فصل: قال القرطبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



فالضمير عائد إلى الجنة التي في {وَأُزْلِفَتِ الجنة} [ق: 31] أي لما تكامل حسنها وقربها وقيل لهم إنها منزلكم بقوله: {هذا مَا تُوعَدُونَ} [ق: 32] أذن لهم في دخولها وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
الخطاب مع من؟ نقول إن قرىء {مَّا تُوعَدُونَ} بالتاء فهو ظاهر إذ لا يخفى أن الخطاب مع الموعودين، وإن قرىء بالياء فالخطاب مع المتقين أي يقال للمتقين أدخلوها.
المسألة الثانية:
هذا يدل على أن ذلك يتوقف على الإذن، وفيه من الانتظار ما لا يليق بالإكرام، نقول ليس كذلك، فإن من دعا مكرمًا إلى بستانه يفتح له الباب ويجلس في موضعه، ولا يقف على الباب من يرحبه، ويقول إذا بلغت بستاني فادخله، وإن لم يكن هناك أحد يكون قد أخل بإكرامه بخلاف من يقف على بابه قوم يقولون: أدخل باسم الله، يدل على الإكرام قوله تعالى: {بِسَلامٍ} كما يقول المضيف: أدخل مصاحبًا بالسلامة والسعادة والكرامة، والباء للمصاحبة في معنى الحال، أي سالمين مقرونين بالسلامة، أو معناه أدخلوها مسلمًا عليكم، ويسلم الله وملائكته عليكم، ويحتمل عندي وجهًا آخر، وهو أن يكون ذلك إرشادًا للمؤمنين إلى مكارم الاْخلاق في ذلك اليوم كما أرشدوا إليها في الدنيا، حيث قال تعالى: {لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حتى تَسْتَأْنِسُواْ وَتُسَلّمُواْ على أَهْلِهَا} [النور: 27] فكأنه تعالى قال: هذه داركم ومنزلكم، ولكن لا تتركوا حسن عادتكم، ولا تخلوا بمكارم أخلاقكم، فادخلوها بسلام، ويصيحون سلامًا على من فيها، ويسلم من فيها عليهم، ويقولون السلام عليكم، ويدل عليه قوله تعالى: {إِلاَّ قِيلًا سلاما سلاما} [الواقعة: 26] أي يسلمون على من فيها، ويسلم من فيها عليهم، وهذا الوجه إن كان منقولا فنعم، وإن لم يكن منقولا فهو مناسب معقول أيده دليل منقول.
قوله تعالى: {ذَلِكَ يَوْمُ الخلود}.
حتى لا يدخل في قلبهم أن ذلك ربما ينقطع عنهم فتبقى في قلبهم حسرته، فإن قيل المؤمن قد علم أنه إذا دخل الجنة خلد فيها، فما الفائدة في التذكير؟ والجواب: عنه من وجهين.
أحدهما: أن قوله: {ذَلِكَ يَوْمُ الخلود} قول قاله الله في الدنيا إعلامًا وإخبارًا، وليس ذلك قولا يقوله عند قوله: {ادخلوها} فكأنه تعالى أخبرنا في يومنا أن ذلك اليوم يوم الخلود.
ثانيهما: اطمئنان القلب بالقول أكثر، قال الزمخشري في قوله: {يَوْمُ الخلود} إضمار تقديره: ذلك يوم تقدير الخلود، ويحتمل أن يقال اليوم يذكر، ويراد الزمان المطلق سواء كان يومًا أو ليلًا، نقول: يوم ولد لفلان ابن يكون السرور العظيم، ولو ولد له بالليل لكان السرور حاصلًا، فتريد به الزمان، فكأنه تعالى قال: ذلك زمان الإقامة الدائمة.
ثم قال تعالى: {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (35)}.
وفي الآية ترتيب في غاية الحسن، وذلك لأنه تعالى بدأ ببيان إكرامهم حيث قال: {وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ} [الشعراء: 90] ولم يقل: قرب المتقون من الجنة بيانًا للإكرام حيث جعلهم ممن تنقل إليهم الجنان بما فيها من الحسان، ثم قال لهم هذا لكم، بقوله: {هذا مَا تُوعَدُونَ} [ق: 32] ثم بيّن أنه أجر أعمالهم الصالحة بقوله: {لِكُلّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} وقوله: {مَّنْ خَشِىَ الرحمن} [ق: 33] فإن تصرف المالك الذي ملك شيئًا بعوض أتم فيه من تصرف من ملك بغير عوض، لإمكان الرجوع في التمليك بغير عوض، ثم زاد في الإكرام بقوله: {ادخلوها} [ق: 34] كما بينا أن ذلك إكرام، لأن من فتح بابه للناس، ولم يقف ببابه من يرحب الداخلين، لا يكون قد أتى بالإكرام التام، ثم قال: {ذَلِكَ يَوْمُ الخلود} [ق: 34] أي لا تخافوا ما لحقكم من قبل حيث أخرج أبويكم منها، فهذا دخول لا خروج بعده منها.
ثم لما بيّن أنهم فيها خالدون قال: لا تخافوا انقطاع أرزاقكم وبقاءكم في حاجة، كما كنتم في الدنيا من كان يعمر ينكس ويحتاج، بل لكم الخلود، ولا ينفد ما تمتعون به فلكم ما تشاءون في أي وقت تشاءون، وإلى الله المنتهى، وعند الوصول إليه، والمثول بين يديه، فلا يوصف ما لديه، ولا يطلع أحد عليه، وعظمة من عنده تدلك على فضيلة ما عنده، هذا هو الترتيب، وأما التفسير، ففيه مسألتان:
المسألة الأولى:
قال تعالى: {ادخلوها بِسَلامٍ} [ق: 34] على سبيل المخاطبة، ثم قال: {لَهُمْ} ولم يقل لكم ما الحكمة فيه؟ الجواب: عنه من وجوه.
الأول: هو أن قوله تعالى: {ادخلوها} مقدر فيه يقال لهم، أي يقال لهم {ادخلوها} فلا يكون على هذا التفاتًا.
الثاني: هو أنه من باب الالتفات والحكمة الجمع بين الطرفين، كأنه تعالى يقول: أكرمهم به في حضورهم، ففي حضورهم الحبور، وفي غيبتهم الحور والقصور.
والثالث: هو أن يقال قوله تعالى: {لَهُمْ} جاز أن يكون كلامًا مع الملائكة، يقول للملائكة: توكلوا بخدمتهم، واعلموا أن لهم ما يشاءون فيها، فأحضروا بين أيديهم ما يشاءون، وأما أنا فعندي ما لا يخطر ببالهم، ولا تقدرون أنتم عليه.
المسألة الثانية:
قد ذكرنا أن لفظ {مَّزِيدٍ} [ق: 30] يحتمل أن يكون معناه الزيادة، فيكون كما في قوله تعالى: {لّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحسنى وَزِيَادَةٌ} [يونس: 26] ويحتمل أن يكون بمعنى المفعول، أي عندنا ما نزيده على ما يرجون وما يكون مما يشتهون:
ثم قال تعالى: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا}.
لما أنذرهم بما بين أيديهم من اليوم العظيم والعذاب الأليم، أنذرهم بما يعجل لهم من العذاب المهلك والإهلاك المدرك، وبين لهم حال من تقدمهم، وقد تقدم تفسيره في مواضع، والذي يختص بهذا الموضع أمور.
أحدها: إذا كان ذلك للجمع بين الإنذار بالعذاب العاجل والعقاب الآجل، فلم توسطهما قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ} إلى قوله: {وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ} [ق: 31 35] نقول ليكون ذلك دعاء بالخوف والطمع، فذكر حال الكفور المعاند، وحال الشكور العابد في الآخرة ترهيبًا وترغيبًا، ثم قال تعالى: إن كنتم في شك من العذاب الأبدي الدائم، فما أنتم في ريب من العذاب العاجل المهلك الذي أهلك أمثالكم، فإن قيل: فلم لم يجمع بين الترهيب والترغيب في العاجلة، كما جمع بينهما في الآجلة، ولم يذكر حال من أسلم من قبل وأنعم عليه، كما ذكر حال من أشرك به فأهلكه نقول لأن النعمة كانت قد وصلت إليهم، وكانوا متقلبين في النعم، فلم يذكرهم به، وإنما كانوا غافلين عن الهلاك فأنذرهم به، وأما في الآخرة، فكانوا غافلين عن الأمرين جميعًا، فأخبرهم بهما.
الثاني: قوله تعالى: {فَنَقَّبُواْ في البلاد}.
في معناه وجوه.
أحدها: هو ما قاله تعالى في حق ثمود: {الذين جَابُواْ الصخر بالواد} [الفجر: 9] من قوتهم خرق الطرق ونقبوها، وقطعوا الصخور وثقبوها.
ثانيها: نقبوا، أي ساروا في الأسفار ولم يجدوا ملجًا ومهربًا، وعلى هذا يحتمل أن يكون المراد أهل مكة، أي هم ساروا في الأسفار، ورأوا ما فيها من الآثار.
ثالثها: {فَنَقَّبُواْ في البلاد} أي صاروا نقباء في الأرض أراد ما أفادهم بطشهم وقوتهم، ويدل على هذا الفاء، لأنها تصير حينئذ مفيدة ترتب الأمر على مقتضاه، تقول كان زيد أقوى من عمرو فغلبه، وكان عمرو مريضًا فغلبه زيد، كذلك هاهنا قال تعالى: {هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا} فصاروا نقباء في الأرض، وقرىء: {فَنَقَّبُواْ} بالتشديد، وهو أيضًا يدل على ما ذكرنا في الوجه الثالث، لأن التنقيب البحث، وهو من نقب بمعنى صار نقيبًا.
الثالث: قوله تعالى: {هَلْ مِن مَّحِيصٍ}.
يحتمل وجوهًا ثلاثة.
الأول: على قراءة من قرأ بالتشديد يحتمل أن يقال هو مفعول، أي بحثوا عن المحيص {هَلْ مِن مَّحِيصٍ}.
الثاني: على القراءات جميعًا استفهام بمعنى الإنكار أي لم يكن لهم محيص.
الثالث: هو كلام مستأنف كأنه تعالى يقول لقوم محمد صلى الله عليه وسلم هم أهلكوا مع قوة بطشهم فهل من محيص لكم تعتمدون عليه والمحيص كالمحيد غير أن المحيص معدل ومهرب عن الشدة، يدلك عليه قولهم وقعوا في حيص بيص أي في شدة وضيق، والمحيد معدل وإن كان لهم بالاختيار يقال حاد عن الطريق نظرًا، ولا يقال حاص عن الأمر نظرًا.
ثم قال تعالى: {إِنَّ في ذلك لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ}.
الإشارة إلى الإهلاك ويحتمل أن يقال هو إشارة إلى ما قاله من إزلاف الجنة وملء جهنم وغيرهما، والذكرى اسم مصدر هو التذكر والتذكرة وهي في نفسها مصدر ذكره يذكره ذكرًا وذكرى وقوله لمن {كَانَ لَهُ قَلْبٌ} قيل: المراد قلب موصوف بالوعي، أي لمن كان له قلب واع يقال لفلان مال أي كثير فالتنكير يدل على معنى في الكمال، والأولى أن يقال هو لبيان وضوح الأمر بعد الذكر وأن لا خفاء فيه لمن كان له قلب ما ولو كان غير كامل، كما يقال أعطه شيئًا ولو كان درهمًا، ونقول الجنة لمن عمل خيرًا ولو حسنة، فكأنه تعالى قال: إن في ذلك لذكرى لمن يصح أن يقال له قلب وحينئذ فمن لا يتذكر لا قلب له أصلًا كما في قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْىٌ} [البقرة: 18] حيث لم تكن آذانهم وألسنتهم وأعينهم مفيدة لما يطلب منها كذلك من لا يتذكر كأنه لا قلب له، ومنه قوله تعالى: {كالأنعام بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179] أي هم كالجماد وقوله تعالى: {كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ} [المنافقون: 4] أي لهم صور وليس لهم قلب للذكر ولا لسان للشكر.
وقوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ} أي استمع وإلقاء السمع كناية في الاستماع، لأن من لا يسمع فكأنه حفظ سمعه وأمسكه فإذا أرسله حصل الاستماع، فإن قيل على قول من قال التنكير في القلب للتكثير يظهر حسن ترتيب في قوله: {أَوْ أَلْقَى السمع} وذلك لأنه يصير كأنه تعالى يقول: إن في ذلك لذكرى لمن كان ذا قلب واع ذكي يستخرج الأمور بذكائه أو ألقى السمع ويستمع من المنذر فيتذكر، وأما على قولك المراد من صح أن يقال له قلب ولو كان غير واع لا يظهر هذا الحسن، نقول على ما ذكرنا ربما يكون الترتيب أحسن وذلك لأن التقدير يصير كأنه تعالى قال: فيه ذكرى لكل واحد كيف كان له قلب لظهور الأمر، فإن كان لا يحصل لكل أحد فلمن يستمع حاصل ويؤيد ما ذكرنا قوله تعالى: {أَوْ أَلْقَى السمع} حيث لم يقل أو استمع لأن الاستماع ينبىء عن طلب زائد، وأما إلقاء السمع فمعناه أن الذكرى حاصلة لمن لا يمسك سمعه بل يرسله إرسالًا، وإن لم يقصد السماع كالسامع في الصوت الهائل فإنه يحصل عند مجرد فتح الأذن وإن لم يقصد السماع والصوت الخفي لا يسمع إلا باستماع وتطلب، فنقول الذكرى حاصلة لمن كان له قلب كيف كان قلبه لظهورها فإن لم تحصل فلمن له أذن غير مسدودة كيف كان حاله سواء استمع باجتهاده أو لم يجتهد في سماعه، فإن قيل فقوله تعالى: {وَهُوَ شَهِيدٌ} للحال وهو يدل على أن إلقاء السمع بمجرده غير كاف، نقول هذا يصحح ما ذكرناه لأنا قلنا بأن الذكرى حاصلة لمن له قلب ما، فإن لم تحصل له فتحصل له إذا ألقى السمع وهو حاضر بباله من القلب، وأما على الأول فمعناه من ليسه له قلب واع، يحصل له الذكر إذا ألقى السمع وهو حاضر بقلبه فيكون عند الحضور بقلبه يكون له قلب واع، وقد فرض عدمه هذا إذا قلنا بأن قوله: {وَهُوَ شَهِيدٌ} بمعنى الحال، وإذا لم نقل به فلا يرد ما ذكر وهو يحتمل غير ذلك بيانه هو أن يقال ذلك إشارة إلى القرآن وتقريره هو أن الله تعالى لما قال في أول السورة:
{ق والقرءان المجيد بَلْ عَجِبُواْ أَن جَاءهُمْ مُّنذِرٌ مّنْهُمْ} [ق: 1، 2] وذكر ما يدفع تعجبهم وبين كونه منذرًا صادقًا وكون الحشر أمرًا واقعًا ورغب وأرهب بالثواب والعذاب آجلًا وعاجلًا وأتم الكلام قال: {إِنَّ في ذَلِكَ} أي القرآن الذي سبق ذكره {لذكرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ} أو لمن يستمع، ثم قال: {وَهُوَ شَهِيدٌ} أي المنذر الذي تعجبتم منه شهيد كما قال تعالى: {إِنَّا أرسلناك شَاهِدًا} [الفتح: 8] وقال تعالى: {لِيَكُونَ الرسول شَهِيدًا عَلَيْكُمْ} [الحج: 78]. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الجنة لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} أي قربت منهم.
وقيل: هذا قبل الدخول في الدنيا؛ أي قربت من قلوبهم حين قيل لهم اجتنبوا المعاصي.
وقيل: بعد الدخول قربت لهم مواضعهم فيها فلا تبعد.
{غَيْرَ بَعِيدٍ} أي منهم وهذا تأكيد.
{هذا مَا تُوعَدُونَ} أي ويقال لهم هذا الجزاء الذي وعدتم في الدنيا على ألسنة الرسل.
وقراءة العامة {تُوعَدُونَ} بالتاء على الخطاب.
وقرأ ابن كثير بالياء على الخبر؛ لأنه أتى بعد ذكر المتقين.
{لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} أوّاب أي رَجّاع إلى الله عن المعاصي، ثم يرجع ويذنب ثم يرجع، هكذا قاله الضحاك وغيره.
وقال ابن عباس وعطاء: الأوّاب المسبِّح من قوله: {ياجبال أَوِّبِي مَعَهُ} [سبأ: 10].
وقال الحكم بن عتيبة: هو الذاكر لله تعالى في الخلوة.
وقال الشعبي ومجاهد: هو الذي يذكر ذنوبه في الخلوة فيستغفر الله منها.
وهو قول ابن مسعود.
وقال عُبيد بن عُمير: هو الذي لا يجلس مجلسًا حتى يستغفر الله تعالى فيه.
وعنه قال: كنا نحدّث أن الأوّاب الحفيظ الذي إذا قام من مجلسه قال سبحان الله وبحمده، اللهم إني أستغفرك مما أصبت في مجلسي هذا.
وفي الحديث: «من قال إذا قام من مجلسه سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك غفر الله له ما كان في ذلك المجلس» وهكذا كان النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول.
وقال بعض العلماء: أنا أحبّ أن أقول أستغفرك وأسألك التوبة، ولا أحبّ أن أقول وأتوب إليك إلا على حقيقته.
قلت: هذا استحسان واتباع الحديث أولى.
وقال أبو بكر الورّاق: هو المتوكل على الله في السراء والضراء.
وقال القاسم: هو الذي لا يشتغل إلا بالله عز وجل.
{حَفِيظٍ} قال ابن عباس: هو الذي حفظ ذنوبه حتى يرجع عنها.
وقال قتادة: حفيظ لما استودعه الله من حقه ونعمته وأتمنه عليه.
وعن ابن عباس أيضًا: هو الحافظ لأمر الله.
مجاهد: هو الحافظ لحق الله تعالى بالإعتراف ولنعمه بالشكر.
قال الضحاك: هو الحافظ لوصية الله تعالى بالقبول.
وروى مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حافظ على أربعِ ركعات من أوّل النهار كان أوّابًا حفيظًا» ذكره الماوردي.