فصل: قال النسفي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وتدبر القرآن لا يكون إلا مع حضور القلب وجمع الهم وقت تلاوته ويشترط فيه تقليل الغذاء من الحلال الصرف وخلوص النية {أم على قلوب أقفالها} يعني بل على قلوب أقفالها وجعل القفل مثلًا لكل مانع للأنسان من تعاطي فعل الطاعة.
يقال: فلان مقفل عن كذا. بمعنى ممنوع منه.
فإن قلت: إذا كان الله تعالى قد أصمهم وأعمى أبصارهم وأقفل على قلوبهم وهو بمعنى الختم فكيف يمكنهم تدبر القرآن مع هذه الموانع الشديدة.
قلت: تكليف ما لا يطاق جائز عندنا. لأن الله أمر بالإيمان لمن سبق في علمه أنه لا يؤمن فكذلك هنا والله يفعل ما يريد لا اعتراض لأحد عليه.
وقيل: إن قوله: {أفلا يتدبرون القرآن} المراد به التأسي.
وقيل: إن هذه الآية محققة للآية المتقدمة وذلك أن الله تعالى لما قال: {أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم} فكان قوله: {أفلا يتدبرون} القرآن كالتهييج لهم على ترك ما هم فيه من الكفر الذي استحقوا بسببه اللعنة أوكالتبكيت لهم على إصرارهم على الكفر والله أعلم بمراده.
وروى البغوي بإسناد الثعلبي. عن عروة بن الزبير قالا: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} فقال شاب من أهل اليمن: بل على قلوب أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها فما زال الشاب في نفس عمر حتى ولي فاستعان به هذا حديث مرسل وعروة بن الزبير تابعي من كبار التابعين وأجلهم لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ولد سنة اثنتين وعشرين وقيل غير ذلك.
قوله: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم} يعني رجعوا القهقرى كفارًا {من بعد ما تبين لهم الهدى} يعني من بعد ما وضح لهم طريق الهداية.
قال قتادة: هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعد ما عرفوه ووجدوا نعته في كتابهم.
وقال ابن عباس والضحاك والسدي: هم المنافقون آمنوا أولا ثم كفروا ثانيًا {الشيطان سول لهم} يعني زين لهم القبيح حتى رأوه حسنًا {وأملى لهم} قرىء بضم الألف وكسر اللام وفتح الياء على ما لم يسم فاعله يعني أمهلوا ومد لهم في العمر وقرىء وأملى لهم بفتح الألف واللام بمعنى وأملى لهم الشيطان بأن مد لهم في الأمل.
{فكيف إذا توفتهم الملائكة} يعني فكيف يكون حالهم إذا توفتهم الملائكة {يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك} يعني ذلك الضرب {بأنهم} يعني بسبب أنهم {اتبعوا ما أسخط الله} يعني ترك الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن عباس: بما كتموا من التوراة وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم {وكرهوا رضوانه} يعني كرهوا ما فيه رضوان الله وهو الإيمان والطاعة والجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {فأحبط أعمالهم} التي عملوها من أعمال البر لأنها لم تكن لله ولا بأمره {أم حسب الذين في قلوبهم مرض} أي شك ونفاق وهم المنافقون {أن لن يخرج الله أضغانهم} يعني يظهر أحقادهم على المؤمنين فيبديها حتى يعرف المؤمنون نفاقهم واحدها ضغن وهو الحقد الشديد.
وقال ابن عباس: حسدهم {ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم} لما قال تعالى: {أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم} فكأن قائلًا قال لمَ لمْ يخرج أضغانهم ويظهرها فأخبر تعالى أنه إنما أخر ذلك لمحض المشيئة لا لخوف منهم فقال تعالى: {ولو نشاء لأريناكهم} لا مانع لنا من ذلك.
والإراءة بمعنى التعريف والعمل.
وقوله: {فلعرفتهم} لزيادة فائدة وهي أن التعريف قد يطلق ولا يلزم منه المعرفة الحقيقية كما يقال: عرفته فلم يعرف فكان المعنى هنا عرفناكهم تعريفًا تعرفهم به ففيه إشارة إلى قوة ذلك التعريف الذي لا يقع معه اشتباه وقوله: {بسيماهم} يعني بعلامتهم أي نجعل لك علامة تعرفهم بها.
قال أنس: ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية شيء من المنافقين وكان يعرفهم بسيماهم {ولتعرفنهم في لحن القول} يعني في معنى القول وفحواه ومقصده وللحن معنيان صواب وخطأ صرف الكلام وإزالته عن التصريح إلى المعنى والتعريض وهذا محمود من حيث البلاغة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: «فلعل بعضكم ألحن بحجته من بعض» وإليه قصد بقوله: {ولتعرفنهم في لحن القول} وأما اللحن المذموم فظاهر وهو صرف الكلام عن الصواب إلى الخطأ بإزالة الإعراب أو التصحيف.
ومعنى الآية: وإنك يا محمد لتعرفن المنافقين فيما يعرضون به من القول من تهجين أمرك وأمر المسلمين وتقبيحه والاستهزاء به فكان بعد هذا لا يتكلم منافق عند النبي صلى الله عليه وسلم إلا عرفه بقوله ويستدل بفحوى كلامه على فساد باطنه ونفاقه ثم قال الله تعالى: {والله يعلم أعمالكم} يعني أعمال جميع عباده فيجازي كلًا على قدر عمله.
قوله تعالى: {ولنبلونكم} يعني ولنعاملنكم معاملة المختبر فإن الله تعالى عالم بجميع الأشيئاء قبل كونها ووجودها {حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} يعني إنا نأمركم بالجهاد حتى يظهر المجاهد ويتبين من يبادر منكم ويصبر عليه من غيره لأن المراد من قوله: {حتى نعلم}. أي علم الوجود والظهور {ونبلوا أخباركم} يعني نظهرها ونكشفها ليتبين من يأتي القتال ولا يصبر على الجهاد {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله وشاقوا الرسول} يعني خالفوه فيما أمرهم به من الجهاد وغيره {من بعد ما تبين لهم الهدى} يعني من بعد ما ظهر لهم أدلة على الهدى وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم {لن يضروا الله شيئًا} يعني إنما يضرون أنفسهم بذلك والله تعالى منزه عن ذلك {وسيحبط أعمالهم} يعني وسيبطل أعمالهم فلا يرون لها ثوابًا في الآخرة لأنها لم تكن لله تعالى قال ابن عباس: هم المطعمون يوم بدر.
قوله: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} لما ذكر الله الكفار بسبب مشاقتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الله المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم ثم قال تعالى: {ولا تبطلوا أعمالكم} قال عطاء: يعني بالشرك والنفاق والمنى.
داوموا على ما أنتم عليه من الإيمان والطاعة ولا تشركوا فتبطل أعمالكم.
وقيل: لا تبطلوا أعمالكم بترك طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أبطل أهل الكتاب أعمالهم بتكذيب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصيانه.
وقال الكلبي: لا تبطلوا أعمالكم بالرياء والسمعة لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصًا لوجهه الكريم.
وقال الحسن: لا تبطلوا أعمالكم بالمعاصي والكبائر.
قال أبو العالية: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضرهم مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل فنزلت هذه الآية فخافوا من الكبائر بعد أن نحبط أعمالهم واستدل بهذه الآية من يرى إحباط الطاعات بالمعاصي ولا حجة لهم فيها وذلك لأن الله تعالى يقول: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} وقال تعالى: {وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا} فالله تعالى أعدل وأكرم من أن يبطل طاعات سنين كثيرة بمعصية واحدة وروى ابن عمر أنه قال: كنا نرى أنه لا شيء من حسناتنا إلا مقبو لا حتى نزل {ولا تبطلوا أعمالكم} فقلنا ما هذا الذي يبطل أعمالنا.
فقلنا: الكبائر والفواحش حتى نزل {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فكففنا عن ذلك القول وكنا نخاف على من أصاب الكبيرة ونرجولمن لم يصبها واستدل بهذه الآية من لا يرى أبطال النوافل حتى لودخل في صلاة تطوع أوصوم تطوع لا يجوز له إبطال ذلك العمل والخروج منه ولا دليل لهم في الآية ولا حجة لأن السنة مبينة للكتاب وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح صائمًا فلما رجع إلى البيت وجد حيسًا فقال لعائشة قربيه فلقد أصبحت صائمًا فأكل وهذا معنى الحديث وليس بلفظه وفي الصحيحين أيضًا أن سلمان زار أبا الدرداء فصنع له طعامًا فلما قربه إليه قال.
كل فإني صائم قال لست باكل حتى تأكل فأكل معه وقال مقاتل في معنى الآية لا تمنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبطل أعمالكم نزلت في بني أسد وسنذكر القصة في تفسير سورة الحجرات إن شاء الله تعالى: {إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم} قيل نزلت في أهل القليب وهم أبو جهل وأصحابه الذين قتلوا ببدر وألقوا في قليب بدر وحكمها عام في كل كافر مات على كفره فالله لا يغفر له لقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} {فلا تهنوا} الخطاب فيه لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم هو عام لجميع المسلمين يعني فلا تضعفوا أيها المؤمنون {وتدعوا إلى السلم} يعني ولا تدعوا الكفار إلى الصلح أبدًا منع الله المسلمين أن يدعوا الكفار إلى الصلح وأمرهم بحربهم حتى يسلموا {وأنتم الأعلون} يعني وأنتم الغالبون لهم والعالون عليهم.
{ها أنتم هؤلاء} يعني أنتم يا هؤلاء المخاطبون الموصفون ثم استأنف وصفهم فقال تعالى: {تدعون لتنفقوا في سبيل الله} قيل أراد به النفقة في الجهاد والغزو وقيل المراد به إخراج الزكاة وجميع وجوه البر والكل في سبيل الله {فمنكم من يبخل} يعني بما فرض عليه إخراجه من الزكاة أوندب إلى أنفاقه في وجوه البر {ومن يبخل} يعني بالصدقة وأداء الفريضة فلا يتعداه ضر بخله وهو قوله تعالى: {فإنما يبخل عن نفسه} أي على نفسه {والله الغني} يعني عن صدقاتكم وطاعتكم لأنه الغني المطلق الذي له ملك السموات والأرض {وأنتم الفقراء} يعني إليه وإلى ما عنده من الخيرات والثواب في الدنيا والآخرة {وإن تتولوا} يعني عن طاعة الله تعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم وعن القيام بما أمركم به وألزمكم إياه {يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} يعني يكونون أطوع لله ورسوله صلى الله عليه وسلم منكم.
قال الكلبي: هم كندة والنخع من عرب اليمن.
وقال الحسن: هم العجم.
وقال عكرمة: هم فارس والروم.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {وإن تتولوا يستبدل قومًا غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم} قالوا ومن يستبدل بنا قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على منكب سلمان ثم قال هذا وأصحابه أخرجه الترمذي وقال حديث غريب وفي إسناده مقال وله رواية أخرى عن أبي هريرة قال: قال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله إن تو لينا استبدلوا منا ثم لا يكونوا أمثالنا قال وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان فقال هذا وأصحابه والذي نفسي بيده لوكان الإيمان منوطًا بالثريا لتناوله رجال من فارس ولهذا الحديث طرق في الصحيح ترد في سورة الجمعة إن شاء الله تعالى والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده. اهـ.

.قال النسفي:

{وَيَقول الذين ءَآمنوا لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ}.
فيها ذكر الجهاد {فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ} في معنى الجهاد {مُّحْكَمَةٌ} مبينة غير متشابهة لا تحتمل وجهًا إلا وجوب القتال.
وعن قتادة: كل سورة فيها ذكر القتال فهي محكمة لأن النسخ لا يرد عليها من قبل أن القتال نسخ ما كان من الصفح والمهادنة وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة {وَذُكِرَ فِيهَا القتال} أي أمر فيها بالجهاد {رَأَيْتَ الذين في قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} نفاق أي رأيت المنافقين فيما بينهم يضجرون منها {يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت} أي تشخص أبصارهم جبنًا وجزعًا كما ينظر من أصابته الغشية عند الموت {فأولى لَهُمْ} وعيد بمعنى فويل لهم وهو أفعل من الو لى وهو القرب ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه {طَاعَةٌ وَقول مَّعْرُوفٌ} كلام مستأنف أي طاعة وقول معروف خير لهم {فَإِذَا عَزَمَ الأمر} فإذا جد الأمر ولزمهم فرض القتال {فلو صدقوا الله} في الإيمان والطاعة {لَكَانَ} الصدق {خَيْرًا لَّهُمْ} من كراهة الجهاد.
ثم التفت من الغيبة إلى الخطاب بضرب من التوبيخ والإرهاب فقال: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوليْتُم أَن تُفْسِدُواْ في الأرض وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} أي فلعلكم إن أعرضتم عن دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته أن ترجعوا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من الإفساد في الأرض بالتغأو ر والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضًا وواد البنات.
وخبر عسى {أَن تُفْسِدُواْ} والشرط اعتراض بين الاسم والخبر والتقدير: فهل عسيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم إن توليتم {أولئك} إشارة إلى المذكورين {الذين لَعَنَهُمُ الله} أبعدهم عن رحمته {فَأَصَمَّهُمْ} عن استماع الموعظة {وأعمى أبصارهم} عن إبصارهم طريق الهدى.
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان} فيعرفوا ما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد العصاة حتى لا يجسروا على المعاصي.
و{أم} في {أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} بمعنى بل وهمزة التقرير للتسجيل عليهم بأن قلوبهم مقفلة لا يتوصل إليها ذكره.
ونكرت القلوب لأن المراد على قلوب قاسية مبهم أمرها في ذلك. والمراد بعض القلوب وهي قلوب المنافقين. وأضيفت الأقفال إلى القلوب لأن المراد الأقفال المختصة بها وهي أقفال الكفر التي استغلقت فلا تنفتح نحوالرين والختم والطبع.
{إِنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى} أي المنافقون رجعوا إلى الكفر سرًا بعد وضوح الحق لهم {الشيطان سول} زين {لَهُمْ} جملة من مبتدأ وخبر وقعت خبرًا لـ: {إن} نحو: إن زيدًا عمرومر به {وأملى لَهُمْ} ومدّ لهم في الامال والأماني {وَأُمْلِىَ} أبو عمرو أي امهلوا ومد في عمرهم {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قالواْ لِلَّذِينَ كَرِهواْ مَا نَزَّلَ الله} أي المنافقون قالوا لليهود {سَنُطِيعُكُمْ في بَعْضِ الأمر} أي عدواة محمد والقعود عن نصرته {والله يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} على المصدر من أسر: حمزة وعلي وحفص.
{أسْرَارَهُمْ} غيرهم جمع سر {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة} أي فكيف يعملون وما حيلتهم حينئذ {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارهم} عن ابن عباس رضي الله عنهما: لا يتوفى أحد على معصية إلا يضرب من الملائكة في وجهه ودبره {ذلك} إشارة إلى التوفي الموصوف {بِأَنَّهُمْ} بسبب أنهم {اتبعوا مَا أَسْخَطَ الله} من معاونة الكافرين {وَكَرِهواْ رِضْوَانَهُ} من نصرة المؤمنين {فَأَحْبَطَ أعمالهم أَمْ حَسِبَ الذين في قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ الله أضغانهم} أحقادهم.
والمعنى أظن المنافقون أن الله تعالى لا يبرز بغضهم وعداوتهم للمؤمنين {ولو نشاء لأريناكهم} لعرّفناكهم ودللناك عليهم {فَلَعَرَفْتَهُم بسيماهم} بعلامتهم وهو أن يسمهم الله بعلامة يعلمون بها وعن أنس رضي الله عنه: ما خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية أحد من المنافقين كان يعرفهم بسيماهم {ولتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ القول} في نحوه وأسلوبه الحسن من فحوى كلامهم لأنهم كانوا لا يقدرون على كتمان ما في أنفسهم.