فصل: قال ابن جزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



واللام في {فَلَعَرَفْتَهُم} داخلة في جواب (لو) كالتي في {لأريناكهم} كررت في المعطوف. وأما اللام في {ولتَعْرِفَنَّهُمْ} فواقعة مع النون في جواب قسم محذوف {والله يَعْلَمُ أعمالكم} فيميز خيرها من شرها.
{ولنبلونكم} بالقتال إعلامًا لا استعلامًا أونعاملكم معاملة المختبر ليكون أبلغ في إظهار العدل {حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين} على الجهاد أي نعلم كائنًا ما علمناه أنه سيكون {وَنَبْلُوأخباركم} أسراركم وليبلونكم حتى يعلم.
{ويبلو} أبو بكر وعن الفضيل أنه كان إذا قرأها بكى وقال: اللهم لا تبلنا فإنك إن بلوتنا فضحتنا وهتكت أستارنا وعذبتنا {إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله وَشَاقُّواْ الرسول} وعادوه يعني المطعمين يوم بدر وقد مر {مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى} من بعد ما ظهر لهم أنه الحق وعرفوا الرسول {لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أعمالهم} التي عملوها في مشاقة الرسول أي سيبطلها فلا يصلون منها إلى أغراضهم.
{يا أيّها الذين ءَآمنوا أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرسول ولا تُبْطِلُواْ أعمالكم} بالنفاق أوبالرياء.
{إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ} قيل: هم أصحاب القليب والظاهر العموم {فَلاَ تَهِنُواْ} فلا تضعفوا ولا تذلوا للعدو {وَتَدْعُواْ إِلَى السلم} وبالكسر: حمزة وأبو بكر وهما المسالة أي ولا تدعوا الكفار إلى الصلح {وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ} أي الأغلبون وتدعوا مجزوم لدخوله في حكم النهي {والله مَعَكُمْ} بالنصرة أي ناصركم {ولن يَتِرَكُمْ أعمالكم} ولن ينقصكم أجر أعمالكم {إِنَّمَا الحياة الدنيا لَعِبٌ ولهو} تنقطع في أسرع مدة {وَإِن تُؤْمِنُواْ} بالله ورسوله {وَتَتَّقُواْ} الشرك {يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ} ثواب إيمانكم وتقواكم {ولاَ يَسْئَلْكُمْ أموالكم} أي لا يسألكم جميعها بل ربع العشر. والفاعل الله أو الرسول وقال سفيان بن عيينة: غيضًا من فيض {إِن يَسْئَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ} أي يجهدكم ويطلبه كله والإحفاء المبالغة وبلوغ الغاية في كل شيء.
يقال: أحفاه في المسئلة إذا لم يترك شيئًا من الإلحاح. وأحفى شاربه إذا استأصله {تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ} أي الله أو البخل {أضغانكم} عند الامتناع أو عند سؤال الجميع لأنه عند مسئلة المال تظهر العداوة والحقد.
{هَاأَنتُمْ} ها للتنبيه {هؤلاء} موصول بمعنى الذين صلته {تَدْعُونَ} أي أنتم الذين تدعون {لِتُنفِقُواْ في سَبِيلِ الله} هي النفقة في الغزوأوالزكاة كأنه قيل: الدليل على أنه لوأحفاكم لبخلتم وكرهتم العطاء أنكم تدعون إلى أداء ربع العشر {فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ} بالرفع لأن من هذه ليست للشرط أي فمنكم ناس يبخلون به {وَمَن يَبْخَلْ} بالصدقة وأداء الفريضة {فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ} أي يبخل عن داعي نفسه لا عن داعي ربه.
وقيل: يبخل على نفسه يقال بخلت عليه وعنه {والله الغنى وَأَنتُمُ الفقراء} أي أنه لا يأمر بذلك لحاجته إليه لأنه غني عن الحاجات ولكن لحاجتكم وفقركم إلى الثواب {وَإِن تَتَولواْ} وإن تعرضوا أيها العرب عن طاعته وطاعة رسوله والإنفاق في سبيله. وهو معطوف على {وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ} {يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} يخلق قومًا خيرًا منكم وأطوع وهم فارس وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القوم وكان سلمان إلى جنبه فضرب على فخذه وقال: «هذا وقومه. والذي نفسي بيده لوكان الإيمان منوطًا بالثريا لتناله رجال من فارس» {ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أمثالكم} أي ثم لا يكونوا في الطاعة أمثالكم بل أطوع منكم. اهـ.

.قال ابن جزي:

{لولا نُزِّلَتْ سُورَةٌ}.
كان المؤمنون يقولون ذلك على وجه الحرص على نزول القرآن. والرغبة فيه؛ لأنهم كانوا يفرحون به ويستوحشون من إبطائه {مُّحْكَمَةٌ} يحتمل أن يريد بالمحكمة أي ليس فيها منسوخ. أو يراد متقنة. وقرأ ابن مسعود سورة محدثة {رَأَيْتَ الذين فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ} يعني المنافقين. ونظرهم ذلك في شدّة الخوف من القتل لأن نظر الخائف قريب من نظر المغشي عليه {فأولى لَهُمْ} في معناه قولان: أحدهما أنه بمعنى أحق وخبره على هذا طاعة. والمعنى أن الطاعة والقول المعروف أولى لهم وأحق والآخر أن أولى لهم كلمة معناها التهديد والدعاء عليهم كقولك: ويل لهم ومنه: أولى لك فأولى. فيوقف على أولى لهم على هذا القول. ويكون طاعة ابتداء كلام. تقديره: طاعة وقول معروف أمثل. أو المطلوب منهم طاعة وقول معروف. وقولهم لك يا محمد طاعة وقول معروف بألسنتهم دون قلوبهم {فَإِذَا عَزَمَ الأمر} أسند العزم إلى الأمر مجازًا كقولك: نهاره صائم وليله قائم {صَدَقُواْ الله} يحتمل أن يريد صدق اللسان. أوصدق العزم والنية وهو أظهر.
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوليْتُم أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرض وتقطعوا أَرْحَامَكُمْ} هذا خطاب للمنافقين المذكورين خرج من الغيبة إلى الخطاب. ليكون أبلغ في التوبيخ والمعنى هل يتوقع منكم. إلاّ فساد في الأرض وقطع الأرحام إن توليتم. ومعنى توليتم: صرتم ولاة على الناس وصار الأمر لكم. وعلى هذا قيل: إنها نزلت في بني أمية. وقيل: معناه أعرضتم عن الإسلام.
{إِنَّ الذين ارتدوا على أَدْبَارِهِمْ} نزلت في المنافقين الذين نافقوا بعد إسلامهم وقيل: نزلت في قوم من اليهود. كانوا قد عرفوا نبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من التوراة ثم كفروا به {سول لَهُمْ} أي زيَّن لهم ورجّاهم ومنّاهم و{وأملى لَهُمْ} أي مدَّ لهم في الأماني والامال. والفاعل هو الشيطان وقيل: الله تعالى والأول أظهر. لتناسب الضمير بين الفاعلين. في سول وأملى {سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأمر} قال ذلك اليهود للمنافقين. وبعض الأمر: يعنون به مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحاربته {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة} أي كيف يكون حالهم إذا توفتهم الملائكة؟ يعني ملك الموت ومن معه. والفاء رابطة للكلام مع ما قبله. والمعنى: هذا جزعهم من ذكر القتال. فكيف يكون حالهم عند الموت؟ {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ} ضمير الفاعل للملائكة. وقيل: إنه للكفار أي يضربون وجوه أنفسهم وذلك ضعيف.
{أَمْ حَسِبَ} الآية: معناها ظن المنافقون أن لن يفضحهم الله. والضغن: الحقد. ويراد به هنا النفاق والبعض في الإسلام وأهله {ولو نشاء لأَرَيْنَاكَهُمْ} أي لونشاء لأريناك المنافقين بأعيانهم حتى تعرفهم بعلامتهم. ولكن الله ستر عليهم إبقاء عليهم وعلى أقاربهم من المسلمين. وروي أن الله لم يذكر واحدًا منهم باسمه {ولتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القول} معنى لحن القول مقصده وطريقته. وقيل: اللحن هو الخفي المعنى كالكناية والتعريض. والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم سيعرفهم من دلائل كلامهم. وإن لم يعرفه الله بهم على التعيين {ولنبلونكم} أي نختبركم {حتى نَعْلَمَ} أي نعلمه علمًا ظاهرًا في الوجود تقوم به الحجة عليكم؛ وقد علم الله الأشيئاء قبل كونها. ولكنه أراد إقامة الحجة على عباده؛ بما يصدر منهم. وكان الفضيل بن عياض إذا قرأ هذه الآية بكى. وقال: اللهم لا تبتلنا. فإنك إذا ابتليتنا فضحتنا وهتكت أستارنا {وَشَاقُّواْ الرسول} أي خالفوه وعادوه. ونزلت الآية في المنافقين وقيل: في اليهود.
{ولاَ تبطلوا أَعْمَالَكُمْ} يحتمل أربعة معان: أحدها لا تبطلوا أعمالكم بالكفر بعد الإيمان والثاني لا تبطلوا حسناتكم بفعل السيئات ذكره الزمخشري وهذا على مذهب المعتزلة. خلافًا للأشعرية فإن مذهبهم أن السيئات لا تبطل الحسنات. والثالث لا تبطلوا أعمالكم بالرياء والعجب. والرابع لا تبطلوا أعمالكم بأن تقتطعوها قبل تمامها. وعلى هذا أخذ الفقهاء الآية: وبهذا يستدلون على أن من ابتدأ نافلة لم يجز له قطعها. وهذا أبعد هذه المعاني. والأول أظهر لقوله قبل ذلك في الكفار أو المنافقين. وسيحبط أعمالهم فكأنه يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا أعمالكم مثل هؤلاء الذين أحبط الله أعمالهم بكفرهم وصدهم عن سبيل الله ومشاقتهم الرسول.
{فَلَن يَغْفِرَ الله لَهُمْ} هذا قطع بأن من مات على الكفر لا يغفر الله له. وقد أجمع المسلمون على ذلك.
{فَلاَ تَهِنُواْ وتدعوا إِلَى السلم} أي لا تضعفوا عن مقاتلة الكفار وتبتدئوهم بالصلح. هو كقوله: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا} [الأنفال: 61] {ولن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} أي لن ينقصكم أجور أعمالكم. يقال: وترت الرجال أتره إذا نقصته شيئًا. أوأذهبت له متاعًا.
{ولاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ} أي لا يسألكم جميعًا إنما يسألكم ما يخفّ عليكم مثل ربع العشر وذلك خفيف {إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ} معنى يحفظم يلح عليكم. والإحفاء أشد السؤال وتبخلوا جواب الشرط {وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ} الفاعل الله تعالى أو البخل. والمعنى يخرج ما في قلوبكم من البخل وكراهة الإنفاق.
{هؤلاء} منصوب على التخصيص أو منادى {لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ الله} يعني الجهاد والزكاة {وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ} أي إنما ضرر بخله على نفسه فكأنه بخل على نفسه بالثواب الذي يستحقه بالإنفاق {وَإِن تَتَولواْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ} أي يأت بقوم على خلاف صفتكم. بل راغبين في الإنفاق في سبيل الله. فقيل إن هذا الخطاب لقريش. والقوم غيرهم هم الأنصار؛ وهذا ضعيف لأن الآية مدنية نزلت والأنصار حاضرون. وقيل: الخطاب لكل من كان حينئذ بالمدينة. والقوم هم أهل اليمن وقيل فارس. اهـ.

.قال البيضاوي:

{وَيَقول الذين ءآمنوا لولا نُزّلَتْ سُورَةٌ} أي هلا {نُزّلَتْ سُورَةٌ} في أمر الجهاد.
{فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ} مبينة لا تشابه فيها.
{وَذُكِرَ فِيهَا القتال} أي الأمر به.
{رَأَيْتَ الذين في قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ} ضعف في الدين وقيل نفاق.
{يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ المغشى عَلَيْهِ مِنَ الموت} جبنًا ومخافة.
{فأولى لَهُمْ} فويل {لَهُمْ}. أفعل من الولي وهو القرب. أوفعلى من ال ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه أو يؤول إليه أمرهم.
{طَاعَةٌ وَقول مَّعْرُوفٌ} استئناف أي أمرهم {طَاعَةٌ} أو {طَاعَةٌ وَقول مَّعْرُوفٌ} خير لهم. أو حكاية قولهم لقراءة أُبيّ {يقولون طاعة}.
{فَإِذَا عَزَمَ الأمر} أي جد وهو لأصحاب الأمر. وإسناده إليه مجاز وعامل الظرف محذوف. وقيل {فلو صدقوا الله} أي فيما زعموا من الحرص على الجهاد أو الإِيمان.
{لَكَانَ} الصدق.
{خَيْرًا لَّهُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ} فهل يتوقع منكم.
{إِن تَوليْتُم} أمور الناس وتأمرتم عليهم. أواعرضتم وتو ليتم عن الإِسلام.
{أَن تُفْسِدُواْ في الأرض وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ} تناحرًا على الولاية وتجاذبًا لها. أو رجوعًا إلى ما كنتم عليه في الجاهلية من التغأو ر ومقاتلة الأقارب. والمعنى أنهم لضعفهم في الدين وحرصهم على الدنيا أحقاء بأن يتوقع ذلك منهم من عرف حالهم ويقول لهم: هل عسيتم. وهذا على لغة الحجاز فإن بني تميم لا يلحقون الضمير به وخبره {أَن تُفْسِدُواْ} و{إِن تَوليْتُم} اعتراض. وعن يعقوب {تَوليْتُم} أي إن تولاكم ظلمة خرجتم معهم وساعدتموهم في الإِفساد وقطيعة الرحم {وَتُقَطّعُواْ} من القطع. وقرىء {تقطعوا} من التقطع.
{أولئك} إشارة إلى المذكورين.
{الذين لَعَنَهُمُ الله} لإِفسادهم وقطعهم الأرحام.
{فَأَصَمَّهُمْ} عن استماع الحق.
{وأعمى أبصارهم} فلا يهتدون سبيله.
{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان} يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر حتى لا يجسروا على المعاصي.
{أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} لا يصل إليها ذكر ولا ينكشف لها أمر. وقيل {أَمْ} منقطعة ومعنى الهمزة فيها التقرير. وتنكير القلوب لأن المراد قلوب بعض منهم أوللإِشعار بأنها لإِبهام أمرها في القساوة. أولفرط جهالتها ونكرها كأنها مبهمة منكورة وإضافة الأقفال إليها للدلالة على أقفال مناسبة لها مختصة بها لا تجانس الأقفال المعهودة. وقرىء {إقفالها} على المصدر.
{إِنَّ الذين ارتدوا على أدبارهم} أي ما كانوا عليه من الكفر.
{مّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى} بالدلائل الواضحة والمعجزات الظاهرة.
{الشيطان سول لَهُمْ} سهل لهم اقتراف الكبائر من السول وهو الاسترخاء. وقيل حملهم على الشهوات من السول وهو التمني. وفيه أن السول مهموز قلبت همزته واوًا لضم ما قبلها ولا كذلك التسويل. ويمكن رده بقولهم هما يتساولان وقرىء {سول} على تقدير مضاف أي كيد الشيطان {سول لَهُمْ}.
{وأملى لَهُمْ} ومد لهم في الامال والأماني. أوأمهلهم الله تعالى ولم يعاجلهم بالعقوبة لقراءة يعقوب {وَأمْلِي لَهُمْ}. أي وأنا أملي لهم فتكون الواو للحال أو الاستئناف. وقرأ أبو عمرو {وَأمْلِي لَهُمْ} على البناء للمفعول وهو ضمير {الشيطان} أو {لَهُمْ}.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قالواْ لِلَّذِينَ كَرِهواْ مَا نَزَّلَ الله} أي قال اليهود للذين كفروا بالنبي عليه الصلاة والسلام بعدما تبين لهم نعته للمنافقين. أو المنافقون لهم أوأحد الفريقين للمشركين.
{سَنُطِيعُكُمْ في بَعْضِ الأمر} في بعض أموركم أو في بعض ما تأمرون به كالقعود عن الجهاد والموافقة في الخروج معهم إن أخرجوا. والتظافر على الرسول صلى الله عليه وسلم.
{والله يَعْلَمُ أَسْرَارَهُمْ} ومنها قولهم هذا الذي أفشاه الله عليهم. وقرأ حمزة والكسائي وحفص {إِسْرَارَهُمْ}على المصدر.
{فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة} فكيف يعملون ويحتالون حينئذ. وقرىء {توفاهم} وهو يحتمل الماضي والمضارع المحذوف إحدى تاءيه.
{يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارهم} تصوير لتوفيهم بما يخافون منه ويجبنون عن القتال له.
{ذلك} إشارة إلى التوفي الموصوف.
{بِأَنَّهُمُ اتبعوا مَا أَسْخَطَ الله} من الكفر ككتمان نعت الرسول عليه الصلاة والسلام وعصيان الأمر.
{وَكَرِهواْ رِضْوَانَهُ} ما يرضاه من الإِيمان والجهاد وغيرهما من الطاعات.
{فَأَحْبَطَ أعمالهم} لذلك.
{أَمْ حَسِبَ الذين في قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَن يُخْرِجَ الله} أن لن يبرز الله لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين.
{أضغانهم} أَحقادهم.
{ولو نشاء لأريناكهم} لعرفناكهم بدلائل تعرفهم بأعيانهم.
{فَلَعَرَفْتَهُم بسيماهم} بعلاماتهم التي نسمهم بها. واللام لام الجواب كررت في المعطوف.
{ولتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ القول} جواب قسم محذوف و{لَحْنِ القول} أسلوبه. أوإمالته إلى جهة تعريض وتورية. ومنه قيل للمخطىء لاحن لأنه يعدل بالكلام عن الصواب.
{والله يَعْلَمُ أعمالكم} فيجازيكم على حساب قصدكم إذ الأعمال بالنيات.