فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير، وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال: هي خيبر، وروى ذلك عن الضحاك وإسحق وابن زيد أيضًا، وفيه خفاء فلا تغفل.
{وَلَوْ قاتلكم الذين كفَرُواْ} أي من أهل مكة ولم يصالحوكم كما روى عن قتادة، وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج أنهم حليفا أهل خيبر أسد: وغطفان، وقيل: اليهود وليس بذاك {لَوَلَّوُاْ الادبار} أي لانهزموا فتولية الدبر كناية عن الهزيمة {ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا} يحرسهم، وذكر الخفاجي أن الحارس أحد معاني الولي، وتفسيره هنا بذلك بمناسبته للمنهزم، وقال الراغب: كل من ولي أمر آخر فهو وليه، وعليه فالحارس ولي لأنه يلي أمر المحروس، والتنكير للتعميم أي لا يجدون فردًا ما من الأولياء {وَلاَ نَصِيرًا} ولا فردًا ما من الناصرين ينصرهم، وقال الإمام: أريد: بالولي من ينفع باللطف وبالنصير من ينفع بالعنف.
{سُنَّةَ الله التي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ} نصب على المصدرية بفعل محذوف أي سن سبحانه غلبة أنبيائه عليهم السلام سنة قديمة فيمن مضى من الأمم كما قال سبحانه: {لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى} [المجادلة: 12] على ما هو المتبادر من معناه، ولعل المراد أن سنته تعالى أن تكون العاقبة لأنبيائه عليهم السلام لا أنهم كلما قاتلوا الكفار غلبوهم وهزموهم {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلًا} تغييرًا. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.
عود إلى تفصيل ما جازى الله به أصحاب بيعة الرضوان المتقدم إجماله في قوله: {إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله} [الفتح: 10]، فإن كون بيعتهم الرسول صلى الله عليه وسلم تعتبر بيعة لله تعالى أوْمأ إلى أن لهم بتلك المبايعة مكانة رفيعة من خير الدنيا والآخرة، فلما قطع الاسترسال في ذلك بما كان تحذيرًا من النكث وترغيبًا في الوفاء، بمناسبة التضاد وذكر ما هو وسط بين الحالين وهو حال المخلَّفين، وإبطال اعتذارهم وكشف طويتهم، وإقصائهم عن الخير الذي أعده الله للمبايعين وأرجائهم إلى خير يسنح من بعدُ إن هم صدقوا التوبة وأخلصوا النية.
فقد أنال الله المبايعين رضوانَه وهو أعظم خير في الدنيا والآخرة قال تعالى: {ورضوان من الله أكبر} [التوبة: 72] والشهادة لهم بإخلاص النية، وإنزاله السكينة قلوبهم ووعدهم بثواب فتح قريب ومغانم كثيرة.
وفي قوله: {عن المؤمنين إذ يبايعونك} إيذان بأن من لم يبايع ممن خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس حينئذٍ بمؤمن وهو تعريض بالجدّ بن قيس إذ كان يومئذٍ منافقًا ثم حَسن إسلامه.
وقد دعيت هذه البيعة بيعةَ الرضوان من قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة}.
و{إذ يبايعونك} ظرف متعلّق بـ {رضي}، وفي تعليق هذا الظرف بفعل الرضى ما يفهم أن الرضى مسبب عن مفاد ذلك الظرف الخاص بما أضيف هو إليه، مع ما يعطيه توقيت الرضى بالظرف المذكور من تعجيل حصول الرضى بحدثان ذلك الوقت، ومع ما في جعل الجملة المضاف إليها الظرفُ فِعليةً مضارعيّةً من حصول الرضى قبل انقضاء الفعل بل في حال تجدده.
فالمضارع في قوله: {يبايعونك} مستعمل في الزمان الماضي لاستحضار حالة المبايعة الجليلة، وكون الرضى حصل عند تجديد المبايعة ولم ينتظر به تمامها، فقد علمت أن السورة نزلت بعد الانصراف من الحديبية.
والتعريف في {الشجرة} تعريف العهد وهي: الشجرة التي عهدها أهل البيعة حين كان النبي صلى الله عليه وسلم جالسًا في ظلها، وهي شجرة من شجر السَّمُر بفتح السين المهملة وضم الميم وهو شجر الطلح.
وقد تقدم أن البيعة كانت لما أُرجف بقتل عثمان بن عفان بمكة فعن سلمة بن الأكوع وعبد الله بن عمر، يزيدُ أحدهما على الآخر بينما نحن قائلون يوم الحديبية وقد تفرق الناس في ظلال الشجر إذ نادى عمر بن الخطاب: أيّها الناس البيعةَ البيعةَ، نَزَل روحُ القدُس فاخرُجوا على اسم الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي دعا الناس إلى البيعة فثار الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعوه كلهم إلا الجدَّ بن قيس.
وعن جابر بن عبد الله بعدَ أن عمي لو كنت أبصر لأريتكم مكان الشجرة.
وتواتر بين المسلمين علم مكان الشجرة بصلاة الناس عند مكانها.
وعن سعيد بن المسيب عن أبيه المسيب أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قال: فلما خرجنا من العام المقبل أي في عمرة القضية نسيناها فلم نقدر عليها وعن طارق بن عبد الرحمان قال: انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون قلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسولُ الله بيعة الرضوان.
فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد: إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم أفأنتم أعلم.
والمراد بقول طارق: ما هذا المسجد: مكانُ السجود، أي الصلاة، وليس المراد البيت الذي يبني للصلاة لأن البناء على موضع الشجرة وقع بعد ذلك الزمن فهذه الشجرة كانت معروفة للمسلمين وكانوا إذا مروا بها يصلون عندها تيمنا بها إلى أن كانت خلافة عمر فأمر بقطعها خشية أن تكون كذاتتِ أنواط التي كانت في الجاهلية، ولا معارضة بين ما فعله المسلمون وبين ما رواه سعيد بن المسيب عن أبيه أنه وبعض أصحابه نسوا مكانها لأن الناس متفاوتون في توسُّم الأمكنة واقتفاء الآثار.
والمروي أن الذي بنى مسجدًا على مكان الشجرة أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي ولكن في المسجد المذكور حجر مكتوب فيه أمر عبد الله أمير المؤمنين أكرمه الله ببناء هذا المسجد مسجد البيعة وأنه بني سنة أربع وأربعين ومائتين، وهي توافق مدة المتوكّل جعفر بن المعتصم وقد تخرب فجدده المستنصر العباسي سنة 629 ثم جدده السلطان محمود خان العثماني سنة 1254 وهو قائم إلى اليوم.
وذكر {تحت الشجرة} لاستحضار تلك الصورة تنويهًا بالمكان فإن لذكر مواضع الحوادث وأزمانها معاني تزيد السامع تصورًا ولما في تلك الحوادث من ذكرى مثل مواقع الحروب والحوادث كقول عبد الله بن عباس ويوم الخميس وما يوم الخميس اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الحديث.
ومواقع المصائب وأيامها.
و{إذ} ظرف يتعلق بفعل {رضي}، أي رضي الله عنهم في ذلك الحين.
وهذا رضى خاص، أي تعلّق رضى الله تعالى عنهم بتلك الحالة.
والفاء في قوله: {فعلم ما في قلوبهم} ليست للتعقيب لأن علم الله بما في قلوبهم ليس عقب رضاه عنهم ولا عقب وقوع بيعتهم فتعين أن تكون فاء فصيحة تفصح عن كلام مقدر بعدها.
والتقدير: فلما بايعوك علم ما في قلوبهم من الكآبة، ويجوز أن تكون الفاء لتفريع الأخبار بأن الله علم ما في قلوبهم بعد الإخبار برضي الله عنهم لما في الإخبار بعلمه ما في قلوبهم من إظهار عنايته بهم.
ويجوز أن يكون المقصود من التفريع قوله: {فأنزل السكينة عليهم} ويكون قوله: {فعلم ما في قلوبهم} توطئة له على وجه الاعتراض.
والمعنى: لقد رضي الله عن المؤمنين من أجل مبايعتهم على نصرك فلما بايعوا وتحفزوا لقتال المشركين ووقع الصلح حصلت لهم كآبة في نفوسهم فأعلمهم الله أنه اطلع على ما في قلوبهم من تلك الكآبة، وهذا من علمه الأشياء بعد وقوعها وهو من تعلق علم الله بالحوادث بعد حدوثها، أي علمه بأنها وقعت وهو تعلق حادث مثل التعلقات التنجيزية.
والمقصود بإخبارهم بأن الله علم ما حصل في قلوبهم الكآبة عن أنه قَدَر ذلك لهم وشكرهم على حبهم نصر النبي صلى الله عليه وسلم بالفعل ولذلك رتب عليه قوله: {فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا}.
والسكينة هنا هي: الطمأنينة والثقة بتحقيق ما وعدهم الله من الفتح والارتياض على ترقبه دون حسرة فترتب على علمه ما في قلوبهم إنزاله السكينة عليهم، أي على قلوبهم فعبر بضميرهم عوضًا عن ضمير {قلوبهم} لأن قلوبهم هي نفوسهم.
وعطف {أثابهم} على فعل {رضي اللَّه}.
ومعنى أثابهم: أعطاهم ثوابًا، أي عوضًا، كما يقال في هبة الثواب، أي عوضهم عن المبايعة بفتح قريب.
والمراد: أنه وعدهم بثواب هو فتح قريب ومغانم كثيرة، ففعل {أثابهم} مستعمل في المستقبل.
وهذا الفتح هو فتح خيبر فإنه كان خاصًا بأهل الحديبية وكان قريبًا من يوم البيعة بنحو شهر ونصف.
والمغانم الكثيرة المذكورة هنا هي: مغانم أرض خيبر والأنعام والمتاع والحوائط فوصفت بـ {كثيرة} لتعدّد أنواعها وهي أول المغانم التي كانت فيها الحوائط.
وفائدة وصف المغانم بجملة {يأخذونها} تحقيق حصول فائدة هذا الوعد لجميع أهل البيعة قبل أن يقع بالفعل ففيه زيادة تحقيق لكون الفتح قريبًا وبشارةٌ لهم بأنهم لا يهلك منهم أحد قبل رؤية هذا الفتح.
وجملة {وكان اللَّه عزيزًا حكيمًا} معترضة، وهي مفيدة تذييل لجملة {وأثابهم فتحًا قريبًا ومغانم كثيرة يأخذونها} لأن تيسير الفتح لهم وما حصل لهم فيه من المغانم الكثيرة من أثر عزة الله التي لا يتعاصى عليها شيء صعب، ومن أثر حكمته في ترتيب المسببات على أسبابها في حالة ليظن الرائي أنها لا تيسّر فيها أمثالها.
{وَعَدَكُمُ الله مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ}.
هذه الجملة مستأنفة استئنافًا بيانيًا نشأ عن قوله: {وأثابهم فتحًا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها} [الفتح: 18، 19] إذ علم أنهُ فتحُ خيبر، فحق لهم ولغيرهم أن يخطر ببالهم أن يترقبوا مغانم أخرى فكان هذا الكلام جوابًا لهم، أي لكم مغانم أخرى لا يُحرم منها من تخلفوا عن الحديبية وهي المغانم التي حصلت في الفتوح المستقبلة.
فالخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم وللمسلمين تبعًا للخطاب الذي في قوله: {إذ يبايعونك تحت الشجرة} [الفتح: 18] وليس خاصًا بالذين بايعوا.
والوعد بالمغانم الكثيرة واقع في ما سبق نزوله من القرآن وعلى لسان الرسول صلى الله عليه وسلم مما بلغه إلى المسلمين في مقامات دعوته للجهاد.
ووصف {مغانم} بجملة {تأخذونها} لتحقيق الوعد.
وبناء على ما اخترناه من أن هذه السورة نزلت دفعة واحدة يكون فعل {فعجّل} مستعملًا في الزمن المستقبل مجازًا تنبيهًا على تحقيق وقوعه، أي سيعجل لكم هذه.
وإنما جعل نوالهم غنائم خيبر تعجيلًا، لقرب حصوله من وقت والوعد به.
ويحتمل أن يكون تأخّر نزول هذه الآية إلى ما بعد فتح خيبر على أنها تكملة لآية الوعد التي قبلها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضعها عقبها وقد أشرنا إلى ذلك في الكلام على أول هذه السورة ولكن هذا غير مروي.
والإشارة في قوله: {هذه} إلى المغانم في قوله: {ومغانم كثيرة يأخذونها} [الفتح: 19] وأشير إليها على اختلاف الاعتبارين في استعمال فعل {فعجل لكم هذه}.
{هذه وَكَفَّ أَيْدِىَ الناس}.
امتنان عليهم بنعمة غفلوا عنها حين حزنوا لوقوع صلح الحديبية وهي نعمة السلم، أي كف أيدي المشركين عنهم فإنهم لو واجهوهم يوم الحديبية بالقتال دون المراجعة في سبب قدومهم لرجع المسلمون بعد القتال متعبين.
ولَما تهيأ لهم فتح خيبر، وأنهم لو اقتتلوا مع أهل مكّة لدُحِض في ذلك مؤمنون ومؤمنات كانوا في مكة كما أشار إليه قوله تعالى: {ولولا رجال مؤمنون} [الفتح: 25] الآية.
فالمراد بـ {الناس}: أهل مكة جريًا على مصطلح القرآن في إطلاق هذا اللفظ غالبًا.
وقيل: المراد كف أيدي الأعراب المشركين من بني أسد وغطفان وكانوا أحلافًا ليهود خيبر وجاءوا لنصرتهم لما حاصر المسلمون خيبر فألقى الله في قلوبهم الرعب فنكصوا.
وقيل: إن المشركين بعثوا أربعين رجلًا ليصيبوا من المسلمين في الحديبية فأسرهم المسلمون، وهو ما سيجيء في قوله: {وأيْدِيَكم عنهم} [الفتح: 24].
وقيل: كفّ أيدي اليهود عنكم، أي عن أهلكم وذراريكم إذ كانوا يستطيعون أن يهجموا على المدينة في مدة غيبة معظم أهلها في الحديبية، وهذا القول لا يناسبه إطلاق لفظ {الناس} في غالب مصطلح القرآن.
والكف: منع الفاعل من فعل أراده أو شرع فيه، وهو مشتق من اسم الكف التي هي اليد لأن أصل المنع أن يكون دفعًا باليد، ويقال: كف يده عن كذا، إذا منعه من تناوله بيده.
وأطلق الكف هنا مجازًا على الصرف، أي قدّر الله كف أيدي الناس عنكم بأن أوجد أسباب صرفهم عن أن يتناولوكم بضر سواء نووه أو لم ينووه، وإطلاق الفعل على تقديره كثير في القرآن حين لا يكون للتعبير عن المعاني الإلهية فعل مناسب له في كلام العرب، فإن اللغة بينت على متعارف الناس مخاطباتهم وطرأت معظم المعاني الإلهية بمجيء القرآن فتغير عن الشأن الإلهي بأقرب الأفعال إلى معناه.
{عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ ءَايَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صراطا}.
الظاهر أن الواو عاطفة وأن ما بعد الواو علة كما تقتضي لام كي فتعين أنه تعليل لشيء مما ذكر قبله في اللفظ أو عطف على تعليل سبقه.
فيجوز أن يكون معطوفًا على بعض التعليلات المتقدمة من قوله: {ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم} [الفتح: 4] أو من قوله: {ليُدخل المؤمنين والمؤمنات جنات} [الفتح: 5] وما بينهما اعتراضًا وهو وإن طال فقد اقتضته التنقلات المتناسبات.
والمعنى أن الله أنزل السكينة في قلوب المؤمنين لمصالح لهم منها ازدياد إيمانهم واستحقاقهم الجنة وتكفير سيئاتهم واستحقاق المنافقين والمشركين العذابَ، ولتكون السكينة آية للمؤمنين، أي عبرة لهم واستدلالًا على لطف الله بهم وعلى أن وعده لا تأويل فيه.
ومعنى كون السكينة آيةً أنها سبب آية لأنهم لما نزلت السكينة في قلوبهم اطمأنت نفوسهم فخلصت إلى التدبر والاستدلال فبانت لها آيات الله فتأنيث ضمير الفعل لأن معاده السكينة.
ويجوز أن يكون معطوفًا على تعليل محذوف يُثَار من الكلام السابق، حذف لتذهب نفس السامع كل مذهب ممكن في تقديره توفيرًا للمعنى.
والتقدير: فعجّل لكم هذه لِغايات وحِكم ولتكون آية.
فهو من ذكر الخاص بعد العام المقدر.
فالتقدير مثلًا: ليحصل التعجيل لكم بنفع عوضًا عما ترقبتموه من منافع قتال المشركين، ولتكون هذه المغانم آية للمؤمنين منكم ومَن يعرِفون بها أنهم من الله بمكان عنايته وأنه مُوففٍ لهم ما وعدهم وضامن لهم نصرهم الموعود كما ضمن لهم المغانم القريبة والنصر القريب.
وتلك الآية تزيد المؤمنين قوة إيمان.
وضمير {لتكون} على هذه راجع إلى قوله: {هذه} على أنها المعللة.
ويجوز أن يكون الضمير للخصال التي دل عليها مجموع قوله: {فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم} فيكون معنى قوله: {ولتكون آية للمؤمنين} لغايات جمة منها ما ذكر آنفًا ومنها سلامة المسلمين في وقت هم أحوج فيه إلى استبقاء قوتهم مِنْهم إلى قتال المشركين ادخارًا للمستقبل.