فصل: فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فصل في تخريج الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

قال الزيلعي:
سورة الْفَتْح ذكر فِيهَا أَرْبَعَة عشر حديثا:
1206- الحديث الأول:
عَن مُوسَى بن عقبَة قال أقبل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْحُدَيْبِيَة فَقال رجل من أَصْحَابه مَا هَذَا بِفَتْح لقد صُدِدْنَا عَن الْبَيْت وَصد هدينَا فَبلغ صلى الله عليه وسلم فَقال: «بئس الْكَلَام هَذَا بل هُوَ أعظم الْفتُوح قد رَضِي الْمُشْركُونَ أَن يَدْفَعُوكُمْ عَن بِلَادهمْ بِالرَّاحِ وَيَسْأَلُوكُمْ الْقَضِيَّة وَيرغبُوا إِلَيْكُم فِي الْأمان وَقد رَأَوْا مِنْكُم مَا كَرهُوا».
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب قصَّة الْحُدَيْبِيَة حَدثنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أَنا إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن الْفضل ثَنَا جدي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر ثَنَا مُحَمَّد ابْن فليح عَن مُوسَى بن عقبَة عَن ابْن شهَاب الزُّهْرِيّ وَأخْبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أَنا أَبُو جَعْفَر الْبَغْدَادِيّ ثَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن خَالِد ثَنَا أبي ثَنَا ابْن لَهِيعَة ثَنَا أَبُو الْأسود عَن عُرْوَة قال أقبل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْحُدَيْبِيَة رَاجعا فَقال رجل من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالله مَا هَذَا بِفَتْح لقد صُدِدْنَا عَن الْبَيْت وَصد هدينَا وَعَكَفَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ورد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رجلَيْنِ من الْمُسلمين خرجا فَبلغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن هَذَا لَيْسَ بِفَتْح فَقال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم «بئس الْكَلَام هَذَا أعظم الْفتُوح لقد رَضِي الْمُشْركُونَ أَن يَدْفَعُوكُمْ بِالرَّاحِ عَن بِلَادهمْ وَيَسْأَلُوكُمْ الْقَضِيَّة وَيرغبُوا إِلَيْكُم فِي الْأمان وَقد رَأَوْا مِنْكُم مَا كَرهُوا وَقد أَظْفَرَكُم الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِم وردوكم سَالِمين غَانِمِينَ مَأْجُورِينَ فَهَذَا أعظم الْفتُوح» الحديث بِطُولِهِ.
1207- الحديث الثاني:
رُوِيَ أَنه كَانَ فِي فتح الْحُدَيْبِيَة آيَة عَظِيمَة وَذَلِكَ أَنه نزح مَاؤُهَا حَتَّى لم يبْق فِيهَا قَطْرَة فَتَمَضْمَض رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ مجه فِيهَا فَدرت المَاء حَتَّى شرب جَمِيع من كَانَ مَعَه وَقيل فَجَاشَ المَاء حَتَّى امْتَلَأت وَلم ينفذ مَاؤُهَا بعد.
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي صَحِيحه فِي فَضَائِل النَّبِي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي إِسْحَاق عَن الْبَراء قال كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة عَلَى شَفير الْبِئْر فَدَعَا بِمَاء فَمَضْمض وَمَج فِي الْبِئْر فَمَشى غير بعيد ثمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى روينَا وَرويت رِكَابنَا انتهى.
وَأخرج أَيْضا عَن الْمسور ومروان قالا خرج علينا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من الْحُدَيْبِيَة إِلَى أَن قال فَعدل عَنْهُم حَتَّى نزل بأقصى الْحُدَيْبِيَة عَلَى ثَمد قَلِيل المَاء فَلم يلبث النَّاس أَن نَزَحُوهُ وَشَكوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْعَطش فَانْتزع سَهْما من كِنَانَته ثمَّ أَمرهم أَن يَجْعَلُوهُ فِيهِ فوَاللَّه مَا زَالَ يَجِيش لَهُم بِالريِّ حَتَّى صدرُوا عَنهُ متخصرا.
وَهَذَا مُخَالف للْأولِ أَو تَكُونَا وَاقِعَتَيْنِ أَو فعلا فِي بِئْر وَاحِدَة يدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْوَاقِدِيّ فِي الْمَغَازِي ثني الْهَيْثَم بن وَاقد عَن عَطاء بن أبي مَرْوَان عَن أَبِيه قال حَدثنِي أَرْبَعَة عشر رجلا مِمَّن أسلم من الصَّحَابَة أَن نَاجِية بن الْأَعْجَم حَدثهمْ قال دَعَاني رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين شكي إِلَيْهِ قلَّة المَاء يَعْنِي فِي الْحُدَيْبِيَة فَدفع إِلَيّ سَهْما من كِنَانَته وَأمر بِدَلْو من مَائِهَا فَمَضْمض فَاه مِنْهُ ثمَّ مجه فِي الدَّلْو وَقال لي «انْزِلْ بِالْمَاءِ فَصَبَّهُ فِي الْبِئْر وحثحث المَاء بِالسَّهْمِ» فَفعلت فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ مَا كدت أخرج حَتَّى كَاد يغمرني وَفَارَتْ كَمَا تَفُور الْقدر حَتَّى اسْتَوَى المَاء بشفيرها وَجعلُوا يَغْتَرِفُونَ مِنْهَا حَتَّى نَهِلُوا من آخِرهم مُخْتَصر.
قال الْوَاقِدِيّ وَثني مُحَمَّد بن الْحِجَازِي عَن أسيد بن أبي أسيد عَن أبي قَتَادَة قال لما دَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الرجل فَنزل بِالسَّهْمِ وَتوجه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَمَج فَاه فِيهِ ثمَّ رده إِلَى الْبِئْر جَاشَتْ بِالرَّوَاءِ مُخْتَصر وَقوله فَجَاشَ المَاء رَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة قصَّة الْحُدَيْبِيَة من طرق قال فِي طَرِيق مِنْهَا فَجَاشَ المَاء حَتَّى ضرب المَاء بِعَطَن.
وَلمُسلم فِي قصَّة خَيْبَر من حديث سَلمَة قال قدمنَا الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنحن أَربع عشرَة مائَة وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاة لَا ترْوِيهَا فَقعدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى جبا الرَّكية فإمَّا دَعَا وَإِمَّا بَصق قال فَجَاشَتْ فسقيا وَاسْتَقَيْنَا... الحديث بِطُولِهِ.
1208- الحديث الثَّالِث:
عَن جَابر بن عبد الله قال بَايعنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَحت الشَّجَرَة عَلَى الْمَوْت وَعَلَى أَلا نفر فَمَا نكث أحد منا الْبيعَة إِلَّا جد بن قيس وَكَانَ منافقا اخْتَبَأَ تَحت إبط بعيره وَلم يسر مَعَ الْقَوْم أَخْزَاهُ الله.
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي كتاب الْإِمَارَة من حديث أبي الزُّبَيْر عَن جَابر أَنه سُئِلَ كم كَانُوا يَوْم الْحُدَيْبِيَة قال كُنَّا أَربع عشرَة مائَة فَبَايَعْنَاهُ وَعمر آخذ بِيَدِهِ تَحت الشَّجَرَة وَهِي سَمُرَة فَبَايَعْنَاهُ غير جد بن قيس الْأنْصَارِيّ اخْتَبَأَ تَحت بطن بعيره انتهى.
وَرَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي وَالْبرَاز فِي مسنديهما من حديث أبي سُفْيَان عَن جَابر قال لم نُبَايِع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَوْت إِنَّمَا بَايَعْنَاهُ عَلَى أَلا نفر بَايَعْنَاهُ كلنا إِلَّا الْجد بن قيس فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ تَحت بطن بعيره انتهى.
1209- الحديث الرابع:
رَوَى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لما أَرَادَ الْمسير إِلَى مَكَّة عَام الْحُدَيْبِيَة مُعْتَمِرًا اسْتنْفرَ من حول الْمَدِينَة من أهل الْبَوَادِي وَالْإِعْرَاب لِيخْرجُوا مَعَه حذرا من قُرَيْش أَن يعرضُوا لَهُ بِحَرب أَو يَصُدُّوهُ عَن الْبَيْت وَأحرم هُوَ صلى الله عليه وسلم وسَاق الْهَدْي ليعلم أَنه لَا يُرِيد حَربًا فتناقل كثير من الْأَعْرَاب وَقال يذهب إِلَى قوم قد غَزوه فِي عقر دَاره بِالْمَدِينَةِ وَاعْتَلُّوا بِالشغلِ بِأَهَالِيِهِمْ وَأَمْوَالهمْ وَأَنه لَيْسَ لَهُم من يقوم بِأَشْغَالِهِمْ.
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ بِنَقص يسير فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب قصَّة الْحُدَيْبِيَة أَنا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أَنا عبد الرَّحْمَن بن الْحسن القَاضِي ثَنَا إِبْرَاهِيم بن الْحُسَيْن ثَنَا آدم بن أبي إِيَاس ثَنَا وَرْقَاء عَن ابْن أبي يَحْيَى عَن مُجَاهِد قال أرِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بِالْحُدَيْبِية أَنه يدْخل مَكَّة الحديث إِلَى أَن قال وَقال تعالى سَيَقول لَك الْمُخَلفُونَ من الْأَعْرَاب شَغَلَتْنَا أَمْوَالنَا وَأَهْلُونَا يَعْنِي أَعْرَاب الْمَدِينَة جُهَيْنَة وَمُزَيْنَة وَذَلِكَ أَنهم اِسْتَتْبَعَهُمْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم لِخُرُوجِهِ إِلَى مَكَّة فَقالوا أنذهب مَعَه إِلَى قوم جَاءُوهُ فَقتلُوا أَصْحَابه فَنُقَاتِلهُمْ فِي دِيَارهمْ فَاعْتَلُّوا بِالشغلِ مُخْتَصر.
1210- الحديث الخامس:
رَوَى أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين ترك الْحُدَيْبِيَة بعث جواس بن أُميَّة الْخُزَاعِيّ رَسُولا إِلَى أهل مَكَّة فَهموا بِهِ فَمَنعه الْأَحَابِيش فَلَمَّا رَجَعَ دَعَا بعمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه ليَبْعَثهُ فَقال إِنِّي أَخَافهُم عَلَى نَفسِي لما عرف من عَدَاوَتِي إيَّاهُم وَمَا بِمَكَّة عدي يَمْنعنِي وَلَكِنِّي أدلك عَلَى رجل هُوَ أعْربهَا مني وَأحب إِلَيْهِم عُثْمَان بن عَفَّان فَبَعثه فَخَبرهُمْ أَنه لم يَأْتِ بِحَرب وَإِنَّمَا جَاءَ زَائِرًا لهَذَا الْبَيْت مُعظما لِحُرْمَتِهِ فوقروه وَقالوا إِن شِئْت أَن تَطوف بِالْبَيْتِ فافعل فَقال مَا كنت لأَطُوف قبل أَن يطوف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَاحْتبسَ عِنْدهم فَأَرْجَفَ بِأَنَّهُم قَتَلُوهُ فَقال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم «لَا نَبْرَح حَتَّى نُنَاجِز الْقَوْم» ودعا النَّاس إِلَى الْبيعَة فَبَايعُوهُ تَحت الشَّجَرَة وَكَانَت سَمُرَة قال جَابر بن عبد الله لَو كنت أبْصر لَأَرَيْتُكُمْ مَكَانهَا وَقيل كَانَ عليه السلام جَالِسا فِي ظلّ الشَّجَرَة وَعَلَى ظَهره غُصْن من أَغْصَانهَا قال عبد الله بن الْمُغَفَّل وَكنت وَاقِفًا عَلَى رَأسه وَبِيَدِي غُصْن من الشَّجَرَة أذب عَنهُ فَرفعت الْغُصْن عَن ظَهره وَبَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْت دونه وَعَلَى أَلا يَفروا فَقال لَهُم عليه السلام «أَنْتُم الْيَوْم خير أهل الأَرْض» وَكَانَ عدد الْمُبَايِعين ألفا وَخَمْسمِائة وَخَمْسَة وَعشْرين وَقيل ألفا وَأَرْبَعمِائَة وَقيل ألفا وثلاثمائة.
قلت وجدته مفرقا.
فَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا يزِيد بن هَارُون أَنا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم قالا «خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام الْحُدَيْبِيَة يُرِيد زِيَارَة الْبَيْت لَا يُرِيد قتالا وسَاق مَعَه الْهَدْي سبعين بَدَنَة إِلَى أَن قال وَقد كَانَ قبل ذَلِك بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جواس بن أُميَّة الْخُزَاعِيّ إِلَى مَكَّة وَحمله عَلَى جمل لَهُ يُقال لَهُ الثَّعْلَب فَلَمَّا دخل مَكَّة أَرَادَت قُرَيْش قَتله فَمَنعهُمْ الْأَحَابِيش حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَدَعَا وَإِنَّمَا جَاءَ زَائِرًا لهَذَا الْبَيْت مُعظما لِحُرْمَتِهِ فوقروه وَقالوا إِن شِئْت أَن تَطوف بِالْبَيْتِ فافعل فَقال مَا كنت لأَطُوف قبل أَن يطوف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَاحْتبسَ عِنْدهم فَأَرْجَفَ بِأَنَّهُم قَتَلُوهُ فَقال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: لَا نَبْرَح حَتَّى نُنَاجِز الْقَوْم ودعا النَّاس إِلَى الْبيعَة فَبَايعُوهُ تَحت الشَّجَرَة وَكَانَت سَمُرَة قال جَابر بن عبد الله لَو كنت أبْصر لَأَرَيْتُكُمْ مَكَانهَا وَقيل كَانَ عليه السلام جَالِسا فِي ظلّ الشَّجَرَة وَعَلَى ظَهره غُصْن من أَغْصَانهَا قال عبد الله بن الْمُغَفَّل وَكنت وَاقِفًا عَلَى رَأسه وَبِيَدِي غُصْن من الشَّجَرَة أذب عَنهُ فَرفعت الْغُصْن عَن ظَهره وَبَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْت دونه وَعَلَى أَلا يَفروا فَقال لَهُم عليه السلام: أَنْتُم الْيَوْم خير أهل الأَرْض» وَكَانَ عدد الْمُبَايِعين ألفا وَخَمْسمِائة وَخَمْسَة وَعشْرين وَقيل ألفا وَأَرْبَعمِائَة وَقيل ألفا وثلاثمائة.
قلت وجدته مفرقا.
فَرَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده ثَنَا يزِيد بن هَارُون أَنا مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن الزُّهْرِيّ عَن عُرْوَة بن الزُّبَيْر عَن الْمسور بن مخرمَة ومروان بن الحكم قالا خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام الْحُدَيْبِيَة يُرِيد زِيَارَة الْبَيْت لَا يُرِيد قتالا وسَاق مَعَه الْهَدْي سبعين بَدَنَة إِلَى أَن قال وَقد كَانَ قبل ذَلِك بعث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جواس بن أُميَّة الْخُزَاعِيّ إِلَى مَكَّة وَحمله عَلَى جمل لَهُ يُقال لَهُ الثَّعْلَب فَلَمَّا دخل مَكَّة أَرَادَت قُرَيْش قَتله فَمَنعهُمْ الْأَحَابِيش حَتَّى أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَدَعَا عمر ليَبْعَثهُ إِلَى مَكَّة فَقال يَا رَسُول الله إِنِّي أَخَاف قُريْشًا عَلَى نَفسِي وَلَيْسَ بهَا أحد من بني عدي يَمْنعنِي وَقد عرفت قُرَيْش عَدَاوَتِي إِيَّاهَا وَغِلْظَتِي عَلَيْهَا وَلَكِن أدلك عَلَى رجل هُوَ أعز مني عُثْمَان بن عَفَّان قال فَدَعَاهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَبَعثه إِلَى قُرَيْش يُخْبِرهُمْ أَنه لم يَأْتِ لِحَرْب وَأَنه جَاءَ زَائِرًا لهَذَا الْبَيْت مُعظما لِحُرْمَتِهِ فَخرج عُثْمَان حَتَّى أَتَى مَكَّة فَلَقِيَهُ أبان بن سعيد بن الْعَاصِ فَنزل عَن دَابَّته وَحمله بَين يَدَيْهِ وَردفهُ خَلفه وَأَجَارَهُ حَتَّى بلغ رِسَالَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَانْطَلق عُثْمَان حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَان وَعُظَمَاء قُرَيْش فَبَلغهُمْ عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا أرْسلهُ بِهِ فَقالوا لعُثْمَان إِن شِئْت أَن تَطوف بِالْبَيْتِ فَطُفْ فَقال مَا كنت لأَفْعَل حَتَّى يطوف بِهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال وَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْش عِنْدهَا فَبلغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَالْمُسْلِمين أَن عُثْمَان قتل مُخْتَصر من حديث فتح مَكَّة.
وَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره عَن عِكْرِمَة مولَى ابْن عَبَّاس أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم دَعَا جواس بن أُميَّة الْخُزَاعِيّ... فَذكره مُرْسلا بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور.
ثمَّ أخرج عَن ابْن إِسْحَق قال حَدثنِي عبد الله بن أبي بكر أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين بلغه أَن عُثْمَان قد قتل قال: «لَا نَبْرَح حَتَّى نُنَاجِز الْقَوْم» ودعا النَّاس إِلَى الْبيعَة فَكَانَت بيعَة الرضْوَان تَحت الشَّجَرَة فَقال النَّاس يَقولونَ بايعهم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَوْت وَجَابِر يَقول لم يُبَايِعنَا عَلَى الْمَوْت وَلَكِن بَايعنَا عَلَى أَلا نفر... إِلَى أَن قال وَبلغ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذكر من أم عُثْمَان بَاطِل مُخْتَصر.
وَقوله فَبَايعُوهُ تَحت الشَّجَرَة وَكَانَت سَمُرَة رَوَاهُ مُسلم فِي الْإِمَارَة من حديث أبي الزُّبَيْر عَن جَابر أَنه سُئِلَ كم كَانُوا يَوْم الْحُدَيْبِيَة قال كُنَّا أَربع عشرَة مائَة فَبَايَعْنَاهُ وَعمر آخذ بِيَدِهِ تَحت الشَّجَرَة وَهِي سَمُرَة.
وَقول جَابر لَو كنت أبْصر لَأَرَيْتُكُمْ مَكَانهَا أَخْرجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَمْرو بن مرّة عَن جَابر قال كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألفا وَأَرْبَعمِائَة فَقال النَّبِي صلى الله عليه وسلم «أَنْتُم الْيَوْم خير أهل الأَرْض» قال جَابر لَو كنت أبْصر لَأَرَيْتُكُمْ مَوضِع الشَّجَرَة انتهى.
وَحديث عبد الله بن الْمُغَفَّل رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير أَنا مُحَمَّد بن عقيل أَنا عَلّي بن الْحُسَيْن ثني أبي عَن ثَابت ثني عبد الله بن مُغفل الْمُزنِيّ قال كُنَّا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِية فِي أصل الشَّجَرَة وَعَلَى ظَهره غُصْن من أَغْصَان تِلْكَ الشَّجَرَة فَرَفَعته عَن ظَهره... وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ فِي الحديث التاسع:
وَقوله عليه السلام «أَنْتُم الْيَوْم خير أهل الأَرْض» تقدم تَقْرِيبًا.
وَأما عدد التَّابِعين فَفِيهِ ثَلَاث رِوَايَات كَمَا ذكر المُصَنّف.
فَالرِّوَايَة الأولَى أَخْرَجَاهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن سَالم ابْن أبي الْجَعْد قال سَأَلت جَابر ابْن عبد الله عَن أَصْحَاب الشَّجَرَة فَقال لَو كُنَّا مائَة لَكَفَانَا كُنَّا ألفا وَخَمْسمِائة انتهى.
وَالرِّوَايَة الثَّانِيَة أَخْرَجَاهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَمْرو بن مرّة عَن جَابر قال كُنَّا يَوْم الْحُدَيْبِيَة... وَقد تقدم قَرِيبا بِتَمَامِهِ.
وَأما الرِّوَايَة الثَّالِثَة فَأَخْرَجَاهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضا من حديث عَمْرو بن مرّة عَن عبد الله بن أبي أَوْفَى قال كَانَ أَصْحَاب الشَّجَرَة ألفا وثلاثمائة وَكَانَت أسلم ثمن الْمُهَاجِرين انتهى.
ذكر هَذِه الْأَحَادِيث فِي الْمَغَازِي وَذكر الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة الرِّوَايَات الثَّلَاث وَعَزاهَا لِلصَّحِيحَيْنِ ثمَّ اسند إِلَى قَتَادَة قال قلت لسَعِيد بن الْمسيب كم كَانَ الَّذين شهدُوا بيعَة الرضْوَان قال خمس عشرَة مائَة قال قلت فَإِن جَابر ابْن عبد الله قال كَانُوا أَربع عشرَة مائَة قال يرَحِمَهُ اللَّهُ لقد وهم هُوَ وَالله حَدثنِي أَنهم كَانُوا خمس عشرَة مائَة. انتهى.
وَهَذَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّالِث من الْقسم الْخَامِس وَعَزاهُ الْبَيْهَقِيّ للْبُخَارِيّ وَلم أَجِدهُ قال الْبَيْهَقِيّ وَهَذَا يدل عَلَى أَنه كَانَ يَقول فِي الْقَدِيم خمس عشرَة ثمَّ يذكر الْوَهم فَقال أَربع عشرَة وَرِوَايَة الْأَرْبَع عشرَة أصح كَذَلِك رَوَاهُ الْبَراء بن عَازِب وَمَعْقِل بن يسَار وَسَلَمَة بن الْأَكْوَع انتهى.
قلت:
فَحديث سَلمَة بن الْأَكْوَع رَوَاهُ مُسلم قال قدمنَا الْحُدَيْبِيَة مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَنحن أَربع عشرَة مائَة فَدَعَانَا لِلْبيعَةِ فِي أقْصَى الشَّجَرَة قال فَبَايَعته أول النَّاس... الحديث.
وَحديث معقل بن يسَار رَوَاهُ مُسلم أَيْضا عَنهُ قال لقد رَأَيْتنِي يَوْم الشَّجَرَة وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يُبَايع النَّاس وَأَنا غُصْن من أَغْصَانهَا عَن رَأسه وَنحن لم نُبَايِعهُ عَلَى الْمَوْت وَلَكِن بَايَعْنَاهُ عَلَى أَلا نفر انتهى.
وَرَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه ثمَّ قال وَفِي هَذَا رد عَلَى من يَقول إِن هَذِه الرِّوَايَة بهَا جَابر قال وَالصَّحِيح ألف وَخَمْسمِائة. انتهى. وَحديث الْبَراء مَا وجدته.
1211- الحديث السادس:
رُوِيَ أَن عِكْرِمَة بن أبي جهل خرج فِي خَمْسمِائَة فَبعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم من هَزَمه وَأدْخلهُ حيطان مَكَّة وَكَانَ ذَلِك فِي غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة.
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ فِي تَفْسِيره حَدثنَا ابْن حميد ثَنَا يَعْقُوب القمي ثَنَا جَعْفَر عَن ابْن أَبْزَى قال لما خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِالْهَدْي وَانْتَهَى إِلَى ذِي الحليفة قال لَهُ عمر يَا نَبِي الله تدخل عَلَى قوم حَرْب لَك بِغَيْر سلَاح وَلَا كرَاع قال فَبعث إِلَى الْمَدِينَة فَلم يدع فِيهَا كُرَاعًا وَلَا سِلَاحا إِلَّا حمله فَلَمَّا دنا من مَكَّة منعُوهُ أَن يدْخل فَسَار حَتَّى أَتَى منى فَنزل بهَا فَأَتَاهُ عينه أَن عِكْرِمَة بن أبي جهل قد خرج عَلَيْك فِي خَمْسمِائَة فَقال لخَالِد بن الْوَلِيد «يَا خَالِد هَذَا ابْن عمك وَقد أَتَاك فِي الْخَيل» فَقال خَالِد أَنا سيف الله وَسيف رَسُوله فَيَوْمئِذٍ سمي سيف الله يَا رَسُول الله ارْمِ بِي إِن شِئْت فَبَعثه عَلَى خيل فلقي عِكْرِمَة فِي الشّعب فَهَزَمَهُ حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة ثمَّ عَاد فِي الثَّانِيَة فَهَزَمَهُ حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة ثمَّ عَاد فِي الثَّالِثَة فَهَزَمَهُ حَتَّى أدخلهُ حيطان مَكَّة فَأنْزل الله {وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم بِبَطن مَكَّة} إِلَى قوله: {عذَابا أَلِيمًا} قال فَكف الله تعالى النَّبِي عَنْهُم من بعد أَن أظفرهم عَلَيْهِم لِبَقَايَا من الْمُسلمين كَانُوا أَبقوا فِيهَا كَرَاهِيَة أَن تَطَأهُمْ الْخَيل انتهى.