فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله تبارك وتعالى: {نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}.
أوجاعَ الدَّهر، فيشغل عنكم، ويتفرّقُ أصحابُه أو عُمْر أبائه، فإنَّا قد عرفنا أعمارَهم.
{أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَاذَآ أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}.
وقوله تبارك وتعالى: {أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلاَمُهُمْ بِهَذَا}.
الأحلامُ في هذا الموضع: العقول والألبابُ.
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ}.
وقوله عز وجل: {الْمُصَيْطِرُونَ}. و{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}.
كِتابتُها بالصاد، والقراءة بالسينِ والصادِ. وقرأها الكسائى بالسين ومثله: بصطةٌ، وبسطةً- كُتبت بعضُها بالصادِ، وبعضُها بالسين. والقراءة بالسين في بَسَطة، ويَبْسُط- وكل ذلِكَ أحسبُهُ قال صواب.
قال قال الفرَّاء: كُتِبَ في المصاحف في البقرة- {بَسْطةً}، وفى الأعرافِ {بصطةً} بالصاد وسائر القرآن كُتبَ- بالسين.
{فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ}.
وقوله عز وجل: {حَتَّى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ} بالألف، وَقد قرأ بعضُهم {يَلْقَوْا} وَالملاقاة أعرَبُ وكلُّ حسنٌ.
وقوله عز وجل: {فِيهِ يُصْعَقُونَ} قرأها عاصم، وَالأعمشُ {يَصعقون} وأهلُ الحجاز {يُصعقون} وَقرأها أبو عبدالرحمن السُّلمىُّ {يَصعقون} بفتح الياء- مثل الأعمش.
وَالعربُ تقول: صُعِق الرجُلُ، وَصَعق- وَسُعِد، وَسَعِدَ لغاتٌ كلُّها صوابٌ. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة الطور:
{في رق منشور} قيل: إنه صحيفة الأعمال، كقوله تعالى: {وإذا الصحف نشرت}. وقيل: إنه اللوح المحفوظ. وقيل: إنه كتاب من كتب الله في رق. وهو إما التوراة بسبب اقترانه بالطور، أو القرآن بسبب البيت المعمور، وهو الكعبة.
وهذا القول أولى، لمكان الرق، وسمي به لرقة حواشيه، وقد عرفت العرب ذلك. قال التغلبي:
لا بنت حطان بن عوف منازل ** كما نمق العنوان في الرق كاتب

ظللت بها أعرى وأشعر سخنة ** كما اعتاد محمومًا بخيبر صالب

{والبحر المسجور} في الخبر: (أنه جهنم)، وبذلك فسر مجاهد المسجور، وقال: (إنه الموقد نارًا)، كقوله: {وإذا البحار سجرت}.
وقال ابن كيسان: المسجور: المجموع. وأنشد للنمر بن تولب:
إذا شاء طالع مسجورة ** ترى حولها النبع والساسما

وقال لبيد:
فتوسطا عرض السري فصدعا ** مسجورة متجاورًا قلامها

{تمور السماء مورا} تدور طورًا فترجع رجعًا. قال ذو الرمة:
موارة الرجع مسكات إذا رجلت ** تهوي انسلالًا إذا ما اغبرت البيد

نظارة حين تعلو الشمس راكبها ** طرحًا بعيني لياح فيه تجديد

{فويل يومئذ} [11] دخلت الفاء على معنى المجازاة، لأنه بمنزلة إذا كان كذا.
{دعًا} [13] دفعًا عنيفًا، قال الراجز:
يدعه بضفتي حيزومه

دع الوصي جانبي يتيمه

{أفسحر هذا} [15] إذ كانوا يقولون لآيات الله إنها سحر.
{يتنازعون} [23] يتعاطون، ويتساقون. وهذه اللفظة تداولتها العرب معاطاة الكؤوس، ومجاذبة الأعنة، قال الأخطل:
وشارب مربح بالكأس نادمني ** لا بالحصور ولا فيها بسوار

نازعته طيب الراح الشمول ** وقد صاح الدجاج وحانت وقعة الساري

وقال بشر في مجاذبة الأعنة، وليس لفصاحة قوله نهاية:
وما يسعى رجالهم ولكن ** فضول الخيل ملجمة صيام

ينازعن الأعنة مصغيات ** كما يتفارط الثمد الحمام

وقال آخر:
منازعة العنان بغصن بان ** على كتفين كالقتب الشميم

وقال أيضًا:
بكل قياد مسنفة عنود ** أضر بها المسالح والغوار

منازعة العنان كأن فيها ** جرادة هبوة فيها اصفرار

{لا لغو فيها ولا تأثيم} [23] أي: لا سباب ولا ملاحاة، مثل ما يكون في خمور الدنيا، كما قال بعض الصحابة:
من يقرع الكأس اللئيمة سنه ** فلا بد أن يلغو ويؤذي ويجهلا

فلم أر مطلوبًا أخس غنيمة ** وأوضع للأشراف منها وأخملا

وأجدر أن يلقى كريمًا يذمها ** ويشر بها حتى يخر مجدلا

وقال ذو الرمة في قريب من هذا المعنى، وإن عكسه إلى المدح في قصيدته لبلال بن أبي بردة:
فلا الفحش فيها يرهبون ولا الخنا ** عليهم ولكن هيبة هي ماهيا

بمستحكم جزل المروءة مؤمن ** من القوم لا يهوى الكلام اللواغيا

{كأنهم لؤلؤ مكنون} [24] أي: مصون لنفاسته. واقتبسه عبد الرحمن بن حسان فقال لرملة بنت معاوية:
وهي زهراء مثل لؤلؤة الغواص ** ميزت من جوهر مكنون

وإذا ما نسبتها لم تجدها ** في سناء من المكارم دون

{نتربص به ريب المنون} [30] ننتظر به صرف الدهر.
قال أبان بن عثمان في ابنتي معاوية أيضًا:
تربص بهند أن يموت ابن عامر ** ورملة يومًا أن يطلقها عمرو

فإن صدقت أمنيتي كنت ** مالكًا لإحداهما إن طال بي وبها العمر

{أم هم المصيطرون} [37] المسلطون. وقيل: الحفظة الكتبة من السطر. وإنما تقلب صادًا لأجل الطاء، طلبًا لمجانسة الإطباق.
{أم لهم سلم يستمعون فيه} [38] أي: يرتقي إلى السماء.
{أم عندهم الغيب} [41] بأن محمدًا يموت قبلهم.
تمت سورة الطور. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة الطور:
{يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ}.
قال: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا} {وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} {فَوَيْلٌ} دخلت الفاء لأنه في معنى: اذا كان كذا وكذا فأشبه المجازاة، لأن المجازاة يكون خبرها بالفاء.
{أَمْ يَقولونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ}.
وقال: {نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} لأنك تقول: تَرَبَّصْتُ زَيْدًا أيْ: تربصت به. اهـ.

.قال ابن قتيبة:

سورة الطور مكية كلها.
1- {الطُّورِ}: جبل بمدين، كلم عنده موسى عليه السلام.
2- و3- {وَكِتابٍ مَسْطُورٍ} أي مكتوب. {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} يقال: هي الصحائف التي تخرج يوم القيامة إلى بني آدم.
4- {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ}: بيت في السماء حيال الكعبة.
5- {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} يعني: السماء.
6- {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}: المملوء. قال النمر بن تولب- وذكر وعلا:
إذا شاء طالع مسجورة ** ترى حولها المنبع والساسما

أي عينا مملوءة.
9- {يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْرًا}: تدور بما فيها.
10- {وَتَسِيرُ الْجِبالُ} عن وجه الأرض.
13- {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا} أي يدفعون. يقال: دععته أدعه دعّا، أي دفعته. ومنه: {الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ} [سورة الماعون آية: 2].
18- {فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ} أي ناعمين بذلك. و{فَكِهِينَ} معجبين بذلك.
21- {وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} أي ما نقصناهم.
23- {يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْسًا} أي يتعاطون. قال الأخطل:
وشاربه مربح بالكأس نازعني ** لا بالحصور ولا فيها بسوار

اي عاطاني.
{لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ} أي لا تذهب بعقولهم، فيلغوا او يرفثوا، فيأثموا. كما يكون ذلك في خمر الدنيا.
26- {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ} أي خائفين.
29- {فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ} كما تقول:
ما أنت- بحمد اللّه- بجاهل.
30- {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} أي حوادث الدهر وأوجاعه ومصائبه. و(المنون): الدهر، قال ابو ذؤيب:
أمن المنون وريبه تتوجع ** والدهر ليس بمعتب من يجزع

هكذا كان الأصمعي يرويه: (وريبه)، ويذهب الى أنه الدهر، قال: وقوله: (والدهر ليس بمعتب) يدل على ذلك، كأنه قال:
أمن الدهر وريبه تتوجع ** والدهر لا يعتب من يجزع

قال الكسائي: تقول العرب: لا أكلمك آخر المنون، أي آخر الدهر.
37- {أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ} أي الأرباب. يقال: تسيطرت علي، أي اتخذتني خولا لك.
38- {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ}؟ أي درج. قال ابن مقبل:
لا تحرز المرء أحجاء البلاد ** ولا تبني له في السموات السلاليم

44- {وَإِنْ يَرَوْا كِسْفًا مِنَ السَّماءِ ساقِطًا} قد تقدم ذكره.
{سَحابٌ مَرْكُومٌ} أي ركام: بعضه على بعض.
والمعنى انهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إنا لا نؤمن لك حتى تسقط السماء علينا كسفا، فقال اللّه: لو أسقطنا عليهم كسفا من السماء، قالوا: هذا سحاب مركوم، ولم يؤمنوا.
45- {يُصْعَقُونَ}: يموتون. اهـ.

.قال الغزنوي:

سورة والطور:
1 {وَالطُّورِ}: اسم جبل بالسّرياني، {وَكِتابٍ مَسْطُورٍ}: القرآن. أو التوراة بسبب الطور، أو اللّوح، أو صحيفة الأعمال.
4 {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ}: بيت الحرام. وقيل: بيت في السّماء السّادسة حيال الكعبة.
6 {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}: في الحديث: «أنه جهنم» ولفظ مجاهد: (المسجور: الموقد نارا).
9 {تَمُورُ السَّماءُ مَوْرًا}: تدور وترجع. وقيل: تجيء وتذهب كالدخان ثم تضمحل.
13 {دَعًّا}: دفعا عنيفا.
15 {أَفَسِحْرٌ هذا}: يقال لهم ذلك لما عاينوا العذاب توبيخا بما كانوا يقولون.
20 {مُتَّكِئِينَ}: مستندين استناد راحة.
19 {هَنِيئًا}: صفة في موضع المصدر، أي: هنئتم هنأتم هنيئا.
21 {وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ}: أي بإيمان الآباء ألحقوا بدرجة الآباء كرامة لهم.
{وَما أَلَتْناهُمْ}: من غير أن ينقص من أجور الآباء.
26 {مُشْفِقِينَ}: أي الخائفين من المصير إلى عذاب اللّه.
35 {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ}: لغير شيء، أي: باطلا. وقيل: أم خلقوا من غير خالق.
{أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ}: فلا يطيعون اللّه.
37 {أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ}: المسلّطون.
38 {أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ}: فيستمعون الوحي أو يصرفونه.
44 {كِسْفًا مِنَ السَّماءِ}: قطعة من العذاب يقولوا لطغيانهم: هذا سحاب. اهـ.

.قال ملا حويش:

تفسير سورة الطور:
عدد 26- 76- 52.
نزلت بمكة بعد سورة السجدة، وهي تسع وأربعون آية، وثلاثمائة واثنتا عشرة كلمة، وألف وخمسمائة حرفا.
لا يوجد سورة مبدوءة بما بدئت به، ولا مثلها في عدد الآي.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
قال تعالى: {وَالطُّورِ} طور سيناء الجبل الذي كلم اللّه عليه موسى عليه السلام، ويطلق لغة على كل جبل بانفراده، أما إذا وصف فيتقيد بكل جبل ملتفة عليه الأشجار، وإنما أقسم اللّه به دون غيره لعظم ما وقع عليه منه جل شأنه لسيدنا موسى {وَكِتابٍ مَسْطُورٍ} 2 هو التوراة واللّه أعلم بدلالة السياق والسباق، يؤيده قوله جل قوله: {فِي رَقٍّ} وهو الأديم الذي يكتب عليه بفتح الراء وكسرها من الرقة ضد الصفاقة أي الوقاحة، ثم انه تجوز فيه عما يكتب فيه الكتّاب من ألواح وغيرها أو من الرقة وهي اللطافة، {مَنْشُورٍ} 3 مبسوط مفتوح، وقيل هو عبارة عن صحائف الأعمال استدلالا بقوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتابًا يَلْقاهُ مَنْشُورًا} الآية 14 من سورة الإسراء ج 1، وقيل هو القرآن، والأول أولى وأنسب بالمعنى بمناسبة ذكر الطور، ولأن الكتاب الذي أنزل على موسى أنزل ألواحا مكتوبة مفتوحة، قال تعالى: {وَأَلْقَى الْأَلْواحَ} الآية 150 من الأعراف في ج 1، ولأن القرآن لم ينزل على محمد مكتوبا تدبر.