فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{قُلْ إِنِ افتريته فَلاَ تَمْلِكُونَ لِي مِنَ الله شَيْئًا} أي: لوافتريته لعاقبني الله على الافتراء عقوبة لا تقدرون على دفعها. ولا تملكون شيئًا من ردّها عليه. فكيف أفتريه وأتعرض لعقاب الله {هو أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} أي بما تتكلمون به. يقال: أفاض الرجل في الحديث إذا خاص فيه واستمر.
{قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنَ الرسل} البدع والبديع من الأشيئاء: ما لم يُرَ مثله أي ما كنت أول رسو ل. ولا جئت بأمر لم يجيء به أحد قبلي. بل جئت بما جاء به ناس كثيرون قبلي. فلأي شيء تنكرون ذلك {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ} فيها أربعة أقوال: الأول أنها في أمر الآخرة وكان ذلك قبل أن يعلم أنه في الجنة. وقبل أن يعلم أن المؤمنين في الجنة وأن الكفار في النار. وهذا بعيد. لأنه لم يزل يعلم ذلك من أول ما بعثه الله والثاني أنها في أمر الدنيا: أي لا أدري بما يقضي الله عليّ وعليكم. فإن مقادير الله مغيبة وهذا هو الأظهر. والثالث ما أدري ما يفعل بي ولا بكم من الأوامر والنواهي وما تلزمه الشريعة. الرابع أن هذا كان في الهجرة إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض بها نخل. فقلق المسلمون لتأخير ذلك فنزلت هذه الآية.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله وَكَفَرْتُمْ بِهِ} معنى الآية: أرأيتم إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين؟ ثم حذف قوله ألستم ظالمين وهو الجواب. لأنه دل على أن الله لا يهدي القوم الظالمين {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بني إِسْرَائِيلَ على مِثْلِهِ} هذه الجملة معطوفة على الجلمة التي قبلها. فالمعنى: أرأيتم إن اجتمع كون القرآن من عند الله. مع شهادة شاهد من بني إسرائيل على مثله. ثم امن به هذا الشاهد وكفرتم أنتم. ألستم أضل الناس وأظلم الناس؟ واختلف في الشاهد المذكور على ثلاثة أقوال: أحدها أنه عبد الله بن سلام. فقيل على هذا إن الآية مدنية. لأنه إنما أسلم بالمدينة. وقيل إنها مكية وأخبر بشهادته قبل وقوعها ثم وقعت على حسب ما أخبر. وكان عبد الله بن سلام يقول فيّ نزلت الآية. الثاني أنه رجل من بني إسرائيل كان بمكة: الثالث أنه موسى عليه السلام ورجّح ذلك الطبري. والضمير في مثله للقرآن أي شهد على مثله فيما جاء به من التوحيد والوعد والوعيد. والضمير في امن للشاهد فإن كان عبد الله بن سلام أو الرجل الآخر فإيمانه بيِّن. وإن كان موسى عليه السلام. فإيمانه هو تصديقه بأمر محد صلى الله عليه وسلم وتبشيره به.
{وَقال الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمنوا لَو كَانَ خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} أي لوكان الإسلام خيرًا ما سبقنا إليه هؤلاء. والقائلون لهذه المقالة هم أكابر قريش لما أسلم الضعفاء؛ كبلال وعمار وصهيب وقيل بل قالها كنانة وقبائل من العرب لما أسلمت غفار ومزينة وجهينة. وقيل: بل قالها اليهود لما أسلم عبد الله بن سلام. والأول أرجح لأن الآية مكية. وكانت مقالة قريش بمكة. وأما مقالة الآخرين فإنما كانت بعد الهجرة. ومعنى الذين آمنوا من أجل الذين آمنوا: أي قالوا ذلك عنهم في غيبتهم. وليس المعنى أنهم خاطبوهم بهذا الكلام. لأنه لوكان خطابًا لقالوا ما سبقتمونا {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ فَسَيَقولونَ هاذا إِفْكٌ قَدِيمٌ} أي لما لم يهتدوا قالوا هذا إفك قديم ونحوهذا ما جاء في المثل: مَنْ جَهِل شيئًا عاداه. ووصفه بالقدم لأنه قد قيل قديمًا. فإن قيل: كيف تعمل فسيقولون في إذ وهي للماضي والعامل مستقبل؟ فالجواب: أن العامل في إذ محذوف تقديره إذ لم يهتدوا به ظهر عنادهم فسيقولون. قال ذلك الزمخشري. ويظهر لي أن إذ هنا بمعنى التعليل لا ظرفية بمعنى الماضي فلا يلزم السؤال. والمعنى أنهم قالوا: هذا إفك بسبب أنهم لم يهتدوا به. وقد جاءت إذ بمعنى التعليل في القرآن وفي كلام العرب. ومنه {ولن يَنفَعَكُمُ اليوم إِذ ظَّلَمْتُمْ} [الزخرف: 39] أي بسبب ظلمكم.
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ موسى إِمَامًا وَرَحْمَةً} الضمير في قبله للقرآن وكتاب موسى هو التوراة. وإمامًا حال. ومعناه: يقتدي به {وهذا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عربيًّا} الإشارة بهذا إلى القرآن. ومعنى مصدق مصدق بما قبله من الكتب. وقد ذكرنا ذلك في [البقرة: 89] و لسان حال من الضمير في مصدق. وقيل: مفعول بمصدق أي صدق ذا لسان عربي وهو محمد صلى الله عليه وسلم. واختار هذا ابن عطية {استقاموا} ذكر في حم [السجدة: 30].
{إِحْسَانًا} ذكر في [العنكبوت: 8].
{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا ووضعتهُ كُرْهًا} أي حملته بمشقة. ويقال كره بفتح الكاف وضمها بمعنى واحد {وَحَمْلُهُ وفصاله ثلاثون شَهْرًا} أي مدة حمله ورضاعه ثلاثون شهرًا. وهذا لا يكون إلا بأن ينقص من أحد الطرفين. وذلك إما أن يكون مدة الحمل ستة أشهر ومدة الرضاع حولين كاملين. أوتكون مدة الحمل تسعة أشهر ومدة الرضاع حولين غير ثلاثة أشهر. ومن هذا أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه والعلماء أن أقل مدة الحمل ستة أشهر. وإنما عبرّ عن مدة الرضاع بالفصال وهو الفطام لأنه منتهى الرضاع {بَلَغَ أَشُدَّهُ} ذكر في [يوسف: 22] {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً} هذا حدّ كمال العقل والقوة. ويقال: إن الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقيل: إنها عامة {في أَصْحَابِ الجنة} أي في جملة أصحاب الجنة كما تقول: رأيت فلانا في الناس. أي مع الناس.
{والذي قال لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا} هي على الاطلاق فيمن كان على هذه الصفة من الكفر والعقوق لوالديه. ويدل على أنها عامة قوله تعالى: {أولئك الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول} بصيغة الجمع. ولوأراد واحدًا بعينه لقال ذلك الذي حق عليه القول. وقد ذكرنا معنى أف في [الإسراء: 23] {أتعدانني أَنْ أُخْرَجَ} أي أتعدانني أنا أن أخرج من القبر إلى البعث {وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِي} أي وقد مضت قرون من الناس ولم يبعث منهم أحد {وَهُمَا يَسْتَغثِيَانِ الله} الضمير لوالديه أي يستغيثان بالله من كراهتهما لما يقول منهما ثم يقولان له: ويلك ثم يأمرانه بالإيمان: فيقول: {مَا هاذا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأولين}: أي قد سطره الأولون في كتبهم. وذلك تكذيب بالبعث والشريعة.
{ولكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ} أي للمحسنين والمسيئين درجات في الآخرة بسبب أعمالهم. فدرجات أهل الجنة إلى علو. ودرجات أهل النار إلى سفل. وليوفيهم تعليل بفعل محذوف وبه يتعلق تقديره: جعل جزاءهم درجات ليوفيهم أعمالهم {وَيَوْمَ يُعْرَضُ} العامل في محذوف تقديره اذكر {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} تقديره يقال لهم: أذهبتم طيباتكم. والطيبات هنا الملاذ من الماكل وغيرها؛ وقرأ أكثر القراء أذهبتم بهمزة واحدة على الخبر. وابن عامر بهمزتين على التوبيخ. والآية في الكفار بدليل قوله: {يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ} وهي مع ذلك واعظة لأهل التقوى من المؤمنين. و لذلك قال عمر لجابر بن عبد الله وقد راه اشترى لحمًا أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية {عَذَابَ الهون} أي العذاب الذي يقترن به هو ان. اهـ.

.قال البيضاوي:

سورة الأحقاف مكية وآيها أربع أوخمس وثلاثون آية.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{حم تَنزِيلُ الكتاب مِنَ الله العزيز الحكيم مَا خَلَقْنَا السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بالحق} إلا خلقًا ملتبسًا بالحق وهو ما تقتضيه الحكمة والمعدلة. وفيه دلالة على وجود الصانع الحكيم. والبعث للمجازاة على ما قررناه مرارًا.
{وَأَجَلٌ مُّسَمًّى} وبتقدير أجل مسمى ينتهي إليه الكل وهو يوم القيامة. أوكل واحد وهو اخر مدة بقائه المقدرة له.
{والذين كَفَرُواْ عَمَّا أُنذِرُواْ} من هول ذلك الوقت. ويجوز أن تكون (ما) مصدرية.
{مُّعْرِضُونَ} لا يتفكرون فيه ولا يستعدون لحلو له.
{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله أَرُونِى مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ الأرض أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ في السموات} أي أخبروني عن حال الهتكم بعد تأمل فيها. هل يعقل أن يكون لها في أنفسها مدخل في خلق شيء من أجزاء العالم فتستحق به العبادة. وتخصيص الشرك بالسموات احتراز عما يتوهم أن للوسائط شركة في إيجاد الحوادث السفلية.
{ائتونى بكتاب مّن قَبْلِ هذا} من قبل هذا الكتاب يعني القرآن فإنه ناطق بالتوحيد.
{أو أثارة مّنْ عِلْمٍ} أوبقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به.
{إِن كُنتُمْ صادقين} في دعواكم. وهو إلزام بعدم ما يدل على ألوهيتهم بوجه ما نقلًا بعد إلزامهم بعدم ما يقتضيها عقلًا. وقرئ {إثارة} بالكسر أي مناظرة فإن المناظرة تثير المعاني. و{أثرة} أي شيء أوثرتم به وأثرة بالحركات الثلاث في الهمزة وسكون الثاء فالمفتوحة للمرة من مصدر أثر الحديث إذا رواه والمكسورة بمعنى الأثرة والمضمومة اسم ما يؤثر.
{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُواْ مِن دُونِ الله مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ} إنكار أن يكون أحد أضل من المشركين حيث تركوا عبادة السميع البصير المجيب القادر الخبير إلى عبادة من لا يستجيب لهم لوسمع دعاءهم. فضلًا أن يعلم سرائرهم ويراعي مصالحهم.
{إلى يَوْمِ القيامة} ما دامت الدنيا.
{وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غافلون} لأنهم إما جمادات وإما عباد مسخرون مشتغلون بأحوالهم.
{وَإِذَا حُشِرَ الناس كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَاءً} يضرونهم ولا ينفعونهم.
{وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كافرين} مكذبين بلسان الحال أو المقال. وقيل الضمير للعابدين وهو كقوله تعالى: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} {وَإِذَا تتلى عَلَيْهِمْ ءاياتنا بَيّنَاتٍ} واضحات أو مبينات.
{قال الذين كَفَرُواْ لِلْحَقّ} لأجله وفي شأنه. والمراد به الآيات و وضعه موضع ضميرها و وضع {الذين كَفَرُواْ} موضع ضمير المتلوعليهم للتسجيل عليها بالحق وعليهم بالكفر والأنهماك في الضلالة.
{لَمَّا جَاءهُمْ} حينما جاءهم من غير نظر وتأمل.
{هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ} ظاهر بطلأنه.
{أَمْ يَقولونَ افتراه} إضراب عن ذكر تسميتهم إياه سحرًا إلى ذكر ما هو أشنع منه وإنكار له وتعجيب.
{قُلْ إِنِ افتريته} على الفرض.
{فَلاَ تَمْلِكُونَ لِى مِنَ الله شَيْئًا} أي إن عاجلني الله بالعقوبة فلا تقدرون على دفع شيء منها فكيف أجترىء عليه وأعرض نفسي للعقاب من غير توقع نفع ولا دفع ضر من قبلكم.
{هو أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ} تندفعون فيه من القدح في آياته.
{كفى بِهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ} يشهد لي بالصدق والبلاغ وعليكم بالكذب والأنكار. وهو وعيد بجزاء إفاضتهم. {وَهوالغفور الرحيم} وعد بالمغفرة والرحمة لمن تاب وامن وإشعار بحلم الله عنهم مع عظم جرمهم.
{قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مّنَ الرسل} بديعًا منهم أدعوكم إلى ما لا يدعون إليه. أوأقدر على ما لم يقدروا عليه. وهو الإِتيان بالمقترحات كلها ونظيره الخف بمعنى الخفيف. وقرئ بفتح الدال على أنه كقيم أو مقدر بمضاف أي ذا بدع.
{وَمَا أَدْرِى مَا يُفْعَلُ بِى ولا بِكُمْ} في الدارين على التفضيل إذ لا علم لي بالغيب. و{لا} لتأكيد النفي المشتمل على إما يفعل بي {وَمَا} إما موصولة منصوبة أواستفهامية مرفوعة. وقرئ {يَفْعَلُ} أي يفعل الله.
{إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يوحى إِلَىَّ} لا أتجاوزه. وهو جواب عن اقتراحهم الإِخبار عما لم يوح إليه من الغيوب. أواستعجال المسلمين أن يتخلصوا من أذى المشركين.
{وَمَا أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ} من عقاب الله.
{مُّبِينٌ} بين الإنذار بالشواهد المبينة والمعجزات المصدقة.
{قُلْ أَرَءيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ الله} أي القرآن.
{وَكَفَرْتُمْ بِهِ} وقد كفرتم به. ويجوز أن تكون الواو عاطفة على الشرط وكذا الواو في قوله: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مّن بَنِى إسراءيل} إلا أنها تعطفه بما عطف عليه على جملة ما قبله. والشاهد هو عبد الله بن سلام وقيل موسى عليه الصلاة والسلام وشهادته ما في التوراة من نعت الرسول عليه الصلاة والسلام.
{على مِثْلِهِ} مثل القرآن وهو ما في التوراة من المعاني المصدقة للقرآن المطابقة له. أو مثل ذلك وهو كونه من عند الله.
{فَئَامَنَ} أي بالقرآن لما راه من جنس الوحي مطابقًا للحق.
{واستكبرتم} عن الآيمان.
{إِنَّ الله لاَ يَهْدِى القوم الظالمين} استئناف مشعر بأن كفرهم به لضلالهم المسبب عن ظلمهم. ودليل على الجواب المحذوف مثل ألستم ظالمين.
{وَقال الذين كَفَرُواْ لِلَّذِينَ ءآمنوا} لأجلهم.
{لَو كَانَ} الآيمان أو ما أتى به محمد عليه الصلاة والسلام.
{خَيْرًا مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ} وهم سقاط إذ عامتهم فقراء وموال ورعاة. وإنما قاله قريش وقيل بنو عامر وغطفان وأسد وأشجع لما أسلم جهينة ومزينة وأسلم وغفار. أو اليهود حين أسلم عبد الله بن سلام وأصحابه.
{وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُواْ بِهِ} ظرف لمحذوف مثل ظهر عنادهم وقوله: {فَسَيَقولونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ} مسبب عنه وهو كقولهم: أساطير الأولين.
{وَمِن قَبْلِهِ} وَمَن قَبل القرآن وهو خبر لقوله: {كِتَابُ موسى} ناصب لقوله: {إَمَامًا وَرَحْمَةً} على الحال.
{وهذا كتاب مُّصَدّقٌ} لكتاب موسى أولما بين يديه وقد قرئ به.
{لّسَانًا عربيًّا} حال من ضمير {كِتَابٌ} في {مُّصَدّقُ} أو منه لتخصصه بالصفة. وعاملها معنى الإِشارة وفائدتها الإِشعار بالدلالة على أن كونه مصدقًا للتوراة كما دل على أنه حق دل على أنه وحي وتوقيف من الله سبحانه وتعالى. وقيل مفعول {مُّصَدّقُ} أي يصدق ذا لسان عربي بإعجازه.
{لّيُنذِرَ الذين ظَلَمُواْ} علة {مُّصَدّقُ}. وفيه ضمير الكتاب أو الله أو الرسول. ويؤيد الأخير قراءة نافع وابن عامر والبزي بخلاف عنه ويعقوب بالتاء {وبشرى لِلْمُحْسِنِينَ} عطف على محله.
{إِنَّ الذين قالواْ رَبُّنَا الله ثُمَّ استقاموا} جَمعوا بين التوحيد الذي هو خلاصة العلم والإِستقامة في الأمور التي هي منتهى العمل. وثم للدلالة على تأخر رتبة العمل وتوقف اعتباره على التوحيد.
{فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} من لحوق مكروه.
{ولاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} على فوات محبوب. والفاء لتضمن الاسم معنى الشرط.
{أولئِكَ أصحاب الجنة خالدين فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} من اكتساب الفضائل العلمية والعملية. وخالدين حال من المستكن في أصحاب وجزاء مصدر لفعل دل عليه الكلام أي جوزوا جزاء.
{ووصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} وقرأ الكوفيون {إحسانًا}. وقرئ {حَسَنًا} أي إيصاء {حَسَنًا}.
{حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا ووضعتهُ كُرْهًا} ذات كره أوحملًا ذا كره وهو المشقة. وقرأ الحجازيان وأبو عمرو وهشام بالفتح وهما لغتان كالفُقُر والفَقُر. وقيل المضموم اسم والمفتوح مصدر.
{وَحَمْلُهُ وفصاله} ومدة {حَمْلُهُ وفصاله}. والفصال الفطام ويدل عليه قراءة يعقوب {وفصله} أووقته والمراد به الرضاع التام المنتهى به و لذلك عبر به كما يعبر بالأمد عن المدة. قال:
كُلُّ حَيٍّ مُسْتَكْمِل عِدَّةَ العُمـ ** ـرِ وَمَود إِذَا انْتَهَى أَمَدّهُ