فصل: قال الشوكاني في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفُرع على الإخبار بإهلاك الله إياهم الإخبارُ بانتفاء جنس الناصر لهم. أي المنقذ لهم من الأهلاك.
والمقصود: التذكير بأن أمثال هؤلاء المشركين لم يجدوا دافعًا يدفع عنهم الأهلاك. وذلك تعريض بتأييس المشركين من إلفاء ناصر ينصرهم في حربهم للمسلمين قطعًا لما قد يخالج نفوس المشركين أنهم لا يغلبون لتظاهر قبائل العرب معهم. ولذلك حزبوا الأحزاب في وقعة الخندق.
وضمير {لهم} عائد إلى {من قرية} لأن المراد بالقرى أهلها.
والمعنى: أهلكناهم إهلاكًا لا بقاء معه لشيء منهم لأن بقاء شيء منهم نصر لذلك الباقي بنجاته من الأهلاك.
واسم الفاعل في قوله: {فلا ناصر} مراد به الجنس لوقوعه بعد (لا) النافية للجنس فلذلك لا يقصد تضمنه لزمن مَّا لأنه غير مراد به معنى الفعل بل مجرد الاتصاف بالمصدر فتمحض للاسمية. ولا التفات فيه إلى زمن من الأزمنة الثلاثة. ولذا فمعنى {فلا ناصر لهم}: فلم ينصرهم أحد فيما مضى.
ولا حاجة إلى إجراء ما حصل في الزمن الماضي مجرى زمن الحال. وقولهم اسم الفاعل حقيقة في الحال جرى على الغالب فيما إذا أريد به معنى الفعل.
وقرأ الجمهور: {وكأيِّن} بهمزة بعد الكاف وبتشديد الياء.
وقرأه ابن كثير بألف بعد الكاف وتخفيف الياء مكسورة وهي لغة.
{أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهواءَهُمْ (14)}.
تفريع على جملة {أهلكناهم فلا ناصر لهم} [محمد: 13] لتحقيق أنهم لا ناصر لهم تحقيقًا يرجع إلى ما في الكلام من المعنى التعريضي فهو شبيه بالاستئناف البياني جاء بأسلوب التفريع.
ويجوز مع ذلك أن يكون مفرَّعًا على ما سبق من قوله: {إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات} [محمد: 12] الآية. فيكون له حكم الاعتراض لأنه تفريع على اعتراض.
وهذا تفنن في تلوين الكلام لتجديد نشاط السامعين هو من الأساليب التي ابتكرها القرآن في كلام العرب.
والاستفهام مستعمل في إنكار المماثلة التي يقتضيها حرف التشبيه.
والمقصود من إنكار المشابهة بين هؤلاء وهؤلاء هو تفضيل الفريق الأول. وإنكار زعم المشركين أنهم خير من المؤمنين كما ظهر ذلك عليهم في مواطن كثيرة كقولهم: {لوكان خيرًا ما سبقونا إليه} [الأحقاف: 11] {وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون} [المطففين: 32] {فاتخذتموهم سُخريًا حتى أنسوكم ذِكري وكنتم منهم تضحكون} [المؤمنون: 110].
والمراد بالموصولين فريقان كما دل عليه قوله في أحدهما {واتبعوا أهواءهم}.
والبينة: البرهان والحجة. أي حجة على أنه محق.
و{مِن} ابتدائية. وفي التعبير بوصف الرب وإضافته إلى ضمير الفريق تنبيه على زلفى الفريق الذي تمسك بحجة الله.
ومعنى وصف البينة بأنها من الله: أن الله أرشدهم إليها وحرّك أذهانهم فامتثلوا وأدركوا الحق. فالحجة حجة في نفسها وكونها من عند الله تزكية لها وكشف للتردّد فيها وإتمام لدلالتها. كما يظهر الفرق بين أخذ العلم عن متضلع فيه وأخذه عن مستضعف فيه وإن كان مصيبًا.
و(عَلى) للاستعلاء المجازي الذي هو بمعنى التمكن كما في قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم} في سورة البقرة (5).
وهذا الفريق هم المؤمنون وهم ثابتون على الدين واثقون بأنهم على الحق.
فلا جرم يكون لهم الفوز في الدنيا لأن الله يسّر لهم أسبابه فإن قاتلوا كانوا على ثقة بأنهم على الحق وأنهم صائرون إلى إحدى الحسنيين فقويت شجاعتهم. وإن سالموا عُنوا بتدبير شأنه وما فيه نفع الأمة والدين فلم يَألوا جهدًا في حسن أعمالهم. وذلك من آثار أن الله أصلح بالهم وهداهم.
والفريق الذين زيّن له سوء عمله هم المشركون. فإنهم كانوا في أحوال السُوأى من عبادة الأصنام والظلم والعدوان وارتكاب الفواحش. فلما نبههم الله لفساد أعمالهم بأن أرسل إليهم رسولا بين لهم صالح الأعمال وسيئاتها لم يدركوا ذلك ورأوا فسادهم صلاحًا فتزينت أعمالهم في أنظارهم ولم يستطيعوا الإقلاع عنها وغَلب إلفُهم وهو اهم على رأيهم فلم يعبأوا باتباع ما هو صلاح لهم في العاجل والاجل. فذلك معنى قوله: {كمن زُيّن له سوء عمله واتبعوا أهواءهم} بإيجاز.
وبني فعل {زُيّن} للمجهول ليشمل المزيّنين لهم من أئمة كفرهم. وما سولته لهم أيضًا عقولهم الافنة من أفعالهم السيئة اغترارًا بالإلف أواتباعًا للذات العاجلة أولجلب الرئاسة. أي زَيَّن له مُزيّنَ سوءَ عمله. وفي هذا البناء إلى المجهو ل تنبيه لهم أيضًا ليرجعوا إلى أنفسهم فيتأمّلوا فيمن زيّن لهم سوء أعمالهم.
ولما كان تزيين أعمالهم لهم يبعثهم على الدأب عليها كان يتو لد من ذلك إلفهم بها وو لعهم بها فتصير لهم أهواء لا يستطيعون مفارقتها أعقب بقوله: {واتبعوا أهواءهم}.
والفرق بين الفريقين بَيّن للعاقل المتأمل بحيث يحق أن يُسأل عن مماثلة الفريقين سُؤال من يعلم انتفاء المماثلة ويُنكِر على من عسى أن يزعمها.
والمراد بانتفاء المماثلة الكناية عن التفاضل. والمقصود بالفضل ظاهر وهو الفريق الذي وقع الثناء عليه. اهـ.

.قال الشوكاني في الآيات السابقة:

قوله: {الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله}.
هم كفار قريش كفروا بالله. وصدّوا أنفسهم وغيرهم عن سبيل الله. وهودين الإسلام بنهيهم عن الدخول فيه. كذا قال مجاهد. والسديّ.
وقال الضحاك: معنى {عن سبيل الله}: عن بيت الله بمنع قاصديه.
وقيل: هم أهل الكتاب. والموصول مبتدأ. وخبره {أَضَلَّ أعمالهم} أي: أبطلها وجعلها ضائعة.
قال الضحاك: معنى {أَضَلَّ أعمالهم}: أبطل كيدهم ومكرهم بالنبيّ صلى الله عليه وسلم. وجعل الدائرة عليهم في كفرهم.
وقيل: أبطل ما عملوه في الكفر مما كانوا يسمونه مكارم أخلاق: من صلة الأرحام. وفكّ الأسارى وقري الأضياف. وهذه وإن كانت باطلة من أصلها. لكن المعنى: أنه سبحانه حكم ببطلانها.
ولما ذكر فريق الكافرين أتبعهم بذكر فريق المؤمنين. فقال: {والذين ءآمنوا وَعَمِلُواْ الصالحات وَءآمنوا بِمَا نُزّلَ على مُحَمَّدٍ} ظاهر هذا العموم. فيدخل تحته كل مؤمن من المؤمنين الذين يعملون الصالحات. ولا يمنع من ذلك خصوص سببها؛ فقد قيل: إنها نزلت في الأنصار. وقيل: في ناس من قريش. وقيل: في مؤمني أهل الكتاب. ولكن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وخص سبحانه الإيمان بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم بالذكر مع اندراجه تحت مطلق الإيمان المذكور قبله تنبيهًا على شرفه وعلومكانه. وجملة: {وهو الحق مِن رَّبّهِمْ} معترضة بين المبتدأ. وهو قوله: {والذين ءآمنوا}. وبين خبره. وهو قوله: {كَفَّرَ عَنْهُمْ سيئاتهم} ومعنى كونه الحق: أنه الناسخ لما قبله. وقوله: {مّن رَّبّهِم} في محل نصب على الحال. ومعنى {كَفَّرَ عَنْهُمْ سيئاتهم} أي: السيئات التي عملوها فيما مضى فإنه غفرها لهم بالإيمان. والعمل الصالح {سيئاتهم وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} أي: شأنهم وحالهم.
قال مجاهد: شأنهم. وقال قتادة: حالهم.
وقيل: أمرهم. والمعاني متقاربة.
قال المبرد: البال: الحال ها هنا.
قيل والمعنى: أنه عصمهم عن المعاصي في حياتهم. وأرشدهم إلى أعمال الخير. وليس المراد إصلاح حال دنياهم من إعطائهم المال. ونحوذلك. وقال النقاش: إن المعنى: أصلح نياتهم. ومنه قول الشاعر:
فإن تقبلي بالودّ أقبل بمثله ** وإن تدبري أذهب إلى حال باليا

والإشارة بقوله: {ذلك} إشارة إلى ما مرّ مما أو عد به الكفار. ووعد به المؤمنين. وهو مبتدأ خبره ما بعده. وقيل: إنه خبر مبتدأ محذوف أي: الأمر ذلك بسبب إِنَّ الذين كَفَرُواْ اتبعوا الباطل وَأَنَّ الذين ءآمنوا اتبعوا الحق مِن رَّبّهِمْ. فالباطل: الشرك. والحق: التوحيد والإيمان. والمعنى: أن ذلك الإضلال لأعمال الكافرين بسبب اتباعهم الباطل من الشرك بالله والعمل بمعاصيه. وذلك التكفير لسيئات المؤمنين وإصلاح بالهم. بسبب اتباعهم للحقّ الذي أمر الله باتباعه من التوحيد والإيمان. وعمل الطاعات {كَذَلِكَ يَضْرِبُ الله لِلنَّاسِ أمثالهم} أي: مثل ذلك الضرب يبين للناس أمثالهم. أي: أحوال الفريقين الجارية مجرى الأمثال في الغرابة.
قال الزجاج: {كذلك يضرب}: يبين الله للناس أمثال حسنات المؤمنين. وإضلال أعمال الكافرين. يعني: أن من كان كافرًا أضلّ الله عمله. ومن كان مؤمنًا كفر الله سيئاته.
{فَإِذَا لَقِيتُمُ الذين كَفَرُواْ فَضَرْبَ الرقاب} لما بيّن سبحانه حال الفريقين أمر بجهاد الكفار. والمراد بالذين كفروا: المشركين ومن لم يكن صاحب عهد من أهل الكتاب. وانتصاب {ضرب} على أنه مصدر لفعل محذوف.
قال الزجاج: أي: فاضربوا الرقاب ضربًا. وخصّ الرقاب بالذكر؛ لأن القتل أكثر ما يكون بقطعها. وقيل: هو منصوب على الإغراء.
قال أبو عبيدة: هو كقولهم: يا نفس صبرًا. وقيل التقدير: اقصدوا ضرب الرقاب.
وقيل: إنما خصّ ضرب الرقاب؛ لأن في التعبير عنه من الغلظة والشدّة ما ليس في نفس القتل. وهي حزّ العنق. وإطارة العضوالذي هو رأس البدن. علوّه وأحسن أعضائه {حتى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ} أي: بالغتم في قتلهم. وأكثرتم القتل فيهم. وهذه غاية للأمر بضرب الرقاب. لا لبيان غاية القتل. وهو مأخوذ من الشيء الثخين. أي: الغليظ. وقد مضى تحقيق معناه في سورة الأنفال {فَشُدُّواْ الوثاق} الوثاق بالفتح ويجيء بالكسر: اسم الشيء الذي يوثق به كالرباط.
قال الجوهري: وأوثقه في الوثاق أي: شدّه. قال: والوثاق بكسر الوأولغة فيه.
قرأ الجمهور {فشدّوا} بضم الشين. وقرأ السلمي بكسرها.
وإنما أمر سبحانه بشدّ الوثاق؛ لئلا ينفلتوا. والمعنى: إذا بالغتم في قتلهم فأسروهم. وأحيطوهم بالوثاق {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} أي: فإما أن تمنوا عليهم بعد الأسر منا. أوتفدوا فداء. والمنّ: الإطلاق بغير عوض. والفداء: ما يفدي به الأسير نفسه من الأسر. ولم يذكر القتل هنا اكتفاءً بما تقدّم.
قرأ الجمهور {فداءً} بالمد.
وقرأ ابن كثير (فدى) بالقصر. وإنما قدّم المنّ على الفداء. لأنه من مكارم الأخلاق. ولهذا كانت العرب تفتخر به. كما قال شاعرهم:
ولا نقتل الأسرى ولكن نفكهم ** إذا أثقل الأعناق حمل المغارم

ثم ذكر سبحانه الغاية لذلك. فقال: {حتى تَضَعَ الحرب أَوْزَارَهَا} أوزار الحرب التي لا تقوم إلاّ بها من السلاح والكراع. أسند الوضع إليها. وهو لأهلها على طريق المجاز. والمعنى: أن المسلمين مخيرون بين تلك الأمور إلى غاية هي أن لا يكون حرب مع الكفار.
قال مجاهد: المعنى حتى لا يكون دين غير دين الإسلام. وبه قال الحسن. والكلبي.
قال الكسائي: حتى يسلم الخلق.
قال الفراء: حتى يؤمنوا ويذهب الكفر.
وقيل المعنى: حتى يضع الأعداء المحاربون أوزارهم. وهو سلاحهم بالهزيمة. أو الموادعة.
وروي عن الحسن. وعطاء أنهما قالا: في الآية تقديم وتأخير. والمعنى: فضرب الرقاب حتى تضع الحرب أوزارها. فإذا أثخنتموهم. فشدّوا الوثاق.
وقد اختلف العلماء في هذه الآية هل هي محكمة. أو منسوخة؟ فقيل: إنها منسوخة في أهل الأوثان. وإنه لا يجوز أن يفادوا. ولا يمنّ عليهم. والناسخ لها قوله: {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5]. وقوله: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ في الحرب فَشَرّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ} [الأنفال: 57]. وقوله: {وَقَاتِلُواْ المشركين كَافَّةً} [التوبة: 36] وبهذا قال قتادة. والضحاك. والسديّ. وابن جريج. وكثير من الكوفيين. قالوا: والمائدة آخر ما نزل. فوجب أن يقتل كل مشرك إلاّ من قامت الدلالة على تركه من النساء والصبيان. ومن تؤخذ منه الجزية. وهذا هو المشهور من مذهب أبي حنيفة. وقيل: إن هذه الآية ناسخة لقوله: {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5] روي ذلك عن عطاء وغيره.
وقال كثير من العلماء: إن الآية محكمة. والإمام مخيّر بين القتل والأسر. وبعد الأسر مخير بين المنّ والفداء.
وبه قال مالك. والشافعي. والثوري. والأوزاعي. وأبوعبيد وغيرهم.
وهذا هو الراجح؛ لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم. والخلفاء الراشدين من بعده فعلوا ذلك.
وقال سعيد بن جبير: لا يكون فداء ولا أسر إلاّ بعد الإثخان والقتل بالسيف لقوله: {مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أسرى حتى يُثْخِنَ فِي الأرض} [الأنفال: 67] فإذا أسر بعد ذلك. فللإمام أن يحكم بما راه من قتل أو غيره.
{ذلك ولويَشَاء اللَّهُ لأنتَصَرَ مِنْهُمْ} محل ذلك الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف. أي: الأمر ذلك. وقيل: في محل نصب على المفعولية بتقدير فعل. أي: افعلوا ذلك. ويجوز أن يكون مبتدأ. وخبره محذوف يدلّ عليه ما تقدّم. أي: ذلك حكم الكفار. ومعنى {لَّويَشَاء الله لأنتَصَرَ مِنْهُمْ}. أي: قادر على الأنتصار منهم بالأنتقام منهم وإهلاكهم. وتعذيبهم بما شاء من أنواع العذاب {ولكن} أمركم بحربهم {لّيَبْلُوبَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} أي: ليختبر بعضكم ببعض. فيعلم المجاهدين في سبيله. والصابرين على ابتلائه ويجزل ثوابهم. ويعذب الكفار بأيديهم.
{والذين قُتِلُواْ في سَبِيلِ الله} قرأ الجمهور: {قاتلوا} مبنيًا للفاعل. وقرأ أبو عمرو. وحفص: {قتلوا} مبنيًا للمفعول. وقرأ الحسن بالتشديد مبنيًا للمفعول أيضًا.
وقرأ الجحدري. وعيسى بن عمر. وأبو حيوة: {قتلوا} على البناء للفاعل مع التخفيف من غير ألف. والمعنى على القراءة الأولى. والرابعة: أن المجاهدين في سبيل الله ثوابهم غير ضائع. وعلى القراءة الثانية والثالثة: أن المقتو لين في سبيل الله كذلك لا يضيع الله سبحانه أجرهم.
قال قتادة: ذكر لنا أن هذه الآية نزلت يوم أحد.
ثم ذكر سبحانه ما لهم عنده من جزيل الثواب فقال: {سَيَهْدِيهِمْ} أي: سيهديهم الله سبحانه إلى الرشد في الدنيا. ويعطيهم الثواب في الآخرة {وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ} أي: حالهم وشأنهم وأمرهم.
قال أبو العالية: قد ترد الهداية. والمراد بها: إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان. والطريق المفضية إليها. وقال ابن زياد: يهديهم إلى محاجة منكر ونكير {وَيُدْخِلُهُمُ الجنة عَرَّفَهَا لَهُمْ} أي: بيّنها لهم حتى عرفوها من غير استدلال. وذلك أنهم إذا دخلوا الجنة تفرّقوا إلى منازلهم.