فصل: قال أبو السعود في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال كعب. ومحمد بن كعب. وأبو العالية. والكلبي: إن توليتم. أي أمور الناس من الولاية؛ ويشهد لها قراءة {وليتم} مبنيًا للمفعول.
وعلى هذا قيل: نزلت في بني هاشم وبني أمية.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم: {إن توليتم}؛ بضم التاء والواو وكسر اللام. وبها قرأ علي وأويس. أي إن وليتكم ولاية جور دخلتم إلى دنياهم دون إمام العدل.
وعلى معنى إن توليتم بالتعذيب والتنكيل وإقفال العرب في جاهليتها وسيرتها من الغارات والثبات. فإن كانت ثمرتها الإفساد في الأرض وقطيعة الرحم.
وقيل معناه: إن تولاكم الناس: وكلكم الله إليهم؛ والأظهر أن ذلك خطاب للمنافقين في أمر القتال. وهو الذي سبقت الآيات فيه. أي إن أعرضتم عن امتثال أمر الله في القتال.
{وأن تفسدوا في الأرض} بعدم معونة أهل الإسلام. فإذا لم تعينوهم قطعتم ما بينكم وبينهم من صلة الرحم.
ويدل على ذلك {أولئك الذين لعنهم الله}.
فالآيات كلها في المنافقين.
وهذا التوقع الذي في عسى ليس منسوبًا إليه تعالى. لأنه عالم بما كان وما يكون. وإنما هو بالنسبة لمن عرف المنافقين. كأنه يقول لهم: لنا علم من حيث ضياعهم.
هل يتوقع منكم إذا أعرضتم عن القتال أن يكون كذا وكذا؟ وقرأ الجمهور: {تقطعوا}. بالتشديد على التكثير. وأبو عمرو. في رواية. وسلام. ويعقوب. وأبان. وعصمة: بالتخفيف. مضارع قطع؛ والحسن: وتقطعوا. بفتح التاء والقاف على إسقاط حرف الجر. أي أرحامكم. لأن تقطع لازم.
{أولئك} إشارة إلى المرضى القلوب. {فأصمهم} عن سماع الموعظة. {وأعمى أبصارهم} عن طريق الهدى.
وقال الزمخشري: لعنهم الله لإفسادهم وقطعهم الأرحام. فمنعهم ألطافه. وخذلهم حتى عموا. انتهى.
وهو على طريق الاعتزال.
وجاء التركيب: فأصمهم. ولم يأت فأصم اذانهم؛ وجاء: وأعمى أبصارهم. ولم يأت وأعمامهم.
قيل: لأن الأذن لوأصمت لا تسمع الإبصار. فالعين لها مدخل في الرؤية. والأذن لها مدخل في السمع. انتهى.
ولهذا جاء: {وعلى سمعهم} {وجعل لكم السمع} ولم يأت: وعلى اذانهم. ولا يأتي: وجعل لكم الاذان.
وحين ذكر الأذن. نسبت إليه الوقر. وهودون الصمم. كما قال: {وفي اذاننا وقر} {أفلا يتدبرون}: أي يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد العصاة. وهو استفهام توبيخي وتوقيفي على محاربهم.
{أم على قلوبهم أقفالها}: استعارة للذين منهم الإيمان. وأم منقطعة بمعنى بل. والهمزة للتقرير. ولا يستحيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يصل إليها ذكر. ولم يحتج إلى تعريف القلوب. لأنه معلوم أنها قلوب من ذكر.
ولا حاجة إلى تقدير صفة محذوف. أي أم على قلوب أقفالها قاسية.
وأضاف الأقفال إليها. أي الأقفال المختصة. أوهي أقفال الكفر التي استغلقت. فلا تفتح.
وقرىء: إقفالها. بكسر الهمزة. وهو مصدر. وأقفلها بالجمع على أفعل.
{إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى} قال قتادة: نزلت في قوم من اليهود. وكانوا عرفوا أمر الرسول من التوراة. وتبين لهم بهذا الوجه؛ فلما باشروا أمره حسدوه. فارتدوا عن ذلك القدر من الهدى.
وقال ابن عباس وغيره: نزلت في منافقين كانوا أسلموا. ثم ماتت قلوبهم.
والآية تتناول كل من دخل في ضمن لفظها.
وتقدم الكلام على {سول} في سورة يوسف.
وقال الزمخشري: سول لهم ركوب العظائم. من السول. وهو الاسترخاء. وقد اشتقه من السؤل من لا علم له بالتصريف والاشتقاق جميعًا.
انتهى.
وقال أبو علي الفارسي: بمعنى ولا هم من السول. وهو الاسترخاء والتدلي.
وقال غيره: سولهم: رجاهم.
وقال ابن بحر: أعطاهم سؤلهم.
وقول الزمخشري. وقد اشتقه إلى آخِره. ليس بجيد. لأنه توهم أن السول أصله الهمزة.
واختلفت المادتان. أو عين سول واو. وعين السؤل همزة؛ والسول له مادتان: إحداهما الهمز. من سأل يسأل؛ والثانية الواو. من سال يسال.
فإذا كان هكذا. فسول يجوز أن يكون من ذوات الهمز.
وقال صاحب اللوامح: والتسويل أصله من الإرخاء. ومنه: {فدلاهما بغرور} والسول: استرخاء البطن.
وقرأ زيد بن علي: {سول لهم}: أي كيده على تقدير حذف مضاف.
وقرأ الجمهور: {وأملى لهم} مبنيًا للفاعل. والظاهر أنه يعود على الشيطان. وقاله الحسن. وجعل وعده الكاذب بالبقاء. كالإبقاء.
والإبقاء هو البقاء ملاوة من الدهر يمد لهم في الامال والأماني.
قيل: ويحتمل أن يكون فاعل أملى ضميرًا يعود على الله. وهو الأرجح. لأن حقيقة الإملاء إنما هو من الله.
وقرأ ابن سيرين. والجحدري. وشيبة. وأبو عمرو. وعيسى: وأملى مبنيًا للمفعول. أي امهلوا ومدوا في عمرهم.
وقرأ مجاهد. وابن هرمز. والأعمش. وسلام. ويعقوب: وأملي بهمزة المتكلم مضارع أملى. أي وأنا أنظرهم. كقوله: {إنما نملي لهم} ويجوز أن يكون ماضيًا سكنت منه الياء. كما تقول في يعي بسكون الياء.
{ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل}.
وروي أن قومًا من قريظة والنضير كانوا يعينون المنافقين في أمر الرسول. والخلاف عليه بنصره ومؤازرته. وذلك قوله: {سنطيعكم في بعض الأمر}.
وقيل: الضمير في قالوا للمنافقين؛ والذين كرهوا مانزل الله: هم قريظة والنضير؛ وبعض الأمر: قول المنافقين لهم: {لئن أخرجتم لنخرجن معكم} قاله ابن عباس.
وقيل: بعض الأمر: التكذيب بالرسول. أوبلا إله إلا الله. أوترك القتال معه.
وقيل: هو قول الفريقين. اليهود والمنافقين. للمشركين: سنطيعكم في التكافؤ على عداوة الرسول والقعود عن الجهاد معه. وتعين في بعض الأمر في بعض ما يأسرون به. أو في بعض الأمر الذي يهمكم.
وقرأ الجمهور: أسرارهم. بفتح الهمزة. وكانت أسرارهم كثيرة.
وابن وثاب. وطلحة. والأعمش. وحمزة. والكسائي. وحفص: بكسرها: وهو مصدر؛ قالوا ذلك سرًا فيما بينهم. وأفشاه الله عليهم.
وقال أبو عبد الله الرازي: الأظهر أن يقال: والله يعلم أسرارهم. ما في قلوبهم من العلم بصدق محمد عليه السلام. فإنهم كانوا معاندين مكابرين. وكانوا يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم. كما يعرفون أبناءهم. انتهى.
{فكيف إذا توفتهم الملائكة}: تقدم شرح: {الذين في قلوبهم مرض}. ومبلغهم لأجل القتال.
وتقدم قول المرتدين. وما يلحقهم في ذلك من جزائهم على طواعية الكاذبين ما أنزل الله.
وتقدم: {والله يعلم إسرارهم}؛ فجاء هذا الاستفهام الذي معناه التوقيف عقب هذه الأشيئاء.
فقال الطبري: فكيف علمه بها. أي بأسرارهم إذا توفتهم الملائكة؟ وقيل: فكيف يكون حالهم مع الله فيما ارتكبوه من ذلك القول؟ وقرأ الأعمش: توفاهم. بألف بدل التاء. فاحتمل أن يكون ماضيًا ومضارعًا حذفت منه التاء. والظاهر أن وقت التوفي هو عند الموت.
وقال ابن عباس: لا يتوفى أحد على معصيته إلا تضرب الملائكة في وجهه وفي دبره.
والملائكة: ملك الموت والمصرفون معه.
وقيل: هو وقت القتال نصرة للرسول؛ يضرب وجوههم أن يثبتوا؛ وأدبارهم: انهزموا.
والملائكة: النصر.
والظاهر أن يضربون حال من الملائكة؛ وقيل: حال من الضمير في توفاهم. وهو ضعيف.
{ذلك}: أي ذلك الضرب للوجوه والأدبار؛ {بأنهم اتبعوا ما أسخط الله}: وهو الكفر. أوكتمان بعث الرسول. أوتسويل الشيطان. أقوال.
والمتبع الشيء هو مقبل بوجهه عليه. فناسب ضرب الملائكة وجهه.
{وكرهوا رضوانه}: وهو الإيمان بالله واتباع دينه.
والكافر للشيء متو ل عنه. فناسب ضرب الملائكة دبره؛ ففي ذلك مقابلة أمرين بأمرين. اهـ.

.قال أبو السعود في الآيات السابقة:

{وَيَقول الذين ءآمنوا}.
حرصًا منُهم على الجهادِ {لولا نُزّلَتْ سُورَةٌ} أي هلاَّ نزلتْ سورةٌ نؤمرُ فيها بالجهادِ {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا القتال} بطريقِ الأمرِ به أي سورةٌ مبينةٌ لا تشابَه ولا احتمالَ فيها لوجهٍ آخر سوى وجوبِ القتالِ. عن قَتَادَة. كُلُّ سورةٍ فيها ذكرُ القتالِ فهيَ محكمةٌ لم تنسخْ. وقرىء فإذا نزلتْ سورةٌ. وقرىء وذَكَرَ على إسنادِ الفعلِ إلى ضميرِه تعالى ونصبِ القتالِ.
{رَأَيْتَ الذين في قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} أي ضعفٌ في الدينِ وقيل نفاقٌ وهو الأظهرُ الأوفقُ لسياقِ النظمِ الكريمِ.
{يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت} أي تشخصُ أبصارُهم جُبنًا وهلعًا كدأب منْ أصابتْهُ غشيةُ الموتِ {فأولى لَهُمْ} أي فويلٌ لهم وهو أفعلُ من الولي وهو القُربُ وقيلَ مِنْ الَ ومعناهُ الدعاءُ عليهم بأنْ يليهَم المكروُه أو يؤول إليهِ أمرُهم. وقيل هو مُشتقٌ من الويلِ وأصله أو يل نُقلتْ العينُ إلى مَا بعدِ اللامِ فوزنُه أَفْلَعَ.
{طَاعَةٌ وَقول مَّعْرُوفٌ}.
كلامٌ مستأنفٌ أي أمرُهم طاعةٌ الخ. أوطاعةٌ وقول معروفٌ خيرٌ لهم. أو حكاية لقولهم. ويؤيدُه قراءة أُبي: {يقولونَ طاعةٌ وقول معروفٌ} أي أمرُنا ذلكَ {فَإِذَا عَزَمَ الأمر} أَسندَ العزمَ وهو الجِدُّ إلى الأمرِ وهو لأصحابه مجازًا كما في قوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الامور} وعاملُ الظرفِ محذوفٌ أي خالَفُوا وتخلَّفُوا وقيلَ ناقضُوا وقيل كرِهوا وقيلَ هو قوله تعالى: {فلو صدقوا الله} على طريقةِ قولك إذا حضرني طعامٌ فلوجئتني لأطعمتُكَ أي فلوصدقُوه تعالى فيما قالوا من الكلامِ المنبىءِ عن الحرصِ على الجهادِ بالجري على موجبهِ.
{لَكَانَ} أي الصدقُ {خَيْرًا لَّهُمْ} وفيه دلالةٌ على اشتراكِ الكلِّ فيما حُكِيَ عنهم من قوله تعالى: {لولا نُزّلَتْ سُورَةٌ} وقيل: فلوصدقُوه في الإيمانِ وواطأتْ قلوبُهم في ذلك ألسنتَهُم. وأيًَّا ما كان فالمرادُ بهم الذين في قلوبِهم مرضٌ وهم المخاطبون بقوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ} الخ بطريقِ الالتفاتِ لتأكيدِ التوبيخِ وتشديدِ التقريعِ أي هل يُتوقعُ منكم {إِن تَوليْتُم} أمورَ الناسِ وتأمَّرتُم عليهم {أَن تُفْسِدُواْ في الأرض وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} تناحرًا على المُلك وتهالُكًا على الدُّنيا فإن من شاهدَ أحوالَكم الدالَّةَ على الضعفِ في الدِّينِ والحرصِ على الدُّنيا حينَ أُمرتُم بالجهادِ الذي هو عبارةٌ عن إحرازِ كلِّ خيرٍ وصلاحٍ ودفعِ كلِّ شرَ وفسادٍ وأنتم مأمورون شأنُكم الطاعةُ والقول المعروفُ يتوقعُ منكم إذا أطلقتْ أعِنّتُكم وصرتُم امرين ما ذكر من الإفسادِ وقطعِ الأرحامِ. وقيل: إن أعرضتُم عن الإسلامِ أنْ ترجعوا إلى ما كنتُم عليه في الجاهليةِ من الإفسادِ في الأرضِ بالتغأو ر والتناهبِ وقطعِ الأرحامِ بمقاتلةِ بعضِ الأقاربِ بعضًا ووادِ البناتِ. وفيه أن الواقعَ في حيزِ الشرطِ في مثلِ هذا المقامِ لابد أن تكون محذوريتُه باعتبارِ ما يستتبعُه من المفاسدِ لا باعتبارِ ذاتِه. ولا ريبَ في أنَّ الإعراضَ عن الإسلامِ رأسُ كلِّ شرَ وفسادٍ فحقُّه أنْ يجعلَ عمدةً في التوبيخِ لا وسيلةً للتوبيخِ بما دونَهُ من المفاسدِ. وقرىء وليتُم على البناءِ للمفعول أي جُعلتْم ولاةً. وقرىء توليتم أي تولاكم ولاةُ جورٍ خرجتُم معهُم وساعدتمُوهم في الإفسادِ وقطيعةِ الرحمِ.
وقرىء: {وتَقطَّعُوا} من التقطُّعِ بحذفِ إحدى التاءينِ. فانتصابُ أرحامَكم حينئذٍ على نزعِ الجارِّ أي في أرحامِكم. وقرىء وتَقْطَعُوا منَ القطعِ. وإلحاقُ الضميرِ بعسَى لغةُ أهلِ الحجازِ. وأمَّا بنُوتميمٍ فيقولونَ عسى أنْ تفعلَ وعسى أنْ تفعلُوا.
{أولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصَارَهُمْ (23)}.
{أولئك} إشارةٌ إلى المخاطبينَ بطريقِ الالتفاتِ إيذانًا بأنَّ ذكرَ هَنَاتِهم أوجبَ إسقاطَهُم عن رُتبةِ الخطابِ وحكايةَ أحوالِهم الفظيعةِ لغيرِهم. وهو مبتدأٌ خبُرُه {الذين لَعَنَهُمُ الله} أيْ أبعدهُم من رحمتِه {فَأَصَمَّهُمْ} عن استماعِ الحقِّ لتصامِّهم عنْهُ بسوءِ اختيارِهم.
{وأعمى أبصارهم} لتعامِيهم عمَّا يشاهدونَهُ من الآيات المنصوبةِ في الأنفسِ والافاق.
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان} أيْ أَلاَ يلاحظونَهُ ولا يتصفحونَهُ وما فيهِ من المواعظِ والزواجرِ حتَّى لا يقعُوا فيَما وقعُوا فيهِ من الموبقاتِ {أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} فلا يكادُ يصلُ إليها ذكرٌ أصلًا. وأم منقطعةٌ وما فيها من معنى بلْ للأنتقال من التوبيخِ بعدمِ التدبرِ إلى التوبيخِ بكونِ قلوبهم مقفلةً لا تقبلُ التدبرَ والتفكرَ. والهمزةُ للتقريرِ. وتنكيرُ القلوبِ إمَّا لتهويلِ حالِها وتفظيعِ شأنِها بإبهامِ أمرِها في القساوةِ والجهالةِ كأنَّه قيلَ على قلوبٍ منكَرةٍ لا يعرفُ حالُها ولا يُقادرُ قدرُها في القساوةِ وإما لأن المرادَ بها قلوبُ بعضٍ منْهم وهم المنافقونَ. وإضافةُ الأقفالِ إليها للدلالةِ على أنَّها أقفالٌ مخصوصةٌ بها مناسبةٌ لها غيرُ مجانسةٍ لسائرِ الأقفالِ المعهودةِ. وقرىء أقفالُها وإِقفالُها على المصدر.
{إِنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم} أي رجعُوا إلى ما كانُوا عليهِ من الكفرِ وهم المنافقونَ الذين وُصفوا فيما سلفَ بمرضِ القلوبِ وغيرهِ من قبائحِ الأفعال والأحوالِ فإنَّهم قد كفرُوا به عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ {مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى} بالدلائلِ الظاهرةِ والمعجزاتِ القاهرةِ. وقيل هم اليهودُ وقيل أهلُ الكتابينِ جميعًا كفرُوا به عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ بعدما وجدُوا نعتَهُ في كتابِهم وعرفُوا أنه المبعوثُ بذلكَ. وقوله تعالى: {الشيطان سول لَهُمْ} جملةٌ من مبتدأٍ وخبرٍ. وقعتْ خبرًا لأن أي سهَّلَ لهم ركوبَ العظائمِ من السّول وهو الاسترخاءِ. وقيلَ من السّول المخففِ من السُّؤلِ لاستمرارِ القلبِ فمعنى سول له أمرًا حينئذٍ أوقعه في أمنيته فإن السُّؤل الأمنية. وقرىء سول مبنيًا للمفعول على حذفِ المضافِ أن كيدَ الشيطانِ.