فصل: (سورة الحجرات: آية 16).

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15)}.
ارتاب: مطاوع را به إذا أوقعه في الشك مع التهمة. والمعنى: أنهم آمنوا ثم لم يقع في نفوسهم شك فيما آمنوا به، ولا اتهام لمن صدّقوه واعترفوا بأنّ الحق منه. فإن قلت: ما معنى ثم هاهنا وهي التراخي وعدم الارتياب يجب أن يكون مقارنا للإيمان لأنه وصف فيه، لما بينت من إفادة الإيمان معنى الثقة والطمأنينة التي حقيقتها التيقن وانتفاء الريب؟ قلت: الجواب على طريقين، أحدهما أنّ من وجد منه الإيمان ربما اعترضه الشيطان أو بعض المضلين بعد ثلج الصدر فشككه وقذف في قلبه ما يثلم يقينه، أو نظر هو نظرا غير سديد يسقط به على الشك ثم يستمرّ على ذلك راكبا رأسه لا يطلب له مخرجا، فوصف المؤمنون حقا بالبعد عن هذه الموبقات.
ونظيره قوله: {ثُمَّ اسْتَقامُوا} والثاني: أنّ الإيقان وزوال الريب لما كان ملاك الإيمان أفرد بالذكر بعد تقدّم الايمان، تنبيها على مكانه، وعطف على الإيمان بكلمة التراخي إشعارا باستقراره في الأزمنة المتراخية المتطاولة غضا جديدا {وَجاهَدُوا} يجوز أن يكون المجاهد منويا وهو العدوّ المحارب أو الشيطان أو الهوى، وأن يكون جاهد مبالغة في جهد. ويجوز أن يراد بالمجاهدة بالنفس: الغزو، وأن يتناول العبادات بأجمعها، وبالمجاهدة بالمال: نحو ما صنع عثمان رضى اللّه عنه في جيش العسرة، وأن يتناول الزكوات وكل ما يتعلق بالمال من أعمال البر التي يتحامل فيها الرجل على ماله لوجه اللّه تعالى {أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الذين صدقوا في قولهم آمنا، ولم يكذبوا كما كذب أعراب بنى أسد. أو هم الذين إيمانهم إيمان صدق وإيمان حق وجدّ وثبات.

.[سورة الحجرات: آية 16].

{قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16)}.
يقال: ما علمت بقدومك، أى: ما شعرت به ولا أحطت به. ومنه قوله تعالى {أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ} وفيه تجهيل لهم.

.[سورة الحجرات: الآيات 17- 18].

{يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (18)}.
يقال: منّ عليه بيد أسداها إليه، كقولك: أنعم عليه وأفضل عليه. والمنة: النعمة التي لا يستثيب مسديها من يزلها إليه، واشتقاقها من المنّ الذي هو القطع، لأنه إنما يسديها إليه ليقطع بها حاجته لا غير، من غير أن يعمد لطلب مثوبة. ثم يقال: منّ عليه صنعه، إذا اعتده عليه منة وإنعاما. وسياق هذه الآية فيه لطف ورشاقة، وذلك أنّ الكائن من الأعاريب قد سماه اللّه إسلاما، ونفى أن يكون كما زعموا إيمانا، فلما منوا على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ما كان منهم قال اللّه سبحانه وتعالى لرسوله عليه السلام: إنّ هؤلاء يعتدّون عليك بما ليس جديرا بالاعتداد به من حدثهم الذي حق تسميته أن يقال له إسلام، فقل لهم: لا تعتدوّا علىّ إسلامكم، أي حدثكم المسمى إسلاما عندي لا إيمانا. ثم قال: بل اللّه يعتدّ عليكم أن أمدّكم بتوفيقه حيث هداكم للإيمان على ما زعمتم وادعيتم أنكم أرشدتم إليه ووفقتم له إن صحّ زعمكم وصدقت دعواكم، إلا أنكم تزعمون وتدعون ما اللّه عليم بخلافه. وفي إضافة الإسلام إليهم وإيراد الايمان غير مضاف: ما لا يخفى على المتأمل، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه، تقديره: إن كنتم صادقين في ادعائكم الإيمان، فللّه المنة عليكم. وقرئ: {إن هداكم}، بكسر الهمزة.
وفي قراءة ابن مسعود رضى اللّه عنه: {إذ هداكم}. وقرئ: {تعلمون}، بالتاء والياء، وهذا بيان لكونهم غير صادقين في دعواهم، يعنى أنه عزّ وجل يعلم كل مستتر في العالم ويبصر كل عمل تعملونه في سركم وعلانيتكم، لا يخفى عليه منه شيء، فكيف يخفى عليه ما في ضمائركم ولا يظهر على صدقكم وكذبكم، وذلك أنّ خاله مع كل معلوم واحدة لا تختلف.
عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الحجرات أعطى من الأجر بعدد من أطاع اللّه وعصاه». اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} فيه خمسة أقاويل:
أحدها: أن ناسًا كانوا يقولون: لو أنزل فيَّ كذا، لو أنزل فيَّ كذا، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة.
الثاني: أنهم نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه، قاله ابن عباس.
الثالث: معناه ألا يقتاتوا على الله ورسوله، حتى يقضي الله على لسان رسوله، قاله مجاهد.
الرابع: أنها نزلت في قوم ضحوا قبل أن يصلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم أن يعيدوا الذبح، قاله الحسن.
الخامس: لا تقدموا أعمال الطاعات قبل وقتها الذي أمر به الله تعالى ورسوله، قال الزجاج.
وسبب نزولها ما حكاه الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أنفذ أربعة وعشرين رجلًا من أصحابه إلى بني عامر فقتلوهم إلا ثلاثة تأخروا عنهم فسلموا وانكفئوا إلى المدينة فلقوا رجلين من بني سليم فسألوهما عن نسبهما فقالا: من بني عامر فقتلوهما، فجاء بنو سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: إن بيننا وبينك عهدًا وقد قتل منا رجلان فوداهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بمائة بعير ونزلت عليه هذه الآية في قتلة الرجلين.
{وَاتَّقُواْ اللَّهَ} يعني في التقدم المنهي عنه.
{إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ} لقولكم {عَلِيمٌ} بفعلكم.
قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَرْفَعُواْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوتِ النَّبِّيِ} قيل إن رجلين من الصحابة تماريا عنده فارتفعت أصوتهما، فنزلت هذه الآية، فقال أبو بكر رضي الله عنه عند ذلك: والذي بعثك بالحق لا أكلمك بعدها إلا كأخي السرار.
{وَلاَ تَجْهَرُواْ لَهُ بِالْقول كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه الجهر بالصوت. روي أن ثابت بن قيس بن شماس قال: يا نبي الله والله لقد خشيت أن أكون قد هلكت، نهانا الله عن الجهر بالقول وأنا امرؤ جهير الصوت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «يَا ثَابِتَ أَمَأ تَرْضَى أَن تَعِيشَ حَمِيدًا وتُقْتَلَ شَهِيدًا وَتَدْخُلَ الْجَنَّةَ»؟ فعاش حميدًا وقتل شهيدًا يوم مسيلمة.
الثاني: أن النهي عن هذا الجهر هو المنع من دعائه باسمه أو كنيته كما يدعو بعضهم بعضًا بالاسم والكنية، وهو معنى قوله: {كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ}، ولكنْ دعاؤه بالنبوة والرسالة كما قال تعالى: {لاَ تَجْعَلُواْ دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا} [النور: 63].
{أن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: أن معناه فتحبط أعمالكم.
الثاني: لئلا تحبط أعمالكم.
{وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} بحبط أعمالكم.
قوله عز وجل: {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} فيه تأويلان:
أحدهما: معناه أخلصها للتقوى، قاله الفراء.
الثاني: معناه اختصها للتقوى، قاله الأخفش.
قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} الآية. اختلف في سبب نزولها، فروى معمر عن قتادة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فناداه من وراء الحجرة: يا محمد، إن مدحي زين وشتمي شين، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «وَيْلُكَ ذَاكَ اللَّهُ، ذَاكَ اللَّهُ» فأنزل الله هذه الآية، فهذا قول. وروى زيد بن أرقم قال: أتى ناس النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يكن نبيًا فنحن أسعد الناس باتباعه وإن يكن ملكًا نعش في جنابه، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه، وهو في حجرته يا محمد، فأنزل الله هذه الآية. قيل: إنهم كانوا من بني تميم. قال مقاتل: كانوا تسعة نفر: قيس بن عاصم، والزبرقان بن بدر، والأقرع بن حابس، وسويد بن هشام، وخالد بن مالك، وعطاء بن حابس، والقعقاع بن معبد، ووكيع بن وكيع، وعيينة بن حصن.
وفي قوله: {أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} وجهان:
أحدهما: لا يعلمون، فعبر عن العلم بالعقل لأنه من نتائجه، قاله ابن بحر.
الثاني: لا يعقلون أفعال العقلاء لتهورهم وقلة أناتهم، وهو محتمل.
والحجرات جمع حجر؛ والحجر جمع حجرة.
{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: لكان أحسن لأدبهم في طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: لأطلقت أسراهم بغير فداء، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سبى قومًا من بني العنبر، فجاءوا في فداء سبيهم وأسراهم.
قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن جَاءَكُمْ فَاسِق بِنَبَإِ فَتَبَيَّنُواْ} الآية. نزلت هذه الآية في الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وسبب نزولها ما رواه سعيد عن قتادة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث الوليد ابن عقبة مصدقًا لبني المصطلق، فلما أبصروه أقبلوا نحوه، فهابهم فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام، فبعث نبي الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد وأمره أن يثبت ولا يعجل، فانطلق خالد حتى أتاهم ليلًا فبعث عيونه، فلما جاءوا أخبروا خالدًا أنهم متمسكون بالإسلام، وسمعوا أذانهم وصلاتهم، فلما أصبحوا، أتاهم خالد ورأى صحة ما ذكروه، فعادوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فنزلت هذه الآية. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «التأني من الله والعجلة من الشيطان» وفي هذه الآية دليل على أن خبر الواحد مقبول إذا كان عدلًا.
قوله عز وجل: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأمْرِ لَعَنِتَّمُ} فيه خمسة تأويلات:
أحدها: لأثمتم، قاله مقاتل.
الثاني: لاتهمتم، قاله الكلبي.
الثالث: لغويتم.
الرابع: لهلكتم.
الخامس: لنالتكم شدة ومشقة.
قال قتادة: هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا، فأنتم والله أسخف رأيًا وأطيش عقولا.
{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ} فيه وجهان:
أحدهما: حسنه عندكم، قاله ابن زيد.
الثاني: قاله الحسن. بما وصف من الثواب عليه.
{وَزَيَّنَةُ فِي قُلُوبِكُمْ} فيه وجهان:
أحدهما: بما وعد عليه في الدنيا من النصر وفي الآخرة من الثواب، قاله ابن بحر.
الثاني: بالدلالات على صحته.
{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه الكذب خاصة، قاله ابن زيد.
الثاني: كل ما خرج عن الطاعة.
قوله عز وجل: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُواْ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا} اختلف في سبب نزولها على أربعة أقاويل:
أحدها: ما رواه عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير أن الأوس والخزرج كان بينهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قتال بالسعف والنعال ونحوه فنزلت هذه الآية فيهم. الثاني: ما رواه سعيد عن قتادة أنها نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مدارأة في حق بينهما، فقال أحدهما للآخر: لآخذنه عنوة لكثرة عشيرته، وأن الآخر دعاه ليحاكمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يتبعه، فلم يزل بهما الأمر حتى تواقعوا وتناول بعضهم بعضًا بالأيدي والنعال، فنزلت فيهم.
الثالث: ما رواه أسباط عن السدي أن رجلًا من الأنصار كانت له امرأة تدعى أم زيد وأن المرأة أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها وجعلها في علية له لا يدخل عليها أحد من أهلها، وأن المرأة بعثت إلى أهلها، فجاء قومها وأنزلوها لينطلقوا بها، فخرج الرجل فاستعان أهله، فجاء بنو عمه ليحولوا بين المرأة وأهلها فتدافعوا واجتلدوا بالنعال، فنزلت هذه الآية فيهم.
الرابع: ما حكاه الكلبي ومقاتل والفراء أنها نزلت في رهط عبد الله بن أبي بن سلول من الخزرج ورهط عبد الله بن رواحة من الأوس، وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمار له على عبد الله بن أبي، وهو في مجلس قومه، فراث حمار النبي صلى الله عليه وسلم، فأمسك عبد الله أنفه وقال: إليك حمارك، فغضب عبد الله بن رواحة، وقال: أتقول هذا لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله هو أطيب ريحًا منك ومن أبيك، فغضب قومه، وأعان ابن رواحة قومه حتى اقتتلوا بالأيدي والنعال فنزلت هذه الآية فيهم، فأصلح رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم.
{فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى} البغي التعدي بالقوة إلى طلب ما ليس بمستحق.
{فَقَاتِلُواْ الَّتِي تَبْغِي} فيه وجهان:
أحدهما: تبغي في التعدي في القتال.
الثاني: في العدول عن الصلح، قاله الفراء.
{حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} فيه وجهان:
أحدهما: ترجع إلى الصلح الذي أمر الله به، قاله سعيد بن جبير.
الثاني: ترجع إلى كتاب الله وسنة رسوله فيما لهم وعليهم، قاله قتادة.
{فَإِن فَاءَتْ} أي رجعت.
{فَأَصْلِحُواْ بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ} فيه وجهان:
أحدهما: يعني بالحق.
الثاني: بكتاب الله، قاله سعيد بن جبير.
{وَأَقْسِطُواْ} معناه واعدلوا.
ويحتمل وجهين:
أحدهما: اعدلوا في ترك الهوى والممايلة.
الثاني: في ترك العقوبة والمؤاخذة.
{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} أي العادلين قال أبو مالك: في القول والفعل.
قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مَِّن قَوْمٍ} الآية. أما القوم فهم الرجال خاصة، لذلك ذكر بعدهم النساء. ويسمى الرجال قومًا لقيام بعضهم مع بعض في الأمور، ولأنهم يقومون بالأمور دون النساء، ومنه قول الشاعر: