فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله} امتنعوا عن الدخول في الإسلام وسلوك طريقه أوصدوا الناس عنه {ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ} نزلت في أهل القليب كما قيل. وحكمها عام كما قال غير واحد في كل من مات على كفره. وهو ظاهر على التفسير الأول لصدوا عن سبيل الله. وأما على التفسير الثاني له فقيل عليه: إن العموم مع تخصيص الكفر بصد الناس عن الإسلام محل نظر. ويفهم من كلام بعض الأجلة أن العموم لأن مدار عدم المغفرة هو الاستمرار على الكفر حسبما يشعر اعتباره قيدًا في الكلام فتدبر.
واستدل بمفهو م الآية بعض القائلين بالمفهو م على أنه تعالى قد يغفر لمن لم يمت على كفره سائر ذنوبه.
{فَلاَ تَهِنُواْ} أي إذا علمتم أن الله تعالى مبطل أعمالهم ومعاقبهم فهو خاذلهم في الدنيا والآخرة فلا تبالوا بهم ولا تظهروا ضعفًا. فالهاء فصيحة في جواب شرط مفهو م مما قبله. وقيل: هي لترتيب النهي على ما سبق من الأمر بالطاعة {وَتَدْعُواْ إِلَى السلم} عطف على {تَهِنُواْ} داخل في حيز النهي أي ولا تدعوا الكفار إلى الصلح خورًا وإظهارًا للعجز فإن ذلك إعطاء الدنية. وجوز أن يكون منصوبًا بإضمار أن فيعطف المصدر المسبوك على مصدر متصيد مما قبله كقوله:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله

واستدل ألكيا بهذا النهي على منع مهادنة الكفار إلا عند الضرورة. وعلى تحريم ترك الجهاد إلا عند العجز. وقرأ السلمي {وَتَدْعُواْ} بتشديد الدال من ادعى بمعنى دعا. وفي (الكشاف) ذكر لا في هذه القراءة. ولعلى ذلك رواية أخرى. وقرأ الحسن. وأبو رجاء. والأعمش. وعيسى. وطلحة. وحمزة. وأبو بكر {السلام} بكسر السين {وَأَنتُمُ الأعلون} أي الأغلبون. والعلوبمعنى الغلبة مجاز مشهور. والجملة حالية مقررة لمعنى النهي مؤكدة لوجوب الأنتهاء وكذا قوله تعالى: {والله مَعَكُمْ} أي ناصركم فإن كونهم الأغلبين وكونه عز وجل ناصرهم من أقوى موجبات الاجتناب عما يوهم الذل والضراعة.
وقال أبو حيان: يجوز أن يكونا جملتين مستأنفتين أخبروا أولا أنهم الأعلون وهو إخبار بمغيب أبرزه الوجود ثم ارتقى إلى رتبة أعلى من التي قبلها وهي كون الله تعالى معهم {ولن يَتِرَكُمْ أعمالكم} قال: ولن يظلمكم. وقيل: ولن ينقصكم. وقيل: ولن يضيعها. وهو كما قال أبو عبيد والمبرد من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلًا من ولد أوأخ أوحميم أوسلبته ماله وذهبت به. قال الزمخشري: وحقيقته أفردته من قريبه أو ماله من الوتر وهو الفرد. فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر وهو من فصيح الكلام. وفيه هنا من الدلالة على مزيد لطف الله تعالى ما فيه. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله» والظاهر على ما ذكره أنه لابد من تضمين وترته معنى السلب ونحوه ليتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه. وفي (الصحاح) أنه من الترة وحمله على نزع الخافض أي جعلته موتورًا لم يدرك ثاره في ذلك كأنه نقصه فيه وجعله نظير دخلت البيت أي فيه وهو سديد أيضًا.
وجوز بعضهم {يتر} ههنا متعديًا لواحد و{يَعْلَمُ أعمالكم} بدل من ضمير الخطاب أي لن يتر أعمالكم من ثوابها.
والجملة قيل معطوفة على قوله تعالى: {مَّعَكُمْ} وهي وإن لم تقع حالًا استقلالًا لتصديرها بحرف الاستقبال المنافي للحال على ما صرح به العلامة التفتازاني وغيره لكنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في غيره. وقيل: المانع من وقوع المصدرة بحرف الاستقبال حالًا مخالفته للسماع وإلا فلا مانع من كونها حالًا مقدرة مع أنه يجوز أن تكون {لَنْ} لمجرد تأكيد النفي. والظاهر أن المانعين بنوالمنع على المنافاة وإنها إذا زالت باعتبارًا أحد الأمرين فلا منع لكن قيل: إن الحال المقصود منها بيان الهيئة غير الحال الذي هو أحد الأزمنة والمنافاة إنما هي بين هذا الحال والاستقبال.
وهذا نظير ما قال مجوز ومجيء الجملة الماضية حالًا بدون قد. وما لذلك وما عليه في كتب النحو. وإذا جعلت الجملة قبل مستأنفة لم يكن إشكال في العطف أصلًا. اهـ.

.قال الشنقيطي:

{ولنبلونكم حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوأَخْبَارَكُمْ (31)}.
اللام في قوله: {لنبلونكم} موطئة لقسم محذوف.
وقرأ هذا الحرف عامة السبعة غير شعبة عن عاصم بالنون الدالة عل العظمة في الأفعال الثلاثة أعني {لنبلونكم}. و{نعلم}. و{نبلو}.
وقرأه شعبة عن عاصم بالمثناة التحتية.
وضمير الفاعل يعود إلى الله وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن الله جل وعلا يبلو الناس أي يختبرهم بالتكاليف. كبذل الأنفس والأموال في الجهاد ليتميز بذلك صادقهم من كاذبهم. ومؤمنهم من كافرهم. جاء موضحًا في آيات أخر.
كقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة ولما يَأْتِكُم مَّثَلُ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البأساء والضراء وَزُلْزِلُواْ حتى يَقول الرسول والذين آمنوا مَعَهُ متى نَصْرُ الله} [البقرة: 214] الآية.
وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة ولما يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصابرين} [آل عمران: 142].
وقوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ ولما يَعْلَمِ الله الذين جَاهَدُواْ مِنكُمْ ولم يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجَةً والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [التوبة: 16].
وقوله تعالى: {الم أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا أَن يقولوا امَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ ولقد فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ وليعْلَمَنَّ الكاذبين} [العنكبوت: 1- 3].
وقوله تعالى: {مَا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين على مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حتى يَمِيزَ الخبيث مِنَ الطيب وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغيب} [آل عمران: 179] الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {حتى نَعْلَمَ المجاهدين} الآية.
وقد قدمنا إزالة الإشكال في نحوه في سورة البقرة في الكلام على قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا القبلة التي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرسول مِمَّن يَنقَلِبُ على عَقِبَيْهِ} [البقرة: 143] الآية.
فقلنا في ذلك ما نصه:
ظاهر هذه الآية قد يتوهم منه الجاهل أنه تعالى يستفيد بالاختبار علمًا لم يكن يعلمه سبحانه وتعالى. عن ذلك علوًا كبيرًا. بل هو تعالى عالم بكل ما سيكون قبل أن يكون.
وقد بين أنه لا يستفيد بالاختبار علمًا لم يكن يعلمه بقوله جل وعلا: {وليَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ وليمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ والله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} [آل عمران: 154].
فقوله: {والله عليم بذات الصدور} بعد قوله: {ليبتلي}. دليل قاطع على أنه لم يستفد بالاختبار شيئًا لم يكن عالمًا به سبحانه وتعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.
لأن العليم بذات لاصدور غني عن الاختبار.
وفي هذه الآية بيان عظيم لجميع الآيات التي يذكر الله فيها اختباره لخلقه.
ومعنى إلا لنعلم أي علمًا يترتب عليه الثواب والعقاب فلا ينافي أنه كان عالمًا به قبل ذلك. وفائدة الاختبار ظهور الأمر للناس. أما عالم السر والنجوى. فهو عالم بكل ما سيكون. كما لا يخفى. اه.
قال القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: وهذا العلم هو العلم الذي يقع عليه به الجزاء لأنه إنما يجازيهم بأعمالهم لا بعلمه القديم عليهم. فتأويله حتى نعلم المجاهدين علم شهادة. لأنهم إذا أمروا بالعمل يشهد منهم ما عملوا فالجزاء بالثواب والعقاب يقع على علم الشهادة. ونبلوأخباركم نختبرها ونظهرها انتهى محل الغرض منه.
وقال أبو جعفر بن جرير الطبري في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: ولنبلونكم أيها المؤمنين بالقتل وجهاد أعداء الله حتى نعلم المجاهدين منكم يقول: حتى يعلم حزبي وأوليائي أهل الجهاد. في الله منكم وأهل الصبر على قتال أعدائه فيظهر ذلك لهم ويعرف ذو والبصائر منكم في دينه من ذوي الشك والحيرة فيه وأهل الإيمان من أهل النفاق ونبلوأخباركم فنعرق الصادق منكم من الكاذب. انتهى محل الغرض منه بلفظه.
وما ذكره من أن المراد بقوله: {حتى نعلم المجاهدين} الآية. حتى يعلم حزبنا.
وأولياؤنا المجاهدين منكمن والصابرين له وجه. وقد يرشد له قوله تعالى: {وَنَبْلُوأَخْبَارَكُم} أي نظهرها ونبرزها للناس.
وقوله تعالى: {مَّا كَانَ الله لِيَذَرَ المؤمنين على مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حتى يَمِيزَ الخبيث مِنَ الطيب} [آل عمران: 179] لأن المراد يميز الخبيث من الطيب ظهور ذلك للناس.
ولذا قال: {وَمَا كَانَ الله لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الغيب} [آل عمران: 179] فتعلموا ما ينطوي عليه الخبيث والطيب. ولكن الله عرفكم بذلك بالاختبار والابتلاء الذي تظهر بسببه طوايا الناس من خبث وطيب.
والقول اأول وجيه أيضًا. والعلم عند الله تعالى.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرسول مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)}.
الظاهر أن صدوا في هذه الآية متعدية. والمفعول محذوف. أي كفروا وصدوا غيرهم عن سبيل الله فهم ضالون مضلون.
وقد قدمنا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ولنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. الآية. أن التأسيس مقدم على التوكيد كما هو مقرر في الأصو ل.
وصدوا هنا. إن قدرت لازمة فمعنى الصدود الكفر. فتكون كالتوكيد لقوله: {كفروا}.
وإن قدرت متعدية كان ذلك تأسيسًا.
لأن قوله: {كفروا} يدل على كفرهم في أنفسهم.
وقوله: {وصدوا} على أنه متعد يدل على أنهم حملوا غيرهم على الكفر وصدوه عن الحق. وهذا أرجح مما قبله.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَشَاقُّواْ الرسول} أي خالفوا محمدًا صلى الله عليه وسلم مخالفة شديدة.
وقد دلت هذه الآية الكريمة على أمرين أحدهما أن الذين كفروا وصدوا غيرهم عن الحق وخالفوه صلى الله عليه وسلم لن يضروا الله بكفرهم شيئًا. لأنه غني لذاته الغنى المطلق.
والثاني أنهم إنما يضرون بذلك أنفسهم. لأن ذلك الكفر سبب لإحباط أعمالهم. كما قال تعالى: {وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ}.
وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة جاءا موضحين في آيات من كتاب الله.
فمن الآيات الدالة على الأول الذي هو غنى الله عن خلقه. وعدم تضرره بمعصيتهم. قوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ العالمين} [آل عمران: 97].
وقوله تعالى: {إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنكُمْ} [الزمر: 7].
وقوله تعالى: {وَقال موسى إِن تكفروا أَنتُمْ وَمَن فِي الأرض جَمِيعًا فَإِنَّ الله لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} [إبراهيم: 8].
وقوله تعالى: {قالواْ اتخذ الله ولدًا سُبْحَانَهُ هو الغني لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض} [يونس: 68].
وقوله تعالى: {فَكَفَرُواْ وَتَولواْ واستغنى الله والله غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [التغابن: 6].
وقوله تعالى: {يا أيها الناس أَنتُمُ الفقراء إِلَى الله والله هو الغني الحميد} [فاطر: 15] إلى غير ذلك من الآيات.
ومن الآيات الدالة على الثاني وهو إحباط أعمالهم بالكفر أي إبطالها به قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا} [الفرقان: 23].
وقوله تعالى: {مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشتدت بِهِ الريح فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} [إبراهيم: 18] الآية.
وقوله: {والذين كفروا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظمان مَاءً حتى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا} [النور: 39].
وقوله تعالى: {أولئك الذين لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلاَّ النار وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 16] إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرسول} الآية.
قد قدمنا كثيرًا جدًّا من الآيات المماثلة له قريبًا في جملة كلامنا الطويل على قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن} [النساء: 82] الآية.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (34)}.
ما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن من مات على الكفر لن يغفر الله له. لأن النار وجبت له بموته على الكفر. جاء موضحًا في آيات أخر من كتاب الله.
كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرض ذَهَبًا ولوافتدى بِهِ أولئك لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ} [آل عمران: 91].
وقوله تعالى: {إِن الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العذاب ولا هُمْ يُنْظَرُونَ} [البقرة: 161- 162].
وقوله تعالى: {ولاَ الذين يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أولئك أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 18].
وقوله تعالى: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وهو كَافِرٌ فأولائك حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدنيا والآخرة وأولائك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].
{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ولنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (35)}.
قرأ هذا الحرف عامة السبعة غير حمزة وشعبة عن عاصم {إلى السلم} بفتح السين.
وقرأ حمزة وشعبة {إلى السلم} بكسر السين.
وقوله تعالى: {فَلاَ تَهِنُوا} أي لا تضعفوا وتذلوا. ومنه قوله تعالى: {فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ الله} [آل عمران: 146].
وقوله تعالى: {ذلكم وَأَنَّ الله مُوهِنُ كَيْدِ الكافرين} [الأنفال: 18] أي مضعف كيدهم. وقول زهير بن أبي سلمى:
وأخلفتك ابنة البكري ما وعدت ** فأصبح الحبل منها واهنًا خلقا

وقوله تعالى: {وَأَنتُمُ الأعلون} جملة حالية فلا تضعفوا عن قتال الكفار وتدعوا إلى السلم. أي تبدؤوا بطلب السلم أي الصلح والمهادنة وأنتم الأعلون. أي والحال أنكم أنتم الأعلون أي الأقهرون والأغلبون لأعدائكم. ولأنكم ترجون من الله من النصر والثواب ما لا يرجون.
وهذا التفسير في قوله: {وَأَنتُمُ الأعلون} هو الصواب.