فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وتدل عليه آيات من كتاب الله كقوله تعالى بعده {وَاللَّهُ مَعَكُمْ} لأن من كان الله معه هو الأعلى وهو الغالب وهو القاهر المنصور الموعود بالثواب.
فهو جدير بأن لا يضعف عن مقاومة الكفار ولا يبدأهم بطلب الصلح والمهادنة.
وكقوله تعالى: {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغالبون} [الصافات: 173]. وقله تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا والذين آمنوا فِي الحياة الدنيا} [غافر: 51] الآية. وقوله: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المؤمنين} [الروم: 47] وقوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 14] الآية.
ومما يوضح معنى آية القتال هذه قوله تعالى: {ولاَ تَهِنُواْ فِي ابتغاء القوم إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجُونَ} [النساء: 104] الآية. لأن قوله تعالى: {وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَا لاَ يَرْجُونَ} من النصر الذي وعدكم الله به والغلبة وجزيل الثواب.
وذلك كقوله هنا {وَأَنتُمُ الأعلون} وقوله: {والله مَعَكُم} أي بالنصر والإعانة والثواب.
واعلم أن آية القتال هذه لا تعارض بينها وبين آية الأنفال حتى يقال إن إحداهما ناسخة للأخرى. بل هما محمتان وكل واحدة منهما منزلة على حال غير الحال التي نزلت عليه الأخرى.
فالنهي في آية القتال هذه في قوله تعالى: {فَلاَ تَهِنُواْ وتدعوا إِلَى السلم} إنما هو عن الابتداء بطلب السلم.
والأمر بالجنوح إلى السلم في آية الأنفال محله فيما إذا ابتدأ الكفار بطلب السلم والجنح لها. كما هو صريح قوله تعالى: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى الله} [الأنفال: 61] الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {والله مَعَكُمْ} قد قدمنا الآيات الموشحة له في آخر سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {إِنَّ الله مَعَ الذين اتقوا والذين هُم مُّحْسِنُونَ} [النحل: 128] وهذا الذي ذكرنا في معنى هذه الآية أولى وأصوب مام فسرها به ابن كثير رحمه الله.
وهوأن المعنى: لا تدعوا إلى الصلح والمهادنية وأنتم الأعلون أي في حال قوتكم وقدرتكم على الجهاد.
أي. وأما إن كنتم في ضعف وعدم قوة فلا مانع من أن تدعوا إلى السلم أي الصلح والمهادنة. ومنه قول العباس بن مرداس السلمي:
السلم تأخذ منها ما رضيت به ** والحرب تكفيك من أنفساها جرع

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {ولن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي لن ينقصكم شيئًا من ثواب أعمالكم.
وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة من عدم نقصه تعالى شيئًا من ثواب الأعمال جاء موضحًا في آيات أخر كقوله تعالى: {وَإِن تُطِيعُواْ الله ورسولهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا} [الحجرات: 14] أي لا ينقصكم من ثوابها شيئًا.
وقوله تعالى: {وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقال حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وكفى بِنَا حَاسِبِينَ} [الأنبياء: 47].
والآيات بمثل ذلك كثيرة معلومة. وقد قدمناها مرارًا.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة {ولن يَتِرَكُم} أصله من التواتر. وهو الفرد.
فأصل قوله: {لن يتركم} لن يفردكم ويجردكم من أعمالكم بل يوفيكم إياها. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{ولنبلونكم حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوأَخْبَارَكُمْ (31)}.
عطف على قوله: {والله يعلم أعمالكم} [محمد: 30].
ومعناه معنى الاحتراس ممَّا قد يتوهم السامعون من قوله: {والله يعلم أعمالكم} من الاستغناء عن التكليف.
ووجه هذا الاحتراس أن علم الله يتعلق بأعمال الناس بعد أن تقع ويتعلق بها قبل وقوعها فإنها ستقع ويتعلق بعزم الناس على الاستجابة لدعوة التكاليف قوة وضعفا. ومن عدم الاستجابة كفرًا وعنادًا. فبيّن بهذه الآية أن من حكمة التكاليف أن يظهر أثر علم الله بأحوال الناس وتقدم الحجة عليهم.
ولما قال النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله كتب لِكل عبد مقعده من الجنة أو من النار. فقالوا أفلا نتكل على ما كُتب لنا؟ قال: اعملوا فكل مُيَسَّر لما خلق له. وقرأ {فأما من أعطى واتّقى وصدّق بالحسنى فسنُيَسِّره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنُيَسِّره للعسرى} [الليل: 5 10]».
والبَلْو: الاختبار وتعرُّف حال الشيء.
والمراد بالابتلاء الأمر والنهي في التكليف. فإنه يظهرَ به المطيع والعاصي والكافر. وسُمي ذلك ابتلاء على وجه المجاز المرسل لأنه يلزمه الابتلاء وإن كان المقصود منه إقامة مصالح الناس ودفع الفساد عنهم لتنظيم أحوال حياتهم ثم ليترتب عليه مئال الحياة الأبدية في الآخرة.
ولكن لما كان التكليف مبيّنًا لأحوال نفوس الناس في الامتثال وممحّصًا لدعاويهم وكاشفًا عن دخائلهم كان مشتملًا على ما يشبه الابتلاء. وإلا فإن الله تعالى يعلم تفاصيل أحوالهم. ولكنها لا تظهر للعيان للناس إلا عند تلقي التكاليف فأشبهت الاختبار. فإطلاق اسم الابتلاء على التكليف مجاز مرسل وتسمية ما يلزم التكليف من إظهار أحوال النفوس ابتلاءً استعارة. ففي قوله: {ولنبلونكم} مجاز مرسل واستعارة.
و{حتى} حرف انتهاء فما بعدها غاية للفعل الذي قبلها وهي هنا مستعملة في معنى لام التعليل تشبيهًا لعلة الفعل بغايته فإن غاية الفعل باعث لفاعل الفعل في الغالب. فلذلك كثر استعمال {حتى} بمعنى لام التعليل كقوله تعالى: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا} [المنافقون: 7].
فالمعنى: ولنبلونكم لنعلم المجاهدين منكم والصابرين. وليس المراد انتهاء البلوى عند ظهور المجاهدين منهم والصابرين.
وعلة الفعل لا يلزم انعكاسها. أي لا يلزم أن لا يكون للفعل علة غيرها فللتكليف عِلل وأغراض عديدة منها أن تظهر حال الناس في قبو ل التكليف ظهورًا في الدنيا تترتب عليه معاملات دنيوية.
وعلم الله الذي جعل علة للبلوهوالعلم بالأشيئاء بعد وقوعها المسمى علم الشهادة لأن الله يعلم من سيُجاهد ومن يصبر من قبْللِ أن يبلوهم ولكن ذلك علم غيب لأنه قبل حصو ل المعلوم في عالم الشهادة.
والأحسن أن يكون {حتى نعلم} مستعملًا في معنى حتى نظهر للناس الدعاوي الحق من الباطلة. فالعلم كناية عن إظهار الشيء المعلوم بقطع النظر عن كون إظهاره للغير كما هنا أوللمتكلم كقول إياس بن قبيصةَ الطائي:
وأقَبلْتْ والخَطِّيُّ يخْطُر بيننا ** لا عَلَم منَ جَبَانُها مِن شجاعها

أراد ليظهر للناس أنه شجاع ويظهر من هو من القوم جبان. فالله شرع الجهاد لنصر الدين ومِنْ شرَعه يتبين من يجاهد ومن يقعد عن الجهاد. ويتبين من يصبر على لأواء الحرب ومن ينخزل ويفر. فلا تروج على الناس دعوى المنافقين صدق الإيمان ويعلم الناس المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
وبلوالإخبار: ظهور الأحدوثة من حسن السمعة وضده.
وهذا في معنى قول الأصو ليين ترتُّبُ المدح والذم عاجلًا. وهو كناية أيضًا عن أحوال أعمالهم من خير وشر لأن الأخبار إنما هي أخبار عن أعمالهم. وهذه علة ثانية عطفت على قوله: {حتى نعلم المجاهدين منكم}.
وإنما أعيد عطف فعل {نبلوَ} على فعل {نعلم} وكان مقتضى الظاهر أن يعطف {أخباركم} بالواو على ضمير المخاطبين في {لنبلونكم} ولا يعاد {نبلوَ}. فالعدو ل عن مقتضى ظاهر النظم إلى هذا التركيب للمبالغة في بَلولاخبار لأنه كناية عن بلوأعمالهم وهي المقصود من بلوذواتهم. فذكره كذكر العام بعد الخاص إذ تعلق البلوالأول بالجهاد والصبرِ. وتعلق البلوالثاني بالأعمال كلها. وحصل مع ذلك تأكيد البلوتأكيدًا لفظيًا.
وقرأ الجمهور {ولنبلونكم حتى نعلم} {ونبلوَا} بالنون في الأفعال الثلاثة.
وقرأ أبو بكر عن عاصم تلك الأفعال الثلاثة بياء الغيبة والضمائر عائدة إلى اسم الجلالة في قوله: {والله يعلم أعمالكم}.
وقرأ الجمهور {ونبلوَ} بفتح الواو عطفًا على {نعلمَ}.
وقرأه رويس عن يعقوب بسكون الواو عطفًا على {ولنبلونكم}.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرسول مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32)}.
الظاهر أن المعنيّ بالذين كفروا هنا الذين كفروا المذكورون في أول هذه السورة وفيما بعد من الآيات التي جرى فيها ذكر الكافرين. أي الكفار الصرحاء عاد الكلام إليهم بعد الفراغ من ذكر المنافقين الذين يخفون الكفر. عودا على بدء لتهوين حالهم في نفوس المسلمين. فبعد أن أخبر الله أنه أضل أعمالهم وأنهم اتبعوا الباطل وأمر بضرب رقابهم وأن التعس لهم وحقَّرهم بأنهم يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام. وأن الله أهلك قرى هي أشد منهم قوة. ثم جرى ذكر المنافقين. بعد ذلك ثُني عنان الكلام إلى الذين كفروا أيضًا ليعرِّف الله المسلمين بأنهم في هذه المازق التي بينهم وبين المشركين لا يَلحقهم منهم أدنى ضُرّ. وليزيد وصف الذين كفروا بأنهم شاقّوا الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالجملة استئناف ابتدائي وهي توطئة لقوله: {فلا تهنوا وتدْعُوا إلى السلم} [محمد: 35].
وفعل {شاقُّوا} مشتق من كلمة شِق بكسر الشين وهو الجانب. والمشاقة المخالفة. كني بالمشاقة عن المخالفة لأن المستقر بشِق مخالف للمستقر بشق آخر فكلاهما مخالف. فلذلك صيغت منه صيغة المفاعلة.
وتبيُّن الهدى لهم: ظهور ما في دعوة الإسلام من الحق الذي تدركه العقول إذا نبهتْ إليه. وظهور أن أمر الإسلام في ازدياد ونماء. وأن أمور الآخرين في إدبار. فلم يردعهم ذلك عن محأولة الإضرار بالرسول صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها} [الرعد: 41].
فحصل من مجموع ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم رسول الله. وأن الإسلام دين الله.
وقيل المراد بالذين كفروا في هذه الآية يهود قريظة والنضير. وعليه فمشاقتهم الرسول صلى الله عليه وسلم مشاقة خفية مشاقَّة كيد ومكْر. وتبيُّن الهدى لهم ظهور أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو الموعود به في التوّراة وكتب الأنبياء. فتكون الآية تمهيدًا لغزوقريظة والنضير.
وانتصب {شيئًا} على المفعول المطلق لـ: {يَضُروا} والتنوين للتقليل. أي لا يضرّون في المستقبل الله أقل ضرّ.
وإضرار الله أريد به إضرار دينه لقصد التنويه والتشريف لهذا الدين بقرينة قوله: {وشاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى}.
والإحباط: الإبطال كما تقدم آنفًا.
ومعنى إبطال أعمالهم بالنسبة لأعمالهم في معاملة المسلمين أن الله يلطف برسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين بتيسير أسباب نصرهم وانتشار دينه. فلا يحصِّل الذين كفروا من أعمالهم للصد والمشاقة على طائل.
وهذا كما تقدم في تفسير قوله: {أضلّ أعمالهم} [محمد: 1].
وحرف الاستقبال هنا لتحقيق حصو ل الإحباط في المستقبل وهو يدل على أن الله محبط أعمالهم من الأن إذ لا يعجزه ذلك حتى يترصد به المستقبل. وهذا التحقيق مثل ما في قوله في سورة يوسف {قال سوف أستغفر لكم ربي} [يوسف: 98].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرسول ولا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)}.
اعتراض بين جملة {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول} [محمد: 32]. وبين جملة {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتُوا وهم كفار} [محمد: 34] وُجه به الخطاب إلى المؤمنين بالأمر بطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وتجنب ما يبطل الأعمال الصالحة اعتبارًا بما حكي من حال المشركين في الصد عن سبيل الله ومشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم.
فوصف الإيمان في قوله: {يا أيها الذين آمنوا} مقابل وصف الكفر في قوله: {إن الذين كفروا} [محمد: 32]. وطاعة الله مقابل الصدّ عن سبيل الله. وطاعةُ الرسول ضد مشاقة الرسول صلى الله عليه وسلم والنهي عن إبطال الأعمال ضد بطلأن أعمال الذين كفروا.
فطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم التي أمروا بها هي امتثال ما أمَر به ونهَى عنه من أحكام الدين.
وأما ما ليس داخلًا تحت التشريع فطاعة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فيه طاعة انتصاح وأدب. ألا ترى أن بريرة لم تطع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مراجعة زوجها مُغيث لما علمتْ أن أمره إياها ليس بعزم.
والإبطال: جعل الشيء باطلًا. أي لا فائدة منه. فالإبطال تتصف به الأشيئاء الموجودة.
ومعنى النهي عن إبطالهم الأعمالَ: النهي عن أسباب إبطالها. فهذا مهيع قوله: {ولا تبطلوا أعمالكم}.
وتسمح محامِله بأن يشمل النهي والتحذير عن كل ما بيَّن الدِينُ أنه مبطل للعمل كلًا أوبعضًا مثل الردة ومثل الرياء في العمل الصالح فإنه يبطل ثوابه.
وهوعن ابن عباس قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى} [البقرة: 264].
وكان بعض السلف يخشى أن يكون ارتكاب الفواحش مبطلًا لثواب الأعمال الصالحة ويحمل هذه الآية على ذلك. وقد قالت عائشة لما بلغها أن زيد بن أرقم عقد عقدًا تراه عائشة حرامًا: أخبروا زيدًا أنه أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يترك فعله هذا ولعلها أرادت بذلك التحذير وإلا فما وجهُ تخصيص الإحباط بجهاده وإنما علمتْ أنه كان أنفس عمل عنده.
وعن الحسن البصري والزهري: لا تبطلوا أعمالكم بالمعاصي الكبائر.
ذكر ابن عبد البرّ في (الاستيعاب): أن زيد بن أرقم قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة وغزوتُ منها معه سبع عشرة غزوة.
وهذه كلها من مختلف الأفهام في المعنيّ بإبطال الأعمال وما يبطلها وأحسن أقوال السلف في ذلك ما رويَ عن ابن عمر قال: كنا نرى أنه ليس شيء من حسناتنا إلا مقبو لا حتى نزل {ولا تبطلوا أعمالكم}. فقلنا: ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا: الكبائر الموجبات والفواحش حتى نزل {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} [النساء: 48] فكففنا عن القول في ذلك وكنا نخاف على من أصاب الكبائر ونرجولمن لم يصبها اهـ.