فصل: تفسير الآيات (12- 14):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{ومن لم يتب}: أي عن هذه الأشياء {فأولئك هم الظالمون}: تشديد وحكم بظلم من لم يتب.
{اجتنبوا كثيرًا من الظن}: أي لا تعملوا على حسبه، وأمر تعالى باجتنابه، لئلا يجترئ أحد على ظن إلا بعد نظر وتأمل وتمييز بين حقه وباطله.
والمأمور باجتنابه هو بعض الظن المحكوم عليه بأنه إثم، وتمييز المجتنب من غيره أنه لا يعرف له أمارة صحيحة وسبب ظاهر، كمن يتعاطى الريب والمجاهرة بالخبائث، كالدخول والخروج إلى حانات الخمر، وصحبة نساء المغاني، وإدمان النظر إلى المرد.
فمثل هذا يقوي الظن فيه أنه ليس من أهل الصلاح، ولا إثم فيه، وإن كنا لا نراه يشرب الخمر، ولا يزني، ولا يعبث بالشبان، بخلاف من ظاهره الصلاح فلا يظن به السوء.
فهذا هو المنهي عنه، ويجب أن يزيله.
والإثم: الذنب الذي يستحق صاحبه العقاب.
وقال الزمخشري: والهمزة فيه بدل عن الواو، كأنه يثم الأعمال، أي يكسرها بإحباطه، وهذا ليس بشيء، لأن تصريف هذه الكلمة مستعمل فيه الهمز.
تقول: أثم يأثم فهو آثم، والإثم والآثام، فالهمزة أصل وليست بدلًا عن واو.
وأما يثم فأصله يوثم، وهو من مادة أخرى.
وقيل: الاثم متعلق بتكلم الظان.
أما إذا لم يتكلم، فهو في فسحة، لأنه لا يقدر على رفع الخواطر التي يبيحها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الحزم سوء الظن» وقرأ الجمهور: {ولا تجسسوا} بالجيم.
وقرأ الحسن وأبو رجاء وابن سيرين بالحاء وهما متقاربان، نهى عن تتبع عورات المسلمين ومعايبهم والاستكشاف عما ستروه.
وقيل لابن مسعود: هل لك في فلان تقطر لحيته خمرًا؟ فقال: إنا قد نهينا عن التجسس، فإن ظهر لنا شيء أخذنا به.
وفي الحديث: «أن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم»، وقد وقع عمر رضي الله تعالى عنه في حراسته على من كان في ظاهره ريبة، وكان دخل عليه هجمًا، فلما ذكر له نهي الله تعالى عن التجسس، انصرف عمر.
{ولا يغتب بعضكم بعضًا}، يقال: غابه واغتابه، كغاله واغتاله؛ والغيبة من الاغتياب، كالغيلة من الاغتيال، وهي ذكر الرجل بما يكره مما هو فيه.
وفي الحديث: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيبة فقال: أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع، فقال: يا رسول الله وإن كان حقًا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قلت باطلًا فذلك البهتان»، وفي الصحيحين فقد بهته.
وقال ابن عباس: الغيبة أدام كلاب الناس.
وقالت عائشة عن امرأة: ما رأيت أجمل منها، إلا أنها قصيرة.
فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اغتبتيها، نظرت إلى أسوأ ما فيها فذكرتيه» وحكى الزهراوي عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الغيبة أشد من الزنا، لأن الزاني يتوب الله عليه، والذي يغتاب فلا يتاب عليه حتى يستحل، وعرض المسلم مثل دمه في التحريم».
وفي الحديث المستفيض: «فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم» ولا يباح من هذا المعنى إلا ما تدعو الضرورة إليه، من تجريح الشهود والرواة، والخطاب إذا استنصح من يخطب إليه من يعرفهم، والعرب تشبه الغيبة بأكل اللحم، ومنه:
وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم

{أيحب أحدكم}، قال الزمخشري: تمثيل وتصوير لما يناله المغتاب من عرض المغتاب على أفظع وجه وأفحشه، وفيه مبالغات شتى، منها: الاستفهام الذي معناه التقرير، ومنها: جعل ما هو في الغاية من الكراهة موصولًا بالمحبة، ومنها: إسناد الفعل إلى أحدكم والإشعار بأن أحدًا من الأحدين لا يحب ذلك، ومنها: أنه لم يقتصر على تمثيل الاغتياب بأكل لحم الإنسان حتى جعل الإنسان أخًا، ومنها: أنه لم يقتصر على أكل لحم الأخ حتى جعله ميتًا. انتهى.
وقال الرماني: كراهية هذا اللحم يدعو إليه الطبع، وكراهية الغيبة يدعو إليها العقل، وهو أحق أن يجاب، لأنه بصير عالم، والطبع أعمى جاهل. انتهى.
وقال أبو زيد السهيلي: ضرب المثل لأخذه العرض يأكل اللحم، لأن اللحم ستر على العظم، والشاتم لأخيه كأنه يقشر ويكشف ما عليه من ستر.
وقال تعالى: {ميتًا}، لأن الميت لا يحس، وكذلك الغائب لا يسمع ما يقول فيه المغتاب، ثم هو في التحريم كآكل لحم الميت. انتهى.
وروي في الحديث: «ما صام من أكل لحوم الناس» وقال أبو قلابة الرياشي: سمعت أبا عاصم يقول: ما اغتبت أحدًا منذ عرفت ما في الغيبة.
وقيل: لعمر بن عبيد: لقد وقع فيك فلان حتى رحمناك، قال: إياه فارحموا.
وقال رجل للحسن: بلغني أنك تغتابني، قال: لم يبلغ قدرك عندي أن أحكمك في حسناتي.
وانتصب ميتًا على الحال من لحم، وأجاز الزمخشري أن ينتصب عن الأخ، وهو ضعيف، لأن المجرور بالإضافة لا يجيء الحال منه إلا إذا كان له موضع من الإعراب، نحو: أعجبني ركوب الفرس مسرجًا، وقيام زيد مسرعًا.
فالفرس في موضع نصب، وزيد في موضع رفع.
وقد أجاز بعض أصحابنا أنه إذا كان الأول جزأ أو كالجزء، جاز انتصاب الحال من الثاني، وقد رددنا عليه ذلك فيما كتبناه في علم النحو.
{فكرهتموه}، قال الفراء: أي فقد كرهتموه، فلا تفعلون.
وقيل: لما وقفهم على التوبيخ بقوله: {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا}، فأجاب عن هذا: لأنهم في حكم من يقولها، فخوطبوا على أنهم قالوا لا، فقيل لهم: فكرهتموه، وبعد هذا يقدر فلذلك فاكرهوا الغيبة التي هي نظير ذلك.
وعلى هذا التقدير يعطف قوله: {واتقوا الله}، قاله أبو علي الفارسي، وفيه عجرفة العجم.
وقال الزمخشري: ولما قررهم عز وجل بأن أحدًا منهم لا يحب أكل جيفة أخيه، عقب ذلك بقوله: {فكرهتموه}، أي فتحققت بوجوب الإقرار عليكم بأنكم لا تقدرون على دفعه وإنكاره لإباء البشرية عليكم أن تجحدوا كراهتكم له وتقذركم منه، فليتحقق أيضًا أن تكرهوا ما هو نظيره من الغيبة والطعن في أعراض المسلمين.
انتهى، وفيه أيضًا عجرفة العجم.
والذي قدره الفراء أسهل وأقل تكلفًا، وأجرى على قواعد العربية.
وقيل: لفظه خبر، ومعناه الأمر، تقديره: فاكرهوه، ولذلك عطف عليه {واتقوا الله}، ووضع الماضي موضع الأمر في لسان العرب كثير، ومنه اتقى الله امرؤ فعل خيرًا يثب عليه، أي ليتق الله، ولذلك انجزم يثب على جواب الأمر.
وما أحسن ما جاء الترتيب في هذه الآية.
جاء الأمر أولًا باجتناب الطريق التي لا تؤدي إلى العلم، وهو الظن؛ ثم نهى ثانيًا عن طلب تحقق ذلك الظن، فيصير علمًا بقوله: {ولا تجسسوا}؛ ثم نهى ثالثًا عن ذكر ذلك إذا علم، فهذه أمور ثلاثة مترتبة، ظنّ فعلم بالتجسس فاغتياب.
وضمير النصف في كرهتموه، الظاهر أنه عائد على الأكل.
وقيل: على الميت.
وقرأ أبو سعيد الخدري، وأبو حيوة: {فكرّهتموه}، الظاهر أنه عائد على الأكل.
وقيل: على الميت.
وقرأ أبو سعيد الخدري، وأبو حيوة: {فكرّهتموه}، بضم الكاف وتشديد الراء؛ ورواها الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم، والجمهور: بفتح الكاف وتخفيف الراء، وكره يتعدى إلى واحد، فقياسه إذا ضعف أن يتعدى إلى اثنين، كقراءة الخدري ومن معه، أي جعلتم فكرهتموه.
فأما قوله: {وكره إليكم الكفر} فعلى التضمين بمعنى بغض، وهو يتعدى لواحد، وبإلى إلى آخر، وبغض منقول بالتضعيف من بغض الشيء إلى زيد.
والظاهر عطف {واتقوا الله} على ما قبله من الأمر والنهي. اهـ.

.تفسير الآيات (12- 14):

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) قالتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قولوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما كان الإنسان ربما دعا صاحبه بلقب له شيء غير قاصد به عيبه، أو فعل فعلًا يتنزل على الهزء غير قاصد به الهزء، نهى تعالى عن المبادرة إلى الظن من غير تثبت لأن ذلك من وضع الأشياء في غير مواضعها، الذي هو معنى الظلم فقال خاتمًا بالقسم الخامس منبهًا على ما فيه من المعالي والنفائس: {يا أيها الذين آمنوا} أي اعترفوا بالإيمان وإن كانوا في أول مراتبه {اجتنبوا} أي كلفوا أنفسكم أن تتركوا وتبعدوا وتجعلوا في جانب بعيد عنكم {كثيرًا من الظن} أي في الناس وغيرهم فاحتاطوا في كل ظن ولا تمادوا معه حتى تجزموا به فتقدموا بسببه على ما يقتضيه من الشر إلا بعد التبين لحقه من باطله بأن يظهر عليه أمارة صحيحة وسبب ظاهر، والبحث عن ذلك الذي أوجب الظن ليس بمنهيّ عنه كما فتش النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الإفك وتثبت حتى جاءه الخبر اليقين من الله، وأفهم هذا أن كثيرًا منه مجتنب كما في الاجتهاد حيث لا قاطع، وكما في ظن الخير بالله تعالى، بل قد يجب كما قال تعالى: {ولولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا} [النور: 12] وقد أفاد التنكير شياع النهي في كل ظن، فكان بمعنى بعض مع الكفالة بأن كثيرًا منه منهيّ عن الإقدام عليه إلا بعد تبين أمره، ولو عرف لأفهم أنه لا يجتنب إلا إذا اتصف بالكثرة، قال القشيري: والنفس لا تصدق، والقلب لا يكذب، والتمييز بين النفس والقلب مشكل، ومن بقيت عليه من حظوظة بقية وإن قلت فليس له أن يدعى بيان القلب، بل هو بنفسه ما دام عليه شيء من بقيته، ويجب عليه أن يتهم نفسه في كل ما يقع له من نقصان غيره، ثم علل ذلك مثيرًا إلى أن العاقل من يكف نفسه عن أدنى احتمال من الضرر احتمالًا مؤكدًا لأن أفعال الناس عند الظنون أفعال من هو جازم بأنه بريء من الإثم: {إن بعض الظن إثم} أي ذنب يوصل صاحبه لاستحقاق العقوبة كالظن في أصول الدين، وحيث يخالفه قاطع، قال الزمخشري رحمه الله تعالى: الهمزة في الإثم عن الواو وكأنه يثم الأعمال أي يكسرها بإحباطه.
ولما نهى عن اتباع الظن، أتبعه ما يتفرع عنه فقال: {ولا تجسسوا} أي تمعنوا في البحث عن العورات ولا يكون ذلك إلا في المستورين.
ولما كانت الغيبة أعم من التجسس، قال: {ولا يغتب} أي يتعمد أن يذكر {بعضكم بعضًا} في غيبته بما يكره، قال القشيري: وليس تحصل الغيبة من الخلق إلا بالغيبة عن الحق، وقال أبو حيان: قال ابن عباس- رضى الله عنهما: الغيبة إدام كلاب الناس.
ولما كان تمزيق عرض الناس كتمزيق أديمهم ولا يكون ذلك ساتر عظمة الذي به قوامه كما أن عرضه ساتر عليه، وكونه لا يرد عن نفسه بسبب غيبته كموته وأعمال الفم والجوف في ذلك كله، وكان هذا لو تأمله العاقل كان منه على غاية النفرة، ولكنه لخفائه لا يخطر بباله، جلاه له في قوله تقريرًا وتعبيرًا بالحب عما هو في غاية الكراهة لما للمغتاب من الشهوة في الغيبة ليكون التصوير بذلك رادًّا له عنها ومكرهًا فيها: {أيحب} وعم بقوله: {أحدكم} وعبر بأن والفعل تصويرًا للفعل فقال: {أن يأكل} وزاد في التنفير بجعله في إنسان هو أخ فقال: {لحم أخيه} وأنهى الأمر بقوله: {ميتًا}.
ولما كان الجواب قطعًا: لا يحب أحد ذلك، أشار إليه بما سبب من قوله: {فكرهتموه} أي بسب ما ذكر طبعًا فأولى أن تكرهوا الغيبة المحرمة عقلًا، لأن داعي العقل بصير عالم، وداعي الطبع أعمى جاهل، وقد رتب سبحانه هذه الحكم أبدع ترتيب، فأمر سبحانه بالتثبت.
وكان ربما أحدث ضغينة، نهى عن العمل بموجبه من السخرية واللمز والنبز والتمادي مع ما ينشره ذلك من الظنون، فإن أبت النفس إلا تماديًا مع الظن فلا يصل إلى التجسس والبحث عن المعايب، فإن حصل الاطلاع عليها كف عن ذكرها، وسعى في سترها، وفعل ذلك كله لخوف الله، لا شيء غيره، فإن وقع في شيء من ذلك بادر المتاب رجاء الثواب.
ولما كان التقدير: فاتركوه بسبب كراهتهم لما صورته، عطف عليه ما دل على العلة العظمى وهي خوف الله تعالى فقال: {واتقوا الله} أي اجعلوا بينكم وبين الملك الأعظم وقاية بترك ذلك وإصلاح ذات البين.
ولما كان التقدير: فإن الله يتوب عليكم إن تركتموه، علله بما دل على أن ذلك صفة له متكررة التعلق فقال: {إن الله} أي الملك الأعظم {تواب} أي مكرر للتوبة، وهي الرجوع عن المعصية إلى ما كان قبلها من معاملة التائب وإن كرر الذنب، فلا ييأس أحد وإن كثرت ذنوبه وعظمت {رحيم} يزيده على ذلك أن يكرمه غاية الإكرام.
ولما ذكر سبحانه الأخوة الدينية تذكيرًا بالعاطف الموجب للإكرام، المانع من الانتقام، ونهى عن أمور يجر إليها الإعجاب بالنفس من جهة التعظيم بالآباء والعراقة في النسب العالي، أسقط ذلك مبينًا أن لا نسب إلا ما يثمره الإيمان الي بدأ به من التقوى، وعبر بما يدل على الذبذبة والاضطراب إشارة إلى سفول رتبة من افتخر بالنسب، وإلى أن من لم يتعظ بما مضى فيعلو عن رتبة الذين آمنوا فقد سفل سفولًا عظيمًا: {يا أيها الناس} أي كافة المؤمن وغيره {إنا} على عظمتنا وقدرتنا {خلقناكم} أي أوجدناكم عن العدم على ما أنتم عليه من المقادير في صوركم وما أنتم عليه من التشعب الذي يفوت الحصر، وأخرجنا كل واحد منكم {من ذكر} هو المقصود بالعزم والقوة {وأنثى} هي موضع الضعف والراحة، لا مزية لأحد منكم في ذلك على آخر، ولا فخر في نسب.
ولما كان تفضيلهم إلى فرق لكل منهما تعرف به أمرًا باهرًا، عبر فيه بنون العظمة فقال: {وجعلناكم} أي بعظمتنا {شعوبًا} تتشعب من أصل واحد، جمع شعب بالفتح وهو الطبقة الأولى من الطبقات الست من طبقات النسب التي عليها العرب {وقبائل} تحت الشعوب، وعمائر تحت القبائل، وبطونًا تحت العمائر، وأفخاذًا تحت البطون، وفصائل تحت الأفخاذ، والعشائر تحت الفصائل، خزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصيّ بطن، وعبد مناف فخذ، وهاشم فصيلة، والعباس عشيرة، قال البغوي: وليس بعد العشيرة حي يوصف به- انتهى.