فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وتبقي هذه اللمحات الكونية في كتاب الله- في اتساع دلالاتها مع الزمن في تكامل لا يعرف التضاد- مصدقة لقول الحق تبارك وتعالى: {ولتعلمن نبأه بعد حين} (ص: 88).
ولقوله (عز من قائل):
{لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون} (الأنعام: 67).
ولقوله (سبحانه): {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد} (فصلت: 53).
وتبقي أيضا تصديقا لنبوءة المصطفي صلى الله عليه وسلم في وصفه للقرآن الكريم بأنه لا يخلق علي كثرة الترداد، ولا تنقضي عجائبه. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

بصيرة في وقع:
الوُقوع: مصدر وَقَعَ الشىءُ يَقَعُ وُقوعًا أي هُوِيًّا.
والوَقْعُ: وَقْعةُ الضَرْبِ بالشىءِ.
وقوله تعالى: {وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ} أي واجب على الكفار، ومنه قوله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقول عَلَيْهِم} أي وجب وقيل: ثَبَتَت الحُجَّة عليهم، وقيل معناه: إِذا ظهرت أَماراتُ القِيامة التي تقدّم القول فيها.
وكذلك قوله تعالى: {فَوَقَعَ الْحَقُّ} أي ثَبَتَ.
وفى الحديث: «اتَّقُوا النَّارَ ولو بشِقِّ تَمْرة، فإِنَّها تَقَعُ من الجائع مَوْقِعهَا من الشَبْعان»، قال بعضهم: أَراد أَنْ شِقّ التمرة لا يُغْنِى من الجُوع ولا يتبيّن له موقع على الجائِع إِذا تناوله، كما لا يتبيّن على الشبْعان إِذا أَكله، فلا تَعْجِزُوا أَن تَتصدّقوا به.
وقيل: لأَنَّه يَسْأَل هذا شِقَّ تَمْره وذا شِقَّ تمره، والثالثَ والرابعَ، فيجتمع له ما يَسُدَّ جَوْعته.
ويقال للطَّير على شجر أَو على أَرض: هنّ وُقوعٌ ووُقَّعٌ، قال المَرَّار بن سعيد الفَقْعَسِىّ:
أَنا ابْنُ التارك البَكْرى بشْر ** عَلَيْه الطَيْرُ تَأكُلُه وُقُوعا

والواقِعَةُ لا تُقال إِلاَّ في الشّدة والمكروه.
وأَكثر ما جاءَ في القرآن من لفظ وَقَعَ جاءَ في العذاب والشدائد، نحو: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} أي القيامة.
ووُقوع القول: حُصُول مُتضمَّنِه، قال تعالى: {وَوَقَعَ الْقول عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ} أي وجب العذاب الذي وُعِدُوا لظلمهم، وقوله تعالى: {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ اللَّهِ} استعمالُ لفظ على مع الوقوع هاهنا تأكيد للوُجوب كاستعمال: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ}.
وقوله: {فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ} عبارةٌ عن مُبادَرَتِهم إِلى السُجود.
والوَقْعَةُ في الحَرْب: صَدْمَةٌ بعد صَدْمة والاسمُ الوَقِيعَة والواقِعَة ووقائع العَرَب أَيّامها التي كانت فيها حُروبهم والواقِعَة: النازِلَة من شدائد الدّهر ومَواقِعُ الغَيْث: مُساقِطَه، وفى الحديث: «يُوشِكُ أَن يكون خَيْرُ مالِ المُسْلم غَنَمًا يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجِبال ومَواقِعَ القَطْر، يَفِرّ بدِينه مِن الفِتَن» والوَقْع وبكسر القاف: السّحاب الرّقيق وبالتحريك: الحِجارَةُ والحَفاءُ، وقد وَقِعَ كَفَرِحَ ورجلٌ وَقَّاعٌ ووَقَّاعَةٌ: يَغْتابُ النَّاسَ كثيرًا وأَوْقَعَ بالقوم: بالَغَ في قِتالهم والرّوضة: أَمسكت الماءَ وطريقٌ مُوَقَّع: مُذَلَّل، ورجُلٌ مُوقَّع: أَصابته البَلايا ووَقعَ القَوْمُ: عَرَّسُوا قال ذو الرّمة:
إِذا وَقَّعُوا وَهْنًا كَسَوْا حَيْثُ مَوَّتَتْ ** من الجَهْد أَنْفُاسُ الرّياح الحَواشِكِ

والاسْتِيقاع: تخوُّف ما يَقَع به، وهو شبه التَوَقُّع.
والوِقاعُ والمواقَعَةُ: المُحاربة، قال القطامىّ:
ولو يُسْتَخْبَرُ العُلَماء عَنَّا ** ومَنْ شَهِدَ المَلاحِمَ والوِقاعا

بِتَغْلِبَ في الحُروب أَلم يَكُونوا ** أَشدَّ قَبائِلِ العُرْب امتناعا

وقال:
وكُلُّ قبيلةٍ نَظَرُوا إِلَيْنا ** وخَلَّوْا بَيْنَنا كَرِهُوا الوِقاعا

وواقع المرأَة: خالطها وباضَعها.
وتوقَّعه: انتظر كَوْنَه. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

باب مخالفة ظاهر اللفظ معناه:
من ذلك الدعاء على جهة الذم لا يراد به الوقوع:
كقول اللّه عز وجل: {قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (10)} [الذاريات: 10]، {وقُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (17)} [عبس: 17]، {وقاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} [التوبة: 30] وأشباه ذلك.
ومنه قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، للمرأة: «عقرى حلقى»، أي عقرها اللّه، وأصابها بوجع في حلقها.
وقد يراد بهذا أيضا التعجب من إصابة الرجل في منطقه، أو في شعره، أو رميه، فيقال: قاتله اللّه ما أحسن ما قال، وأخزاه اللّه ما أشعره، وللّه درّه ما أحسن ما احتج به.
ومن هذا قول امرئ القيس في وصف رام أصاب:
فهو لا تنمي رميّته ما ** له لا عدّ من نفره

يقول: إذا عدّ نفره- أي قومه- لم يعدّ معهم، كأنه قال: قاتله اللّه، أماته اللّه.
وكذلك قولهم: هوت أمّه، وهبلته، وثكلته.
قال كعب بن سعد الغنوي:
هوت أمّه ما يبعث الصّبح غاديا ** وما ذا يؤدّي اللّيل حين يؤوب

ومن ذلك الجزاء عن الفعل بمثل لفظه والمعنيان مختلفان:
نحو قول اللّه تعالى: {إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 14، 15]، أي يجازيهم جزاء الاستهزاء.
وكذلك: {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79]، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]، {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} [الشورى: 40]، هي من المبتدئ سيئة، ومن اللّه، جل وعز، جزاء.
وقوله: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].
فالعدوان الأول: ظلم، والثاني: جزاء، والجزاء لا يكون ظلما، وإن كان لفظه كلفظ الأول.
ومنه قول النبي صلّى اللّه عليه وسلم: «اللهم إنّ فلانا هجاني، وهو يعلم أني لست بشاعر، اللهم والعنه عدد ما هجاني، أو مكان ما هجاني»، أي جازه جزاء الهجاء.
وكذلك قوله: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67].
ومنه أن يأتي الكلام على مذهب الاستفهام وهو تقرير:
كقوله سبحانه: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116]، {وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (17)} [طه: 17]، {وماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 65]، {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ} [الأنبياء: 42].
ومنه أن يأتي على مذهب الاستفهام وهو تعجب:
كقوله: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)} [النبأ: 1، 2]، كأنه قال: عمّ يتساءلون يا محمد؟ ثم قال: عن النبأ العظيم يتساءلون.
وقوله: {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12)} [المرسلات: 12] على التعجب، ثم قال: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13)} [المرسلات: 13] أجّلت.
وأن يأتي على مذهب الاستفهام وهو توبيخ:
كقوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (165)} [الشعراء: 165].
ومنه أن يأتي الكلام على لفظ الأمر وهو تهديد:
كقوله: {اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} [فصلت: 40].
وأن يأتي على لفظ الأمر وهو تأديب:
كقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}[النساء: 34].
وعلى لفظ الأمر وهو إباحة:
كقوله: {فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]، {فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10].
وعلى لفظ الأمر وهو فرض:
كقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة: 282]، {وأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72]، و{وَآتُوا الزَّكاةَ} [البقرة: 43].
ومنه عام يراد به خاص:
كقوله سبحانه حكاية عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلم: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 163]، وحكاية عن موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143] ولم يرد كل المسلمين والمؤمنين، لأن الأنبياء قبلهما كانوا مؤمنين ومسلمين، وإنما أراد مؤمني زمانه ومسلميه.
وكقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (33)} [آل عمران: 33]، ولم يصطفهم على، محمد صلّى اللّه عليه وسلم، ولا أممهم على أمّته، ألا تراه يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، وإنما أراد عالمي أزمنتهم.
وكقوله سبحانه: {قالتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} [الحجرات: 14]، وإنما قاله فريق من الأعراب.
وقوله: {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224)} [الشعراء: 224] ولم يرد كل الشعراء.
ومنه قوله سبحانه: {الَّذِينَ قال لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]، وإنما قاله نعيم بن مسعود لأصحاب محمد، صلّى اللّه عليه وسلم {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}، يعني: أبا سفيان، وعيينة بن حصن، ومالك بن عوف.
وقوله: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56]، يريد المؤمنين منهم. يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: {وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179]، أي خلقنا.
وقوله: {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحًا} [المؤمنون: 51]، يريد النبي، صلّى اللّه عليه وسلم، وحده.
ومنه جمع يراد به واحد واثنان:
كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]: واحد واثنان فما فوق.
وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ} [التوبة: 66]: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى اللّه عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه اللّه طائفة وهو واحد.
وكان قتادة يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ} [الحجرات: 4]: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين، فخرج إليه النبي، صلّى اللّه عليه وسلم؛ فقال: «و يلك، ذاك اللّه جل وعز...» ونزلت الآية.
وقوله سبحانه: {فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11]، أي أخوان فصاعدا.
قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْواحَ} [الأعراف: 150]، جاء في التفسير: أنهما لوحان.
وقوله: {إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما} [التحريم: 4]، وهما قلبان.
وقوله: {أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقولونَ} [النور: 26]، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.
وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35]، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 37].
ومنه واحد يراد به جميع:
كقوله: {هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ} [الحجر: 68]، وقوله: {إنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ}.
[الشعراء: 16]. وقوله: {نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج: 5].
وقوله: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285] والتفريق لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا.
وقوله: {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (47)} [الحاقة: 47].
والعرب تقول: فلان كثير الدرهم والدينار، يريدون الدراهم والدنانير.
وقال الشاعر:
هم المولى وإن جنفوا علينا ** وإنّا من لقائهم لزور

وقال اللّه عز وجل: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ} [المنافقون: 4]، أي الأعداء، {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، أي رفقاء.
وقال الشاعر:
فقلنا أسلموا إنّا أخوكم ** وقد برئت من الإحن الصّدور

ومنه أن تصف الجميع صفة الواحد:
نحو قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]. وقوله: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4].
وتقول: قوم عدل. قال زهير:
من يشتجر قوم يقل سرواتهم ** هم بيننا فهم رضا وهم عدل

وقال الشاعر:
إنّ العواذل ليس لي بأمير

وقال آخر:
المال هدي والنّساء طوالق

ومنه أن يوصف الواحد بالجمع:
نحو قولهم: برمة أعشار وثوب أهدام وأسمال، ونعل أسماط، أي غير مطبقة.
قال الشاعر:
جاء الشّتاء وقميصي أخلاق