ قالوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا» انْتَهَى قال التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن. انتهى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّار وَأَبُويعلي فِي مسنديهما وَالْبُخَارِيّ فِي كِتَابه الْمُفْرد فِي الْأَدَب وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره.
1192- الحَدِيث الثَّامِن:
فِي حَدِيث أبي ذَر لَو كَانَ هَاهُنَا أحد من أَنْفَارنَا.
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي كتاب الْفَضَائِل وهو حَدِيث إِسْلَام أبي ذَر بِطُو لهِ وَأَنا أذكرهُ مُخْتَصرا عَن عبد الله بن الصَّامِت قال قال أَبُو ذَر «خرجنَا من قَومنَا غفار وَكَانُوا وَكَانُوا يحلونَ الشَّهْر الْحَرَام أَنا وَأخي أنيس وَأمنا فَانْطَلَقْنَا حَتَّى نزلنَا عَلَى خَال لنا ذُومَال وَذُوهَيْئَة فَأَكْرَمَنَا خَالنَا وَأحسن إِلَيْنَا فَحَسَدنَا قومه فَقالوا لَهُ إِنَّك إِذا خرجت عَن أهلك خَلفك إِلَيْهِم أنيس فجَاء خَالنَا فَنَثَا مَا قيل لَهُ قال فَقلت لَهُ أما مَا مَضَى من مَعْرُوفك فقد كدرته ولا جماع لنا فِيمَا بعد قال فَقَرَّبْنَا صِرْمَتنَا فَاحْتَمَلْنَا عَلَيْهَا حَتَّى نزلنَا بِحَضْرَة مَكَّة فَقال لي أنيس إِن لي حَاجَة بِمَكَّة فَاكْفِنِي حَتَّى اتِيك قال فَانْطَلق فَرَاثَ عَلّي ثمَّ أَتَانِي فَقلت مَا حَسبك قال لقِيت رجلا يزْعم أَن الله أرْسلهُ قال فَقلت مَا تَقول لَهُ النَّاس قال يَقولونَ شَاعِر سَاحر كَاهِن قال وَكَانَ أنيس شَاعِرًا فَقال إِنِّي سَمِعت قول الْكُهَّان فَمَا يَقول بقولهمْ وَقد وضعت قوله عَلَى قول الشّعْر فَمَا هو بِشَعْرِهِمْ وواللَّه إِنَّه لصَادِق وَإِنَّهُم لَكَاذِبُونَ قال فَقلت لَهُ هَل أَنْت كَافِي حَتَّى أَنطلق وَأنْظر قال انْطلق وَكن من أهل مَكَّة عَلَى حذر قال انْطَلَقت حَتَّى قدمت مَكَّة فَتَضَعَّفْت رجلا مِنْهُم فَقلت أَيْن هَذَا الرجل الَّذِي يَدعُونَهُ الصَّابِئ قال فَأَشَارَ إِلَيّ فَمَال أهل الْوَادي عَلّي بِكُل مَدَرَة وَعظم حَتَّى خَرَرْت مغشيئا عَلّي فَلَمَّا أَفَقْت أتيت زَمْزَم فَشَرِبت من مَائِهَا وَاغْتَسَلت ثمَّ جِئْت فَدخلت بَين الْكَعْبَة وَأَسْتَارهَا فَلَبثت ثَلَاثِينَ يَوْمًا وليلَة مَالِي طَعَام إِلَّا مَاء زَمْزَم فَسَمنت حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَن بَطْني وَمَا وجدت عَلَى كَبِدِي سخْفَة جوع قال فَبَيْنَمَا أَنا فِي لَيْلَة قَمْرَاء إِضْحِيَان وَقد ضرب الله عَلَى أَصْمِخَة أهل مَكَّة فَمَا يطوف بِالْبَيْتِ غير امْرَأتَيْنِ فَأَتَتَا عَلّي ثمَّ انطلقتا تُولولان وَتَقولان لَو كَانَ هَاهُنَا أحد من أَنْفَارنَا قال فَاسْتَقْبَلَهُمَا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هَابِطَانِ من الْجَبَل فَقال مَا لَكمَا قالتَا الصَّابِئ بَين الْكَعْبَة وَأَسْتَارهَا قال فجَاء النَّبِي صلى الله عليه وسلم هو وصَاحبه حَتَّى اسْتَلم الْحجر ثمَّ طَاف بِالْبَيْتِ وَصَلى ثمَّ أَتَيْته فَكنت أول من حَيَّاهُ بِتَحِيَّة الْإِسْلَام فَقال عَلَيْك وَرَحْمَة الله مِمَّن أَنْت قلت من غفار إِلَى أَن قال فَتَحَمَّلْنَا حَتَّى أَتَيْنَا قَومنَا غفارًا فَأسلم بَعضهم وَقال بَقِيَّتهمْ إِذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمنَا فَلَمَّا قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة أسلم بَقِيَّتهمْ وَقال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: غفار غفر الله لَهَا وَأسلم سَالَمَهَا الله» مُخْتَصرا وَهَذَا مُعظم الحَدِيث.
وَرَوَاهُ أَحْمد وَابْن رَاهويْه وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم.
وَالْمُصَنّف اسْتدلَّ بِهِ عَلَى أَن النَّفر يجمع عَلَى أَنْفَار.
1193- الحَدِيث التَّاسِع:
رُوِيَ أَن الْجِنّ كَانَت تسْتَرق السّمع فَلَمَّا حرست السَّمَاء وَرَجَمُوا بِالشُّهُبِ قالوا مَا هَذَا إِلَّا لنبأ حدث فَنَهَضَ سَبْعَة نفر أَوتِسْعَة من أَشْرَاف جن نَصِيبين أَونِينَوَى مِنْهُم زَوْبَعَة فَضربُوا حَتَّى بلغُوا تهَامَة ثمَّ انْدَفَعُوا إِلَى وَادي نَخْلَة فَوَافَقُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقِف فِي جَوف اللَّيْل يُصَلِّي أو في صَلَاة الْفجْر فَاسْتَمعُوا لقراءته وَذَلِكَ عِنْد مُنْصَرفه من الطَّائِف حِين خرج إِلَيْهِم يستنصرهم فَلم يُجِيبُوهُ إِلَى طلبته وَأغْروا بِهِ سُفَهَاء ثَقِيف.
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَرَوَى البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قال مَا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجِنّ وَمَا رآهم انْطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي طَائِفَة من أَصْحَابه عَامِدين إِلَى سوق عكاظ وَقد حيل بَين الشيئاطِين وَبَين خبر السَّمَاء فَانْطَلقُوا يضْربُونَ مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا فَمر النَّفر الَّذين أخذُوا نَحْوتهَامَة وهو بِنَخْل عَامِدين إِلَى سوق عكاظ وهو يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْفجْر فَلَمَّا سمعُوا القرآن اسْتَمعُوا لَهُ وَقالوا هَذَا الَّذِي حَال بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء فَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ فَقالوا يَا قَومنَا إِنَّا سمعنَا قرآنا عجبا. مُخْتَصر.
وَرَوَى الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث عَاصِم عَن زر عَن ابْن مَسْعُود قال هَبَطُوا يَعْنِي الْجِنّ عَلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن بِبَطن نَخْلَة فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالوا أَنْصتُوا وَكَانُوا تِسْعَة أحدهم زَوْبَعَة فَأنْزل الله تعالى وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ يَسْتَمِعُون القرآن فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالوا أَنْصتُوا الآية إِلَى ضلال مُبين وَقال صَحِيح الْإِسْنَاد ولم يخرجَاهُ.
1194- الحَدِيث الْعَاشِر:
عَن سعيد بن جُبَير انه قال مَا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الْجِنّ ولا رآهم ولكن كَانَ يَتْلُوا فِي صلَاته فَمروا بِهِ فَقرأ مُسْتَمِعِينَ وهو لا يشْعر فَأَنْبَأَهُ الله بِاسْتِمَاعِهِمْ.
قلت تقدم فِي الحَدِيث قبله رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم من حَدِيث سعيد بن جُبَير وَقد يُعَكر عَلَى هَذَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ من حَدِيث جَابر «قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى أَصْحَابه فَقرأ عَلَيْهِم سُورَة الرَّحْمَن من أولهَا إِلَى آخِرها فَسَكَتُوا فَقال: مَالِي أَرَاكُم سكُوتًا لقد قرأتها عَلَى الْجِنّ لَيْلَة الْجِنّ فَكَانُوا أحسن ردودا مِنْكُم كلما أتيت عَلَى قوله فَبِأَي الَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ قالوا ولا بِشَيْء من الَائِكَ رَبنَا نكذب فلك الْحَمد» انْتَهَى وَقال غَرِيب.
وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي سُورَة الرَّحْمَن عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن مُحَمَّد ابْن الْمُنْكَدر عَن جَابر بِهِ وَقال عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ ولم يخرجَاهُ.
1195- الحَدِيث الْحَادِي عشر:
عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه قال يَوْمًا «إِنِّي أمرت أَن أَقرأ عَلَى الْجِنّ اللَّيْلَة فَمن يَتبعني» قالهَا ثَلَاثًا فَأَطْرقُوا إِلَّا عبد الله بن مَسْعُود قال لم يحضر لَيْلَة الْجِنّ أحد غَيْرِي قال فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّة فِي شعب الْحجُون فَخط لي خطا وَقال «لَا تخرج حَتَّى أَعُود إِلَيْك» ثمَّ افْتتح القرآن وَسمعت لَغطا شَدِيدا حَتَّى خفت عَلَى رسول الله صلى الله عليه وسلم وَغَشيتهُ أَسْوِدَة كَثِيرَة حَالَتْ بيني وَبَينه حَتَّى لَا أسمع صَوته ثمَّ انْقَطَعُوا كَقطع السَّحَاب فَقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم «هَل رَأَيْت شَيْئا» قلت نعم رجلأن أسودان مُسْتَشْعِرِينَ بِثِيَاب بيض فَقال «أولئِكَ جن نَصِيبين وَكَانُوا اثْنَي عشر ألفا» وَالسورَة الَّتِي قرأهَا عَلَيْهِم {اقرأ باسم رَبك}.
قلت غَرِيب بِهَذَا اللَّفْظ وَأخرج الطَّبَرِيّ عَن قَتَادَة أَنه قال فِي قوله تعالى: {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قال ذكر لنا أَنهم صرفُوا إِلَيْهِ من نِينَوَى وَأَن نَبِي الله قال «إِنِّي أمرت أَن أَقرأ عَلَى الْجِنّ فَأَيكُمْ يَتبعني» فَأَطْرقُوا ثمَّ اِسْتَتْبَعَهُمْ فَأَطْرقُوا ثمَّ أستتبعهم فَأَطْرقُوا إِلَّا عبد الله بن مَسْعُود قال فَأتبعهُ ابْن مَسْعُود حَتَّى دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم شعبًا يُقال لَهُ شعب الْحجُون قال وَخط عَلَى ابْن مَسْعُود خطا وَقال «لَا تخرج حَتَّى أَعُود إِلَيْك» قال وَسمعت لَغطا شَدِيدا حَتَّى خفت عَلَى نَبِي الله صلى الله عليه وسلم ولما رَجَعَ صلى الله عليه وسلم قلت لَهُ مَا هَذَا اللَّغط الَّذِي سمعته قال «اخْتَصَمُوا إِلَى فِي قَتِيل فَقضيت بَينهم بِالْحَقِّ» انْتَهَى وهو مُرْسل.
وَرَوَى الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك فِي تَفْسِير سُورَة الْجِنّ من حَدِيث الزُّهْرِيّ قال أَخْبرنِي أبو عثْمَان بن سنة الْخُزَاعِيّ وَكَانَ من أهل الشَّام أَنه سمع عبد الله بن مَسْعُود يَقول إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأَصْحَابه وهو بِمَكَّة «من أحب مِنْكُم أَن يحضر اللَّيْلَة أَمر الْجِنّ فَلْيفْعَل» فَلم يحضر مِنْهُم أحد غَيْرِي قال فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّة خطّ لي بِرجلِهِ خطا ثمَّ أَمرنِي أَن أَجْلِس فِيهِ ثمَّ انْطلق حَتَّى قَامَ فَافْتتحَ القرآن فَغَشِيتهُ أَسْوِدَة كَثِيرَة حَالَتْ بيني وَبَينه حَتَّى مَا أسمع صَوته ثمَّ انْطَلقُوا وَطَفِقُوا يَتَقَطَّعُون مثل قطع السَّحَاب ذَاهِبين حَتَّى بَقِي مِنْهُم رَهْط وَفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ الْفجْر ثمَّ أَتَانِي فَقال «مَا فعل الرَّهْط» قلت هم أولئِكَ يَا رسول الله ثمَّ أَخذ عظما وَرَوْثًا فَأَعْطَاهُمْ إِيَّاه زادا ثمَّ نهَى أَن يَسْتَطِيب أحد بِعظم أو روْث انْتَهَى وَسكت عَنهُ.
وَرَوَى الطَّبَرِيّ من حَدِيث معمر عَن يَحْيَى بن أبي كثير عَن عبد الله بن عمرو بن غيلأن الثَّقَفِيّ أَنه قال لِأَبْنِ مَسْعُود حدثت أَنَّك كنت مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة الْجِنّ قال أجل قال فَكيف كَانَ قال فَذكر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خطّ عَلَيْهِ خطا وَقال «لَا تَبْرَح مِنْهُ» وَغشيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الْعَجَاجَة السَّوْدَاء حَتَّى إِذا كَانَ قَرِيبا من الصُّبْح أَتَانِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقال لي «هَل رَأَيْت شَيْئا» قلت نعم رَأَيْت رجَالًا سُودًا مُسْتَشْعِرِينَ بِثِيَاب بيض قال «أولئِكَ جن نَصِيبين سَأَلُونِي الْمَتَاع» قال فَمَتَّعْتهمْ بِكُل عظم وَحَائِل أَوبَعرَة أو روْثَة فَقلت يَا رسول الله وَمَا يُغني ذَلِك عَنْهُم قال «إِنَّهُم لَا يَجدونَ عظما إِلَّا وجدوا عَلَيْهِ لَحْمه يَوْم أكل ولا رَوْثًا إِلَّا وجدوا فِيهِ حَبَّة يَوْم أكل فَلَا يسْتَنْج أحدكُم بِعظم ولا رَوْث». انتهى.
وَرَوَى ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره عَن عِكْرِمَة فِي قوله تعالى: {وَإِذ صرفنَا إِلَيْك نَفرا من الْجِنّ} قال هم جن نَصِيبين جَاءُوا من جَزِيرَة الْموصل وَكَانُوا اثْنَي عشر ألفا فَقال النَّبِي صلى الله عليه وسلم «أَنْظرنِي حَتَّى آتِيك» وَخط عَلَيْهِ خطا فَلَمَّا خَشِيَهُمْ ابْن مَسْعُود كَاد أَن يذهب فَذكر قول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَلم يبرح فَقال لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم «لَو ذهبت لم تلقني إِلَى يَوْم الْقِيَامَة».
1196- الحَدِيث الثَّانِي عشر:
عَن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قال «من قرأ سُورَة الْأَحْقَاف كتب الله لَهُ عشر حَسَنَات بِعَدَد كل رَملَة فِي الدُّنْيَا».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث سَلام بن سليم ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن أبي أُمَامَة عَن أبي بن كَعْب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سُورَة الْأَحْقَاف أعطي من الْأجر بِعَدَد كل رمل فِي الدُّنْيَا عشر حَسَنَات ومحي عَنهُ عشر سيئات وَرفع لَهُ عشر دَرَجَات». انتهى. رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بِسَنَدِهِ الثَّانِي فِي آل عمرَان. وَبِسَنَد الثَّعْلَبِيّ رَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط. اهـ.

.فصل في تفسير آيات الأحكام في السورة الكريمة:

قال السايس:
من سورة الأحقاف:
قال اللّه تعالى: {ووصَّيْنَا الإنسان بِوالِدَيْهِ إِحْسانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا ووضعتهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قال رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحًا تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) أولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (16)}.
قدمنا لك في سورة لقمان [14] ما فيه كفاية في تفسير الآية الأولى وفي بيان ما تشتمل من أحكام. وخلاف العلماء في مدة الرضاع. ومستندهم الذي يستندون إليه في تدعيم ارائهم. ونحن من أجل ذلك لا نعيده. وإن احتجت إلى شيء منه فارجع إليه هناك. وإنما نذكر هنا ما لم يرد له ذكر هناك.
الكره: بفتح الكاف وضمها المشقة كالضّعف والضّعف بالفتح والضم. ومن ظريف ما يقولون في بيان المفردات هنا: أنّ المشقة تكون بعد الحمل بقليل لا وقت الحمل. بل حين يثقل الولد في بطنها. وكأنّهم ظنّوا أنّ القرآن يحدّد وقت المشقة.
وهذا الموضع لبيان المتاعب التي تتجشمها الأمّ أثناء الحمل. حتى يكون ذلك مرقّقا للو لد على أمه. فالمدار أن يكون تعب في أثناء الحمل. وقد يسبق الكره ثقل الولد. بل هو الواقع الكثير. فإنّ الوالدات يتحمّلن كثيرا من المتاعب في أيام الوحم. فيمتنعن من الطعام ومن الشراب. ويعفن كل شيء.