فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والنون الأولى نون الرفع. والثانية نون الوقاية كما لا يخفى.
وقرأ هذا الحرف أبو عمرو وابن عامر في رواية ابن ذكوان وعاصم وحمزة والكسائي: أتعدانني بنونين مكسورتين مخففتين وياء ساكنة.
وقرأه هشام عن ابن عامر بنون مشددة مكسورة وبياء ساكنة.
وقرأه نافع وابن كثير بنونين مكسورتين مخففتين وياء مفتوحة. والهمزة للأنكار.
وقوله: {أَنْ أُخْرَجَ} أي أبعث من قبري حيًا بعد الموت.
والمصدر المنسبك من أن وصلتها هو المفعول الثاني لتعدانني يعني أتعدانني الخروج من قبري حيًا بعد الموت. والحال قد مضت القرون أي هلكت الأمم الأولى. ولم يحيي منهم أحد. ولم يرجع بعد أن مات.
وهما أي والداه يستغيثان الله أي يطلبانه أن يغيثهما بأن يهدي و لدهما إلى الحق والإقرأر بالبعث. يوقولان لو لدهما: ويلك آمن. أي بالله وبالبعث بعد الموت.
والمراد بقولهما ويلك: حثة على الآيمان إن وعد الله حق. أي وعده بالبعث بعد الموت حق لا شك فيه. فيقول ذلك الولد العاق المنكر للبعث: {مَا هاذا} إن الذي تعدانني إياه من البعث بعد الموت. {إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأولين}.
والأصاطير جمع أسطورة. وقيل جمع إسطارة. ومراده بها ما سطره الأولون. أي كتبوه من الأشيئاء التي لا حقيقة لها.
وقوله: {أُؤلَئِكَ} ترجع الإشارة فيه. إلى العقاين المكذبين. بالبعث المذكورين في قوله: {والذي قال لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا} الآية.
وقوله: {حَقَّ عَلَيْهِمُ القول} أي وجبت عليهم كلمة العذاب.
وقد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة يس في الكلام على قوله تعالى: {لَقَدْ حَقَّ القول على أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ} [يس: 7].
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن منكري البعث يحق عليهم القول لكفرهم. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة الفرقان في الكلام على قوله تعالى: {وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بالساعة سَعِيرًا} [الفرقان: 11].
{وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا}.
معنى الآية الكريمة أنه يقال للكفار يوم يعرضون على النار: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ}.
فقوله يعرضون على النار: قال بعض العلماء: معناه يباشرون حرها كقول العرب: عرضهم على السيف إذا قتلهم به. وهو معنى معروف في كلام العرب.
وقد ذكر تعالى مثل ما ذكر هنا في قوله: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ على النار أَلَيْسَ هذا بالحق} [الأحقاف: 34] وهذا يدل على أن المراد بالعرض مباشرة العذاب لقوله: {قالواْ بلى وَرَبِّنَا قال فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} [الأحقاف: 34].
وقوله تعالى: {فَوقَاهُ الله سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُواْ وَحَاقَ بِالِ فِرْعَوْنَ سواء العذاب النار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشيئا} [غافر: 45- 46] لأنه عرض عذاب.
وقال بعض العلماء: معنى عرضهم على النار هو تقريبهم منها. والكشف لهم عنها. حتى يروها كما قال تعالى: {وَرَأَى المجرمون النار} [الكهف: 53] الآية. وقال تعالى: {وجياء يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} [الفجر: 23].
وقال بعض العلماء: في الكلام قلب. وهو مروي عن ابن عباس وغيره.
قالوا: والمعنى ويوم تعرض النار على الذين كفروا قالوا وهو كقول العرب: عرضت الناقة على الحوض. يعنون عرضت الحوض على الناقة. ويدل لهذا قوله تعالى: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضًا} [الكهف: 100].
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له.
هذا النوع الذي ذكروه من القلب في الآية. كقلب الفاعل مفعولا. والمفعول فاعلًا. ونحوذلك اختلف فيه علماء العربية. فمنعه البلاغيون إلا في التشبي. فأجازوا قلب المشبه مشبهًا به والمشبه به مشبهًا بشرط أن يتضمن ذلك نكتة وسرًا لطيفًا كما هو المعروف عندهم في مبحث التشبية المقلوب.
وأجازه كثير من علماء العربية.
والذي يظهر لنا أنه أسلوب عربي نطقت به العرب في لغتها. إلا أنه يحفظ ما سمع منه. ولا يقاس عليه ومن أمثلته في التشبيه قول الراجز:
ومنهل مغبرة أرجاؤه ** كأن لوأرضه سماؤه

أي كأن سماءه لون أرضه. وقول الآخر:
وبدا الصباح كأن غرته ** وجه الخليفة حين يمتدح

لأن أصل المراد تشبيه وجه الخليفة بغرة الصباح فقلب التشبية ليوهم أن الفرع أقوى من الأصر في وجه الشبه.
وقالوا ومن أمثلته في القرآن {وَآتَيْنَاه مِنَ الكنوز مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بالعصبة أولي القوة} [القصص: 76]. لأن العصبة من الرجال هي التي تنوء بالمفاتيح أي تنهض بها بمشقة وجهد لكثرتها وثقلها. وقوله تعالى: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأنباء} [القصص: 66] أي عموا عنها. ومن أمثلته في كلام العرب قول كعب بن زهير:
كأن أوب ذراعيها إذا عرقت ** وقد تلفع بالقور العساقيل

لأن معنى قوله: تلفع لبس اللفاع وهو اللحاف. والقور الحجارة العظام. والعساقيل: السراب.
والكلام مقلوب. لأن القور هي التي تلتحف بالعساقيل لا العكس كما أوضحه لبيد في معلقته بقوله:
فبتلك إذ رقص اللوامع بالضحى ** واجتاب أردية السراب إكامها

فصرح بأن الإكام التي هي الحجارة اجتابت أي لبست أردية السراب.
والأردية جمع رداء. وهذا النوع من القلب وإن أجازه بعضهم فلا ينبغي حمل الآية عليه. لأنه خلاف الظاهر. ولا دليل عليه يجب الرجوع إليه.
وظاهر الآية جار على الأسلوب العرب الفصيح. كما أوضحه أبو حيان في البحر المحيط.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدنيا واستمتعتم بِهَا} قرأه ابن كثير وابن عامر {أأذهبتم} بهمزتين وهما على أصو لهما في ذلك.
فابن كثير يسهل الثانية بدون ألف إدخال بين الهمزتين.
وهشام يحققها ويسهلها مع ألف الإدخال. وابن ذكوان يحققها من غير إدخال.
وقرأه نافع وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ} بهمزة واحدة على الخبر من غير استفهام.
واعلم أن للعلماء كلامًا كثيرًا في هذه الآية قائلين إنها تدل على أنه ينبغي التقشف والإقلال من التمتع بالماكل والمشارب والملابس ونحوذلك.
وأن مر بن الخطاب رضي الله عنه كان يفعل ذلك خوفًا منه. أن يدخل في عموم من يقال لهم يوم القيامة: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدنيا} الآية. والمفسرون يذكرون هنا اثارًا كثيرة في ذلك. وأحوال أهل الصفة وما لاقوه من شدة العيش.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له:
التحقيق: إن شاء الله في معنى هذه الآية هو أنها في الكفار وليست في المؤمنين الذين يتمتعون باللذات التي أباحها الله لهم. لأنه تعالى ما أباحها لهم ليذهب بها حسناتهم.
وأنما قلنا: إن هذا هو التحقيق. لأن الكتاب والسنة الصحيحة دالأن عليه والله تعالى يقوله: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الله والرسول} [النساء: 59] الآية.
أما كون الآية في الكفار فقد صرح الله تعالى به في قوله: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُم} الآية.
والقرآن والسنة الصحيحة. قد دلا على أن الكافر إن عمل عملًا صالحًا مطابقًا للشرع. مخلصًا فيه لله. كالكافر الذي يبر والديه. ويصل الرحم ويقري الضيف. وينفس عن المكروب. ويعين المظلوم يبتغي بذلك وجه الله يثاب بعمله في دار الدنيا خاصة بالرزق والعافية. ونحوذلك ولا نصيب له في الآخرة.
فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحياة الدنيا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُون أولئك الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 15- 16] وقوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخرة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدنيا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخرة مِن نَّصِيبٍ} [الشورى: 20].
وقد قيد تعالى هذا الثواب الدنيوي المذكور في اليات بمشيئته وإرادته. في قوله تعالى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ العاجلة عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا} [الإسراء: 18].
وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنة يعطي بها في الدنيا ويجزي بها في الآخرة. وأما الكافر فيطعم بحسناته ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزي بها» هذا لفظ مسلم في صحيحه.
وفي لفظز له عن سو ل الله صلى الله عليه وسلم: «إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا. وأما المؤمن فإن الله يدخر له حسناته في الآخرة ويعقبه رزقًا في الدنيا على طاعته»
فهذا الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه التصريح. بأن الكافر يجازى بحسناته في الدنيا فقط. وأن المؤمن يجازى بحسناته في الدنيا والآخرة معًا. وبمقتضى ذلك. يتعين تعيينًا لا محيص عنه. أن الذي أذهب طيباته في الدنيا واستمتع بها فوالكافر. لأنه لا يجزي بحسناته غإا في الدنيا خاصة.
وأما المؤمن الذي يجزي بحسناته في الدنيا والآخرة معًا. فلم يذهب طيباته في الدنيا. لأن حسناته مدخرة له في الآخرة. مع أن الله تعالى يثيبه بها في الدنيا كما قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ الله يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2- 3] فجعل المخرج من الضيق له ورزقه من حيث لا يحتسب ثوابًا في الدنيا وليس ينقص أجر تقواه في الآخرة.
والآيات بمثل هذا كثيرة معلومة. وعلى كل حال فالله جل وعلا أباح لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم الطيبات في الحياة الدنيا. وأجاز لهم التمتع بها. ومع ذلك جعلها خاصة بهم في الآخرة. كما قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله التي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرزق قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمنوا فِي الحياة الدنيا خَالِصَةً يَوْمَ القيامة} [الأعراف: 32].
فدل هذا النص القرآني أن تمتع المؤمنين بالزينة والطيبات من الزرق في الحياة الدنيا لم مينعهم من اختصاصهم بالتنعم بذلك يوم القيامة. وهو صريح في أنهم لم يذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.
و لا ينافي هذا أن من كان يعاني شدة الفقر في الدنيا كأصحاب الصفة. يكون لهم أجر زائد على ذلك. لأن المؤمنين يؤجرون. بما يصيبهم في الدنيا من المصائب والشدائد. كما هو معلوم.
والنصوص الدالة على أن الكافر هو الذي يذهب طيباته في الحياة الدنيا. لأنه يجزي في الدنيا فقط كالآيات المذكورة. وحديث أنس المذكور عند مسلم. قد قدمناها موضحة في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الآخرة وسعى لَهَا سَعْيَهَا وهو مُؤْمِنٌ فَأولئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا} [الإسراء: 19] وذكرنا هناك أسانيد الحديث المذكور وألفاظه.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فاليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون} أي عذاب الهوان وهو الذل والصغار.
وقوله تعالى: {بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ}. الباء في قوله: بما كنتم سببية. وما مصدرية أي تجزون عذاب الهون بسبب كونكم مستكبرين في الأرض. وكونكم فاسقين.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من كون الاستكبار في الأرض والفسق من أسباب عذاب الهون. وهو عذاب النار. جاء موضحًا في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 60] وقوله تعالى: {وَأَمَّا الذين فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ النار} [السجدة: 20] الآية.
وقد قدمنا النتائج الوخيمة الناشئة عن التكبر في سورة الأعراف في الكلام على قوله تعالى: {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فاخرج إِنَّكَ مِنَ الصاغرين} [الأعراف: 13] الآية.
وقوله تعالى: {بِغَيْرِ الحق} مع أنه من المعلوم أنهم لا يستكبرون في الأرض إلا استكبارًا متلبسًا بغير الحق كقوله تعالى: {ولاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: 38] ومعلوم أنه لا يطير إلا بجناحيه. وقوله: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكتاب بِأَيْدِيهِمْ} [البقرة: 79]. ومعلوم أنهم لا يكتبونه إلا بأيديهم. ونحوذلك من الآيات. وهو أسلوب عرب نزل به القرآن. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{وَالَّذِي قال لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي}.
أخرج البخاري عن يوسف بن ماهك. قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية بن أبي سفيان. فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه شيئًا. فقال: خذوه. فدخل بيت عائشة رضي الله عنها. فلم يقدروا عليه. فقال مروان: إن هذا أنزل فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} فقالت عائشة رضي الله عنها من وراء الحجاب: ما أنزل الله فينا شيئًا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري.
وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه. وابن مردويه عن محمد بن زياد قال: لما بايع معاوية لابنه قال مروان: سنة أبي بكر وعمر فقال عبد الرحمن: سنة هرقل وقيصر. فقال مروان: هذا الذي أنزل الله فيه {والذي قال لوالديه أف لكما} الآية فبلغ ذلك عائشة رضي الله عنها فقالت: كذب مروان كذب مروان والله ما هو به ولو شئت أن أسمي الذي أنزلت فيه لسميته. ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان في صلبه فمروان فضفض من لعنة الله.
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال إن الله قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيًا حسنًا وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر. فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه: أهرقلية؟ إن أبا بكر رضي الله عنه والله ما جعلها في أحد من و لده ولا أحد من أهل بيته ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لو لده. فقال مروان: ألست الذي قال لوالديه أفّ لكما؟ فقال عبد الرحمن: ألست ابن اللعين الذي لعن أباك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: وسمعتها عائشة فقالت: يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا؟ كذبت والله ما فيه نزلت. نزلت في فلان ابن فلان.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في {والذي قال لوالديه أفّ لكما} الآية قال: هذا ابن لأبي بكر.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال: نزلت هذه الآية {والذي قال لوالديه أفّ لكما} في عبد الرحمن بن أبي بكر قال لوالديه وكانا قد أسلما وأبى هو أن يسلم فكانا يأمرانه بالإِسلام ويرد عليهما ويكذبهما فيقول فأين فلان؟ وأين فلان؟ يعني مشايخ قريش ممن قد مات. ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فنزلت توبته في هذه الآية {ولكل درجات ما عملوا}.