فصل: قال القنوجي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال: «من دخل دار فلان فهو امن».
وفي الوقت نفسه قتل جماعة من الأسرى. وقال: «اقتلوهم وإن تعلقوا بأستار الكعبة»
وقتل يهود بني قريظة نزولا على حكم سعد بن معاذ. وكانوا قد رضوا حكمه. ومنّ على واحد منهم. وفادى بالمال والمسلمين. وترى أنّ كلّ ذلك قد كان تبعا للمصلحة الحربية. وقد أرشد اللّه تعالى في القرآن الكريم إلى أنّ المصلحة الحربية فوق كلّ اعتبار. انظر إلى قوله تعالى: {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخرة وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67)} [الأنفال: 67] فقد عاتب اللّه نبيه على اتخاذ الأسرى قبل أن تقوى شوكة الإسلام. وقبل أن يتمّ خذلأن العدو وقهره.
وقد يكون في إباحة الأسر قبل الغلبة تقوية قلوب الأعداء. إذ يقولون: ما دمنا سنكون أحياء نأكل ونشرب. فما لنا نخضع لدعوتهم. فيستمرّون في مناوشة المسلمين. ومداومة حربهم كلّ يوم. أما إذا علموا أنّه لا هو ادة في الحرب. وأنهم مقتولون إن لم يؤمنوا. وأنهم لا ملجأ لهم من اللّه إلا إليه أسلموا. وقبلوا الدعوة. أوأسلموا أمورهم. وانقادوا. وذلوا. فلا يقومون بحرب. ولا يقلقون راحة المسلمين. فما لنا لا نوادعهم. ونأسر منهم. فنسترقّ. ونمنّ. ونفادي. فانظر عظمة الإسلام ومكارمه.
وقد جاء القرآن بالترخيص في هذا صريحا في الآية التي معنا.
والقول بالنسخ لا حاجة إليه. وقواعد النسخ تأباه. إذ النسخ مشروط- بعد المعارضة- بعدم إمكان الجمع بعد ثبوت التأخر في الناسخ. والتقدم في المنسوخ.
وحيث إنه لا معارضة فإنّ لنا أن نقول: إنّ آيات القتال كانت في أولئك الذين كانوا حربا على المسلمين. وأخرجوهم من ديارهم. وظاهروا على إخراجهم. وعاهدوا. ونقضوا عهدهم. أونقول: إن المصلحة الحربية والتمكين لقاعدة المسلمين (جزيرة العرب) ألا يبقى فيها دينان. قضت بالقتل حتى تطهر الجزيرة.
انظر إلى قول اللّه تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28].
وبعد فإنّا نرى أن يفوّض إلى أهل الذكر والبصر بالحرب أمر الحرب. ووضع خططها. والتصرف في الأسرى وغيرهم. بحسب ما تقضي المصلحة الحربية. فإن رأوا إبادتهم خيرا أبادوهم. وإن رأوا استرقاقهم استرقوهم. وإن رأوا المفاداة بالمال وبالأسرى فعلوا. فيترك لهم أمر تقدير المصلحة.
وما نحسبنا مخطئين إذا قلنا: إنّ الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم من الأعمال المختلفة كان نزولا على مقتضى المصلحة. ولذلك نراه كان يجتهد في تعرّف وجوه المصلحة. فيستشير أبا بكر وعمر. ويختلف أبو بكر وعمر. ويجيء القرآن مؤيدا لأحد الرأيين. وكذلك نزوله على تحكيم سعد بن معاذ. ولوكان الأمر أمر خطة مرسومة. وحدا لا يتخطّى. لما كان هناك معنى للاستشارة. ولا للنزول على الرضا بالتحكيم ولما خالف في الحرب الواحدة بين أسير وأسير. فقتل هذا ومنّ على غيره. فالمصلحة العامة وحدها هي المحكّمة. وهي الخطة التي تتّبع في الحروب. خصوصا والحرب مكر وخديعة. وما دامت مكرا وخديعة فليترك للماكرين وضع خطط المكر والخديعة. ولا يرسم لهم كيف يمكرون. وإلا ما كانوا ماكرين.
قال اللّه تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرسول ولا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (33)}.
إطاعة اللّه ورسوله امتثال أوامرهما واجتناب نواهيهما.
وقد نهى اللّه المؤمنين في الآية الكريمة عن إبطال أعمالهم. وذلك يدل بظاهره على أنّ من شرع نافلة. ثم أراد تركها. ليس له ذلك.
واختلف العلماء:
فذهب الشافعي رحمه اللّه إلى أنّ له ذلك. قال الشافعي هو تطوّع: و(المتطوّع أمير نفسه) وإلزامه إياه مخرج عن وصف التطوع {ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: 91].
وذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنه ليس له ذلك. وقال المالكية والحنفية: هو أمير نفسه. ولا سبيل عليه قبل أن يشرع. أمّا إذا شرع فقد ألزم نفسه. وعقد عزمه على الفعل. فوجب عليه أن يؤدي ما التزم. وأن يوفي بما عقد {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1] واللّه أعلم. اهـ.

.قال القنوجي:

سورة محمد صلّى اللّه عليه واله وسلّم آياتها تسع وثلاثون. وقيل: ثمان وثلاثون آية.
وتسمى سورة القتال. وسورة الذين كفروا.
وهي مدنيّة. قال الماوردي: في قول الجميع إلا ابن عباس وقتادة فإنهما قالا: إلا آية نزلت منها بعد حجة الوداع حيث خرج من مكة وجعل ينظر إلى البيت وهو يبكي حزنا فنزل قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ} [محمد: 13].
وقال الثعلبي: إنها مكية. وهو غلط من القول. فالسورة مدنيّة كما لا يخفى.

.الآية الأولى:

{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ ولويَشاءُ اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ ولكن لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (4)}.
{فَشُدُّوا الْوَثاقَ}: بالفتح. وتجيء بالكسر. اسم الشيء الذي يوثق به كالرباط.
والمعنى إذا بالغتم في قتلهم فأسروهم واحفظوهم بالوثاق.
{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً} أي فإما أن تمنوا عليهم بعد الأسر منا أوتفدوا فداء.
والمن: الإطلاق بغير عوض.
والفداء: ما يفدي به الأسير نفسه من الأسر. ولم يذكر القتل هنا اكتفاء بما تقدم. وإنما قدم المن على الفداء لأنه من مكارم الأخلاق. ولهذا كانت العرب تفتخر به:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم ** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم

ثم ذكر سبحانه الغاية لذلك فقال: {حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها}.
أوزار الحرب: الاتها التي لا تقوم إلا بها من السلاح والكراع. أسند الوضع إليها وهو لأهلها على طريق المجاز.
والمعنى أن المسلمين مخيرون بين تلك الأمور إلى غاية. هي أن لا يكون حرب مع الكفار.
وقال مجاهد: المعنى حتى لا يكون دين غير دين الإسلام. وبه قال الحسن والكلبي.
وقال الكسائي: حتى يسلم الخلق.
قال الفراء: حتى يؤمنوا ويذهب الكفر. وقيل: المعنى حتى يضع الأعداء المحاربون أوزارهم وهو سلاحهم بالهزيمة أو الموادعة.
وروي عن الحسن وعطاء أنهما قالا: في الآية تقديم وتأخير. والمعنى: فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها. فإذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق.
وقد اختلف العلماء في هذه الآية: هل هي محكمة؟ أو منسوخة؟
فقيل: إنها منسوخة في أهل الأوثان. وأنه لا يجوز أن يفادوا ولا يمن عليهم. والناسخ لها قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] وقوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57]. وقوله: {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36]. وبهذا قال قتادة والضحاك والسدي وابن جريج وكثير من الكوفيين.
قالوا: والمائدة آخر ما نزل. فوجب أن يقتل كل مشرك إلا من قامت الدلالة على تركه كالنساء والصبيان. ومن يؤخذ منه الجزية. وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة.
وقيل: إن هذه الآية ناسخة لقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]. روي ذلك عن عطاء وغيره.
وقال كثير من العلماء: إن الآية محكمة وإن الإمام مخير بين القتل والأسر. وبعد الأسر مخير بين المن والفداء. وبه قال مالك والشافعي والثوري والأوزاعي وأبوعبيد وغيرهم وهذا هو الراجح. لأن النبي صلّى اللّه عليه واله وسلّم والخلفاء الراشدين من بعده فعلوا ذلك.
وقال سعيد بن جبير: لا يكون فداء ولا أسر إلا بعد الإثخان والقتل بالسيف لقوله: {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67]. فإذا أسر بعد ذلك فللإمام أن يحكم بما راه من قتل أو غيره.

.الآية الثانية:

{فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ولنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (35)}.
{فَلا} تَهِنُوا: أي لا تضعفوا عن القتال.
والوهن: الضعف.
{وَتَدْعُوا}: أي الكفار.
{إِلَى السَّلْمِ}: أي الصلح. ابتداء منكم فإن ذلك لا يكون إلا عند الضعف.
قال الزجاج: منع اللّه المسلمين المؤمنين أن يدعوا الكفار إلى الصلح وأمرهم بحربهم حتى يسلموا.
واختلف أهل العلم في هذه الآية: هل هي محكمة؟ أو منسوخة؟ فقيل: إنها محكمة وناسخة لقوله: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها} [الأنفال: 61]. وقيل: منسوخة بهذه الآية. ولا يخفى عليك أن لا مقتضى للقول بالنسخ. فإن اللّه سبحانه نهى المسلمين في هذه الآية أن يدعوا إلى السّلم ابتداء ولم ينه عن قبو ل السّلم إذا جنح إليها المشركون. فالآيتان محكمتان ولم تتواردا على محل واحد حتى يحتاج إلى دعوى النسخ أو التخصيص.
وجملة: {وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ}: مقررة لما قبلها من النهي. أي وأنتم الغالبون بالسيف والحجة.
قال الكلبي: أي آخر الأمر لكم وإن غلبوكم في بعض الأوقات.
وكذا قوله: {وَاللَّهُ مَعَكُمْ}: أي بالنصر والمعونة عليهم. اهـ.

.من مجازات القرآن في السورة الكريمة:

.قال ابن المثنى:

سورة محمّد صلوات اللّه عليه:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{وَأَصْلَحَ بالَهُمْ} (2) حالهم.
{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ} (4) كقول العرب: يا نفسى صبرا.
قال حرىّ بن ضمرة بن ضمرة النّهشلىّ:
يا نفس صبرا على ما كان من مضض ** إذ لم أجد لفضول القول أقرآنا

ولغة بنى تميم يا نفس ويا عين. في موضع يا نفس اصبري..
{فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً} (4) نصبهما لأنهما في موضع فعلهما مجازها فإما أن تمنّوا وإما أن تفادوا مثل سقيا ورعيا إنما هو سقيت ورعيت مثل قولك: مهلا للأنثى والذكر والاثنين والجميع وهى في موضع أمهل وقد فعلوا هذا في غير مصدر أمروا به..
{عَرَّفَها لَهُمْ} (6) بيّنها لهم وعرفهم منازلهم.
{بِأَنَّ اللَّهَ مولى الَّذِينَ آمنوا} (11) ولىّ الذين آمنوا..
{مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسن} (15) الاسن المتغير الريح يقال: قد أسن ماء ركيّتك..
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ} (16) من هاهنا في موضع جميع..
{فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها} (18) أعلامها وإنما سمى الشّرط فيما نرى لأنهم أعلموا أنفسهم وأشراط المال صغار الغنم وشراره قال جرير:
تساق من المعزى مهور نسائهم ** وفى شرط المعزى لهنّ مهور

{سول لَهُمْ} (25) زيّن لهم..
{فِي لَحْنِ القول} (30) في فحوى القول. يقال: فلان ألحن بحجته من فلان..
{حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ} (31) حتى نميّز.
{فَلا تَهِنُوا} (35) وهن يهن.
{ولنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ} (35) لن ينقصكم لن يظلمكم وترتنى حقى ظلمتنى..
{فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا} (37) يقال: أحفانى بالمسألة وألحف علىّ وألحّ قال أبو الأسود: لن تمنع السائل الحفي بمثل المنع الحامس. اهـ.

.قال الشريف الرضي:

ومن السورة التي يذكر فيها محمد صلّى اللّه عليه وعلى إله وسلّم:

.[سورة محمد: آية 4]:

{فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ذلِكَ ولويَشاءُ اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ ولكن لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (4)}.
قوله سبحانه: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها} وهذه استعارة. والمراد بالأوزار هاهنا الأثقال. وهى الة الحرب وعتادها. من الدروع. والمغافر. والرماح. والمناصل وما يجرى هذا المجرى. لأن جميع ذلك ثقل على حامله. وشاقّ على مستعمله.
وعلى هذا قول الأعشى:
وأعددت للحرب أوزارها ** رماحا طوالا وخيلا ذكورا

ومن نسج داود موضونة ** تساق مع الحي عيرا فعيرا

والمراد بذلك في الظاهر: الحرب. وفى المعنى: أهل الحرب. لأنهم الذين يصحّ وصفهم بحمل الأثقال ووضعها. ولبس الأسلحة ونزعها.

.[سورة محمد: آية 21]:

{طاعَةٌ وَقول مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فلو صدقوا اللَّهَ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)}.
وقوله سبحانه: {فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فلو صدقوا اللَّهَ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ} [21].
وهذه استعارة. لأن العزم لا يوصف بحقيقته إلا الإنسان المميز الذي يوطّن النفس على فعل الأمر قبل وقته. عقدا بالمشيئة على فعله. فيصح أن يسمّى عازما عليه. وإنما قال تعالى: {عَزَمَ الْأَمْرُ} مجازا. أي قويت العزائم على فعله. فصار كالعازم في نفسه.
وقال بعضهم: معنى عزم الأمر. أي جدّ الأمر. ومنه قول النابغة الذبياني:
حياك ود فأنا لا يحلّ لنا ** لهوالنساء لأن الدين قد عزما

أي استحكم وجدّ. وقوى واشتدّ.

.[سورة محمد: آية 24]:

{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (24)}.
وقوله سبحانه: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها} [24] وهذه استعارة. والمراد: أم قلوبهم كالأبواب المقفلة. لا تنفتح لوعظ واعظ. ولا يلج فيها عذل عاذل. وفى لغة العرب أن يقول القائل إذا وصف نفسه بضيق الصدر. وتشعّب الفكر: