فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: إسرافيل.
الزمخشري: وقيل إسرافيل ينفخ وجبريل ينادي، فينادي بالحشر ويقول: هَلُمّوا إلى الحساب فالنداء على هذا في المحشر.
وقيل: واستمع نداء الكفار بالويل والثبور من مكان قريب، أي يسمع الجميع فلا يبعد أحد عن ذلك النداء.
قال عكرمة: ينادي منادي الرحمن فكأنما ينادي في آذانهم.
وقيل: المكان القريب صخرة بيت المقدس.
ويقال: إنها وسط الأرض وأقرب الأرض من السماء باثني عشر ميلًا.
وقال كعب: بثمانية عشر ميلًا، ذكر الأوّلَ القشيري والزمخشري، والثاني الماوردي.
فيقف جبريل أو إسرافيل على الصخرة فينادي بالحشر: أيتها العظام البالية، والأوصال المتقطعة، ويا عظامًا نخرة، ويا أكفانًا فانية، ويا قلوبًا خاوية، ويا أبدانًا فاسدة، ويا عيونًا سائلة، قوموا لعرض رب العالمين.
قال قتادة: هو إسرافيل صاحب الصّور.
{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة بالحق} يعني صيحة البعث.
ومعنى {الْخُرُوجِ} الاجتماع إلى الحساب.
{ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} أي يوم الخروج من القبور.
{إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} نميت الأحياء ونحيي الموتى؛ أثبت هنا الحقيقة {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرض عَنْهُمْ سِرَاعًا} إلى المنادي صاحب الصّور إلى بيت المقدس.
{ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ} أي هيّن سهل.
وقرأ الكوفيون {تَشَقَّقُ} بتخفيف الشين على حذف التاء الأولى.
الباقون بإدغام التاء في الشين.
وأثبت ابن محيصن وابن كثير ويعقوب ياء {المنادى} في الحالين على الأصل، وأثبتها نافع وأبو عمرو في الوصل لا غير، وحذف الباقون في الحالين.
قلت: وقد زادت السنة هذه الآية بيانًا؛ فروى الترمذي عن معاوية بن حَيْدة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره، قال وأشار بيده إلى الشام فقال: «من هاهنا إلى هاهنا تحشرون ركبانًا ومشاة وتُجرُّون على وجوهكم يوم القيامة على أفواهكم الفِدَام تُوفُون سبعين أمة أنتم خيرهم وأكرمهم على الله وإن أول ما يعرب عن أحدكم فخذه» في رواية أخرى «فخذه وكفّه» وخرّج عليّ بن معبد عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في حديث ذكره: ثم يقول يعني الله تعالى لإسرافيل: «انفخ نفخة البعث فينفخ فتخرج الأرواح كأمثال النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض فيقول الله عز وجل وعزتي وجلالي ليرجعنّ كلّ رُوح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد ثم تدخل في الخياشيم فتمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم وأنا أوّل من تنشق عنه الأرض فتخرجون شبابًا كلكم أبناء ثلاث وثلاثين واللسان يومئذ بالسريانية» وذكر الحديث، وقد ذكرنا جميع هذا وغيره في (التذكرة) مستوفى والحمد لله.
قوله تعالى: {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقولونَ} أي من تكذيبك وشتمك.
{وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} أي بمسلَّط تجبرهم على الإسلام؛ فتكون الآية منسوخة بالأمر بالقتال.
والجبّار من الجبرِية والتسلّط إذ لا يقال جبّار بمعنى مُجبِر، كما لا يقال خرّاج بمعنى مُخرِج؛ حكاه القشيري.
النحاس: وقيل معنى جبّار لست تُجبِرهم، وهو خطأ لأنه لا يكون فَعّال من أفعل.
وحكى الثعلبي: وقال ثعلب قد جاءت أحرف فَعّال بمعنى مُفعِل وهي شاذة، جبّار بمعنى مُجبِر، ودرّاك بمعنى مُدرِك، وسَرّاع بمعنى مُسرِع، وبَكّاء بمعنى مُبكٍ، وعدَّاء بمعنى مُعدٍ.
وقد قرىء {وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرشاد} [غافر: 29] بتشديد الشين بمعنى المرشد وهو موسى.
وقيل: هو الله.
وكذلك قرىء {أَمَّا السفينة فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] يعني ممسكين.
وقال أبو حامد الخارْزَنجِيّ: تقول العرب: سيف سَقَّاط بمعنى مُسقِط.
وقيل: {بِجَبَّارٍ} بمسيطر كما في الغاشية {لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ} [الغاشية: 22].
وقال الفرّاء: سمعت من العرب من يقول جَبَره على الأمر أي قهره، فالجبّار من هذه اللغة بمعنى القهر صحيح.
وقيل: الجبّار من قولهم جبرته على الأمر أي أجبرته وهي لغة كنانية وهما لغتان.
الجوهري: وأجبرته على الأمر أكرهته عليه، وأجبرته أيضًا نسبته إلى (الجبر، كما تقول أكفرته إذا نسبته إلى الكفر).
{فَذَكِّرْ بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ} قال ابن عباس: قالوا: يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت: {فَذَكِّرْ بالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ} أي ما أعددته لمن عصاني من العذاب؛ فالوعيد العذاب والوعد الثواب، قال الشاعر:
وإنِّي وإنْ أَوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ ** لَمُخْلِفُ إِيعَادِي ومُنْجِزُ مَوْعِدي

وكان قتادة يقول: اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ويرجو موعدك.
وأثبت الياء في {وعِيدِي} يعقوب في الحالين، وأثبتها ورش في الوصل دون الوقف، وحذف الباقون في الحالين.
والله أعلم.
تم تفسير سورة {ق} والحمد لله. اهـ.

.قال الألوسي:

{واستمع}.
أمر بالاستماع، والظاهر أنه أريد به حقيقته، والمستمع له محذوف تقديره واستمع لما أخبره به من أهوال يوم القيامة، وبين ذلك بقوله تعالى: {يَوْمَ يُنَادِ المناد} إلى آخره، وسلك هذا لما في الإبهام ثم التفسير من التهويل والتعظيم لشأن المخبر به، وانتصب {يَوْمٍ} بما دل عليه {ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} [ق: 42] أي يوم ينادي المنادى يخرجون من القبور، وقيل: المفعول محذوف تقديره نداء المنادى، وقيل: تقديره نداء الكافرين بالويل والثبور و{يَوْمٍ} ظرف لذلك المحذوف، وقيل: لا يحتاج ذلك إلى مفعول والمعنى كن مستمعًا ولا تكن غافلًا، وقيل: معنى استمع انتظر، والخطاب لكل سامع، وقيل: للرسول عليه الصلاة والسلام و{وم} منتصب على أنه مفعول به لاستمع أي أنتظر يوم ينادي المنادي فإن فيه تبين صحة ما قلته كما تقول لمن تعد بورود فتح: استمع كذا وكذا.
والمنادى على ما في بعض الآثار جبريل عليه السلام بنفخ إسرافيل في الصور وينادي جبريل يا أيتها العظام النخرة والجلود المتمزقة والشعور المتقطعة إن الله يأمرك أن تجتمعي لفصل الحساب.
وأخرج ابن عساكر والواسطي في فضائل بيت المقدس عن يزيد بن جابر أن إسرافيل عليه السلام ينفخ في الصور فيقول: يا أيتها العظام النخرة إلى آخره فيكون المراد بالمنادى هو عليه السلام.
وفي (الحواشي الشهابية) الأول هو الأصح {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} هو صخرة بيت المقدس على ما روى عن يزيد بن جابر. وكعب. وابن عباس. وبريدة. وقتادة، وهي على ما روى عن كعب أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلًا.
وفي (الكشاف) أنها أقرب إليها باقنين عشر ميلًا وهي وسط الأرض، وأنت تعلم أن مثل هذا لا يقبل إلا بوحي، ثم إن كونها وسط الأرض مما تأباه القواعد في معرفة العروض والأطوال، ومن هنا قيل: المراد قريب ممن يناديهم فقيل: ينادي من تحت أقدامهم، وقيل: من منابت شعورهم فيسمع من كل شعرة يا أيتها العظام النخرة الخ، ومن الناس من قال: المراد بقربه كون النداء منه لا يخفى على أحد بل يستوي في سماعه كل أحد، والنداء في كل ذلك على حقيقته، وجوز أن يكون في الإعادة نظير كن في الابتداء على المشهور فهو تمثيل لإحياء الموتى بمجرد الإرادة ولا نداء ولا صوت حقيقة، ثم إن ما ذكرناه من أن المنادي ملك وأنه ينادي بما سمعت هو المأثور، وجوز أن يكون نداؤه بقوله للنفس: ارجعي إلى ربك لتدخلن مكانك من الجنة أو النار أو هؤلاء للجنة وهؤلاء للنار، وأن يكون المنادى هو الله تعالى ينادي {احشروا الذين ظَلَمُواْ وأزواجهم} [الصافات: 22] أو {أَلْقِيَا في جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ} [ق: 24] مع قوله تعالى: {ادخلوها بِسَلامٍ} [ق: 34] أو {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة: 30] أو {أَيْنَ شُرَكَائِىَ} [النحل: 27] أو غير ذلك، وأن يكون غيره تعالى وغير الملك من المكلفين ينادي {يامالك لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [الزخرف: 77] أو {أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الماء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله} [الأعراف: 50] أو غير ذلك، والمعول عليه ما تقدم.
{يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة} وهي النفخة الثانية، و{يَوْمٍ} بدل من {يَوْمَ يُنَادِ} [ق: 41] الخ، والعامل فيهما ما دل عليه {ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} كما تقدم، وجوز أن يكون ظرفًا لما دل عليه ذلك و{يَوْمٍ يُنَادِى} غير معمول له بل لغيره على ما مر، وأن يكون ظرفًا لينادي، وقوله تعالى: {بالحق} في موضع الحال من {الصيحة} أي يسمعونها ملتبسة بالحق الذي هو البعث، وجوز أن يكون {الحق} بمعنى اليقين والكلام نظير صاح بيقين أي وجد منه الصياح يقينًا لا كالصدى وغيره فكأنه قيل: الصيحة المحققة، وجوز أن يكون الجار متعلقًا بيسمعون على أن المعنى يسمعون بيقين، وأن يكون الباء للقسم و{الحق} هو الله تعالى أي يسمعون الصيحة أقسم بالله وهو كما ترى {ذلك} أي اليوم {يَوْمُ الخروج} من القبور وهو من أسماء يوم القيامة.
وقيل: الإشارة إلى النداء واتسع في الظرف فجعل خبرًا عن المصدر، أو الكلام على حذف مضاف أي ذلك النداء نداء يوم الخروج أو وقت ذلك النداء يوم الخروج.
{إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ} في الدنيا من غير أن يشاركنا في ذلك أحد {وَإِلَيْنَا المصير} الرجوع للجزاء في الآخرة لا إلى غيرنا لا استقلالًا ولا اشتراكًا.
{يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرض عَنْهُمْ} بدل بعد بدل، ويحتمل أن يكون ظرفًا للمصير أي ألينا مصيرهم في ذلك اليوم أو لما دل عليه {ذَلِكَ حَشْرٌ} أي يحشرون يوم تشقق.
وقرأ نافع. وابن عامر {تشق} بشد الشين وقرىء {يَوْمَ تَشَقَّقُ} بضم التاء مضارع شققت على البناء للمفعول و{تنشق} مضارع انشقت.
وقرأ زيد بن علي {تتشقق} بتاءين، وقوله تعالى: {عَنْهُمْ سِرَاعًا} مصدر وقع حالًا من الضمير في {عَنْهُمْ} بأتويل مسرعين والعامل {تشقق} وقيل: التقدير يخرجون سراعًا فتكون حالًا من الواو والعامل يخرحج، وحكاه أبو حيان عن الحوفي ثم قال: ويجوز أن يكون هذا المقدر عاملًا في {يَوْمَ تَشَقَّقُ} أخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه قال في الآية: تمطر السماء عليهم حتى تنشق الأرض عنهم، وجاء إن أول من تنشق عنه الأرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج الترمذي وحسنه. والطبراني. والحاكم واللفظ له عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنا أول من تنشق عنه الأرض ثم أبو بكر وعمر ثم أهل البقيع فيحشرون معى ثم أنتظر أهل مكة» وتلا ابن عمر {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرض عَنْهُمْ سِرَاعًا} {ذَلِكَ حَشْرٌ} بعث وجمع {عَلَيْنَا يَسِيرٌ} أي هين، وتقديم الجار والمجرور لتخصيص اليسر به عز وجل فإنه سبحانه العالم القادر لذاته الذي لا يشغله شأن عن شأن {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقولونَ} من نفي البعث وتكذيب الآيات الناطقة وغير ذلك مما لا خير فيه، وهذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم.
{وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} أي ما أنت مسلط عليهم تقسرهم على الايمان أو تفعل بهم ما تريد وأنما أنت منذر، فالباء زائدة في الخبر و{عَلَيْهِمْ} متعلق به.
ويفهم من كلام بعض الأجلة جواز كون {جَبَّارٍ} من جبره على الأمر قهره عليه بمعنى أجبره لا من أجبره إذ لم يجيء فعال بمعنى مفعل من أفعل إلا فيما قل كدراك وسراع، وقال علي بن عيسى: لم يسمع ذلك إلا في دراك.
وقيل: جبار من جبر بمعنى أجبر لغة كنانة وإن {عَلَيْهِمْ} متعلق بمحذوف وقع حال أي ما أنت جبار تجبرهم على الايمان واليًا عليهم، وهو محتمل للتضمين وعدمه فلا تغفل، وقيل: أريد التحلم عنهم وترك الغلظة عليهم، وعليه قيل: الآية منسوخة، وقيل: هي منسوخة على غيره أيضًا بآية السيف {فَذَكّرْ القرءان مِن يَخَافُ وَعِيدِ} فإنه لا ينتفع به غيره، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: قالوا يا رسول الله لوخوفتنا فنزلت فذكر بالقرآن من يخاف وعيد وما أنسب هذا الاختتام بالافتتاح بقوله سبحانه: {ق والقرءان المجيد} [ق: 1] هذا وللشيخ الأكبر قدس سره في قوله تعالى: {بَلْ هُمْ في لَبْسٍ مّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق: 15] ولغير واحد من الصوفية في قوله سبحانه: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوريد} [ق: 16] كلام أشرنا إليه فيما سبق، ومنهم من يجعل {ق} إشارة إلى الوجود الحق المحيط بجميع الموجودات {والله من ورائهم محيط} [ق: 20] وقيل: هو إشارة إلى مقامات القرب، وقيل: غير ذلك، وطبق بعضهم سائر آيات السورة على مافي الأنفس وهو مما يعلم بأدنى التفات ممن له أدنى ممارسة لكلامهم والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ (41)}.
لا محالة أن جملة {استمع} عطف على جملة {سَبح بحمد ربك} [ق: 39]، فالأمر بالاستماع مفرع بالفاء التي فرع بها الأمر بالصبر على ما يقولون.
فهو لاحق بتسلية النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون المسموع إلا من نوع ما فيه عناية به وعقوبة لمكذبيه.
وابتداء الكلام بـ {استمع} يفيد توثيقًا إلى ما يرد بعده على كل احتمال.
والأمر بالاستماع حقيقته: الأمر بالإنصات والإصْغاء.
وللمفسرين ثلاث طرق في محمل {استمع}، فالذي نحاه الجمهور حمل الاستماع على حقيقته وإذ كان المذكور عقب فعل السمع لا يصلح لأن يكون مسموعًا لأن اليوم ليس مما يُسمع تعين تقدير مفعول ل {استمع} يدل عليه الكلام الذي بعده فيقدر: استمع نداءَ المنادي، أو استمع خبرهم، أو استمع الصيحة يوم ينادي المنادي.
ولك أن تجعل فعل {استمع} منزلًا منزلة اللازم، أي كُن سامِعًا ويتوجه على تفسيره هذا أن يكون معنى الأمر بالاستماع تخييلًا لصيحة ذلك اليوم في صورة الحاصل بحيث يؤمر المخاطب بالإصغاء إليها في الحال كقول مالك بن الرَّيّب:
دَعاني الهوى من أهل ودي وجيرتي ** بذي الطَّبَسَيْن فالتفَتُّ وَرائيا

ونحَا ابنُ عطية حمل {استمع} على المجاز، أي انتظر.
قال: لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم لم يؤمر بأن يستمع في يوم النداء لأن كل مَن فيه يستمع وإنما الآية في معنى الوعيد للكفار فقيل لمحمد صلى الله عليه وسلم تحسس هذا اليوم وارتقبه فإن فيه تبّين صحة ما قلته. اهـ.
ولم أر مَن سَبَقه إلى هذا المعنى ومثله في (تفسير الفخر) وفي (تفسير النسفي).
ولعلهما اطلعا عليه لأنهما متأخران عن ابن عطية وهما وإن كانا مشرقيّين فإن الكتب تُنقل بين الأقطار.