فصل: قال القاسمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال الفراء: وهذا جائز في العربية، تقول: ما لك قلب وما قلبك معك، أي: ما لك عقل وما عقلك معك، وقيل: المراد: القلب نفسه؛ لأنه إذا كان سليمًا أدرك الحقائق وتفكر كما ينبغي.
وقيل: لمن كان له حياة ونفس مميزة فعبر عن ذلك بالقلب؛ لأنه وطنها ومعدن حياتها، ومنه قول امرئ القيس:
أغرّك مني أن حبك قاتلي ** وأنك مهما تأمري النفس تفعل

{أَوْ أَلْقَى السمع} أي: استمع ما يقال له، يقال: ألق سمعك إليّ، أي: استمع مني، والمعنى: أنه ألقى السمع إلى ما يتلى عليه من الوحي الحاكي لما جرى على تلك الأمم.
قرأ الجمهور {ألقى} مبنيًا للفاعل.
وقرأ السلمي، وطلحة، والسديّ على البناء للمفعول، ورفع {السمع} {وَهُوَ شَهِيدٌ} أي: حاضر الفهم، أو حاضر القلب؛ لأن من لا يفهم في حكم الغائب وإن حضر بجسمه، فهو لم يحضر بفهمه.
قال الزجاج: أي: وقلبه حاضر فيما يسمع.
قال سفيان: أي: لا يكون حاضرًا وقلبه غائب.
قال مجاهد، وقتادة: هذه الآية في أهل الكتاب، وكذا قال الحسن.
وقال محمد بن كعب، وأبو صالح: إنها في أهل القرآن خاصة.
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا السموات والارض وَمَا بَيْنَهُمَا في سِتَّةِ أَيَّامٍ} قد تقدّم تفسير هذه الآية في سورة الأعراف، وغيرها.
{وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} اللغوب: التعب والإعياء، تقول: لغب يلغب بالضم لغوبًا.
قال الواحدي: قال جماعة المفسرين: إن اليهود قالوا: خلق الله السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، أوّلها الأحد وآخرها الجمعة، واستراح يوم السبت، فأكذبهم الله تعالى بقوله: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}.
{فاصبر على مَا يَقولونَ} هذه تسلية للنبيّ صلى الله عليه وسلم، وأمر لهم بالصبر على ما يقوله المشركون، أي: هوّن عليك، ولا تحزن لقولهم، وتلقّ ما يرد عليك منه بالصبر {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ الغروب} أي: نزّه الله عما لا يليق بجنابه العالي ملتبسًا بحمده وقت الفجر ووقت العصر، وقيل: المراد: صلاة الفجر وصلاة العصر، وقيل: الصلوات الخمس، وقيل: صلّ ركعتين قبل طلوع الشمس، وركعتين قبل غروبها، والأوّل أولى.
{وَمِنَ اليل فَسَبّحْهُ} {من} للتبعيض، أي: سبّحه بعض الليل، وقيل: هي صلاة الليل، وقيل: ركعتا الفجر، وقيل: صلاة العشاء، والأوّل أولى {وأدبار السجود} أي: وسبّحه أعقاب الصلوات.
قرأ الجمهور {أدبار} بفتح الهمزة جمع دبر.
وقرأ نافع، وابن كثير، وحمزة بكسرها على المصدر، من أدبر الشيء إدبارًا: إذا ولى، وقال جماعة من الصحابة والتابعين: إدبار السجود: الركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: الركعتان قبل الفجر، وقد اتفق القراء السبعة في {إدبار النجوم} [الطور: 49] أنه بكسر الهمزة، كما سيأتي.
{واستمع يَوْمَ يُنَادِ المناد مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} أي: استمع ما يوحى إليك من أحوال القيامة: يوم ينادي المناد، وهو إسرافيل، أو جبريل، وقيل: استمع النداء، أو الصوت، أو الصيحة، وهي صيحة القيامة، أعني: النفخة الثانية في الصور من إسرافيل، وقيل: إسرافيل ينفخ، وجبريل ينادي أهل المحشر، ويقول: هلموا للحساب، فالنداء على هذا في المحشر، قال مقاتل: هو إسرافيل ينادي بالحشر فيقول: يا أيها الناس هلموا للحساب {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} بحيث يصل النداء إلى كل فرد من أفراد أهل المحشر.
قال قتادة: كنا نحدّث أنه ينادي من صخرة بيت المقدس.
قال الكلبي: وهي أقرب الأرض إلى السماء باثني عشر ميلًا، وقال كعب: بثمانية عشر ميلًا {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصيحة بالحق} هو بدل من {يوم يناد} يعني: صيحة البعث، و{بالحق} متعلق بالصيحة {ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} أي: يوم الخروج من القبور.
قال الكلبي: معنى {بالحق} بالبعث.
وقال مقاتل: يعني: أنها كائنة حقًا.
{إِنَّا نَحْنُ نُحْىِ وَنُمِيتُ} أي: نحيي في الآخرة، ونميت في الدنيا لا يشاركنا في ذلك مشارك، والجملة مستأنفة لتقرير أمر البعث {وَإِلَيْنَا المصير}، فنجازي كل عامل بعمله {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأرض عَنْهُمْ} قرأ الجمهور بإدغام التاء في الشين، وقرأ الكوفيون بتخفيف الشين على حذف إحدى التاءين تخفيفًا.
وقرأ زيد بن علي: (تتشقق) بإثبات التاءين على الأصل، وقرىء على البناء للمفعول، وانتصاب {سِرَاعًا} على أنه حال من الضمير في عنهم، والعامل في الحال تشقق، وقيل: العامل في الحال هو العامل في {يوم} أي: مسرعين إلى المنادي الذي ناداهم {ذَلِكَ حَشْرٌ} أي: بعث وجمع {عَلَيْنَا يَسِيرٌ} هين.
ثم عزّى الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: {نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقولونَ} يعني: من تكذيبك فيما جئت به، ومن إنكار البعث والتوحيد {وَمَا أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} أي: بمسلط يجبرهم ويقهرهم على الإيمان، والآية منسوخة بآية السيف {فَذَكّرْ بالقرءان مَن يَخَافُ وَعِيدِ} أي: من يخاف وعيدي لعصاتي بالعذاب، وأما من عداهم فلا تشتغل بهم، ثم أمره الله سبحانه بعد ذلك بالقتال.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس: {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} قال: من نصب.
وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن عساكر عن جرير بن عبد الله، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس}: (صلاة الصبح) {وَقَبْلَ الغروب} (صلاة العصر).
وأخرج الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن عباس قال: بت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى ركعتين خفيفتين قبل صلاة الفجر، ثم خرج إلى الصلاة، فقال: «يا ابن عباس ركعتان قبل صلاة الفجر إدبار النجوم، وركعتان بعد المغرب إدبار السجود» وأخرج مسدّد في مسنده، وابن المنذر، وابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إدبار النجوم، وإدبار السجود، فقال: «إدبار السجود: ركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: الركعتان قبل الغداة» وأخرج محمد بن نصر في الصلاة، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب: إدبار السجود: ركعتان بعد المغرب، وإدبار النجوم: ركعتان قبل الفجر.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي في الأسماء والصفات عن عليّ بن أبي طالب مثله.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن نصر، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن أبي هريرة مثله.
وأخرج البخاري، وغيره عن مجاهد قال: قال ابن عباس: أمره أن يسبح في أدبار الصلوات كلها.
وأخرج ابن جرير عنه {واستمع يَوْمَ يُنَادِ المناد} قال: هي الصيحة.
وأخرج الواسطي عنه أيضًا {مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} قال: من صخرة بيت المقدس.
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن المنذر عنه أيضًا {ذَلِكَ يَوْمُ الخروج} قال: يوم يخرجون إلى البعث من القبور.
وأخرج ابن جرير عنه أيضًا قال: قالوا: يا رسول الله لو خوّفتنا، فنزلت: {فَذَكّرْ بالقرءان مَن يَخَافُ وَعِيدِ}. اهـ.

.قال القاسمي:

سورة ق:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
{ق والقرآن الْمَجِيدِ}.
هو حرف من حروف التهجي المفتتَح بها أوائل السور، مثل: {ص} و{ن}، و{الم}، و{حم}، ونحوها. علم على السورة، على الصحيح من أقوال، كما تقدم مرارًا.
تنبيه:
قال ابن كثير: روي عن بعض السلف أنهم قالوا: {ق} جبل محيط بجميع الأرض يقال له: جبل قاف.
وكأن هذا- والله أعلم- من خرافات بني إِسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس؛ لما رأى من جواز الرواية عنهم مما لا يُصَدّق ولا يكذب. وعندي أن هذا وأمثاله من اختلاق بعض زنادقتهم يلبِّسون على الناس أمر دينهم، كما افتُريَ في هذه الأمة- مع جلالة قدر علمائها وحفاظها وأئمتها- أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما بالعهد من قدم، فكيف بأمَّة بني إِسرائيل، مع طول المدى، وقلة الحفّاظ والنقاد فيهم، وشربهم الخمور، وتحريف علمائهم الكلم عن مواضعه، وتبديل كتب الله وآياته؟! وإنما أباح الشارع الرواية عنهم في قوله: «وحدثوا عن بني إِسرائيل ولا حرج» فيما قد يجوِّزه العقل، فأما فيما تحيله العقول ويحكم فيه البطلان ويغلب على الظنون كذبه، فليس من هذا القبيل.
وقد أكثر كثير من السلف المفسرين وكذا طائفة كثيرة من الخلف، من الحكاية عن كتب أهل الكتاب تفسير القرآن المجيد، وليس بهم احتياج إلى أخبارهم، ولله الحمد والمنَّة.
ثم ردّ ابن كثير- رحمه الله- ما قيل من أن المراد من: قضي الأمر والله! كقول الشاعر:
قلت لها قفي فقالت قاف

أي: إني واقفة، بأن في هذا نظرًا؛ لأن الحذف في الكلام إنما يكون إذا دل دليل عليه، ومن أين يفهم هذا من ذكر هذا الحرف؟. انتهى.
{والقرآن الْمَجِيدِ} أي: ذي المجد والشرف على غيره من الكتب.
{بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقال الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ}.
{بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ} أي: لأنْ جاءهم منذر من جنسهم، لا من جنس الملَك، أو من جلدتهم، وهو كما قال أبو السعود: إضراب عما ينبئ عنه جواب القسم المحذوف، كأنه قيل: والقرآن المجيد أنزلناه إليك؛ لتنذر به الناس، حسبما ورد في صدر سورة الأعراف، كأنه قيل بعد ذلك: لم يؤمنوا به، جعلوا كلًا من المنذر والمنذر به عُرضة للنكير والتعجب، مع كونهما أوفق شيء لقضية العقول، وأقربه إلى التلقي بالقبول.
وقيل: التقدير: والقرآن المجيد إنك لمنذر. ثم قيل بعده: إنهم شكوا فيه، ثم أضرب عنه. وقيل: بل عجبوا، أي: لم يكتفوا بالشك والرد، بل جزموا بالخلاف، حتى جعلوا ذلك من الأمور العجيبة. وقيل: هو إضراب عما يفهم من وصف القرآن بالمجيد، كأنه قيل: ليس سبب اقتناعهم من الإيمان بالقرآن أنه لا مجد له، ولكن لجهلهم.
{فَقال الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ} تفسير لتعجبهم، وبيان لكونه مقارنًا لغاية الإنكار، مع زيادة تفصيل لمحل التعجب. وهذا إِشارة إلى كونه عليه الصلاة والسلام منذرًا بالقرآن. وإضمارهم أولًا للإشعار بتعينهم بما أسند إليهم، وإظهارهم ثانيًا للتسجيل عليهم بالكفر بموجبه، أو عطف لتعجبهم من البعث، على تعجبهم من البعثة. على أن هذا إشارة إلى مبهم يفسره ما بعده من الجملة الإنكارية.
{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ}.
{أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا} تقرير للتعجيب وتأكيد للإنكار. والعامل في إذا مضمر غنيّ عن البيان؛ لغاية شهرته، مع دلالة ما بعده عليه، أي: أحين نموت ونصير ترابًا نرجع، كما ينطق به النذير والمنذر به. مع كمال التباين بيننا وبين الحياة، حينئذٍ.
ذلك إشارة إلى محل النزاع {رَجْعٌ بَعِيدٌ} أي: عن الأوهام أو العادة أو الإمكان.
{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ}.
{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ} أي: ما تأكل من أجسامهم بعد مماتهم. وهو ردٌّ لاستبعادهم، وإزاحة له. فإن من عمّ علمه ولطف حتى انتهى إلى حيث علم ما تنقِص الأرض من أجساد الموتى وتأكل من لحومهم وعظامهم، كيف يستبعد رجعه إياهم أحياء كما كانوا! وقيل: المعنى ما يموت فيدفن في الأرض منهم.
{وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ} قال أبو السعود: أي: حافظ لتفاصيل الأشياء كله، أو محفوظ من التغير. والمراد: إما تمثيل علمه تعالى بكليات الأشياء وجزئياتها، بعلم من عنده كتاب محيط يتلقى منه كل شيء. أو تأكيد لعلمه تعالى بها، بثبوتها في اللوح المحفوظ عنده.
{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ}.
{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ} وهو القرآن {لَمَّا جَاءهُمْ} أي: من غير تأمُّل وتفكُّر.
قال الزمخشري: إضراب أتبع الإضراب الأول؛ للدلالة على أنهم جاؤوا بما هو أفظع من تعجبهم، وهو التكذيب بالحق، الذي هو النبوة الثابتة بالمعجزات، في أول وهلة من غير تفكر ولا تدبر. وكونه أفظع؛ للتصريح بالتكذيب من غير تدبر بعد التعجب منه.
{فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ} أي: مضطرب، يعني اختلاف مقالتهم فيه من ادعاء أنه شعر أو سحر ونحوه؛ تعنتًا وكبرًا.
{أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ}.
{أَفَلَمْ يَنظُرُوا} أي: هؤلاء المكذبون بالبعث، المنكرون قُدرَتنا على إحياءهم بعد فنائهم، {إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا} أي: رفعناها بغير عمد {وَزَيَّنَّاهَا} أي: بالنجوم {وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} قال ابن جرير: يعني ومالها من صُدوع وفروق، كقوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ} {فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسًِا وَهُوَ حَسِيرٌ} [الملك 3- 4] أي: كليل عن أن ترى عيبًا أو نقصًا.
{وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}.
{وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا} أي: بسطناها.
{وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ} أي: جبالًا ثوابت، حفظًا لها من الاضطراب؛ لقوة الجيشان في جوفها، {وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ} أي: صنف {بَهِيجٍ} أي: حسن المنظر، يُبتهَج به لحُسنه.
{تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ}.
{تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ} أي: لتبصر وتذكِّر كلَّ عبد منيب راجع إلى ربِّه، مفكّر في بدائع صنعه.
و{تَبْصِرَةً وَذِكْرَى} منصوبات بالفعل الأخير على أنهما مفعولان له، وإن كانتا علتين للأفعال المذكورة معنى. أو بفعل مقدر، أي: فعلنا ما فعلنا تبصيرًا وتذكيرًا.
{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رِزْقًا لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ} [9-11].
{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء} أي: المُزن {مَاء مُّبَارَكًا} أي: كثير المنافع، {فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ} أي: أشجارًا ذوات أثمار، {وَحَبَّ الْحَصِيدِ} أي: الزرع المحصود من البُر والشعير وسائر أنواع الحبوب. وتخصيص إنبات حبه بالذكر، لأنه المقصود بالذات.
{وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} أي: وأنبتنا بالماء الذي أنزلناه من السماء النخلَ طوالًا، أو حوامل، من أبسقت الشاةُ، إذا حملت، فيكون من: أفعل فهو فاعل، والقياس: مفعل، فهو من النوادر كالطوائح واللواقح، في أخوات لها شاذة؛ وإفرادها بالذكر مع دخولها في {جَنَّاتٍ} لبيان فضلها بكثرة منافعها. وتوسيط الحب بينهما لتأكيد استقلالها وامتيازها عن البقية، مع ما فيه من مراعاة الفواصل.