فصل: قال الثعالبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



أو يكون مفعولًا له؛ كأنه قال: محبوسًا كراهية أن يبلغ محله.
ويجوز تقدير الجر في (أن) لأن عن تقدمت؛ فكأنه قال: وصدُّوكم عن المسجد الحرام، وصدُّوا الهَدْيَ (عن) أن يبلغ محله.
ومثله ما حكاه سيبويه عن يونس: مررت برجل إنْ زيدٍ وإن عمرٍو؛ فأضمر الجار لتقدم ذكره.
قوله تعالى: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} فيه ثلاث مسائل:
الأولى قوله تعالى: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ} يعني المستضعفين من المؤمنين بمكة وسط الكفار؛ كمسلمة بن هشام وعَيّاش بن أبي ربيعة وأبي جَنْدل بن سهيل، وأشباهِهم.
{لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ} أي تعرفوهم.
وقيل لم تعلموهم أنهم مؤمنون.
{أَن تَطَئُوهُمْ} بالقتل والإيقاع بهم؛ يقال: وطِئت القوم؛ أي أوقعت بهم.
و{أَنْ} يجوز أن يكون رفعًا على البدل من (رجالٌ، ونساءٌ) كأنه قال ولولا وطؤكم رجالًا مؤمنين ونساءً مؤمنات.
ويجوز أن يكون نصبًا على البدل من الهاء والميم في {تَعْلَمُوهُمْ}؛ فيكون التقدير: لم تعلموا وطأهم؛ وهو في الوجهين بدل الاشتمال.
و{لَمْ تَعْلَمُوهُمْ} نعت ل (رجالٌ) و(نساءٌ).
وجواب {لَوْلاَ} محذوف؛ والتقدير: ولو أن تطئوا رجالًا مؤمنين ونساءً مؤمنات لم تعلموهم لأذن الله لكم في دخول مكة، ولسلطكم عليهم؛ ولكنا صُنَّا من كان فيها يكتم إيمانه.
وقال الضحاك: لولا من في أصلاب الكفار وأرحام نسائهم من رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموا أن تطئوا آباءهم فتهلك أبناؤهم.
الثانية قوله تعالى: {فَتُصِيبَكمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الْمعَرَّة العيب، وهي مفعلة من العُرّ وهو الجَرَب؛ أي يقول المشركون: قد قتلوا أهل دينهم.
وقيل: المعنى يصيبكم من قتلهم ما يلزمكم من أجله كفارة قتل الخطأ؛ لأن الله تعالى إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يكن هاجر منها ولم يعلم بإيمانه الكفارةَ دون الدية في قوله: {فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ} قاله الكلبي ومقاتل وغيرهما.
وقد مضى في (النساء) القول فيه.
وقال ابن زيد: {مَعَرَّةٌ} إثم.
وقال الجوهري وابن إسحاق: غُرْم الدِّيَة.
قطرب: شدّة.
وقيل غَمّ.
الثالثة قوله تعالى: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} تفضيل للصحابة وإخبار عن صفتهم الكريمة من العفة عن المعصية والعصمة عن التعدّي، حتى لو أنهم أصابوا من ذلك أحدًا لكان عن غير قصد.
وهذا كما وصفت النملة عن جند سليمان عليه السلام في قولها: {يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ} [النمل: 8 1].
قوله تعالى: {لِّيُدْخِلَ الله فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ} فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {لِّيُدْخِلَ الله فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ} اللام في {لِيُدْخِلَ} متعلقة بمحذوف؛ أي لو قتلتموهم لأدخلهم الله في رحمته.
ويجوز أن تتعلق بالإيمان.
ولا تحمل على مؤمنين دون مؤمنات ولا على مؤمنات دون مؤمنين؛ لأن الجميع يدخلون في الرحمة.
وقيل: المعنى لم يأذن الله لكم في قتال المشركين ليسلم بعد الصلح من قضى أن يسلم من أهل مكة؛ وكذلك كان أسلم الكثير منهم وحسن إسلامه، ودخلوا في رحمته؛ أي جنته.
الثانية قوله تعالى: {لَوْ تَزَيَّلُواْ} أي تميّزوا؛ قاله القُتَبي.
وقيل: لو تفرقوا؛ قاله الكلبي.
وقيل: لو زال المؤمنون من بين أظهر الكفار لعذب الكفار بالسيف؛ قاله الضحاك.
ولكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار.
وقال عليّ رضي الله عنه: سألت النبيّ صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ} فقال: هم المشركون من أجداد نبيّ الله ومن كان بعدهم وفي عصرهم كان في أصلابهم قوم مؤمنون فلو تزيَّل المؤمنون عن أصلاب الكافرين لعذب الله تعالى الكافرين عذابًا أليمًا.
الثالثة هذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن؛ إذ لا يمكن أذية الكافر إلا بأذية المؤمن.
قال أبو زيد قلت لابن القاسم: أرأيت لو أن قومًا من المشركين في حصن من حصونهم، حصرهم أهل الإسلام وفيهم قوم من المسلمين أسارى في أيديهم، أيحرق هذا الحصن أم لا؟ قال: سمعت مالكًا وسئل عن قوم من المشركين في مراكبهم: أنرمي في مراكبهم بالنار ومعهم الأسارى في مراكبهم؟ قال: فقال مالك لا أرى ذلك؛ لقوله تعالى لأهل مكة: {لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.
وكذلك لو تَتَرّس كافر بمسلم لم يُجز رميه.
وإن فعل ذلك فاعل فأتلف أحدًا من المسلمين فعليه الدية والكفارة.
فإن لم يعلموا فلا ديّة ولا كفارة؛ وذلك أنهم إذا علموا فليس لهم أن يرموا، فإذا فعلوه صاروا قَتَلَة خطأ والدِّيَة على عواقلهم.
فإن لم يعلموا فلهم أن يرموا.
وإذا أبيحوا الفعل لم يجز أن يبقى عليهم فيها تِبَاعة.
قال ابن العربي: وقد قال جماعة إن معناه لو تزيّلوا عن بطون النساء وأصلاب الرجال.
وهذا ضعيف؛ لأن مَن في الصلب أو في البطن لا يوطأ ولا تصيب منه معرّة.
وهو سبحانه قد صرح فقال: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ} وذلك لا ينطلق على مَن في بطن المرأة وصُلب الرجال، وإنما ينطلق على مثل الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، وأبي جندل بن سهيل.
وكذلك قال مالك: وقد حاصرنا مدينة الروم فحبس عنهم الماء، فكانوا يُنزلون الأسارى يستقون لهم الماء، فلا يقدر أحد على رميهم بالنبل، فيحصل لهم الماء بغير اختيارنا.
وقد جوّز أبو حنيفة وأصحابه والثَّوْريّ الرّمي في حصون المشركين وإن كان فيهم أسارى من المسلمين وأطفالهم.
ولو تَتَرّس كافر بولد مسلم رمي المشرك، وإن أصيب أحد من المسلمين فلا دِيّة فيه ولا كفارة.
وقال الثوري: فيه الكفارة ولا دية.
وقال الشافعي بقولنا.
وهذا ظاهر؛ فإن التوصل إلى المباح بالمحظور لا يجوز؛ سِيَّما بروح المسلم؛ فلا قول إلا ما قاله مالك رضي الله عنه.
والله أعلم.
قلت: قد يجوز قتل التُّرْس، ولا يكون فيه اختلاف إن شاء الله، وذلك إذا كانت المصلحة ضرورية كليَّة قطعية.
فمعنى كونها ضرورية: أنها لا يحصل الوصول إلى الكفار إلا بقتل الترس.
ومعنى أنها كلية: أنها قاطعة لكل الأمة، حتى يحصل من قتل الترس مصلحة كل المسلمين؛ فإن لم يفعل قتل الكفار الترس واستولوا على كل الأمة.
ومعنى كونها قطعية: أن تلك المصلحة حاصلة من قتل الترس قطعًا.
قال علماؤنا: وهذه المصلحة بهذه القيود لا ينبغي أن يختلف في اعتبارها؛ لأن الفرض أن الترس مقتول قطعًا؛ فإما بأيدي العدوّ فتحصل المفسدة العظيمة التي هي استيلاء العدوّ على كل المسلمين.
وإما بأيدي المسلمين فيهلك العدو وينجو المسلمون أجمعون.
ولا يتأتى لعاقل أن يقول: لا يقتل الترس في هذه الصورة بوجه؛ لأنه تلزم منه ذهاب الترس والإسلام والمسلمين، لكن لما كانت هذه المصلحة غير خالية من المفسدة، نفرت منها نفس من لم يمعن النظر فيها؛ فإن تلك المفسدة بالنسبة إلى ما يحصل منها عدم أو كالعدم.
والله أعلم.
الرابعة قراءة العامة {لَوْ تَزَيَّلُوا} إلا أبا حَيْوَة فإنه قرأ {تَزَايَلُوا} وهو مثل {تَزَيَّلُوا} في المعنى.
والتزايل: التباين.
و{تَزَيَّلُوا} تفعّلوا، من زِلْت.
وقيل: هي تَفَيْعَلُوا.
{لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَروا} قيل: اللام جواب لكلامين؛ أحدهما {لَوْلاَ رِجَالٌ} والثاني {لَوْ تَزَيَّلُوا}.
وقيل جواب {لَوْلاَ} محذوف؛ وقد تقدّم.
{وَلَوْ تَزَيَّلُوا} ابتداء كلام.
{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ}.
العامل في {إِذْ} قوله تعالى: {لَعَذَّبْنَا} أي لعذبناهم إذ جعلوا هذا.
أو فعل مضمر تقديره واذكروا.
{الحمية} فعِيلة وهي الأَنَفة.
يقال: حَمِيت عن كذا حَمِيّة (بالتشديد) ومَحْمِيّة إذا أنِفْت منه وداخلك عار وأنفة أن تفعله.
ومنه قول المتلمّس:
ألاَ إنني منهم وعِرْضِي عِرْضُهم ** كذِي الأنْفِ يحمي أنفَه أن يُكَشّمَا

أي يمنع.
قال الزهريّ: حَمِيَّتُهم أنفتهم من الإقرار للنبيّ صلى الله عليه وسلم بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم، ومنعهم من دخول مكة.
وكان الذي امتنع من كتابة بسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله: سهيل بن عمرو؛ على ما تقدّم.
وقال ابن بحر: حمِيّتهم عصبيّتهم لآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله تعالى، والأنفة من أن يعبدوا غيرها.
وقيل: {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} إنهم قالوا: قتلوا أبناءنا وإخواننا ثم يدخلون علينا في منازلنا؛ واللات والعُزَّى لا يدخلها أبدًا.
{فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ} أي الطمأنينة والوقار {على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين}.
وقيل: ثبتهم على الرضا والتسليم، ولم يدخل قلوبهم ما أدخل قلوب أولئك من الحمية {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى} قيل: لا إله إلا الله.
روي مرفوعًا من حديث أُبَيّ بن كعب عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.
وهو قول عليّ وابن عمر وابن عباس، وعمرو بن ميمون ومجاهد وقتادة وعكرمة والضحاك، وسلمة بن كُهيل وعبيد بن عمير وطلحة بن مُصَرِّف، والربيع والسّدي وابن زيد.
وقاله عطاء الخراساني، وزاد {محمد رسول الله}.
وعن عليّ وابن عمر أيضًا هي لا إله إلا الله والله أكبر.
وقال عطاء بن أبي رباح ومجاهد أيضًا: هي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.
وقال الزهريّ: بسم الله الرحمن الرحيم.
يعني أن المشركين لم يُقِرّوا بهذه الكلمة؛ فخص الله بها المؤمنين.
و{كَلِمَةَ التَّقْوَى} هي التي يتَّقى بها من الشرك.
وعن مجاهد أيضًا أن {كَلِمَةَ التَّقْوَى} الإخلاص.
{وكانوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} أي أحق بها من كفار مكة؛ لأن الله تعالى اختارهم لدينه وصحبة نبيه.
{وَكَانَ الله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}. اهـ.

.قال الثعالبي:

وقوله تعالى: {وَهُوَ الذي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ} الآية، رُوِيَ في سببها أَنَّ قريشًا جمعت جماعة من فتيانها، وجعلوهم مع عِكْرِمَةَ بن أبي جهل، وخرجوا يطلبون غرَّةً في عسكر النبيِّ صلى الله عليه وسلم واختلف الناسُ في عدد هؤلاء اختلافًا متفاوتًا؛ فلذلك اختصرته، فلمَّا أَحَسَّ بهم المسلمون بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في أَثَرِهِمْ خالدَ بنَ الوليد، وسَمَّاهُ يومئذٍ سَيْفَ اللَّه في جملة من الناس، فَفَرُّوا أمامهم، حَتَّى أدخلوهم بُيُوتَ مَكَّةَ، وأَسَرُوا منهم جملة، فَسِيقُوا إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فَمَنَّ عليهم وأطلقهم؛ قال الوَاحِدِيُّ: وكان ذلك سَبَبَ الصلح بينهم، انتهى.
وقوله سبحانه: {هُمُ الذين كَفَرُواْ}.
يعني: أهل مكة {وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام} أي: منعوكم من العمرة، وذلك أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة إلى الحديبية في ذي القعدة سنة ست يريد العمرة وتعظيم البيت وخرج معه بمائة بدنة وقيل بسبعين فأجمعت قريش لحربه وغوروا المياه التي تقرب من مكة فجاء صلى الله عليه وسلم حتى نزل على بئر الحديبية وحينئذ وضع سهمه في الماء فجرى غمرًا حتى كفى الجيش ثم بعث صلى الله عليه وسلم إليهم عثمان كما تقدم وبعثوا هم رجالًا آخرهم سهيل بن عمرو وبه انعقد الصلح على أن ينصرف صلى الله عليه وسلم ويعتمر من قابل فهذا صدهم إياه وهو مستوعب في السير، {والهدي} معطوف على الضمير في {صدوكم} أي وصدوا الهدي، {ومعكوفًا} حال، ومعناه: محبوسًا، تقول عكفت الرجل عن حاجته إذا حبسته، وحبس الهدي من قبل المشركين هو بصدهم، ومن قبل المسلمين لرؤيتهم ونَظَرِهِمْ في أَمرهم؛ لأجل أَنْ يبلغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ، وهو مَكَّةُ والبَيْتُ، وهذا هو حَبْسُ المسلمين، وذكر تعالى العِلَّةَ في أَنْ صَرَفَ المسلمين، ولم يمكنهم من دخول مَكَّةَ في تلك الوجهة، وهي أَنَّهُ كان بمكة مؤمنون من رجال ونساء خَفِيَ إيمانهم، فَلَوِ استباح المسلمون بيضتها أهلكوا أولئك المؤمنين؛ قال قتادة: فدفع اللَّه عن المشركين بأولئك المؤمنون، والوَطْءُ هنا: الإهلاك بالسيف وغيره؛ ومنه قوله صلى الله عليه وسلم «اللّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرٍ».
قال أبو حيَّان: {وَلَوْلاَ رِجَالٌ} جوابها محذوف؛ لدلالة الكلام عليه، أي: ما كَفَّ أيديَكم عنهم، انتهى، والمَعَرَّةُ: السوء والمكروه اللاحق؛ مأخوذ من العُرِّ والعُرَّة وهو الجَرَبُ الصَّعْبُ اللاَّزِمُ، واختلف في تعيين هذه المَعَرَّةِ، فقال الطبريُّ: وَحَكَاهُ الثعلبيُّ: هي الكَفَّارة، وقال مُنْذِرٌ: المَعَرَّة: أنْ يعيبهم الكُفَّار، ويقولوا: قتلوا أهل دينهم، وقال بعضُ المفسِّرين: هي المَلاَمُ، والقول في ذلك، وتألمَ النفْسِ في باقي الزمان، وهذه أقوالٌ حِسَانٌ، وجواب (لولا) محذوفٌ، تقديره: لولا هؤلاءِ لدخلتم مكَّةَ، لكن شرَّفْنَا هؤلاءِ المؤمنِينَ بأنْ رَحِمْنَاهُمْ، ودفعنا بسببهم عن مَكَّةَ ليدخل اللَّه، أي: لِيُبَيِّنَ للناظر أنَّ اللَّه يدخُلَ من يشاء في رحمته أو، أي: لِيقعَ دخولهم في رحمة اللَّه ودفعه عنهم.