فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقال قتادة: علم الله أن في مسألة الأموال خروج الأضغان.
قوله عز وجل: {ثُمَّ أَنتُمْ هؤلاء} قرأ نافع. وأبو عمرو {وَإِذْ أَنتُمْ} بمدة طويلة. بغير همز.
وقرأ عاصم. وحمزة. والكسائي بالمد. والهمز. فَهَا تنبيه. وأنتم كلمة على حدة. وإنما مد ليفصل ألف هاء من ألف أنتم.
وقرأ ابن كثير: بالهمز بغير مد ومعناه: أَأَنتم.
ثم قلبت إحدى الهمزتين هاء.
ومعنى هذه القراءات كلها أنتم يا معشر المؤمنين {تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ في سَبِيلِ الله} يعني: لتتصدقوا في سبيل الله. وتعينوا الضعفاء.
{فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ} بالنفقة في سبيل الله {وَمَن يَبْخَلْ} بالنفقة {فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ} يعني: لا يكون له ثواب النفقة {والله الغنى} عما عندكم من الأموال. وعن أعمالكم.
{وَأَنتُمُ الفقراء} إلى ما عند الله من الثواب. والرحمة. والمغفرة.
{وَإِن تَتَولواْ} يعني: تعرضوا عما أمركم الله به من الصدقة. وغير ذلك مما افترض الله عليكم من حق.
{يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أمثالكم} يعني: يهلككم. ويأت بخير منكم. وأطوع لله تعالى منكم {ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أمثالكم} يعني: أشباهكم في معصية الله تعالى.
قال بعضهم: لم يتولوا. ولم يستبدل بهم.
وقال بعضهم: استبدل بهم أناس من كندا وغيرها.
وروى أبو هريرة قال: لما نزلت هذه الآية. قالوا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الذين. إِنْ تو لينا استبدلوا بِنَا؟ قال: وَعنده سلمان.
فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده عليه. ثم قال: «هذا وَقَوْمُهُ» ثم قال: «لَو كَانَ الإِيمَانُ مُعَلَّقًا بِالثُّرَيَّا لَتناولهُ رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَاِرس» وصلى الله على سيدنا محمد واله أجمعين. اهـ.

.قال الثعلبي:

{وَيَقول الذين آمنوا}.
اشتياقًا منهم إلى الوحي وحرصًا على الجهاد.
{لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} تأمرنا بالجهاد.
{فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ} بالأمر والنهي. قال قتادة: كلّ سورة ذكر فيها الجهاد. فهي محكمة. وهي أشدّ للقرآن على المنافقين. وفي حرف عبد الله (سورةٌ محدثة) {وَذُكِرَ فِيهَا القتال رَأَيْتَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} يعني المنافقين {يَنظُرُونَ إِلَيْكَ} شزرًا. بتحديق شديد كراهة منهم للجهاد. وجبنًا منهم على لقاء العدو {نَظَرَ} كنظر {المغشي عَلَيْهِ مِنَ الموت فأولى لَهُمْ} وعيد وتهديد. قال: {طَاعَةٌ} مجازه. ويقول هؤلاء المنافقون قبل نزول الآية المحكمة (طاعةٌ) رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة أو منّا طاعة.
{وَقول مَّعْرُوفٌ} حسن وقيل: هو متصل بالكلام الأول. (واللام) في قوله (لهم) بمعنى (الباء) مجازه فأولى بهم طاعة لله ورسوله {وَقول مَّعْرُوفٌ} بالإجابة والطاعة.
{فَإِذَا عَزَمَ الأمر} أي جدّ الأمر وعُزم عليه وأُمروا بالقتال.
{فلو صدقوا الله} في إظهار الإيمان والطاعة {لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ} فلعلّكم {إِن تَوليْتُم} أعرضتم عن الإيمان. وعن القرآن. وفارقتم أحكامه.
{تُفْسِدُواْ فِي الأرض} بالمعصية. والبغي. وسفك الدماء. وتعودوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الفرقة. بعدما جمعكم الله تعالى بالإسلام. وأكرمكم بالألفة.
قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله؟ ألم يسفكوا الدم الحرام. وقطعوا الأرحام. وعصوا الرّحمن؟. وقال بعضهم: هو من الآية. قال المسيب بن شريك والفراء: يقول: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوليْتُم} إن وليتم أمر الناس {تُفْسِدُواْ فِي الأرض} بالظلم. نزلت في بني أمية. ودليل هذا التأويل ما أخبرنا الحسين بن محمّد بن الحسين. حدّثنا هارون بن محمّد بن هارون. حدّثنا محمّد بن عبد العزيز. حدّثنا القاسم بن يونس الهلالي. عن سعيد بن الحكم الورّاق. عن ابن داود. عن عبد الله بن مغفل. قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يقرأ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوليْتُم أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض} ثم قال: «هم هذا الحي من قريش أخذ الله عليهم إن ولوا الناس ألاّ يفسدوا في الأرض ولا يقطّعوا أرحامهم».
وقرأ علي بن أبي طالب {إن توليتم} بضمّ (التاء) و(الواو) وكسر (اللام). يقول: إن وليتكم ولاة جائرة خرجتم معهم في الفتنة. وعاونتموهم. ومثله روى رويس عن يعقوب.
{وتقطعوا أَرْحَامَكُمْ} قرأ يعقوب. وأبو حاتم. وسلام {وتقطعوا} خفيفة من القطع اعتبارًا بقوله: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ} [البقرة: 27] وقرأ الحسن مفتوحة الحروف. اعتبارًا بقوله: {فتقطعوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [المؤمنون: 53]. وقرأ غيرهم {وتقعطوا} بضم (التاء) مشدّدًا من التقطيع على التكثير لأجل الأرحام.
{أولئك الذين لَعَنَهُمُ الله فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصَارَهُمْ} عن الحقّ.
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن} تفهم مواعظ القرآن. وأحكامه. أخبرنا عقيل ابن محمّد. أخبرنا المعافى بن زكريا. أخبرنا محمّد بن جرير. حدّثنا ابن حميد. حدّثنا يحيى بن واضح. حدّثنا ثور بن يزيد. عن خالد بن معدان. قال: ما من النّاس أحدٌ إلاّ وله أربع أعين: عينان في وجهه لدنياه. ومعيشته. وعينان في قلبه لدينه. وما وعد الله من الغيب. وما من أحدٌ إلاَّ وله شيطانٌ متبطّن فقار ظهره. عاطف عنقه على عاتقه. فاغرٌ فاه إلى ثمرة قلبه. فإذا أراد الله بعبد خيرًا أبصرت عيناه اللّتان في قلبه ما وعد الله تعالى من الغيب. فيعمل به. وإذا أراد الله بعبد شرًّا طمس عليهما. فذلك قوله: {أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}.
وبه عن ابن جرير. حدّثنا بشير. حدّثنا حمّاد بن زيد. حدّثنا هشام بن عبده عن أبيه. قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} فقال شاب من أهل اليمن: بل عليها أقفالها حتّى يكون الله يفتحها أو يفرجها. فما زال الشاب في نفس عمر حتّى ولي فاستعان به.
{إِنَّ الذين ارتدوا على أَدْبَارِهِمْ مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى} قال قتادة: هم كفّار أهل الكتاب كفروا بمحمّد وهم يعرفونه ويجدون نعته مكتوبًا عندهم. وقال ابن عبّاس والضحّاك والسدي: هم المنافقون.
{الشيطان سول لَهُمْ} زيّن لهم {وأملى لَهُمْ} قرأ أبو عمرو بضم (الألف) وفتح (الياء) على وجه ما لم يُسمَّ فاعله. وقرأ مجاهد. ويعقوب بضمّ (الألف) وإرسال (الياء) على وجه الخبر من الله تعالى عن نفسه أنّه يفعل ذلك بهم وهو اختيار أبي حاتم. وقرأ الآخرون {وأملى} بفتح (الألف) بمعنى وأملى الله لهم وهو اختيار أبي عبيدة.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} يعني هؤلاء المنافقين أو اليهود {قالواْ لِلَّذِينَ كَرِهواْ مَا نَزَّلَ الله} وهم المشركون.
{سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر} في مخالفة محمّد صلى الله عليه وسلم والقعود عن الجهاد.
{والله يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} قرأ أهل الكوفة إلاّ أبو بكر بكسر (الألف) على الفعل. غيرهم بفتحها على جمع السر.
{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ} (بالتاء) قراءة العامّة. وقرأ عيسى بن عمر {توفّيهم} (بالياء).
{الملائكة يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ} عند الموت. نظيرها في الأنفال والنحل.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتبعوا مَا أَسْخَطَ الله وَكَرِهواْ رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ أَمْ حَسِبَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} شك. يعني المنافقين {أَن لَّن يُخْرِجَ الله أَضْغَانَهُمْ} أحقادهم على المؤمنين. واحدها ضغن. فيبديها لهم حتّى يعرفوا نفاقهم.
{ولو نشاء لأَرَيْنَاكَهُمْ} أي لأعلمناكهم. وعرفناكهم. ودللناك عليهم. تقول العرب: سأُريك ما أصنع بمعنى سأُعلمك. ومنه قوله تعالى: {بِمَا أَرَاكَ الله} [النساء: 105].
{فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ} بعلامتهم. قال أنس بن مالك: ما أخفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين. كان يعرفهم بسيماهم. ولقد كنّا معه في غزاة وفيها سبعة من المنافقين يشكوهم النّاس. فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى كلّ واحد منهم مكتوب هذا منافق.
فذلك قوله: {بِسِيمَاهُمْ}.
وقال ابن زيد: قد أراد الله إظهار نفاقهم. وأمر بهم أن يخرجوا من المسجد. فأبوا إلاّ أن يمسكوا بلا إله إلاّ الله. فلمّا أبوا أن يمسكوا إلاّ بلا إله إلاّ الله. حُقنت دماؤهم. ونَكحوا. ونكحوا بها.
{ولتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القول} قال ابن عبّاس: في معنى {القول}: الحُسن في فحواه. القرظي: في مقصده ومغزاه. واللحن وجهان: صواب. وخطأ. فأمّا الصواب فالفعل منه لحن يلحن لحنًا. فهو لحن إذا فطن للشيء. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم «و لعلّ بعضكم أن يكون ألحن بحجّته من بعض». والفعل من الخطأ لحن يلحن لحنًا. فهو لاحن. والأصل فيه إزالة الكلام عن جهته. وفي الخبر أنّه قيل لمعاوية: إنّ عبيد الله بن زياد يتكلّم بالفارسية. فقال: أليس طريفًا من ابن أخي أن يلحن في كلامه أي يعدل به من لغة إلى لغة. قال الشاعر:
وحديث الذه هو ممّا ** ينعت الناعتون يوزن وزنا

منطق صائب وتلحن أحيا ** نًا وخير الحديث ما كان لحنا

يعني ترتل حديثها.
{والله يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ولنبلونكم} بالجهاد {حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ} قرأ العامّة كلّها بالنون لقوله: {ولو نشاء لأَرَيْنَاكَهُمْ} [محمد: 30]. وروى أبو بكر والمفضل. عن عاصم كلّها (بالياء). وقرأ يعقوب. {ونبلوا} ساكنة (الواو) ردًّا على قوله: {نعلم}.
قال إبراهيم بن الأشعث: كان الفضل إذا قرأ هذه الآية بكى. وقال: اللّهم لا تبلنا. فإنّك إن بلوتنا هتكت أستارنا. وفضحتنا.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله وَشَاقُّواْ الرسول مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ} قال ابن عبّاس: هم المطعمون يوم بدر. نظيره قوله: {إِنَّ الذين كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ الله} [الأنفال: 36]... الآية.
{يا أيها الذين آمنوا أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرسول ولا تبطلوا أَعْمَالَكُمْ} بمعصيتها. قال مقاتل والثمالي: لا تمنوا على رسول الله فتبطلوا أعمالكم. نزلت في بني أسد. وسنذكر القصة في سورة الحجرات إن شاء الله. وقيل: بالعجب والرياء.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ} قيل: هم أصحاب القليب. وحكمها عام {فَلاَ تَهِنُواْ} تضعفوا {وتدعوا إِلَى السلم} إلى الصلح {وَأَنتُمُ الأعلون} لأنكم مؤمنون محقّون.
{والله مَعَكُمْ} قال قتادة: لا تكونوا أول الطائفتين ضرعت إلى صاحبتها {ولن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} قال ابن عبّاس وقتادة والضحّاك وابن زيد: لن يظلمكم. مجاهد: لن ينقصكم أعمالكم بل يثيبكم عليها. ويزيدكم من فضله. ومنه قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «من فاته صلاة العصر فكأنّما وتر أهله وماله» أي ذهب بهما.
{إِنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ ولهو وإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ ولا يَسْأَلْكُمْ} ربّكم.
{أَمْوَالَكُمْ} لا يسألكم الأجر. بل يأمركم بالإيمان. والطاعة ليثيبكم عليها الجنّة. نظيره قوله: {مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ} [الذاريات: 57].. الآية. وقيل: {ولا يسألكم} محمّد صدقة أموالكم. نظيره قوله: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [ص: 86] وقيل: معنى الآية ولا يسألكم الله ورسوله أموالكم كلّها إنّما يسألأنكم غيضًا من فيض. ربع العشر فطيبوا بها نفسًا. وإلى هذا القول ذهب ابن عُيينة وهو اختيار أبي بكر بن عبدش. قال: حكى لنا ابن حبيب عنه. يدلّ عليه سياق الآية.
{إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ} فيجهدكم ويلحّ ويلحفكم عليها. وقال ابن زيد: الإحفاء أن تأخذ كلّ شيء بيدك.
{تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} قال قتادة: قد علم الله تعالى أنّ في مسألة المال خروج الأضغان {هَا أَنتُمْ هؤلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ والله الغني} عن صدقاتكم وطاعتكم {وَأَنتُمُ الفقراء} إليها {وَإِن تَتَولواْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يكونوا أَمْثَالَكُم} في الطواعية. بل يكونوا أطوع لله تعالى وأمثل منكم. قال الكلبي: هم كندة والنخع. الحسن: هم العجم. عكرمة: فارس والروم. أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد ابن الحسين بن عبد الله بن منجويه الدينوري. حدّثنا عمر بن الخطّاب. حدّثنا عبد الله بن الفضل. حدّثنا يحيى بن أيّوب. حدّثنا إسماعيل بن جعفر. أخبرني عبد الله بن نجيح. عن العلاء بن عبد الرّحمن. عن أبيه. عن أبي هريرة. قال: قال أُناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله مَنْ هؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن إن تو لينا استبدلوا. ثمّ لا يكونوا أمثالنا؟ قال: وكان سلمان إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان وقال: «هذا وقومه. والّذي نفسي بيده لوكان الإيمان معلّقًا بالثريا لناله لتناوله رجال من فارس». اهـ.

.قال الزمخشري:

.[سورة محمد: الآيات 20- 21]:

{وَيَقول الَّذِينَ آمنوا لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأولى لَهُمْ (20) طَاعَةٌ وَقول مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فلو صدقوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ (21)}.
كانوا يدعون الحرص على الجهاد ويتمنونه بألسنتهم ويقولون {لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ} في معنى الجهاد {فَإِذا أُنْزِلَتْ} وأمروا فيها بما تمنوا وحرصوا عليه كاعوا وشق عليهم. وسقطوا في أيديهم. كقوله تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ}. {مُحْكَمَةٌ} مبينة غير متشابهة لا تحتمل وجها إلا وجوب القتال. وعن قتادة: كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة. وهي أشدّ القرآن على المنافقين. وقيل لها {محكمة} لأن النسخ لا يرد عليها من قبل أنّ القتال قد نسخ ما كان من الصفح والمهادنة. وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة. وقيل: هي المحدثة. لأنها حين يحدث نزولها لا يتناولها النسخ. ثم تنسخ بعد ذلك أوتبقى غير منسوخة.
وفي قراءة عبد اللّه: {سورة محدثة}. وقرئ: {فإذا نزلت سورة وذكر فيها القتال}. على البناء للفاعل ونصب {القتال}.
{الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} هم الذين كانوا على حرف غير ثابتى الأقدام {نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} أى تشخص أبصارهم جبنا وهلعا وغيظا. كما ينظر من أصابته الغشية عند الموت {فَأولى لَهُمْ} وعيد بمعنى: فويل لهم. وهو أفعل: من الولي وهو القرب. ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه {طاعَةٌ وَقول مَعْرُوفٌ} كلام مستأنف. أى: طاعة وقول معروف خير لهم. وقيل: هي حكاية قولهم. أى قالوا طاعة وقول معروف. بمعنى: أمرنا طاعة وقول معروف. وتشهد له قراءة أبىّ: {يقولون طاعة وقول معروف}.