فصل: (سورة محمد: الآيات 16- 19):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



هوكلام منكر للفرح برزية الكرام ووراثة الذود مع تعرّيه عن حرف الأنكار لانطوائه تحت حكم قول من قال: أتفرح بموت أخيك وبوراثة إبله. والذي طرح لأجله حرف الأنكار إرادة أن يصوّر قبح ما أزنّ به فكأنه قال له: نعم مثلي يفرح بمرزأة الكرام وبأبن يستبدل منهم ذودا يقل طائله وهو من التسليم الذي تحته كل إنكار.
وعقّب ابن المنير صاحب الأنتصاف على كلام الزمخشري فقال:
كم ذكر الناس في تأويل هذه الآية فلم أر أطلى ولا أحلى من هذه النكت التي ذكرها ولا يعوزها إلا التنبيه على أن في الكلام محذوفا لابد من تقديره لأنه لا معادلة بين الجنة وبين الخالدين في النار إلا على تقدير مثل ساكن فيه يقوّم وزن الكلام وتتعادل كفتاه ومن هذا النمط قوله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن امن باللّه واليوم الآخر وجاهد في سبيل اللّه}. فإنه لابد من تقدير محذوف مع الأول أو الثاني ليتعادل القسمان وبهذا الذي قدّرته في الآية ينطبق آخر الكلام على أوله فيكون المقصود تنظير بعد التسوية بين المتمسك بالسيئة والراكب للهوى ببعد التسوية بين المنعم في الجنة والمعذب في النار على الصفات المتقابلة المذكورة في الجهتين وهو من وادي تنظير الشيء بنفسه باعتبار حالتين إحداهما أوضح في البيان من الأخرى فإن المتمسّك بالسنّة هو المنعم في الجنة الموصوفة والمتبع للهوى هو المعذب في النار المنعوتة ولكن أنكر التسوية بينهما باعتبار الأعمال أولا وأوضح ذلك بإنكار التسوية بينهما باعتبار الجزاء ثانيا.

.[سورة محمد: الآيات 16- 19]:

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قال آنفًا أولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهواءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وآتاهم تَقْواهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وللْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ (19)}.

.الإعراب:

{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قال آنفًا} كلام مستأنف مسوق لبيان جانب آخر من استهزائهم وتعنتهم فقد كانوا يحضرون مجلس رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيسمعون كلامه ولا يعونه ولا يلقون إليه بالا فإذا خرجوا من المجلس سألوا أهل العلم من الصحابة ماذا قال الساعة على جهة الاستهزاء وقيل في خطبة الجمعة فتكون الآية مدنية. {ومنهم} خبر مقدم ومن مبتدأ مؤخر وجملة {يستمع إليك} صلة وقد روعي لفظ من. و{حتى} حرف غاية وجر و{إذا} ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة {خرجوا} في محل جر بإضافة الظرف إليها و{من عندك} متعلقان بخرجوا وجملة {قالوا} لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم و{للذين} متعلقان بقالوا وجملة {أوتوا} بالبناء للمجهول صلة والواو نائب فاعل و{العلم} مفعول به ثان. و{ماذا} تقدم أن في إعرابها وجهين فما اسم استفهام مبتدأ وذا اسم موصول هنا خاصة في محل رفع خبر ولك أن تجعلها اسم استفهام بكاملها و{آنفا} حال من الضمير في قال أي مؤتنفا وأعربه الزمخشري وأبو البقاء ظرفا أي ماذا قال الساعة وأنكر أبو حيان ذلك وقال ولا نعلم أحدا من النحاة عدّه في الظروف وقال ابن عطية: والمفسرون يقولون {آنفًا} معناه الساعة الماضية القريبة منّا وهذا تفسير بالمعنى وقال في القاموس وقال: {آنفًا} كصاحب وكتف وقرئ بهما أي مذ ساعة أي في أول وقت يقرب منّا كأنه يميل إلى نصبه على الظرفية. وقال الزّجاج هو من استأنفت الشيء إذا ابتدأته والمعنى ماذا قال في أول وقت يقرب منّا وعلى هذا رجحت كفّة القائلين بالظرفية.
{أولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهواءَهُمْ} {أولئك} مبتدأ و{الذين} خبره وجملة {طبع اللّه على قلوبهم} صلة وجملة {واتبعوا أهواءهم} عطف أيضا داخلة في حيز الصلة.
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وآتاهم تَقْواهُمْ} {والذين} مبتدأ وجملة {اهتدوا} صلة وجملة {زادهم} خبر و{هدى} مفعول به ثان أوتمييز {وآتاهم} عطف على {زادهم} و{تقواهم} مفعول به ثان و{تقواهم} مصدر مضاف للفاعل.
{فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} الفاء استئنافية وهل حرف استفهام معناه النفي و{ينظرون} فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل و{إلا} أداة حصر والساعة مفعول به و{أن تأتيهم} المصدر المؤول بدل اشتمال من الساعة أي ليس الأمر إلا أن تأتيهم و{بغتة} حال.
{فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ} الفاء تعليل لإتيان الساعة مفاجأة فالاتصال بينهما اتصال العلة بالمعلول. وقد حرف تحقيق و{أشراطها} فاعل جمع شرط بفتحتين وهي العلامة قال في المصباح وجمع الشرط شروط مثل فلس وفلوس والشرط بفتحتين العلامة والجمع أشراط مثل سبب وأسباب ومنه أشراط الساعة أي علاماتها. {فأنى} الفاء حرف عطف وأنى اسم استفهام في محل نصب على الظرف المكانية وهو متعلق بمحذوف خبر مقدم و{ذكراهم} مبتدأ مؤخر أي أنى لهم التذكّر وجملة {إذا} وما بعدها اعتراض وجواب إذا محذوف تقديره كيف يتذكرون ويجوز أن يكون المبتدأ محذوفا أي أنّى لهم الخلاص ويكون {ذكراهم} فاعلا لجاءتهم. {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وللْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ} الفاء الفصيحة لأنها أفصحت عن شرط مقدّر أي إذا علمت سعادة المؤمنين وشقاوة الكافرين فاثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية فإنه وحده المجدي يوم القيامة وعلى التواضع وهضم النفس باستغفار ذنبك وذنوب من يؤمنون برسالتك وأن وما في حيزها سدّت مسدّ مفعولي اعلم وأن واسمها وجملة {لا إله إلا اللّه} خبرها وقد تقدم القول مسهبا في إعراب كلمة الشهادة. {واستغفر} فعل أمر و{لذنبك} متعلقان باستغفر {وللمؤمنين والمؤمنات} عطف على {لذنبك}.
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ} الواو استئنافية و{اللّه} مبتدأ وجملة {يعلم} خبر و{متقلبكم} مفعول به. {ومثواكم} عطف على {متقلبكم} ومعناهما متصرفكم ومأواكم وعبارة الزمخشري واللّه يعلم أحوالكم ومتصرفاتكم ومتقلبكم في معايشكم ومتاجركم ويجوز فيهما أن يكون مصدرين ميميين من تقلب وثوى وأن يكونا اسمي مكان أوزمان.

.الفوائد:

جاءت مصادر أحوالا بكثرة في النكرات وفيها شذوذ واحد وهو المصدرية وكان الأصل أن لا تقع أحوالا لأنها غير صاحبها في المعنى ولكنهم لما كانوا يخبرون بالمصادر عن الذوات كثيرا واتساعا نحوزيد عدل فعلوا مثل ذلك لأنها خير من الإخبار كطلع زيد بغتة وجاء ركضا وقتلته صبرا فصبرا وهو أن يحبسه حيّا ثم يرمى حتى يقتل حال من مفعول قتلته وذلك كله على التأويل بالوصف فيؤول بغتة بوصف من باغت لأنها بمعنى مفاجأة أي مباغتا أو من بغت أي باغتا يقال بغتة أي فجأة والبغت الفجأة قال:
ولكنهم كانوا ولم أدر بغتة ** وأعظم شيء حين يفجؤك البغت

ومع كثرة ذلك قال سيبويه والجمهور لا ينقاس مطلقا سواء كان نوعا من العامل أم لا كما لا ينقاس المصدر الواقع نعتا أو خبرا بجامع الصفة المعنوية وقاسه المبرد فيما كان نوعا من العامل فيه لأنه حينئذ يدل على الهيئة بنفسه فأجاز قياسا جاء زيد سرعة لأن السرعة نوع من المجيء ومنع جاء ضحكا لأن الضحك ليس نوعا من المجيء.
قال ابن هشام في الحواشي: وإنما قاسه المبرد ولم يقسه سيبويه لأن سيبويه يرى أنه حال على التأويل ووضع المصدر موضع الوصف لا ينقاس كما أن عكسه لا ينقاس والمبرد يرى أنه مفعول مطلق حذف عامله لدليل فهو عنده مقيس كما يحذف عامل سائر المفاعيل لدليل فهذا الخلاف مبني على الخلاف في أنه حال أو مفعول مطلق.
وقال اللقاني التمثيل ببغتة وركضا وصبرا لا يدل على تعيّن ذلك فيها بل يجوز جعلها مفاعيل مطلقة إذ هي نوع من عاملها فهي كرجع القهقرى.
وقاس ابن مالك في التسهيل وابنه في شرح الألفية الحال بعد أما نحو أما علما فعالم والأصل في هذا أن رجلا وصف عنده شخص بعلم أو غيره فقال للواصف أما علما فعالم أي مهما يذكر شخص في حال علم فالمذكور عالم كأنه منكر ما وصف به من غير العلم فصاحب الحال على هذا التقدير نائب الفاعل ويذكر ناصب الحال لما تقرر أن العامل في صاحب الحال هو العامل في الحال ويجوز أن يكون ناصب الحال ما بعد الفاء إذا كان صالحا للعمل فيما قبلها وصاحبها ما فيه من ضمير الحال والحال على هذا مؤكدة والتقدير مهما يكن من شيء فالمذكور في حال علم فلوكان ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها تعين أن يكون منصوبا بفعل الشرط المقدر بعد أما نحوأما علما فلا علم له وأما علما فإن له علما وأما علما فهو ذوعلم لأن المصدر يعمل في متقدم فلوكان المصدر التالي أما معرّفا بأل فهو عند سيبويه مفعول له. وذهب الأخفش إلى أن المعرّف بأل والمنكر كليهما بعد أما مفعول مطلق. وذهب الكوفيون إلى أنهما مفعول به بفعل مقدّر والتقدير مهما تذكر علما فالذي وصفت عالم قال ابن مالك في شرح التسهيل: وهذا القول عندي أولى بالصواب. وأحقّ ما اعتمد عليه في الجواب وقاسه ابن مالك وابنه أيضا بعد خبر شبّه به مبتدؤه كزيد زهير شعرا فزهير بالتصغير خبر شبّه به مبتدؤه وهو زيد والتقدير مثل زهير في الشعر وإنما حذف مثل ليزو ل لفظ التشبيه فيكون الكلام أبلغ وشعرا حال في تقدير الصفة أي شاعرا والعامل فيها ما في زهير من معنى الفعل إذ معناه مجيد وصاحب الحال ضمير مستتر في زهير لما تقرر من أن الجامد المؤول بالمشتق يتحمل الضمير ويجوز أن يكون شعرا تمييزا لما انبهم في مثل المحذوقة وهي العاملة فيه قاله الخصاف في الإيضاح واستظهره أبو حيان في الارتشاف وابن هشام في المغني ورجحه اللقاني والأظهر أنه تمييز محول عن الفاعل والأصل زيد مماثل شعره شعر زهير.
وقاساه أيضا بعد الخبر المقرون بأل الدالّة على الكمال نحو: أنت الرجل علما فعلما حال والعامل فيها ما في الرجل من معنى الفعل إذ معناه الكامل. وفي الخاطريات لابن جنّي أنت الرجل فهما وأدبا يحتمل وجهين أحدهما أن يكون في قولك أنت الرجل معنى الفعل أي أنت الكامل فهما وأدبا والثاني أن يكون على معنى تفهم فهما وتأدب أدبا وقال أبو حيان في الارتشاف يحتمل عندي أن يكون تمييزا كأنه قال أنت الكامل أدبا أي أدبه فهو محول عن الفاعل فتحصل فيه ثلاثة اراء: حال ومفعول مطلق وتمييز ويتحصل من الخلاف في المصدر المنصوب أقوال:
1- مذهب سيبويه إن المصدر هو الحال.
2- مذهب المبرد والأخفش أنه مفعول مطلق غير منصوب بالعامل قبله وإنما عامله المحذوف من لفظه وذلك المحذوف هو الحال.
3- مذهب الكوفيين أنه مفعول مطلق وعامله الفعل المذكور وليس في موضع الحال.
4- وذهب جماعة إلى أنه مصدر على حذف مضاف وتقدير جاء ركضا جاء ذا ركض.
وعلى القول بالحالية مذاهب:
1- مذهب سيبويه: عدم القياس.
2- وذهب المبرد إلى قياسه فيما كان نوعا من عامله.
3- وقاسه ابن مالك وابنه في ثلاث مسائل:
أ: بعد إما.
ب: وبعد خبر شبه به مبتدؤه.
ج: وفيما إذا كان الخبر مقرونا بأل الدالّة على الكمال.

.[سورة محمد: الآيات 20- 28]:

{وَيَقول الَّذِينَ آمنوا لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأولى لَهُمْ (20) طاعَةٌ وَقول مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فلو صدقوا اللَّهَ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوليْتُم أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (22) أولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصارَهُمْ (23) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سول لَهُمْ وَأَمْلى لَهُمْ (25) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالوا لِلَّذِينَ كَرِهوا ما نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (26) فَكَيْفَ إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ (27) ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ (28)}.

.الإعراب:

{وَيَقول الَّذِينَ آمنوا لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} كلام مستأنف لبيان موقف المؤمنين الصادقين والمنافقين من الجهاد فقد سأل المؤمنون ربهم عزّ وجلّ أن ينزل على رسوله صلى الله عليه وسلم سورة يأمرهم فيها بقتال الكفّار حرصا منهم على الجهاد ونيل ما أعدّ اللّه للمجاهدين من جزيل الثواب فحكى اللّه عنهم ذلك. {ويقول} فعل مضارع و{الذين} فاعله وجملة {آمنوا} صلة و{لولا} حرف تحضيض بمعنى هلّا و{نزلت} فعل ماض مبني للمجهول و{سورة} نائب فاعل.
{فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأولى لَهُمْ} الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة {أنزلت} في محل جر بإضافة الظرف إليها وهو فعل ماض مبني للمجهول و{سورة} نائب فاعل و{محكمة} صفة أي مبينة غير متشابهة لا تحتمل وجها إلا وجوب القتال. وعن قتادة كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة لأن النسخ لا يرد عليها. وذكر عطف على {أنزلت} و{فيها} متعلقان بذكر و{القتال} نائب فاعل وجملة {رأيت} لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم و{الذين} مفعول به و{في قلوبهم} خبر مقدم و{مرض} مبتدأ مؤخر والجملة الاسمية لا محل لها لأنها صلة الموصول و{ينظرون} فعل مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة في محل نصب حال إن كانت الرؤية بصرية ومفعول به ثان إن كانت الرؤية قلبية وكلا الوجهين مراد في الآية و{إليك} متعلقان بينظرون و{نظر المغشي} مفعول مطلق مؤكد و{عليه} متعلقان بالمغشي لأنه اسم مفعول و{من الموت} متعلقان بالمغشي أيضا. {فأولى} الفاء استئنافية وأولى لهم قال الجوهري: تقول العرب أولى لك تهديد ووعيد ثم اختلف اللغويون والمعربون في هذه اللفظة فقال الأصمعي إنها فعل ماض بمعنى قاربه ما يهلكه والأكثرون أنها اسم ثم اختلف هؤلاء فقيل مشتق من الولي وهو القرب وقيل من الويل. هذا ما يتعلق باشتقاقه ومعناه وأما الإعراب فإن قلنا باسميته ففيه أوجه أحدها أنه مبتدأ ولهم خبره وتقديره فالهلاك لهم واقتصر عليه أبو البقاء. والثاني أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره العقاب أو الهلاك أولى لهم أي أقرب وأدنى. ويجوز أن تكون اللام بمعنى الباء أي أولى وأحق بهم الثالث أنه مبتدأ ولهم يتعلق به واللام بمعنى الباء وطاعة خبره والتقدير فأولى بهم طاعة دون غيرها وإن قلنا بقول الأصمعي فهو فعل ماض وفاعله مضمر يدل عليه السياق كأنه قيل فأولى هو أي الهلاك وهذا ظاهر عبارة الزمخشري حيث قال معناه الدعاء عليهم بأن يليهم الهلاك وقال المبرد يقال لمن هم بالغضب ثم أفلت أولى لك أي قاربك الغضب. وقال أبو حيان: قال صاحب الصحاح: قول العرب أولى لك تهديد وتوعيد ومنه قول الشاعر: