فصل: قال الفراء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



31- وقوله جل وعز: {والله معكم ولن يتركم أعمالكم} (آية 35) قال مجاهد لن ينقصكم قال أبو جعفر من هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم من فاتته صلاة العصر فكانما وتر اهله.
32- وقوله جل وعز: {ان يسالكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم} (آية 37) {فيحفكم} أي يجهدكم ومنه حفيت الدابة {ويخرج أضغانكم} قيل أي عداوتكم وقال الضحاك غش قلوبكم إذا سئلتم أموالكم.
33- وقوله جل وعز: {وان تتولوا يستبدل قوما غيركم} (آية 38) قال قتادة أي ان تتولوا عن طاعة الله ثم قال: {يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم} (آية 38) قال مجاهد من شاء وروى العلاء عن ابيه عن أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين ان تو لينا استبدلوا ثم لا يكونوا امثالنا؟ فضرب بيده على فخذ سلمان رضي الله عنه فقال هم قوم هذا لوكان الدين بالثريا لتناوله رجال من الفرس تمت سورة محمد صلى الله عليه وسلم. اهـ.

.قال الفراء:

سورة محمد:
{فإذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إذا اثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَامَّا مَنًّا بَعْدُ وَامَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أوزارها ذَلِكَ ولويَشَاءُ اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ ولاكِن لِّيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أعمالهم}.
قوله عز وَجل: {فَضَرْبَ الرِّقَابِ}.
نصب على الأمر. وَالذى نصب به مضمر. وَكذلك كل امر اظهرَتَ فيه الاسماء. وَتركت الأفعال فانصب فيه الاسماء. وَذكر: انه ادبٌ من الله وتعليم للمؤمنين للقتال.
وقوله: {فَامَّا مَنًّا بَعْدُ وَامَّا فِدَاءً}.
منصوب ايضًا على فعل مضمر. فامّا ان تمنُّوا. وَاما ان تفدوا. فالمن: انت تترك الاسير بغير فداء. وَالفداء: ان يفدىَ الماسورُ نفسه.
وقوله: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أوزارها}.
اثامها وَشركها حتى لا يبقى الا مسلم. أو مسالم. وَالهاء التي في أوزارها تكون للحرب وَانت تعنى: اوزار اهلها. وَتكون لأهل الشرك خاصةً. كقولك: حتى تنفى الحرب اوزار المشركين.
وقوله: {ذَلِكَ ولويَشَاءُ اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ}.
بملائكة غيركم. ويقال: بغير قتال: ولكن ليبلوبعضكم ببعض. المؤمن بالكافر. والكفر بالمؤمن.
وقوله: {وَالَّذِينَ قَاتَلوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.
قراها الأعمش وعاصم وزيد بن ثابت حدثنا محمد حدثنا الفراء قال: حدثنى بذلك محمد بن الفضل الخراسانى عن عطاء عن ابى عبد الرحمن عن زيد بن ثابت: قاتَلوا. وقراها الحسن: قُتِّلوا مشددة. وقد خففها بعضهم فقال: قُتِلوا مخفف. وكل ذلك صواب.
{وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ}.
وقوله: {وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ}.
يعرفون منازلهم إذا دخلوها. حتى يكون احدهم اعرف بمنزله في الجنة منه بمنزله إذا رجع من الجمعة.
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وأضل أعمالهم}.
وقوله: {فَتَعْسًا لَّهُمْ وأضل أعمالهم}.
كانه قال: فاتعسهم الله وأضل أعمالهم؛ لأن الدعاء قد يجرى مجرى الأمر والنهى. الا ترى انّ اضل فعل. وانها مردودة على التعس. وهو اسم لأن فيه معنى اتعسهم. وكذلك قوله: {حتّى إذا اثْخَنْتُموهمْ فَشُدُّوا} مردودة بـ: على امر مضمر ناصبٍ لضرب الرقاب.
{ذَلِكَ بِانَّهُمْ كَرِهوا مَا انزَلَ اللَّهُ فأحبط أعمالهم}.
وقوله: {كَرِهوا مَا انزَلَ اللَّهُ} كرهوا القرآن وسخطوه.
{افَلَمْ يَسِيرُوا فِي الارْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وللْكَافِرِينَ أمثالها}.
وقوله: {دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وللْكَافِرِينَ أمثالها}.
يقول: لأهل مكة امثال ما اصاب قوم لوط وعاد وثمود وعيدٌ من الله.
{ذَلِكَ بِانَّ اللَّهَ مولى الَّذِينَ آمنوا وَانَّ الْكَافِرِينَ لا مولى لَهُمْ}.
وقوله: {ذَلِكَ بِانَّ اللَّهَ مولى الَّذِينَ آمنوا}.
يريد: ولىّ الذين آمنوا. وكذلك هي في قراءة عبد الله {ذلك بان الله ولىّ الذين آمنوا} وهي مثل التي في المائدة في قراءتنا: {انما وليكم اللهُ ورسوله}. ومعناهما واحد. والله اعلم.
{انَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَاكُلُونَ كَمَا تَاكُلُ الأنعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ}.
وقوله: {وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ}.
ترفع النار بالمثوى. ولونصبت المثوى. ورفعت النار باللام التي في (لهم) كان وجها.
{وكأين مِّن قَرْيَةٍ هِيَ اشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أخرجتك أهلكناهم فَلا نَاصِرَ لَهُمْ}.
وقوله: {مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أخرجتك}.
يريد: التي اخرجك اهلها إلى المدينة. ولوكان من قريتك التي اخرجوك كان وجها. كما قال: {فَجاءَها بَاسُنَا بَيَاتًا اوهُمْ قائلون}. فقال: (قائلون). وفى أول الكلمة: (فجاءها).
وقوله: {فَلا نَاصِرَ لَهُمْ}.
جاء في التفسير: فلم يكن لهم ناصر حين أهلكناهم. فهذا وجه. وقد يجوز اضمار كان. وان كنت قد نصبت الناصر بالتبرية. وبكون: أهلكناهم فلا ناصر لهم الأن من عذاب الله.
{افَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أهواءهم}.
وقوله: {افَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أهواءهم} ولم يقل: واتبع هواه. وذلك انّ من تكون في معنى واحد وجميع. فرُدّت اهواؤهم على المعنى. ومثله: {وَمِنَ الشيئاطِينِ مَنْ يَغُوصُون له}. وفي موضع آخر: {ومِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمعُ إليك}. وفي موضع آخر: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إليك}.
{مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أنهار مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسن وَانْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَانْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَانْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى ولهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هو خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أمعاءهم}.
وقوله: {مَّثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ}.
حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: أخبرنى حبّان بن على عن الكلبى عن ابى صالح عن ابن عباس قال:
مثل الجنة. امثال الجنة. صفات الجنة. قال ابن عباس: وكذلك قراها على بن ابى طالب: امثال.
وقوله: {مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسن}.
غير متغير. غير آجن.
وقوله: {وَانْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} لم يخرج من ضروع الابل ولا الغنم برغوته.
وقوله: {وَانْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ}.
اللذة مخفوضة. وهى الخمر بعينها. وان شئت جعلتها تابعة للأنهار. وانهارٌ لذةٌ. وان شئت نصبتها على يتلذذ بها لذة. كما تقول: هذا لك هبةً وشبهه. ثم قال: {كَمَنْ هو خَالِدٌ} لم يقل: امَن كان في هذا كَمَن هو خالد في النار؟ ولكنه فيه ذلك المعنى فَبُنى عليه.
{وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إليك حَتَّى إذا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قالوا لِلَّذِينَ اوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قال آنفًا أولئك الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أهواءهم}.
وقوله: {وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إليك}.
يعنى خطبتك في الجمعة فلا يستمعون ولا يعون حتى إذا انصرفوا. وخرج الناس قالوا للمسلمين: ماذا قال آنفًا. يعنون النبي صلى الله عليه وسلم استهزاءً منهم.
قال الله عز وجل: {أولئك الَّذِينَ طَبعَ اللهُ على قُلوبهم}.
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وآتاهم تَقُوَاهُمْ}.
وقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}.
زادهم استهزاؤهم هدى. وآتاهم الله تقواهم. يقال: اثابهم ثواب تقواهم. ويقال: الهمهم تقواهم. ويقال: اتاهم تقواهم من المنسوخ إذا نزل الناسخ.
{فَهَلْ يَنظُرُونَ الا السَّاعَةَ ان تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أشراطها فأنى لَهُمْ إذا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ}.
وقوله: {فَهَلْ يَنظُرُونَ الا السَّاعَةَ ان تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أشراطها}.
(انْ) مفتوحة في القراءة كلها. حدثنا الفراء قال: وَحدثنى أبو جعفر الرؤاسى قال: قلت لابى عمرو بن العلاء: ما هذه الفاء التي في قوله: {فَقَدْ جَاءَ أشراطها}؟ قال: جواب للجزاء. قال: قلت: انها {انْ تاتيهم} مفتوحة؟ قال: فقال: معاذ الله انما هي {انْ تَاتِهِمْ}. قال الفراء: فظننت انه اخذها عن اهل مكة؛ لأنه عليهم قرأ. وهى ايضًا في بعض مصاحف الكوفيين: تاتهم بسينة واحدة. ولم يقرأ بها أحد منهم. وهو من المكرّر: {هل ينظرون إلا الساعة}. {هل ينظرون إلا الساعة أن تاتيهم بغتة}. والدليل على ذلك ان التي في الزخرف في قراءة عبد الله: {هَلْ يَنْظُرونَ الا انْ تَاتيهم الساعةُ}. ومثله: {ولولا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مؤمِناتٌ} لولا ان تطْئوهم فان في موضع رفع عند الفتح. وان في الزخرف- وههنا نصب مردودة على الساعة. والجزم جائز تجعل: هل ينظرون الا الساعة مكتفيا. ثم تبتدىء: ان تاتهم. وتجيئها بالفاء على الجزاء. والجزم جائز.
وقوله: {فأنى لَهُمْ إذا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ}.
{ذكراهم} في موضع رفع بلهم. والمعنى: فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة؟ ومثله: {يَوْمَئذٍ يَتَذَكَّرُ الإنسان وانّى لَهُ الذِّكْرَى} اى: ليس ينفعه ذكره. ولا ندامته.
{وَيَقول الَّذِينَ آمنوا لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فإذا انزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رأيت الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إليك نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأولى لَهُمْ}.
وقوله: {فإذا انزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ}.
وفى قراءة عبد الله: سُورةٌ مُحْدَثةٌ. كان المسلمون إذا نزلت الآية فيها القتال وذِكْره شق عليهم وتواقعوا ان تنسخ. فذلك قوله: {لولا نزلت سورة} اى هلا انزلت سوى هذه. فإذا نزلت وقد امروا فيها بالقتال كرهوها. قال الله: {فَأولى لَهُمْ} لمن كرهها. ثم وصف قولهم قبل ان تنزَّل: سمع وطاعة. قد يقولون: سمع وطاعة. فإذا نزل الأمر كرهوه. فلو صدقوا الله لكان خيرًا لهم. فالطاعة مرفوعة في كلام العرب إذا قيل لهم: افعلوا كذا وكذا. فثقل عليهم اولم يثقل قالوا: سمع وطاعة.
حدثنا أبو العباس قال: حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: أخبرنى حبان عن الكلبى عن ابى صالح عن ابن عباس قال:
قال الله عزّ وجل: {فَأولى} ثم قال: {لَهُمْ} للَّذِين آمنوا مِنْهم {طاعةٌ وَقول مَعْروف}. فصارت: فأولى وعيدا لمن كرهها. واستانف الطاعة لهم. والأول عندنا كلام العرب. وقول الكلبى هذا غير مردود.
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ ان تَوليْتُم ان تُفْسِدُوا فِي الارْضِ وَتُقَطِّعُوا أرحامكم}.
وقوله: بـ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}.
قرأها العوام بنصب السين. وقرأها نافع المدنى: {فهل عَسِيْتُم}. بكسر السين. ولوكانت كذلك لقال: عَسِىَ فى موضع عسى. ولعلها لغة بادرة. وربما اجترات العرب على تغيير بعض اللغة إذا كان الفعل لا يناله قد. قالوا: لُسْتُم يُريدون لستُم. ثم يقولون: لَيْسَ وليسوا سواء. لأنه فعل لا يتصرف ليس له يفعل وكذلك عسى ليس له يفعل فلعله اجترى عليه كما اجترى على لستم.
وقوله: {هَلْ عَسَيْتُم}... ان توليتم أمور الناس ان تفسدوا في الارض. وتُقطعوا أرحامكم. ويقال: ولعلكم ان انصرفتم عن محمد صلى الله عليه وسلم. وتو ليتم عنه ان تصيروا إلى امركم الأول من قطيعة الرحم والكفر والفساد.
{انَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أدبارهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سول لَهُمْ وأملى لَهُمْ}.
وقوله: {الشَّيْطَانُ سول لَهُمْ}.
زين لهم وأملى لهم الله. وكذلك قراها الأعمش وعاصم. وذُكر عن على بن ابى طالب وابن مسعود وزيد بن ثابت (رحمهم الله) انهم قرءوها كذلك بفتح الألف.
وذُكر عن مجاهد انه قراها: {وأملى لهم} مرسلة الياء. يخبر الله جل وعز عن نفسه. وقرأ بعض اهل المدينة: وأملى لهم بنصب الياء وضم الألف. يجعله فعلًا لم يسمّ فاعله. والمعنى متقارب.
{ذَلِكَ بِانَّهُمْ قالوا لِلَّذِينَ كَرِهوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر وَاللَّهُ يَعْلَمُ أسرارهُمْ}.
وقوله: {أسرارهُمْ}.
قراها الناس: أسرارهم: جمع سر. وقراها يحيى بن وثاب وحده: أسرارهم بكسر الألف. واتبعه الأعمش وحمزة والكسائى. وهو مصدر. ومثله: {وأدبار السجود}.
{أم حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ان لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أضغانهم}.
وقوله: {ان لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أضغانهم} يقول: انْ لن يبدى الله عدواتهم وبغضهم لمحمد صلى الله عليه.
{ولو نشاء لأريناكهم فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ولتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القول وَاللَّهُ يَعْلَمُ أعمالكم}.
وقوله: {ولو نشاء لأريناكهم}.
يريد: لعرفناكهم. تقول للرجل: قد اريتك كذا وكذا. ومعناه عرفتكه وعلمتكه. ومثله: {ولتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ القول}. في نحوالقول. وفى معنى القول.
{فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وأنتم الأعلون وَاللَّهُ مَعَكُمْ ولن يَتِرَكُمْ أعمالكم}.
وقوله: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ}.
كلاهما مجزومتان بالنهى: لا تهنوا ولا تدعوا. وقد يكون منصوبًا على الصرف يقول: لا تدعوا إلى السلم. وهو الصلح. وأنتم الأعلون. أنتم الغالبون آخر الأمر لكم.
وقوله: {ولن يَتِرَكُمْ أعمالكم}.
من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا. اواخذت له مالا فقد وترته. وجاء في الحديث: «من فاتته العصر فكانما وتر اهله وماله» قال الفراء. وبعض الفقهاء يقول: اوتر. والصواب وتر.
{ان يَسْالْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أضغانكم}.
وقوله: {ان يَسْالْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ}.
اى يجهدكم تبخلوا ويخرج أضغانكم. ويخرج ذلك البخل عداوتكم. ويكون يخرج الله اضغناكم احفيت الرجل: اجهدته. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي: