فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



تنبيه:
أصلح يتعدى بنفسه لقوله تعالى: {وأصلحنا له زوجه} (الأنبياء).
وإنما تعدى بفي لتضمنه معنى ألطف بي في ذرّيتي. أولأنه جعل الذرّية ظرفًا للإصلاح والمعنى: هب لي الصلاح في ذرّيتي وأوقعه فيهم.
{إني تبت} أي: رجعت {إليك} عن كل ما يقدح في الإقبال عليك. وأكده إعلامًا بأنّ حاله في الإقبال على الشهوات حال من يبعد منه الإقلاع: فينكر إخباره به وكذا قوله: {وإني من المسلمين} أي: الذين أسلموا بظواهرهم وبواطنهم فانقادوا أتمّ انقياد.
{أولئك} أي: العالون الرتبة. القائلون هذا القول أبو بكر. وغيره.
{الذين يتقبل} بأسهل وجه {عنهم} وأشار بصيغة التفعل إلى أنه يعمل في قبو له عمل المعتني. والتقبل من الله هو إيجاب الثواب له على عمله وقوله تعالى: {أحسن ما عملوا} أي: أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا.
فإن قيل: كيف قال الله تعالى: {أحسن} والله تعالى يتقبل الأحسن وما دونه؟.
أجيب بوجهين أحدهما: أنّ المراد بالأحسن الحسن. كقوله تعالى: {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم} (الزمر).
وكقوله: الناقص والأشج أعدلا بني مروان. أي: عادلا بني مروان.
ثانيهما: أنّ الحسن من الأعمال هو المباح الذي لا يتعلق به ثواب ولا عقاب. والأحسن ما يغاير ذلك. وهو المندوب. أو الواجب.
ولما كان الإنسان محل النقصان وإن كان محسنًا. نبه على ذلك بقوله تعالى: {ويتجاوز} أي بوعد لا خلف فيه {عن سيئاتهم} أي: فلا يعاقبهم عليها. وقرأ حفص وحمزة والكسائي: بنون مفتوحة قبل الفوقية من {يتقبل} ونصب {أحسن}. ونون مفتوحة قبل الفوقية من {يتجاوز} والباقون بياء مضمومة قبل الفوقية من {يتقبل}. و{يتجاوز} ورفع {أحسن} وقوله تعالى: {في أصحاب الجنة} في محل الحال أي: كائنين في جملة أصحاب الجنة. كقولك أكرمني الأمير في أصحابه أي: في جملتهم. وقيل: خبر مبتدأ مضمر أي: هم في أصحاب الجنة وقوله تعالى: {وعد الصدق} مصدر مؤكد لمضمون الجملة السابقة لأن قوله تعالى: {أولئك الذين يتقبل عنهم} في معنى الوعد. فيكون قوله تعالى: {يتقبل}. و{يتجاوز} وعدًا من الله تعالى لهم بالتقبل والتجاوز. والمعنى يعامل من صفته ما قدّمنا بهذا الجزاء. وذلك وعد من الله تعالى صدق. لكونه مطابقًا للواقع {الذي كانوا يوعدون} أي: يقع لهم الوعد به في الدنيا ممن لا أصدق منهم. وهم الرسل عليهم الصلاة والسلام حين أخبروا بقوله تعالى: {وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات} (التوبة).
ولما وصف تعالى الولد البار بوالديه وصف الولد العاق لهما. بقوله تعالى:
والمراد به الجنس. وقال ابن عباس والسدي: نزلت في عبد الله بن أبيّ. وقيل: في عبد الرحمن بن أبي بكر قبل إسلامه؛ كان أبواه يدعوانه إلى الإسلام. وهو يأبى. وهو {قوله أف لكما} وقال الحسن وقتادة: إنها نزلت في كل كافر عاق لوالديه وعلى ثبوت أنها نزلت فيمن تقدم. لا ينافي أن المراد الجنس. فإنّ خصوص السبب لا يوجب التخصيص وفي {أف} قراءات ذكرت في سورة بني إسرائيل {أتعدانني} أي: على سبيل الاستمرار والتجديد في كل وقت وقرأ هشام بإدغام النون الأولى في الثانية وفتح الياء نافع وابن كثير وسكنها الباقون.
{أن أخرج} أي: من مخرج يخرجني من الأرض بعد أن غبت فيها وصرت ترابًا يحييني كما كنت أول مرّة {وقد} أي: والحال أنه قد {خلت} أي: مضت على سنن الموتى {القرون} أي: الأمم الكثيرة مع صلابتهم {من قبلي} أي: قرنًا بعد قرن. وتطأولت الأزمان. ولم يخرج منهم أحد من القبور {وهما} أي: والحال أنهما كلما قال لهما ذلك {يستغيثان الله} أي: يطلبان بدعائهما من له جميع صفات الكمال أن يغيثهما بإلهامه قبو ل كلامهما ويقولان إن لم ترجع {ويلك} أي: هلاكك بمعنى: هلكت {امن} أي: أوقع الآيمان الذي لا إيمان غيره. وهو الذي ينقذ من كل هلكة. ويوجب كل فوز. بالتصديق بالبعث وبكل ما جاء عن الله تعالى. ثم علّلا أمرهما على هذا الوجه مؤكدين في مقابلة إنكاره بقولهما: {إنّ وعد الله} أي: الملك المحيط بجميع صفات الكمال حق أي: ثابت أعظم ثبات؛ لأنه لو لم يكن حقًا لكان نقصًا من جهة الأخلاق الذي لا يرضاه لنفسه أقل الملوك. فكيف بملك الملوك؟ {فيقول} مسببًا عن قولهما ومعقبًا له {ما هذا} أي: الذي تذكرانه من البعث {إلا أساطير} أي: أكاذيب {الأولين} التي كتبوها.
{أولئك} أي البعداء من العقل والمروءة وكل خير.
{الذين حق} أي: ثبت و وجب {عليهم القول} أي: الكامل في بابه. بأنهم أسفل السافلين. وهذا كما قال البيضاوي يردّ على من قال: إنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر؛ لأنه يدل على أنه من أهلها لذلك وقد جبّ عنه إن كان لإسلامه وقال البقاعي: وهذا يكذب من قال: إنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر فإنه أسلم وصار من أكابر الصحابة فحقت له الجنة. ولما أثبت لهم هذه الشنعة بين كثرة من شاركهم فيها بقوله تعالى: {في} أي: كائنين في {أمم} أي: خلائق كانوا بحيث يقصدهم الناس. ويتبع بعضهم بعضًا {قد خلت} أي: تلك الأمم {من قبلهم} وكانوا قدوتهم وأدخل الجار؛ لأن المحكوم عليه بعض السالفين {من الجنّ} لأن العرب كانت تستعظمهم. وتستجير بهم وذلك لأنهم يتظاهرون لهم. ويؤذونهم ولم يقطع أذاهم لهم. وتسلطهم عليهم ظاهرًا وباطنًا إلا القرآن: فإنه أحرقهم بأنواره. وجلاهم عن تلك البلاد بتجلي اثاره {وإلأنس} ولا نفعتهم كثرتهم ولا أغنت عنهم قوتهم وقوله تعالى: {إنهم} أي: كلهم {كانوا} أي: جبلة وطبعًا وخلقًا لا يقدرون على الأنفكاك عنه {خاسرين} أي عريقين في هذا الوصف تعليل للحكم على الاستئناف.
{ولكل درجات مما عملوا} قال ابن عباس: يريد من سبق إلى الإسلام فهو أفضل ممن تخلف عنه ولوساعة وقال مقاتل: و لكل واحد من الفريقين يعنى البارّ بوالديه والعاق لهما درجات في الآيمان والكفر والطاعة والمعصية.
فإن قيل كيف يجوز إطلاق لفظ الدرجات على أهل النار وقد روي (الجنة درجات والنار دركات) أجيب من وجوه أحدها: أنّ ذلك على جهة التغليب وثانيها: قال ابن زيد: درج أهل الجنة تذهب علوًا. ودرج أهل النار تذهب هبوطًا وثالثها: المراد بالدرجات المراتب المتزايدة. فدرجات أهل الجنة في الخيرات والطاعات. ودرجات أهل النار في المعاصي والسيئات.
وقوله تعالى: {وليوفيهم أعمالهم} أي: جزاءها معلله محذوف. تقديره: جازاهم بذلك. وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو وهشام. وعاصم: بالياء التحتية أي: الله والباقون بالنون أي نحن وقوله تعالى: {وهم لا يظلمون} أي: شيئًا بنقص للمؤمنين ولا بزيادة للكافرين (والواو) إمّا استئناف وإمّا حال مؤكدة.
{ويوم} أي: واذكر يا أفضل الخلق لهؤلاء يوم يعرضون هكذا كان الأصل. ولكنه تعالى أظهر الوصف الذي أوجب لهم الخزي بقوله تعالى: {يعرض الذين كفروا على النار} أي: يصلون لهيبها ويقلبون فيها. كما يعرض اللحم الذي يشوى وقيل: تعرض عليهم النار ليروا أهوالها. مقولا لهم على سبيل التنديم والتقريع والتوبيخ والتشنيع؛ لأنهم لم يذكروه تعالى حق ذكره عند شهواتهم بل نالوها عند مخالفة أمره سبحانه وتعالى.
{أذهبتم طيباتكم} أي: لذاتكم باتباعكم الشهوات. وقرأ ابن كثير وابن عامر قبل الدال: بهمزتين مفتوحتين الأولى: محققة بلا خلاف. والثانية: مسهلة بخلاف عن هشام وأدخل هشام بينهما ألفًا ولم يدخل ابن كثير وابن ذكوان والباقون بهمزة واحدة محققة.
{في حياتكم الدنيا} أي: القريبة الدنية المؤذن وصفها لمن يعقل بحياة أخرى بعدها. فكان سعيكم في حركاتكم وسكناتكم لأجلها حتى نلتموها {واستمتعتم} أي: طلبتم وأوجدتم انتفاعكم {بها} وجعلتموها غاية حظكم في رفعتكم ونعمتكم. والمعنى: أن ما قدّر لكم من الطيبات والدرجات فقد استوفيتموه في الدنيا فلم يبق لكم بعد استيفاء حظكم شيء منها وعن عمر رضي الله عنه «لو شئت لكنت أطيبكم طعامًا وأحسنكم لباسًا ولكني أستبقي طيباتي» قال الواحدي: إنّ الصالحين يؤثرون التقشف والزهد في الدنيا رجاء أن يكون ثوابهم في الآخرة أكمل لأن هذه الآية لا تدل على المنع من التمتع لأنها وردت في حق الكافر وإنما وبخ الله تعالى الكافر لأنه تمتع بالدنيا ولم يؤدّ شكر المنعم فلا يوبخ بتمتعه ويدل على ذلك قوله تعالى: {قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}.
نعم لا ينكر أنّ الاحتراز عن التنعم أولى لأن النفس إذا اعتادت التنعم صعب عليها الاحتراز والأنقياد وحينئذ ربما حمل الميل إلى تلك الطيبات على فعل ما لا ينبغي.
روى عمر قال: «دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو على رمال حصير. قد أثر الرمال بجنبه فقلت: يا رسول الله. ادع الله تعالى أن يوسع على أمتك. فإنّ فارس والروم قد وسع عليهم وهم يعبدون غير الله تعالى. فقال صلى الله عليه وسلم أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا» وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع ال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنها أنها قالت: «كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارًا وما هو الا الماء والتمر» وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبيت الليالي المتتابعة طاويًا وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم الشعير» والأحاديث في هذا كثيرة ولما كانت الاستهانة بالأوامر والنواهي استهانة بيوم الجزاء سبب عنه قوله تعالى: {فاليوم تجزون} أي: على إعراضكم عنا {عذاب الهون} أي: الهوان العظيم المجتمع الشديد الذي فيه ذلّ وخزي {بما كنتم} أي: جبلة وطبعًا {تستكبرون} أي: تطلبون الترفع وتوجدونه على الاستمرار {في الأرض} التي هي لكونها ترابًا وموضوعة على الزوال والخراب أحق شيء بالتواضع والذل والهوان {بغير الحق} أي: الأمر الذي يطابقه الواقع. وهو أوامرنا ونواهينا {وبما كنتم} أي: على الاستمرار {تفسقون} أي: بسبب الاستكبار الباطل. والفسوق عن طاعة الله تعالى.
تنبيه:
دلت الآية على أنّ الكفار مخاطبون بفروع الشريعة لأن الله تعالى علل عذابهم بأمرين؛ أولهما: الكفر. وثانيهما: الفسق وهذا الفسق لابد وأن يكون مغايرًا لذلك الكفر. لأن العطف يوجب المغايرة فثبت أنّ فسق الكفار يوجب العقاب في حقهم ولا معنى للفسق إلا ترك المأمورات وفعل المنهيات. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

{وَالَّذِي قال لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي}.
لما ذكر سبحانه من شكر نعمة الله سبحانه عليه. وعلى والديه ذكر من قال لهما قولا يدلّ على التضجر منهما عند دعوتهما له إلى الآيمان. فقال: {والذى قال لوالديه أُفّ لَّكُمَا} الموصول عبارة عن الجنس القائل ذلك القول. و لهذا أخبر عنه بالجمع. وأفٍّ كلمة تصدر عن قائلها عند تضجره من شيء يرد عليه.
قرأ نافع وحفص و{أفٍّ} بكسر الفاء مع التنوين.
وقرأ ابن كثير. وابن عامر. وابن محيصن بفتحها من غير تنوين. وقرأ الباقون بكسر من غير تنوين وهي لغات.
وقد مضى بيان الكلام في هذا في سورة بني إسرائيل.
[أي: سورة الإِسراء]. واللام في قوله: {لَّكُمَا} لبيان التأفيف. أي: التأفيف لكما. كما في قوله: {هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] قرأ الجمهور {أتعدانني} بنونين مخففتين. وفتح ياءه أهل المدينة ومكة. وأسكنها الباقون.
وقرأ أبو حيوة. والمغيرة. وهشام بإدغام إحدى النونين في الآخرى. ورويت هذه القراءة عن نافع.
وقرأ الحسن. وشيبة. وأبو جعفر. وعبد الوارث عن أبي عمروبفتح النون الأولى. كأنهم فرّوا من توالي مثلين مكسورين.
وقرأ الجمهور: {أن أخرج} بضم الهمزة وفتح الراء مبنيًا للمفعول.
وقرأ الحسن. ونصر. وأبو العالية. والأعمش. وأبو معمر بفتح الهمزة وضم الراء مبنيًا للفاعل.
والمعنى: أتعدانني أن أبعث بعد الموت. وجملة {وَقَدْ خَلَتِ القرون مِن قَبْلِى} في محل نصب على الحال. أي: والحال أن قد مضت القرون من قبلي فماتوا. ولم يبعث منهم أحد. وهكذا جملة: {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ الله} في محل نصب على الحال. أي: والحال أنهما يستغيثان الله له. ويطلبان منه التوفيق إلى الآيمان. واستغاث يتعدّى بنفسه وبالباء يقال: استغاث الله. واستغاث به.
وقال الرازي: معناه يستغيثان بالله من كفره. فلما حذف الجار وصل الفعل. وقيل: الاستغاثة: الدعاء. فلا حاجة إلى الباء.
قال الفراء: يقال: أجاب الله دعاءه وغواثه. وقوله: {وَيْلَكَ} هو بتقدير القول. أي: يقولان له: ويلك. وليس المراد به: الدعاء عليه. بل الحثّ له على الآيمان. و لهذا قالا له: {امن إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ} أي: امن بالبعث إن وعد الله حقّ لا خلف فيه {فَيَقول} عند ذلك مكذبًا لما قالاه: {مَا هذا إِلاَّ أساطير الأولين} أي: ما هذا الذي تقولانه من البعث إلاّ أحاديث الأولين. وأباطيلهم التي سطّروها في الكتب.
قرأ الجمهور: {إن وعد الله} بكسر إن على الاستئناف. أو التعليل. وقرأ عمر بن فايد والأعرج بفتحها. على أنها معمولة لامن بتقدير الباء. أي: امن بأن وعد الله بالبعث حقّ {أولئِكَ الذين حَقَّ عَلَيْهِمُ القول} أي: أولئك القائلون هذه المقالات هم الذين حقّ عليهم القول. أي: وجب عليهم العذاب بقوله سبحانه لإبليس:
{لاَمْلأن جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: 85] كما يفيده قوله: {فِى أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمْ مّنَ الجن والأنس}. وجملة: {إِنَّهُمْ كَانُواْ خاسرين} تعليل لما قبله. وهذا يدفع كون سبب نزول الآية عبد الرحمن بن أبي بكر. وأنه الذي قال لوالديه ما قال. فإنه من أفاضل المؤمنين. وليس ممن حقت عليه كلمة العذاب. وسيأتي بيان سبب النزول في آخر البحث إن شاء الله.
{ولكُلّ درجات مّمَّا عَمِلُواْ} أي: لكلّ فريق من الفريقين المؤمنين. والكافرين من الجنّ والإنس مراتب عند الله يوم القيامة بأعمالهم.
قال ابن زيد: درجات أهل النار في هذه الآية تذهب سفلًا. ودرجات أهل الجنة تذهب علوًّا {وليوفيهم أعمالهم} أي: جزاء أعمالهم.
قرأ الجمهور: (لنوفيهم) بالنون.
وقرأ ابن كثير. وابن محيصن. وعاصم. وأبو عمرو. ويعقوب بالياء التحتية.
واختار أبو عبيد القراءة الأولى. واختار الثانية أبو حاتم {وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} أي: لا يزاد مسيء. ولا ينقص محسن. بل يوفّى كل فريق ما يستحقه من خير وشرّ. والجملة في محلّ نصب على الحال. أو مستأنفة مقررة لما قبلها {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار} الظرف متعلق بمحذوف. أي: اذكر لهم يا محمد يوم ينكشف الغطاء. فينظرون إلى النار ويقربون منها. وقيل: معنى {يعرضون}: يعذبون. من قولهم: عرضه على السيف. وقيل: في الكلام قلب.
والمعنى: تعرض النار عليهم {أَذْهَبْتُمْ طيباتكم في حياتكم الدنيا} أي: يقال لهم ذلك. قيل: وهذا المقدّر هو الناصب للظرف. والأول أولى.