فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وحبك الشعر لآثار تثنيه وتكسره، وتفسيرها بذلك مروي عن مقاتل والكلبي والضحاك، والمراد بها إما الطرق المحسوسة التي تسير فيها الكواكب، أو المعقولة التي تدرك بالبصيرة وهي ما تدل على وحدة الصانع وقدرته وعلمه وحكمته جل شأنه إذا تأملها الناظر.
وقال ابن عباس وقتادة وعكرمة ومجاهد والربيع: ذات الخلق المستوى الجيد، وفي رواية أخرى عن مجاهد المتقنة البنيان، وقيل: ذات الصفاقة وهي أقوال متقاربة وكأن الحبك عليها من قولهم: حبكت الشيء أحكمته وأحسنت عمله وحبكت العقدة أوثقتها، وفرس محبوك المعاقم وهي المفاصل أي محكمها، وفي (الكشف) أصل الحباكة الصفاقة وجودة الأثر، وعن الحسن حبكها نجومها، والظاهر أن إطلاق الحبك على النجوم مجاز لأنها تزين السماء كما يزين الثوب الموشى حبكه وطرائق وشيه فكأنه قيل: ذات النجوم التي هي كالحبك أي الطرائق في التزيين، واستظهر في السماء أنه جنس أريد به جميع السموات وكون كل واحدة منها ذات حبك بمعنى مستوية الخلق جيدته، أو متقنة البنيان أو صفيقة، أو ذات طرق معقولة ظاهر، وأما كون كل منها كذلك بمعنى ذات طرق محسوسة فباعتبار أن الكواكب في أي سماء كانت تسير مسامتة لسائر السموات، فممراتها باعتبار المسامتة طرق، وبمعنى ذات النجوم فباعتبار أن النجوم في أي سماء كانت تشاهد في سائر السموات بناءًا على أن السموات شفاقة لا يحجب كل منها إدراك ما وراءه، وأخرج ابن منيع عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال: هي السماء السابعة، وعن عبد الله بن عمرو مثله فتدبر ولا تغفل.
وقرأ ابن عباس. والحسن بخلاف عنه. وأبو مالك الغفاري. وأبو حيوة. وابن أبي عبلة. وأبو السماء. ونعيم عن أبي عمرو الحبك بإسكان الباء على زنة القفل، وعكرمة بفتحها جمع حبكة مثل طرفة وطرف وبرقة وبرق، وأبو مالك الغفاري والحسن بخلاف عنه أيضًا بكسر الحاء والباء كالإبل وهو على ما ذكر الخفاجي اسم مفرد ورد على هذا الوزن شذوذًا وليس جمعًا، وأبو مالك. والحسن. وأبو حيوة أيضًا بكسر الحاء وإسكان الباء كالسلك وهو تخفيف فعل مكسور الفاء والعين وهو اسم مفرد لا جمع لأن فعللًا ليس من أبنية الجموع قاله في البحر وابن عباس وأبو مالك أيضًا بفتحهما كالجبل قال أبو الفضل الرازي فهو جمع حبكة مثل عقبة وعقب، والحسن أيضًا بكسر الحاء وفتح الباء كالنعم، وأبو مالك أيضًا بكسر الحاء وضم الباء وذكرها ابن عطية عن الحسن أيضًا ثم قال: هي قراءة شاذة غير متوجهة وكأن بعد أن كسر الحاء توهم قراءة الجمهور فضم التاء وهذا من تداخل اللغات وليس في كلام العرب هذا البناء أي لأن فيه الانتقال من خفة إلى ثقل على عكس ضرب مبنيًا للمفعول، وقال (صاحب اللوامح): هو عديم النظير في العربية في أبنيتها وأوزانها ولا أدري ما وراءه انتهى.
وعلى التداخل تأول النحاة هذه القراءة، وقال أبو حيان: الأحسن عندي أن يكون ذلك مما أتبع فيه حركة الحاء لحركة تاء {ذَاتُ} في الكسر ولم يعتد بالام الساكنة لأن الساكن حاجز غير حصين.
{إِنَّكُمْ لَفِى قول مُّخْتَلِفٍ} أي متخالف متناقض في أمر الله عز وجل حيث تقولون: إنه جل شأنه خالق السموات والأرض وتقولون بصحة عبادة الأصنام معه سبحانه، وفي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فتقولون: تارة إنه مجنون، وأخرى إنه ساحر ولا يكون الساحر إلا عاقلًا، وفي أمر الحشر فتقولون: تارة لا حشر ولا حياة بعد الموت أصلًا، وتزعمون أخرى أن أصنامكم شفعاؤكم عند الله تعالى يوم القيامة إلى غير ذلك من الأقوال المتخالفة فيما كلفوا بالايمان به، واقتصر بعضهم على كون القول المختلف في أمره صلى الله عليه وسلم، والجملة جواب القسم ولعل النكتة في ذلك القسم تشبيه أقوالهم في اختلافها وتنافي أغراضها بطرائق السموات في تباعدها واختلاف هيآتها، أو الإشارة إلى أنها ليست مستوية جيدة، أو ليست قوية محكمة، أو ليس فيها ما يزينها بل فيها ما يشينها من التناقض.
{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} أي يصرف عن الايمان بما كلفوا الايمان به لدلالة الكلام السابق عليه.
وقال الحسن وقتادة: عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال غير واحد: عن القرآن، والكلام السابق مشعر بكل من صرف الصرف الذي لا أشد منه وأعظم؛ ووجه المبالغة من إسناد الفعل إلى من وصف به فلولا غرض المبالغة لكان من توضيح الواضح فكأنه أثبت للمصروف صرف آخر حيث قيل: {يُصْرَفْ عَنْهُ} المصروف فجاءت المبالغة من المضاعفة ثم الإطلاق في المقام الخطابي له مدخل في تقوية أمر المضاعفة وكذلك الإبهام الذي في الموصول، وهو قريب من قوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مّنَ اليم مَا غَشِيَهُمْ} [طه: 87] وقيل: المراد {يُصْرَفْ عَنْهُ} في الوجود الخارجي من {صَرَفَ عَنْهُ} في علم الله تعالى وقضائه سبحانه، وتعقب بأنه ليس فيه كثير فائدة لأن كل ما هو كائن معلوم أنه ثابت في سابق علمه تعالى الأزلي وليس فيه المبالغة السابقة، وأجيب عن الأول بأن فيه الإشارة إلى أن الحجة البالغة لله عز وجل في صرفه وكفى بذلك فائدة وهو مبني أن العلم تابع للمعلوم فافهمه، وحكى الزهراوي أنه يجوز أن يكون الضمير {لِمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 5] أو للدين أقسم سبحانه بالذاريات على أن وقوع أمر القيامة حق ثم أقسم بالسماء على أنهم في {قول مُّخْتَلِفٍ} في وقوعه، فمنهم شاك، ومنهم جاحد ثم قال جل وعلا: {يُؤْفَكُ} عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك، وذكر ذلك الزمخشري ولم يعزه، وادعى (صاحب الكشف) أنه أوجه لتلاؤم الكلام، وقيل: يجوز أن يكون الضمير لقول مختلف وعن للتعليل كما في قوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِى ءالِهَتِنَا عَن قولكَ} [هود: 53].
ينهون عن أكل وعن شرب ** مثل المها يرتعن في خصب

أي يصرف بسبب ذلك القول المختلف من أراد الإسلام، وقال الزمخشري: حقيقته يصدر إفكهم عن القول المختلف، وهذا محتمل لبقاء عن على أصلها من المجاوزة واعتبار التضمين، وفيه ارتكاب خلاف الظاهر من غير داع مع ذهاب تلك المبالغة، وجوز ابن عطية رجوع الضمير إلى القول إلا أنه قال: المعنى يصرف عن ذلك القول المختلف بتوفيق الله تعالى للإسلام من غلبت سعادته، وتعقبه بأن فيه مخالفة للعرف فإن عرف الاستعمال في الإفك الصرف من خير إلى شر فلذلك لا تجده إلا في المذمومين، ثم إن ذلك على كون الخطاب في أنكم للكفار وهو الذي ذهب إليه ابن زيد وغيره واستظهر أبو حيان كونه عامًا للمسلم والكافر، واستظهر العموم فيما سبق أيضًا، والقول المخلف حينئذ قول المسلمين بصدق الرسول عليه الصلاة والسلام، وقول الكفار بنقيض ذلك.
وقرأ ابن جبير وقتادة {مَنْ أُفِكَ} مبنيًا للفاعل أي من أفك الناس عنه وهم قريش، وقرأ زيد بن علي {يأفك عنه من أفك} أي يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب، وقرىء {يؤفن عنه من أفن} بالنون فيهما أي يحرمه من حرم من أفن الضرع إذا أنهكه حلبًا.
{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10)} أي الكذابون من أصحاب القول المختلف، وأصل الخرص الظن والتخمين ثم تجوز به عن الكذب لأنه في الغالب يكون منشأ له، وقال الراغب: حقيقة ذلك أن كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال له: خرص سواء كان مطابقًا للشيء أو مخالفًا له من حيث أن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولاسماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل خارص الثمرة في خرصه، وكل من قال قولا على هذا النحو قد يسمى كاذبًا وإن كان قوله مطابقًا للمقول المخبر به كما في قوله تعالى: {إِذَا جَاءكَ المنافقون} [المنافقون: 1] الآية انتهى.
وفيه بحث وحقيقة القتل معروفة، والمراد بقتل الدعاء عليهم مع قطع النظر عن المعنى الحقيقي.
وعن ابن عباس تفسيره باللعن قال ابن الأنباري: وإنما كان القتل بمعنى اللعن هنا لأن من لعنه الله تعالى بمنزلة المقتول الهالك، وقرىء قتل الخراصين أي قتل الله الخراصين.
{الذين هُمْ في غَمْرَةٍ} في جهل عظيم يغمرهم ويشملهم شمول الماء الغامر لما فيه {ساهون} غافلون عما أمروا به، فالمراد بالسهو مطلق الغفلة.
{يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (12)}.
{يُسْئَلُونَ} أي بطريق الاستعجال استهزاءًا {أَيَّانَ يَوْمُ الدين} معمول ليسألون على أنه جار مجرى يقولون لما فيه من معنى القول، أو لقول مصدر أي فيقولون متى وقوع يوم الجزاء وقدر الوقوع ليكون السؤال عن الحدث كما هو المعروف في {أَيَّانَ} ولا ضير في جعل الزمان زمانيًا فإن اليوم لما جعل موعودًا ومنتظرًا في نحو قوله تعالى: {فارتقب يَوْمَ تَأْتِى السماء} [الدخان: 10] صار ملحقًا بالزمانيات وكذلك كل يوم له شأن مثل يوم العيد والنيروز وهذا جار في عرفي العرب والعجم على أنه يجوز عند الأشاعرة أن يكون للزمان زمان على ما فصل في مكانه، وقرىء {أَيَّانَ} بكسر الهمزة وهي لغة.
{يَوْمَ هُمْ عَلَى النار يُفْتَنُونَ} أي يحرقون، وأصل الفتن إذابة الجوهر ليظهر غشه ثم استعمل في الإحراق والتعذيب ونحو ذلك، و{يَوْمٍ} نصب على الظرفية لمحذوف دل عليه وقوع الكلام جوابًا للسؤال مضاف للجملة الاسمية بعده أي يقع يوم الدين يوم هم على النار الخ، وقال الزجاج: ظرف لمحذوف وقع خبرًا لمبتدأ كذلك أي هو واقع، أو كائن يوم الخ، وجوز أن يكون هو نفسه خبر مبتدأ محذوف، والفتحة فتحة بناء لإضافته إلى غير، وهي الجملة الاسمية فإن الجمل بحسب الأصل كذلك على كلام فيه بين البصريين والكوفيين مفصل في (شرح التسهيل) أي هو يوم هم الخ، والضمير قيل: راجع إلى وقت الوقوع فيكون هذا الكلام قائمًا مقام الجواب على نحو سيقولون لله في جواب {مَن رَّبُّ السموات والأرض} [الرعد: 16] لأن تقدير السؤال في أي وقت يقع، وجوابه الأصلي في يوم كذا، وإذا قلت: وقت يوم كذا كان قائمًا مقامه، ويجوز أن يكون الضمير لليوم والكلام جواب بحسب المعنى، فالتقدير يوم الجزاء يوم تعذيب الكفار ويؤيد كونه مرفوع المحل خبرًا لمبتدأ محذوف.
قراءة ابن أبي عبلة والزعفراني (يوم هم) بالرفع، وزعم بعض النحاة أن يوم بدل من {يَوْمِ الدين} وفتحته على قراءة الجمهور فتحة بناء، و{يَوْمٍ} وما في حيزه من جملة كلام السائلين قالوه استهزاءًا، وحكى على المعنى، ولو حكى على اللفظ لقيل: يوم نحن على النار نفتن، وهو في غاية البعد كما لا يخفى، وقوله تعالى: {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ} بتقدير قول وقع حالًا من ضمير {يُفْتَنُونَ} [الذاريات: 13] أي مقولا لهم {ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ} أي عذابكم المعدّ لكم، وقد يسمى مايحصل عنه العذاب كالكفر فتنة، وجوز أن يكون منه ما هنا كأنه قيل: ذوقوا كفركم أي جزاء كفركم أو يجعل الكفر نفس العذاب مجازًا وهو كما ترى {هذا الذي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} جملة من مبتدأ وخبر داخلة تحت القول المضمر أي هذا العذاب الذي كنتم تستعجلون به بطريق الاستهزاء وجوز أن يكون هذا بدلًا من {فِتْنَتَكُمْ} بتأويل العذاب، وفيه بعد. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (1)}.
القَسَم المفتتح به مراد منه تحقيق المقسم عليه وتأكيد وقوعه وقد أقسم الله بعظيم من مخلوقاته وهو في المعنى قسم بقدرته وحكمته ومتضمن تشريف تلك المخلوقات بما في أحوالها من نعم ودلالةٍ على الهدى والصلاح، وفي ضمن ذلك تذكير بنعمة الله فيما أوجد فيها.
والمُقْسَم بها الصفات تقتضي موصفاتها، فآل إلى القَسَم بالموصوفات لأجل تلك الصفات العظيمة.
وفي ذلك إيجاز دقيق، على أن في طي ذكر الموصوفات توفيرًا لما تؤذن به الصفات من موصوفات صالحة بها لتذهب أفهام السامعين في تقديرها كل مذهب ممكن.
وعطف تلك الصفات بالفاء يقتضي تناسبها وتجانسها، فيجوز أن تكون صفات لجنس واحد وهو الغالب في عطف الصفات بالفاء، كقول ابن زيَّابة:
يا لهف زَيابَةَ للحارث ** الصَابح فالغانم فالآيب

ويجوز أن تكون مختلفة الموصوفات إلا أن موصوفاتها متقاربة متجانسة كقول امرئ القيس:
بسِقط اللِوى بين الدَّخول فَحَوْمَل

فتوضح فالمقراة

وقول لبيد:
بمشارق الجبلين أو بمُحجر ** فتَضَّمنتْها فَردة فرُخَامها

فصَوائق إن أيمنت

البيت.
ويكثر ذلك في عطف البقاع المتجاورة، وقد تقدم ذلك في سورة الصافات.
واختلف أئمة السلف في محمل هذه الأوصاف وموصوفاتها.
وأشهر ما رُوي عنهم في ذلك ما روي عن علي بن أبي طالب وابن عباس ومجاهد أن {الذاريات} الرياح لأنها تذرو التراب، و{الحاملات وِقرًا}: السحاب، و{الجاريات}: السفن، و{المُقسِّمات أمرًا} الملائكة، وهو يقتضي اختلاف الأجناس المقسم بها.
وتأويله أن كل معطوففٍ عليه يُسبب ذكر المعطوف لالتقائهما في الجامع الخيالي، فالرياح تذكِّر بالسحاب، وحمل السحاب وِقْرَ الماء يذكر بحمل السفن، والكل يذكر بالملائكة.
ومن المفسرين من جعل هذه الصفات الأربع وصفًا للرياح قاله في (الكشاف) ونقل بعضه عن الحسن واستحسنه الفخر، وهو الأنسب لعطف الصفات بالفاء.
فالأحسن أن يُحمل الذرو على نشر قطع السحاب نَشرًا يشبه الذرو.
وحقيقة الذرو رَمي أشياء مجتمعة تُرمى في الهواء لتقع على الأرض مثل الحَب عند الزرع ومثل الصوف وأصله ذرو الرياح التراب فشبه به دفع الريح قطع السحاب حتى تجتمع فتصير سحابًا كاملًا فالذاريات تنشر السحاب ابتداء كما قال تعالى: {الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابًا فيبسطه في السماء كيف يشاء} [الروم: 48].
والذرو وإن كان من صفة الرياح فإنّ كون المذرو سحابًا يؤول إلى أنه من أحوال السحاب وقيل ذروها التراب وذلك قبل نَشرها السحب وهو مقدمة لنشر السحاب.
ونُصب {ذَرْوًا} على المفعول المطلق لإرادة تفخيمه بالتنوين، ويجوز أن يكون مصدرًا بمعنى المفعول، أي المَذْرو، ويكون نصبه على المفعول به.
و{الحاملات وقرا} هي الرياح حين تجمع السحاب وقد ثَقُل بالماء، شبه جمعها إياه بالحَمل لأن شأن الشيء الثقيل أن يحمله الحامل، وهذا في معنى قوله تعالى: {ويَجْعَلُه كِسَفًا فترى الودقَ يخرج من خلاله} [الروم: 48] الآية.
وقوله: {وينشىء السحاب الثِّقال} [الرعد: 12] وقوله: {ألم تر أن الله يُزْجي سحابًا ثم يُؤَلّف بينه ثم يجعله رُكامًا فترى الودق يخرج من خلاله} [النور: 43].
والوِقر بكسر الواو: الشيء الثقيل.
ويجوز أن تكون الحاملات الأسحبة التي ملئت ببخار الماء الذي يصير مطرًا، عطفت بالفاء على الذاريات بمعنى الرياح لأنها ناشئة عنها فكأنها هي.
و{الجاريات يُسْرًا}: الرياح تجري بالسحاب بعد تراكمه وقد صار ثقيلًا بماء المطر، فالتقدير: فالجاري بذلك الوقر يُسرًا.
ومعنى اليسر: اللِين والهُون، أي الجاريات جريًا ليّنًا هيّنًا شأن السير بالثقل، كما قال الأعشى:
كأنّ مِشيتها من بيت جارتها ** مَشيُ السحابة لا رَيثٌ ولا عَجَل

ف {يُسرًا} وصف لمصدر محذوف نصب على النيابة عن المفعول المطلق.