فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وضعف بأنه لو كان المراد ذلك كان مقتضى الظاهر مناع عن الخير، وفي (البحر) الأحسن عموم الخير في المال وغيره {مُعْتَدٍ} ظالم متخط للحق متجاوز له {مُرِيبٍ} شاك في الله تعالى ودينه، وقيل: في البعث.
{الذى جَعَلَ مَعَ الله إلها ءاخَرَ} مبتدأ متضمن لمعنى الشرط خبره {فألقياه في العذاب الشديد} بتأويل فيقال في حقه ألقياه أو لكونه في معنى جواب الشرط لا يحتاج للتأويل أو بدل من {كُلَّ كَفَّارٍ} [ق: 24] أو من {كَفَّارٌ} وقوله تعالى: {فألقياه} تكرير للتوكيد فهو نظير {فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ} بعد قوله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الذين يَفْرَحُونَ} [آل عمران: 188] والفاء هاهنا للإشعار بأن الالقاء للصفات المذكورة أو من باب وحقك ثم حقك ينزل التغاير بين المؤكد والمؤكد والمفسر والمفسر منزلة التغاير بين الذاتين بوجه خطابي، ولا يدعي التغاير الحقيقي لأن التأكيد يأباه، وقول أهل المعاني: أن بين المؤكد والمؤكد شدة اتصال تمنع من العطف ليس على إطلاقه بسديد، والنحويون على خلافه، فقد قال ابن مالك في (التسهيل): فصل الجملتين في التأكيد بثم إن أمن اللبس أجود من وصلهما، وذكر بعض النحاة الفاء؛ والزمخشري في الجاثية الواو أيضًا، وجعلوا ذلك من التأكيد الإصطلاحي، ولو جعل {العذاب الشديد} نوعًا من عذاب جهنم ومن أهوله فكان من باب {ملائكته} {وَجِبْرِيلُ} [البقرة: 98] دون تكرير لكان كما قال (صاحب الكشف) حسنًا.
وجوز أن يكون مفعولًا بمضمر يفسره {فألقياه} وقال ابن عطية: أن يكون صفة {كَفَّارٌ} وجاز وصفه بالمعرفة لتخصصه بالأوصاف المذكورة.
وتعقبه أبو حيان بأنه لا يجوز وصفه النكرة بالمعرفة ولو وصفة بأوصاف كثيرة.
{قال قرِينُهُ} أي الشيطان المقيض له، وإنما استؤنفت هذه الجملة استئناف الجمل الواقعة في حكاية المقاولة لما أنها جواب لمحذوف دل عليه قوله تعالى: {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} فإنه مبني على سابقة كلام اعتذر به الكافر كأنه قال: هو أطغاني فأجاب قرينه بتكذيبه وإسناد الطغيان إليه بخلاف الجملة الأولى فإنها واجبة العطف على ما قبلها دلالة على الجمع بين مفهوميهما في الحصول أعني مجيء كل نفس مع الملكين، وقول قرينه: {وَلَكِن كَانَ} هو بالذات {فِى ضلال بَعِيدٍ} من الحق فاعنته عليه بالإغواء والدعوة إليه من غير قسر ولا الجاء، فهو كما قدمنا نظير {وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان} [إبراهيم: 22] الخ.
{قال لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28)}.
{قال} استئناف مبني على سؤال نشأ مما قبله كأن قيل: فماذا قال الله تعالى؟ فقيل: قال عز وجل: {لاَ تَخْتَصِمُواْ لَدَىَّ} أي في موقف الحساب والجزاء إذ لا فائدة في ذلك {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بالوعيد} على الطغيان في دار الكسب في كتبي وعلى ألسنة رسلي فلا تطمعوا في الخلاص عنه بما أنتم فيه من التعلل بالمعاطير الباطلة، والجملة حال فيها تعليل للنهي ويلاحظ معنى العلم لتحصل المقارنة التي تقتضيها الحالية أي لا تختصموا لدى عالمين أني قدمت إليكم بالوعيد حيث قلت لإبليس: {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ} [ص: 85] فاتبعتموه معرضين عن الحق؛ والباء مزيدة أو معدية على أن قدم بمعنى تقدم وهو لازم يعدي بالباء، وجوز أن يكون {قَدَّمْتُ} واقعًا على قوله تعالى: {مَا يُبَدَّلُ القول لَدَىَّ} الخ.
ويكون {بالوعيد} [ق: 28] متعلقًا بمحذوف هو حال من المفعول قدم عليه أو الفاعل أي وقد قدمت إليكم هذا القول ملتبسًا بالوعيد مقترنًا به أو قدمته إليكم موعدًا لكم فلا تطمعوا أن أبدل وعيدي، والأظهر استئناف هذه الجملة.
وفي {لَدَىَّ} على ما قال الإمام وجهان:
الأول: أن يكون متعلقًا بالقول أي ما يبدل القول الذي عندي.
الثاني: أن يكون متعلقًا بالفعل قبل أي لا يقع التبديل عندي، قال: وعلى الأول في القول الذي لديه تعالى وجوه:
أحدها: قوله تعالى: {أَلْقِيَا} [ق: 24] أرادوا باعتذارهم أن يبدل ويقول سبحانه: لا تلقيا فرد عليهم.
ثانيًا: قوله سبحانه لإبليس: {لاَمْلاَنَّ} الخ.
ثالثها: الإيعاد مطلقًا.
رابعها: القول السابق يوم خلق العباد هذا سعيد وهذا شقي.
وعلى الثاني في معنى الآية وجوه أيضًا:
أحدها: لا يكذب لدى فإني عالم علمت من طغى ومن أطغى فلا يفيد قولكم أطغاني شيطاني وقول الشيطان: {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} [ق: 27] ثانيها: لو أردتم أن لا أقول: {فألقياه} [ق: 26] كنتم أبدلتم الكفر بالايمان قبل أن تقفوا بين يدي وأما الآن فما يبدل القول لدى.
ثالثها: لا يبدل القول الكفر الإيمان لدى فإن الايمان عند اليأس غير مقبول فقولكم: ربنا وإلهنا لا يفيدكم فمن تكلم بكلمة الكفر لا يفيده قوله: ربنا ما أشركنا وقوله: ربنا آمنا.
والمشهور أن {لَدَىَّ} متعلق بالفعل على أنا المراد بالقول ما يشمل الوعد والوعيد.
واستدل به بعض من قال بعدم جواز تخلفهما مطلقًا.
وأجاب من قال بجواز العفو عن بعض المذنبين بأن ذلك العفو ليس بتبديل فإن دلائل العفو تدل على تخصيص الوعي، د وقال بعض المحققين: المراد نفي أن يوقع أحد التبديل لديه تعالى أي في علمه سبحانه أو يبدل القول الذي علمه عز وجل، فإن ما عنده تبارك وتعالى هو ما في نفس الأمر وهو لا يقبل التبديل أصلًا، وأكثر الوعيدات معلقة بشرط المشيئة على ما يقتضيه الكرم وإن لم يذكر على ما يقتضيه الترهيب، فمتى حصل العفو لعدم مشيئة التعذيب لم يكن هناك تبديل ما في نفس الأمر فتدبره فإنه دقيق.
{وَمَا أَنَاْ بظلام لّلْعَبِيدِ} وارد لتحقيق الحق على أبلغ وجه، وفيه إشارة إلى أن تعذيب من يعذب من العبيد إنما هو عن استحقاق في نفس الأمر، وقد تقدم تمام الكلام في هذه الجملة فتذكر.
{يَوْمَ نَقول لِجَهَنَّمَ هَلِ امتلات وَتَقول هَلْ مِن مَّزِيدٍ} أي اذكر أو أندر يوم إلخ فيوم مفعول به لمقدر، وقيل: هو ظرف لظلام، وقال الزمخشري: يجوز أن ينتصب ب {نفخ} [ق: 20] كأنه قيل: ونفخ في الصور يوم، وعليه يشار ب {ذلك} [ق: 20] إلى {يَوْمَ نَقول} لأن الإشارة إلى ما بعد جائزة لاسيما إذا كانت رتبته التقديم فكأنه قيل: ذلك اليوم أي يوم القول يوم الوعيد، ولا يحتاج إلى حذف على ما مر في الوجه الذي أشير به إلى النفخ.
وهذا الوجه كما قال في (الكشف): فيه بعد لبعده عن العامل وتخلل ما لا يصلح اعتراضًا على أن زمان النفخ ليس يوم القول إلا على سبيل فرضه ممتدًا واقعًا ذلك في جزء منه وهذا في جزء وكل خلاف الظاهر فكيف إذا اجتمعت.
وقال أبو حيان: هو بعيد جدًا قد فصل عليه بين العامل والمعمول بجمل كثيرة فلا يناسب فصاحة القرآن الكريم وبلاغته، والظاهر إبقاء السؤال والجواب على حقيقتهما، وكذا في نظير ذلك من اتكاء النار والإذن لها بنفسين وتحاج النار والجنة، ونحن متعبدون باعتقاد الظاهر ما لم لا يمنع مانع ولا مانع ههنا، فإن القدرة صالحة والعقل مجوز والظواهر قاضية بوقوع ماجوزه العقل، وأمور الآخرة لا ينبغي أن تقاس على أمور الدنيا.
وقال الرماني: الكلام على حذف مضاف أي نقول لخزنة جهنم، وليس بشي.
وقال غير واحد؛ هو من باب التمثيل والمعنى أنها مع اتساعها وتباعد أقطارها نطرح فيها من الجنة والناس فوجًا بعد فوج حتى تمتلىء ولا تقبل الزيادة، فالاستفهام للإنكار أي لا مزيد على امتلائها وروى هذا عن ابن عباس ومجاهد والحسن، وجوز في نفي الزيادة أن يكون على ظاهره وأن يكون كناية أو مجازًا عن الاستكثار، وقيل: المعنى أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها فراغ وخلو، فالاستفهام للتقرير أي فيها موضع للمزيد لسعتها، وجوز أن يكون ذلك كناية عن شدة غيظها على العصاة كأنها طالبة لزيادتهم.
واستشكل دعوى أن فيها فراغًا بأنه مناف لصريح قوله تعالى: {لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ} [ص: 85] الآية.
وأجيب بأنه لا منافاة لأن الامتلاء قد يراد به أنه لا يخلو طبقة منها عمن يسكنها وإن كان فيها فراغ كثير كما يقال: إن البلدة ممتلئة بأهلها ليس فيها دار خالية مع ما بينها من الأبنية والأفضية أو أن ذلك باعتبار حالين فالفراغ في أول الدخول فيها ثم يساق إليها الشياطين ونحوهم فتمتلىء، هذا ويدل غير ما حديث أنها تطلب الزيادة حقيقة إلا أنه لا يدري حقيقة ما يوضع فيها حتى تمتلىء إذ الأحاديث في ذلك من المتشابهات التي لا يراد بها ظواهرها عند الأكثرين.
أخرج أحمد. والبخاري. ومسلم والترمذي. والنسائي. وغيرهم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشى الله لها خلقًا آخر فيسكنهم في فضول الجنة».
وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تحاجت الجنة والنار فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم فقال الله تعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها فإم النار فلا تمتلى حتى يضع رجله فتقول قط قط فهناك تمتلىء ويزوى بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدًا وأما الجنة فإن الله تعالى ينشى لها خلقًا» وأول أهل التأويل ذلك، فقال النضر بن شميل: إن القدم الكفار الذين سبق في علمه تعالى دخولهم النار والقدم تكون بمعنى المتقدم كقوله تعالى: {قَدَمَ صِدْقٍ} [يونس: 2] وظاهر الحديث عليه يستدعي دخول غير الكفار قبلهم وهو في غاية البعد؛ ولعل في الأخبار ما ينافيه.
وقال ابن الأثير: قدمه أي الذين قدمهم لها من شرار خلقه فهم قدم الله تعالى للنار كما أن المسلمين قدمه للجنة والقدم كل ما قدمت من خير أو شر وهو كما ترى، ويبعده ما في حديث أحمد وعبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد مرفوعًا «فيلقى فيها أي النار أهلها فتقول: هل من مزيد ويلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يأتيها عز وجل فيضع قدمه عليها فتنزوي وتقول: قدني قدني» وأولوا الرجل بالجماعة ومنه ما جاء في أيوب عليه السلام أنه كان يغتسل عريانًا فخر عليه رجل من جراد، والإضافة إلى ضميره تعالى تبعد ذلك، وقيل: وضع القدم أو الرجل على الشيء مثل للردع والقمع فكأنه قيل: ياتيها أمر الله تعالى فيكفها من طلب المزيد.
وقريب منه ما ذهب إليه بعض الصوفية أن القدم يكنى بها عن صفة الجلال كما يكنى بها عن صفة الجمال، وقيل: أريد بذلك تسكين فورتها كما يقال للأمر: تريد إبطاله وضعته تحت قدمي أو تحت رجلي، وهذان القولان أولى مما تقدم والله تعالى أعلم.
والمزيد إما مصدر ميمي كالمحيد أو اسم مفعول أعل إعلال المبيع.
وقرأ الأعرج. وشيبة. ونافع. وأبو بكر. والحسن. وأبو رجاء. وأبو جغفر. والأعمش {يَوْمَ يَقول} بياء الغيبة.
وقرأ عبد الله. والحسن. والأعمش أيضًا {يُقال} مبنيًا للمفعول. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَقال قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)}.
الواو واو الحال والجملة حال من تاء الخطاب في قوله: {لقد كنت في غفلة من هذا} [ق: 22] أيْ يوبخ عند مشاهدة العذاب بكلمة {لقد كنتَ في غفلة من هذا}، في حال قول قرينه {هذا ما لدي عتيد}.
وهاء الغائب في قوله: {قرينه} عائدة إلى {كل نفس} [ق: 21] أو إلى الإنسان.
وقرين فَعيل بمعنى مفعول، أي مقرون إلى غيره.
وكأنَّ فعلَ قَرَنَ مشتق من القَرَن بالتحريك وهو الحبل وكانوا يقرنون البعير بمثله لوضع الهودج، فاستعير القرين للملازم.
وهذا ليس بالتفات إذ ليس هو تغيير ضمير ولكنه تعيين أسلوب الكلام وأعيد عليه ضمير الغائب المفرد باعتبار معنى نفس أي شخص، أو غلب التذكير على التأنيث.
واسم الإشارة في قوله: {هذا ما لديّ} الخ، يفسره قوله: {ما لدي عتيد}.
و{مَا} في قوله: {مَا لدي} موصولة بدل من اسم الإشارة.
و{لدي} صلة، و{عتيد} خبر عن اسم الإشارة.
واختلف المفسرون في المراد بالقرين في هذه الآية على ثلاثة أقوال: فقال قتادة والحسن والضحاك وابن زيد ومجاهد في أحد قوليه هو المَلَك الموكل بالإنسان الذي يسوقه إلى المحشر أي هو السائق الشهيد.
وهذا يقتضي أن يكون القرين في قوله الآتي {قال قرينه ربنا ما أطغيته} [ق: 27] بمعنى غير معنى القرين في قوله: {وقال قرينه هذا ما لدي عتيد}.
وعن مجاهد أيضًا: أن القرين شيطان الكافر الذي كان يزين له الكفر في الدنيا أي الذي ورد في قوله تعالى: {وقيّضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم} [فصلت: 25].
وعن ابن زيد أيضًا: أن قرينه صاحبه من الإنس، أي الذي كان قرينَه في الدنيا.
وعلى الاختلاف في المراد بالقرين يختلف تفسير قوله: {هذا ما لدي عتيد} فإن كان القرين الملَكَ كانت الإشارة بقوله: {هذا} إلى العذاب الموكَّل به ذلك المَلكُ؛ وإن كان القرين شيطانًا أو إنسانًا كانت الإشارة محتمِلة لأن تعود إلى العذاب كما في الوجه الأول، أو أن تعود إلى معاد ضمير الغيبة في قوله: {قرينه} وهو نفس الكافِر، أي هذا الذي معي، فيكون {لديَّ} بمعنى: معي، إذ لا يخلو أحد من صاحببٍ يأنس بمحادثته والمراد به قرين الشرك المماثل.
وقد ذكر الله من كان قرينًا للمؤمن من المشركين واختلاف حاليهما يوم الجزاء بقوله: {قال قائل منهم إني كان لي قرين يقول أئِنّك لمن المصدقين} الآية في سورة الصافات (51، 52).
وقول القرين {هذا ما لدي عتيد} مستعمل في التلهف والتحسر والإشفاق، لأنه لما رأى ما به العذاب علم أنه قد هُيّىء له، أو لمَّا رأى ما قدم إليه قرينه علم أنه لاحِق على أثره كقصة الثورين الأبيض والأحمر اللذين استعان الأسد بالأحمر منهما على أكل الثور الأبيض ثم جاء الأسد بعد يوم ليأكل الثور الأحمر فَعَلا الأحمر ربوة وصاح ألا إنما أكلت يومَ أكل الثور الأبيض.
وتقدم معنى {عَتيد} عند قوله تعالى: {إلا لديه رقيب عتيد} [ق: 18]، وهو هنا متعيّن للمعنى الذي فسر عليه المفسرون، أي مُعَدٌّ ومهيَّأ.
{أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25)}.
انتقال من خطاب النفس إلى خطاب الملكين الموكليْن السائق والشهيد.
والكلام مقول قول محذوف.
والجملة استئناف ابتدائي انتقال من خطاب فريق إلى خطاب فريق آخر، وصيغة المثنى في قوله: {ألْقِيا} تجوز أن تكون مستعملة في أصلِها فيكون الخطاب للسائق والشهيد.
ويجوز أن تكون مستعملة في خطاب الواحد وهو الملك الموكّل بجهنّم وخُوطب بصيغةِ المثنّى جريْا على طريقة مستعملة في الخطاب جرت على ألسنتهم لأنهم يكثر فيهم أن يرافق السائرَ رفيقان، وهي طريقة مشهورة، كما قال امرؤ القيس: